Skip to main content

Full text of "معالم إرشادية لطالب العلم الشيخ محمد عوامة"

See other formats







لت ل سه 0 يم : 


لِصسَاعَة طالب الهم 











سقو ( ليع ف لان 


0 الابالات . /الالايايايا 


ولا يسمح بإعادة نشر هذا 


الطبَحَةالأولل 
ام د لام 


الكتاب» أو أي جزء منه أو نسخه: 
أو حفظه يك برنامج حسوبي» أو أي 
تظام آخر يستفد منه إرجاع 
الكتابه أوأي جزء منه إلا بإذن 


خطي مسبق من المؤلف لا غير 


ُ 4 و سسا سس ا 
ما انا 

لت 
7 ا ؟. 


جدة ‏ هاتف رئيسى 6326666 - فاكس 6320392 
الإدارة 6300655 - المكتبة 6322471 
ص . ب 22943 جدة 21416 


ين في 


الموزعوق المعتمدون 


© السعودية : مكتبة الشنقيطى ‏ جدة ‏ هاتف : 589775378 © الكويت: دار البيان ‏ الكويت ‏ هاتف: 731531494٠‏ 
مكتبة الزمان ‏ المدينة المنورة ‏ هاتف : 4173733135 © مملكة البحرين : مكتبة الفاروق ‏ المنامة ‏ هاتف: 19/7/75١4‏ 
دار التدمرية ‏ الرياض ‏ هاتف : 597417١5‏ © مصر : دار السلام ‏ القاهرة ‏ هاتف: 71415108 
مكتية العبيكان ‏ الرياض ‏ هاتف: 85041474-43509017١‏ © سوريا: دار الستابل ‏ دمشق ‏ هائف: 77145717807 
مكتبة المتنبي ‏ الدمام - هاتف: 2410٠٠١‏ © جمهورية اليمن: مكتبة تريم الحديثة تريم ‏ هاتف: 411/11١‏ 
© الإمارات العربية المتحدة: مكتبة دبي للتوزيع - دبي © أندونيسيا: دار العلوم الإسلامية ‏ سوربايا هاتف: 50704550 
هاتف:  7174000-5711919‏ فاكس : 7177611719 © تركيا: مكتبة الإرشاده ‏ اسطنبول_هاتف: "377815777 ١717‏ 


دارالفقيه ‏ أبو ظبي - هاتف 5717/88٠١‏ فاكس 7317/8915١‏ © لبنان: الدار العربية للعلوم ‏ بيروت ‏ هاتف: 8١861/ا‏ 


لمع . زل طم تتسلة .م 


ل0ء. [1[12 أله :1ض :افآ 


يدف قوير 


المديثنة السَتَوَمة ال محَمَلكِكح الميبية السعوديّة 
الموقع الإلكتروني : 51.6017 لال[|031-31. /لالإلا/ها - للمراسلة على البريد الإلكتروني : 57.2015 لالإ| 03-3 ©1590 








000 كُ هه هه 2 ىس » 8 5 
قامت بطبَّاتهوبعرجه ذا رقرطية لطبعةوالششرائزيع 


بيروبتت ‏ لبعئانت صَبب ١2-02:‏ - تاكس .7 141/رلاة4.. 








00 ا 
2 
2 ان سل 0 ركاه ر) 


لصسَاعَةطالِب الل 


الي تلاج 





المعََدّمَّة 


تائم 

الحمد لله رب العالمين» الفتاح العليم» والصلاة والسلام على أنبياء 
الله ورسله أجمعين» وأفضلّها وأعظّمها على أفضلهم وأعظمهم سيدنا 
وتنجا ميد وا رعيك الله المبعوث رحمة للعالمين» اومن مظاهر رحمته 
للعالمين: أنه صلى الله عليه وسلم بُعث معلَّماً ميسّر الك صلوات :الله 
وان مج )رساك ا ندر مطل د بعرو ا ا ا 

أما بعد: فإن العلم - من حيث هو أشرف مطلوب» وكلٌ علم يَشرف 
بشرف المعلوم» والعلم الشرعي بوسائله وزاك ارو نا بطل بار وسو 
إليه» لأن المؤمن العام هرود اق إتهاناه يوعملا مالسا ).حلفا بصنا 
وبالعلم يمكن أن ت: تتحقق للعالّم كله السعادات والكج لاك رتفا كلا 
في دينهم ودتباهي» 

ولا بد للوصول إلى العلم بالشيء من طلبه» فالطلب له: وسيلة للظفر 
به» وهذه الوسيلة (الطلب) جزء أساسي منه» فلا يمكن الحصول على 


)١(‏ روئ مسلم ؟: ١٠‏ 150 من حديت :طويل؛ عن جابر مرفوعاء وفي 
آخره: «إن الله لم يبعثي معنا ولا متعيّاء ولكن بعثني معلّماً ميسرأ». معنا : 00 


متعيّاً : طالباً زلّتهم. وعلى هذا الهدي النبوي ينبغي أن يكون حال كل معلّم. 


1 المقدمة 


الشيء إلا بالطلب» ولا بد للظفر به من تحقق وسائل السير في طريقه على 
هدى وبصيرة» لنيل المآرب على الوجه الذي يرومه الطالب المجد. 

والذي يحقق النجاح والظفر للطالب: أن يترمّم مخُطى الناجحين 
الظافرين في أمورهم الحسيّة أو المعنوية» ليصل كما وصلوا. . 

كما أنه حقّ على كل متقدّم سابق؛ أن ينير الدرب لكل متأخر لاحق؛ 
فيفيده من خبراته» ويرشده في مسيرته» فلا تتكرر الأخطاءء ولا تتجدّد 
العثرات» ف «الدين النصيحة». 

وكنت أشعر ‏ يوماً بعد يوم بالحاجة الماسّة إلى هذا (الإرشاد)» في 
خاصة نفسي» وفي غيري من إخواني طلاب العلم» وما كنت أجد كتابا 
بلسان العصر» يُسعف ويروي الغْلّة» مع علمي بأن الكتابة في هذا الصدد 
تحتاج إلى كاتب وقلم تتوفّر فيه مواهبُ ومواهب» منها: أن يكون 
صاحبهما جمع بين التعليم القديم العريق» والتعليم الجديد (الرقيق) 
«وبضدها تتميّز الأشياء). 

فلهذا كنت أكرر رجائي» من فضيلة سيدي العلامة البصير الأريب 
الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله» أن يتحف طلاب العلم بكتاب فيه 
مقومات النبوغ في العلم» كما أتحفهم بكتابيه: «صفحات من صبر 
العلماءة» :واقيمة الزقى عدن العلماء»» ووافق أخيراء لكن لم يكتب شيعاً» 
تغمده الله برحمته. 

وللناكان: مالا يدرك كلد الا يرك ْله إل لا يرك قله) »كيت التهذ 
الفرصة المناسبة لأكتب كلمات أو صفحات» خلال ما كتبته وأسميته ب 
«أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين»: كما كتبت أقل منه في البحث 


المقدمة 


الذي كتبتُه قبله» وأسميته «أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء 


رضى اللّه عنهم). 


ثم رأيت أن أكتب ما أصل إليه ب «جهد الْمُقل»» وأستغفر الله من 
تجاوز الحدود» ف (إن الله للا يحب المعتدين)» فكتبت هذا الذي يراه 


إخواني طلبة العلم» وأكثرت من النقل عن ذَيْنك الكتابين» راجياً 


من الله 


عز وجل النفع به» والتوفيق إلى ما قصدت إليه: أن يكون كالأخذ باليد إلى 


«صناعة طالب العلم», ثم : دعوة صالحة من قارىء كريم. 


وجاء هذا البحث فى أربعة أبواب رئيسية» تحت كل باب منها عدة 


فصول» أو معالم. 


الباب الأول : بيان العلم المقصود هناء وأهميته. 5 : 
الفصل الأول بيان العلم المقصود بهذا البحث 5 
الفصل الثاني: بيان أهمية المنهج لطالب العلم 52700 


الفصل الثالث : بيان فضل العلم والعلماء 4 0 5175707000 
المعحتف: الأول 000 فضل العلم» 0 مجالسه.... 


الباب الثاني : المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم . . . 
المَعْلّم الأول: الإخلاص لله في طلب العلم 21100 
المعلم الثاني: معرفة طالب العلم موقعه» ومهمته 57 
المَعْلّم الثالث: أهمية الذكاء في طريق العلم 2100 
المعلم الرابع: الحرص على الوقت» وتحصيل العلم 0 


هاما مه وه 6 


,وام .مث م ةم م انهم 


وامءام ثثث ةم ممه 


وعثثمثءثءثمث .ا م ممم 


.ما ممم نمم مع نه 


م المقدمة 
المعلم الخامس: علو الهمة في طلب العلم 1 0 
المعلم السادس: التفرّغ للعلم من العوائق 00 
المعلم السابع: صحبة المتعلّم للأقران 1 000 
المعلم الثامن: ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ عدم 1 
المَعْلّم التاسع: اختيار الشيخ ب ا 
المَعْلّم العاشر: الصحبة مع الأستاذ 0 
المعلم الحادي عشر: تحلي الطالب بحلية الأدب ال م 1 
المعلم الثاني عشر: الصبر على الطلب وعدم الفتور ال ا 1 
المعلم الثالث عشر: أهمية تكرار الدرس ومطالعته 0000000 
المعلم الرابع عشر: أهمية المذاكرة بالعلم ازذزدتد 0 
المعلم الخامس عشر: أهمية اللسان السئول لطالب العلم 000000 
الباب الثالث : موقع الأستاذ المربي» وأثره 0 
المَعْلّم الأول: أهم مهمات الأستاذ المربي 000000 
ومن أقوال أرباب السلوك في الوظائف الأخرى للمربي ااا 
المعلم الثاني: حضٌ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 0000000 
المعلم الثالث: انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 8 
المعلم الرابع: التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان» وتهذيبه 000 
المعلم الخامس: ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية... 7717 
المعلم السادس: تربية الأستاذ طلبته على قول: لا أدري 7 وير 
المعلم السابع: ملاحظةٌ الأستاذ لأصحابه وتربيته لهم 00د 





المقدمة 4 





المعلم الثامن: إرشاد الطلبة إلى الإنصاف في البحث الل 0 
المعلم التاسع: الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام» والتحذير من 

الشذوذات العلمية اث او هنسو ساو وسو سخا له وري مه 
المعلم العاشر: إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل.....75757 
المعلم الحادي عشر: ضرورة تحري الأخبار والأحكام الثابتة يم 
المعلم الثاني عشر: تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية ..... 7/٠١‏ 
المعلم الثالث عشر: إعداد جيل للفتوئ وتدريبهم تحت أنظار أساتذتهم اا 
المعلم الرابع عشر: ضرورة معايشة طالب العلم عصره اتح سج لك 


المعلم الخامس عشر: تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم .... 5947 
الباب الرابع : معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة. . 405 


المعلم الأول: التدرج مع الطلبة في التربية والسلوك و 
المعلم الثاني: تربية الطلبة على آداب العلم وعلى العمل به م 1 
المعْلّم الثالث: أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض 00000 
المعلم الرابع: توكيده على الطلبة قراءة سير العلماء الأقدمين 1 
المعلم الخامس: الترفع عن حطام الدنيا وأهلها ا ا 
المعلم السادس: أهمية تحسين الحسن وتقبيح القبيح علمياً وتربوياً .. 617 
الخاتمة اا م ا 2 


بيان العلم المقصود بهذا البحث ١١‏ 


الباب الأول 
بيان العلم المقصود هناء وأهميته؛ وفضله 
الفصل الأول 
بيان العلم المقصود بهذا البحث 


إن العلم المقصود فيما أكتبه: هو العلم الشرعي النافع. 
وإن أول معلّم للإنسان الذي خلقه الله من عَلق: هو الله جل جلاله. 


غلمة الله بالقلم» علمة ما لم يعلم. 
ثم أقام سبحانه سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم معلّما للأميين اكع 

لغيرهم » فعلّمهم الكتاب الكريم» والحكمة ‏ وهي السنة المطيرا د كما 
قال تعالى: #هْوَالْذِى بَعَتَ في لمعن رثول امهم يتَلْواْعلوم اليه وركيم وتعلمهم م 
لكب ولص ون كَانأمِن قبل لَنى صلل من وَدَاحَرنَ مهم لصوم وش والْعررٌ 
مرف المعمكة 0 

وإنما كان تعليمه صلى الله عليه وسلم أمته للكتاب والحكمة فقط: 
لأنهما الوحي الإلهي - الذي به تكون سعادة الأمم ‏ وهما الغاية» وما 
سواهما فوسائل مؤدية إليهما. 0 


ولما كان القوم معاصرين للتنزيل وأسبابه» لم يكونوا بحاجة إلى ما 


١‏ بيان العلم المقصود بهذا البحث 


59 بالفقه وأصوله. فهم بفهمهم وفقههم للغة القرآن» ومعايشتهم 
لأحداث التشريع»ء في غنية عن ذلك. مع أنهم كانوا يفزعون إلى 
رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أي مشكلة. 

وأما علم السيرة والسيّر ‏ أي: أحكام المغازي _: فهم رجاله» وبهم 
قامت أحداثه. 

وأيضا: لم يكونوا بحاجة إلى علوم اللغة العربية» فهم أهل اللسان 
والبلاغة. 

كما لم يكونوا بحاجة إلى تلك العلوم العقلية كالمنطق وآداب البحث 
والمناظرة» ونحوها من العلوم التي اضطر إليها علماؤنا السابقون لظروف 
وملابسات زمنية. 

وعلى هذا: لم تكن ثّمة حاجة إلى غير علم الكتاب والسنة» وهذه 
كانت مهمة النبي صلى الله عليه وسلم التي ناطها الله تعالى به: #لَِبَينَ 
لئاس مَاثْرُل لتم 4 التحل : 84+ فما قم إلا المنزل» وتبيينة: 

و(عملية العلم) قائمة على هذه الأركان الأربعة: العلم بالكتاب 
والسئنة» والمتعلم» والمعلمء فيد التعليم القائمة بيلهما» وبين هذه 
الأركان ارتباط جل وثيق» ولهذا كان لا بد من حصول تداخل بعض 
الشيء في بعض المنارات والمعالم التي سأتحدث عنهاء» مع حرصي على 
التمييز بين ما يتوجب على الطالب نفسه من الاهتداء بهذه المنارات» 
والسير وراء هذه المعالم» وبين ما على أستاذه من تربيته له وتسليكه. فى 
منارات ومعالم أخرئ, ليتم لنا ما نريده من تكوين (طالب علم) في 


بيان العلم المقصود بهذا البحث ١‏ 
بدايته» و(عالم عامل) في مستقبله» إن شاء الله تعالى. 

وجعلت المعالم الأول هي الباب الثاني» والمعالم الثانية هي الباب 
الثالث والرابع» مع اعتذاري عن بعض ما حصل من تداخل. 

وشرف العلم: تابع ونابع من شرف المعلوم» والمعلوم هنا: كتاب الله 
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلمء ولا أعظمّ منهما. 

والمتعلم: شرفه بشرف مطلوبه. وشرف المعلّم بشرف ما يعلّم. 

والتعليم: يشرف بشرف ما ينتج ويورث. 

ولولا هذه الأركان الأربعة: لما بقي دين الإسلام إلى اليوم وإلى ما 
شاء الله. 

فهل رأيتَ عاقلاً يتخلّف عن الانتساب إلى هذه المكارم!. 


روى البزار» والطبراني في «الصغير»"'' من حديث أبي بكرة بسند 
تجركة دع فاليا أن سملم الشفيمة اومتها ولا كن الكانية 
فتهلك». اع عينضا: وا زوك علق كل الأ ريف م عاك لاا جد الثاني أو 
خادماً لأهله. أو ناشراً لعلومه بالطباعة» أو بافتتاح المدارسء أو باذلاً 


للمال كافلاً لطلابه» وما إلى ذلك. 
أركان هذا العلم : 
تقدم أن العلم المراد به هنا: هو العلم بالأحكام الشرعية. 


() البزار فى «مسنده» »)١75(‏ و«المعجم الصغير) (7/85). 
في 


1 بيان العلم المقصود بهذا البحث 

وعمدته ركنان: 

الركن الآول : استمداده من مصادره الأصيلة: الكتاب الكريم» والسنة 
المطهرة» وإجماع العلماء» وما شابه الإجماع (ندرة المخالف)» والقياس 
الصحيح على واحد من المصادر الثلاثة المذكورة. 

قال الإمام ابن عبد البر''': «قال الشافعي رحمه الله: ليس لأحد أن 
يقول في شيء حلال ولا حرام إلا من جهة العلم» وجهة العلم: ما نُصًَ 
في الكتاب» أو في السنة» أو في الإجماعء فإن لم يوجد في ذلك: 
فالقياس على هذه اللأصول ما كان في معناها». 

ثم قال: «قال محمد بن الحسن - هو الشيباني صاحب أبي حنيفة 
رحمهما الله تعالى -: العلم أربعة أوجه: 

١‏ - ما كان في كتاب الله الناطق» وما أشبهه. 

١‏ - وما كان في سنة رسول الله المأثورة» وما أشبهها. 

٠‏ وما كان فيما أجمع عليه الصحابة» وما أشبههء وكذلك ما 
اختلفوا فيه لا يحرج عن جميعه. 

نوها" امتكيتته غانة افقهاءة المبنتلشرة» :وننا اليه بوكان تفلي | ال 
قال: ولا يخرج العلم عن هذه الوجوه الأربعة». 

ثم فسّر ابن عبد البر مراد الشافعي في قوله ١ما‏ كان في معناها»» ومراد 
محمد بن الحسن بقوله «وما أشبهه): بأنه القياس. 


.)١5:6 23 5٠١"( في «جامع ببان العلم»‎ )١( 
في 'جامع ب‎ 


بيان العلم المقصود بهذا البحث ١‏ 


والركن الثاني : ما يحصل للمشتغل بهذه المصادر الأربعة للشريعة 
الإسلامية من نور في القلب» يُورث حي لك قمالن امه فيده قابفة 
ظاهرة على جوارحه» متمثّلة في سلوكه العام. 

قال الإمام مالك رحمه الله تعالى''': «العلم والحكمة نور يهدي الله به 
من يشاءء وليس بكثرة المسائل»» وروى الرامهرمزي”' عن ابن مسعود 
رضي الله عنه قوله: «ليس العلم عن كثرة الحديث» إنما العلم خشية الله). 

أقسام العلم وأنواعه : 

وهذا العلم المثمر لهذه الثمرة: هو العلم الذي أمر الله تعالى نبيه 
صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد منهء بقوله: #وَقَلرَّبَ ِدْفِ عِلَمَا 4 طه: 
5 وهو الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل الله تعالى إيا» 
وعلّمنا أن نسأل الله جل جلاله إياه» ووصفه بأنه علم نافع» واستعاذ بالله 
من علم لا ينفع. 

روى ابن أبي شيبة'" وغيره؛ عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي 
صلى الله عليه وسلم كان يدعو إذا صلى الصبح حين يسلّم: «اللهم إني 
أسألك علماً نافع ورزقاً طيباًء وعملاً متقبّل وفي رواية: «ورزقاً 
اها 


»١17960( كما في «المحدث الفاصل» (50/) و«جامع» ابن عبد البر‎ )١( 
)١17"994 6 

(؟) «المحدث الفاصل» .)١150١ 2١5٠٠0(‏ 

(؟) في «مصنفه» (2)79441/5 وغيره كثير» ينظر تخريجه هناك. 


١‏ بيان العلم المقصود بهذا البحث 


وهذا الدعاء النبوي الكريم يحتاجه كل يه فإن كان طالب علم 
ودراسة: سأل الله علماً نافعً» وإن كان طالب عمل حر مسترزق: سأل الله 
رزقاً طيباً حلالاً» وهو في خلال يومه وليلته لا بد له من القيام بأعمال 
ذهة ولع ملل #الصلوات القهدره فهو ونال اشاسالن عند تقاف 
فالعمل غير المقبول - أيضاً - مردود على صاحبه» ووبال عليه. 
"'' عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان يدعو في 
سجوده: الهم لك سجد سوادي””» وبك آمن فؤاديء اللهم ارزقني 
علماً ينفعني» وعملاً يرفعني». والعمل المقبول هو الذي يرفع صاحبه عند 
سيده ومولاه جل جلاله. 

التحذير من العلم غير النافع : 

وينبغي لطالب العلم أن يكون شديد الحذر من الوقوع في شبّاك هذا 
العلم ‏ غير النافع -» فإن الواقعين فيه كثير» وما أحوج طالب العلم إلى أن 
يوقظ نفسّه من دخائل العلم وأمراضهء فيحاسب نفسهء ويفئّش نواياف 
قبل فوات الأوان. وإن مما يُوقظه من هذه العَقّلات قراءة رسالة الإمام 
الذهبي رحمه الله «بيان زغل العلم والطلب». ولو أن رجلاً من أهل العلم 
والعمل والنصح في زمانناء كتب كما كتب الذهبي في أيامه. لأمدى إلى 
طلاب العلم ومّن وراءهم خيرا كبيرا فإن بين من يزعم الاشتغال بالفقه 


وروى ابن ابي شيبة 


)١(‏ فى «مصنفه» (4505) أيضاً. 
(؟) في «مفردات الراغب»». و«النهاية» لابن الأثير - مادة س و د -: أن السواد 
يعبّر به عن المرئي من بعيد» سواة اكات انان أم متاعاء أم غير ذلك. 








بيان العلم المقصود بهذا البحث ١‏ 





الإسلامي» وبالحديث الشريف. مَنْ يُحْذَّر جانبه أكثر من الحذر من 
جولو الكهال: 

وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم: أن أول من يقضى عليه يوم 
القيامة مجاهد شهيد» وعالم معلّمء وغني متصلق7. 

وهذا هو الحديث الرابع في كتابي «من صحاح الأحاديث القدسية»» 
وهذا محل الشاهد من الحديث» ثم شرحه. 

يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى العباد 
لفو لبن : وكل أمة جاثية» فأول من يدعو به رجل جمع القرآن» 
ورجل يقتل في سبيل الله»ء ورجل كثير المال» فيقول الله للقارى": ألم 
أعلمك ما الزلت غلن رسول؟ .قال: "بلق يارنية "قال ذهاذا عملت فيها 
علمت؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل» وآناء النهار» فيقول الله له: كذبت» 
وتقول الملائكة: كذبت» ويقول الله: بل أردت أن يقال: إن فلاناً قارىء» 
فقد قيل ذاك). 

وقلت في شرحه هناك غفر الله لي مع شيء من الاختصار: 

فأول الثلاثة : رجل جمع القرآن فحفظه وعلمهء يقول الله تعالى له 
يوم القيامة - وهو أعلم بحاله -: «ألم أَعَلَّمْك ما أنزلت على رسولي؟», 
قال ذلك تمهيدا الإفافة: الححجه عليه فقول لايل :. انا ترت 108 وزهذا 
إقرارٌ بنعمة عظيمة تَستَوجبُ منه شكراً عظيماًء هي نعمة العلم: العلم 


)١(‏ عند مسلم ": 1517 »)2١97(‏ والترمذي (75787) عن أبى هريرة رضى الله عنه. 


1 بيان العلم المقصود بهذا البحث 


بالقرآن الكريم» كلام رب العالمين» الذي جمع الله فيه الخير من أطرافهء 
فما من خير في الدنيا والآخرة إلا ودلنا عليه القرآن الكريم. 

إلا أن هذا الرجل لم يكن من الموفقين» ولم يَصْدُق الله في دنياه» ولا 
في آخرتهء فلما قال الله له: «ماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم به 
آناء الليل وآناء النهارهء زعم أنه شَغَّل نفسه بالقرآن الكريم ساعات الليل 
وساعات النهار كلّهاء وغفل هذا المسكينٌ عن روح الاشتغال بالقرآن 
وتفسيره وفقههء وعن المقصود الأكبر من ذلك! غَفْل عن أن الله سبحانه 
ب مق عيده أن عير فاته وفمتت تفن كل ما ستواة و ان واعني الطند 
إفرادُ الله تعالى بالإرادة والتوجه. 

ومّن قرأ القرآن الكريم لا يجهل هذه المعاني علّماً» لكنه قد يجهلها 
تلد وسلوكاء هذا العتف من القراء: شال اله علما نافنا. 

ولذلك «يقول الله تعالى له : كذبت» وتقول له الملائكة : كذبت». ثم 
يبيّن الله له حقيقة دَخيلته فيقول له: «بل أردت أن يقال : إن فلاناً قارى», 
فقد قيل ذاك»)2 أي: قد وصلت إلى ما سعيت إليه» وحصلت على ما 
ابتغيته » فلم يبقّ لك مطلوب آخر. 

ثم يُؤمَّر به فيُسحبْ على وجهه ويلقى في النار» كما جاء في رواية 
سل 

فإن قيل: فما ينبغي أن يكون قصد طالب العلم بعلمه؟ 

قلت: ينبغي أن يكون قصده: الله ومرضاته. 


أن يكون قصذه الله: في تعلّمه ودراسته وكل وسائل العلم» حتى في 


بيان العلم المقصود بهذا البحث 1 


ذهابه وإيابه وشرائه الكتب.. واختياره الشيوخ الذين يتصحبهم» فيصحب 
تيد لد علق" للابعانك وطقا ل اك من ييه . حتى في زِيّه وملبسه العلمي» 
يصحح نيته ويبحسن قصده. 

وأما ابتغاؤه مرضاة الله: ففي عمله بعلمه» وتطبيقه كل خير يتعلّمه» 
فما يمر به أمرٌ إلهي أو نبوي إلا بادر إلى تطبيقه» وما يمر به نهي منهما إلا 
انتهى عنه. 

فما تمضي عليه أيام إلا عرف الخير في هديه وسلوكه» وما تمضي 
عليه سنوات قلائل إلا وهو عالم عامل. 

ومما يُحَذَّر منه طالب العلم في أيامنا هذه: انهماكه في القيل والقال» 
وكثرة السؤال» والفضول في الكلام» والأخذ في الجدال والمراء» وإغرابه 
في المسائل والمحفوظات» والنقول عن غير المتداوّل من الكتب لدى 
العلماء» وأخذه للعلم عن الكتب لا بالتلقي من أفواه العلماء عن طريق 
مصاحبتهم ومزاحمتهم عليه بالركب. 

وكذلك الضرافه عم دن العلماء وأعلاقهم نمع علنهم وشتوجيع: 
بل الازدراءٌ بمن يتأدّب بأدب العلماءء ووقينة :رأ وفاقه مزرية سر النانن 
منه» وظنّ بعض الناس أن العلم ما هو إلا معلومات تُحفظ - أو تُحفظ 
أسماءٌ المصادر التي تبحث في مسألة كذا وكذا ‏ ويتشدق بها في 
المجالس» أو ثُمْلاُ حواشي الكتب وتعليقاتُها بأسماء هذه المصادرء 
وحينئذ يُْعى صاحبها: بالعلامة المحقق» وعالم الوقت» ومحدث 
القفرة: 

أو باللجوء إلى الوسائل المعاصرة (برامج الحاسوب) التي قتّنت 


بيان العلم المقصود بهذا البحث 


الناس» وجعلتهم يظنون أنهم صاروا بها علماء حفاظاً مجتهدين» استغنوا 
بها عن سؤال الشيوخ والعلماء عن كل صغيرة وكبيرة» وما دَرَوَا أن هذه 
لبرامج ا 0 ل 
ل م 05 

وأبعدُ من هذا وذاك مَنْ لا يشتخل بشيء من العلم إلا بمعرفة ما طبع 
وما صّدّر حديثاًء ومن حققه» وأين مخطوطاته. . وهو يَظنٌ أنه صار مَرْجِمّ 
العلماء» 1 الفضاا عيء. 


والعلم فوق هذاء وغيرٌ هذاء العدم' هو الحفظ والفهمٍ والعمل 
والتطبيق» والتخلق والتعبد» والتصون والتحقق» والتحايية للنفس 
والمراقبة لله والاهتداء بهدي سيد الأنبياء عليه أفضل الصلاة السلام» 
والاقتداء بسيرة أصحابه وتابعيه بإحسان. 

وليقرأ - بشكل عام سيرة السلف وتراجمهم وحياةً الأئمة العلمية 
والعملية» وليقرأ - بشكل خاص .: «الجامع لأخلاق الراوي وآداب 
السامع» للخطيب البغدادي» و «تذكرة السامع والمتكلم» لابن جماعة» 
مه الإحياء علوم الدين» للإمام الغزالي» و«شرح حديث أبي الدرداء: 
من سلك طريقاً يَلتمسْ فيه علماً» و «فضل علم السلف على الخلف» 
كلاهما لابن رجب الحنبلي. 

ايه إن قرا هذا در كرت فيه يعن فا ركذا انوج ان هين إن 
شاء الله. 


بيان العلم المقصود بهذا البحث "1١‏ 


على أنه لا يغنيه شيء عن صحبة العلماء العاملين» فإنهم هم الكتب 
الناطقة . 

فإن سأل سائل: فماذا تسمّي من يحفظ ويحقق ويُوصّف بالعالم 
والحافظ والفقيه.. وهو على غير ما رسمت ووصفت؟. 

فأقول في الجواب: أسميه بما سمّاه به الإمام الورع أبو محمد ابن أبي 
جَمّرة الأندلسي» صاحب «بهجة النفوس»» المتوفى سنة 599 رحمه الله 
تعالى» وذلك فيما حكاه عنه تلميذه ابن الحاج في كتابه الشهير «المدخل». 

قال ابن الحاج رحمه الله تعالى''': «وكان سيدي أبو محمد ابن أبي 
جمزةب ويه لله إذا دكن لدو امل مو كلاد وافده يهن تدع إل طرف 
مما ذكر - أي: العلم» وقليل من العمل» بالنسبة إلى ذاك الزمان: أواخر 
القرن السابع - ويُثنى عليه إذ ذاك بفضيلة العلم» يقول: ناقل» ناقل» خوفاً 
منه - رحمه الله - على منصب العلم أن يُنْسبْ إلى غير أهله» وخوفاً منه أن 
يكون ذلك كذباًء لأن الناقل ليس بعالم في الحقيقة» وإنما هو صانع من 
الصنّاع»!! انتهى النقل عن «صحاح الأحاديث القدسية». 

وفي القضاة والمحامين العاملين في المحاكم المدية .أو المحاكم 
الشرعية» من يثّقن فقه المعاملات» أو فقه الأحوال الشخصية» أكثر من 
كثير من طلاب العلم أو أساتذتهم من الشيوخ» لكن هؤلاء الشيوخ على 
هدى ونور» وجل أولئك القضاة والمحامين على غير ذلك» فلم ندر 
العلم الشرعي» والموروث المحمديء ليُحفظ في الأدمغة» أو يُلقى في 


١7:١ في أوائل «المدخل»‎ )١( 


7 بيان العلم المقصود بهذا البحث 





المحاضرات والندوات فقط» بل لإحقاق الحق» وإبطال الباطل» وللعمل 
به» ونشره وتوريثه للأجيال اللاحقة على وجه صحيح صاف لم يتلوّث 
ولم يتعكر بشهوات ونّراوت شخصية. 

روى ابن أبي شيبة''' عن زيد بن أرقم» وأبي هريرة» وابن مسعودء 
وأنس» وحبيب بن أبي ثابت مرسلاً» وابن عَمْرو: التعوةً بالله «من علم لا 
ينفع 2 وروى قبل عن جابر - رضي الله عنهم أجمعين ‏ الجمع بين 
الأمريةخ + الوا اللهعَلما تافعاء -وتعرذوا بالله من علم لا ينفع»» وينظر 
تخريجها كلّها هناك من كتب السنة الأخرى. 

التنبيه إلى القسم الثالث من أقسام العلوم : 

وسؤال الله تعالى العلم النافع» والعياذٌ به من علم لا ينفع: يفيد أن 
هناك علماً ثالثاً هو العلم الضارء فالذي لا ينفع: هو الذي لا ينفع ولا 
يضرء وهو في حقيقته ضارٌء لأن صاحبه المبتلّى به: ينفق مواهبه وماله 
ووقته وجهده بما لم ينتفع به في آخرتهء فهو في الحقيقة ضارًء وإذا كان 
الذي لا ينفع: يستعاذ بالله منه» فالذي يتمحّض ضرره يُستعاذ بالله منه من 
باب أولى. 

وخلاصة الأمر: أن العلم النافع هو الذي حملك على العمل به 
وعلى المزيد من التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحات» وأنار قلبك» 
وهلات تلق كم الك تقل عوك كل أدى خيقير. أن كبنرة: قبا كآن بقلت 


(1) :"ا كما _ لخلا مما لوت +1 ؟). 


بيان العلم المقصود بهذا البحث رف 


عنده النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه الصادقونء اللهم أكرمنا بذلك. 

وقد كتب الحافظ ابن رجب رحمه الله كلمات نافعات في علامات 
العلم النافع وأهله. والعلم الذي لا ينفعء في جزئه المبارك «فضل علم 
السلف على علم الخلف""» فتنظر. 

كما عبّر عن مكانة الكلمة من العلم النافع» وأهميتهاء أصدق تعبير» 
الإمام التابعي الكبير الشعبي رحمه الله تعالى» بقوله: «لو أن رجلاً سافر 
من أقصى الشام إلى أقصى اليمن» فحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبله من 
عمرهء رأيت أن سفره لا يضيع»"". 


(؟) أسنده إليه الخطيب فى «الرحلة فى طلب الحديث») ص”7. 


7 بيان أهمية المنهج لطالب العلم 


الفصل الثاني 
بيان أهمية المنهج لطالب العلم 


معنى المنهج : 

أما المعنى اللغوي: فتقول كتب اللغة عن: النَّهْجء والْمَنْهج» 
والمنهاج: إنه الطريق الواضح البيّن المسلوك» جاء هذا المعنى في كتب 
اللغة وما شاكلهاء ينظر - مثا 5 «الصحاح»» و«لسان العرب»» 
و«المصباح المنير»؛ مادة: ن ه جء» و«مفردات» الراغب الأصفهاني» 
والمناوي في «التوقيف»», و«الكليات» لأبي البقاء الكفوي”". 

وما يزال أهل المغرب العربي يسمون بعض طرقهم: نهج فلان» أو: 
نهج كذاء كما يسمي المشارقة: طريق فلان» أو: طريق كذا. 

وإذا كان (المنهج) هو (الطريق)» فإن طلب العلم على غير منهج: 
سير على غير طريق بين واضح مسلوكء وبالتالي: فإنه سير إلى غير هدف 
محدآد» وما كان كذلك فهو إلى غير النجاح أقرب» ومن هنا ندرك أهمية 


المنهج. 


)١(‏ «الصحاح» »755:١‏ و«لسان العرب» ؟: 7”87؛ و«المفردات» ص0؟287» 
والمناوي في «التوقيف») ص١18‏ 2» وأبو البقاء ص خة 07. 


بيان أهمية المنهج لطالب العلم 30> 


أهمية المنهج : 

وكما أننا ترك أصدية المنهج مما تقدم من معناه اللغويء فكذلك 
ندركها من واقع الناس في مختلف ألوان حياتهم» فإن أي عمل دنيوي أو 
علمي يقوم به أي شخصء. لا يصل» ولن يصلء» إلى نتائج سليمة إذا لم 
يضع خطة ودراسة لعمله أول ما يبدأ به. ولنفرض مثلاً على ذلك: 

أراد طالبان أن يكتبا بحئاً أو أطروحة علمية لنيل درجة الماجستير أو 
العالمية (الدكتوراة)» أما أحدهما: فكتب خطة وافية لبحثه من أوله إلى 
. آخرهء وأما الآخر: فبدأ بالكتابة دون شيء من هذاء فإن النتيجة الحتمية 
لكل واحد منهما سابقة التصوّرٍ في ذهن كل سامع لأمرهما: نجاح الأول» 
وخسران الثاني أو تعثره. 

ولما كان الطريق - طريق العلم - طويلاً وشاقاً: رأيت أن أجعل أثناء 
رسمه لطالبه معالم ومنارات ومحطات ترشد السالك فيه» وتنير له خطاه 
ح [لقناء الله سجيقها: ا 

والمَعْلّم في اللغة: الأثر الذي يُستدل به على الطريق» هذا لفظ 
الجوهري في «الصحاح»» ونحوه في الباق الغورك1" + اما جعل علامة 
وعلما للطرقغ: 

واللفظ الأول يعبّر عن مرادي تماماًء فهذه المعالم جعلتها آثاراً 
ومنارات يستدل بها طالب العلم» ويسترشد بها في طريقه للوصول إلى 


.81١9:١1؟ و«اللسان»‎ »١491١ :5 «الصحاح»‎ )١( 


5" بيان أهمية المنهج لطالب الغلم 


العلم» على هدى وبصيرة إن شاء الله تعالى. 

وإن جل أركان هذا المنهج ومناراته التي سأتحدث عنهاء مستفاد من 
واقع طالب العلم الدارس له في المعاهد الشرعية ‏ قبل ذُوَبَانها -» مع 
زيادات يسيرة كمّاء مهمة نوعاًء مع إلقاء الضوء عليهاء ولفت النظر إليها. 

لكن كون جل هذه المنارات مستفاداً من الواقع: لا يعني عدم الحاجة 
إلى الكتابة» أو تقليل الإفادة» ذلك لأن جُلَّ المشتغلين الآن في البحث 
والتأليف والتحقيق هم من غير الدارسين للعلم» المتلقين له في المدارس 
والمعاهد الشرعية» بل هم من المتطفلين على موائده» المتعالمين على 
أهله» وزيادة على ذلك فإن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة صارت 
لهم أبواقاً ترفع أصواتهم أمام أهل العلم الصامتين إلا عن قولهم: إنا لله 
وإنا إليه راجعون» وحسبنا الله ونعم الوكيل» ويا ليت قومي يعلمون!!. 

كما أن غياب المنهج ‏ منهج طلب العلم ‏ عن أذهان الناس في هذه 
العقود الأخيرة من الزمن: رفع عندهم أناساً كثيرين غير متأهلين للرفعة» 
وخفض وغيّب عن الساحة العلمية بعض الرفعاء المتأهلين للصدارة 
الخلقية: كما أظير خلى “الساحة العلنية ' آنانا رين نه (أنمناف 
المتعلمين)» كان لهم على العلم ويلات وويلات!. 

فهذا سبب من أسباب الضرورة الملحّة على الكتابة في بيان المنهج 
اليم لتتضيّل العلم الخترتعن, 

وسبب آخر يلح على الكتابة فيه أكثر من الذي قبله: هو أننا قادمون 
على مستقبل علمي قريب» لكنه قاتم غير مشرق» يحصد المسلمون 
والوكدلئون مه آثارا علمتة تمنقة 4 ذلك مر بغر اد الدواسة بغرن «طويق 


بيان أهمية المنهج لطالب العلم /” 


الجامعات المفتوحة!! وسيأتي الحديث - إن شاء الله - عن هذا وعن الذي 
فلو : 

من هم أصحاب القرار في أهمية المنهج؟ : 

إن أصحاب الاختصاص في كل أمر ومجال: علمي أو دنيوي» هم 
الذين يدركون أهمية ما يقرره هؤلاء المختصونء فالطبيب هو الذي يدرك 
أهمية الوقاية من عدوى نقل الدم أو السقالة أو عطاس المزكوم 
- مثلا-» فيشدد في الوقاية حال نقل الدم؛ ويشدّد على جلساء المزكوم 
وعلى المزكوم نفسهء؛ وكثير جدا من الناس لا يدركون أهمية نصائح 
الطبيب لهم في ذلك» فيتساهلون ويتواكلون» أو يستخفون بوصايا 
الطبيب. 

ونرى علماء القراءات ‏ مثلاً - يشددون على الناس في قراءة القرآن 
الكريم» في إخراج الحروف من مخارجها الصحيحة» وغيرهم يرى ذلك 
ديكا وتفلييةا لا عاحة الي مع أن القول قول القراءِ لا غيرهم. وهكذا 
وهكذا أصحاب الفنون اللأخرى. 
يدرك أهميته طالب العلم الذي يعيش آلامَ انتهاك حرمات العلم والدين» 
ممن يحملون ألقابا علمية لكنها خلابة!ء فهؤلاء هم الذين يدركون ضرورة 
الحث على الرجوع إلى منهج علمائنا السابقين في طلب العلم وتحصيله» 


.١89 صفحة‎ )1١( 


538 بيان أهمية المنهج لطالب العلم 


ليرى المسلمون من جديد أنهم يعيشون بين علماء عاملين» راسخين 
صادقين» يتمثّل فيهم العلم الحو والإسلامٌ الحيء والأمة يآمالها 
وآلامهاء يعيش الواحد منهم للأمة لا لنفسه. 

وأما الذين وصفتهم: يحملون ألقاباً علمية خلابة: فهؤلاء يسعون 
لتغييب أهمية المنهج عن أسماع الناس» لثلا يكشّف حالهم وعوارهم» 
فيُطردون عن الساحة العلمية» هم ومن جرهم على اقتحام كرامة العلم» 
فارتقوا منابر الإعلام» فحقّ عليهم ‏ وفيهم ‏ قول القائل'"': 


واه 


)١(‏ هو الإمام النحوي أبو الحسن علي بن أحمد بن علي الفالي - بالفاء ‏ المؤدب» 
المتوفى /55» ذكرها له ابن الجوزي في «المنتظم) 2٠١ :1١5‏ وعائرت في امنسم 
الأدباء» : 17557» وابن كثير في «البداية» :١6‏ 4"ا/اء إلا أن ياقوتا ذكرها قبل ": 
٠١‏ في ترجمة أبى على الحسين بن سعد الآمديء» اللغوي المتوفى 5454!. 

ويؤكد أنها للفالي لا للآمدي: أن ابن الجوزي وياقوتاً نفسه أسندا إليه من رواية 
الخطيب التبريزي» عنهء أبياتاً أخرى فيها هذا المعنى» وهى: 


لما تبدّلت المجالس أوجهاً غير الذي عهدت من علمائها 
ورأيتها محفوفة بسوى الألى كانوا ولاة صدورها وفتائها 
أنشدت بيتاً سائراً متقدماً والعينٌ قد شَرِقت بجاري مائها 
أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحي غير نسائها 


وكأن الشيخ عمّر طويلاء ورأى الفرق بين من أدركه الشيخ» وبين من أدركوه. 
ثم إن الفالي هذاء غير الإمام أبي علي القالي ‏ بالقاف ‏ صاحب «الأمالي» 
المشهورة» وسبق ذهن الحافظ ابن كثير فنسب «الأمالي» إلى أبي الحسن الفالي. 


بيان أهمية المنهج لطالب العلم ”> 


فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ببيت قديم شاع في كل مجلس : 
لقد هَزِلتْ حتى بدا من هزالها كلاها وحتى سَامّها كل مفلس 
والله سبحانه هو المسئول أن يوفقنا لما فيه رضاهء وأن يعيد الحق إلى 
أهله ونصابه. 


7 بيان فضل العلم والعلماء 


الفصل الثالث 
بيان فضل العلم والعلماء 


تمهيد : 

لقد كتب السابقون واللاحقون من علمائنا رضي الله عنهم في هذا 
المقديان هاسني حصن ناد دافعتاد عن حصن يها نه وكنت أر 
- وأنا في أول سنوات الطلب - لو جُمع في مجلد واحد بين ما كتبه الإمام 
حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في أول «الإحياء»» وبين ما كتبه الإمام 
الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرح حديث الي الدرداء رضي 
الله عنه: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً» الذي طبعه أول من طبعه 
الأستاذ محب الدين الخطيب بعنوان: شرح حديث أبي الدرداء» وبعد 
سنينَ طويلة طبع باسم: إلى ورثة الأنبياء» ثم» وثمء ويضاف إليهما: مإ - 
يُتَقَى مما كتبه الإمام ابن القيم رحمه الله في «مفتاح دار السعادة»» كنت 
أودٌ لو جُمع هذا في مجلد واحد لكان عملاً نافعاً مبروراً» ومع هذا فهو 
غيض من فيض » مما كتبه العلماء في هذا الباب. 

وممن كتب فيه من أثمتنا وسلفنا: الإمام أبو خيثمة زهير بن حرب 
النسائي ١7١(‏ - 575) رحمه الله تعالى» سماه «كتاب العلم». وهو مطبوع, 
وهو من شيوخ الشيخين البخاري ومسلم» كما أفرد له الأئمة الآخرون باب 
خاصاً في دواوينهم الأصول: عبد الرزاق» وابن أبي شيبة في مصنفيهماء 


بيان فضل العلم والعلماء 5١‏ 


والبخاري» ومسلمء وأبو داود»ء والترمذي» والنسائي» وابن ماجه» 
والدارمي» وابن حبان» والحاكم» وأوسعهم الذارفي )مخ .رقم (11. د 
48)») لأنه اما اقتصر على المرفوعات» فأتى بالكثير الطيّب المفيد» تحث 
+4 باب وأقلّهم ذكراً لأحاديك العله : مسلم» رحمهم الله جميعاً. 

ثم أفرده بالتأليف: الخطيب في كتابيه: «آداب الفقيه والمتفقه»”"'. 
و«الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع»» كما أفرد في الحض على 
اليل السام كد ا #اسعراء العلم اعد .وين عيذ الي في جاتيم يتان 
العلم وفضله)» ثم أفرد بابا من أبوابه: الإمام أبو سعد السمعاني» فكتب 
رحمه الله: «أدب الإملاء والاستملاء»» وأتى فيه بغرر ودرر. 

وجمع الحافظ الهيثمي فأمتع» في كتابه خزانة السنة النبوية «مجمع 
الزوائد»"”''» وهو مصدر غنيّ جداً في هذا الموضوع. 

ومع ذلك فلا بد من كلمات في مبحثين: 

-١‏ كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه. 

”- وكلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الأمة. 


ا ان 
حزي جزيا يزيا يزيم واي 


)١(‏ هكذا سماه النووي في «تهذيب الأسماء واللغات» 7: ١177‏ وسماه الطوفي 
في «شرح مختصر الروضة» 7: 588: «آداب الفقيه والمتفقه»» والأول أولى» وإن 
طبع مرتين باسم: «الفقيه والمتفقه). 

505-١1١9: )9( 


8 كلمات في فضل العلم؛ وفضل مجالسه 


المبحث الأول 


كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 

فضل العلم في كتاب الله : 

أما فضل العلم في كتاب الله : فإن الله تعالى قد أبان عن فضل العلم 
في قصة آدم عليه الصلاة والسلام في أوائل سورة البقرة» وذلك أنه تعالى 
أسجد ملائكته لآدم» فأظهر فضله لهم ولمن سواهم من الإنس والجن إلى 
يوم الدين» لكن جاء هذا الأمر بالسجود بعد أن علّمه تعالى الأسماء كلهاء 
وأظهر لهم توقّفهم عن الإجابة» فحيتئذ أمرهم بالسجود لآدم العالم 
بالآسياء كلها: 

فبالعلم شرف آدم عليه الصلاة والسلام» وبه استحق سجود الملائكة. 

ومن هنا والله أعلم ‏ كان احترام متوارث من الملائكة الكرام لطالب 
العلم» إذ تضع أجنحتها استرضاء منهم لطالب العلم» كما هو معلوم من 
الحديث المشهور: «من سلك طريقا يبتغي فيه علماء سلك الله له طريقا 
إلى الجنة» وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم»”". 

وهذا الإكرام الإلهي صالح للاستدلال به هنا على فضل العلم» كما 
هو صالح للاستدلال به على فضل العلماء. 


000 هذا لفظ الترزمذي (5587)» وابن ماجه (7؟5). 


كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه مم 


ومما أشار إليه القرآن الكريم على فضل العلم: أنه مَنْجاة لصاحبه من 
كل مهلكة؛ وكل هلكة ونجاة تكون بحسبهاء في الدنيا والآخرة. 

أما في الدنيا: ففي قصة الهدهد مع سيدنا سليمان على نبينا وعليه 
الصلاة والسلام» فإنه توعد الهدهد بالعذاب الشديد أو بالذبح» فكانت 
نجاته من هذا الوعيد الشديد بالعلم» قال: تلك من سيا يبا يِقِنِ # 
النمل: 77» وكان من جراء ذلك إيمان بلقيس وقومها. 

وأما في الآخرة: ففي آخر قصة قارون من سورة القصص: الآيات ٠75‏ 
- 8: افتتن أهل الدنيا بمال قارون وأَبّهته وقوله: «ِإنّمَا أَويسهء عَلَ علمِ 
عنيق 24 أما اديت أُوبُا لم4 الحقيقي» وهم الربانيون فقالوا: 
#وَيْلَحكُمْ ناب أله حَيْرلَمَنْ َم وَعَيِلَ صَللِحًا 2# ثم أظهر الله لهم حقيقته: 
خَسَفْمَا ب ويدارو لأس ..4 إلى قوله هلبه لم04 فهذه عاقبة 
الغافلين» وهذه عاقبة العالمين العاملين. 
٠‏ ومن طرائف ما يذكر في هذا المعنى ‏ نجاة العالم بعلمه _: أنه كان من 
رجالات الخوارج وقوادها رجل اسمه: شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي» 
خرج على عبد الملك بن مروان» وكان في نهاية أمره أن مات عَرَقَاَء وكان 
قد ادعى لنفسه الخلافة» وكان أحد أتباعه ‏ واسمه عتبان الحروري - قال: 
فيه أبياتاً يصفه فيها ب: أمير المؤمنين» وذلك في قوله مخاطباً لعبد الملك 
ابن مروان: 
فمنًا حُصِينٌ» والبطين» وقعنب ومنا أمير المؤمنين شبيب 

وبعد أن غرِق شبيب جيء بعتبان هذا إلى عبد الملك» فقال له: ألستَ 


م كلمات في فضل العلم؛ وفضل مجالسه 
القاكل يا عدو الله : 
فمنًا حصينء والبّطين» وقعنب وكا امن لومت شيعي 

فقال عتبان: لم أقل كذا يا أمير المؤمنين» وإنما قلت: 

ومنا - أمير المؤمنين - شبيب 

فاستحسن قوله» وأمر بتخلية سبيله» فنجا من القتل بعلمه بتصريف 
الكلام”". 

ومن أشهر ما يذكر في فضل العلم من كتاب الله: قوله جل شأنه لنبيه 
الكريم صلى الله عليه وسلم في سورة طه: الآية :١١4‏ #وقل رَّبَ رْدْفِ 
عِلَمَا» ولم يأمر الله تعالى حبيبه صلى الله عليه وسلم ‏ ولا غيره - من 
عباده بالازدياد من شيء إلا بالازدياد من العلم» ولأ “ريه أن المراددنه: 
العلم بالله تعالى» وبصفاته وجلال قدسهء وبما يزيده قرباً منه سبحانه. 

وقد روي ايه «اللهم روي ٠‏ وعلّمني ما ينفعني» 


وزدني 0007 


وقال الله عز وجل في أواخر سورة التوبة: الآية :١77‏ 0 
0007 ا مزحت مز سر عار اذ سس و 8 


لْمُؤْمبونَ إِيَنِفِرواً حكافَةُ دلوا نقَرَ من كل ورَفََ مَنْهُمَ طَأيِمَةٌ لُسَتَفَفَهُوأْ في 


)١(‏ وممن ذكر هذا الخبر ابن خلكان 557:7 وقال: هذا الجواب في نهاية 
التسين : وفسرة. 

(؟) رواه الترمذي  )7019(‏ وضعقه -» وابن ماجه :4)55١(‏ عن أبي هريرة 
رضي الله عنه. 








كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه رك 


وَيسَذِأءَسَهُمََايَجعأإِتَِمَ لَه يدوت (405. 

والمعنى الإجمالي لهذه الآية الكريمة ‏ في حق من جاء بعد وفاة النبي 
صلى الله عليه وسلم ‏ هو: أنه لا ينبغي لجميع المومنين أن: ينفروا 
للجهاد. بل تخرج جماعة منهم لطلب العلم والتفقه في الدين» ثم ترجع 
هذه الجماعة إلى أقوامهم موه ويفقهوهم. فَعَدَل طلب العلم الجهاد 
في سيبل الله» وهو هو الجهاد الذي هو ذروة سّنام الإسلام'". 

وقد نقل ابن عبد البر خبرين عن أبي الدرداء رضي الله عنه يفيدان أن 
طلب العلم يعدل الجهاد» بل نقل بينهما عن ابن عباس: أن تعليم العلم 
ب يا 

ونقل أبه الحسن القابسي المالكي في «الرسالة المفصّلة لأحوال 
المتعلمين»”"'» عن الإمام ابن الإمام: مياه و شوك 90 *705) 
رحمهم الله تعالى: انناقانة ابعل ولد يطلب العم عله :ادن سوق فجاء 
الأب ولنعم الأب كان إلى الأستاذ وقال له: إني أتولى العمل بنفسي» 
لا أشغلُه عما هو فيه من طلب العلم» فقال له الأستاذ محمد بن سحنون 
- ولّنعم الأستاذً كان -: «أعلمت أن أجرك في ذلك أعظمٌ من الحج 
والرباط والجهاد!». أي: الحج النافلة» والرباط والجهاد الكفائي. 


)١(‏ وينظر تفسير الآية عند ابن العربي في «أحكام القرآن» 7: 2.5١6١‏ وفي 
القرطبى /: 797 زيادة عليه. 
(؟)فى «جامعه) (23169 ١5آك ١5١‏ ). 


(؟) صفحة 84. 


ف كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 


وفي هذا الخبر درس لكل والد أو ولي أمرء أكرمه الله بتوجه أحد 
أبنائه إلى طلب العلم: أن يكفيه مؤونة العيش» ولو بقدر المستطاع» وأن 
يفرّغه من مسئولية عيش الدنياء ونفقاتهاء ومشاغلهاء ليبقى مستريح 
البال» مقطلها لذرافجة: 

وأذكرني هذا بحديث أنس بن مالك رضي الله عنه" قال: كان أخوان 
على عهد النبي صلى الله عليه وسلم» فكان أحدهما يأتي النبيً صلى الله 
عليه وسلم» والآخر يحترف» فشكى المحترف أخاه إلى النبي صلى الله 
عليه وسلم» فقال له: «لعلك تررق به). 

وقال الحافظ ابن رجب“"'': «إن العلم أفضل أنواع الذكرء وهو أفضل 
أنواع الجهاد». وقال فى «لطائف المعاز 3 : «نصَ الأقمة الأزيية على 
لوطب لمق سن برخ اذه النافلةء لأن العلم مصباح يستضاء به في 
ظلمة الجهل والهوى؛ فمن سار في طريق على غير مصباح: لم يأمن أن 
يقع في بثر بَوَارٍ فيعطب». 

أما البرهان الررتُوجي رحمه الله فأفاد أن هناك خلافاً فعقاً في هذا 
الحكم» فقال”'': «إن طلب العلم أمر عظيم» وهو أفضل من العَّرَّاة عند 
أكثر العلماء» 


23 الذي رواه الترمذي (هغع*؟) وقال: حسن صحيح. 
(؟) في (شرح حديث أبي الدرداء) ص/7ا”. 

.١7١ صفحة‎ )( 

(4) في كتابه «تعليم المتعلم» ص7/. 





كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 0 


وأما فضل العلم في السنة النبوية : فقد قال رسول الله صلى الله عليه 
وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»؛ رواه ابن ماجه''' وغيره» من 
حديث أنس وغيره» وللعلماء كلام كثير عليه من حيث صحة إسناده» ومن 

أما الإسناد : فهو صحيح بطرقه الكثيرة» وللإمام السيوطي جزء خاص 
به» وهو مطبوع» وقد رواه عن أنس رضي الله عنه فقط واحد وعشرون 
زافيا: 

أما معناه : فالفرض فرضان: 

فرض عين للوقت الذي أنت فيه: ماذا يتطلّبه الإسلام منك؛ وذلك: 
كمن بلغ سن التكليف قبل صلاة العصر - مثا فإن الله عز وجل يطلب 
منة ‏ ويكلقة فوراً ا أحكام الطهارة والصلاة» ليقوم بها ويؤدي صلاة 
الظهر قبل خروج وقتها بدخول صلاة العصر. 

وإن كان بلوغه في أشهر الحج.» فإن لله عليه أداء فريضة الحج» فعليه 
أن يتعلم أحكام الحج فوراً ويستعدٌ لأدائه» إن توفرت له الواجبات 
الأخرى» وهكذا حكم الزكاة» وحكم الصيام. 

كما أن لهذا الإنسان البالغ الآن أبوين» فعليه أن يتعلم حقوقهما عليه 
في حال حياتهما ‏ أو بعد وفاتهماء إن كنا تُوفيا -» ويؤديها عن علم 
وبصيرة» لا عن وراثة مجتمع وأعراف وعادات» وهكذا يتدرج في العلم 


.)775( في (سنته)‎ )١( 


1 كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 
ا أو مار قافن 0000 بين أهل 
العله”". 

وفرض كفاية : إن قمت به أنت كَفَيت غيرك المؤونة» أو قام به غيرك 
كفاك المؤونة» إن حصلت الكفاية وقضى الأمرء وإلا فلا: فعشرة من 
الأطباء المسلمين المختصين بأمراض القلب - مثلاً ‏ لا تقوم بهم الكفاية 
في البلدء فحيئئذ نقول: على المسلمين أن يجنّدوا من أبنائهم عدداً آخر 
لهذا الاختصاصء إلى أن تحصل بهم الكفاية» وإلا فالمسلمون الذين في 
البلد كلهم آثمون غير قائمين بهذه الفريضة. 

وهكذا يقال في عدد العلماء المختصين بالعلوم الشرعية التي يَحتاجها 
المسلمون في البلد» وعددد المهندسين المسلمين» وعدد الامصاديين 
المسلمين» وعداد وعددد» على - جميع المسلمين في كل بلد: أن ويا 
حاجيات المسلمين فيها من أبنائهم» ويتدرجوا في العدد والعدّة» في الكم 
والكيف» مع توسع البلد وتنوع حاجياتها. 

والمهم هنا: التنبيه إلى سداد الحاجة الإسلامية الملحّة في هذا 
الصدد» وأنهيجين على المسلمين أن وسو ادا من أبنائهم للعلوم 


)١(‏ وقد تكلم في هذ الأمر كثير من العلماء السابقين واللاحقين» ولعل أقدم من 
قل عنه كلام في بيانه الإمام المجتهد عبد الله بن المبارك رحمه الله» نقله عنه ابن أبي 
العوام في «فضائل أبي حنيفة» (010) فينظر فيه. 





كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه م 


الشرعية .بمقدلف: اختصاصاتهاء: 'وتختلك معابيات كل بلدة.: ما يسد 
حاجاتها كما وكيفاً. 

تنوع حاجات المجتمع لطالب العلم : 

وحاجات كل مجتمع مسلم ‏ من حيث الجملة» وفي كل بلد.» ولو 
كان غير إسلامي ‏ متنوعة إلى ثلاث مراحل من طلبة العلم : 

١‏ يحتاج إلى عدة: وقير:مره: طلاب العلم النابهين يقومون بوظيفة 
المحاريت والمتابوء اى :إلى اشمة وغطباء» يدون هذه المهمة الاسلامية؛ 
والقعيرة الدييقة بون هه أشراط البلافة آنا تدش الآمة وتسن إمانا نس 
ثُقام الصلاة في المسجدء فلا يجدون إماماً يتقدمهم» فيتدافعون الإمامة: 
أنت» ليل آلت: وهكذا. 


؟- ويحتاج كل مجتمع مسلم إلى غدة :من العلماء المتمكنين في 
علمهم ووعيهم» يفتونهم بحكم الله في مهماتهم العامة. 

؟- ويحتاجون إلى طائفة أعلى من التي نيلها في تمسنها 
واختصاصاتها العلمية» وفي وعيها وثقافتها العامة لتقول حكم الله في 
المشكلات العامة» ولترد شبّه المضدّلِين حول كل العلوم الإسلامية» من 
1 في العقيدة» وحول كتاب الله تعالئ» وحول السنة النبوية» والفقه 
الإسلامي. واللغة العربية لغة الكتاب والسنة» وما إلى ذلك مما يتصل 
بالإسلام. 

وهذه الطائفة الأخيرة لا تكون وقفاً على بلد دون بلدء بل هي 
للمسلمين في كل مكان» ولذلك فإن إعداد هذه الطائفة عدداً وعدّة واجب 


0 كلمات في فضل فضل العلم؛ وفضل مجالسه 


على المسلمين عامة») ويجب أن يكونوا دائماً فى ثَمَاء وازدياد» لأن 
الحاجة إليهم هي في نماء وازدياد دائم من قبّل أولئك الذين يفتحون على 
المسلمين ثغرات الشبه والإضلال. 
وللحديث عن هذه الطائفة» وعن الحاجة إليهاء وعن سبل إعدادهاء 
0 
وعن معجالاات علمها وعملها: مناسبة أاخرى واسعة إن شاء الله تعالى 


لها 


ريسر ٠.‏ 
ومما يذكر في فضل العلم : هذا الحديث الذي يُروى عن عبد الرحمن 
ابن أَبْرَى الخزاعي» وهو من طبقة صغار الصحابة» أؤ: عن أبيه أبزى» 
فال تحط سول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأثنى على طوائف 
ف لماجي ورا ثم قال: متيال أقوام لا يفقهون جيرانهم» ولا 
يعلّمونهم » ولا 0 ولا يأمرونهم » ولا ينهونهم ! ! وما بال أقوام لا 
يتعلمون من جيرانهم» ولا يتفقهون: ولا يتفطّنون! والله ليعلَمنَ قوم 
جيراتهم» ويفقهونهم» ويفطنونهم» ويأمرونهم» ويثهونهم » لعن قوم 
من جيرانهم» ويتفقهون» ويتفطنون» أو لأعاجائّهم العقوبة في دار 

الدنيا»» ثم نزل فدخل بيته. 

فقال قوم: من ترونه عنّى بهؤلاء؟ فقالوا: ثُراه عنى الأشعريين» هم 
قوم فقهاءء ولهم جيران جفاة من أهل المياه والأعراب» فبلغ ذلك 
الأجهريية ::قاتوا ومنل الوعا اه سوام فقالوا: يا رسول الله! 
ذكوك كوه بق وذكوكناه بشرً! فما بالّنا؟ فقال: اليعلّمّن قوم جيرائّهم » 


م ي# 
و 


وليفقهنهم » وليفطتّهم» ٠‏ وليأمرنّهم» ولينْهوتّهم» وليتعلّمَن قوم من 








كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه ك3 


جيرانهم ») ويتفطّنون» ويتفقهون» أو لأعاجلنهم بالعقوبة في دار الدنيا». 

فقالوا: يا رسول الله» أنُفَطّن غيرنا؟ فأعاد قوله عليهم» وأعادوا 
قولهم: أَنّمطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضاًء قالوا: فأمهلنا سَنَّةَء فأمهلهم سنة 
ليفقهوهم» ويعلموهمء. ويفطنوهم ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه 
وسلم: « ليس الدنَ حكَفَرُوأ من بت إَِريِيلَ عل لان دود وَعِيسى أبن 
مَوَيَمٌِ َكَ َيِمَاعَصَوأْوَكا أ يمَئَدُوت ()كانوا اهرس عل منصكر 
لوه نماك وأيَنْمَاوت )74 

وفي هذا من الزجر الشديد «لأعاجلتهم بالعقوبة في دار الدنيا»: ما لم 
يرد في غيره من النصوص المؤكدة على أهمية التعلم والتعليم» فلذلك 
خصصئه بالذكر. 

واسيك» ذلك :آنه بالعلم تصح العقيدة» والعبادة» والمعاملة» 
والأخلاق والسلوكء والعقل والفكرء والعلم» وإذا صحت هذه الجوانب 


)١(‏ الآيتان 8 - 4 من سورة المائدة. والحديث رواه الطبراني في «الكبير) 
- من القسم غير المطبوع -» ومن طريقه أبو نعيم في «المعرفة» :١‏ 2757 ورجح أنه 
من رواية عبد الرحمن بن أبزى» وتبعه ابن الأثير في «أُسْد الغابةه :١‏ 255 ورواه 
البخاري في «الوحدان»» وابن منده في «المعرفة» أبفياء ومن طريقه ابن عساكر 77: 
على أنه من رواية أبزى والد عبد الرحمن» ورجحه الحافظ في «الإصابة» ترجمة 
أبزى. والله أعلم. 

وممن رواه: ابن السكن وقال: إسناده صالح» كما فيٍ «كنز العمال» "ا: 5854 
6 (84017)» وذكره المنذري في «الترغيب» ١77 :١‏ وصدره بلفظ يشعر بقبوله. 


3 كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 


من المسلم صحَّت له دنياه وآخرته» واستقام منه كل شيء'". 

وسبب آخر: لو كان شيء أفضل من العلم لورّثه الأنبياء من بعدهم 
لأممهمء لكنهم لم يورئوهم شيئاً غير العلم. 

وروى الطبراني في «المعجم الأوسط» بإسناد حسن». كما قال 
الهيئمي”'': أن أبا هريرة رضي الله عنه مر بسوق المدينة» فوقف عليها 
فقال: يا أهل السوق ما أعجزكم! قالوا: وما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: ذاك 
ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقسّم وأنتم هاهنا لا تذهبون 
فتأخذون نصيبكم منه! قالوا: وأين هو؟ قال: في المسجد. فخرجوا 
سراعاً إلى المسجد. ووقف أبو هريرة لهم حتى رجعواء فقال لهم: ما 
لكم؟ قالوا: يا أبا هريرة فقد أتينا المسجد فدخلناء فلم نَرَ فيه شيئاً 
يْقسّم! فقال لهم أبو هريرة: أما رأيتم في المسجد أحداً؟ قالوا: بلى» 
رأينا قوماً يصلون» وقوماً يقرؤون القرآن» وقوماً يتذاكرون الحلال 
والحرام» فقال لهم أبو هريرة: ويحكمء. فذاك ميراث محمد صلى الله 
عليه وسلم. 

وروى الخطيب في «شرف أصحاب الحديث"" عن الأعمش قال: 


جما ان تند يونا عقر مد أصيحانة: إد مر يه اعون فقال سان بها 


)١(‏ وينظر ما سيأتي ص05 عن ابن عباس رضي الله عنهما من عند ابن عبد البر 
والخطيب. ٠‏ 
(؟) «المعجم الأوسط» (157).» و«مجمع الزوائد» :١‏ 5؟1١.‏ 


فرق صفحة 50. 


كلمات في فضل العلم. وفضل مجالسه 1 


اجتمع هؤلاء؟ قال ابن مسعود: على ميراث محمد صلى الله عليه وسلم 


فليهناً طلاب العلم بهذا الشرف» وحرام عليهم أن ينظروا إلى غيرهم 


أما فضل مجالس العلم: فهي نور الإسلام» وبها حياته واستمراره 
وامتداده» أسند الخطيب"'"' إلى الإمام أحمد: أنه أقبل عليه أصحاب 
الحديث» وبأيديهم المحابر فأومأ إليها وقال: هذه سَرّج الإسلام» ولما 
قرأت الخبر في مصدره المذكورء أردت أن أعلّق عليه بشرح هذا التشبيه 
العظيم» لكني رأيت فضيلة الأخ العلامة الدكتور أحمد محمد نور سيف 
وفى بشرحه في كتابه الممتع «من أدب المحدثين في التربية والتعليم»» 
فقال جزاه الله خير”": «هذا تشبيه رائع» فهي ‏ المحابر - وإن أظلمت 
بواطنها بالأحبار» فمن دياجيرها أشرق نور الهداية والرشادء وإذا ما 
انغمست فيها الأقلام؛ وجرت على القرطاس والطروس» سطرت من 
الحكم ولطيف المعاني ما يحيى النفوسء» ويذكي الأفهام» ويبدّد الشكوك 
والأوهام» ويّهدي القلوب الحائرة إلى نور الإسلام». 

ومن أخبار الترغيب في هذا الباب: ما رواه الدارمي عن ابن سيرين”" 
)١(‏ في «الجامع» (2617» وانظره شرف أصحاب الحديث» له ص5 054. 
(؟) صفحة .7١7‏ 


فر (33610)» وابن عبد البر في «الجامع» (/5؟) ل من وجه آخر. 


4 كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 


أنه دخل المسجد فرأى حميد بن عبد الرحمن الحميري في حلقة العلم» 
ووخلا آخر تف فتردّد مع أيهما يجلس» ثم جلس فتّعس وأخذته سئة» 
قال: فأتاني آت» فقال: ميّلت ‏ أي تردّدت - إلى أيهما تجلس؟! إن شئت 
أريتك مكان جبريل من حميد بن عبد الرحمن. 

وإنما أردت من ذكر هذا الخبر لفت النظر إلى زيادة فيه على ما هو 
مشهور من حديث أبي هريرة رضي الله عله توك أن الملائكة 
-عموماً - تحف مجالس المتدارسين كتاب الله تعالى» وهذا من العلم» 
باتك عموما د باعل هذا الحجلى:»: أما اثن الدارئ هذا ففية أن سيد 
الملائكة الكرام عليهم السلام جميعا ‏ وهو جبريل - يحضر مجلس 
العلم ". 

وقال الحافظ ابن رجب”': ارأى بعضهم في المنام النبيً صلى الله 
عليه وسلم قاعدا فى المسجد» والناس حوله» ومالك قائم بين يذيه» 
وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسك» وهو يأخذ منه قبضة 


)١(‏ عند مسلم 5: 7015 (78)». ثم رواه عقبه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد 
رضي الله عنهما. 

(0) برقم (40). 

(9) أسند البخاري في «تاريخه الكبير؛ ؟ (7191) في ترجمة حميد إلى ابن 
سيرين قوله: «كان حميد أعلم أهل المصرين - الكوفة والبصرة - قبل أن يموت 
بعشرين سنة») رحمه الله تعالى. 


(4) في (شرح حديث أبي الدرداء؛ ص 58. 











كلمات في فضل العلم؛ وفضل مجالسه 3 


فيدفعها إلى مالك» ومالك ينشرها على الناس» فأُوّل ذلك لمالك بالعلم 
واتباع السنة». 

تفضيل مجالس العلم على التفرغ للعبادة : 

وحكى القاضي عياض في ترجمة الإمام عبد الله بن وهب" عن 
أحمد بن عبد الرحمن بن وهب» عن عمه عبد الله بن وهب» قال أحمد: 
١كنت‏ مع عمي بالإسكندرية مرابطاء فاجتمع الناس عليه يسألونه نشر 
العلم فقال: هذا بلد عبادة» وقلَّما أمهّد لنفسي فيه مع شغل الناس» فترك 
الجلوس لهم في الأوقات التي كان يجلس» وأقبل على العبادة والحراسة» 
فبعد يومين أتاه إنسان فأخبره: أنه رأى نفسه في المسجد الحرام» والنبي 
صلى الله عليه وسلم فيه» وأبو بكر عن يمينه» وعمر عن شماله» وأنت 
بين يديه» وفي المسجد قناديل تَرْهَّر أحسنّ شيء وأشدّها ضياءء إِذْ حَفَتَ 
منها قنديل» فانطفأء فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا 


لي من هم ا نوي 5 
عبد الله أوقده» فأوقدته» ثم آخر كذلك. 


0 


ثم أقمت أياماً فرأيت القناديل كلها همّتْ أن تطفأء فقال أبو بكر: يا 
رسول الله» أما ترى هذه القناديل! فقال صلى الله عليه وسلم: هذا عمل 
عبد الله» يريد يطفيها. 

فبكئ ابن وهبء فقال له الرجل: جئت لأبشّرك» ولو علمت أنه 
يَخْمّك لم آتك» فقال: خيرء هذه الرؤيا وُعظت بها نفسي» ظننت أن 


.05٠١ :١ من «ترتيب المدارك»)‎ )١( 





6 كلمات في فضل العلم. وفضل مجالسه 


العبادة أفضل من نشر العلم» فترك كثيراً من عمله للعلم» وحبس نفسه 
لهم يقرؤون عليه ويسألونه». 

ثم إن الله تعالى أكرمه بأن جعل خاتمة حياته في مجلس علم» وذلك 
أله اليه كتابا. سناد #أهوال: القتاعة» وضال يقروهعلن الثامن بعة فر اعد 
قن رنيو لط ,3 ابس يد ر: سوم باع د عدي 
عليه» فلم يتكلم بكلمة حتى مات بعد أيام» رحمه الله تعالى'". 

ومما يذكر من أخبار الأحبار» وتقديمهم الاشتغال بفضل العلم على 
فضل العبادة» ما حكاه القاضي عياض في «ترتيب المدارك)”' عن رحلة 
أسد بن الفرات من القيروان إلى المدينة المنورة» ثم إلى بغداد» وأنه لقي 
الإمام أبا يوسف القاضي» وأن أبا يوسف أوصى جليساً له بأسد وقال له: 
«ضمّه إليك. لعل الله ينفعك به في الدنيا والآخرة». قال أسد: «فخرجت 
معه إلى داره» فإذا هو محمد بن الحسن» فلزمته حتى كنت من المناظرين 
من أصحابه. 

قال أسد: قلت لمحمد بن الحسن: أنا غريب» والسماع منك قليل! 
فقال له محمد: اسمع مع العراقيين بالنهارء وجتني بالليل وحدك» تيت 
معي » فأسمعك!! فكان إذا رآني تَسَْت نضح وجهي بالماء». 

ثم قال: «قال أسد: رغب إلى محمد أن أزامله إلى مكةء فكأني كرهت 


)١(‏ حكاه المزري ل 6 وابن حجر فى «تهذيبه) 5: “الا وينظر «ترتيب 
المدارك) :١‏ 55-6556ه. 


53”: )9( 





كلمات في فضل العلم؛ وفضل مجالسه 3 


هذاء فقال لي أصحابه : وددنا لو اشترينا هذا منه بعشرة آلاف درهم! 
فزاملته» فكنت أسائله عما أريد» وربما سألته وهو في الصلاة» فيمهّد 
بالقراءة: يعْلمني أنه يصلي» فأقول: تشغل عني بالصلاة وقد قطعت البلاد 
إليك!! فيقطع ويجيبني». يريد: إذا فرغ من الصلاة توقف عنها وأجابه» 
واشتغل معه بالعلم. 

ثم ذكر رحلته إلى مصرء إلى ابن القاسم» ليأخذ عنه» قال له ابن 
القاسم: «كنت أختم في اليوم والليلة ختمتين» فقد نزلت لك عن واحدة» 
رغبة في إحياء العلم» رحمه الله وجزاه خيرا"". 

وجاء في ترجمة الإمام أبي زرعة الرازي في «طبقات الحنابلة»"'': عن 
عبد الله ابن الإمام أحمد أنه قال: لما قدم أبو زرعة نزل عند أبي» فكان 
كثيرٌ المذاكرة له» سمعت أبي يوماً يقول: ما صليت غير الفرض» استأثئرت 
بمذاكرة أبي زرعة على نوافلي» وكانت نوافله في أيام عافيته صلاة ثلاث 
فقة بز كهة 4 زقلا مطلقاء يهل يندع سلس عله اق وسور قدا 


3 5 إفرة 
رضى الله عنه . 


)١(‏ وهذه الرحلة مما ينبغي لطالب العلم قراءتها بإمعان في مصادر ترجمة الإمام 
أسد بن الفرات» المطولة» ومما فيها: الدلالة على أثر الصحبة والملازمة فى قوله: 
«فإذا هو محمد بن الحسن» فلزمته» حتى كنت من المناظرين من أصحابه». 1 

(9) ؟: مه. 

(9) كما في «الحلية» 4: .١18١‏ 


4/1 كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 


ونحو هذا عن الإمام أبي يوسف القاضي» في «مناقب أبي حنيفة»”"'. 


في تركه لورده الصباحي» وخروجه إلى مجلس العلم مع الناس. 

فق # بقح الكنيوا !"ات ترسية"الأهام اذى اميق البق وميه أله 
تعالى: «لما ظهر «الشرح الكبير» للرافعي» اشتراه بألف درهم» وصار 
يصلي الفرائض فقط. ويشتغل بالمطالعة» إلى أن أنهاه»). 

والقدوة في أخبار هذا الباب ‏ الاشتغال بالعلم عن النافلة -: ما رواه 
الخطيب”": أن أبا موسى الأشعري أتى عمر رضي الله عنهما بعد صلاة 
العشاء الآخرة» فقال عمر: ما جاء بك يا أبا موسى الساعة؟ قال: نتذاكر 
الفقه» قال: فجلسنا ليلا طويلاً نتذاكر» ثم قال أبو موسى: الصلاة! فقال 
عمر: إنا في صلاة» قال: فتذاكرنا حتى كان قريباً من الفجر. 

والقدوة الثاني: عبد الله بن مسعود رضي الله عنه» فقد روى عنه ابن 
عبد البر“' أنه قال: «الدراسة صلاة». 

وممن تدارس العلم حتى الفجر من الأئمة المحدثين: وكيع بن 
الجراح مع عبد الرحمن بن مهدي. وعبد الله بن المبارك مع تلميذه علي 
اب العم و ل 


)١(‏ للموفق المكي ص597. 

(0) للمقريزي 1: 1/4". 

(*) في «آداب الفقيه والمتفقه» (455). 

(5) في «الجامع» أيضاً (941)» وانظر اشرف أصحاب الحديث») ص87 - 86 
(5) روى ذلك عنهم الخطيب في «الجامع» (21899 .)١105‏ 








كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه 14 


ونقل السخاوي في «فتح المغيث»''' عن الإمام أحمد قوله: «وأي 
عمل أفضل من طلب العلم؟!». 

فإن عاق عائق عن ملء الوقت بالعلم» توجهوا إلى العبادة» كما ذكر 
الذهبي في «السير»''' في ترجمة الإمام الحافظ الحجة الناقد النسابة البارع 
- كما وصفه بهذا الذهبي -: أبي بكر الحازمي  558(‏ 085) عن ثمان 
وثلاثين سنة!! رحمه الله تعالى» وهو صاحب «الاعتبار في الناسخ 
والمنسوخ من الآثار» ما نصه: «كان الحازمي رحمه الله في رباط البديع» 
فكان يدخل بيته كل ليلة» ويطالع ويكتب إلى طلوع الفجرء فقال البديع 
للخادم: لا تدفع إليه الليلة بزراً للسراج. لعله يستريح الليلة» قال: فلما 
جن الليل اعتذر إليه الخادم» لأجل انقطاع البزرء فدخل بيته وصف قدميه 
يصلي ويتلو إلى أن طلع الفجرء وكان الشيخ قد خرج ليعرف خبره» 
فوجله في الصلاة». 

وهذا تطبيق للتوجيه الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ونا 
يفتَ صب 2 وَإِلَرَيكَ ماعب ([2)* سورة الشرح. 


عه عند علد عد كه 
نات ىت ني ا يت 


.596 :”)1( 
.ا١ك/:51١)9(‎ 


66 كلمات في فضل العلماء. وأثرهم في الأمة 


المبحث الثاني 
كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الأمة 

جاء في فضل العلماء العاملين آيات عدّة. من أشهرها وَاجِليا في 
الدلالة : قول الله تعالى: 9# سك لَه هلا لَه إِلَا هوَ وَالْمَكَيَكَةٌ وأوُْوا الهار كما 
الس لاله إِلَاهْوَا لولم كيم 0 لد سح عِنْدَآمَلِإِسَكَمُ # آل عمران: 
»١59-‏ وفي قراءة الإمام الكسائي: أن الدين عند الله الإسلام#. 

والمعنى الإجمالي للآية الكريمة: شهد الله والملائكة وأولوا العلم أن 
الله تعالى واحد» قائم بالقسطء ويشهدون أن الدين عند الله هو الإسلام. 

ولقائل أن يقول: هذه شهادة الله عز وجل. وهذه شهادة ملائكته» 
وهذه شهادة أولي العلم» فأين شهادة الأنبياء والمرسلين؟ والجواب: قال 
الإمام البغوي''': «قوله تعالى ونوا ألولّ4: يعني: الأنبياء عليهم السلام. 
وقال [صالح] بن كيسان: يعني: المهاجرين والأنصار» وقال مقاتل: علماء 
مؤمني أهل الكتاب: عبد الله بن سلام وأصحابه» وقال السّدّي والكلبي: 
يعني : جميع علماء المؤمنين». 

قلت: وهذا من اختلاف التنرّع لا اختلاف التضادّء فكل هذه الأقوال 


.١8 :7 في تفسيره «معالم التنزيل»‎ )١( 





كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الآمة 0١‏ 


ومس ودرا ان يقال : إن المراد جميع من 0 والشاهد في 
الاستدلال بهذه الآية: أن الله ذكر العلماء مع الأنبياء بوصفهم العلمي فقال: 
موقي ». 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله''' ‏ وقد ذكر هذه الآية : «فلم يفرد 
الأنبياة بالذكرء بل أدخلهم في مسمّى العلماء» وكفى بهذا شرفاً للعلماء 
أنهم يُسمّون باسم يجتمعون هم والأنبياءً فيه». 

أما أثر العلماء الربانيين على الأمة : فهو كأثر الأنبياء والمرسلين على 
أممهمء وذلك بحكم وراثتهم لهم. فأثر الوارث من أثر الموروث. 

وقد أجمل بعض العلماءء وفصّل بعض آخر أثرَ العلماء العاملين 
الربانيين على الأمة» ومنهم الإمام أبو بكر محمد بن الحسين الآجرّي (ت 
٠5اه)‏ رحمه الله في أول كتابه الممتع ‏ على وجازته ‏ «أخلاق العلماء)» 
أنقله على طوله» قال: 

«أما بعد: فإن الله عز وجل» وتقدّّست أسماؤه» اختصُ من خلقه من 
أحب نهداهم للويمان» ثم اختص 0 فنائن المؤتين من أحب فتفضل 
عليهم فعلّمهم الكتاب الحكمة» وفقههم في الدين» وعلّمهم التأويل» 
وفضلهم على سائر المؤمنين» وذلك في كل زمان وأوان» رفعهم بالعلم» 
وزيّنهم بالحلم» بهم يعرف الحلال من الحرام» والحقّ من الباطل» 
والضارٌ من النافع» والحسن من القبيح. 


.5١0ص في «شرح حديث أبي الدرداء»‎ )١( 


١ه‏ كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الآمة 


فضِلُّهم عظيم ١‏ وخطرهم جزيل» ورثة الأنبياء» وقرة عين الأولياء 
الحيتان في البحر لهم تستغفرء والملائكة بأجنئحتها لهم تخضعء 
والعلماء في القيامة بعد الأنبياء تشفع» مجالستهم تفيد الحكمةء 
وبأعمالهم ينزجر أهل الغفلة» هم أفضل من العبّادء وأعلى درجة من 
الإعاةه جاتيم »عدم :فوته نضيية يذكروق العائل + اوطلمون 
الجاهل» لا يتّوقع لهم بائقة ‏ أي: شر -» ولا يخاف منهم غائلة - أي: 
ضرر وفساد » بحسن تأديبهم يتنازع المطيعون» وبجميل موعظتهم 
يرجع المقصرون. 

جميع الخلق إلى علمهم محتاج» والصحيح على من خالف: بقولهم 
محجاج.» الطاعة لهم من جميع الخلق واجبة» والمعصية لهم محرمة» من 
أطاعهم رَشّدء ومن عصاهم عنّد ‏ أي: انحرف عن الحق -» ما ورد على 
إمام المسلمين من أمر اشتبه عليه حتى وقف فيهء قبقول العلماء يعمل» 
وعن رأيهم يصدرء وما ورد على أمراء المسلمين من حكم لا علم لهم 
به فبقولهم يعملون» وعن رأيهم يصدرون» وما أشكل على قضاة 
المسلمين من حكم فبقول العلماء يحكمون» وعليه يعوّلون» فهم سراج 
العباد» ومنار البلاد» وقوام الأمة» وينابيع الحكمة» هم غَيظ الشيطان» 
بهم تحيا قلوب أهل الحق» وتموت قلوب أهل الرَّيغْء متهم في الأرض 
كمثل النجوم في السماء» يهتدى بها في ظلمات البر والبحر» إذا انطمست 
النجوم تحيّرواء وإذا أسفر عنها الظلام أبصروا». 


ثم ذكر الأدلة على ما قال من الآيات والأحاديث والآثار» ومما ذكره 





كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الآمة 0 


من الأحاديث بسنده» ما رواه''' أنس رضي الله عنه» عن النبي صلى الله 
عليه وسلم: «إن مَكّل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماءء يُهْتدَى 
بها في ظلمات البر والبحرء فإذا انطّمّسّت النجوم أوشك أن تَضل الْهُداة». 

وقد ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم ثلاث فوائد للنجوم في السماءء 
فقال تعالى: ##وَبِاَلتَجَم هم بَمْتَدُونَ (5* النحل: 217 وقال في أول سورة 
الملك : 0 : لوَلْعَرْرَيَئَالتسَةَالدإسصَيحَوَجَمَلهَامْبْوْما لشن 4. 

والعلماء كذلك في أهل الأرض: هداة مرشدون للخلق إلى الحقّ 
سبحانه وتعالى» وهم زينة لأهل الأرض» وهم كذلك رجوم لشياطين 
الإنس دعاة الضلالة» يقومون في وجوههم ويحولون بينهم وبين عامة 
المسلمين أن يشُوّشوا عليهم دينهم. ففي الناس: ظلمات الجهل» وظلمات 
الضلال» ونور العلماء قاشع ماح لكليهماء كما أن نور الأنبياء عليهم 
الصلاة والسلام كان من قبل ماحيا لظلمات الكفر وظلمات الجهل» وهذا 
يشهد لحديث أنّس ويقويه. 

وقد ساق الإمام ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» تحت عنوان: 
تفضيل العلم على العبادة آثاراً كثيرة» ونحوه وأكثرٌ منه عند صِنُوه الخطيب 
في «آداب الفقيه والمتفقه» بعناوينَ مختلفة متقارية"'". 


8 
9 


)01 الإمام أحمد ": /161» وفيه ضعف», وله شواهد عند البيهقي في «المدخل» 
ص75 ؟. 
ف ابن عبد البر(95-؟75١)2‏ والخطيب -7١(‏ ) وما بعدها. 


:6 كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الأمة 


وكوااعلته زو عنية الثر نعلي انز شاش سبو افده لالش بان 
الشياطين قالوا لإبليس: يا سيدنا ما لنا نراك تفرح بموت العالم ما لا تفرح 
يحوت العائده: والعالم 7 لصييث:مطتهاب اي + .لا تغيله ولا فيه به والعايد 
تصيب منه! قال: انطلقواء فانطلقوا إلى عابد قائم يصلي» فقالوا: إنا نريد 
أن نسألك» فانصرف - أي: قطع عبادته وتوجه إليهم » فقال له إبليس: 
هل يقدر ربك أن يجعل الدنيا في جوف بيضة؟ فقال: لاء فقال ‏ إبليس 
لأصحابه : أترونه كفر في ساعة!. 

ثم جاء إلى عالم في حَلّقة يضاحك أصحابه ويحدثهم» فقال 
- إبليس -: إنا نريد أن نسألك» فقال: سّلء فقال: هل يقدر ربك أن يجعل 
الدنيا في جوف بيضة؟ فقال: نعم» قال: وكيف؟ قال: يقول لذلك إذا 
آزاد: كن فيكون»: قال إتليسن د لجنتاعتة.تة آترون ذلك الا ععدى نسيه 
وهذا يُفسد علي عالّماً كثيراً». 

وأنا أفترض أن القصة حكاية رمزية - ليست أثرأًء ويتوجّبُ علي أن 
أبحث عن سنده وصحته ‏ فإن هذا هو حال المتعبّدين عن غير علم» وهذا 
هو حال العلماء» بفضل علمهم تكون النجاة في الدنيا والآخرة. 

ضرورة سير العبادة على نهج العلم : 


ومما يذكر فى أن سلامة الإيمان» وتصحيح العبادة» تكون بالعلم: ما 
قاله القاضي عياض فى "ترتيب المدارك» ترجمة ابن وهب أيضاء قال .ابن 


.)89( والخطيب‎ »)١71( ابن عبد البر‎ )١( 





كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الأمة هه 
وهب: «كان أول أمري في العبادة قبل طلب العلم» يُولّع بي الشيطان» في 
ذكر عيسى عليه السلام» وكيف خلقه الله فشكوت ذلك إلى شيخ» فقال 
لي: اطلب العلم» فكان سبب طلبي». 

ولا ريب أن الكمال هو في الجمع بين الفضيلتين والحسستيين: حُستَئ 
العلم وحسنى العمل» وهذا هو الصراط المستقيم الذي يدعو به المصلي 
في كل ركعة من ركعات صلواته: #الصَرّط الْمنَنَقِم (©) يرط انَ عست عَلهم عير 
سبوب عَبهِرك لكا إن (4)2. 

فقد جاء تفسير المغضوب عليهم والضالين» في السنة النبوية من 
حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه» الطويل"'': بأن المغضوب عليهم هم 
اليهود» وأن الضالين هم النصارى» ولم كان ذلك؟ كان لأن اليهود علموا 
أحكام الله تعالى» ولكنهم لم يعملوا ببعضهاء وتحيّلوا على بعض آخرء 
فغضب الله عليهم لعصيانهم المتكرر لأوامرهء وأما النصارى فأرادوا 
الطاعة لكن سلكوا سبيلها على غير بصيرة ولا علم يتبعونه ويعملون 
مقعات: كتن آراد الوصول إلن حكاة - #السجة مكلا “وهوالة يرك 
طريقهء فمشى على غير بصيرة ولا سؤال» فضل الطريق: لوَرَمْبَاية 
أبترعوها ما كَبْسَها عََيَهِمَ #* الحديد: /ا7. 

٠‏ الل لاس ست د دن ل اللو ل ان 


() عند الترمذي (:25961 64 وقال: حسن غريب» وأحمد 8:5/ا؟ 
»)١9881(‏ وابيم حبان فى «التقاسيم والأنواع») (52077). 
بن حبال في سيم والا نوا 


05 كلمات في فضل العلماء» وأثرهم في الأمة 


المغضوب عليهم: الذين علموا وما عملواء وغير صراط الضالين: الذي 
عملوا عن غير علم» بل هو صراط الذين جمعوا بين الحسنيين: حسنى 
العلم» وحسنى العمل» وذاك هو الصراط المستقيم. 

وقد ذكر الحافظ ابن رجب هذا الحديث الشريف» في «شرح حديث 
أبي الدرداء)'"", وأشار إلى التشبيهات الثلاثة التي ذكرتهاء ثم قال: «وقد 
روي عنه - صلى الله عليه وسلم ‏ أنه قال: «أصحابي كالنجوم» فبَيّهِم 
اقتديتم اهتديتم0”''ء وقد قيل: إن القمر إئما يستفيد توره من ضوء 
الشمس» كما أن العالم نوره مقتّبّس من نور الرسالة» فلذلك شه بالقمرء 
ولم يشبّه بالشمس» ولما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - سراجاً منيراً 
يشرق نوره على الأرضء كان العلماء ورثته وخلفاؤه مشبّهين بالقمر عند 
تمام نوره وإضاءته). 

وما يزال المسلمون ‏ والحمد لله - يعيشون في جميع أنحاء عالمهم في 
عل لوانت لبون .هن الطراة: لعفيو : بغار معد ب اكريمة موا ترق لوت 
والدلالة: «لا تزال طائفة من أمني ري على الحق لا يضِرّهم من 


() صفحة »)١5‏ ثم صفحة .5١‏ 

(؟) في هذا الحديث كلام كثير» وله طرق كثيرة» لذلك سوّغ الحافظ الناقد ابن 
رجب لنفسه ذكره واستنباط هذا المعنئ اللطيف منهء وقد أطال العلامة اللكنوي 
الكلام عليه في «تحفة الأخيار» من ص07 257 ونقل فيه ص54 عن الصغاني: أنه 
حسمّنه؛ وفي ص77 عن «الصواعق» ‏ ولعله: الصواعق المحرقة ‏ تحسينه أيضاًء أما 
أنه موضوع فلا. 


كلمات في فضل العلماءء وأثرهم في الآمة /ا0 


خَذَلهِمء حتى يأتي أمر الله وهم كذلك» أى: (وهم د 

أثر العلم الرباني في وجوه حامليه : 

ومن شأن الله تعالى الحكيم في خلقه: أن يكسو وجوه عباده الصادقين 
المخلصين الربانيين النور والجلالة» والحشّعة والمهابة»ء والأنس 
والطمأنينة» فتضفي وتّفيض بهذه المعاني على مجالسيها والناظرين إليهاء 
كما تكون (واحات) أمن ولطف» وسعادة وبركة» لمن وقع في شراك الهم 
والخرية كما يكونون مصدر خير وهّدي ناطق وصامت للمسترشدين» 
يعلّمون الناس بمقالهم وخالهمء وهم فوق قول القائل: 

إذا سكتوا رأيت لهم جمالاً وإن نطقوا سمعت لهم عقولا 

ومن هذا المنطلق: فإن الإمام الحجة يحيى بن يحيى التميمي 
التيسابوري (ت7575) رحمه الله أقام سنة أمام الإمام مالك رحمه الله 
بعد فراغه من سماع (اليوطاة علت' امتعفير ا لتفائلد لأنها كمائل 
الصحابة والتابعين”". 

وقد عبّر عن هذه المعاني الكريمة» بعبارات صادقة عالية» فضيلة 
شيخنا" فقال تغمده الله برحماته: «إن النظر إلى الذات القدوة» أفعل في 
النفس من السماع عنهاء وأبقى لآثار الخير في ناظرهاء وقد كان 

)١(‏ اللفظ الأول: رواية ثوبان عند مسلم ": 2»)١170( ١6717‏ واللفظ الثاني: 
رواية المغيرة بن شعبة عند البخاري (7”7140): ومسلم (17/1). 

(؟) «ترتيب المدارك» :١‏ 055» وانظر الخبر بتمامه فيما يأتي ص7١؟.‏ 

() في تعليقه» بل في شرحه ل «رسالة المسترشدين» ص؟١٠.‏ 


0/1 كلمات في فضل العلماءء وأثرهم في الأمة 


لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من للك اميد الأوفرء 
لمجالستهم له صلى الله عليه وسلمء ومشاهدتهم إياه» وقربهم منهء 
فكانوا خير أمة أخرجت للناس» بعد سيد الناس عليه الصلاة والسلام. 

الورؤية الرجل الصالح القدوة» إنما تذكر بالله؛ لما يُرى عليه من النور 
والإشراق» والأنس والطمأنينة» والمحبة والسكينةء في سمته وهديه 
وخشعته» في نطقه وصمته» وإطراقه وحركته وسكونه» وكل شؤونه» فلا 
ينظره ناظر إلا كان نظره إليه مذكراً بالله» وكانت صورته موجّهة له للإقبال 
على الله أولئك الذين إذا روُوا ذكر الله). 

ثم نقل كلاماً طويلاً للحكيم الترمذي رحمه الله» وعقّب عليه بقوله: 
«وقد كان هذا النوع الكريم في السلف منتشراً وكثيراً وكان الناس 
يقصدون لقاءه للانتفاع بالنظر إليه» إذ كانت رؤيته وحدها تنير القلب» 
وتشرك: الصلاح: فى الشين» :وتشيّب: بالديق + وتذكر يانه تعالى 4 وانظر 
تمام كلامه هناك جزاه الله خيراً وأعلى مقامه لديه. 

وما على المسلم 0 للاقتباس من هذا النور 
والميراث النبوي. 


ا ات 4 ا 
ونيا قا ا 0 يت 








المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم. 1 


الباب الثاني 


المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم 


تمهيد : في سرد المعالم الأساسية لطالب العلم 

وقفت على أقوال ستة من الأئمة» فيها تعداد الأركان الأساسية لطالب 
العلم» ويلاحظ 55006 هو أنه كلما تقدم الزمن كلما زادوا في 
المقوّمات والأركان» وأنا أنقلها وأربّها حسب وَقَيّات أصحابهاء مع ما 
يتيسر من التعليق على بعضها. ا 

١‏ الإمام محمد بن الحسن الشيباني ١ت )١894‏ رحمه الله تعالئ: 
أسند إليه ابن أبي العوام”'' قوله: «علّمنا هذا لا يصلح إلا بثلاث خصال: 
أن يكون الرجل مشتهياً لذ ا مكفياً». 

؟ ‏ الإمام الشافعي (ت )7١5‏ رحمه الله تعالى: روى الخطيب”" عنه 
قوله: «يحتاج طالب العلم إلى ثلاث خصال: أولها : طول العمرء والثانية : 
متحة الين .و القالقة ؛“الذكادة» 'وعلق عليه اطي رنسمة الك رقوله الك آنا 
طول العمر: فإنه قصد به دوامٌ الملازمة للعلم» وأراد بسعة اليد: أن لا يشتغل 
بالاحتراف» وطلب التكسّبء فإذا استعمل القناعة أغنته عن كثير من ذلك», 


.)609( فى «المناقب»‎ )١( 
.)879/( ١41ا/‎ :7 (؟) فى «آداب الفقيه والمتفقه»‎ 


56 المعالم الإرشادية ف ق طالب ا 
لم ورشادية في طريق طالب العلم 


ثم قال بعد صفحة: «وإذا رزقه الله الذكاء: فهو أمارة سعادته» وسرعة بلوغه 
إلى بغيته». والذكاء: هو حدة الفهم. 

ولقد أكرم الله عز وجل الإمام الشافعي بهذه الخصال وغيرها من 
المهمات لبلوغ الإمامة» فكانت ملازمته للعلم عوضاً له عن طول العمرء 
فلم َعَم بل عاش - كما هو مشهور ‏ أربعاً وخمسين سنةء وهذا ما 
حمل الخطيب على تفسيره طول العمر بدوام الملازمة» ولم يعرف 
الكورانه والكدي ل امعفيل القناعاه ركان مق انذكا نيعي ارد انه 
به عن جل أقرانه ومعاصريه» رضي الله عنه وعنهم أجمعين. 

ثم أسند الخطيب"' إلى الإمام عبد الله بن شبّرّمة» أحد فقهاء 
التابعين الأثبات: أن رجلا سأله عن مسألة» ففسّرها لهء فقال له: لم 
أفهم» فأعادء فقال: لم أفهم» فقال له ابن شبرمة: «إن كنت لم تفهم 
لأنك لم تفهم: فستفهم بالإعادة» وإن كنت لم تفهم لأنك لا تفهم: 
فهذا داء لا دواء له). 

فأشار ابن شبّرمة رحمه الله بقوله للرجل: «فستفهم بالإعادة» إلى أن 
الذكاء وَهبي يولد مع الإنسان» أو كسبي يتولّد من المزاولة والمدارسة. 
فإذا ما اجتمعا في شخص ولدا العجائب» كما كان من أئمة الإسلام سلفاً 
وعلنا و لين الك 


٠‏ وقال أبو هلال العسكري (نحو )5٠6٠‏ رحمه الله تعالئ'': «قال 


.)815( فى «آداب الفقيه والمتفقه»‎ )١( 
في «الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه) ص4.‎ )١( 


المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم 41 


بعض الأوائل: لا يتم العلم إلا بسنّة أشياء: 


اك ذفن ثاقنية: ١‏ وزمان طويل. 

'- وكفاية ‏ من المال. 4- وعمل كثير - أي: اشتغال كثير في 
تحصيله -. 

5 ومعلم حاذق 5- وشهوة» أي محبة شديدة للعلم 


ويبدو أن وصف «حاذق» ينبغي أن يكون للمعلّم : في علمه» وفي 
تعليمه» أعني: أن يكون مختصاً في المادة العلمية التي يدرّسهاء وأن 
يكون ماهراً في تعليم العلم» وحسن تلقينه للطلبة. 

؛ ‏ أما الإمام الماوردي (ت )47١‏ رحمه الله فقال'': «الشروط التي 
يتور بها علم الطالب» وينتهي معها كمال الراغب - مع ما يلاحظ به من 
التوفي:» وتمد يله المعودة .< فردة شووظة) توه ادها هرد : 

أن العق؛ 1 الفطنة. 

8 الذكاء. 4- الشهوة إلى العلم (الحرص). 

5 الاكتفاء بمال يغنيه عن الطلب. 5 التفرغ من الأعمال. 

- التفرّغ من الهموم والمكدّرات. 4 طول العمر. 

4- أستاذ سمح بعلمه. 


.١١١ص فى كتابه «أدب الدنيا والدين»‎ )١( 


4 المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم 


ه ‏ وأسند الحافظ ابن النجار''' إلى إمام الحرمين (ت 41/8) رحمهما 


الله تعالى قوله""': 

8 ف 
أصخ: لن تنال العلم إلا بستة بناضق عده شهيلها بان 
ذكاوء وحرصء وافتقار» وغربة وتلقين أستاذء وطول زمان 


١‏ أما الإمام ابن العربي المالكي (ت 047) رحمه الله فقال'": 
«شروط التعلّم ووظائفه تنيف على المئتين» لكن الأمهات التي ترجع إليها 


البنات سبعة شروط)» وتعدادها سردا: 


١‏ الإخلاص. ”- التواضع للعلم. 
التواضع للمعلم. 5- طاغته لإشارة معلمه. 
التدرج في التعلم. كك المذاكرة علمة: 


العمل بالعلم. 


وثمة أمور أخرى مساعدة» ذكرها السخاوي (ت07١4)‏ رحمه الله" 


.89 :١ في «ذيل تاريخ بغداد»‎ )١( 

(؟) ونسبهما إليه أيضاً التاج السبكي في ترجمته له في «الطبقات» 4: 27١8‏ 
وليسا للإمام الشافعي رحمه الله كما اشتهر ‏ وإن ذكرا في «ديوانه»» فالشعر المنحول 
لعلي بن أبي طالب والشافعي رضي الله عنهما أكثر من الصحيح عنهما. ومعنى 
«أصخ): قن استمع وأَصّْغْ واشتهر مطلع البيتين بلفظ: أخي... 

(*) في «قانون التأويل» ص”57. 

(5) في «الجواهر الدرر» .١1١-1١5١ :١‏ 


المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم 0 55 


فقال: سرعة القراءة الحسنة» وسرعة الكتابة الحسئةق والصحبة الطيبة من 


طلبة العلمء وعدم التردد ل الكبراء» واستثمار الوقت» وينظر شرحها 
هناك. 


عه كاد وه واه واه 
2 يات يات 2 انا 


ع الإخلاص لله في طلب العلم 


المَعلّم الأول 
الإخلاص لله في طلب العلم 


ابتدأ الإمام الخطين رمه الله تعالن جره لاقتضاء العلم العمل» بعد 
البسملة والحمدلة والصلاة على سيدنا رسول الله بقوله: «إني موصيك - يا 
جلت العلم.: بإخلاض اليه وى ليده اوإجهاة" لين على لطن 
بموجبه» فإن العلم شجرة» والعمل ثمرة» وليس يعلد عالماً من لم يكن 
بعلمه عاملاً». وبهذا الركن في حياة كل مسلم ‏ وطالب العلم من باب 
أولى - بدأ ابن الصلاح حديثه عن آداب طالب الحديث» كما سيأتي» 
وتراه أول المذكورات السبعة في كلام ابن العربي. 

وروئ مسلم''' عن أبي هريرة رضي الله عنه» عن النبي كَلِ: أنه ذكر 
ثلاثة أصناف من الناس » هم أول من يقضئ عليهم يدم القيامة» ثانيهم: 
«رجل تعلّم العلم وعلّمهء وقرأ القرآن» فأتي به» فعرقه نعمّه فعرفهاء 
قال: فما عملت فيها؟ قال: نقلت العلم وعدّمته» وقرأت فيك القرآن» 
قال: كذبت» ولكنك تعلّمت العلم ليقال: عالم» وقرأت القرآن ليقال: هو 
قارى”» فقد قيل» ثم أمر به فسّحب على وجهه حتى ألقي في النار». 


ونحوه عند الترمذي عن 5 هريرة أيضاء وبقصة طويلة» وينظر 


.)5١85( والترمذي‎ »)١51( ١517 :7 فى (صحيحه)»‎ )١( 





الإخلاص لله في طلب العلم 30> 
شرحهما فيما كتبته تحت الحديث الرابع «من صحاح الأحاديث القدسية». 

ونقلت هناك قصة من روائع قصص أهل الإخلاص» نقلتها عن 
اغيوية ‏ الأحازة: لاين ' في «وسيه إن" > “قال حامر سسلمة ين 
عبد الملك حصناًء وكان في ذلك الحصن تقب أي: فتحة في حائطه - 
فندب الناس إلى دخوله» فما دخله أحد» فجاء رجل من عرض الجيش - أي : 
لا يعرف فدخله ففتح الله عليهم الحصن. فنادئ مسلمة: أين صاحب 
النّقب؟ فما جاء أحد» فنادئ: إني قد أمرت الآذن بإدخاله ساعة يأتي» 
فعزمت عليه إلا جاءء فجاء رجل إلى الآذن» فقال: استأذن لي على 
الأميرء فقال له: أنت صاحب التّقب؟ قال: أنا أخبركم عنهء قاتئئ الآذن 
إلى مسلمةء فأخبره عنهء فأذن لهء فقال الرجل لمسلمة: إن صاحب 
لنب يأخذ عليكم ثلاثاً: أن لا تسوّدوا اسمه ‏ أي: لا تكتبوا اسمه بالمداد 
الأسود ‏ في صحيفة إلى الخليفة» ولا تأمروا له بشيء ‏ أي: من المال - 
ولا تسألوه: ممن هو؟ قال مسلمة: فذاك له» قال الرجل: أنا هو. 

فكان مسلمة بعد هذه الحادثة لا يصلي صلاة إلا قال: اللهم اجعلني 
مع صاحب النقب». 

والإخلاص: قال في تعريفه علماء السلوك والطريق إلى الله أقوالاً 
كثيرة» ومنهم الإمام الغزالي في «الإحياء»» والقشيري في «الرسالة)'"'» 
ومما ذكراه: قول أبي يعقوب السسّوسي: «الإخلاص: فَقْد الإخلاص». 


.١ا/7:١ «الإحياء»‎ )١( 
بشرح القاضي زكريا.‎ ١7 : و«الرسالة»‎ »7”81١:5 (؟)‎ 


5 الإخلاص لله في طلب العلم 


انك أن لل اتران الفسك متخلضا: وآخرها: «الإخلاص: دوام المراقبة: 
ونسيان الحظوظ كلها». 

ثم ذكر الغزالي حديث سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه'" قال: 
قلت : يا رسول لله » حدثني بأمر أعتصم به قال: «قل: قي الله » ثم 
استقم»؛ وقال الغزالي تمهيدا وشرحاً لهذا الحديث: «وإنما البيان الشافي 
بيان سيد الأولين والآخرين كلا وشرحه بقوله: «أي: لا تعبد هواك 
ونفسك» ولا تعبد إلا ربك» وتستقيم في عبادته كما أمرت» وهذا إشارة 
إلى قطع ما سوئ الله عن ممجرئ النظرء وهو الإخلاص حقاً». 

وكذلك فعَل الإمام ابن الصلاح ‏ ومن بعده ‏ فإنه ابتدأ معرفة آداب 
طالب الحديث: النوع الثامن والعشرين من «مقدمته» بقوله: «أول ما عليه: 
تحقيق الإخلاصء والحذرٌ من أن يتخذه وصلة إلى شىء من الأغراض 
الدنيوية». 

وذكر ‏ أي: ابن الصلاح - كلمة الإمام حماد بن سلمة رحمه الله 
5 ا بل 00 ١‏ 7 با 
تعالى: «من طلب الحديث لغير الله ا » وذكر كلمة الإمام سفيان 
الثوري رحمه الله تعالى: ما أعلم عملا هو أفضل من طلب الحديث» لمن 


01 1" و 
أراد الله به76 . 


للك الذي روأه مسلم )056-:١‏ والترمذي 2)551١(‏ والنسائى ,))١١59٠0(‏ 
)١(‏ وهي في «الجامع» لابن عبد البر »)١١87(‏ و«جامع» الخطيب .)5١(‏ 
(') وهى قريبة من لفظه الذي فى «شرف أصحاب الحديث» .)١7/5(‏ 











الإخلاص لله في طلب العلم / 


وذكر «الحديث» في كلمة حماد بن سلمة والثوريّ جاءت - والله 
أعلم على اناعلم العديه هو العلم الشائع الذائع آنذاك» ولا يعنيان نذا 
أن: من طلب علم التفسير مثلا لغير الله جاز له ولا يمكر به! بل معنى 
قولهما وقول غيرهما: مّن طلب العلم الشرعي - أي فنَ من فنونه - لغير الله 
فإن الله تعالى يمكر به» فلا يوفقه فيه» بل يخذله ويوقعه في خسران. 

وهذا في حق من يمحّض نيته فيه لغير الله أي: طَلَّب العلم لأمر 
معيّن يريده من الدنيا والمفاسدء وذلك كما روى جابر رضي الله عنه 
مرفوعاً: لا تَعَلّمُوا العلم لتُّبَاهوا به العلماء» ولا لتُماروا به السفهاء» ولا 
تكزؤا نه المجالين؟ فمن فعل ذلك فالنار النار»» وفيه كلام لا ين 

الترخص في عدم استحضار النية أول الأمر : 

أما من طلب العلم أول طلبه» ولم يستحضر فيه نية صالحة - لأ 
تعالى ‏ ولا نية فاسدة لغرض دنيوي فاسد» وتدارك هذا الطالب أمره بعد 
َقَمِنْ أن يتداركه الله تعالى بلطفه. 

فقد قال ابن عبد البر: باب الخبر عن العلم أنه يقود إلى الله تعالى على 


)١(‏ رواه ابن ماجه »)١04(‏ وابن حبان )581١(‏ من «التقاسيم والأنواع», 
والحاكم :١‏ 85 (710) وصححهء وفي الباب أحاديث مرفوعة» وآثار عن السلف 
موقوفة» تنظر في المصادر الثلاثة المذكورة» وفي «الترغيب» للمنذري »١١5 :١‏ 
و«اجامع» ابن عبد البر :١‏ 544 باب: ذم الفاجر من العلماء» وذم طلب العلم للمباهاة 
والدنياء و«جامع» الخطيب ١17 :١‏ : باب النية في طلب الحديث» وينظر أيضا شرح 
الحديث )884٠ »85501١(‏ من «فيض القدير» للمناوي. 


11 الإخلاص لله في طلب العلم 


كل حال» وروى عن حبيب بن أبي ثابت (9١١ه)‏ أحد أجلاء التابعين 
رحمه الله تعالى أنه قال''': «طلبنا هذا الأمر وليس لنا فيه نية» ثم جاءت 
النية بعد». 

وساق قبله من عدة طرق إلى الإمام مُعمر بن راشد البصري اليمني 
(154١ه)‏ رحمه الله تعالى مقولته المشهورة: «طلبنا العلم لغير الله فأبى 
أن يكون إلا لله». قال الإمام البدر ابن جماعة رحمه الله في كتابه النافع 
الماتع «تذكرة السامع والمتكلم»”'' وهو يتحدث عن آداب العالم مع 
طلبته: «الثاني: أن لا يمتنع من تعليم الطالب» لعدم خلوص نيته» فإن 
حي الددوومر لاني العلم» قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله 
فأبى أن يكون إلا لله قيل: معناه: فكان عاقبته أن صار لله» ولأن إخلاص 
النية لو شط في تعليم المبتدثين فيه» مع عَسْره على كثير منهم: لأَدَى 
ذلك إلى تفويت العلم كثيراً من الناس». ش 

والفاقع :الذي علي خل ار العلم من ني عبن فريية: أن الراسنة 
منهم يُوجه إلى طلب العلم من قبَّل والديه أو أحدهماء وليس له دراية في 
النية؛ وأهميتهاء وإخلاصها لله تعالى في طلب العلم» فحيئئذ تكون 
المسئولية ملقاة على عاتق والديه» فإن لم تكن من والديه فليكن التوجية 
ولفت النظر إليها من الشيخ. 

ولهذا قال الإمام ابن جماعة رحمه الله في تمام كلامه: «لكن الشيخ 


.)178٠( «جامع بيان العلم»‎ )١( 


(؟) صفحة ل/ا؟. 





الإخلاص لله في طلب العلم 538 


كِ 3 4 4 2 9 
يحرض المبتدى” على حسن النية بتدرج» قولا وفعلاء ويعلمه بعد أسه 
به: أنه ببركة حسن النية» ينال الرتبة العلية من العلم والعمل» وفيض 
اللطائف» وأنواع الحكمء وتنوير القلب» وانشراح الصدرء وتوفيق 
العزم ) وإصابة الحق» وحسن الحال» والتسديد في المقال» وعلو 
الدرجات يوم القيامة». 

قال الفاضل العَلَّمَوي في «المعيد في أدب المفيد والمستفيد)”": «لا 
ينبغي أن يمتنع من تعليم أحد لكونه غير صحيح النية» فالامتناع من 
تعليمهم يؤدي إلى تفويت كثير من العلم» مع أنه يرجى ببركة العلم 
تصحيحها إذا أنس بالعلم» وقد قالوا: طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون 
إلا لله معناه: كانت عاقبته أن صار لله). 

أهمية الإخلاص في نجاح الأعمال : 

هذاء وإن موقم الإخلاص من نجاح العمل موقع الروح من الجسدء 
فكما أنه لا فائدة من جسد لا روح فيه» فكذلك لا نجاح لعمل لا إخلاص 
معه. وإن الإكسير الذي خسره المسلمون في أعمالهم» هو الإخلاص لله 
تعالى فيهاء وخخير شاهد وتّرجمان على صحة هذه الدعوى هو تاريخ 
المسلمين على مدى القرون وطولهاء فكم أبدعوا من علوم ومعارف 
وحضارات» وكم أقاموا من دول وفتوحات» مع عدد وقد لا تذكر فى 
جنب ما لهم من عَدَد وعلدّة في هذه الأيام المتأخرة» لكنهم في تقهقر 
واندحار في كل المجالات التي أبدع فيها أسلافهم. 


.560 صفحة‎ )١( 


7 الإخلاص لله في طلب العلم 


وكم وكم من إمام مضى» قدّم إلى العلم والعلماء إنتاجاً ضخماً يعجز 
عن إخراجه مجامع علمية» مع أن بُعْد ما بيننا وبينهم من حيث الوسائل 
ا ا 
العلية! رضي الله عنهم وأرضاهم. 

هذا سوى ما ذفن معهم من علوم لا تدخل تحت الحصر. قال ابن 
فرحون في ترجمة الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الشارِمْساحي (589 - 
59) رحمه الله 'تعال 7" «ولي تدريس المدرسة المستنصرية» وكان أول 
من أنشأها الخليفة - المستنصر بالله -» وأمر الخليفة أن يحضر عنده جميعٌ 
المدرسين بجميع المدارس ببغداد» وجميع أرباب الدولة» وحجاب 
الدواوين» فحضروا...» وألقى عليه بعض العلماء مسألة بيوع الآجال» 
فقال: أذكر فيها ثمانين ألفّ وجه!! فاستغرب فقهاء بغداد من ذلك» فشرع 
يسردها عليهم» إلى أن انتهى إلى مئتي وجهء فاستطالوهاء وأضربوا عن 
سماعهاء واعترفوا بفضل الشيخ وسعة علمه». والحديث ذو شجون 
وفنول. 


)١(‏ في «الديباج المذهَب» ١/م”»,‏ وانظر كلام الآلوسى رحمه الله في روح 
المعانى» :١‏ 556» عما فى البسملة من وجوه المعانى والأسرار»ء فإنه ضرب من 
الخيال: 

وهناك ما هو مخطوط ومطبوع» لم يدفن معهم» ومنه كلام الإمام العبقري 
إسماعيل المقري الشافعي المتوفى سنة /479 رحمه الله تعالى» الذي تكلم على حكم 
استعمال الماء المشمّس من خخمسة ملايين وجه» ومئة وأربعة وثمانين ألف وجه!!» 
وأشد من هذا عقرية ؤغرانة أن مإبناشة كلام لأ عديد على ينعن اشظرا نظبوعا!: 








معرفة طالب العلم موقعه. ومهمته ا 


المَعْلّم الثاني 
معرفة طالب العلم موقعه» و مهمته 


إن معرفة طالب العلم أهمية ما يطلب» وشرفه ورفعة مقامه: لمن أهم 
الواجبات الأساسية التي ينبني عليها منهجه. وإن هذه المعرفة هي الثربة 
التي يزرع فيها غراسهء ليجني منها الثمار اليانعة: لهء» وللإسلام» 
والمسلمين في مستقبله. 

فهما أمران» وعلى طالب العلم أن يَقَدّر لهما قدرهما: 

أولهما : أن يدر شرف العلم الذي قدت قطرة من بحر فضله وعظيم 
مكانته في الإسلام» فعليه أن يكون على ذَكْر منه» وأن يكون على يقين أن 
ما قدّمثّه إنما هو قطرة من بحرء فيزاداد إعظاماً لشرف العلمء ويجب عليه ' 
فيد أن ينوك هذا الشرف العظيم: أن يبذل كل غال ورخيص لديه. 
ليحصل على هذا الشرف بجدارة واستحقاق» فقد اختاره الله تعالى للعلم 
من بين الملايين من الأمة المحمدية. 
( 


روى ابن ماحه» وجي وابن ا عن أبي عتّبة الخولاني رضي 


الله عنه» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يزال الله يغرس في 


)١(‏ ابن ماجه (8), وأحمد 5: »5٠١‏ وابن حبان )55١١(‏ من «التقاسيم 
والأنواع». 


7 معرفة طالب العلم موقعه. ومهمته 


هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته»» فما غَرّسك الله عز وجل إلا وقد 
اختارك. 

انيهما : أن يدرك شرف مهمته المستقبلية» فهو في المستقبل القريب 
- إن شاء الله - إمام بالمسلمين في صلاتهم لله تعالى» وخطيب عليهم. 
ومفت لهم» مبيّنَ لهم شرع الله في أمورهم الدنيوية والدينية. 

وعلى طالب العلم أن يفخر بفضل الله عليه» ولا يرئ نفسه ضعيفاًء 
ويرئ زميله في الدراسة الابتدائية - مثلاً - قوياً» وقد صار طبيباً» والآخر 
مهندساًء والثالث رجل أعمال» وبقي هو طالب علم» وإمامّ مسجدء 
تخطبب تجمفة! :عليه آنا يدرك اقفن الله علية: أن مره ونهيه وتحليله 
وتحريمه» من أمر الله العظيم ونهيه» ومن تحليل الله وتحريمهء يقول بقول 
لله» ويؤيده الله على قوله؛ فأيّ شرف أعظم من هذا الشرف! إنه في إمامة 
المسجد الوسيط بين العباد وربهم سبحانه وتعالئ» صلاتهم بصلاته» 
وصلتُهم بالله بصلتهء هذه هي المكانة المرموقة الحقّة لطالب العلم إذا 
عرف حقّ الله وحق العلم. 

إن الله تغالئ أنار للناس عامة الطريق إلى الإيمان به والعمل بشرغه: 
في كتابه الكريم» ولما كان لابدّ لهذا الكتاب الكريم من مبلغ وشارح له: 
أرسل رسوله محمداً يل مبلغاً وداعياً وشارحاًء ولكن محمداً كَل ممن 
تنطبق عليه من هذه الناحية ‏ ما ينطبق على البشر جميعهم: الحياة ثم 
الموت. فكان لابد لسيدنا رسول الله يكْهُ من خلفاء عنه ووراثا له 
فاقتضت حكمة الله تعالئ أن يكونوا هم العلماء» وعبّر كِ عن هذا المعنئ 
بقوله الكريم: «إن العلماء ورثة الأنبياء»» وليس فوق هذه الرتبة إلا رتبة 


معرفة طالب العلم موقعه. ومهمته . رف 


معها أو تسبقهاء تلك هي رتبة الخلافة عن الله عز وجل في تبليغ شرعه 
إلى الناس» فكان هذا الخليفة هو طالب العلم اليوم» وعالمَ الغدء ومفتي 
المستقبل. 

طالب العلم خليفة عن الله تعالى : 

وقد قال الإمام ابن القيم كلاماً نفيساً أنقله بطوله» قال رحمه الله" 
لولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلم بما يبلّغ» والصدق فيه؛ لم 
تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا إلا لمن اتصف بالعلم والصدقء فيكون 
عالماً بما يبلّغ» ضاذفا يه ويكون ‏ مع ذلك حسن الطريقة» مرضي 
السيرة» عدلاً في آقواله وأفعاله» متشابه السر والعلانية في مدخله 
ومخرجه وأحواله» وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا 
ينكر فضله» ولا يجهل قدره» وهو من أعلئ المراتب الستيّات؛ فكيف 
بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات؟!. 

افحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يُعدَ له عُدنهء وأن يتأهب له 
5 وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدره حرج من 
تركا الحق والضدع :يد فإن الله راضرهؤهاديه + :وك نوهو المتصب الذى 
تولاه بنفسه رب الأرباب فقال: 9# وَيِسَتَفْمُوتَكَ في م للَهُبْفْتِيحكُوَفِيوهنَ 
وَمَا يتل عَلِنَحَكُمٌ في الكتبٍ #4 النساء: 2١71‏ وكفئ بما تولاه الله تعالئ 
بنفسه شرفاً وجلالة إذ يقول في كتابه: #مَنْتَمُْوَكَ هل لله مُقْتِيحكمَ فى 


(1) في مقدمة كتابه «(إعلام الموقعين» ٠١ :١‏ 





:7و3 معرفة طالب العلم موقعه. و مهمته 


لْكَلدلَةِ 4 النساء: 0177 وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه» وليوقن أنه 

«وأول من قام بهذا المنصب الشريف: سيد المرسلين» وإمام 
المتقين» وخاتم النبيين عبد اللّه ورسوله وأمينه على وحيه » وسفيره بيئه 
وبين عباده»). انتهئ كلامه. 


0 


فنبّه رحمه الله إلى أن العالم المفتي إنما هو خليفة عن الله عز وجل 
الذي تولئ الإفتاء في بعض مسائل الأمة التي وجهت إلى النبي كله ومن 
هذا الملحظ سمَّى رحمه الله كتابه المذكور بهذا الاسم الخطير: «إعلام 
الموقعين عن رب العالمين»؛ أي: إن المفتي حينما يُصدر فتواه» ويمهر 
ختامها بتوقيعه» فإنما يوقع عن رب العالمين» رب الأرض والسموات» 
بأن ما أقوله لكم وأكتبه» هو قول الله تعالئ» وبالتالي هو قول رسوله كَل 


وهذه المرتبة العظيمة التى لا مرتبة تعدلهاء ينبغى لصاحبها أن يتصف 
بأعظم الصفات الكاملة» وقد أشار رحمه الله إلى بعضها. 

إن هذه المرتبة تستحق من طالبها أن يبذل للوصول إلى أدنئ مراتبها 
اعلوا و على ما غندة إنيا'مرقنة الخلافة سن الهو الووانة سيوك الله عله 
الصلاة والسلام» إنها حقاً أشرف المراتب وأعلئ المقامات. 
عن الله ملك الملوك وجبار السموات والأرض» فما هو مدئ الرفعة التى 
رفعه الله إليها؟! وإلى أي مدى يتوجب عليه أن يصون هذا الشرف الرفيع» 
ويحافظ عليه بروحه ودمه!!. 








معرفة طالب العلم موقعه؛ ومهمته 3,7 


إنه حقاً يجب على طالب العلم أن يعرف شرف العلم الذي يطلبه» 
وشرف المكانة التى بوأه الله إياها. 


وأيضاً: إن العلم عظيم .وشريف» فمن أعطاه حقه من التعظيم 
والتكريم؛ كرّمه العلم ورفعه ومن قصّر في حقه فإنه هو المهان لا العلم» 
العلم يبقئ عظيماً بتعظيم الله لهء لأن العلم الذي نحن بصدد الحديث عنه 
متمثّل في كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ والله عز وجل أجل 
من أن يترك كتابه وسنة رسوله عبثاً للمفسدين في الأرض. 


ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعَظما 
لحر أهانوه فهانوا ودنسوا محياه بالأطماع حم 1" 


() البيتان من قصيدة غالية للقاضي أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني 
(مدكرة رحمه الله تعالى» ذكر بعضها الخطيب بسئنده ف في الجامع» (855)) وذكرها 
كلها بسنده انها الإمام الاج السبكي في «معيد الصواححت الما السادس 
والأرتعوة) وال بعدها: «صدق هذا القائل» لو عظموا العلم لعَظّمهمء وأنا أقرأ 
قوله: لعظما: , شع البيزء إن الغلم ذا عط لمتلم م يعدو في ينه مطلي 4 .ولهدد 
أقول 000 ولكن الرواية ::فهان» ولعظمء ب بضم العين» والأحسن ما 


أشرت إليه). 


75 أهمية الذكاء في طريق العلم 


المَعْلَمِ الثالث 
أهمية الذكاء في طريق العلم 

اتفقت كلمات الأئمة على ضرورة توفر الذكاء» في طالب العلم: 
الشافعي» والعسكري» والماوردي» وإمام الحرمين» وتقدمت كلماتهم. 
وسكاة الشسكرى» التهن 'الثاقب ون القطنة بوالذكاءة.«وثقوت الله 
كندة الفظانة: 

أما الماوردي ففرق بينهماء فذكر: العقل» والفطانة» والذكاء. 

وأرى - والله أعلم ‏ أن من اقتصر على الذكاء: فإنما أراد هذه المعاني 
كلية؟: العقل ع والفظانةة:. :وسيزضة. الخاطل ٠»‏ والبديهة).. وترقن: الذهد 
وحضوره» وجودة القريحة والاستنباط» وما إلى ذلك من ألفاظ مختلفة» 
ومعان متقاربة. 

والذكاء : سرعة الفطنة» وحدة الفهم» وهذه المادة اللغوية» كما قال 
ابن فارس""' تدل على حدة في الشيء. 

والذكاء ذكاءان: وَهْبِي خلقي يولد عليه بعض الناسء وذكاء كُسبي» 
يتزايد مع عمر الإنسان وخوْضه غمار الحياة وتجاربهاء وكما أن الذكاء 
الوهبي يختلف من قويّ فأقوى» فكذلك الذكاء الكسسْبي يختلف في تزايده 


)١(‏ فى «مقاييس اللغة» ؟: /1ه". 


3 





أهمية الذكاء في طريق العلم يف 


من قوي إلى أقوى» حسب صلات كل فرد بالآخرين» وعمله الدنيوي» 
وقد يجتمعان معاً في شخص واحدء يولد ذكياً» ويزداد ذكاؤه بحكم عمله 
الدنيوي» من تجارات واسعة (رجال أعمال)» أو مهنة القضاء والمحاماة» 
ونحو ذلك» مما يتعرف به يوماً بعد يوم على واقع الناس المتشابك» 
فيكون كما قال ابن الرومي: 
التفعي بجر يار راي آخرٌ الأمرين من وراء المغيب 
ومن واجبات الشيخ وهو يعايش طلابه عاماً بعد عام: أن يتخيّر منهم 
النبهاء النجباء» ويركز عليهم» ويتعهّدهم ويتفقّد مصالحهم» ويسعى 
لكفايتهم» ليتفرغوا للعلم» فلا يضيعواء فيتم استثمار مواهبهم بإذن الله 
لك 
كما أن من واجبات الشيخ: أن يصبر على الصنف الثاني ذوي الذكاء 
والفهم الكسبي» فيستفيدٌ منهم فلا يُضيعواء وقد أثبتت الأيام أن من صبر 
عليه أستاذه بلغ درجة عالية جداً في العلم» ومنهم من كان إماماً. 
ومن أخبار من صبر عليه أستاذه فبلغ مبلغاً عالياً في العلم: ما جاء في 
«طبقات الشافعية»''' في ترجمة الإمام الربيع بن سليمان المرادي راوية 
الإمام الشافعي» قال السبكي: «قال القفال في «فتاويه»: كان الربيع بطيء 
الفهم؛ فكرر الشافعي عليه مسألة واحدة أربعين مرة» فلم يفهم» وقام من 
المجلس حياء فدعاه الشافعي في خلوة» وكرّر عليه حتى فهم»! ورضي 
الله عن الإمام الشافعي: في صبره وتحمّله» وفي ذوقه وأدبه اسه 


الب 1 


7 أهمية الذكاء في طريق العلم 


بوجو حير 

وقد جاء قبل هذا الخبر بسطرين: أن الشافعي قال له: ما أحبّك 
إلي1!ء وقال: ما خدمني أحد قط ما خدمني الربيع بن سليمان. وقال له 
يوماً: يا ربيع لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك. فليكن الإمام الشافعي 
قدوة كل أستاذ ومعلم. 


الحرص على الوقت وتحصيل العلم 7 


المَعْلّم الرابع 
الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


تعريف الحرص”*: قال الراغب فى «مفرداتة»: الحرض: فرط الشّره) 
وفرط الإرادة. أي: هو شدة الإرادة للشيء والرغبة فيه. فليس هو الرغبة 
فقطء بل هو شدة الرغبة فيه. 

والحرص يكون : 

دقان اوفك 

و 

ب - ويكون على تحصيل العلم من حيث العموم . 

ج - ويكون على اقتناص الفائدة أن لا تفوته ولا يكون هذا إلا بعلو 
الهمة في طلب العلم» وتحرّق شديد يأخذ على صاحبه لبه وفكره» ليل 
نهار حتى يصل به الحال إلى ما وصل إليه (عقلاء المجانين): 


مجانين إلا أن سر جنونهم خفيّ على أبوابه يسجل العقل"") 


(:*) الحديث عن الحرص بفروعه الثلاثة يتصل اتصالاً وثيقاً بالحديث عن المعلم 
الخامس: علو الهمة في طلب العلم» فتنظر هناك غرر من أخبارهم في هذا المجال. 

)١(‏ ومن هؤلاء: 

الإمام أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم  741(‏ 55) رحمه الله» نقل 
الذهبي في ترجمته من «السير» 508:١5‏ عن الحاكم في «تاريخ نيسابور» قال: 


ْم الحرص على الوقت وتحصيل العلم 
5 - أما الحرص على الوقت"'': فعلى طالب العلم - بل على كل 


«حضرت أبا العباس الأصم يوماً في مسجدهء فخرج ليؤذن لصلاة العصرء فوقف 
موضع المئذنة ثم قال بصوت عال: أخبرنا الربيع بن سليمان» أخبرنا الشافعي» ثم 
ضحك وضحك الناس » ثم أذن». 

ومنهم: الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي رت ؟١1")‏ 
رحمه الله» أسند الخطيب في «تاريخه» 5: 40: إلى العتيقى» عن ابن شاهين: أن 
الباغندي قام يصلي فكبّرء ثم قال: حدثنا أرق اتسيف بفقالة سم اله ارصم 
الرحيم» الحمد لله رب العالمين. 

ونقل هذه الرواية عنه ابن الجوزي في «المنتظم» 2550:17 ثم أسندها من وجه 
آخر إلى ابن المهتدي» عن ابن شاهين قال: «صليت خلف الباغندي فافتتح الصلاة» 
ثم قال: حدثنا لُوَيّْن. فقيل له: سبحان الله فقال: أنبأنا شيبان بن فروخ الأيلي» فقالوا: 
سبحان الله» فقال: بسم الله الرحمن الرحيم». 

ومنهم: القاضي أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمود النسفي الحنفي (ت )4١4‏ 
رحمه الله ترجمه ابن الجوزي أيضا في «المنتظم» 177:15 فقال: «كان عالما بالفقه» 
وكان فقيراً متزهداًء فبات ليلة مكروباً من الإضاقة ‏ أي: الحاجة والفقر -» فوقع له 
فرع من مذهبه فأعجب بهء فقام قائما يرقص في داره ويقول: أين الملوك وأبناء 
الملوك» فسألته زوجته عن حاله» فأخبرهاء فتعجّبت!!). 

وكأنه يتمثل حال الإمام محمد حين كانت تنحل له المشكلات»: وهو سهران 
الليل» فيقول: أين أبناء الملوك من هذه اللذات؟! كما سيأتي ص44١.‏ 

وأصل هذه الكلمة للإمام العارف القدوة إبراهيم بن أدهم (ت )١5١‏ رضي الله 
عنهء في قصة رواها أبو نعيم في «الحلية» 770:1 - :717١‏ «لو يعلم الملوك وأبناء 
الملوك ما نحن عليه من السرور والنعيم» إذا لجالدونا على ما نحن فيه بأسيافهم». 

)١(‏ أذكر الأخ القارى* الكريم بقراءة كتاب «قيمة الزمن عند العلماء» لفضيلة 
شيخنا سيدي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة» تغمده الله برحمته» مرة بعد مرة» فهو من 








الوص على اولك وتخصيل لاوج _ ا ا 11د 


مسلم ‏ أن يدرك عظم أهمية الزمن الذي وهبه الله تعالى لكل عبد» وأن 
كل دقيقة تذهب منه فإنما يذهب بها بعضهء ولا تعودء فعليه أن يملأها 
بما ينفعه دنيا وأخرى» ونَظّر الإمام ابن الجوزي رحمه الله إلى قوله جل 
شأنه في سورة قّ الآية 1 : #آإمَا يلْفِظٌ من مَل إلَا لديْهِ وك عَتِيدٌ 40 » فقال 
مخاطباً لولده في نصيحته المشهورة'": «إن الملكين يُحصيان ألفاظك 
ونظراتك» وإن أنفاس الحيّ خُطَاه إلى أجلهء فكل نفس يخرج منك» 
بمنزلة خطوة تخطوها إلى منتهى أجلك» وستصل إليه»» فليتدبر العاقل. 

وهاه ستل كان كترفان له أرليها اداج وفانيتنا لاحل » وادان 
الثائن تهما» وبالتدين والتعقن لهما: أهل العلم وطلابه. 

أولهما : ما رواه ابن أبي شيبة!'"' عن عمرو بن ميمون مرسلا» ورواه 
الحاكم موصولاً عن ابن عباس» وصححه على شرط الشيخين» ووافقه 
الذهبي: «اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك» وفراغك قبل 
شَخْلك» وغناك قبل فقرك» وشبابك قبل هرمك» وصحتك قبل سَقمك». 

وكل واحدة من هذه الوصايا النبوية الخمسةء هي في حينها 
لصاحبهاء من أنفس ما يتواصى به المتواصونء وأهم ما يتناصح به 
المتناصحون؛ فكيف بها مجتمعة صدرت من وحي النبوة الكريم» على 
صاحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم؟ فهي من أغلى ما يقدم هدية ثمينة لكل 


خير الحوافز له على هذه المعانى. 
() «لفتة الكبد إلى نصيحة الولد) ص8. 
(؟) فى «مصئّفه) (6157") بإسناد قوى» والحاكم (9/855). 
في بإسناد قوم كم 


م الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


طالب علم خاصة» ولكل مسلم عامة» «والنصح أغلى ما يباع ويوهب). 
باغتنام نعمة الحياة ‏ فقط - قبل 1 00 
فقط - قبل أن يدهمه الشتغل - وكذلك النُّمٍ الثلاثة الأخرى كل على 
-؛ فكيف يكون واجب هذا الطالب حول كل سنك - إذا كان ممبّعاً 

0 

ا ف لاقام كد سو 0 

وثانيهما : ما رواه الترمذي عن أبي برزة الاسلمي رضي الله عنه» 
عن النبي صلى الله عليه وسلم: ١لا‏ تزول قَدّما عبد يوم القيامة حتى يُسأل: 
عن عمره فيم أفناه» وعن علمه فيم فعل» وعن ماله من أين اكتسبه وفيم 
أنفقه, وعن جسمه فيم أبلاه). 

فإذا كان هذا حال كل مسلم ‏ وكل طالب علم -: لن يبرح من مكانه 
يوم القيامة» حتى يسأل عن أركان نعمه الدنيوية: بماذا ملأهاء وكيف 
تصرف بهاء والسائلٌ المحاسب له هو رب العالمين» الذي لا تخفى عليه 
خافية » ليد كل منا الخد والنجواب الذي يعتقن أن الله سيغيلة تمته. 

ومعلوم عن عالّم السؤال في الآخرة: أن السؤال يكون تفصيلياً لا 
إجمالياً» فهذا مما يزيد المسلم المسئول اهتماماً بأمره وعاقبته» ونسأل الله 

0 
العافية . 


0 101ظ2ظ5ظ5 
الله لمكا د 





الحرص على الوقت وتحصيل العلم م 


وأقول لأخي طالب النجاح والفلاح» والنبوغ والرفعة إلى مقام علمي 
نبيل» أقول ناصحاً مرشداًء وممسكاً بإصبّع يدهء واضعاً لها على سر 
ذلك: إنه أمران» أولهما : منك» مار الطلب» واغتنامٌك 
لحظات حياتك. 

وثانيهما : من الله تعالى الكريم المنعم المتفضل» وهو توفيقه لك» 
وتوفيقٌ الله لك لا يتخلّف عنك أبداًء وقد علم منك الإخلاص» والصدق 
في الطلب» والتحرّق فيه. فإذا التقى الأمران كان بإذن الله وفضله ‏ العالم 
الرباني» والإمامً القدوة. 

وأقول له آيفتاً: إن هذه (الكلئنات) تخليك عن كتن: لاعن كتابة 
وإن الله تعالى يقول: #وَءَاتَكُ يَن حكُلٍ مَا سَأَلْْمُوهُ # إبراهيم: 275 أي: 
بلسان المقال أو بلسان الحال» فكن على ثقة تامة أن الله تعالى سيتكرم 
عليك ويعطيك سؤّلك. 

وسيّر العلماء العاملين» والأئمة الربانيين» منارات الهدئ والفضائل: 
هي عير ددر ويذكر في هذا المقام: مقام الحرص على الوقت» وغيره 
من أحوال طالب العلم كلهاء وطالب كل خير 

من أقوال العلماء في قيمة الزمن : 

ومن الأئمة الذين كانوا على حرص شديد لكسب وقتهم: الإمام أبو 
الفرج ابن الجوزي رحمه الله تعالى» ومما قاله في هذا المعنى""': إني 


. بين العلم والعمل) ص17‎ - 7١( في كتابه «صيد الخاطر» تحت الخاطرة‎ )١( 


1 1 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


لأقول عن نفسي: إنني رجل حبّب إلي العلم من زمن الطفولة» فتشاغلت 
آي فاتعدلم بده ثم لم يحبّب إلي فن" واحد منه» بل فنوثه. ثم لا 
تقتصر همتي في ف على بعضهء بل أروم استقصاءه. والزمانٌ لا يسعء 
والزمان أضيق..». 

وقال تحت الخاطرة  ١77(‏ دواء البطالين): «لما رأيت أن الزمان 
أشرف شيء» والواجب انتهابه بفعل الخير: كرهت ذلك - أي زيارة 
الزائرين له» البطالين - وبقيت معهم بين أمرين: إن أنكرت عليهم وقعت 
وحشة» لموضع قطع المألوف» وإن تقيّلتُه منهم ضاعء فصرت أدافع 
باللقاء جهدي» فإذا غلبت قصّرت في الكلام لأتعجّل الفراق» ثم أعددتٌ 
أعمالاً لا تمنع من المحادثة» لأوقات لقائهم» لثلا يمضي الزمان فارغاً 
فجعلت من الاستعداد للقائهم: قط الكاعد ‏ الورق -», وبري الأقلام 
وحزم الدفاتر» فإن هذه الأشياء لا بد منهاء ولا تحتاج إلى فكر وحضور 
قلب» فأرصدتها لأوقات زيارتهم لكلا يضيع شيء من وقتي. نسأل الله أن 
يعرفنا شرف أوقات العمر»ء وأن يوفقنا لاغتنامه». 

ثم قال بعد أسطر: «فعلمت أن الله تعالى لم يُطْلع على شرف العمرء 
ومعرفة قدر أوقات العافية إلا من وفّقهء وألهمه اغتنام ذلك» #إوما َقبي 
دحَظٍ عَظِيمٍ 14 فصلت: ه". ش 


ووه مجك ايف ).وهاه التطابينة ماقتس ركان ارقف 
استطاع الاطلاع على كبرى المكتبات العامة التي كانت في بغداد عاصمة 
الخلافة لمدة أربعة قرون - بالنسبة لتاريخه ‏ قال رحمه الله تحت الخاطرة 
00 - القدماء أصحاب همم عليّة): «إني أخبر عن حالي: ما أشبع من 





الحرص على الوقت وتحصيل العلم هم 


مطالعة الكتب» وإذا رأيت كتاباً لم أره فكأني وقعت على كنز» ولقد 
نظرت في تبت - أي: فهرس - الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية» فإذا 
به يحتوى على نحو ستة آلاف مجلدء وفي ثبت كتب - مدرسة - أبي 
حنيفة وكتب الحميدي» وكتب شيخنا عبد الوهاب - الأنُماطي -» وابن 
ناضوت السّلامئ شه وكتب أبي محمد ابن الخشّاب» وكانت أحمالاً» 0 
ذلك من كل كتاب أقدر عليه» ولو قلت: إني طالعت عشرين ألف مجلدء 
كان أكثرء وأنا بعد في الطلب)”". 

وفي مؤرّخي المغرب: أبو الحسن علي بن موسى بن محمد بن عبد 
الملك بن سعيد» ويعرف بابن سعيد» صاحب «المْزب في حل 
المذرنت) وكانت وفاته سنة 545 رحمه الله» ترجم لأبيه فقال''"': 
ادخلت عليه في يوم عيد» وهو في جهد عظيم من الكنب» فقلت له: يا 
سيدي» أفي هذا اليوم لا تستريح؟ فنظر إلي كالمغضب وقال: أظنك لا 
تفلح أبداً! أترى الراحة في غير هذا؟ والله لا أحسب راحة تبلغ مبلمّهاء 
ولوددت أن الله تعالى يضاعف عمري حتى أتم كتاب «المغرب» على 
غرضي»» رحمه الله تعالى» ولم يتم الكتاب» فأتمه ولده المذكور. 


هكذا العزائم والهمم» وإلا فلا: 


)١(‏ يُنظر: هل مراده: ما زلت في مرحلة طلب العلم؟! أو: ما زلت في طلب 
المزيد من الكتب والمصنفات لمطالعتهاء لم أقض أربي وتَهْمتي من العلم؟ وهذا 
أقرب. 

(؟) كما في «نفح الطيب» ؟: 717"5. 


45 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


هم الرجال» وعيبٌ أن يقال لمن لم ينّصف بمعاني وصفهم: رجل 

وصدق الإمام ابن عطاء الله الإسكندري إذ قال في ااحكمه) : «من لم 
تكن له بداية محرقة» لم تكن له نهاية مشرقة». 

ومن أخبار حرصهم رحمهم الله على الوقت : - ويدخل في الفقرة 
التالية: حرصهم على اغتنام الفائدة -: ما حكاه الذهبي”' عن أحمد بن 
علي الرقّام: أنه سأل الإمام ابن الإمام: عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: 
كيف اتفق له كل هذا السماع والمسائل لأبيه؟ فقال: ربما كان أبي ‏ يأكل 
وأقرأ عليه» ويمشي وأقرأ عليه» ويدخل الخلاء وأقرأ عليه'"'. ويدخل 
البيبت في طلب شيء وأقرأ عليه! !». 


وكان الأمر بين الابن وأبيه على هذه الحال إلى قبيل ساعة الوفاة. قال 
ارم ابي حاته'” في ترجمة عقبة بن عبد الغافر الأزدي: «سألت أن وهو 
في التَرّع عن عقبة بن عبد الغافر: هل له صحبة؟ فقال: لاء بلسان 
مسكين»! فانظر إلى الابن ما أحرصه على الاستفادة» وإن أثقل على أبيه 


.5601 :11* في «السير»‎ )١( 

(1) ينظر: هل المعنى: يقرأ عليه وهو ماش يريد دخول الخلاء» أو أنه يفعل كما 
كان الإمام المجد ابن تيمية الجد يقول لابنه عبد الرحمن إذا دخل الخلاء: «اقرأ في 
هذا الكتاب وارفع صوتك حتى أسمع» حكاه ابن رجب في «ذيل طبقات الحنابلة» ؟ : 
5 كلاهما محتمل» والله أعلم. 

وقذغاق النحافظ ابي رحيه عل هذا الننن بقرلده ةيدل تقل اقرة خرضة. * 
على العلم وحصولهء وحفظه لأوقاته». 

() في «الجرح والتعديل» 5 .)١747(‏ 





الحرص على الوقت وتحصيل العلم /اى/ 


وانظر إلى الأب ما أحرصه على الإفادة: لم يبخل بها ولم يتضجّر من ابنه» 
وهو في هذه الدقائق الأخيرة من حياته» فرضي الله عنهما وعن سائر علماء 
الإسلام. 

ونقل أبو هلال العسكري”"" عن الإمام العبقري الخليل بن أحمد 
الُراهيدي رحمهما الله تعالى قوله: «أثقل ساعات علي ساعة آكل فيها!». 

وكان في عصره الفقيه الزاهد العايد داود الطائي رحمه الله فقد روى 
أبو نعيه'": أن داية (قابلة) داودَ الطائي قالت له: «يا أبا سليمان» أما 
تشتهي الخبز؟ قال: يا داية» بين مضغ الخبزء وشُرب الفتيت قراءة خمسين 
أية»). 

وقال ابن الجوزي”” في ترجمة أبي الوفاء ابن عقيل الحنبلي صاحب 
«الفنون» ‏ وما أدراك -: رأيت بخط ابن عقيل يحكي عن نفسه: (إني لا 
يحل لي أن أضيع ساعة من عمري» حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة 
ومناظرة» وبصري عن مطالعة» أعمل فكري في حال راحتي وأنا 
مستطرح » فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره» وإني لأجد من حرصي 
على العلم وأنا في عَشْر الثمانين» أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين!». 


5 عه لي 010 دن 5 5 5 . 
وقال ابن الجوزي 6ن في تر جمة العالم الوزير ابن الوزير: أبي 


)١(‏ في جزئه «الحث على طلب العلم» ص1/ 
(؟) في «الحلية) /ا: .70٠‏ 
() في «المنتظم) /ا: .1481١‏ 
(4) في «المنتظم» /!1: 57. 





14 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


شجاع محمد بن حسين الأهوازي» أنه كان مبتلى بالوسوسة في الطهارة» 
فكتب إليه ابن عقيل ينصحه ويعاتبه على ضياع الوقت والماء: «إن أجل 
محصول عند العقلاء» بإجماع الفقهاء: الوقت». فهو غنيمة يُنتهز فيها 
روي والتكاليف كثيرة» والأوقات خاطفة» د به الماء..» فإن 
خطر بالبال نوع احتياط في الطهارة» فإنه يفوت من الأعمار ما لا يفي به 
الاحتياط في الماء الذي أصله الطهارة». 

ونقل الحافظ ابن رجب"'' عن كتاب «الفنون» لابن عقيل نفسه قوله 
عن نفسه: «قال حنبلي ‏ يعني نفسه -: أنا أقصر بغاية جهدي أوقات أكلي» 
حتى أختار سف الكعك وتحسيه بالماء» على الخبزء لأجل ما بينهما من 
تفاوت المضغ» توفّراً على مطالعة» أو تسطير فاتدة لم أدركها». 
وحكى ابن أبي أُصيبعة" عن الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله أنه 
قال: «والله إنني أتأسف في الفوات عن الاشتغال بالعلم في وقت الأكل» 
فإن الوقت والزمان عزيز). 

وقال الذهبي في ترجمة الإمام النووي رايهنا ا الال شيع 
وقتاً لا في ليل ولا في نهارء إلا في الاشتغال» حتى في الطّرق. .» وكان 
يأكل في اليوم والليلة أكلة؛ ويشرب شربة واحدة عند السحر). 


)١(‏ في «ذيل طبقات الحنايلة» :١‏ 6؟"3. 
(؟) فى «عيون الأنباء فى طبقات الأطباء» 7: 5". 
(") فى «تذكرة الحفاظ) 5 : ؟51/7١.‏ 








الحرص على الوقت وتحصيل العلم 4/ 


وقال الحافظ ابن عساكر''' في ترجمة الإمام أبي الفتح سليم بن أيوب 
الرازي رحمه الله تعالى: «حَدّثت عنه أنه كان يحاسب نفسه على الأنفاس» 
لا يدع وقتا يمضي عليه بغير فائدة» إما ينسخ, أو يدرّسء أو يقرأء 
وينسخ شيئاً كثيرً» ولقد حدثني عنه شيخنا أبو الفرج الإسفرايبني: أن أبا 
الفتح نزل يوماً إلى داره ورجع فقال: قد قرأت جزءاً في طريقي. قال: 
وحدثني المؤمّل بن الحسن: أنه رأى سّليماً حَفِيَ عليه القلم - أي: رق ولم 
يَعْدْ يصلح للكتابة به فإلى أن قَطَّه ‏ أي: أصلحه للكتابة ‏ جعل يحرك 
شفتيه» فعلم أنه يقرأ بإزاء إصلاحه القلم» لثلا يمضي عليه زمان وهو 
فارغ». رحمه الله تعالى رحمة واسعة. 

ومثلّه وأبلغ منه في الحرص على الخير والإفادة: ما أسنده ابن أبي 
العوام'' إلى الإمام أحمد قال: «كان ابن المبارك يطوف البيت ويقول: 
فلان قوي» وفلان ضعيف». أي: يشتغل بعلم الجرح والتعديل» وهو في 
الطواف! فهذا جمع لعبادتين في آن واحد. 

وحكى السخاوي'" عن شيخه الحافظ ابن حجر رحمهما الله تعالى قال: 
«كان رحمه الله إذا جلس مع الجماعة بعد العشاء وغيرها للمذاكرة» تكون 
السّحة داخل كمّه بحيث لا يراها أحد» ويستمرٌ يديرها وهو يسبّح أو يذكر» 
غالب جلوسه؛ وربما تسقط من كمّهء فيتأثر بذلك» رغبة في إخفائه». 


)١(‏ في «تبيين كذب المفتري» ص7717. 
(؟) فى «فضائل أبى حنيفة» (51/4). 
فر فى «الجواهر والدرر» ١١لا .١‏ 


3 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


وذكر قبل ذلك بقليل"'' أن الحافظ أقام بدمشق مئة يوم» من ١؟‏ من 
رمضان سنة 2807 إلى أول يوم من المحرم سنة 2807 وذكر ما قرأ فيها 
فخا الكتنومة متسعةة و31 عملنها اقفر تاكلين كلد ا فيكم كرون 
نحو أربع مئة وخمسين جزءاً حديثية”"'» خارجاً عن الأجزاء الحديثية: 
وهي تزيد على هذا المقدار». 

وذكز أنه كدب قط هرم الأدزء الشدية روالفواقك «الغزية مان 
مجلدات فأكثرء وعمل «أطراف أحاديث: كتاب «المختارة» للضياء 
المقدسي في مجلد ضخمء قال السخاوي: «ولو لم يكن له عمل في طول 
هذه المدة إلا هي» لكانت كافية في جلالته». 

ب - أما الحرص على تحصيل العلم 

ج - وكذلك الحرص على اغتنام الفائدة الواحدة خشية فواتها 

فهذا المعنى هو الذي أراده الإمام البخاري رحمه الله تعالى» فيما 
حكاه الحافظ”" عن وراق البخاري» واسمه محمد بن أبي حاتم الوراق» 
قال: «بلغني أنه شرب البلاذر”»» فقلت له مرة في خلوة: هل من دواء 


.١5١ :١ «الجواهر والدرر»‎ )١( 

(؟) والجزء الحديثي يقدّر بأربعين صفحة» قاله الذهبي في «السير) :7١‏ 008. 

(7) في «(مقدمة الفتح») ص/ا/ة -/58. 

8 الااترانقيرة سو كاري الظيره وتوت الخد إلى النيؤاة :«وقي و الله عسي 
شبيه بالدم» وهو نافع للنسيان وذهاب الحفظ. كما في «الجامع» لابن البيطار :١‏ 
5 » و«المعتمد» للملك المظفر ابن رسول ص١”"»‏ وكانوا يستعملونه لقوة الحفظ. 








الحرص على الوقت وتحصيل العلم 13 


للحفظ؟ فقال: لا أعلم» ثم أقبل علي فقال: لا أعلم شيئاً أنفم للحفظ من 
تهمة الرجل» ومداومة النظر». 

أما مداومة النظر: فسيأتى الحديث عنها إن شاء الله”) 

وأما النّهمة: فهي شدة الحرص على الشيء» ومعلوم أن م كانت 
همه في العلم فإنه لا يشبع منه» كما جاء في حديث أنس رضي الله عنه» 
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «منهومان لا يشبعان: منهوم في علم لا 
شع » وما فم دنيا لا 0 
يسيع 0و مهوم فى إدنيا 3 يسيع 

ومن أخبار تهمتهم في العلم رضي الله عنهم: ما جاء'" أول ترجمة الإمام 
الكبير إبراهيم بن الحسين ابن ديّزِيل الهِمّذاني - أحد أقران الأئمة: البخاري 
ومسلم وغيرهما ِ-6 قال الذهبي: 20 1 سيفنه ؛ وسيفنّه : طائر ببلاد 
عو 3 انيف عو تمر إلا اقل ورقها حن لماه فكذلك كان 
عسي ا 


والإكثار منه ضارٌ» وممن تضرر به: البلاذري صاحب «فتوح البلدان». 

.١5١ص في المعلم الثامن‎ )١( 

(؟) رواه الحاكم (؟١7)‏ وقال: صحيح على شرطهما ولم أجد له علة» ووافقه 
الذهبي» لكن فيه عنعنة قتادة عن أنس. 

(*) في «السير» 11 : 186. 

(5) في تاريخه /ا: .٠١7‏ 


0 0 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


العقوفئ ,يمكة لنبنة #517 وعقمة اللا تعالق م #وهما عتاة فق كريجيع"'" فول 
تلميذه ورفيقه في طريق الحج: الإمام أبي عبد الرحمن التلض: «ولما 

دخلنا البادية كان كلما نزل عن راحلته في سيره لا تفارقه المحبرة والمقلّمة 
والبياض أي: الورق -» فقلت: أيها الأستاذ: : في هذا الموضع كاي 
يخففون عن أنفسهم!! فقال: أبا عبد الرحمن» ربما أسمع شيئاً من جمّال 


يه 


أو غيره حكمة» أثبته كي لا أنسى). 

وأسبقٌ منهما: قتادة بن دعامة الإمامٌ في الثُورين: الكتاب والسنة» مع 
شيخه الإمام العَلّم سيد التابعين سعيد بن المسيّب رضي الله عنهم» أيامٌ 
محنة عامل المدينة المنورة لسعيد حين توقف عن إعطاء البيعة لولدي 
عبد الملك بن مروان: الوليد وسليمانَ» فأقام العامل سعيداً في الشمس 
وضربه ستين سوطأء أو أكثر أو أقل» وسعيلً في هذه الحال» قال قتادة: 
لأتيت سعيد بن المسيّب» وقد 0 بان شعر - سراويل قصيرة لستر 
العورة الغليظة - وأقيم في الشمس فقلت لقائدي - وكان قتادة أكمه -: 
أذنني منهء فأدناني» فجعلت أسأله» خوفاً من أن يفوتني» وهو يُجيبني 
حسبة» والناس يعجبون»''". 

وقال العسكري”'": «حكي عن ثعلب - إمام الكوفة في اللغة العربية - 
أنه كان لا يفارقه كتاب يدرسهء فإذا دعاه رجل إلى دعوة شَرَّط عليه أن 


.١١9 صفحة‎ )١( 


(؟) كما فى «حلية الأولياء» 7: .١7/١‏ 
(*) في «الحث على طلب العلم» ص'/الا. 





ا مها 


يوسع له مقدار مسورة - محَدة - يضع فيها كتاباً ويقرأ. وكان أبو بكر 
الخياط النحوي ‏ من علماء أواخر القرن الثالث - يدرس جميع أوقاته. 
حتى في الطريق» وكان ربما سقط في جِرّفء أو خبطثه دابة! وكان ابن 
الفرات لا يترك كل يوم إذا أصبح أن يحفظ شيئاً وإن قلّ. وسأل رجل أبا 
حنيفة عما يُورث الحفظء فقال: البزر البزر. - يريد: زيت السراج» يريد: 
السهر في العلم . ونحرٌ ذلك: أن رجلاً قال لسقراط: كيف حفظت هذا 
العلم الكثير؟ فقال: أوقدتٌ من الزيت أكثر مما شربت من الماء!!». 

يندع الأعاه شعن الأندة النك عطي ا المقوة ا تعن 1 
رسي لهال تخرى وله ونه آنين عليه ار لكف أرط عايه درف 
فحبسه في الجب» فخاف عليه تلامذته أن يقضى عليه أمرء فتفاوضوا معه 
على أن يجلسوا عند فم الجب» وهو يُملي عليهم شرحاً على كتاب 
«الكافي» للحاكم الشهيد» الذي جمع فيه كتب الإمام محمد بن الحسن 
الشيباني الستة المعروفة بكتب «ظاهر الرواية»» فأجابهم إلى ذلك» وأملى 
عليهم كتابه الشهير «المبسوط»» المطبوع في ثلاثين جزءاء وبعد أن فرغ 
منه أملى عليهم كتاباً في «أصول الفقه» طبع في مجلدين» ثم بدأ بإملاء 
شرح مستقل على «السّير الكبير» للإمام محمد» فأملى عليهم من المطبوع 
مجلدين أيضاًء ثم أذن الله تعالى بالفرج» فأتم شرحه في مديئة قَرغانة. 

وكان إملاء ذلك عليهم من حافظته دون رجوع إلى كتاب» ورضي الله 
عن هذه 7المكتبة المتنقلة)7". 


14 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 
فلم يكن الجن أو التعذيب عائقاً للمستفيد» ولا عاتقاً للمفيد» عن 
الاستفادة والإفادة. 
وتقدم شيء من هذا القبيل في أخبار الإمام أبي حاتم الرازي وابنه 
رحمة اللّه ال 3 


في ربوع اه مشق) » ومما فيه و سماعات لبعض الأجراء 
الحديثية التي تم سماعها ف و 

- سماع على شيخ قبل وفاته بأربعة أيام. 

- آخر فيه: الونحن سائرون على الدواب إلى النيرب.. من غوطة 
دمشق)» يعنى: إلى النزهة. 


00 

5 سماع (اسنة خمس وثلاثين وسكت مئة بظاهر دمشق » وهى 
محصورة» فى حال حرب وحصار. 

- سماع «سنة خمس وسبع مئة بقرية الكسوة عند تلقي الحاج». 

- سماع «سنة اثنتين وخمسين وست مئة بحمام الصوفي بدرب الفراش 


من دمشق). 


)١(‏ صفحة لا/. 
)فى هذه الصفحات المتفرقة على الترتيب: ص1:77 .2 ملاق كلاق ثلاةء 
ارق *"ازرةق)2 26585 كمرقف ذف نلف وذه. 





الحرص على الوقت وتحصيل العلم 04 


- سماع لجماعة كانوا في الحج سنة 2157 ومعهم بنت في السنة 
الخاصدة يو مره 

- سماع لأسرة خرجت إلى نزهة في قرية مقرى من غوطة دمشق» 
ومعهم بنت في السنة الثالثة من عمرهاء مؤرخ سنة 1/77. 

- سماع لجزء كان أصحابه في السفينة من الجيزة إلى القاهرة سنة 
لوالا 

- سماع لجماعة أحضر معهم طفل وهو في اليوم الخامس من عمره 
وهو في حجر أمه. 

- سماع لجماعة أخرى» أحضر معهم فاطمة بنت الإمام البرزالي» 
ولها من العمر ة [شهرب لا 6 أشهرات: 

وفي كل هذه السماعات: معنى ناطق بالحرص على شَغْل الوقت 
بالعلم» سواء في الرخاء» ككونهم في متنرّه» أو في شدة» ككون دمشق 
محاصرة» أو في سفر قريب: من الجيزة إلى القاهرة» أو من دمشق إلى 
النيرب» من الغوطة» أو هم في خروج إلى ظاهر البلد لتلقي الحجاج. 

وفي هذه السماعات: معنى ناطق أيضاً بالحرص على أن تشمل بركة 
العلم الشريف - وخاصة الحديث النبويً الشريف - أطفالهم الصغار: 
مولود له من العمر خمسة أيام» وآخر له من العمر ثمانية أشهرء وآخر 
عمره تسعة أشهرء ومما لا يحتاج إلى بيان: أن إحضار هؤلاء كان لتنالهم 
بركة العلم الذي أخذ حبّه على أهليهم مشاعرهم وأحاسيسهم» وعلى أمل 


15 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


قل كرك (ريكان انعد الباترل) "١"‏ للقق ان مقيلة فوته 
وما كانت الشدائد في يوم من الأيام - على اختلاف أنواعها ‏ عائقاً أو 


حائلاً بين العلم والعلماء» بل كان اشتغالهم بالعلم سّلواناً لهم عن كل 
مصيبة» وبلسماً شافياً لكل آلامهم» وقدّمت قبل قليل”" خبر الإمام 
السرخسي وهو في الجب» وخبر قتادة مع سعيد بن المسيّب وهو يُجلّدء 
٠.‏ ا 5 ٠.‏ 1 ا 
وخبر أبي حاتم الرازي وروحه تنرع منه!!. 

وقد كان من دعاء الشيخ الإمام أبي محمد الجويني والد إمام الحرمين 
رضي الله عنهماء في القنوت في الفجر: «اللهم لا تَعْقنا عن العلم بعائق» 


ولا تمنعنا عنه بمانع. مير امي 


مدارستهم للعلم حتى في ساعات احتضارهم : 
1 04 او 5 و 
وروى ابن أبي العوام '' عن الإمام أبي نعيم الفضل بن ذكين الثقة 
التبّتء أحد كبار شيوخ الإمام البخاري طبقة وحجيّةء أنه قال: «دخلت 
على زُفر ‏ أحد أجلاء تلامذة الإمام أبي حنيفة ‏ وقد احتْضِرَ» وهو يقول: 


)١(‏ انظر سبعة أبيات رائعة لحافظ إبراهيم افتتحها بهذا النداء ضمن قصيدته 
«تحية العام الهجري 211717 هي في (ديوانه» ؟: لال وآخر هذه الأبيات السبعة: 
رجال الغد المأمول إن بلادكم تناشدكم بالله أن تتذكروا 
عنيعن سترق للا احليا مدووفي الغلمة لالووفى عدون 
(؟) صفحة 97, 45 0ق. 
() حكاه السبكي في «الطبقات» ه: 5ل. 
(4) في «فضائل أبي حنيفة» (181). 


الحرص على الوقت وتحصيل العلم /0 


في حال لها مهرء وفي حال لها ثلثا مهر). فهو يدرس في حال احتضاره» 
في نفسه مع نفسه» صورة من صُور مسائل الفقه. 

ثم روى”" نحو هذا عن الإمام أبي يوسف القاضي أشهر تلامذة أبي 
حنيفة» فأسند إلى إبراهيم بن الجراح قوله: «مرض أبو يوسفء» فأتيته 
أعوده» فوجدته مُّخْمّى عليه فلما أفاق قال لي: يا إبراهيم» ما تقول في 
مسألة؟ قلت: في مثل هذه الحالة! قال: ولا بأس بذلك» لعله ينجو به 
ناج. ثم قال: يا إبراهيم» أيُما أفضل في رمي الجمار: أن يرميها ماشياً أو 
راكباً؟ قلت: اها قال: أخطأت» قلت: ماشياء قال: أخطأت» قلت: قل 
فيها رضي الله عنك! قال: أما ما كان يُوقف عنده للدعاء: فالأفضل أن 
يرميه ماشياًء وأما ما كان لا يوقف عنده: فالأفضل أن يرميه راكبأء ثم 
قمت من عنده» فما بلغت باب داره حتى سمعت الصّراخ عليه» وإذا هو 
قد مات. رحمة الله عليه». 

وقال الرّرنوجي رحمه الله''': «قيل: رئي محمد رحمه الله في المنام 
بعد وفاته» فقيل له: كيف كنت في حال النزع؟ فقال: كنت متأملاً في 
مسألة من مسائل المكاتّب» فلم أشعر بخروج روحي». 

وختم الحافظ ابن عساكر ترجمة الإمام أبي مسعود الرازي بهذا 
الخبر» قال'": قال محمد بن يوسف البنا: رأيت أبا مسعود أحمد بن 


(1) ابن أبي العوام أيضاً (0770. 


(؟) في «تعليم المتعلم» ص 84. 


(*) فى «تاريخه)» 0: /اه. 


3 الحرص على الوقت وتحصيل العلم 


الفرات في النوم ‏ بعد وفاته ‏ فجعل يقول: حدثناء وأخبرناء فقلت: يا أبا 
مسعودء وفي الآخرة أيضاً: حدثناء وأخبرنا؟! قال: نعم» وفي الآخرة: 
حدثنا وأخبرنا. 

وكان من علماء بلدي الأول مدينة حلب» أنقذها الله وسائر بلاد 
المسلمين من الفتن ‏ عالمان كبيران» هما من مشايخ مشايخي جميعهم 
فيها بلا استثناء: العلامة الفقيه الشافعي التقي النقي الرباني الشيخ محمد 
سعيد الإدلبي 20217172١ - ١788(‏ والعلامة المحدث المؤرخ ناشر نفائس 
تراث السنة وعلومهاء آنذاك» الشيخ محمد راغب الطباخ  1١١97(‏ 
9 رحمهما الله تعالى» توفيا في عام واحد»ء وكانا يسكنان في حي 
وح روشا على عنال«راسرة: 

أما الأول منهما: فسئل: ما يفعل من جاءته سكرات الموت؟ فقال: 
يطلب العلم. وحصل له هذاء كان كلما صحا من سكرات الموت - تغمده 
الله بالرحمة ‏ يقول لمن حوله: أعطني الكتاب» حتى مات والكتاب على 
صدره. 

وأما الثاني : فدخل عليه شاب من طلابه» وحول الشيخ مساند 
كقيوة: ‏ سيقدن: لبها كيقها القك» فبالهد عن امن فقال له: ناولني هذا 
الكتاب» فأتاه به» فأخذه الشيخ» فثقل عليه المرض» ودخل عليه ابنه» 
فاعتذر إلى التلميذ الشاب» وأشار إليه بالخروج» فخرج.» فلم يغادر الباب 


إلا وتوفى الشيخء تغمده الله برحمته. 





علو الهمة في طلب العلم 49 





المَعْلّمِ الخامس 
علرٌ الهمة في طلب العلم 


تعريقك الهمّة : عرف العلماء الهمة بتعريفنات عيدة» يكاد يكون 
الاختلاف فيها لفظياً» ورأيت أؤلاها ما حكاه العلامة الأصولي؛ الأخلاقي 
الحكيم» المجاهد» شيخ الأزهر سابقاً الشيخ محمد الخضر حمسين ١797(‏ 
/177)-رحمه الله تعالى”"©» قال: «أحكم علماء الأخلاق بيان هذا الخلّق 
فقالوا: هو استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور). 

الحث على رفع الهمة في طلب العلم : 

وأقول: لقد استنهض الله عز وجل همم عباده في عمل الخير» فقال: 
سفوا الْحَرتِ # البقرة: »١5/8‏ وقال: #لِمثْلٍ هنذا فَلَْعَمَلٍ العيلوت (50)* 
الصافات: »5١‏ وقال: #وَفدَلِكَ مئاص سَاَلْمتكفِسُونَ4 المطففين: 71. 

وكذلك حضّنا النبي صلى الله عليه وسلم على هذا المعنى بقوله 
الكريم» الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: «المؤمنُ القوي خير 
وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» وفي كل خيرّء احرص على ما 


(1) في كتابه «رسائل الإصلاح» 5 وهو كتاب كاسمه: فيه علم صحيح »2 
وعمل رشيد» وفكر سديد. ش 


06٠‏ ش علو الهمة في طلب العلم 


٠ 7‏ رس 2 لاردلة 
ينفعك .2 واستعن بالله » ولا تعجز) : 


ولا أنفع من العلم للمؤمن. وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم 
«احرص»» و«استعن»» و«لا تعجز): ففيها من معانى علو الهمة 
واستنهاضها الشيءٌ الكثيرء وصلى الله وسلم على معلم الناس الخير كل 
الخير. 

يقول الزمخشري رحمه الله في أبياته المشهورة» التي مطلعها""": 
سهري لتنقيح العلوم ألذ لي من وصل غانية وطيب عناق 

ثم يقول في آخرها: 


ع 5 و عي مس از 9 ش 


4 ماه 


املف متهزان البيد كن وندته 
والعلم الشريف أعرٌ مطلوب» وأكرم مقصود بعد الإيمان بالله عز 

وجل» ويقولون: من يخطّب الحسناء يستسهل مهرهاء وقد نظم هذا 

القول: الإمام النَحْوي المشهور ابن هشام رحمه الله المتوف سنة 751١‏ 

عن ثلاث وخمسين سنة ‏ وقد بلغ هذه الإمامة » فقال”": 

ومّن يَصطبرْ للعلم يظفر' ببَيْلّه ومن يخطب الحسناة يصب على البذل 


.) 757 5:45 وهو في (صحيح مسلم)‎ )١( 

(1) تنظر الأبيات بتمامهاء وينظر القول في نسبتها إلى الزمخشري في كتاب 
شحنا رحمه الله تعالى #صفحات من صبر العلماء» ض184. ش 

(*) كما في «الدرر الكامنة» 7: .5٠9‏ 


ومن لم يذل النفسَ في طلب العلا يسيراً» يعش دهراً طويلاً أخما ذل 

وينبغي أن نلاحظ قوله «ومن يصطبر للعلم»» فإنه أبلغ من قوله: ومن 
يصبر على العلم» فالاصطبار أبلغ من الصبرء لما هو مقرن من أذ زيادة 
المبنى» تدل على زيادة المعنى. 

وكذلك حال من يطلب العلم» عليه أن يبذل في سبيل الحصول على 
الرتب العالية فيه أغلى ما يملك» ويغالب ويقاوم العوائق كلهاء ليدرك 
منه» ما يمن الله عليه بهء على قدر إخلاصه فيهء وعلى قدر بذله في 
يل 


قال أبو هلال العسكري"": (إذا كنت أيها الأخ ترغب في سمو القدرء 
ونباهة الذّكرء وارتفاع المنزلة بين الخلق» وتلتمس عزاً لا تثلمه الليالي 
والأيام» ولا تَتَحيّفه ‏ لا ينقص مدى - الدهور والأعوام» وهيبة بغير 
سلطان» وغنى بلا مال» ومئّعة بغير سلاح» وعلاء من غير عشيرة» 
وأعواناً بغير أجرء وجنداً بلا ديوان وفرض: فعليك بالعلم» فاطلبه في 
مظائهء تأتك المنافع عفواء وتَلْقَ ما يعتمد منها صفواًء واجتهد في 
تحصيله ليالي قلائل» ثم تذوَّقْ حلاوة الكرامة مدة عمرك» وتمتّع بلذة 
الشرف فيه بقية أيامك» واستَبّق لنفسك الذكر به بعد وفاتك». 

كر قول سيدنا علي رضي الله عنه «قيمة كل امرى” ما يُحسنه»» 
وعلّق عليه”" بقوله: «إذا تدبّرت هذا كنت حقيقاً بالاجتهاد في طلب العلم 


)١(‏ في أول جزئه النافع «الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه» ص47 
(؟) ص0 06 


أوان قدرتك عليه؛ غيرَ معذور في التواني عنه» والتقصير فيه» لأن العاقل 
لا يعتمد تخسيس قيمته» ولا يغفل عما يرفع قدره». 

ومن وصايا العلامة العَلْمَوِي رحمه الله في كتابه «المعيد في أدب 
المفيد والمستفيد»"'': «ينبغي ‏ للطالب - بل يتعيّن: أن تكون همته في 
طلب العلم عالية» فلا يكتفي بقليل العلم مع إمكان كثيره» ولا يقنع مق 
إرث الأنبياء بيسيره ولابوعز سيل قائدة تمكن متها ولة يدل الام 
والتسويف عنهاء فإن للتأخير آفات» ولأنه إذا حصلها في الزمن الحاضرء 
نفعنه في الزمن الآت» ويغتنم وقت الفراغ والنشاط» ويجتهد في الاستنتاج 
والاستنباط قبل عوارض البطالة» وموانع الرئاسة والملالة». 

وهذه كلمات غاليات» أحب أن أقف قليلاً عند كلمتين منها. 

أولاهما : قوله «ولا يقنع من إرث الأنبياء بيسيره»» فهذه كلمة عزيزة 
كريمة؛ ذات لفتة إلى معنى عزيز كريم: إنك يا طالب العلم طالب لميرائك 
وحظك» ممن؟! من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام» فهل تقنع 
بأي مقدار كان» أو أنك تطلب المزيد والمزيد؟! تكون كما قال المتنبي: 


إذا غامرت في شرف مُروم فلا تقنع بمادون النجوم 
فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم 

ثانيتهما : قوله «ولا يشغله الأمل والتسويف عنها». أي: عن تحصيل 
الفائدة.» وأنقل لك هذه الآثار الثلاثة عن بعض السلف فى التحذير من 


)١(‏ صفحة 5لا. 











التسويف, رواها ابن أبي الدنا" : 

الأول: عن أبي إسحاق السّيعي رحمه الله قال: قيل لرجل من 
غيل الفيض: أوص» قال: احذروا «سوف). 

والثاني : عن أن الجلد جيلان بن فروة رحمة: الله قال: 'قرات فى 
بعض الكتب: أن «سوف» جند من جنود إبليس. 

والثالث : عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «التسويف جنل من 
جنود إنليس عظيم ؛ طالما خدع به). 

وهذا اود أن تجعرسن نمنة كل إساة ب بوطالي الله خامة. 


لا يستطاع العلم براحة الجسم : 

ولأبي نصر يحبى بن أبي كثير اليمامي» أحد سادات التابعين الثقات» 
ومن مشاهير رواة الحديث في الكتب الستة وغيرهاء قلي مشهورة 
مأثورة» تستنهض همم الفاترين في طلب العلمء قال رحمه الله: «لا 
يُستطاع العلم براحة الجسم»» ولهذه المقولة خبر. 

روى الإمام مسلم حديث أبي مسعود البدري» وعائشة» وعبد الله بن 
عمرو رضي الله عنهم في مواقيت الصلوات الخمسة”"'» رواها بألفاظ 
متعددة عن ثلاثة عشّر شيخاً: عن قتيبة بن سعيد البّْلاني ‏ وبَغْلان قرية 


من بلخ» وهي الآن في بلاد الأفغان » وعن يحيى بن يحيى النيسابوري» 


.)5١8-57١5( فى كتابه «قصر الأمل)‎ )١( 
.)١1/5-155( -/0؟5‎ 5750 :١ (؟) فى (صحيحه)‎ 





0 علو الهمة في طلب العلم 


وأبي بكر ابن أبي شيبة الكوفي» وعن عمرو بن محمد الناقد البغدادي 
الرقي - من سورية -» وعن حرملة بن يحبى التّجيبي المصري. وعن 
محمد بن عبد الله بن ثُمير الكوفي» وعن أبي غسان المسسْمّعي» واسمه 
مالك بن عبد الواحد البصري» وعن محمد بن المثنى العتّزي البصري» 
وعن عبيدالله بن معاذ العنبري البصري» وعن زهير بن حرب النسائي - من 
مدينة نما ثم البغدادي» وعن أحمد بن إبراهيم الدورقي البغدادي» وعن 
أحمد بن يوسف الأزدي النيسابوري. 

ثم أنْبع هذه الروايات عن هؤلاء الشيوخ بقوله: «حدثنا يحيى بن يحيى 
التميمي قال: أخبرنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير قال: سمعت أبي يقول: 
لا يستطاع العلم براحة الجسم». 

ومعلوم أن من مزايا (صحيح مسلم» على (صحيح البخاري» أنه كما 
قال ابن الصلاح -: ليس فيه بعد مقدمته إلا الحديث السَّرْد فما الداعي له 
إلى رواية هذه المقولة هنا؟. 

قال القاضي عياض"“"': «كثيرٌ مّن يُسأل عن ذكر مسلم هذا الخبرَ في 
هذا الموضع» وليس منه» ولا هو من حديث النبي صلى الله عليه وسلم» 
وأكاي شترطظة الكنايعققال نامعن سو سا إن ميلم رضيمة الله اميه 
ما ذَكّر في الباب» وعرف مقدار ما تعب في تحصيله وجمعه من ذلك» 
فأدخل بينها الخبرء تنبيهاً على هذاء وأنه لم يُحصّل ما ذكر إلا بعد مشقة 
وتعب» وهو بيّنء والله أعلم». 


118 :9 في شرحه اإكمال المعْلم بفوائد مسلم» ؟: /ا/اه» وعنه النووي‎ )١( 








فمن الأفغان إلى نيسابورء إلى الكوفة. إلى بغداد» إلى الرقة» إلى 
البصرة» إلى مصرء بلدان مترامية الأطراف» مع وسائل بدائية في السفر 
والتّرحال» فهذا ما دعا الإمام مسلماً إلى أن يختم هذه الروايات بكلمة 
يحبى بن أبي كثير: لا يستطاع العلم براحة الجسم» فكانت بمثابة حجر 
الأساس في منهج طالب العلم. 

ولهذه الكلمة «المنهجية» خبر آخر يتصل بها. 

حكى الذهبي رحمه الله''' عن الإمام ابن الإمام : ابن أبي حاتم الرازي 
قال : كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقاً» كل نهارنا مقسنّم لمجالس 
الشيوخ». وبالليل: النسخ والمقابلة» قال: فأتينا يوماً أنا ورفيق لي شيخاًء 
فقالوا: هو عليل» فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتناء فاشتريناه'"» فلما 
صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس» فلم يُمكنًا إصلاحه» ومضينا إلى 
المجلسء» فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام» وكاد أن يتغيّرء فأكلناه نيئاء 
لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه» ثم قال: لا يستطاع العلم براحة 
الجسد). 


.7555 11 في «السير»‎ )١( 

(؟) جاء الضمير بصيغة التذكير هنا وما بعده؛ لأنه جاء في رواية ابن عساكر 
(جوتاً» بدل: سمكة: 

ويضاف إلى هذا الخبر خبرٌ الإمام أبي إسحاق الشيرازي مع (مرقة الفول) الآني 
ص70. 


3 علو الهمة في طلب العلم 


5 ع ا 2000 5 1 5 


الذهب» والنفس الصالحة خير من اللؤلؤء ولا يستطاع العلم براحة 
الجسد). 

ومعنى لا يستطاع العلم» - والله أعلم -: أن العلم لا يكون طُوْعَ 
الإنسان يأخذ منه ويستفيد» ويحتج ويستدل» مع راحة الجسم والدّعة» 
ولذيذ المقام» وطيب المنام» بل لا بدّ من التعب والنّصّبْء وتحمّل 
المشاق وغربة الأسفار. 

جاء في «معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان»"': كان أسد يقول: 
«ضرينا في طلب العلم آباط الإبل» واغتربنا في البلدان» ولقينا العلماءء 
وغيرْنا إنما طلب العلم خلفً كانون أبيه» ووراء مَنْسّجِ أمه؛ ويريدون أن 
يلحقونا!!». 

وكانت لأسد رحلة طويلة وبعيدة» من القيروان في تونس» إلى 
المدينة المنورة» إلى العراق» إلى مصرء ثم عاد إلى بلده» وجمع بين 
الثقافتين والفقهين: الحجازي والعراقي» ونقلهما إلى المغرب. ورحلته: 
شيّقة ممتعة» ينبغي لطالب العلم أن يقرأها في مصادرها المطولة بتأن 


وتدبرء ففيها دروس وعبر. 


)١(‏ كما في «تاريخ بغداد» 710:1١‏ ترجمة عبد الله بن محمد الرقاعي» 
بالقاف» لا بالفاء. 
(؟) 18:7 في ترجمة الإمام أسد بن الفرات رحمه الله تعالى. 











علو الهمة في طلب العلم ١‏ 


وحكئ ابن النجار''' من كلام أبي بكر محمد بن الإمام داود 
الظاهري: «من لم يشرب ماء العُربة» ولم يضع رأسه على ساعد الكربة» 
لم يعرف حق الوطن والتربة» ولم يعرف حق ذي العلم والشيبة». 

ومن أخبارهم في علو الهمة في العلم وتحصيله واغتنامه ما يلي : 

روى الخطيب”'" عن عبيد بن يَعيش الكوفي العطار أحد الثقات. ومن 
شيوخ البخاري ومسلمء أنه ا تي «أقمت ثلاثين سنة ما أكلت 
بيدي» يعني يعنى بالليل» كانت أختي تُلقمني» وأنا أكتب الحديث). يعني : 
حين كان يذ يبيض في الليل ما كان يكتبه في النهار عن الشيوخ. 

ومن أخبار أحبارهم: ما جاء في ترجمة الإمام شريف الدين التلمّساني 
)1١-7(‏ رحمه الله تعالى”" قال فيها: «حضر يوماً مجلس أبي زيد 
ابن الإمام”*' في تفسير القرآن» فذكر نعيم الجنة» فقال له الشريف. وهو 
عي : ): هل يُقرأ فيها العلم؟ فقال له - الشيخ جواباً عام -: نعم» فيها ما 
تشتهيه الأنفس» وتلذ الأغين » فقال له لو قلت: لاء تقلت لك: لا لذة 
فيهاء فعجب منه الشيخ ودله. 


.7١ا/:١ في «ذيل تاريخ بغداد»‎ )١( 

(؟) في «الجامع» .)١597(‏ 

() في «نيل الابتهاج» للتبكتي ص 477 . 

(4) هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد التلمساني (ت 1/57) رحمه الله» من أئمة 
السادة المالكية» وصفه ابن فرحون في «الديباج المذهب» 4١6 :١‏ بالإمام العلامة 


الأوحد. 


0 علوّ الهمة في طلب العلم 


واستفرغ التلميذ النّهُم وسّعه في طلب العلم حتى ذكر بعضهم أنه 
لازمه أربعة أشهر فلم يره نزع ثوبه ولا عمامته» لشغله بالنظر والبحث» 
فإذا غلبه النوم نام نوماً خفيفاًء فإذا أفاق لم يرجع إلى النوم ويقول: أُحَذت 
النفس حقهاء فتواضاً: والوضوء من أخف الأشياء عليه ثم رجع للنظر» 
وابتدأ الإقراء ‏ أي: التدريس ‏ وهو ابن إحدى عشرة سنة!». 
ثم حصل لهذا (الصبي) مع هذا الشيخ موقف آخرء قال التَنبُكتي”" : 
ااوبحث يوماً مع أبي زيد ابن الإمام في حديث» وتجاذبا فيه الكلام جواباًء 
حتى ظهر (التلميذ). فأنشد الشيخ : 
أغلجة الرماينة كل منوة لما اكد ساعله رمات 
[وكم علّمته نظم القوافي فلما قال قافية هجاني] 
وفي ترجمته نفائس» هي من نَّنَاجٍ هذه الهمة العالية النادرة» والنّهمة 
الفائقة» والعشق للعلمء حتى وصفوه ببلوغه رتبة الاجتهاد» قثقرأ بتأن 
وإمعان. 
ومن أخبارهم في علو الهمة في تحصيل العلم: ما حكاه العلامة الشيخ 
ميحمد الخضر حسين رحمه اللّه ول : (اعكف أبو صالح أيوب بن 


.5760 في «نيل الابتهاج» ص‎ )١( 

(؟) في «رسائل الإصلاح» :١‏ 14 من مقاله النافع الماتع: «كبر الهمة في العلم». 
وأيوب بن سليمان» هو المَعَافري» من علماء المالكية في القرن الثالث» وكانت وفاته 
رحمه الله أول القرن الرابع سنة 270١‏ أو .٠07‏ ومصادر ترجمته كثيرة» لكني لم أر 
هذه القصة فيما رجعت إليه منهاء لكن الشيخ عمدة. 


علوٌ الهمة في طلب العلم 0 


سليمان على كتاب العروض حتى حفظه» فسأله بعضهم عن إقباله على 
هذا العلم بعد الكبّر؟ فقال: حضرت قوماً يتكلمون فيه» فأخذني ذل في 
نفسي أن يكون باب من العلم لا أتكلم فيه». 

ومنها: ما حكاه السخاوي عن شيخه ابن حجر رحمهما الله تعالى ”© 
قال: «كنت في أول الأمر أنظم الشعر من غير تقدّم اشتغال في العروض» 
فسألني شخص أن يقرأ علي مقدمة في العروض سريعة المأخذ» فأجبته 
لذلك وواعدته ليوم عيّلتَه له» ثم توجهت في الحال من مصر ‏ حي مسجد 
عمرو بن العاص رضي الله عنه» الآن » إلى القاهرة - حي الأزهر . 
فاجتمعت بصاحبنا البدر البشتكي» وسألته عن مقدمة في ذلك سهلة 
التناول» فأشار إليهاء فأخذتها منه» وقرأت عليه منها مجلساء استفدت 
منه معرفة الفنّ بكماله»ء ورجعت» فأقرأتها السائل» ولم أحتج لقراءة 
باقيها». 

قال: «وَجَدَ رضي الله عنه بهمة وافرة» وفكرة سليمة باهرة؛ في طلب 
العلوم» منقولها ومعقولهاء حتى بلغ الغاية القصوى». وصار كلامه مقبولاً 
عند أرباب سائر الطوائف. لا يَعْدُون مقالته» لشدة ذكائهء وقوة باعه. 
حتى كان حقيقاً بقول القائل: 
وكان من العلوم بحيث يقضّئ ١‏ لهفي كل علم بالجميع' 

وجاء في التعليق على «طبقات» السبكي'": «كان ‏ الخسسروشاهي - 


.١79:1١ فى «الجواهر والدرر»‎ )١( 
للج زد فى ترجه غبنا الحم بام صين: الح وشافي» الشركة‎ 


١١‏ علو الهمة في طلب العلم 


يحكي من جلالة الإمام - الفخر الرازي - وعظمته أنه هو وسائر طلبة الإمام 
صبّحهم يوم أبيض - كثيرٌ الثلج -» نوي بات ياسّمينه على الأرض ينقّض» 
والثلج قد أبطل كل حركة» وكيف لاء وهو بلا شك كافور» والسحائب 
عم عطاؤها في البلدء فساوى بين مستّفلات الأرفى وك اكرام نه 
وهمتهم مع ذلك» لم تََحْمّد نيرانهاء ولم تفي عن سماع كلمات الإمام 
آذانهاء وإن عامت الأرضن لككرة الجاءء :وصمّت الجدران حاتت الشماء: 
وأبت همتهم أن تبطّل فوائدٌ الإمام» ولو بطلت الحواسٌ الخمس» 
ونفوسهم أن تغيب عن كلماته» وإن غابت تحت الغمام عين الشمس. 

فأتوا جميعاً ووقفوا تحت طاقة الإمام» ووضعوا على رؤوسهم كساء 
يمنع وصول المطرء وفتحوا «المحصول""''. وشرع واحد يقرأ ثم واحدء 
والإمام لا يدني رأسه من الكو إلا لمن يرتضيه. فمنهم من يجيبه» ومنهم 
من يقرأ إلى آخر درسه»ء والإمام لا يلتفت إليه» تمريناً منه رحمه الله على 
الآداب» وتعريفاً لمقدار العلمء وأنه يَعزَّ وإن اقتحم ذو العزيمة 
الأهوال» وظن أن همته تعلو السحاب”". 


سنة 2507 أحد تلامذة الإمام الفخر الرازي» ور كان سن نوعة أضولا كاكياه 
رحمهما الله» جاءت هذه الزيادة نقلا عن ترجمته في «الطبقات الوسطى» للسبكي 
)١(‏ للإمام الفخر الرازي نفسهء وهو من عمد كتب أصول الفقه الشافعي» على 
طريقة المتكلمين. 
(؟) نقل هذا الخبر العَلُموي في «المعيد؛ ص١4‏ » ويصحح ما هناك على ما هنا. 


علو الهمة في طلب العلم ١1١‏ 
الكلمة الطيبة وأثرها في صنع الرجال : 


وعلوٌ الهمة في طلب العلم يستدعي حديثاً طويلاً لا ينتهي في فصل 
من فصول هذا الكتاب» لكنه يحلو بالأحاديث والأخبار عن الهمم التي 
جاءت بالعجائب» وتولد عنها وقائع هي إلى الكرامات والخوارق» أقرب 
منها إلى الواقع المادي البشري» ولكني لن أبعد. 

- أحيل أولاً الأخ القارى” إلى قراءة خبر ذاك الشاب سند بن علي 
ا 

- ثم أذكر قصة أحد كبار السادة الشافعية أبي بكر عبد الله بن أحمد 
المووقي: القفال المتعيره القود سه 417 حن سبعين مسظ ريحية الله 
تعالى» أنقلها بطولها من «معجم البلدان» لياقوت”"': 

قال ياقوت رحمه الله: «وإليها - وإلى مروالشاهجان ‏ ينسب عبد الله 
- لا: عبد الرحمن ‏ بن أحمد بن عبد الله أبو بكر القفال المروزي» وحيد 
زمانه فقهاً وعلماً» رحل إلى الناس» وصئّف وظهرت بركته» وهو أحد 
أركان مذهب الشافعي» وتخرج به جماعة» وانتشر علمه في الآفاق» وكان 
ابتداء اشتغاله بالفقه على كبر السر”. 

حدثني بعض فقهاء مرو ب: قنين» من قراها: أن القفال الشاشي - يريد 
رجلاً معروفاً في البلدء لا الإمام المتحدّث عنه ‏ صنع قفلاً ومفتاحاً وزنه 


)١(‏ صفحة »٠6١‏ وذكره هناك أليّق من ذكره هنا. 


20 رسم (مروالشاهجان)» وفي ترجمته عند ابن الصلاح ‏ والنووي والمزي ‏ 
فى «طبقات الشافعية» :١‏ 545» و«طبقات» السبكى ه: 57» إشارات إليها. 


0 علو الهمة في طلب العلم 


دانئق واحد 5 والدانق: وزله سين وزن الدرهم ب 5 الناس به 
0 وسار ذكره» وبلغ خبره إلى - هذا أبى بكر - فصنع قفلاً مع 
مفتاحه وزنه طَسُوج - أي: ربع دانق!!''' -» وأراه الناسَ» فاستحسئوه ولم 


)١‏ اقرأ وتأمل إلى أي حد وصل إليه أسلافنا المسلمون في مهارة الصناعة 
اليدوية» وذلك منذ نحو عشرة قرون» ولا تبادر إلى الإنكار والتكذيب وتقول: كيف 
يمكن لهذا الصانع أن يمسك بكلتا يديه القطع الحديدية الدقيقة ويركبها ليصنع منها 
قفلا مع مفتاحه» بهذا الوزن الصغير جدا. 

واجكي لق خبرا اخز رظي اعتببك أكثر ين يننا أحكيه لك بطوله من أوله إلى 
آخره: 

كنت طالباً في السنة الثانية من المرحلة الثانوية» في الثانوية الشرعية بحلب» 
حرسها الله تعالى وسائر بلاد الإسلام» من هذه الفتن العمياء» وكان أستاذنا في درس 
الفقه الحنفي فضيلة سيدي العالم الأصولي الفقيه الصالح الورع الشيخ محمد السلقيني 
تغمده الله تعالى برحماته» وكان شديد الحرص على الوقت» ومن شدة حرصه أنه قد 
يدخل غرفة الدرس قبل الطلبة» وفي يوم من الأيام تأخر الشيخ. ووقفنا ننتظر 
قدومهء وبعد دقائق رأينا الشيخ كاذنا بره لتر غرفة الأساتذة» وها يتدارك 
تأخره» ودخل وبدأ الكلام معتذراً عن تأخره فقال: 

جاءنا ضيف إلى المدرسة» وبينما هو جالس معنا إذ وقع نظره على الأستاذ 
الشيخ عبد الرحمن زين العابدين ‏ رحمه الله تعالى ‏ وحوله بعض الطلبة من المرحلة 
الإعدادية» فسألّنا هذا الضيف: ماذا يفعل هذا الشيخ هنا؟ فقلنا له: يدرس النحبوء 
فهر برأسه متألما على الشيخ منكراً عليناء وقال: أليس حراماً أن يكون هذا الشيخ 
مدرساً عندكم: قو اب عدا وهو إنسان يأتي بالعجائب!! فقلنا له: نعم» نحن 
نعرفه بالمهارة في عدة أمورء لكن أَيْشٍ من العجائب يأتي به؟. 

فقال: هذا إنسان يثقب الإبرة طولانياً! ! وبدأ الشيخ درسه الفقهي. 

ومضت أيام قليلة» وذهبت لزيارة أستاذنا الشيخ عبد الرحمن زين العابدين في 











علو الهمة في طلب العلم ١‏ 





بيته بعد العشاء» كعادته اليومية في استقبال أي زائر: طالب من طلابه» مثلي ومثل 
زملائي» أو زميل له من أقرانه» أو أي إنسان يسمع بعبقرية الشيخ» يريد أن يتتشرف 
بالتعرف عليه. ش 

ذهبت لزيارته رحمه الله» وإذ بالشيخ يَفَجَوْنِي بالقصة من أولهاء قال لي: 

قرأت في مجلة خبراً» فيه مساجلة بين رجلين: أمريكي وألماني» يقول أحدهما - 
ونسيته أنا -: إنه يثقب الإبرة طولانياً» فرد عليه الثاني بقوله: وأنا أثقب الريشة التي 
تثقب بها الوبرة. 

قال الشيخ: فقرأت هذا الخبر على ضيف كان عندي» فقلت له: لو كنت ثالقهما 
لثقبت إبرة الرجل الثاني» فأخذت الرجل دهشة بالغة» ولم يتمالك نفسه أن قال لي: 
أستاذ» ماذا تقول؟! فقلت له والكلام كله للشيخ رحمه الله -: أما تصدق؟! هات 
يدك» وأدخلته على غرفة المعمل ‏ هكذا قال الشيخ» يريد: الغرفة الخاصة التي فيها 
أدوات الصناعة والميكانيك والمخترعات» وكل شيء -» وجئت بإبرة») وصنعت 
الريشة الفولاذية لثقبهاء ثم عملت ريشة ثانية وثقبت بها الريشة الأولى» ثم عملت 
ريشة ثالثة وثقبت بها الريشة الثانية!!. 

فخرج الرجل على وجهه. لا يصدق ما رأى. 

ولا ريب أن هذا المشهد صار حديث الرجل في اليوم الثاني مع كل من يلقاه -. 

قال الشيخ تغمده الله برحمته: وفي اليوم الثاني في مثل الوقت الأول» يطرق 
الباب» ففتحته وإذْ بالرجل ومعه آخرء يبدأ كلامه باستغاثة ولهفة: يا أستاذ أرجوك 
أرجؤك» إكراماً للا» إكزاما ل فقلت له خيراء:ماذا تزيند؟ ققال: العملية التي 
أجريتها البارحة تُعيدها الآن مرة ثانية» وبيني وبين هذا الرجل مراهنة على مئة ليرة 
سورية - وهي الآن تعادل مئة ألف ليرة سورية -. 

قال الشيخ: فأدخلتُهما على غرفة المعمل ثانية» وأعدت العملية بمراحلها مرة ثانية. 

هذا كلام الشيخ منذ اثنين وخمسين عاماً. وهو الإمام العبقري في المعقولات» 


3 علو الهمة في طلب العلم 


يَشْعْ له ذكْرء فقال يوماً لبعض من يأنس إليه: ألا ترى! كل شيء يفتقر إلى 
الحظ؟ عمل الشاشى قفلاً وزنه دائق» وطدَّت به البلاد» وعملت أنا قفلاً 
بمقدار ربعه» ما ذكرني أحد!! فقال له: إنما الذكر بالعلم لا بالأقفال!. 


فرغب في العلم واشتغل به» وقد بلغ من عمره أربعين سنة» وجاء 
إلى شيخ من أهل مرو وعرفه رغبته» فيما رغب فيه» فلقنه أول كتاب 
المزني» وهو: هذا كتاب اختصرته» فرقئ إلى سطحه وكرر هذه الثلاثة 
ألفاظ من العشاء إلى أن طلع الفجر. فحملئه عينه فنام» ثم انتبه وقد 
نسيهاء فضاق صدره» وقال: أَيْشٍ أقول للشيخ! وخرج من بيته. ١‏ 

فقالت له امرأة من جيرانه: يا أبا بكر لقد أسهرتّنا البارحة في قولك: 
هذ ]كنات اعتنضوته ١‏ :فتلت ها ني" موعاة إلن شبيفة واخيوة ينا كان منت 
فقال له: لا يصدّنك هذا عن الاشتغال» فإنك إِذا لازمت الحفظ 
والاشتغال» صار لك عادة» فجَدً ولازم الاشتغال» وكان منه ما كان» 
فعاش ثمانين سنة» أربعين جاهلاًء وأربعين عالماً»"”". ثم نقل ياقوت عن 
السمعاني أنه عاش 4١‏ سنة وتوفي سنة /511. 


واللغة العربية: نحوهاء وصرفهاء والصناعات بمختلفهاء والرماية. 

وكانت ولادته سنة ١7755‏ ها ووفاته سنة ١51١‏ رحمه الله تعالى» ولم يترك 
بعده خلفا ناطقا ولا صامتا. 

)١(‏ تنظر قصة امرأة كانت تصحح للإمام أبي عبد الله الدامّغاني الحنفي خطأه في 
أول طلبه للعلم» في «الجواهر المضية» 7: 271/١‏ وفيها طرافة. 

(0) ولعل الفاضل العَلّموي يشير إلى هذه الرواية بقوله في كتابه «المعيد» 
ص69 : «وقصة القفال واشتغاله في كبره بالعلم» مشهورة» معلومة مسطورة». 








علو الهمة في طلب العلم ١‏ 





ومع ما في هذا الخبر من همة عالية من رجل بلغ الأربعين من العمر, 
وهو لا يعرف الفرق بين ضمير المتكلم من ضمير المخاطب: اختصرت 
اختصرت” » لعاميّته ولعُجمته» فإنه صار إماماً يشار إليه» بهذه الهمة. 

أقول: مع ما في الخبر من هذا المعنى» ٠‏ فإن فيه أيضاً ملاحظة وتنبيهاً 
إلى دف كريم من ذاك الجليين الأنيسن له .وم ذاك الأستاذ لعل له 
فإنهما ب(الكلمة الطيبة) التابعة من نفس متفائلة متطلّعة» غير مثبّطة ولا 
متشائمة» نبّهاه إلى ما فيه ل الذكر وحسن العاقبة» ودفعا عنه اليأس» 
بملازمة الجدّ والاشتغال بالعلم» فكان منه إمام وصف بأنه «أحد مفاخر 
خراسان» » وبأنه «وحيد زمانه فقهاً وحفظاً وورعاً وزهداً». وبأنه اتخرج به 
جماعة كثيرة صاروا أئمة في البلاد»» و«لم يكن في زمانه أفقه منهء» ولا 
يكون بعده مثله» وكنا نقول: إنه مَلّك في صورة إنسان». 

وهذه «الكلمة الطيبة» وأثرها هذا الأثر العظيم: أذكرتني بكلمات طيبة 
أخرى» وكان لها من الأثر ما هو أعظم من هذا بكثير. 

فقد أسند الموفق المكي رحمه الله تعالى'"' إلى أبي حنيفة أنه قال: 
«مررت يوماً على الشعبي وهو جالس» فدعاني وقال لي: إلى من تختلف؟ 
فقلت: أختلف إلى السوق» وسميت له أستاذي» فقال: لم أعن الاختلاف 
إلى السوق» عَنَّيت الاختلاف إلى العلماء» فقلت له: أنا قليل الاختلاف 
إليهم» فقال لي: لا تَحْفْلء وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء» 


.548:١ كما قاله ابن الصلاح في «طبقاته»)‎ )١( 


(؟) في «مناقب أبي حنيفة» ص ؟ 5. 


احليل علو الهمة في طلب العلم 


فإني أرى فيك يقظة وحركةء قال: فوقع في قلبي من قولهء» فتركت 
الاختلاف إلى السوق» وأخذت في العلم» فتنفعني الله تعالى بقوله». 
وأسند البيهقي رحمه الله" إلى الربيع بن سليمان المرادي قال: 
اسمعت الشافعي يقول: خرجت من مكة فلزمت مُذيلاً في البادية» أتعلّم 
كلامها وآخذ بِلْمّتهاء وكانت أفصح العرب» فأقمت معهم مدة أرحل . 
برحيلهم وأنزل بنزولهم» فلما أن رجعت إلى مكة جعلت أنشد الأشعار» 
وأذكر أيام الناس» فمرً بي رجل من الزّهريين فقال لي: يا أبا عبد الله» عر 
علي أن لا تكون في العلم والفقه هذه الفصاحة والبلاغة! قلت: من بقي 
ممن يقصد؟ فقال: مالك بن أنس سيد المسلمين! قال: فوقع في قلبي» 
وعدت إلى «الموطأ» فاستعرته من رجل بمكة حفط :» إلى آخر الخبر. 
فانظر إلى ٠‏ الل والأدب في الخطابء وانظر إلى هذا الارتفاع 
بالهمة» إِذْ كل من الإمام الشعبي» والرجل الزهري» 0 بكلمات لا 
يد على السطر الواحد» جعلت منها إماماً للمسلمين ينعم المسلمون 
-على مدى هذه القرون المتطاولة» وإلى يوم الدين - بعلمه وفقههء 
وأقول: إن هذه الكلمات صادفت محلاً وهمة عالية» وأيضا: إنها كانت 
كلمات ناصحات صادقات» خرجت من قلب صادقء» فكان لها ذاك الأثر 
العظيم. 
ورضي الله عن الإمام أبي حنيفة والشافعي وعن سائر علماء 
المسلمين» وجزى الله كل خير الإمام الشعبي» وذاك الرجل الزهري على 


.٠١7 :١ فى «مناقب الشافعى»‎ )١( 


علوّ الهمة في طلب العلم ل 





ما أنطقهما الله به» فكان منه هذا الخير العظيم. 

وهذا درس عابر ينبغي أن يستفيده كل مسلم: بأن يتكلم بخير وبما 
ينهض بالهمم» لا بما يشبط الهمم» ويميت العزائم. 

وأعود إلى ما كنت فيه» فأقول: تقدمت"''' نماذج من حرص الأئمة 
على الفائدة وهم في ظروف الرخاء والشدة» وأزيد عليها ما يلي: 

روى الترمذي'" حديث أنس رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم 
٠.‏ 5 7 : 3 فزي لد لك 
خرج وهو يتكىء على أسامة بن زيد» وعليه ثوب قطري » قد توشح بهء 
فصلى بهم. رواه الترمذي عن عبد بن حميدء عن محمد بن الفضل» ثم 
أعقبه الترمذي بهذه الحكاية العجيبة في بابهاء قال: 

«وقال عبد بن حميد: قال محمد بن الفضل: سألني يحيى بن معين 
عن هذا الحديث أول ما جلس إلى» فقلت: حدثنا حماد بن سلمة» فقال 

يه و 

قال: أُمْللُهُ على» فإنى أخاف أن لا ألقاك» فأمليته عليه» ثم أخرجت كتابي 
فقرأته عليه». 

قال شارحه الإمام الفقيه الباجوري رحمه الله تعالى في شرح قوله 
«فإنى أخاف أن لا ألقاك»: «أي: لأنه لا اعتماد على الحياة» فإن الوقت 


)١(‏ صفحة 4١٠‏ فما بعدها. 

(؟) في كتابه «الشمائل المحمدية» (09)» وظاهر ما في «فتح المغيث» ؟: 58/4 
أن الخبر في «المسند»» وليس فيه. 

() نسبة على خلاف القياس إلى دولة قطرء أو هي بُرُود يمنية الصناعة» من قطن. 


1 علو الهمة في طلب العلم 


سيف قاطع. وبرق لامع» وفيه: كمال التحريض على تحصيل العلمء 
والتنفير من الأمل» سيما في الاستباق إلى الخيرات». 

وروى الخطيب”) خبرين» الأول: عن سفيان الثوري» والثاني: عن 

أما الخبر الأول : فقال محمد بن كثير العبدي: «قدم سفيان الثوري 
البصرة» فلما نظر إلى حماد بن سلمة قال له: حدثني حديث أبي العشّراءء 
عن أبيه ‏ «لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك» -» فقال حماد: حدثني أبو 
العشراء» عن أبيه» الحديث» قال: فلما فرغ من الحديث أقبل عليه سفيان 
فسلّم عليه واعتنقه» فقال ‏ حماد : من أنت؟ قال: أنا سفيان» قال: ابن 
سعيد؟ قال: نعم» قال: الثوري؟ قال: نعم» قال: أبو عبد الله؟ قال: نعم» 
قال: فما منعك أن تسلّم علي ثم تسأل عن الحديث؟ قال: خشيت أن 
تموت قبل أن أسمع الحديث منك!!). 

وأما الخبر الثاني : فقال أبو جعفر عبد الله بن محمد التُفيلي: «قدم 
علينا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين» فسألني يحيى وهو يعانقني» قال: يا 
أبا جعفرء قرأت على معقل بن عبيد الله» عن عطاء: أدنى وقت الحائض 
يوم؟ فقال له أبو عبد الله - يعني: أحمد بن حنبل : لو جلست! فقال 
ديح للقيلى .+ أكره أن قوت » أو تقازق الدجاء قبل أن الع 011: 

وختم الحاكم أبو عبد الله كتابه «مغرفة علوم الحديث» بهذا الخبر عن 
الإمام شعبة بن الحجاج: قال بقية بن الوليد: لقيني شعبة ببغداد فقال لي: 


)١(‏ في «الجامع) (؟ك١كحن‏ "510 أ). 








علو الهمة في طلب العلم 1 





لو لم أَلْقَكَ لَمْت! معك كتاب بّحير بن سعد؟ قال: قلت: لاء قال: إذا 
رجعت فاكتبه» واختمهء ووجه به إلي». فانظر قوله: لو لم ألقك ليت 

وروى الخطيب"' في ترجمة الإمام البخاري رحمه الله تعالى؛ عن 
وراقه. محمد بن أبي. خاتم تمق شأن الوزاق انه كرون لازم مرا 
وحضراً للشيخ » قال: «إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في 
القيظ أحياناً» فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين 
مرة» في كل ذلك يأخذ القداحة. فيُورِي ناراً بيده» ويسرج» ثم يخرج 
أحاديث فيعلّم عليهاء ثم يضع رأسهء وكان لا يوقظني في كل ما يقوم؛ 
فقلت له: إنك تحمل على نفسك كل هذا ولا توقظني؟ قال: أنت شاب 
قل جل أن أفين غلباك تومك»: 

ثم روى في الصفحة التالية عن تلميذ البخاري وراوية (صحيحه): 
محمد بن يوسف الفربري قال: «كنت عند محمد بن إسماعيل البخاري 
بمنزله ذات ليلة» فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها في 
ليلة ثماني عشرة مرة». 

اق نعيه'"ا عن أخت الإمام الشافعي» قالت: «ربما قدّمنا في 
ليلة واحدة ثلاثين مرة» أو أقل أو أكثرء المصباح إلى بين يدي الشافعي» 
وكان يستلقي ويتفكر» ثم ينادي: يا جارية هلّمِي المصباح» فتقدمه ويكتب 
ما يكتب» ثم يقول: ارفعيه» فقيل للراوي: ما أراد برد المصباح؟ قال: 


.7 17517 :7 فى «تاريخه)‎ )١( 
.١٠١ 5 :9 (؟) فى «الحلية»‎ 





1 علو الهمة في طلب العلم 
[قال]: الظلمة أجلى للقلب)”". 

بل قال أبو هلال العسكري'"': «حكى الربيع - بن سليمان ‏ عن فاطمة 
بنت الشافعى رحمه الله تعالى أنها قالت: أسرجت لأبى فى ليلة سبغين 
مرة!! وكان الشافعي يقول: الظلمة أضوأ للقلب». 

ومما ينبغي ملاحظته مع هذه الأخبار: أن عندهم واجباً آخر عليهم. 
هو صلاة قيام الليل» فإن لها قسطأ وافراً من ليلهم فمهما كان الليل 
طويلاً فإنه قصير» ومع ذلك يقوم هذا الإمام لتحصيل فائدة» أو تسجيل 
خاطرة» هذه المرات الكثيرة» فى هذا القدر القصير من الليل» فالفائدة 
أغلى من الراحة. 

ولسان حال كل واحد من هؤلاء الأئمة - وغيرهم - ينشد ويقول» 
ويفخر على الدنيا وأهلها بما ينشد وبما يقول: 


بَصرت بالراحة الكبرى فلم أرَها كال لامك تحنم هن القن 


)١(‏ في «الحلية» 9: ٠٠١5‏ وأضفت [قال] بين معقوفين» وفاعلها هو الشافعي» 
ليتفق النص حينئذ مع نص العسكري الآتي. والله أعلم. 
(؟) في «الحث على طلب العلم» ص77. 
5 الث لاب تمام» يخاطب به المعتصم بالله في قصيدته عن فتح عمّورية» 
التي مطلعها: 
اميف أضدق أنناء من لكين في حداه الحدّ بين الجدّ واللعب 
وأصل إنشاده بصيغة المخاطب: 
بصرت بالراحة الكبرى فلم ترا ثُنال إلا على جسر من التتعب 





علو الهمة في طلب العلم 1 


وروى أبو نعيم في ترجمة محمد بن عبد الرحيم الوراق"'" أنه قال: 
«سمعت سلمة بن شبيب يقول: «كنا عند يزيد بن هارون» وم د 
عليه» فوقع صبي تحت أقدام الناس» نقاك يريف: :انقو الها انظرو] ما محال 
الضيي! فنظرناء فإذا هو حدقتاه قد حرجت وهو يقول: يا أبا خالد ‏ وهي 
كنية يزيد بن هارون - زذنا!! فقال يزيد: إنا لله وإنا إليه راجعون» ما أعظم 
اح جرايجات امو ره لمر ما نزل وهو يطلب 
الزيادة!»). 


وأقول تعليقاً على هذا الخبر: كأن هذا الصبي كان يرضع العلم مع 
رضاعه حليب أمهء حتى إذا ما بلغ هذا المبلغ من العمرء وصل إلى ما 
وصل إليه من تذوق حلاوة العلم» حتى إنه ليطلب المزيد منه وهو في 
مهلكة!! أما إنه طلب العلم البارحة» وهو اليومٌ عاشق للعلم مستميت في 
طلبهء فلا!. 


75/١ : من «تاريخ أصبهان» ؟: 95*» وذكر السخاوي في «فتح المغيث»‎ )١( 
أول «آداب طالب الحديث» كلمة يحيى بن أبي كثير ١لا يستطاع العلم براحة الجسم».‎ 
وحديث «احرص على ما ينفعك»» ثم قال: «ومن أبلغ ما يحكى عن السلف في ذلك:‎ 
قول سلمة بن شبيب»» وذكره.‎ 

وأزيد في البيان: أن كلمة «حَرجت حدقتاه» هكذا جاءت في المصدر الأصليء 
وجاءت في «فتح المغيث»: ريت حدقتاه» بالخاء المعجمة» ومعنى حرجت 
- بالمهملة -: غارت فضاقت عليها منافذ البصر»ء كما في «أساس البلاغة»» ويؤيده أن 
الطفل لم يذكر أنه مات. كما هو حال من تخرج حدقتاه» ويؤيد أنها بالمعجمة ذكر 
كلمة: حدقتاه» فلا يقال: حرجت حدقتاه» بل: خرجت حدقتاه» والله أعلم. 


يه علو الهمة في طلب العلم 

وقال الإمام أبو سعد السمعاني"': «(وقد كتب جماعة من السلف 
رحمنا الله وإياهم» لعدم القرطاس» أو لإعوازه في الحال» على الجلود 
والألواح والخزف والرمل» والنعل والكفة» وقد ذكرت هذه الأنواع 
بأسانيدها في كتاب «أدب الطلب»» ومن رامها فليرجع إليه. 

«وأعجب ما مر بي في الكتابة على غير القرطاس ما أخبرني - وروى 
بحت إلى غيل بو معي الزالقك يع شوكلك :قال عضرت مجلا كر 
ازدحام الناس فيه» 5 فى قفاي بحكة وحركة» فلما أردت 
الانصراف إذا برجل يجلسني فقلت: مالك؟ فقال: اجلس فإني قد كتبت 
المجلس فى قفاك! فانتظرنى حتى أقابل يه!). 

وما أظن الإمام السمعاني يفوته في كتابه «أدب الطلب» الحكاية التتي 
ذكرها الإمام الحاكم'"» وتمهيدها وتقريبها كما يلي: 

من مشاهير الأئمة المحدثين: الإمام محمد بن يحيى الذهلي» وهو 
من مشاهير شيوخ الإمام البخاري» وللذهلي ابن هو أبو زكريا يحيى بن 
محمد بن يحيى الذهلي» وهو إمام ابن إمام”". 


)١(‏ فى أواخر كتابه الطريف الظريف «أدب الإملاء والاستملاء» قبل الفقرة 
(590). ماه اسم كتابه الآخر «طراز الذهب في أدب الطلب». 

.)179( في «معرفة علوم الحديث»‎ )١( 

(") ترجمه الذهبى فى «السير» 17: 7/7 وأطال فيها وقال فى آخرها ؟١:‏ 
اَلَف في مشيخة البلد ولاه يجي د البق بتو عدن قلي الحافظ 


ا لمخدوة الشهير»). 














علو الهمة في طلب العلم رق 


أما الحكاية: فقد روى الحاكم فى «المعرفة» دنا فيه طول» وفى 
سنده ذكر أبى زكريا يحيى بن محمد هذاء يرويه عن الإمام يحيى بن يحيى 
التميمي النيسابوري راوية «الموطأ» عن الإمام مالك» ثم ساق الحاكم 
السند والمتن بتمامه» وقال فى آخره: قال أبو زكريا: أحسبنى كتبت هذا 
الحديث على مفتاح الحانوت» لأنه لم يكن معي بياض» أي: ورقة أكتب 
عليها الحديث. 

ونحو هذا في الحرص على اغتنام العلم: ما حكاه الذهبي'' في 
ترجمة الإمام محمد بن سّلام أو: سلام 3 البيكندي» شيخ الإمام 
سلام أن ينادى: قلم بدينارء فطارت إليه الأقلام. قال الذهبي: وكان ذا 
مال. يعني: أنه اشترى القلم بدينار لكونه ذا مال ويسارء وإلا فمن أين 
لطالب العلم أن يشتري قلماً بدينار! وأيضاً: فإن هذا يدل على حرصه على 
أن لا يفوته شيء من إملاء الشيخ» وإن لم يتيسّر له الدينار لكتب على ثوبه 
أو على ظهر من أمامه كما فعل غيره. 

ومثل هذا ما حكاه الرَرنوجي''"' عن عصام بن يوسف البلخي» 
المتوفى سنة »7٠١١‏ أو »5١5‏ من تلامذة تلامذة أبى حنيفة» قال: «اشترى 
عصام ابن يوسف قلماً بدينار» ليكتب ما سمعه في الحال» خشية فوات 
الفائدة. 


.5؟59:1٠١ فى «السير»‎ )١( 


0( في «تعليم المتعلم») ص .9١‏ 


7 علو الهمة في طلب العلم 

علو الهمة في طلب الحديث الواحد : 

أما علو همتهم في الرحلة في طلب الحديث الواحد: فأمر أشهر من 
أن يذكرء ولهم فيه عجائب» كأن الدنيا كانت عندهم بمنزلة الغرفة 
الواحدة» يتنقّل أحدهم في البلدان» كأنه يتنقل بين زوايا هذه الغرفة» وإن 
كتاب الإمام الخطيب البغدادي «الرحلة في طلب الحديث الواحد) 
معروف مشهورء مع ما فاته من أخبار كثيرة جدا. 

وإذا كان الناس اليوم يقولون: إن العالّم صار كالقرية الصغيرة» بسبب 
ما وصلوا إليه من وسائل ومخترعات» فإن أولئك الرجال كانوا ينظرون 
هذه النظرة إلى العالّم» لكن بما منحهم الله إياه من همم عالية عليّة» كانت 
بين جتّباتهم» بل كانت في خلايا أجسادهم». لا بهذه الوسائل المتطورة» 
ولا بتلك الوسائل البدائية!!. 

ولم يكن أحدهم يرحل من أجل حديث نبوي شرَيقه موقت غالية 
الحجية في حكم شرعي من شريعة الله عز وجل» بل كان يرحل من أجل 
تحصيل إسناد كلمة حكيمة من كلام السلف الصالح» هو يحفظهاء لكنه 
يريد إسنادهاء أو يرحل من أجل إسناد آخر فيه (متابعة) لإسناد هو عنده 
موجودٌ محفوظ» وغيرٍ ذلك من فنون الإسناد. 

ففي «الرحلة في طلب الحديث»'"' عن هارون بن المغيرة البَجَلي 
الرازي قال: قدم علي ابن المبارك» فجاء إلي وهو على الرحل» فسألني 


.١5 للخطيب ص56‎ )١( 





علو الهمة في طلب العلم ظ ١‏ 


عن قول الحسن البصري رضي الله عنه - وعنهم يها ا «لا تشتر مودة 
ألف رجل بعداوة رجل واحد)ا» فحدثته به فقال: ها وففيك رحلى من 
مرو إلا لهذا الحديث. 


والرازي: من الري. وهي طهران» وبينها وبين مرو بلدة الإمام 
عبد الله بن المبارك نحو من ١٠0٠١‏ كيلو متراء كما أخبرني بعض أهل 
العلم من تلك الديار! فاعجب لهذه الهمة القعساء التي تطاول 
السماء1!: 

وأقول زيادة في البيان: إن الحسن البصري توفي سنة 2٠١١‏ وولادة 
ابن المبارك سنة 01١١8‏ ووفاته سنة 214١‏ فبينهما في الرواية والإسناد 
عالناً رجل واحد الذي سمعها من الحسن» فمن أجل معرفة اسم هذا 
الرجل الواحد ‏ رحل ابن المبارك هذه المسافة ١6٠١‏ كليو متراً ذهاباًء 
ومثلها إياباً. 

وكان الإمام أبو جعفر أحمد بن حمدان الحيري التيسابوري» المتوقئ 
سنة 27١١‏ وقد جاوز السبعين ام ؛ عمل مستخرجاً على اصحيح 
مسلم»» ولما وصل إلى حديث مسلم''' عن سويد بن سعيد» عن حفص 
ابن ميسرة» رحل من نيسابور إلى جرجان» ليسمعه من عمران بن موسى 
ابن مجاشع» عن سويد» ليحقق شرط الاستخراب7. 


.))١1( هلا”‎ :١)1( 


0( الاستخراج: أن يأتي إمام من أئمة الحديث إلى كتاب من كتبه كصحيح 
البخاري مثلاء برو كل سديك مر العاديةة بإسناد من عنده» إلى أن يصل إلى شيخ 


1 علو الهمة في طلب العلم 


وكذلك ضاق عليه مخرج حديث روآأه مسلم'!' عن محمد بن عبّاد 
عن سفيان بن عيينة» عن عمرو بن دينار «فلم يجده عند أحد عن ابن 


عبادء فقيل له: هو عند أبى يعلى الموصلىء عن ابن عباد» فرحل إليه 
فامل ا عو سهاو لسماع هذا الح 


ولفظ الذهبي في حكايته الرحلة إلى الموصل صريح في أنه كان كبير 
السرمء يريد: أنه تحمّل مشقة السفر من نيسابور إلى الموصل» وبينهما من 
بُعْد الشّقة الشية الكثيرٌ مع كبر السن» من أجل أمر فني في علم الحديث 
لا يترتب عليه هنا تصحيح حديث ضعيف - مثلاً -» بل الحديث في 


«صحيح مسلم» لا وقفة فيه. 
وكذلك كان سبب رحلته إلى جرجان» فرضي الله عنهم وأرضاهم. 


ا 


وخبر آخر هو من نوادر أخبارهم في الرحلة؛» لكشف حقيقة إسناد 


البخاري أو من فوقهء ثم يتفق معه في باقي السندء ولا ينبغي له أن يدخل على 
الحديث من طريق صاحب الكتاب» كالإمام البخاري مثلاء بل: من شيخ البخاري 
فمن فوقه» وإذا كان للإمام المستخرج إسنادان» أحدهما يُوصله إلى شيخ البخاري» 
والثاني يوصله إلى شيخ شيخه. فإنه مَلرّم بالسند الأول» إلا لضرورة» كأن يكون في 
السند الثاني فائدة إسناديةء» أو متنية» فإنه يسوغ له حينئذ استخراج الحديث بالسند 
الثاني. 

تنظر المسألة الثالثة من مسائل الحديث الصحيح في «تدريب الراوي». 

.)7 (بعد‎ 1809 :")١( 

(؟) كما قاله الذهبي في «السير» 15: 2٠٠١‏ وهاتان الرحلتان لأبي جعفر مما لم 
يذكره الخطيب. 








علو الهمة في طلب العلم ١/‏ 


حديث» والحديث صحيح من طريق آخرء ويمكنني أن أحيل القارىء 
الكريم إلى عدد من كتب الحديث وعلومه ليقرأ الخبر فيهاء» لكني أحببت 
حكايته هناء لأصل إلى التذكير بتطبيق سنة نبوية كريمة» وأختصر صدر 
القصة. 


روى مسلم''' عن عقبة بن عامر رضي الله عنه. عة :الت على الله 

عليه وسلم أنه قال: ١ما‏ من مسلم يتوضاً فيحسن وضوءه» ثم يقوم فيصلي 
و 

ركعتين» مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة»)» ثم زاده عمر 

رضي الله عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ١ما‏ منكم من أحد 


(01 03:1 232»)» وزاد أبو داود :)١177(‏ أن يرفع نظره إلى السماءء ثم 
يقول: أشهد..» وزاد الترمذي  )06(‏ من حديث عقبة» عن عمر -: أن يقول في آخر 
الدعاء: «اللهم اجعلني من التوابين» واجعلني من المتطهرين»» وأعل الترمذي هذه 
الزيادة» لكنها تتقوى برواية الطبراني لها في «المعجم الأوسط» (5840)» وفي إسناده 
سعيد بن المرزبان البقال» وهو ضعيف مدلس. 

وأطلق الحافظ عزوه في «التلخيص الحبير» ٠١١ :١‏ إلى البزار» فأوهم أنه في 
المسندهاء وأن الهيثمي قصر في «المجمع» :١‏ 779 فلم يعزه إليه» في حين أن ابن 
دقيق العيد صرح في «شرح الإلمام» 5: 1٠١‏ - وتبعه ابن الملقن في «البدر المنير) 4 : 
57 أن البزار رواه في كتاب الطهارة من «السنن». 

وممن روى الزيادة الثانية ‏ اللهم اجعلني.. : المستغفري في «الدعوات» من 
حديث البراء بن عازب» كما في «البدر المنير» 5: 454» وأن المستغفري قال: حسن 
غريب. 

وعلى كل: فيسن الإتيان بهذه الزيادة بعد إتيانه بما في رواية مسلم. 


0 علوٌ الهمة في طلب العلم 


يتوأ نبل و اعد - الوقفر براقم يقري أشهد أن لا إله إلا الله» وأن 
من عند و وسور إلا فتحت له أبواية الجنة الثمائة: يدخل من أيها 
00000 

ولهذا الحديث الصحيح إسناد آخر وقصة طويلة» خلاصتها: أن أحد 
الرواة - واسمه نصر بن حماد الوراق - روى هنا الحديق لزملائه وهم 
جالسون على باب الإمام العظيم شعبة بن الحجاج» رضي الله عنهم 
جميعاً. عن إسرائيل بن يونس» عن جده أبي إسحاق السّبيعي» عن 
عبد الله بن عطاء» عن عقبة بن عامر» وذكر الحديث. 

فسمع عفن داخل الدان ضرا الوواق رو نهدا التحذيف هيذا 
السند» وكانت له قصة ورحلة شاقّة طويلة كشف بها ما فيه من تقصير» 
فلم يملك نفسه إلا أن خرج من بيته ولطم نصراً ورجع إلى بيته قليلآء ثم 
خرج ثانية فرأى نصراً يبكي» فقال: ما له يبكي؟ فقال له أحدُ الحاضرين 
- عبد الله بن إدريس -: لقد أسأت إليه! فقال: أما تسمع ما يحدث به : 
إسرائيل» عن جده..» أنا قلت لأبي إسحاق: أسّمع عبد الله بن عطاء من 
عقبة؟ فقال: لاء وغضبء وكان حاضراً مع أبي إسحاق مسعرٌ بن كدام» 
فغضب لغضب أبي إسحاق» وقال لشعبة: أغضبت الشيخ» فقال شعبة 
لمسعر: ليَصَحَّحَن لي هذا الحديث أو لأسقطن حديثه. 

فقال مسعر: عبد الله بن عطاء بمكة» فرحلت إليه لم أرد الحج» إنما 


)١(‏ وفي رواية ثانية عند مسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لهء 


شيك أن محمدا عبده ورسوله». 








علو الهمة في طلب العلم ١)‏ 





أردت الحديث؛» فلقيت عبد الله بن عطاءء فسألته. فقال: سعد بن إبراهيم 
حدثني به» وكان في المجلس الإمام مالك» فقال مالك لشعبة: سعد بن 
إبراهيم بالمدينة لم يحج. فدخلت المدينة» فلقيت سعد بن إبراهيم» 
فسألته» فقال: الحديث من عندكمء زياد بن مخراق حدثني به» فقال 
شعبة: أي شيء هذا الحديث!! بينا هو كوفي»: صار مكياء صار مدنياء 
صار بصرياً. 

قال شعبة: فدخلت البصرة» فلقيت زياد بن مخراق فسألته» فقال: 
ليس هذا من بابتك ‏ أي: لا يناسبك هذا الحديث ولا يعجبك» ولا 
ترضاه» لأنه عن راو لا ترتضي روايته - فقال له شعبة: بلى» قال له زياد: 
لا تريده» قال: أريده» فقال: شهر بن حوشب حدثني به عن أبي ريحانة» 
عن عقبة. قال شعبة: فلما ذكر لي شهراً قلت: دمّر علي هذا الحديث» لو 
صحّ لي هذا الحديث كان أحب إلي من أهلي؛ ومن مالي» ومن الدنيا 
كلها!. 

قلت: الحديث صحيح بغير هذا الإسنادء كما قدمته من (صحيح 
مسلم»» وإنما ذكرت هذه القصة» لننشط نحن مع الدّعة والراحة التامة» 
لأداء هذه السئة النبوية بعد كل وضوء» فقد تعب الإمام شعبة بن الحجاج 
كل هذا التعب والنصّب» لكشف حقيقة إسناده» فلا ينبغي التقصير منا في 
ل 


)١(‏ والقصة فى مصادر كثيرة» أقدمها من كتب علوم الحديث: «المحدث 
الفاصل» للرامهرمزي ص7١‏ . 








0 علو الهمة في طلب العلم 


ومما ينبغي الوقوف عنده في هذه القصة: قول مسعر لشعبة - وهما 
بالكوفة» أو بواسط -: عبد الله بن عطاء بمكة» أي: فارحل إليهء ثم قول 
مالك لشعبة وهما بمكة: سعد بن إبراهيم بالمدينة» أي: فارحل إليه 
والرحلة لم تكن بطيارة ولا سيارة!! وكلامهم هذا واضح في أنه لا حساب 
عندهم في حياتهم العلمية» لا لتعب ولا لمشقة» فهذا لا ذكر له في حياة 
طالب العلمء ولا ملحظ له في (قاموس) طالب البحث والحقيقة» فقد 
كان في بواطن نفوسهم همم تفوق همم أصحاب السيارات والطيارات» إذ 
ما أَثْرّ وجود الطائرة عند صاحبها إذا لم يملك همة تنهض به للاستفادة 
منها! والدليل الناطق الصامت: ما نحن عليه اليوم!!. 

وفي أصحاب سيدنا عبد الله بن عباس رجل مغمور يجهل اسمّه كثير 
من طلاب العلم» اسمه أربدة التميين رضي اللاتسكي قالن اجر مهي 
ببلدة فيها علم إلا أتيتها. ونحو هذا قول مكحول الشامي» الحوان المعدوة 
وهو بعد أربدة بقليل» قال رحمه الله: طفت الأرض كلّها فى طلب 
العلم!!. ظ َ 0 


علو الهمة في الرحلة وتقصي الحقائق : 


ومن روائع أخبارهم وعلو همتهم في الرحلة وتقصي الحقائق» في 
خدمة السنة النبوية» ما أحكيه عن الإمام يحيى بن معين رضي الله عنه 
البغدادي البلد.ء لكنه لكثرة ترحاله لا ينبغي أن ييه :إل يلد قله 
الإسلام وخاصة حواضرهاء هي بلاده. 


.)5777 كما في «العلل» للإمام أحمد (الاء‎ )١( 





علو الهمة في طلب العلم ا 





جاء يحيئ مزة إلى الإمام عفان بن مسلم الصفار ليسمع منه كتب حماد 
ابن سلمة» فقال له عفان”": «ما سمعتها من أحد؟ قال يحيى: نعمء 
حدثني سبعة عشرّ نفساً عن حمادء ثقآل غناف : واه لذ يتك فقا 
يحيى: إنما هو درهم ‏ أي: أجرة الطريق ‏ وأنحدر إلى البصرة» وأسمع 
من التََّوْدّكي - موسى بن إسماعيل - فقال له: شأنّك» فانحدّر إلى البصرة» 
وجاء إلى موسى بن إسماعيل» فقال له موسى: لم تسمع هذه الكتب عن 
انق ؟هالة فليا على الوسد ايه انهاه من. مكة عقر بتفنا: 
وأنت الثامن عشرء فقال: وماذا تصنع بهذا؟ فقال: إن حماد بن سلمة كان 
يخطيرى. فأردت أن أميز خطأه من خطأ غيره» فإذا رأيت أصحابه قد 
اجتمعوا على شيء علمت أن الخطأ من حماد نفسه» وإذا اجتمعوا على 
شيء عنه» وقال واحد بخلافهم علمت أن الخطأ منه» لا من حماد» فأميز 
قدا أخطا مو ويه رونا ا حل ملي 

علو الهمة يتغلّب على الفقر الشديد : 

وما دمت في الحديث عن علو الهمة في طلب العلم» وذكرت من 
أخبارهم المشرقة ما ذكرت وأطلت» فإنه لا بد من ذكر معوق وقاطع عن 
الاستمرار في طلب العلمء لكن كانت هممهم السامية رضي الله عنهم 
تعلوا عليه» فتقطعه ولا يقطعهاء هو الفقرء ورحم الله الفقيه المزجّد 
اليمني الشافعي المتوفئ سنة 470 القائل : 


)١(‏ كمافى «(المجروحين» لابن حبان الو 


د علو الهمة في طلب العلم 


قيل للفقر: أين أنت مقيم؟ قال لي: في عمائم الفقهاء 
إن بيني وبينهم لإخاءً وعزيرٌ علي قطع الإخماء 
وإن مفتاح باب الحديث عن الهمة المتغلبة على الفقرء هو حديث 
سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال"": «إن الناس كانوا يقولون: أكثر أبو 
هريرة!» وإني كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطني» حتى 
لأ اكن الحمين + القيو الذ يق سه مره بو لا الت الحيير > البردة 
2 عي 
الحبّرة المزخرفة -» ولا يخدمني فلان ولا فلانة» وكنت ألصق بطني 
بالحصباء من الجوع؛ وإن كنت لأستقرئةٌ الرجل الآية ‏ أي: أطلب منه أن 
يقرئني آية كريمة - هي معي - أي: أنا حافظ لها -» كي ينقلب بي 
فيطعمتى ). 
ولقد كان الجوع يأخذ منه قواه كلهاء حتى حكى ذلك عن نفسه”22 
قال ابن سيرين: كنا عند أبي هريرة» وعليه ثوبان مُمَشنَّان ‏ أي: مصبوغان 
بالأحمر ‏ من كتّانء فتمخّطء فقال: بخ بخء أبو هريرة يتمخّط في 
الكتان» لقد رأيدّي وإني لآخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه 
وسلم إلى حجرة عائشة» مغشياً على فيجيء الجائي فيضع رجله على 
عنقي » ويرى أني مجنون» وما بي من جنون» ما بي إلا الجوع!» رضي الله 


عنه. 


لكنه كان يتغلّب على فقره بحبه للعلمء وصحبة النبى صلى الله عليه 


.)71/١8( الذي رواه عنه البخاري في (صحيحه)‎ )١( 
)77 4( (؟) فيما رواه البخاري أيضاً‎ 





علوّ الهمة في طلب العلم بو 





وسلمء بل لقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بحرصه على الاستفادة 
وتحصيل العلمء وذلك حين سأل النبيً صلى الله عليه وسلم: من أسعد 
الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: «لقد ظننت أن 
لا يسألني عن هذا الحديث أحدّ أول منك؛ لما رأيت من حرصك على 
الحديث» أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة: من قال لا إله إلا الله خالصاً 
من قلداةء او الفاي 7 

ومن أقوال الأئمة وأخبارهم في هذا الصدد: ما أسنده ابن عبد البر") 
إلى الإمام مالك» قال: (إن هذا الأمر لن ينال حتى يذاق فيه طعم الفقرا. 
ثم ذَكّر مالك ما نزل بشيخه ربيعة الرأي الإمام العَلّمء من الفقر في طلب 
العلم» حتى باع خشب سقف بيته في طلب العلم» وحتى كان يأكل ما 
يُلقى على مزابل المدينة من الزبيب وعصارة التمر!!. 

ثم أسند إلى الإمام شعبة بن الحجاج قوله: من طلب الحديث أفلس» 
إلى ما هنالك من أخبار عجيبة» مما يمر بطالب العلم» تنظر في كتاب 
شيخنا رحمه الله «صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم 
والتحصيل»» ثم يكرمه الله تعالى ببحبوحة العيش. 

ولو كانوا يرون أن هذا الفقر والضيق» تعب وتّصبء» ومكروه وظلمة 
حياة» لصرفوا مواهبهم التي نبغوا بها في هذه العلوم» إلى تحصيل العلوم 
الدنيوية» ولَّمّا حصل لهم وعليهم ما قاسّوه من شدائد ومصاعب» لكنهم 


(١)رواه‏ البخاري (49). 
(؟) في «الجامع» (095). 





0 علو الهمة في طلب العلم 
كانوا يرون السعادة في ذاك الشقاء» والراحة في ذاك النصبء والنعيم في 
ساعات الحميم!. 

كانوا يرون أنهم أغنياء بِشّمّم نفوسهم. وأن غيرهم فقراء بذلّة 
نفوسهم» وقد عبّر عن هذا المعنئ الإمام العاقل الحكيم الخليل بن أحمد 
الفراهيدي رحمه الله تعالى بأربعة أبيات كتبها إلى والى فارس» يقول فى 


آخرها: 
الفقر في النفس لا في المال نعرفه ومثل ذاك: الغنى فى النفس لا المال 
١ 7‏ تعن ل : 7 2 8 5 انلف 


كانوا يقتلون جبروت الفقر والجوع بالصبر عليهماء وبالثقة بالله» 
ويتقلبون في نعيم العلم والمعرفة» ولذة العبادة والقرب» فلا يَعرف ألم 
الضائقة سبيلاً إلى نفوسهم الأبيّة» وأرواحهم الأوابة إلى ربها سبحانه» 
فكان الله جل جلاله لهم بالمعونة والإنقاذ»ء يسخّر لهم قلوب عباده 
الغافلين عنهم. 

من أخبار عون الله تعالى لهم : 

ومن أخبارهم في ذلك : ما رواه الحافظ ابن عساكر رحمه الله في 
0 في ترجمة الإمام الحافظ الثْيْت أبي العباس الحسن بن سفيان 


.١ وتنظر قصة ذلك فى «صفحات من صبر العلماء» ص11‎ )١( 
ومن طريقه ابن العديم في ابغية الطلب في تاريخ حلب»‎ 0»٠١0- 175:17 )5( 





علو الهمة في طلب العلم | ما 





النَسَويء من بلدة نساء من بلاد خراسان» المتوفى سنة 7٠1‏ عن تسعين 
سنة» أو أزيد من تسعين» وكانت له رحلات طويلة. 

أسند ابن عساكر إلى أبي الحسن الصفار قوله: كنا عند الشيخ الإمام 
الزاهد الحسن بن سفيان النََسَوي وقد اجتمع لديه طائفة من أهل الفضل» 
ارتحلوا إليه من أطباق الأرض والبلاد البعيدة» مختلفين إلى مجلسه 
لاقتباس العلم وكتبة الحديث. 

فخرج يوماً إلى مجلسه الذي كان يُملي فيه الحديث وقال: اسمعوا ما 
أقول لكم قبل أن نشرع في الإملاء. 

قد علمنا أنكم طائفة من أبناء التُعم وأهل الفضل» هجرتم أوطانكم» 
وفارقتم دياركم وأصحابكم في طلب العلمء واستفادة الحديث» فلا 
يخطرنٌ ببالكم أنكم قضيتم بهذا التجثثّم للعلم حقاء وأذيتم بما تحملتم 
من الكلّف والمشاق من فروضه فرضاء فإني أحدثكم ببعض ما تحمّلته في 
طلب العلم من المشقة والجهدء وما كشف الله سبحانه وتعالى عني وعن 
أصحابي ببركة العلم وصفوة العقيدة من الضيق والضَّنْك. 

اعلموا أني كنت في عنفوان شبابي» ارتحلت من وطني لطلب العلم 
واستملاء الحديث» فاتفق حصولي بأقصى المغرب» وحلولي بمصر» في 
تسعة نفر من أصحابي» طلبة للعلم وسامعي الحديث» وكنا نختلف إلى 
شيخ كان أرفع أهل عصره في العلم منزلة» وأدراهم للحديث» وأعلاهم 
إسناداء وأصحهم رواية. 


ه: .777١‏ وصوبت منه أربع كلمات تحرفت في طبعة «تاريخ ابن عساكر). 


حل علو الهمة في طلب العلم 


وكان يُملي علينا كل يوم مقداراً يسيراً من الحديث» حتى طالت 
المدة» وخفّت النفقة» ودفعتنا الضرورة إلى بيع ما صحبّنا من ثوب 
وخرقة» إلى أن لم يبق لنا ما كنا نرجوا حصول قوت يوم منه» وطوينا 
ثلاثة أيام بلياليها جوعاً وسوء حال» ولم يذق أحد منا فيها شيئاً» وأصبحنا 
بكرة اليوم الرابع» بحيث لا حَراكَ بأحد من جُملتنا من الجوع» وضَعْف 
الأطراف. 

وأحوجت الضرورة إلى كشف قناع الحشمة» وبذل الوجه للسؤال» 
فلم تسمح أنفسنا بذلك» ولم تطب قلوبنا به» وأنف كل واحد منا عن 
ذلك» والضرورة تُحوج إلى السؤال على كل حال. 

فوقع اختيار الجماعة على كثبة رقاع بأسامي كل واحد مناء وإرسالها 
قرعة» فمن ارتفع اسمه عن الرقاع كان هو القائم بالسؤال» واستماحة 
القوت لنفسه ولجميع أصحابه. 

فارتفعت الرقعة التي اشتملت على اسمي» فتحيرت ودذهشت» ولم 
تسامحني نفسي بالمسألة واحتمال المذلة» فعدلت إلى زاوية من المسجد 
أصلي ركعتين طويلتين» قد اقترن الاعتقاد فيهما بالإخلاصء أدعو الله 
سبحانه بأسمائه العظام» وكلماته الرفيعة» لكشف الضرً وسياقة الفرج. 

فلم أفرغ بعد عن إتمام الصلاة حتى دخل المسجدّ شاب" حسن 
الوجهء نظيف الثوب» طيب الرائحة» يتبعه خادم في يده منديل» فقال: 
مَنْ منكم الحسن بن سفيان؟ فرفعت رأسي من السجدة» فقلت: أنا 
الحسن بن سفيان فما الحاجة؟ فقال: إن الأمير طولون صاحبي يقرتكم 
السلام والتحية» ويعتذر إليكم في الغفلة عن تفقد أحوالكم» والتقصير 





علو الهمة في طلب العلم يض 


الواقع في رعاية حقوقكم. وقد بعث بما يكفي نفقة الوقت» وهو زائركم 
غداً بنفسه» ويعتذرٌ بلفظه إليكم» ووضع بين يدي كل واحد منا صرّة فيها 
مئة دينار. 

فتعجبنا من ذلك» وقلنا للشاب: ما القصة في هذا؟ فقال: أنا أحدٌ 
حَدَم الأمير طولون المختصين بهء والمتصلين بأقربائه» وخواص 
أصحابه» دخلت عليه بكرة يومي هذا مسلَّماً في جملة أصحابي» فقال لي 
وللقوم: أنا أحب أن أخلوَ يومي هذاء فانصرفوا أنتم إلى منازلكم. 

فانصرفت أنا والقوم» فلما عدت إلى منزلي لم يَنّسق قعودي حتى 
آثاتق. .رشول: الأمير فسرعا مشتحجلا يطلبتي “حفيناء. “قأجينة:.مسزعاء 
فوجدته منفرداً في بيت» واضعاً يمينه على خاصرته» لوجع مُمض اعتراه 
في داخل جسده»ء فقال لي: أتعرف الحسن بن سفيان وأصحابه؟ فقلت: 
لاء فقال: اقصل المحلة الفلانية» والمسجد الفلاني» واحمل هذه ال دن 
وسلّمها في الحين إليهء وإلى أصحابه» فإنهم منذ ثلاثة أيام جياغٌ بحالة 
صعبة» ومهّد عذري لديهم؛ وعرّفهم أني صبيحة الغد زائرهم» ومعتذر 
شفاهاً إل 

فقال الشاب: سألته عن السبب الذي دعاه إلى هذا؟ فقال: دخلت هذا 
البيت منفرداً عَلَي أن أستريح ساعة» فلما هدأت عيني» رأيت في المنام 
فارساً في الهواء كك ككل دن تاي فلن شاط الأرض» وبيده رمحء 
فقضيتُ العجب من ذلك» وكنت أنظر إليه متعجباً حتى نزل إلى باب هذا 
البيت» ووضع سافلة رمحه على خاصرتي» فقال: قم فأدرك الحسن بن 
سفيان وأصحابه» قم وأدركهم» قم وأدركهمء قم وأدركهم. فإنهم منذ 


ا علو الهمة في طلب العلم 


ثلاثة جياع في المسجد الفلاني» فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا رضوان 
صاحب الجنة» ومنذ أصاب سافلة رمحه خاصرتي أصابني وجع شديد لا 
حراك بي لهء فعجل إيصال هذا المال ليزول هذا الوجع عني. 

قال الحو “لتعسنا من دللك ع وق ١‏ الله كانه :زتعا 
وأصلحنا أمورناء ولم تطب أنفسنا ره عق لذ بزوونا :أي 
يطّلع الناس على أسرارناء فيكون ذلك سبب ارتفاع اسمء وانبساط جاه 
ويتصل ذلك بنوع من الرياء والسمعة''". كرس بلق اللبلة من سقييرة 
وأصبح كل واحد منا واحد عصره» وفريدٌ دهره في العلم والفضل. 

فلما أصبح الأمير طولون أتى المسجد لزيارتناء وطلبناء وأحسّ 
بخروجناء أمر بابتياع تلك المحلة بأسرهاء ووَقفها على ذلك المسجدء 
وعلى من ينزل به من الغرباء» وأهل الفضل» وطلبة العلم» نفقة ة لهم 
حتى لا تختل أمورهم ولا يصييّهم من الخلل ما أصابناء وذْلك كله بقوة 
الدين» وصفوة الاعتقاد» والله سبحانه ولي التوفيق 


كان في الأصل في المواضع كلها: طولون» والصواب: ابن طولون”". 


)١(‏ انظر محاسبتهم لأنفسهم ومراقبتهم لأحوالهم» مع ما نزل بهم! رضي الله 
عنهم وأرضاهم. 

(0) انتهى النقل عن ابن عساكر وابن العديم» وقد نقلها بقريب من اللفظ 
والتفصيل الذهبي في «السير» 15: 2١5١‏ وعنده «طولون» أيضاء لا: ابن طولون» 
وقال: «رواها الحافظ عبد الغني ‏ المقدسي - في الرابع من الحكايات» والله أعلم 
بصحتهاء ولم يل طولون مصرء وأما ابنه أحمد بن طولون فيصغر عن الحكاية» ولا 
أعرف ناقلهاء وذلك ممكن». 





علوّ الهمة في طلب العلم 14 


ومن أخبارهم أيضاً: ما أسنده التاج السبكي"" إلى أبي العباس 
البكري ‏ من ولد الصديق الأكبر رضي الله عنه - قال: جمعت الرحلة بين 
محمد بن جرير الطبري» ومحمد بن إسحاق بن خزيمة» ومحمد بن نصر 
المروزي» ومحمد بن هارون الروياني» بمصرء فأرملوا - نفد زادهم - 
وله يق عتلاه ,ما يقرعهم ب يمطلة أبدائوكي عن قلاة الجوع -» وأضر بهم 
الجوع. 

فاجتمعوا ليلة في منزل كانوا يأوون إليهء فاتفق رأيهم على أن 
متيو ويعاريوالدرسوحقيم كعك عليه اقرع ريا [عيحاء 
الطعام» فخرجت القرعة على ابن خزيمة» فقال لأصحابه: أمهلوني حتى 
' أتوضأ وأصلي صلاة الخيّرة ‏ الاستخارة » فاندفع في الصلاة» فإذا هم 
بالشموع, وخصي من قبل والي مصر يدق الباب» ففتحوا الباب» فنزل 


قلت: قد صوب ابن عساكر ‏ وهو إمام حافظ - أنه: ابن طولونء ووافقه ابن 
العديم» وهو حافظ أيضا. 

أما قوله عن أحمد بن طولون: يصغر عن الحكاية» فبيانه: أنه ولد سنة »75١5‏ 
وتولى الحكم سنة 2104 وتوفي سنة 471١‏ والحسن بن سفيان صاحب القصة توفي 
سنة 7٠7“‏ عن تسعين سنة» فيكون عمره لما تولى ابن طولون الحكم 5١‏ سنةء 
والمحدثون في هذه السنْ يكونون قد اتتهت رحلاتهم وجلسوا للرواية والآداء 
والعطاء» وقبل بلوغ الحسن بن سفيان تلك السنٌ لم يكن ابن طولون أميراً ليذكر 
وليرى هذه الرؤياء ومع ذلك فقد ترك الذهبي رحمه الله مجالا لتصحيح الخبر فقال: 
وذلك ممكن. 


.560١ :7 فى «طبقاته»‎ )١( 





١6‏ علو الهمة في طلب العلم 


عن دابته» فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل: هو هذاء فأخرج صرة فيها 
خمسون ديناراً فدفعها إليه» ثم سأل عن محمد بن جرير» وعن محمد بن 
خزيمة» وعن محمد بن هارون» ويعطي كل واحد منهم مثل ما أعطى 
الأول» ثم قال لهم: 

إن الأمير كان قائلاً بالأمس -نومة القيلولة وسط النهار - فرأى في 
المنام خيّالاً فقال له: إن المحامد ‏ أي: المحمدين الأربعة ‏ طَُوًَا كننْحهم 
- جتّباتهم وبطونهم ‏ جياعاً» فأنفذَ إليكم هذه الصّرار» وأقسم عليكم إذا 
تفدت فابعثوا إلي أحدكم. 

والفقر لم يكن عائقاً وقاطعاً عن العلم إلا لأصحاب النفوس الضعيفة 
التي لا تثبت للمحنة ولا للامتحان» ومثل هذا العارض مما ينبغي أن ينبّه 
المؤدّبون تلامذتهم إليه» حتى إذا امتحنوا به صبرواء وعلموا أنها أيام 
وتنقضي» وأن لهؤلاء المبتدئين سلفاً صالحاً» امتُحنواء فصبّرواء فظفروا. 

وقد روى الخطيب'' عن الإمام الكبير إبراهيم النخعي رحمه الله 
تعالى أنه قال: «من ابتغى شيئاً من العلم يبتغي به وجه الله. آتاه الله منه بما 
1 


2030 في «الجامع» (271). 

(؟) أي: آتاه الله من فضله ورزقه ما يكفيه» وكأنه ضمّن فعل «آتاه») معنى: 
أكرمه » أي : أكرمه الله من فضله بما يكفيه. ودليل ذلك: أن الخطيب روى هذا الخبر 
عقب روايته الحديث المرفوع من رواية زياد بن الحارث الصّدائي: «من طلب العلم 


23 تكفا الله برزقه»)» وهو ضعيف جذا. 





علوّ الهمة في طلب العلم 10 


وأقول للأخ القارى" الكريم بعد هذه الأخبار وما شابهها: قف وتأمل 
حق التأمل: هل هذه الأخبار ‏ وغيرها كثير ‏ هي من عالم الواقع» أو هي 
من نسج الخيال وأحلام اليقظة؟! إنها من عالم الواقع» إنها أخبار أناس 
اختارهم الله عز وجل لحفظ دينه» وحمل شريعته ثم أدائها إليناء بهم 
أيّد الله دينه» وأيّدهم بدينه» وعلينا أن ندرك الصلة بين هؤلاء الرجال وبين 
وعد الله تعالى بحفظ كتابه - وشريعته ‏ في قوله تعالى: 8 إِنَاححْن دنا لكر 
وَإِنَلمفِظُوَ0» الحجر: 24 فبهؤلاء حفظ الله دينه» وأذاقهم في الدنيا 
شيئاً من جزائه لهم في الآخرة» وبهذا النعيم تحمّلوا وصبرواء ولولا أنهم 
أدركوا حقّ الله عليهم» وأدركوا - حقاً وحقيقة عظّم موقعهم وشرقه عند 
الله» ووجدوا لهذا التعب والنصب حلاوة تفوق ونُنْسي مرارة ارتكاب 
الشدائد والمخاطر التي كانت تمر بهم» لاي ا دارا امه 
وتحملوا ما تحملوه! فرضي الله عنهم وأرضاهم» وجزاهم الله أعظم الجزاء 
الخيّر على ما خدموا به دين الإسلام. 
وهم أحقّ وأولى من كل الوجوه والاعتبارات بقول أبي العلاء: 
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة» وهم 
مجن التشتننات بعتنال: سبي وال 
بل هم هم أصحاب هذا التشبيه والمديح» لا غيرهم. 
:+ لديف لتر[ وطوي :اعون وقوه دكن أن التصدينة عرق 
علو همة أثمتنا أطول وأحلى. 


- التفرَغ للعلم من العوائق 


التفرّغ للعلم من العوائق 


إن التفرّغ من العوائق والعلائق من أساسيات النجاح في طلب العلم» 

7 و 2 : 2 
وتفرغ» وهذا ما أتحدث عنه الآن. 

إن المعرّقات في طريق العلم والنبوغ فيه كثيرة جداًء لا يمكن 
للكاتب إحصاؤهاء لأنه إنما يحصي منها ما يخطر بباله» والذي يخطر 
يباله هو ما يمر عليه فى حياته» أو ما يسمعه عن غيره» ولاوينة أن 
هناك حوادث ووقائع لغيره لم يسمع بهاء فالقواطع كثيرة» ويكفي لفت 
نظر طالب العلم إلى ضابط لهاء هو: أن يراقب نفسه ووقته بحذر 
شديد» فكل ما يراه مؤثراً على القيام بواجبه المحدّد عليه اعتبره قاطعاً 
شاغلاً» فعليه أن يقطعه عنه ويبعدهء ويعتبره معثراً له في طريق نيحاحه 
ووصوله إلى غايته . 

وقد عبَّر عن ضرورة التفرغ للعلم عن كل عائق وشاغل» أصدقّ 
تعبير: الإمام أبو يوسف القاضي رحمه الله تعالى فقال''': «العلم شيء لا 


.)151١( فيما أسنده إليه الخطيب في «الجامع»‎ )١( 





التفرّغ للعلم من العوائق ٌْ ١‏ 


يعطيك بعضّه حتى تعطيه كلّك» وأنت إذا أعطيته كلّك: من إعطائه البعض 
على غرر» أي: على احتمال أن عطاك تخضة ]ى أن لأ عطف 3 

وأعقبه بقول أبي أحمد نصر بن أحمد العياضي الفقيه: «لا ينال هذا 
العلمّ إلا من عطل دكانهء وخرب بستانه» وهجر إخوانه» ومات أقرب 
أهله إليه فلم يشهد جنازته». 

والعياضي هذا: لم أقف له على ترجمة» لكن كأنه يشير بقوله: لا يشهد 
جنازة أقرب أهله إليه: يشير إلى ما حكاة الموفق المكي”؟ عن الإمام أبي 
يوسف قال: «مات ابن لي» فلم أحضر جهازه ولا دفنه» وتركته على جيراني 
وأقربائي» مخافة أن يفوتني من أبي حنيفة شيء لا تذهب حسرثه عني»” ". 

وقريب من هذا: صنيع الإمام الحافظ المنذري رحمه الله» حين كان 
مجاوراً في دار الحديث الكاملية بالقاهرة» توفي ولده محمد» عن ثلاثين 
سنة من العمرء وقد بلغ من العلم مبلغاً يُذْكّر به» فصلى عليه والده داخل 


دوقي :واديفه إل بابها» ودمعك عناه وقان: آ زع لاا بولدقه والله 


)١(‏ وكانت وفاة أبي يوسف سنة 2187 وأسند هذه الكلمة الخطيب في 
«تاريخه» 5: 5755 إلى إبراهيم النظَّام المتوفئ سنة 2717 من رواية الجاحظ عنهء 
ونسبها أبو هلال العسكري في «الحث على طلب العلم» ص55 إلى الجاحظ وكانت 
وفاته 66؟. 

(؟) في مناقب الإمام أبي حنيفة» ص 51/7. 

() ولذلك شهد الإمام بشدة ملازمة أبي يوسف له» أسنئد الموفق المكي عقب 


هذا الخبر إلى أبي حنيفة قوله: «ما لزمني أحد ما لزمني أبو يوسف). 


ا التفرّغ للعلم من العوائق 


تعالى» وفارقه» ولم يخرج من المدرسة"". 

وقريبٌ من هذا أيضاً: ما حدثني به سيدي الوالد تغمده الله تعالى 
برحماته؛ عن الشيخ العلامة محمد راغب الطباخ رحمه الله تعالى: أنه لما 
توفي ولده الكبير محمدء وكان هو القائم بأعمال مطبعته (المطبعة 
العلمية): جاء الشيخ في اليوم الثاني إلى المدرسة الخسروية - المعهد 
الديني العريق في مدينة حلب وحضر الدرس» فعجب التلامذة من 
حضوره» وتهامسوا فيما بينهم» ثم صارحوا الشيخ باستغرابهم حضوره» 
وقد دفن ولده الكبير البارحة! فقال لهم الشيخ: خَسرنا الولد» أفنخسر 
بركة العلم أيضاً؟!. 

وأعود إلى ما كنت فيه من الحديث عن قطع العلائق الدنيوية» فأقول: 
قال البرهان الرّرنوجي"': «ولا بد لطالب العلم من تقليل العلائق الدنيوية 
بقدر الوسع» ولهذا اختاروا العغربة» ولا بد لطالب العلم من تحمّل النَصّب 
والمشقة في سفر العلم» كما قال 'مُوسى عليه السلام في سقئر التعلم» ولم 
ينقل عنه في غيره من الأسفار» قوله تعالى: #لَمَدَ لََِمَامِن سَمَرِنَاهْدَاصًَا # 
الكهف: 57. ليُعلّم أن سفر التعلم لا يخلو عن النصب. 

قري دن على للك ,تحن اله توق اقل الؤانهه اللتناب ليها كان 
محمد بن الحسن رحمه الله إذا سهر الليالي» وانحلّت له المشكلات يقول: 
أين أبناء الملوك من هذه اللذات؟!. 


.55١ :8 كمافى «طبقات» السبكى‎ )١( 


(؟) في «تعليم المتعلم» ص 87. 














التفرّغ للعلم من العوائق ١‏ 


«وينبغي لطالب العلم أن لا يشتغل بشيء آخر غير العلم» ولا يعرض 
ع الفقف. قال مضعم رحن لقاع هن أزاه :أن ترك علمنا هذا شاعةه 
فليتركه الساعة» إن صناعتنا هذة من المهد إلى اللحد». انتهئ. 

ومما ينبغي لفت نظر طالب العلم إليه في هذا الصدد: أنه قد يعرض 
أمر له اعتباران: اعتبار خير ودين» واعتبارٌ معثّر - ولا أقول: قاطع » 
فعليه أن ينظر إليه بعين البصيرة والحكمة. 

ومن أمثلة ذلك: ما جاء في ترجمة الإمام سليم بن أيوب الرازي رحمه 
الله تعالى» ونقله عنه السبكي في «طبقاته الوسطى)”": وذلك أن سَليما 
هذا رازيٌ خرج يطلب العلم ببغداد» فيُحكى عنه «في حال طلبه العلم» 
أنه كانت ترد عليه الكتبُ من أهله» فلا يقرأ منها شِيئَاء .ولا ينظر فيهاء 
وجمعها عنده إلى أن فرغ من تحصيل ما أراد» ففتحها فوجد في بعضها: 
ماتت أمك» وفي بعضها ما يناسب ذلك» مما ضاق به صدرهء فقال: لو 
كنت قرأتها قطعتني عما كنت فيه من التحصيل». 

وقد كنت سمعت نحو هذا الخبرء وأنا في بداية طلبي العلم» عن 
العلامة الرباني فريد عصره في بلدتنا حلب: الشيخ أحمد بن عبد الكريم 
الثُرمانيني الحلبي )١1791 - ١7١8(‏ رحمه الله تعالى» ثم رأيت الأستاذ 
الشيخ محمد راغب الطباخ رحمه الله ذكره في تاريخه'"» فأنا أنققلة' متدع 
قال بعد:ما ذكن أن الشبخ الترمانيي مكت ثلاث عشرة منة في الأرهر: 


.5/9 : 5 وهو فى التعليق على «الطبقات الكبرى)‎ )١( 
507 :1/ (؟) (إعلام النبلاء»‎ 





١.5‏ التفرّغ للعلم من العوائق 


«وتلقى العلم هناك. وما كان في أثناء هذه المدة ليشتغل في غير 
التحصيل» حتى إن التحارير - أي الرسائل - التي كانت تأتيه من أهله كان 
يتركها على الرف» حتى انتهى من التحصيل وعوّل على الرجوع» وحينئذ 
فتحهاء فوجد أن فلاناً من أقاربه قد تزوج» وفلاناً قد مات إلى غير 
ذلك. وقصد بذلك أن لا يشغله عن العلم شاغل آخر). 

وأقصد من حكاية هذين الخبرين ‏ وما كان على شاكلتهما ‏ أنه قد 
يبدو لطالب العلم ترجيح الجانب الشرعي. وهو حق الوالدين والتعرف 
على أخبارهماء فإذا عرفها وعرف ما فيها من متاعب ومقلقات ترك طلب 
العلم ورجع إليهماء والحكم الفصل في ذلك: النظرٌ الدقيق المستوفي 
للأمر من كل أطرافه» وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة» 
وغير ذلك من الاعتبارات» لا ترجيح العاطفة على الحق الشرعي. والله 
أعلم. 

ب - هم المعيشة والولد والعيال : 


2 


ومن العلائق والعوائق الدنيوية : هم المعيشة وأمور العائلة والبيت. 
قال الخطيب"'': «باب حذف المتفقه العلائق». أي: قطعه العلائق» 
وافتتحه بقوله: «كان بعض الفلاسفة لا يعلّم أحداً يتعلق بشيء من الدنيا 
وينزكة الداع اللول من أن لمم رمه كر 


وروى الع بسئده: أن رجلا ان أبا حنيفة رحمه الله : بم 


.١185 :7 فى «آداب الفقيه والمتفقه)‎ )١( 
(؟) في «أخبار أبي حنيفة وأصحابه) ص77.‎ 





التفرّغ للعلم من العوائق ١17‏ 


يستعان على الفقه حتى يُحفظ؟ قال: بجمع الهم يريد: العزم والتوجه - 
قال: قلت: ويم يستعان على جمع الهم؟ قال: بحذف العلائق» قال: قلت: 
وبم يستعان على حذف العلائق؟ قال: بأخذ الشيء عند الحاجة ولا ترد). 

وينبغي أن يكون صدر هذا الباب: قول النبي صلى الله عليه وسلم 
- فيما رواه عنه عدد من لي وه (إقد الوه كله مج مي 
ا قال اونا" في شرح الكلمة المقصودة هنا ا 
«لكون ‏ الولد ‏ يحمل - الوالد - على ترك الرحلة في طلب العلم والجد 
في تحصيله» لاهتمام الوالد بتحصيل المال له). 

وروى الإمام الحافظ ابن عساكر رحمه الله" في ترجمة الإمام أحمد 
ابن الفرات الرازي المتوفى سنة 758 رحمه الله تعالى» أحد أعاجيب 
السلف في كثرة الحفظ واستحضار المحفوظات» قال: «حضرت مجلمن 
يزيد بن هارون؛ فأملى ثلاثين حديثاً فحفظتهاء فجئت إلى منزلي أعلق 
اع 2 دافعلقت متها قادقة فجاءتني الجارية وقالت: مولاي» فني 
الدقيق! فنسيت سبعة وعشرين» وبقيت ثلاثة')» ومما هو متكرر على 


)١(‏ هذا لفظ الحاكم (0785) من حديث الأسود بن خلف. وصحح إسناده 
العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» : 571, وينظر ما علقت على الحديث (18) 
من «مسند عمر بن عبد العزيز» للباغندي. 

(؟) في «فيض القدير) 7: 407. 

(7) في «تاريخه) 5: .١90‏ 

(4) وهى التي بيّضهاء وفي هذا الخبر: تنبيه لطالب العلم أن يكتب ويقيّد ما 
سو الا زيادة على ما هو مدون في كتابه» ففي هذا اشرو لظا مامرلة 





١‏ التفرغ للعلم من العوائق 


ألسئّة الأساتذة والشيوخ: «لو كلفت شراء بَصّلة»ء ما تعلمت مسألة؛). 


ذكرعا البدن اودحفياف "بلكلا الوهنا قالع الشافع فده 
كرها البدر ابن عن الشافعي 


ج ‏ ومن المعوقات ذات الأثر الكبير : اه الإخوان» والعلاقات 
العامة مع الناس . 


وهذا المعوق ضرره وأثره السيء ينّسع ويضيق» حسب واقع الإخوان 
ومن ينشى؛ معهم هذا الطالبُ علاقاته» فإن كانوا على خلق كريم حسن» 
ضاقت دائرة ضررهم» واقتصر على ضياع الوقت معهمء والانشغال بهم 
عما تّدر نفسه له» وهو تحصيل العلم» وإن كانوا على غير ذلك: فقد ضاع 
العمر والوقت» وضاع العلم» لأنهم بطبعهم يؤثرون على ما نذر له نفسهء 
ولسان حالهم يصرفه عن طلب العلم» فيضيع 

ولذلك: فإن العلماء الذين كتبوا عن العلم وآدابه» وآداب أهله 
وطلابه : يحذرون من هذا الطبع جد التحذيرء و و ار 
لطالب العلم إخوان ورفقاء من طلاب العلم مثله» يذاكرونه العلم. 

ومن الأقوال المسلّم بهاء الدارجة علئ ألسنة العامة والخاصة: قل لي 
من تُصاحبء» أقل لك من أنت. 


وفي وصية الإمام أبي حنيفة لأبي يوسف رحمهما الله تعالى'": ١‏ 


وفوات ما لم يدوّنه» وانظر الدرس الذي لا ينْسى من قصة الغزالي مع العيّارين قطاع 
الطريق» وستأتى ص9 7؟. 

)١(‏ فى «التذكرة» ص ١‏ لا. 

(؟) كما فى «مناقبه» للموفق المكى ص"/ا". 





التفرّغ للعلم من العوائق ١‏ 


تكثر معاشرة الناس إلا بعد أن يعاشروك» وقابل معاشرتهم بذكر المسائل» 
حتى إن مّن كان من أهله اشتغل بالعلم» ومن لم يكن من أهله يجتنبك» 
ولا يجد عليك» بل لا يحوم حولك». 

وأكتفى بنقل خبر واحد ناطق عن أهمية الانقطاع عن العلائق كلهاء 
وخاصة قطع العلاقات العامة عن الناس» وما أنتج من أثر علمي عظيم في 
حراة مامه الشان اللقرة. 

قال أبو جعفر أحمد بن يوسف البغدادي المصري الكاتب» في كتابه 
«المكافأة)”" : «وحدثني شجاع بن أسلم الحاسب قال: قلت لسند بن 
على: من كان سببّك إلى المأمون» حتى اتصلت به وكنت من جلسائه؟ 
نال حك 5 

كان والدي يتكسّب بصناعة أحكام النجوم» مع قوم من أسباب 
السلطان يَودونه ويحبونه » تعلق قلبى بعك فراغى من قراءة كتاب 
(أقليدس» بكتاب «المجسطي» » وكان في أيام المأمون بسوق الوراقين 
رجل يعرف ب: معروف» رق هذا الكتاب» ويبيعه بعل تكامل خطه 
وأشكاله وتجليده بعشرين ديناراً» فسألت والدي ابتياعه لي فقال: أنظرني 
يا بني إلى أن يتهيّا لي شيء آخذهء إما من رَزق» وإما من فضل» وأبتاعه 
لك. 


وكان لي أخ لا يشتهي مما تقدمت أنا فيه من العلم شيئء إلا أنه كان 


)١(‏ صفحة »5١١‏ وكانت وفاة مؤلفه كما قال ياقوت في (معجم الأدباء») ؟: 


4 : «سنة نيف وثلاثين وثلاث مئة» وأظنها سنة أربعين وثلاث مئة». 


ل التفرّغ للعلم من العوائق 
يخلام أبي في حوائجه والإشفاق عليه. 

فلما سوفني أبي بالكتاب» وطالت المدة فيه» ركبت معه أمسك دابته 
في دخوله إلى من يدخل إليهء ولي إذ ذاك سبع عشرة سنة» فخرج إلي 
غلمان من كان عنده فقالوا: انصرف» فقد أقام أبوك عند مولاناء فمضيت 
بالدابة فبعتها بسرجها ولجامها بأقل من ثلاثين ديناراً» ومضيت إلى 
معروف فاشتريت الكتاب بعشرين ديناراً. 

وكان لي بيت أخلو فيه وجئت أمي فقلت لها: قد جنيت عليكم 
جناية! واقتصصت القصة عليهاء وحلفت لها إن شحَدَت أبي علي حتى 
يمنعني من النظر في الكتاب» لأخرجن عنهم إلى أبعد غاية» ورددت 
عليها فضل ثمن الدابة» وقلت لها: أنا أغلق باب هذا المنزل الذي لي» 
وأرضى منكم برغيف يلقى إلي كما يلقى إلى المحبوسء إلى أن أقرأه 
جويعا» تمك سكين دورقةز 

ودخلت البيت وأغلقته من عندي» فمضى أخي إلى والدي في 
الموضع الذي كان فيهء فأسر إليه الخبرء فتغيّر وجهه. وتَلْجْلج في 
حديثه» فقال له من كان عنده: قد شغلت قلبي وقلب من حضر بما ظهر 
منك» فبحقي عليك إلا أخبرتنا بماذا؟ فحدئئه أبي» فقال الرجل: هذا والله 
يسرنا في ولدكء فاتّحد فيه بكل جميل» ثم استحضرٌ من إِصْطَيْله بغلاً أَفْرة 
من بغل أبي» وسرجاً خيراً من سّرجهء وقال لأبي: اركب هذا البغل ولا 
تكلم ابنك بحرف. 

قال سند: وأقمت ثلاث سنين كيوم واحدء لا يَرى لي أبي صورة 
وجهء وأنا مجلا حتى استكملت كتاب «المجسطي»» ثم خرجت وقد 








التفرّغ للعلم من العوائق 6١‏ 


عملت أشكالاً مُستصعّبات» ووضعتها في كمي وسألت: هل للمهندسين 
والحسّاب موضع يجتمعون فيه؟ فقيل لي: لهم مجلس في دار العباس بن 
سعيد الجوهري ترب المأمون» يجتمع فيه وجوه العلماء بالهيئة والهندسة» 
فحضرته» فرأيت جميع من حضر مشايخ» ولم يكن فيهم حَدتْ غيري: 
لآنى كد في العشرين: 

فقال العباس: من تكون؟ وفيم نظرت؟ فقلت: غلام يحب صناعة 
الهندسة والهيئة» قال: ما قرأت؟ قلت: «أقليدس» و«المجَسْطي»» قال: 
قراءة إحاطة؟ قلت: نعمء فسألني عن شيء مستصعب في كتاب 
«المجسطي) كان تفسيره في الأوراق التي كانت في كمي فأجبته» فعجب 
وقال: من أفادك هذا الجواب؟ قلت: استخرجثه قريحتي وما سمعته من 
غيري» وهو وغيره فيما مر بي في ورق معي» قال: هاته» فلما رآه اغتاظ 
واضطرب» ثم قال لبعض من بين يديه من غلمانه: لبط فجيء به» 
فنظر إلى خائّمه فوجده بحاله» ثم فضّه وأخرج منه كراسة» فجعل يُقابل 
بها الورق الذي كان معيء فكان الكلامٌ فيما معه أحسّن رَضْفاً من الكلام 
الذي معي» والمعنى واحد. 

فقال: هذا شيء تولّيت تبيينه من كتاب «المجسطي» » فلما أحضرتنيه 
توهَّمت أنه سّرق مني» حتى تبيّنت اختلاف اللفظين مع اتفاق المعنى» ثم 
أمر أن يُقطع لي أقبية» ويُرتاد لي منطقة مُدَهَبة» ففرغ من جميع ذلك في 
تلك الليلة» وأَدخَل بي إلى المأمون» وأمرني بملازمتهء وأجرى لي أثزالاً 
ورَرْقً». أي: مرا ابتاً في بيت المال» كل شهرء أو كل سنة. 


وهذا المرئّب لا يصل للحصول عليه إلا قلائل من الناس» وكان عمر 


6 التفرّغ للعلم من العوائق 


ابن عبد العزيز .رضي الله عنه أمر به لكل من انقطع لطلب العلم» أو 
لتطليهة للنا ”0 

ثم قام عامة الناس به عن طريق الوقف الخيري» خير قيام» وهو الآن 
واجب أهل الخير والبر من المسلمين عامة: أن يتكفلوا بكفاية طلبة العلم 
النجباء» فهو باب من الخير عظيمء وهو أعظم عند الله تعالى أجراًء 
وأعظم للمسلمين أثراً في مستقبلهم» من كفالة اليتيم» على ما في كفالة 
اليتيم من أجر كبير. 

والثاين داقر الناتى دمت اميم وكائرك وتران من إبقاف اللدول 
المنكوبة بفيضانات وأعاصير وزلازل» ولا يتحدث المسلمون منهم عن 
مُصابهم بكارثة ققد العلماء» وكيف تتدارك الأمة مُصابها بوفاة علمائها 
ومراجعهم الدينية!!» وذلك يكون بتقديم النجباء من أبنائهم إلى طلب 
العلم الشرعي» مع تفريغهم لهم عن كل مشغلة» وبغير ذلك من الوسائل. 

وإن عدم تحدّئهم وتفكيرهم بتدارك كارثة فَقّد العلماء» لهو كارثة 
فوق كارثة! وإنا لله وإنا إليه راجعون. 


)١(‏ كما تجد أخباره الكثيرة فى هذا الجانب فى مقدمتى ل١مسند‏ عمر بن 
عبد العزيز» للباغندي ص١7‏ 777. ظ 








صحبة المتعلم للأقران ١0‏ 


المعلم السابع 
صحبة المتعلم للأقران 

تقدم قبيل صفحات قليلة أن من معوقات طالب العلم في مسيرته 
العلمية: كثرة العلاقات العامة مع الناس عامة» وأتحدث هنا عن صحبة 
خاصة» أتحدث عن اتخاذه إخواناً تكون بينهم ملازمة ووثاقة» وطول 
مجالسة» أتحدثك عن ذلك بكلمة موجزة عن الصحبة وأثرها على 
الإنسان» وطالب العلم خخاصة. 

إنه لآ يخفى على كل:عاقل؟ أن الالشان ان بيضهة طباعا وسجاياء 
وعادات وأعرافاًء وثقافة وفكراء نعمء له إمكانية الاختيار منهاء لكنه لا 
يخرج عنهاء ولا ينكر تأثرٌ الإنسان ‏ وهو الإنسان العاقل ‏ بالطبيعة الصماء 
البكماء القن يعيش في صحرائها وجبالها وأوديتهاء أو بالطبيعة الحكاء 
الوارفة» والجنان الحانية» فالشاعر ‏ مثلاً ‏ الذي يعيش في الطبيعة 
الأولى» يكون خشْن الألفاظء جاف الطباع» كشعراء الجاهلية» خلاف 
الشاعر الذي عاش فى الطبيعة الثانية» كشعراء الأندلس. 

وأيضا: روىي البخاري؛ ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلمء 
بألفاظ متقاربة» منها"'': «إن القسوة وغلّظ القلوب فى القَدّادين عند أصول 


)١(‏ عن أبى هريرة ,)71/١1(‏ وأبى مسعود البدري الم ومسلم 5: الا 


غ6١‏ صحبة المتعلم للأقران 


أذناب الإبل»» و«الفخرٌ والخيلاء في أهل الخيل والإبل الفدادين أهل 
الوبرء والسكينة في أهل الغنم». 

ومعنى «الفدادين» واضح من الحديث: أنهم أهل الخيل والإبل 
ورّعاتها من أهل البادية» ففيهم الغلظة والخيلاء» تأثراً منهم بطباع هذا 
الحيوان الذي يرعونه ويسوسونهء وواضح إثبات النبي صلى الله عليه 
وسلم هذه الصفات لهم» وإثبات صفة السكينة لرعاة الغنم. 

فإذا كان الإنسان ‏ وهو الإنسان ‏ يتأثر بجماد الطبيعة وبجمالهاء 
ويتأثر بالحيوان الذي يعايشهء فكيف بتأثره بالإنسان الذي يعايشه أيضاً 
لوال شوو ظلنا وفك ) ونقافة وا خلانا وضهيا 1 

وما يؤثر في 'الصحبة: غدل من الأعمال البسيرة»: ارش إليها الب 
صلى الله عليه وسلم بقوله: ١لا‏ تُصاحب إلا مؤمناء ولا يأكل طعامك إلا 
تقي)”". فأرشد عليه الصلاة والسلام إلى أن للمؤاكلة أثراً بين الرجلين» 
فلا تؤاكل إلا تقيأء وكانوا يرون أن المؤاكلة رضاع. 

وقال الإمام البدر ابن جماعة في شرح الأدب العاشر من الآداب التي 
في خاصة طالب العلم'"': «العاشر: أن يترك العشرة» فإِنْ تركها من أهم ما 
)4١(‏ عن أبي مسعودء وما بعده عن أبي هريرة» رضي الله عنهما. 

)١(‏ الذي رواه أبو داود (51/494)» والترمذي (7745) وقال: حديث حسن» 


وأخرجه ابن حبان (4 05) من «التقاسيم والأنواع»» والحاكم »)7١59(‏ عن أبي سعيد 


(؟) من كتابه النفيس «تذكرة السامع والمتكلم» ص87. 











صحبة المتعلم للأقران ه6١‏ 


ينبغي لطالب العلم» ولا سيما لغير الجنس» وخصوصاً لمن كثر لعبهء 
وقلّت فكرته» فإن الطباع سراقة» وآفة العشرة ضياع العمر بغير فائدة» 
والذي ينبغي لطالب العلم أن لا يُخالط إلا من يفيده أو يستفيد منه» فإن 
تسرع أو تعرّض لصحبة من يضيع عمره معه ولا يفيده» ولا يستفيد منه» 
ولا يُعينه على ما هو بصدده فليتلطّف في قطع عشرته من أول الأمر قبل 
ليا فاك لبون ا ا إزالتهاءة .ومن الجارئ على السنة 
الفقهاء: الدفع أسهل 3 الرفع"") 

«فإن احتاج إلى من يصحبه فليكن صاحباً صالحاًء ديّناً تقيأء ورعاً 
اكاء كت الخيرة قليل العترء تستن الخدارافء:قليل المحاراةه إن الس 
ذكّرهء وإن ذكر أعانه» وإن احتاج واساه» وإن ضجر صبّره). 

ولعلماء السلوك والأخلاق «التصوف» كلام طويل» واهتمام جد 
شديد بالصحبة والصاحب» واختيار الأخ الصالح الناصح»ء ومن جليل 
نصائحهم ووصاياهم في هذا الباب قول الإمام الحكيم 0 (الحكم) 
رحمه الله تعالى: ١لا‏ تصحب من لا ينْهضك حالهء ولأود اك ل ال 
مقاله). 


وهذا في حق الصحبة العامة» أما في حق طالب العلم: فلا يصاحب 


تحاول رفعه عنك» وهكذا هنا: قطع العلائق والمعاشرة قبل حصولهاء أيسر على 
الطالب من مصاحبته فلاناً وفلاناً» ثم مقاطعتهم وهجرانهم. 


ل صحبة المتعلم للأقران 


إلا من يعينه على ما هو في طريق تحصيله. 

وليلاحظ هذا الطالب أن الأمة تنتظره» وإذا كان الأئمة يرون في حق 
العالم - ومثلّه الطالب -: أن التفرغٌ للعلم أفضل له من فضل العبادة 
والنوافل”©» فكيف لا يحاسبونه على أقل وقت يصرفه مع صاحب فارغ لا 
للم وله يستاية مه 8[ تكرته بالتيافات«رضيعيا عدراء ولنين ذلك ونه 
في يوم واحدء بل في أيام وأيام متكررة؟! إن هذا لهو الخسران المبين. 

وقد عدد الحافظ السخاوي"'' الأمور المساعدة لشيخه الحافظ ابن 
حجر على نبوغه في العلم» ثم قال: «ومنها: الرفاق الذين كانوا غاية في 
الديانة والتواضع والاعتناء بالشأن» والاهتمام قير نف دق يعين رشق نويه 
بالقراءة» ومرة بالكتابة» وأخرى بالعاريّة» وَوْقئاً بالمذاكرة..)» فيعيش 
طالب العلم مع أقرانه طلاب العلم حياً كلها علم ومذاكرة» كيفما التفت 
وتنقل يرى طلبة العلم روافد لهء وهو رافد لهم» معين ومذكرء ومعلّم 
ومتعلّم» وكل منهم للآخرين: : (حارث وهمام)”". 


)١(‏ كما سبق ص 50 فما بعدها. 

() في «الجواهر والدرر» ١١كال.‏ 

امد ةا اط رودن ديه زوه ابوتؤاوة (4911) عن ا يرهن الجدي :رهسن 
اللةا عن بق فوعا ء وقه: #اعي الآنتناء إل الله عبد الله'وعيد الرهين» واصدقها 
حارث وهمام»» لأن كل إنسان لا يخلو من كونه يحرث ويكتسب لدنياه أو آخرتهء 
وكل إنسان يهم بالأمر الذي يريده ويهمه. 

ومرادي هنا: أن كل طالب علم محرض لأخيه على الخير في طلب العلمء 











صحبة المتعلّم للأقران ١0/‏ 


وكذلك هم في أمور العبادة والخير: كر ليف بهمة الآخرين» 
يتسابقون: أيهم ينهض لصلاة الليل قبل وأيهم يحافظ على صلاة الضحئ 
أكثر من غيره» وأيّهم أكثر ورداً من القرآن الكريم» وهكذا وهكذاء وعلى 
هذا أدركنا بعض شيوخنا ‏ رحمهم الله تعالى جميعاً ‏ في العلم والعمل. 

وإن من أهم مهمات الشيوخ والأساتذة المربين: تنبية الطلبة - ولا 
سيما المبتدئين منهم - إلى أضرار اتخاذ قرناء 2 من غير جنسهم: أي: 
ليسوا طلاب علمء أو كانوا قرناء لهم ول اشر . تشرّقهم بالانتساب إلى العلم 
الغرضي: الفتريقف» بوليذكروا لي ويذكروهم بين الحين والآخر بقول 
سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما 07 الجليس الصالح 
والجليس السّءء كحامل المسك ونافخ الكيّرء فحامل المسك إما أن 
يُحْذَيّك - أي: يعطيّك -» وإما أن تبتاغ منه» وإما أن تجد منه ريحاً طيبة» 
ونافخ الكير إما أن يَحْرِق ثيابك» وإما أن تجد منه ريحاً خبيئة» 7" 

وروى أبو هريرة رضي الله عنه» عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه 
قال: «الرجل على دين خليله, فلينظٌر أحدكم من يُخالل»27. 


ومحرك لعزيمته. 

)١(‏ رواه البخاري 2751١١(‏ 220075 ومسلم 7١55:4‏ (5) عن أبي موسى 
الأشعري رضي الله عنه. 

() رواه أبو داود (5865)» والترمذي (718) وقال: حسن غريب. 





ونا صحبة المتعلّم للأقران 


رسول اللهء أي جلسائنا خير؟ فقال: «مَّن ذكركم الله رؤيه» وزاد في 
و 7 ب و 
علمكم منطقه. وذكركم بالآخرة عله . 


)١(‏ رواه عبد بن حميد »)57١(‏ وأبو يعلى (7577)» قال البوصيري في 
إتحاف الخيرة» )81١174(‏ عن إسناد عبد بن حميد: رواته ثقات» مع أن في إسنادهما 
مبارك بن حسان» ذكره ابن حبان في «الثقات» 50١:7‏ وقال: يخطىء ويخالف» 
وليس فيه من التوثيق والاعتبار غير هذاء وما سواه فجرح؛ لككن الرجل من رجال 
البخاري في «الأدب المفرد»ء وهذا يدل على قبول حديثه في الآداب» كهذا 
الحديث» وقال عنه في «التقريب» :)55715٠(‏ لين الحديث. 











ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ الل 


المَعْلّم الثامن 
ضرورة تلقي العلم عن الشبوخ 


إن أخذ العلم عن الشيوخ: هو مفتاح العلم الصحيح» وعنوان فلاح 
الطالب وظفره» ولا خير في علم من لم يتلق العلم عن العلماء المتقنين» 
والعلم الشرعي الشريف ‏ من هذه الحيثية ‏ كالعلوم والصناعات الأخرى» 
فلا يؤتّمن لطبيب لم يدرس الطب على أطباء مَهّرة» ولا يُطمأن إلى طبيب 
جراح لم يتمهّر على مختصين بهذا الجانب من الجراحة؛ كما لا يوثق 
بهندسة معمار لعمارة ضخمة تتسع لسكنى المئات من العائلات» إذا لم 
يتخصص بذلك نظرياً وعملياً» وهكذا غيرهما من الدراسات النظرية 


ودين الله أجل وأغلى» فلا يجوز لأحد أن يتدخل في الكلام في دين 
الله تعالى: عقائد» وعبادات» ومعاملات» وتفسير لكتاب الله أو شرح 
للسنة النبوية» أو 0 تضعيف فيهاء 2 إلى ذلك من علوم 
الإسلام» إلا إذا تلقى ذلك وأتقنه» على أيدي علماء حلماء حكماءء» تلقوا 
ذلك أيضاً من شيوخ ورثوا منهم العلم والحكمة» وهكذا. 

والطبقة الأولى في الإسلام من طلاب العلم هم الصحابة رضي الله 
عنهم» تلقوا العلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة» أو بواسطة 
صحابي (مرسّل الصحابي)» وكان المتبصر منهم عند الحاجة يتصرف بأمر 


ا ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


من أموره على فحوى ما علمه؛ ثم يرجع إلى رسول صلى الله عليه وسلم» 
فيقره على ما صنع» أو يصحح له. 

وتوالت الطبقات العلمية جيلاً بعد جيل: جيل التابعين» ثم جيل 
أتباعهم» ثم» وثم» ثم صارت المدارس العلمية» وصار لكل عالم جليل 
كبير مدرسة ينتسب إليه وإليها أصحابه فمن بعدهم» وهو كالوالد لهم 
ينتسبون إلى منهجه العلمي» ومشربه الروحي» ومدرسته الفكرية. 

وساد العرف العلمي بين أهله: أن شيوخ طالب العلم هم آباؤه 
وأجداده وعمود نسبه» ومن لم يكن له شيوخ تلقى عنهم العلم» ثم ادعى 
العلم وتكلم فيه: فهو دعي فيهء مجهول الهريّ والنسب. 

قال الإمام النووي رحمه الله''' وهو يتحدّث عن أهمية تراجم العلماء: 
«(إنهم أثئمتنا وأسلافناء كالوالدين لنا». 

وقال فيه أيضاً ''' في ترجمة مسلم بن خالد الرّتجي: «ومسلم رضي 
الله عنه أحد أجدادنا في سلسلة الفقه المتصلة بنا إلى رسول الله كَو). 

وقال في كتابه الأصيل الحفيل «المجموع» ' وهو مخ الإمام أبا 
العباس ابن سَريج : «هو أحد أجدادنا في سلسلة الفقه». 


وكانوا ينظرون إلى أن الشيوخ آباء الأرواح». فهم أجل من آباء 


(١)فى‏ مقدمة «تهذيب الأسماء واللغات» .١١:١‏ 
(9) 63:7 
.5١5 ١5‏ 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 3 


الأشباح» وأنهم آباء الهداية والنور» فهم أجل من آباء الطعام والشراب. 
وفي ترجمة ابن وهب" ما خلاصته: أن رجلا مسكيناً أساء إلى الإمام ابن 
وهبء فغار لذلك رجل عراقى غيرة شديدة» فأساء إلى المسكين بشدة» 
وقال لابن وهب: أنت مصباحنا وضياؤنا. فانظر إلى هاتين الكلمتين ما 
ايها 

ولم يكونوا يلتفتون إلى من لم يكن له شيوخ في العلمء و9 يون © 
نا ولا اعتباراًء ولا يرون فيه أهلية التكلم معه 2 لأنه محل الخخطّل 
العلل 

ففي «الإلماع» للقاضي عياض » و«الصلة» لتلميذه ابن سكن 7 
الإمام ابن الفْرّضي» بسنده إلى صالح ابن الإمام أحمد قال: «سمعت أبي 
يقول: ما الناس إلا من قال: حدثنا وأخبرناء وسائر الناس لا خير فيهم. 
ولقد التفت المعتصم إلى أبي فقال له: كلم ابن أبي دُؤادء فأعرض عنه أبي 
وعوااواك كمه اكلم من لم اربع بابو عاق 0117 

«وقال ابن حبان: كل مشتغل بعلم من العلوم لا بد أن يتحقق به أو 
يكثر منه» إلا أهل الحديث فإن أكثرهم 0 ولم يتمثل أحد منهم بين 
يَدَيْ عالم ولا مقرى” ولا فقيه ولا نحوي ولا لغوي ولا أديب ولا 


ع 


أصولي» إنما ينشأ الواحد منهم وقد علم الخط من الكتّاب» فيعلقه ‏ أي : 


.657-:1١ من «ترتيب المدارك»‎ )١( 
.5060 :١ (؟) «الإلماع» ص 758» و«الصلة»‎ 


0 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


يحميه - عاميّ مثله بسماع الحديث. 5 ''» فانظر قوله «لم يتمثّل بين يدي 
عالم ولا ولا»» والتمثل؛ والخكول: القياة» آي: لم يحضت :طالب الحديك 
قائماً بين يدي عالم من علماء هذه الفنون» أو على بابه» ليتمكن من هذه 
العلوم التي يحتاج إليها طالب هذا العلم الشريف. وإلى الله المشتكى!. 

وقال القاضي عياض رحمه الله" في ترجمة أبي جعفر الداودي 
الأسديء المتوفّى سنة 507 : «بلغني أنه كان يُتكر على معاصريه من علماء 
القيروان سكناهم في مملكة بني عبّيدء وبقاءهم بين أظهرهم» وأنه كتب 
إليهم مر بذلك» فأجابوه: اسكت لا شيخ لك!. 

«أي: لأن دَرْسّه كان وحدهء ولم ع في أكثر علمه عند إمام 
مشهورء وإنما وصل إلى ما وصل بإدراكه» ويشيرون أنه لو كان له شيخ 
يفقهه حقيقة الفقه» لعلم أن بقاءهم مع من هناك من عامة المسلمين تثييت 
لهم على الإسلام» وبقية صالحة للإيمان..». 

فانظّر إلى جوابهم ما أبلّقه: اسكت لا شيخ لكء وإلى قوله: يفقهه 
حقيقة الفقه» فهذا ما أردثّه بقولي عن طالب العلم بالتلقي: يحصل على 
العلم الصافي المحمّق. 

وأصل هذا الجواب قديمٌ قائمٌ في نفوس العلماء سلفاً وخلفاً. وممن 
روي عنه من الأئمة المتقدمين: أبو حنيفة رحمه الله تعالى. 


١:١ من «البحر الذي زخر» للسيوطي‎ )١( 
.5٠7 :” «ترتيب المدارك)‎ )( 











ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ١17‏ 


فقد أسند الخطيب في «أدب الفقيه والمتفقه»"'' أنه «قيل لأبي حنيفة: 
في المسجد حَلّقة ينظرون في الفقه» فقال: لهم رأس؟ قالوا: لاء قال: لا 
يفقه هؤلاء أبداً». 

وفي «إسعاف المبطًّ»”"' للسيوطي رحمه الله: «قال إسحاق بن محمد 
الفروي: سكل مالك: أُيوّخَّذ العلم عمن ليس له طلب ولا مجالسة؟ فقال: 
لاء فقيل: أيؤخذ ممن هو صحيح ثقة» غير أنه لا يحفظ ولا يفهم؟ فقال: 
لا يكتب العلم إلا ممن يحفظ» ويكون قد طلب وجالس الناس» وعرف 
وعمل» ويكون معه ورع). 

ولهذا كلّه - وغيره ‏ «كان كل من أخذ العلم عن السطور ضالاً 
مضلاًء قال النووي رحمه الله: من رأى المسألة في عشرة كتب مثلاً لا 
يجوز له الافتاء بهاء» لاحتمال أن تلك الكتب ماشية على قول أو طريق 
ضعيف"". فأين المتبجح بأنه ليس له إلا شيخ واحد وبالإجازة لا 
بالتلقي!! أوليس هو الذي مرق صفوف طلاب العلم وشباب المسلمين» 
ثم مزّق كتب السنة تحت شعار العمل بالكتاب والسنة» وتمييز ضعيف 
الكنلاية يها !1 : 

وقد أسف بعض الأئمة لما دون العلم» لأنه وسيلة إلى إضعاف التلقي 
له عن الشيوخ. فقد روى الدارمي في مقدمة «السنن». والبيهقي في 

.0/40(0( 


(؟) ص .18١‏ 
(*) كما في «الفتاوى الحديثية» لابن حجر المكي ص77. 


5 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


«المدخل)"''. عن الأوزاعي أنه قال: «ما زال هذا العلم عزيزاً يتلقاه 
الرجال» حتى وقع في الصحف فحَمله - أو دخل فيه غير أهله). 

ويكون مع التلقي: الإقبال الشديد» والنَّهُمء والبكورء وقد يعبّر عن 
ذه لتخم نا يالف اعحدة بالر كر 

أسند ابن عبد البر'" إلى ثلاثة من الأجلاء: الإمام مالك» وسليمان 
البى + وسليمان بن حبيب المحاربي: أنهم حكرا عن لنهان الحكيم قولّه 
لابنه يوصيه: «يا بني: جالس العلماء» وزاحمهم بركبتيك» فإن الله يحبي 
القلوب:الحكنة» :كما يحي الأرض العيتة بوابل السواء 


وقد تقدم بعض عجائب أخبارهم في الإقبال على العلم والنَّهم في 
تحصيله» وأحكي لك نادرتين من نوادر أخبارهم في البكور للقرب من 
الشيخ لا غير. 

الأولق؟ أشتن القطيك" إلى تمسر بق د وتيت أنه قال نكن ناحجة 
المجلس - موضع الجلوس - في مجلس علي ابن المديني وقت العصر 
اليومَ لمجلس غدء فنقعد طول الليل مخافة أن لا نلحق من الغد موضعاً 
نسمع فيه» ورأيت شيخاً في المجلس يبول في طيلسانه.ء ويدرج 
الطيلسان» حتى فرغ» مخافة أن يؤخذ مكانه إن قام للبول!!». 

انيتهما : قصة الإمام أبي علي القالي رحمه الله تعالى» وهي كما 


.5٠١ «سئن الدارمى» (571)». و«المدخل» ص‎ )١( 
.)51/8/ - 51/5( في «جامع بيان العلم»‎ )( 
.)١556( فى «الجامع»‎ ١ 


ضرورة د تلقي العلم عن الشيوخ 1١6‏ 


حكاها عنه تلميذه أبو نصر هارون بن موسى بن جَنْدل النّحْويُ قال: ٠‏ 
نختلف أئ : نتردّد - إلى أبي علي البغدادي عو لفان رحمه الله وقفت 
إملاثه «النوادر» بجامع الزهراء - بقرطبة - ونحن في فصل الربيع» فبينا أن 
ذات يوم في بغض. الطريق إِذ أخَذتني ستحابة » فما:وصضلت إلى معلسه 
رحمه الله إلا وقد ابتَلّتْ ثيابي كلّهاء وحوالي أبي علي أعلام أهل قرطبة. 

فأمرني بالدنُوٌ منه وقال لي : مهلا يا أبا نصر» لا تأسفْ على ما عرض 
لك. فهذا الوم فلمل غلك بسرعة: بثياب غيرها ُبدلُهاء وقد عرض 
لي ما أبقى بجسمي تُدوباً يدخل معي القبر!. 

ثم قال لنا: 

كنت أختلف إلى الإمام ابن مجاهد رحمه الله» فأدلجت إليه لأتقرب 
منه» فلما انتهيت إلى الدرب الذي أخرج منه إلى مجلسه ألفيُه مُعْلَقَاً: 
وراث علي فتحه”": فقلت: سبحان الله! أبكر هذا البكور وأَغْلبْ على 
القرت هكة!: 

فنظرت إلى سرب بجنب الدار فاقتحمته أشدً الاقتحام حتى تَقَذتء 
بعد اذامت رقي قاني زات الاتب تي لحني بعد الكشفك العم ١‏ !ومن 
الله علي بالخروج» فوافيت مجلس الشيخ على هذه الحال!. 


فأين أنت مما عَرَضِ لي؟! وأنشدنا: 


مره اسم 0-1 5-001 ع 2-4 5 0 2 
ديت للمجك والساعون قد تخا جهد النفوس » وألقوا دونه الأزّرا 


)١(‏ راث: فعل ماض» مضارعه: يَرِيثْ» ومعناه صعب وتأخر علي فتحه. 


١55‏ ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


فكابدوا المجد حتى مَل أكثرئهم 2 وعائق المجد مَن أوفى ومَن صبرا 
لا تَحسّب المجد تمراً أنت آكلّه لن تبلغ المجدّ حتى تَلِعَقَ الصّيرا 

قال أبو نصر: فكتبناها عنه من قبل أن يأتي موضعها في «نوادره» 
وسّلني بما حكاه» وهان عندي ما عَرَض لي من تلك الثياب» واستكثرت 
من الاختلاف إليه» ولم أفارقه حتى مات. رحمه اللهغ0". 

فإذا ما اكتمل هلاله بدراًء أذن له شيوخه بالتعليم والإفادة» والكتابة 
والإفتاء» ونحو ذلك» ولا يزال هو يزداد إقبالاً عليهم » وانتهالاً من 
مواردهم» مهما تقدم به العلم والعمر. وهذا هو المرادٌ ب«طول زمان»: 
طول زمن الصحبة» وطول زمن الطلب» وعدم الفترة فيهما أو الانقطاع. 

ولقد سَرَى هذا الخلّق العلمي في حكم فقهي قاله فقهاؤنا الحنفية 
رحمهم الله تعالى. 

فمن المعلوم أن أفضل المساجد للصلاة فيها: المسجد الحرام» ثم 
المسجد النبويء ثم المسجد الأقصىء» قالوا: «ثم قباء» ثم الأقدم» ثم 
الأعظم ‏ الأكبر -» ثم الأقرب» ومسجد أستاذه لدرسه» أو لسماع الأخبار 
- أي المواعظ -: أفضل اتفاقاً»”". 


(1):«العيلةة لابن يشكال وحن 4 412458 والأبيات خوط يننرتانن 
الأسدي» شاعر إسلامي » وأحسبه أدرك الجاهلية». انظر «الأمالي» لي علي القالي 
نفسه »1١7:١1‏ وشرحها «سمط اللآلىء» للبكري :١‏ 794". وانظر إلى الدرس والفائدة 
في قوله «استكثرت من الاختلاف إليه» ولم أفارقه حتى مات». 

(؟) «الدر المختار» بحاشية ابن عابدين ١‏ : 557. 








ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ١/‏ 


أي: صلاة طالب العلم في مسجد شيخه أفضل من صلاته في 
المسجد الأقدم» أو المسجد الأعظمء أو الآقربء وذلك لإحرازه فضيلة 
الصلاة في المسجد والاستفادة من الشيخ» أو فضيلة الصلاة في المسجد 
وسماعه الموعظة العامة» فتراهم استحبوا للطالب أن يصلي في مسجد 
أستاذه فوا فر در ادر والصحبة» فقد يعرض للشيخ فائدة يقولهاء 
لا تأتي لها مناسبة في درس الكتاب والعلم» وما أكثر ذلك! وهذا لا يشعر 
به ولا يجده إلا التلميذ الممارس للصحبة"'". 


وقد كان ابن عباس رضي الله عنهما المكّل والقدوة في التوفر الكامل 


)١(‏ هذه الفقرة من قولي «ولقد سَرى هذا الحة العلمي..» إلى هنا أضفتها في 
الطبعة الثانية نداني الاختلاف»» وأضيف الآن في الطبعة الثالثة حكايتها للسادة 
القراء» فهي تطبيق عملي لهذا الحكم الفقهي: 

حي حي ادل الح فرعي الس ابرركد عه لاما تدر 
التراويح في تسعد ادغ وقانة للق ييف إأسدان العف الأواق :لهذا الكتاك»: وخبريق 
ونحن في انتظار إقامة الصلاة ‏ أذاكر فضيلته بقولهم: مذهبنا صواب يحتمل الخطأء 
ومذهب غيرنا خطأ يحتمل الصواب» فتبّهني ‏ تغمده الله برحمته ‏ إلى أن الأولى أن يقال: 
مذهبنا صواب ويحتمل الخطأء ومذهب غيرنا خطأ ويحتمل الصواب. 

فسررت بهذا التنبيه» وكررت له شكري عليهء فقال لي رحمه الله: لذلك قالوا: 
ومسجد أستاذه» فسكت متأمّلاً معنى هذا القول» فأعاد علي القول وقال: ذكروا أن 
الأفضل في حق التلميذ أن يصلي في المسجد الذي يصلي فيه شيخهء لتزداد له 
صحبته» فتكثر له الفائدة منه» فرجعت إلى المصدر الذي يجد القارىء الكريم العزو 
إليه»ء وشرحته بنحو ما شرحه لي شيخنا: 


0 بن اسه إن ع )ره 
بعشرتك الكرام تعد منهم فلا ثرين لغيرهم ألوفا 





لا ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


على الصحبة مع الآدب» فكان يجلس على باب الصحابي الذي يريد أن 
يسمع منه ما يسمع» فإذا خرج لزمه وصحبه وسأله» ولا يطرق عليه بابه» 
خشية أن يكون في نوم أو حاجة خاصة. 

وائتسى به الإمام عبد الرحمن بن القاسم العْتََيُ تلميذٌ مالك الأكبرٌ 
وخليفته في مجلسه. رحمهما الله تعالى» ومما جاء في ترجمته'"'' قوله: 
(اكنت أي لاسا فأسأله عن مسألتين» ثلاثة» أربعة» وكنت أجد 
منه في ذلك الوقت انشراح صدرء فكنت آني كل مسَّحَّرء فتوسّّدت مرة في 
عتّبتهء فغلبتني عيني» فنمت فخرج مالك إلى المسجد فلم أشعر به 
فركضئْني ‏ جارية ب سوداءٌ له برجلهاء وقالت: إن مولاك قد خرج» ليس 
يغقل كما تفل آنت١‏ البوع له تسم واربعوت سنة ما صلى الضب إلا 
بوضوء العتمة!!. 

ظنَّت السوداء أنه مولاه ‏ أي سيده ومالكه ‏ من كثرة اختلافه إليه» 
أي: تردّده وذهابه ومجيئه معهء ذلك أن هذا الجلوس في الليل على باب 
الدار شأن الموالي. 

فرحمه الله تعالى ورضي عنه. 

أما مجردٌ طلب العلم وتلقيه عن شيخ سنةً أو ستتين» ثم الاستقلال 
بالعلم» والفهم» والتلقي من الصحفء وما شاكل حال أهل زماننا - زمن 


)١(‏ فى «ترتيب المدارك) :١‏ ”7/ا0. 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ١84‏ 
العجائب -: فلاء وله”". 


زوق ابن غيد :البو" عن أبي الدرداء رضي الله عنه حكيم هذه الأمةء 
قال: «من فقه الرجل مُمشاه ومَّدخَلّه ومخرجه مع أهل العلم». 

ومن وصاياهم : حيثما كنت فكن قرب فقيه. 

ولهذه الوصية قصة؛ يحسن ذكرهاء وإن لم تكن من أصل موضوعنا. 

جاء في «التاريخ الكبير» لابن أبي خيثمة رحمه الله'" ما نصه: «قال 
عبد الله بن أبي موسى التَّسْتَري: قيل لي: حيثما كنت فكن قرب فقيه. قال: 
فأتيت بيروت إلى الأوزاعي» فبينا أنا عنده إذ سألني عن أمري» فأخبرته» 
قال: وكان (مجوسياً ثم) أسلم» فقال لي: ألك أبْ؟ قلت: نعم تركته 
بالعراق» مجوسي» قال: فهل لك أن ترجعء لعل الله يهديه (على) يديك؟ 
قلت: ترى لي ذاك؟ قال: نعم. 

فأتيت أبي فوجدته مريضاء فقال لي: يا بني» أي شيء أنت عليه؟ 


ع 
.و 


خبرته أني أسلمت» فقال لي: فاعرض علي دينك» فأخبرته بالإسلام 


)١(‏ ومن العجائب ‏ والعجائب جمّة في هذا الزمن ‏ أن تنقلب الحقائق والثوابت 
عند بعض الكاتبين» فيجعل مدحاً ما هو ذم ونقطة ضعف في حياة العالم» لو صحّ 
ذاك فيه» كما تجده في ترجمة بعضهم للإمام ابن عبد الهادي صاحب «مختصر طبقات 
علماء الحديث»؛ وكما تجده في كتاب أُفرد لترجمة الشيخ عبد القادر بدران. 

(؟) «جامع بيان العلم» .)851١(‏ 

(6) من القطعة المخطوطة المحفوظة في المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة 
ورقة 1/11. وهي في السفر الثالث من المطبوع (579/8). 


كر ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 
وأهلهء قال: فإني أشهدك أني قد أسلمت» قال: فمات في مرضه ذلك» 
فدفنته» ورجعت إلى الأوزاعي فأخبرته». 

فانظر إلى أثر «حيثما كنت فكن قرب فقيه» أي: عالم. 

(وصحبة أستاذ وطول زمان) : 

00 نوارك التابعي الثقة تُعيم بن عبد الله المجمر: 
أن ل قال: «أتى : نعيم المجمر أبا هريرة عشرين سنة»). أي: صحبه 
500000 

وقال ابن حبان”" في ترجمة حامد بن يحيى البلخي» أحد الثقات 
الحفاظ : «كان ممن أفنى عمره بمجالسة ابن عبينة». 

واشتهر في ترجمة التابعي القدوة الجليل ثابت البناني رضي الله عنه: 
أنه صحب أنس بن مالك رضي الله عنه أربعين سنة! كما في «السيّر»”"2 
ون 

وعن الإمام مالك قال: «كان الرجل يختلف إلى الرجل ثلاثين سنة 
يتعلّم منهة. وكأنه يعني نفسه رضي الله عنه. 


ثم أسند أبو نعيم عقب هذا الخبر إلى نافع بن عبد الله أحد تلامذة 


)١(‏ في «الثقات») 5:0/ا4. 
(؟) في «الثقات» أيقا 1 
(9) 1:6 5717. 

(5) «الحلية» 5: ٠م‏ 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ١7/١‏ 
ماللك قال اتج المي الها أرطن نج أ تعبا وثاوقزن سسحة» كل يوه 
أبكر» وأهجرء وأروح». 

وفي «مناقب أبي حنيفة)"': قيل لأبي حنيفة: «من أين لك هذا الفقه؟ 
فقال: كنت في معدن العلم والفقه. فجالست أهله. ولزمت فقيهاً من 
فقهائهم يقال له: حماد» فانتفعت به). وقال: لقد لزمت حماداً لزوماً ما 
أعلم أن أحداً لزم أحداً مثل ما لزمته» وكنت أكثر السؤال» فربما تبرّم مني 
ويقول: "يا أبا حنيفة» قد انتفخ جنبي وضاق صدري». 

فأفاد رحمه الله بقوله كنت في معدن العلم والفقه فجالست أهله»: أن 
توفر البيئة العلمية من أسباب النبوغ في العلم: إما في بيئته وأسرقه». وإما 
مع زملائه ورفقته» هو يكوّن لنفسه بنفسه المناخ العلمي له. 

وأفاد بقوله «لزمت فقيهاً من فقهائهم»: أهمية اتخاذ الطالب لنفسه 
يك عام نصله اع 1 يلازمه تمام ازاك يا" . 

وسَرَى هذا الخلّق العلمي في روح الخلف بعد السلف» وانطلاقاً من 
هذا المعنى قال العلامة الفقيه ابن تُجَيمء المتوفى سنة 41١‏ رحمه الله 
كلمته التي ت73: الوقصدهم بذلك أن لا يدعي علمهم إلا من 
زاحمهم عليه بالركب» وليعلم أنه لا يحصّل إلا بكثرة المراجعة» وتتبّع 


(1) للموفق المكى صن هبي 6 

(؟) وانظر هذين المعنيين جيداً فيما كتبه الإمام القاضي ابن العربي في «قانون 
التأويل» ص١5:0‏ 457» وهو يحكي لقاءه بالإمام الغزالي رحمهما الله تعالى. 

(') صفحة ١417‏ من «أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين». 


ف ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 
عباراتهم» والأخذ عن الأشياخ». 

ومن لم يتلق العلم عن العلماء» ولم يصحبهم زمناً طويلاً» ولم يتأدب 
بآدابهم» كيف يُتصوَّر منه أن يعرف قيمة العلماء؟ فلا عجب إذا طال لسانه 
وقلمه عليهم؛ ولم يتأدب بأدب الاختلاف معهم"". ولا بد لمن جالس 
العلماء العاملين أن يتأدب معهم» سواء باختياره أو باضطراره» حتى لو 
كان جليسّهم غير معتقد فيهم» لما لهم من الكرامة عند الله تعالى» فكيف 
إذا كان محباً لهم» معتقداً فيهمء قاصداً التلقي عنهم» والاسترشاد 
بهديهم!. 

روى أبو محمد الحارثي عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال: 
«ما مددت رجلي نحو دار أستاذي حماد بن أبي سليمان إجلالاً له» وكان 
بين داره وداري سبع سكك!)7”". 

وروى البيهقي في «مناقب الشافعي"" أنه قال: «قدمت المدينة» 
فرأيت من مالك بن أنس ما رأيت من هيبته وإجلاله للعلم» فازددت لذلك 
- أدباً - حتى ربما كنت أكون في مجلسه. فأريد أن أَصْمّح الورقة فأصفحها 
صفحاً رقيقاً هيبة له لثلا يسمع وَقعها!». 


)١(‏ وفي حال ابن حزم من السابقين عبرة. انظر كلام الشاطبي فيه قريباً ص 
5*» وانظر قصة الجوجَري مع الشريف يحيى المناوي ص 7717. 

(؟) «عقود الجمان فى مناقب أبى حنيفة النعمان» للعلامة الصالحى ص 797. 

.١55 :” )9( 


ثم أسند إلى الربيع بن سليمان"'' أنه قال: «والله ما اجترأت أن أشرب 
الماء والشافعي ينظر إلي» هيبة له! !). 
وهذا يصدّق قول القائل: 


ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظما 

وهذا أدب الأئمة» وأدب الإمام إمام الأدب» ولئن كنا نحن دون 
ذلك بمفاوزٌ لكن علينا أن نتدارك ونتشبّه ونسعى ونتأستى» والله ولي 
التوفيق» ويا خسارة المحروم!. 

وللإمام أبي إسحاق الشاطبي رحمه الله؛ كلام نفيس في كتابه 
«الموافقات» عن أهمية التلقي» وممن يكون التلقي» أنقل إلى القارىء 
الكريم منه ما تيسرء فإنه طويل. قال رحية انق" 

«المقدمة الثانية عشرة : من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق 
وه اد معن أهلة المتحققين به على الكمال والتمام'"..» وقد اختلفوا: 
هل يمكن حصول العلم دون معلّم أوْ لا؟ فالإمكان مسلّم» ولكن الواقع 
في مجاري العادات أن لا بد من المعلم» وهو متفق عليه فى الجملة» وإن 
اختلفوا في بعض التفاصيل.. واتفاق الناس على ذلك في الوقوع وجريان 
العادة به: كاف فى أنه لا بد منه. 


.5"9١ و«المدخل») ص‎ .»١50 «المناقب») ”؟:‎ )١( 
.7 ١ وسيائ طرف منهمن‎ 51118 
.٠١١ص سيأتي بيانه لأمارات المتحققين بالعلم بعد صفحة واحدة» ثم‎ )9( 


:لاا 20 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


وقد قالوا: إن العلم كان في صدور الرجال» ثم انتقل إلى الكتب» 
وصارت مفاتحه بأيدي الرجال"'". وهذا الكلام يَقضي بأن لا بد في 
تحصيله من الرجال» إذ ليس وراء هاتين المرتبتين' '' مرمى عندهم. 

وأصل هذا في الصحيح: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من 
الناس» ولكن يقبض العلم بقبض العلماء» الحديث"". فإذا كان كذلك 
فالرجال هم مفاتحه بلا شك”'". 


)١(‏ لفظ ابن رشد الجدّ رحمه الله في «المقدّمات الممهّدات» :١‏ 54: «كان 
العلم في الصدر الأول والثاني في صدور الرجال» ثم انتقل إلى جلود الضأنء 
وصارت مفاتحه في صدور الرجال» فلا بد لطالب العلم من معلم يفتح عليه ويطرق 
له). أي: يفتح له طرق الفهم. 

(؟) الكتب والرجال. 

() الحديث في البخاري :)٠٠١(‏ ومسلم 5: ٠١88‏ (17). 

(4) وفي «الآداب الشرعية» لابن مفلح ؟: ١١6‏ عن الإمام أبي حيان الأندلسي 
(المفسّر المحدّث النّحوي)» المتوفى سنة 40 رحمهما الله تعالى» من كلام قال في 
آخره: اوقد نظمت أبياتاً في شأن من ينهز بنفسه - أي: يرفع نفسه -» ويأخذ العلم من 
الصحف بفهمه: 

ين العَمْر أن الكئْب تَهُدي 2 أخافهم لإدراك العلوم 
ومايّدري الجهول بأن فيها ١‏ غوامض حيِّرتْ عقل الفهيم 
إذا رمت العلوم بغير شيخ ١‏ ضَلَلتَ عن الصراط المستقيم 
وتلتبس الأمور عليك حتى 2 تصير أضل من توما الحكيم 
أشرت إلى قول بعضهم: 
قال حمار الحكيم توما لو أنصفوني لكنت أركب 


فإذا تقرر هذا: فلا يؤخذ إلا من تخدق به وهذا أيضاً واضح في 
نفسهء وهو أيضاً متفق عليه بين العقلاء إذ إن شروطهم في العالم - بأي 
علم اتفق ‏ أن يكون: 

١‏ - عارفاً بأصوله وما ينبني عليه ذلك العلم. 

؟ ‏ قادراً على التعبير عن مقصوده فيه. 

 *‏ عارفاً بما يلزم عنه. 

؟ - قائماً على دفع اله الور وي 


فإذا نظرنا إلى ما اشترطوهء وعرضنا أئمة السلف في العلوم الشرعية» 
وجدناهم قد اتصفوا بها على الكمال. 

غير أنه لا يشترط السلامة عن الخطأ البئة. . ولا يقدح في كونه عالماًء 
ولا يضر في كونه إماماً مقتدى به» ل د لي 
وقة الكمال ودار ذلف النقسان» فل يتحو الرة الكمالة ما لم يكمل ما 


هوه 


لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب» 
رج ده طج دفن اين يد سردات مخيةا لنت 
عدداً من الناس» منها: أنه قرأ الحديث الشريف: «الحبة السوداء شفاء من كل داء)» قرأه: 
الحية السوداء شفاء من كل .ذاء» هكذا: الحية» بياء تنحنية 6 يكال الباء الموتحدة!1. 
وينظر هل هو الذي ترجمه الحافظ في «الدرر الكامنة» آخر حرف التاء المثناة» 
وأرخ وفاته سنة 4 7/ا؟. 
(1) انظر الإفادة 11 من «الإفادات والإنشادات» ص7١٠‏ للإمام الشاطبي نفسه. 


من ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


فصل : وللعالم المتحقق بالعلم أمارات وعلامات» تتفق مع ما تقدم. 

وإن خالفتها ذ في النظرء وهي ثلاث: 

إحداها : العمل بما علم» حتى يكون قوله مطابقاً لفعله» فإن كان 
مخالفاً له فليس بأهل لأن يؤخذ عنهء ولا أن يقتدى به في علم. 

والثانية : أن يكون ممن ربّاه الشيوخ في ذلك العلمء لأخذه عنهم 
وملازمته لهم» فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك». وهكذا 
كان شأن السلف الصالح. 

فأول ذلك: ملازمة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله كل وأخذّهم 
بأقواله وأفعاله» واعتمادهم على ما يرد عنه» كاثناً ما كان» وعلى أي وجه 
صدر.. (وذكر قول عمر للنبي كَلْةِ يوم الحديبية: ألسنا على حق وهم على 
باطل..» ثم قال): 

فهذا من فوائد الملازمة» والانقياد للعلماء والصبر عليهم في مواطن 
الإشكال'''. حتى لاح البرهان للعيان» وفيه قال سهل بن حُيّيف يوم صفين: 
أيها الناس, انّهموا رأيكم, والله لقد رأيدّتي يوم أبي جَنْدَل ولو أني أستطيع أن 
أرد أمر رسول الله كَل لرددته. وإنما قال ذلك لما عرض لهم فيه من 
الإشكال» ولكنهم سلَّموا وتركوا رأيهم حتى نزل القرآن» فزال الإشكال 
والالتباس. 

وصار مثل ذلك أصلاً لمن بعدهمء فالتزم التابعون في الصحابة 


() انظر الفصل الذي كتبه الشاطبى رحمه الله فى «الموافقات» 5: "7١‏ وأوله: 
«ترك الاعتراض على الكبراء محمود...) 


ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ١//‏ 


سيرتهم مع النبي كَل حتى فقهوا ونالوا ذروة الكمال مع العلوم الشرعية» 
وحَيّك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالماً اشتهر في الناس الأخذ 
عنه إلا وله قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك» وقلّما وُجدت فرقة زائغة» 
ولا أحد مخالف للسنة إلا وهو مفارق لهذا الوصف. 

وبهذا وقع التشئ على ابن حزم الظاهري» وأنه لم يلازم الأخذ عن 
الشيوخ ولا تأدب بآدابهم'''» وبضدً ذلك كان العلماء الراسخون» كالأئمة 
الأربعة وأشباههم. 

والثالثة : الاقتداءٌ بمن أخذ عنه» والتأدب بأدبه» كما علمت من اقتداء 
الصحابة بالنبي كله واقتداء التابعين بالصحابة» وهكذا في كل قرنء 
وبهذا الوصف امتاز مالك عن أضرابه. أعني: بشدة الاتصاف بهء وإلا 
فالجميع ممن يُهْتَدى به في الدين؛: كذلك: كانواء -ولكن مالكاً اشتهر 
بالمبالغة في هذا المعنى. فلما ترك هذا الوصف رَفَعت البدع رؤوسهاء لأن 
ترك الاقتداء دليل على أمر حَدّث عند التارك» أصله اتباع الهوى. 

فصل : وإذا ثَبَتَ أنه لا بد من أخذ العلم عن أهله: فلذلك طريقان: 


أحدهما : المشافهة» وهى أنفع الطريقين واسلعفينا: و 


)١(‏ لاحظ قول الشاطبي: لم يلازم» لئلا يشكل عليك كثرة شيوخه في الرواية؛ 
الذين يروي عنهم في «المحلى» وغيره» فهذا شيءء وذاك شيء آخرء فالملازمة 
تقتضي استدامة الصحبة والمجالسة» والرواية تكون في مجالس يسمع فيها الحديث» 
أو يجيزه الشيخ بالكتاب مثلا. 

)ذم وجه] واتكدا فقط: 


ك1 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


الأول : خاصيّة جعلها الله تعالى بين المعلّم والمتعلّمء يشهدها كل 
من زاول العلم والعلماء» فكم من “مسألة يقرؤها المتعلم في كتابه 
ويحفظها ويردّدها على قلبه فلا يفهمهاء فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها 
بغتة» وحصل له العلم بها بالحضرة... إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم ما لا 
يفتح له دونهم» ويبقى ذلك النور لهم بمقدار ما بقوا في متابعة معلمهم 
وتأدبهم معه واقتدائهم به وذكر حديث مسلم''' -: نافق حنظلة» وقوله 
كِ: «لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذّكر لصافحتكم الملائكة 
عن فوشكم وفي طرقكم..). 

الطريق الثاني : مطالعة كتب المصنفين» ومدوي الدواوين» وهو 
أيضاً نافع في بابه بشرطين : 

الأول: أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب ومعرفة 
اصطلاحات أهلهء ما يتم له به النظر في الكتب» وذلك يحصل بالطريق 
الأول من مشافهة العلماء» أو مما هو راجع إليه» والكتب وحدها لا تفيد 
الطالب منها شيئاً دون فتح العلماء» وهو مشاهد معتاد. (إذاً: آل الأمر إلى 
التلقي). 

والشرط الثاني : أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المرادء 
فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين”". وأصل ذلك التجربة والخبّر. 


(5:5400١1؟(؟1١).‏ 
(9؟) قال الحافظ ابن حجر في «لسان الميزان» *: 1 ترجمة خالد بن أنس: 
«النفس إلى كلام المتقدمين أميل وأشلً ركوناً»» وانظر مناسبة هذا القول ليكون وقعه 


ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 7 


أما التجربة: فهو أمر مشاهد في أي علم كانء فالمتأخر لا يبلغ من 
الرسوخ في علم ما ما بلغه المتقدم... فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس 
كتحقق التابعين» والتابعون ليسوا كتابعيهم» وهكذا إلى الآن. ومن طالع 
سيّرّهم وأقوالّهم وحكاياتهم أبصر العجب في هذا المعنى. 

وأما الخبر: ففي الحديث: «خير الناس قرني» ثم الذين يلونهم» ثم 
الذين يلونهم»» وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع ما بعده كذلك - وذكر 
أخباراً عديدة ‏ » ثم قال: 

فلذلك صارت كتب المتقدمين وكلامهم وسيّرهم أنفع لمن أراد 
الأخذ بالاحتياط في العلم على أي نوع كان» وخصوصا علم الشريعة 
الذي هو العروة الوثقى» والورّر الأحمى. وبالله تعالى التوفيق». 

انتهى كلام الشاطبي رحمه الله تعالى. 

التحذير الشديد من تشبيخ الصحيفة : 


وتتالت طبقات العلم والعلماء على هذا النهج» وحصل لبعض 
المتقدمين منهم ‏ على ندرة نادرة ‏ خطأ في قراءة كلمة» فتوالت منهم 
كلمات تحدّر من أخذ العلم عن الصحيفة» وأنشأوا عَلْمِين للضبط 
والتقييد: «التصحيف والتحريف» للكلام عامة. و«المؤتلف والمختلف») 
للأعلام خاصة» كما توالت على ألسنتهم: لا تأخذ القرآن عن مُصحفي» 
ولا العلمّ عن صّحفي. وشاع على الستتهم التعوذ بالله من تشييخ 


1 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


وقد ذكر الذهبي في ترجمة الإمام الأوزاعي'" سبباً واحداً من أسباب 
تحذيرهم من الأخذ من الصحف. هو تصحيف الكلمة بما يحيل المعنى 
ويفسده. إذ لم يكن انتشر في ذلك العصر ‏ عصر الإمام الأوزاعي ‏ النّقط 
والشكل. 

وأقول: نعم» ثم عم وانتشرء إلى عصر شيوع الطباعة» لكنا ابتلينا في 
المطبوعات بما هو أشد وأفظع من ذلك» لأحد أسباب ثلاثة» منفردة أو 


«. 


مجتمعه : 

- أخطاء مطبعية عَقُوية لا يخلو عنها الطبع البشري» مع اهتمام 
الطابع» أو المحقق» وحرصهما الأكيد الشديد على الصحة والدقة. 

أو ثلك. الأخطاء المطبعية الناتجة عن ضعف اهتمام الطابع أو 
المحقق لوصولهما إلى الصواب. 

ا أو قلق الأغنطاء العلمية والتطعية النامحة عن مدخ «الممقق 1 ]) 
في تحقيق كتاب في علم لم يطلبه» فضلاً عن أنه لم يتقنه! وما إلى ذلك 
من صور واقعية مشيئة!. 

أقول: إنا ابتلينا في عالم المطبوعات» بهذا (التشويه) لهذا التراث 
النقي المشرق» وهو أشد بلاء وضرراً على العلم والدين» مما كان يحصل 
في عالم المخطوطات. 


.١١5 فى «السير) لا:‎ )١( 


ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 1/41 


وهذا مما يزيد الأمر تأكيداً على ضرورة تلقي العلم عن العلماء» 
المتوارثين للعلم طبقة بعد طبقة. 

وإنما أؤكد على ضرورة تلقي العلم عمن توارث العلم جيلاً بعد 
جيل» لأصل في حديثي إلى التحذير من الواقع الذي وصلنا إليه» بل: 
لأصل إلى التحذير من الهاوية التي وصلنا إليها. 

استطراد في أثر الدراسة الجامعية على العلم الشرعي"" : 

لقد كان العلم بالتلقي والمزاحمة بالرٌكب» ووقوف طلاب العلم على 
أبواب العلماءء وبقراءة عدد من الكتب المعتمدة في كل فن» وبحفظ 
أمهات المختصرات في كل علمء وكان الطالب يتدرّج في التحصيل 
تدرجاً مشتركاً: بين تحصيل التلقي» وتحصيل الجهد الشخصيء» أقصد: 
في مطالعاته الخاصة» مع رجوعه إلى شيوخه فيما يشكل عليه فيصل 
بتوفيق الله إلى مرحلة يكون فيها مرجعاً للجيل اللاحق لهء من الطلاب» 
أو عامة المسلمين في استفتاءاتهم» مع الضعف المشهود: ضعف. الجيل 
الثاني عن الجيل الأول» وضعف الجيل الثالث عن الجيل الثاني» وهكذا. 

لكنا انتقلنا إلى مرحلة خطيرة أدّت بنا إلى مرحلة أشدً خطراء فكان 
الأمر كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتن آخر الزمان: 
ايرقق بعضها ا 


.١95ص ينتهى هذا الاستطراد آخر‎ )١( 
.)55( ١ زه6 هذا طرف من حديث رواه مسلم 7: ؟/ا م‎ 


١‏ ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


أما المرحلة الأولى الخطيرة : فهي الدراسة في الجامعات الشرعية 
«كليات الشريعة» من غير مطالبة الطالب بالحضور والدوام» ولا يشترطون 
لقبوله أن يكون (طالب علم شرعي) قبل دخوله المرحلة الجامعية» أي: 
إنه لم يدرس المرحلة الإعدادية والثانوية في المدارس الشرعية» بل يقبّل 
طالباً منتسباً في كلية الشريعة ولو كان طالب ثانويات عامة» ليس له أساس 
في العلوم الشرعية» ولم يدرس مبادثها وضرورياتها. 

يدخل هذا الطالب المرحلة الجامعية» فيدرس في كلية الشريعة أربع 
سنوات» يتخرّج بعدها مدرساً ومعلماً للأجيال ديئهاء وينظر إلى نفسه أنه 
صار (عالماً) إذا جلس بين العامة» يتكلم في دين الله بما تقتضيه ضرورة 
يلين : 

ولكل إنسان ثلاثة أعمار: عمر زمني: من يوم ولادته» وعمر عقلي: 
حسب ما وهبه الله من مدارك» فقد يكون عقله أكبر من عمره الزمني» 
وقد يكون متناسباً معهء وقد يكون أصغرء وعمرٌ علمي: وذلك من يوم 
بدء دراسته لهذا العلم. ش 

فهذا الطالب الذي درس في كلية الشريعة أربع سنوات» وكان قبلها 
طالباً في الثانويات العامة يكون عمرّه العلمي الشرعي يوم تخرّجه أربع 
سنوات» ومع ذلك يبدأ بتدريس الأجيال» أو يتصدر المجالس!. 

والفرق بينه وبين ذاك الطالب الذي درس العلوم الشرعية ستً 
سنوات» في المرحلة الإعدادية والثانوية» ثم ارتقى إلى المرحلة الجامعية 
فدرسها أربع تواتك :أنه 'ضناوت سنوات عمره العلمي الشرعي عشر 


ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ش ١/1‏ 

هذا من حيث العدد والرقم. 

اناعم سيف الأهمةفالفوق أكين بكري إذ إن عذا الطالب: درن 
ست سنوات زائدة» لكنها من حيث الأثر والفائدة تعدل أضعاف الرقم 
العددي» إذ هي ست سنوات تأسيسية لمراحل عمره العلمي كلهاء وهي 
تشكل في ارتقائه العلمي تدرجاً سليماً» وارتقاء صحيحاًء أما ذاك فيحاول 
الرقي إلى السطح دون مراقي (دَرَّج)؛ وهذا لا يكون أبداً. 

والداء الوبيل» وهو الخطر الثاني» هو أن أساتذة الجامعات الشرعية 
يَعلّمون ما عليه طلابهم من الضعف». ومع ذلك فإنهم يجرؤونهم آخر 
العام - حتى في السنة الأولى ‏ في الاختبارات النهائية على أن يزاحموا 
الأئمة المجتهدين: أبا حنيفة ومالكاً والشافعي وأحمدء في آرائهم 
واجتهاداتهم , إذا بحثوا مسألة فقهية في مادة الفقهء أو في آيات الأحكام» 
أو أحاديث الأحكام» بأن يذكر الطالب الذي بلغ من العمر العلمي سنة 
واحدة رأي الأئمة الأربعة وغيرهم» ثم يذكر رأيه وترجيحه!!! وزد من 
إشارات التعجب ما شكت. 

وزيادة في ضعف هذا الطالب: فإن الطالب الجامعي ينثا على دراسة 
العلم في مذكرات يكتبها الأساتذة» ثم تنقلب إلى كتب مطبوعة» ويقطعون 
الطلاب عن كتب الأئمة السابقين» وتراثهم الأصيل القويم القديم» 
وعباراتهم العلمية الضينة .وما تحمل من مضطلحات: .توزؤكة: لابين 
لطالب العلم من فهمهاء وتصير هذه المذكرات المطبوعة هي مصادرهم 
في المستقبل» بحيث إذا احتاج هذا (الطالب) فيما كان» و(العالم) فيما 
سيكونء إذا احتاج إلى مراجعة مسألة علمية في كتاب تراثي: يصعب 


1 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


عليه» وبهذا نكون قد قطعنا رجال اليوم والغدء عن علماء الأمة السابقين» 
وهذا خطر علمي كبير» وقد وقع في شراكه كثير» وأوقعوا فيه غيرهم. 

ولَآن أقول: إن الحكم الفقهي أفتى فيه فلان وفلان من أئمة الفقه 
السابقين» في كتاب كذا: بكذاء خير من أن أقول: أفتى فيه الدكتور فلان 
وفلان» من الأساتذة الجامعيين» ولَأَنْ أقول: الحديث الفلاني صححه 
فلان وفلان من الأئمة السابقين» خير من أن أقول فيه: صححه فلان 
وقلانا من المحاصريق»: ١‏ فالمعاضرون" إن اصابوا:” فمن. .فنّات مواق 
المتقدمين » وإن أخطأوا فلا حاجة بنا إلى خطتهم. 

وضرر هذه الدراسة ‏ على مستوى الفرد -: كما وصفت: تُخرج 
طالب علم ضعيفاً لا يصلح لشيء» مع ما يحمله من شذوذات» إلا إذا 
كانت رغبته في تحصيل العلم قوية نابعة من قلبه» فحيئئذ تشمله العناية 
الإلهية» ويوفق لتدارك تقصيرهء فيطلب العلوم التأسيسية» ويلحق 
بالركب» وهذا قليل قليل. 

أثر البرامج الحاسوبية على طالب العلم : 

وزَامنَ هذا القطع عن تراث الأئمة السابقين» بل ساعد على المزيد 
من الانفصام عنه: تلك البرامج الحاسوبية التي عمَّّتْ وطمَّتْء وصار ينظر 
إلى غير المتعامل معها: أنه ضعيف في علمه وفهمه» متخلّف عن ركب 
الحضارة العلمية!!. 

ولا يُنكر فائدة هذه الدراسة الجامعية» وفائدة هذه البرامج» بعضً 
الفائدة: ذو بصر» فضلاً عن ذي بصيرة» كما أنه لا يتكر ضررها المادي 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ يليل 


والروحي - لمن اقتصر عليها - ذو بصرء فضلاً عن ذي بصيرة» وبقلار ما 
يقتصر عليها الباحث» يكون ضرره بها مادياً وروحياً. 

فمن ضررها المادي: أنه لا يصح أبداً الرجوع إليها فقطء دون 
الرجوع إلى مصادرها الناقلة عنهاء والحديث عن هذه الفقرة طويل. 

أما بيان ضررها الروحي: فإن العلم الشرعي يختلف عن العلوم 
الأخرى. من حيث إنه علم» وتربية وسلوكء إنه يمكن المهندس 
المعماري ‏ مثلاً ‏ أن يعتمد على برامج لرسوم هندسية» ذلك أنه يتعامل 
مع جمادات وأحجار. أما طالب العلم فإنه يتعلم العلم» ويتعلم معه 
السلوك بوالعمل مق 'الشيوخ». :إن البرتامج: الحاسوين. يقول لهت مثلا.ت: 
الصلاة فريضة» ودليل ذلك كذاء لكن ليس فيه روح نورانية ينفخها في 
جلساته والناظرين إليه» كما في قصة يحيى بن يحيى النيسابوري مع الإمام 
مالك» وليس له عينان يراقب بهما أصحابه ليربيهم كما يريد» كما في قصة 
الإمام أحمد مع ضيفه أبي عصمة البيهقي» الم وما ري 

الاكتفاء بالدراسة الجامعية وخطورتها على الأمة الإسلامية : 


أما ضرر هذه الدارسة على مستوى الأمة: فخطير خطير»ء إذ إنها 
أوجدت في الآمة (أنصاف المتعلمين»» وما أكثرهم فينا!. 

ولو أننا قمنا بعملية إحصائية بسيطة لخريجي كلية من كليات الشريعة 
على مدى 50 سنة من عُمّرها الجامعي» ولننظن: كم خريجاً يصلح للفتوى 
منهم ) مع ملاحظة من كان منهم ينتمي إلى جذور (مشيخية) غير الجامعة» 


.١ 1١ تأتي قصة يحيى بن يحبى ص17١275 وتأتي قصة أحمد مع ضيفه ص‎ )١( 


000 
ومع هذا كله: فإني لا أنكر بعض محاسن الدراسات الحديثة لطالب 
العلم» إلى جانب هذه المحاذيرء وأن الأتم والأكمل للطالب جمعه 

للحشيين بين القذيم الأضيل :والحلايثف الركيت: 

أنصاف المتعلمين وأثرهم السيء في مختلف العلوم : 

وقد ضمَّن الشرع الحنيف «مَن تَطَبّبّ ولم يُعلم منه طب" فحصلت 
منه إذاية بدنية لمريض» فكذلك يجب الحجر على من يؤذي الناس في 
دينهم من باب أولى: «وقد قال بعض الناس: أكثر ما يفسد الدنيا: نصف 
متكلمء ونصف متفقه» ونصف متطبب» ونصف تحوي. هذا يفسد 
الأذيان وعدا نتبدد التلدانه هذا ينيع انقوس اتيك الا 
الله تعالى» يستأذن أخاه شاعر حماة الأستاذ بدر الدين الحامد» في إتمام 
دراسته في الجامع الأزهرء أيام كان الأزهر أزهراً؛ وذلك بعد فراغه من 


,017١79 0/٠1 5( نص حديث شريف» رواه أبو داود (5515)» والنسائي‎ )١( 
وصححه ووافقه الذهبي» وهو‎ »)/4184( 7١7:5 وابن ماجه (20754577 والحاكم‎ 
مختلف في وصله وإرساله» وقد اعتمده الآئمة الفقهاء في مذاهبهم.‎ 

(؟) من آخر «الفتوى الحمّوية الكبرى» لابن تيمية رحمه الله تعالى. وينظر ما يأني 
بعده» فإنه منقول مما كتبته في ص 75 من «أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين». 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ /1 ١‏ 


الدراسة بحلب» فقال له أخوه: لا مانع عندي» ولكن أريد منك أن ترجع 
أحد رجلين: عالماً أو جاهلاًء أما أن ترجع نصف متعلم فلا. 

ذلك أن العالم يتكلم بعلم» والجاهل يسكت لأنه يعرف أنه جاهل» 
أما نصف العالم فيتكلم ظاناً أنه عالم» وهو جاهل؛ فيضل ويُضلء وهذا 
هو الذي يقال فيه: جاهل جهلاً مركباًء لأنه جاهل» ولا يدري أنه جاهل. 

وهذه التتائج لهذه المرحلة الخطيرة» رقَقَتْ وسهّلت المرحلة الثانية 
التي دخلت علينا منذ سنين قليلة مضت» هي دراسة العلم عن طريق 
الجامفات المشكرسة ا من حياة الطالب تلك الساعات 
القليلة التي يلتقي فيها الطالب بأساتذته الجامعيين» خلال السنوات 
الأربعة» أو ما زاد عليها!. 

وجمّل الطريقتين في أعين الناس الدعايات لهماء بتوفيرهما الشهادات 
العلمية» وأسباب الرزق والمعاش» دون تحمل أعباءٍ السفر إلى البلدان 
الأخرى» ونفقات السفر والعيش في الغربة» وغالباً ما يكون أهل الطالب 
في عجز مادي. 

وهذا لا ينكرء لكن لا ينكر أيضاً أننا ودَعْنا العلم» وودَعَنا العلمء ولا 
ينكر أن العلم قد احتّضر أيام المرحلة الأولى» ثم إنه مات مع المرحلة 
الثانية. 

ولذلك» فإني اقول وأكرن القول» :وارنعو وألح في الرجاء: أن يتدارك 
السادة الصفوة الباقية من أهل العلمء هذه الحال المتدهورة في التعليم» 
فيعودوا - بشكل خاص - إلى حلقات التعليم السابقة» وما يتبعها من 
أساليب نجح علماؤنا السابقون باتباعهاء فأوصلوا العلم غضاً طرياً إلى ما 


بعد مئات السنين من حياتهم. 

ونحن على ثقة تامة» وأمل عظيم محقق» بالله الكريم» المتكفّل بحفظ 
دينه الاتريمة إلى قيام الساعة. أن يهيوء 06 أمناء يبلّغون دين الله عد 
ل على النهج .القويم» إلى الأجيال اللاحقة» إلى يوم الدين» 
محفوظين أيضاً بحفظ الله لهمء لا يضرّهم من خذلهم ولا من خالفهم» 
كما تواتر ذلك عن الصادق المصدوق». صلوات الله وسلاماته عليه وعلى 
آله وأصحابه» ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. 

وهذه البشارات النبوية القطعية ثوابت عندنا لا تتغيّر ولا تزول» لكن 
علينا أن نسعى للعمل على التشرف بالقيام بهاء وإلا فإن الله تعالى يقول: 
#وَإِسَتَتوََرَا كنيل مَوْمَا عر ثم لايَكُونوا أمتتلكرٌ 4 محمد: /". 

استطراد حول ما استُحدث من قراءة كتب السنة سرداً : 

هذاء وإن الحديث عما استحدث من طرق جديدة في التعليم» 
يدعوني إلى الحديث عن الطريقة الجديدة التي امتحودت في قراءة كتب 
السنة النبوية» فأقول» وبإيجاز شديد: 

أولاً : إن مقارنة سريعة جداً بين أخبار (الأصالة) في القراءة والسماع» 
وأخبار (المعاصرة) في القراءة والسماع» تعطينا الحكم الصادق العدل 
على ما ظهر حديثاً على الساحة الحديثية. 

فمن أخبار السلف في دقة السماع والرواية: هذه الأخبار الثلاثة 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ ١/1‏ 


التي رواها الخطيب في «الكفاية»""'. أولها: عن الثقة الحجة الورع 
علي بن الحسن بن شقيق المروزي» أحد خاصة أصحاب ابن المبارك 
رحمهما الله تعالى» أنه سئل: هل سمعت «كتاب الصلاة» من أبي حمزة 
د الشكرقي:-ة قال شفيعة) الكقا كله إلا آنة تمق تمان يوم » فح 
علي حديث أو بعض حديث» ثم نسيت أي حديث كان من الكتاب: 
فتركت الكتاب كله. 

ثانيها : عن ابن معين قال: أتينا حاتم بن إسماعيل بشيء من حديث 
عبيد الله بن عمرء فلما قرأ علينا حديثاً قال: أستغفر الله» كتبت عن 
عبيد الله كتاباًء فشككت في حديث منهاء قلست أحدت غته قلبلة ولا 
كثيراً. 

الثها : عن يوسف بن مسلم قال: سمعت الهيثم بن جميل - البغدادي 
الأنطاكي ‏ يقول: سمعت من شعبة سبع مئة حديث» فشككت في واحد 
منهاء فتركتها كلّها. 

وروى السمعاني”"' عن الإمام الحجة يحيى بن يحيى التميمي 
النيسابوري أحد رواة «الموطأ» عن الإمام مالك رحمهما الله تعالى: أنه قال 
لمالك بعد ما فرغ من قراءة «الموطأ): «ما سكن قلبي إلى هذا السماع؛ 
قال: ولم؟ قال: لأني خشيت أنه سقط مني شيء. فقرأ مالك» فلما فرغ 
قال: ما سكن قلبي إليه» لأني أخشى أن يكون سقط من أذني شيء» قال: 


.7706 - 74 صفحة‎ )١( 
.)١5( (؟) فى «أدب الإملاء والاستملاء»‎ 


15 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 
فما تريد؟ قال: أقرؤه أنا ثانياً فتسمعه» فقرأه» فتمّ له سماع ثلاث مرات». 

وقال الحافظ ابن حجر في آخر ترجمة الإمام الحافظ أبي قرة 
الرّبيدي''': «صنف كتاب «السئن» على الأبواب في مجلدء رأيته» ولا 
يقول في حديثه: حدثناء إنما يقول: ذَكر فلان» وقد سئل الدارقطني عن 
ذلك؟ فقال: كانت أصابت كتبّه علة» فتورّع أن يصرّح بالإخبار». 

وقال الزركشي”"': «روى الشيخ أبو محمد الجويني -» عن أبي بكر 
الحيري» عن أبي العباس الأصم قال: كان يقرأ عليه حديث فقال: أروي 
نصفهء ولا أروي نصفه الآخرء فقيل له في ذلك؟ فقال: قرأت نصفه على 
الشيخ» ثم نهق حمارء فلا أدري سمعه الشيخ أو لا؟ فشككت فيه فتركته. 
وكان الناس هكذا». 

وكانت وفاة أبي العباس هذا سنة 0757 وانظر وتأمل قوله: وكان 
الناس هكذا!! ومن شواهد أن الناس كانوا هكذا: هذه الأخبار التي 
قدمتها. 

وجاء في ترجمة الإمام ابن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل 
الفراوي أنه اقال7: كنا نسمع امسند ض عوانة1 علي أ القاسم 
القتشيري» وكان يحضر رجل من المحتشمين» يجلس بجنب الشيخ 


.7"0٠0:1٠١ من «تهذيب التهذيب»‎ )١( 
.)517/5( ٠٠١8: (؟) في «النكت على ابن الصلاح»‎ 
و«طبقات» السبكي 7: 17/8» والنقل منه.‎ 27١1/8 :19 كما في «السير»‎ )"( 





ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 5١‏ 


- القشيري -» وكان القارى" أبِي » فاتفق أنه بعد قراءة جملة من الكتاب» 
انقطع ذلك المحتشم يوماًء وخرج الشيخ على العادة» وكان في أكثر 
الأوقات يخرج ويقعد وعليه قميص أسود خشن» وعمامة صغيرة» وكنت 
أظن. أن والدي يقرأ الكتاب على ذلك المحتشمء فشرع أبي في القراءة» 
فقلت: يا سيدي على من تقرأ والشيخ ما يحضر؟ فقال: وكأنك تظن أن 
شيخك ذلك الشخص؟ قلت: نعم» فضاق صدره واسترجعء وقال: يا 
بني» شيخك هذا القاعد. وعلّم ذلك المكان» ثم أعاد لي من أول الكتاب 
إليه»). 

قلت: هذا الخبر يدل - أيضاً - على أهمية معرفة شخص الشيخ 
المقروء عليه» للتحمّل عنه» وينظر لهذه المسألة في كتب علوم الحديث» 
هل يصح هذا التحمل أو لا؟. 

وجاء في ترجمة الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى'''» من كلام 
الإمام الحافظ القطب الحلبي: «كان آية في الإتقان والتحري» أتيته بجزءٍ 
سمعه من ابن رَوَاج» والطبقة بخطه» فقال: حتى أنظر فيه» ثم عدت إليه 
فقال: خطيء لكن ما أُحَقق سماعه ولا أذكره» ولم يحدّث به). 

وهذه الأخبار وغيرها تعطي صورة صادقة عن (الأصالة) في القراءة 
والسماع» وأن الإسناد من الدين» وأنه مفخرة علوم الإسلام» ومظهر من 
مظاهر العبقرية الإسلامية» وأنه مصدر الطمأنينة والوثاقة بدين الإسلام. 


.9 : 5 فى «الدرر الكامنة»‎ )١( 


١4‏ ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


ثانياً : وبعد استقرار الأمور على ما يرام» بدأ يدخل أمران اثنان على 
الرواية بالقراءة والسماع. 

اوتؤياء: [نخضار .عفار المدل لجال الزووايةه ردن لسن تن أخل 
العلم: 

وثانيهما: رغبة بعض الأئمة أن يعلو إسنادهم بروايتهم لكتاب معيّن» 
أو رغبتهم بتكثير طرق روايتهم له. 

أما الأول: فكثيراً ما يتحقق الرجاء لهذا الطفل» فيتوجه إلى طلب 
العلم» ويكون في المستقبل عالماً مقصوداً بالرحلة لعلمه» ولعلوً إسناده» 
كما أنه قد يتوجه هذا الذي ليس من أهل العلم» فتشمله العناية والبركة» 
ويسلك طريق العلم» فيكون من أهله. والأمثلة كثيرة» وكثيراً ما لا يكون 
هذا ولا ذاك. 

وكان من أثر حضور هذه المجالس من هذين الصنفين: أنهم يروون ما 
تحمّلوه حين عدم أهلية التحمّل» وهذا الذي تحمّلوه إما كتاب مشهور 
متذاول»-وغذا التحمل ضعيف» لكن لأ يضر الكتات المشهور المتداؤول: 
أو جز من أجزاء السنة النبوية» غيرٌ مشهور ولا متداول» فيدخل بسبب 
عدم أهليتهما للتحمّل كما ينبغي» احتمال عدم ضبطهما وإتقانهما لما 
تحمّلوه» فيتعذّر على مّن بعدهما من أهل العلم الحكم على أحاديث هذه 
الأجزاء بالصحة""". 


)١(‏ وهذا هو الذي عناه ابن الصلاح رحمه الله بقوله في المسألة الثانية من مسائل 
الحديث الصحيح: إذا وجدنا فيما يُروى من الأجزاء حديثاً فإنا لا تتجاسر على جزم 








ضرورة تلقي العلم عن الشبوخ ١١‏ 


وأما الثاني: فإنهم ‏ في الواقع ‏ قد تحملوا الكتاب رواية ودراية» 
وضبطاً وتحريراً مرات سابقة» والآن يتحملونه رغبة في تكثير الطرق وعلو 
الإسناد» فلا يضر تحمّلّهم إياه بهذه الطريقة إن حصل فيها شيء”". 

أما" إن كان هنذا التحج ' العسيفة هر الأول والافر 6 نوه نض 
لصاحبه التبجح بأنه سمع كتاب كذاء وكتاب كذاء من أصول السنةء 
وليس له سابقة علم بقوانين الدراية: فلا قيمة لهذا السماع ولا التحمل. 

ومن أخبار (المعاصرة) عن القراءة والسماع: أنه جاءني منذ أكثر من 
أربعين سنة طالب علم يحكي (انتفاخ الطاووس) وقال لي: إنه حضر كتاب 
كذا ‏ من الأصول الستة ‏ على العالم الفلاني ‏ من المشاهير -» وكتاب 
كذا على فلان» وذكر من جملة ذلك: حضوره «سنن الترمذي» على عالم 
مشهور جداً» فتعمّدت أن قلت له: بلا قَوْت!ء فسكت ولم يفهم ما قلته!! 
فهل هذا الإسناد هو الذي عناه الإمام ابن المبارك بقوله: الإسناد من 
الدين؟! 

أقول: معاذ الله-من ذللك»: إنها مرادة مكل .ما سكي قبل قليل عن 
تلميذه علي بن الحسن بن شقيق. 

وكأن الدعاة المروجين لهذه الطريقة غافلون عن أمرين اثنين: 

أولهما : هذا الفارق الذي قدمتهء وهو أن السابقين تلقوًا الكتب أولاً 
الحكم بصحته» وللبحث تتمة وبيان فيما علّقته على «تدريب الراوي»: يسّر الله إتمامه 


)١(‏ ينظر «الجواهر والدرر» للسخاوي »١57 :١‏ وما بعدها. 


5 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


على ما يرام من الدقة والإتقان» ثم تلقَوها بهذه الطريقة» لهذه الرغبة» 
فاحتجاج المتساهلين علينا بهذاء فيه ما يسميه الأصوليون: قياس مع 
الفارق» أو: قياس فاسد. 

ثانيهما : غفلتهم عن الظرف الذي نحن فيهء الذي يتهجم فيه عدة 
طوائف على السنة النبوية» ليهدموا حجيتها من قلوب الناس: من القرآنيين 
والعلمانيين والعقلانيين» وجهلة متعالمين!! إذ يتذرّعون علينا بالطعن 
بالسنة» بهذه الاتصالات الهزيلة» ويقولون: إن كانت سنة نبيكم صلى الله 
عليه وسلم» مبنية على هذا الأساس فهو أساس على جرف هار مثهار. 

ولا بد من تعقّل للأمورء وتفقّه للأحداث» وحسن تطبيق لما نقرؤه» 
على الواقع الذي نعيشه. 

عودة إلى وظائف تلقي العلم عن الشيوخ : 

وذكر الإمام الغزالي رحمه الله في «الإحياء» عشر وظائف على المتعلم 
والعالم» وقال(: «الوظيفة الخامسة: أن لا يدع طالب العلم فناً من العلوم 
المحمودة» ولا نوعاً من أنواعه» إلا وينظر فيه نظراً يطلع به على مقصده 
وغايته» ثم إن ساعده العمر طلب التبِحٌر فيه وإلا اشتغل بالأهم منه 
واستوفاه» وتَطَرّف من البقية'"'» فإن العلوم متعاونة» وبعضها مرتبط 
ببعض» ويستفيد منه في الحال الانفكاك عن عداوة ذلك العلم» بسبب 


(9) ١١١له.‏ 
(؟) أي: أخذ من كل علم طرفاً. 





ضرورة ة تلقي العلم عن الشيوخ ١4‏ 


جهله. فإن الناس أعداء ما جهلواء قال تعالى: وذ لَمَيهسَدوأيو فَمَفُولُونَ 


- 


مَْدَاإِفْكُ قَرِيكٌ 4 الأحقاف: .١١‏ 

والوظيفة السادسة: أن لا يخوض في فنٌ من فنون العلم دفعة» بل 
براعي الترتيب ويبتدى” بالأهم... 

والوظيفة السابعة: أن لا يخوض في فنّ حتى يستوفي الفن الذي قبله» 
فإن العلوم مرئّبة ترتيباً ضرورياًء وبعضها طريق إلى بعض» والموفق من 
راعى ذلك الترتيب والتدريج..». 

وقال ابن الجوزي"'": «للفقيه أن يطالع من كل فن طرفآء من تاريخ 
وحديث ولغة وغير ذلك» فإن الفقه يحتاج إلى جميع العلوم» فليأخذ من 
كل شيء منها مهماً». 

ثم قال آخر هذه الخاطرة: «ينبغي لكل ذي علم أن يساهم بباقي 
العلومء فيطالع منها طرفاًء إِذْ لكل علم بعلم تعلّق»» وذكر بين كلاميه 
أمثلة من كلام بعض الفقهاء فيها تناقضات تاريخية» أصاب فيها إلا 
واحداًء استدركه عليه فضيلة محققه الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي رحمه 
الله» فاستفدنا منه: أن المشاركة في العلوم ينبغي أن تكون على وجه 
التحقيق والإمعان» وأن لا يسارع الكاتب أو المؤلف في الانتقاد 
والاستدراك”". 


.)7350 فى «صيد الخاطر) ص ”لا‎ )١( 
زفق لي لهذه الفائدة: عدم الإسراع في الاستدراك, أقول: إن استدراك‎ 





15 ضرورة تلقي العلم عن الشيوخ 


ويتصل بكلام الإمام ابن الجوزي وتنبيهه إلى أوهام تاريخية في كلام 
بعض الأئمة الفقهاء: كلام طويل وأمثلة كثيرة في أوائل «الإعلان بالتوبيخ» 
للسخاوي» وفي مقدمة «الوافي بالوفيات» للصفدي» ومقال للعلامة 
الكوثري في أواخر «مقالاته» بعنوان: «بعض أغلاط تاريخية»» وينظر بعده 
ما علّقته على أوائل النوع الحادي والعشرين: الحديث الموضوعء من 
اتدريب الراوي»» يسّر الله إتمامه بمنّه وكرمه. 

كما أن للعلامة السيد محمد عبد الحي الكتاني كلاماً آخر يتصل 
بضرورة تحري التاريخ والطبقات» وذلك في آخر كتابه «فهرس 
بار 


فضيلة الشيخ لهذا الأمر الواحد» يحتاج إلى تثبّت ومراجعة» فإني راجعت فلم أجد 


0. 


(5)1:مه١ ١‏ دكال. 





اختيار الشيخ /1 ١‏ 


المعلم التاسع 
اختيار الشيخ 
إن هذا العلم دين : 


ينبغي أن يكون مفتاح هذا العنوان: المنهج الذي رسمه الإمام التابعي 
الجليل محمد بن سيرين (١١١٠ه)‏ رحمه الله تعالى» بقوله: «إن هذا العلم 
دين» فانظروا عمن تأخذون بتكي 

ومراده ب «هذا العلم»: العلوم الشرعية» والعربية وآلاتهاء لكونها 
خادماً للعلوم الشرعية» كما نبه إليه المناوي رحمه الله”". 

وأسند الخطيب”" إلى إبراهيم النخعي المتوفئ سنة 47 عن نحو 
خمسين عاماًء فهو من مواليد منتتصف القرن الهجري الأول» وأدرك علية 
القوم» قال رحمه الله: «كانوا إذا أَنَوَا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سّمته» 
وإلى صلاته» وإلى حاله» ثم يأخذون عنه». 


)١(‏ رواه الإمام مسلم في مقدمة «صحيحه» ١5 :١‏ أول الباب الخامس» وختم 
به الترمذي كتابه «الشمائل»» وروي موقوفا ومرفوعاء ولا يصح. وانظر «الجامع» 
للخطيب ١71(‏ فما بعدها)» و«المحدث الفاصل» (/ا 57‏ 550). 

(؟) في «فيض القدير) 7: 040. 

() في «الجامع» »2١175(‏ و«الكفاية؛ ص/ا6١.‏ 


١14‏ اختيار الشيخ 


وأسند الرامهرمزي نحوه'" إلى أبي العالية الرّياحي عصري إبراهيم 
النخعي» بل هو أعلى طبقة منه» ولفظه كلفظ النخعي: يحكي عن حال 
الصحابة وكبار التابعين في أخذهم العلم عمن هديه في العبادة» مطابقاً 
للعلم المحمدي المتوارث بينهم. 

واختيار الشيخ أمر مهم جد لطالب العلم» لكن حيث يكون له مجال 
الاختيار» أما في الحال العامة: مثل نظام الدراسة في أيامناء فللطالب 
يجان لاسو لاتخاطاطيع بخاص بلفونة زر اكلةنو قن وض الذرة 
يحضر عليهم دروسه النظامية» وليس له اختيار في بعضهم الآخر. 

ومن تنبيه العلماء وأقوالهم عن اختيار الشيوخ: ما قاله الإمام البدر ابن 
جماعة رحمه الله''': «ينبغي للطالب أن يقدّم النظر ويستخير الله فيمن يأخذ 
العلم عنه» ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه» وليكن ‏ إن أمكن - 
ممن كمّلت أهليته» وتحققت شفقته» وظهرت مروءته» وعرفت عفته» 
واشتهرت صيانته» وكان أحسنٌ تعليماًء وأجود تفهيماًء ولا يرغبُ 
الطالب في زيادة العلم مع نقص في ورع» أو دين» أو عدم خُلّق جميل... 
وإذا سرت أحوال السلف والخلف لم تجد النفع يتحصل غالباً والفلاح 
يدرك طالباً» إلا إذا كان للشبخ من التقوى نصيب وافرء وعلى شفقته 
ونصحه للطالب دليل ظاهر. 


«وليجتهد الطالب على أن يكون الشيخ ممن له على العلوم الشرعية 


.)570( فى «المحدث الفاصل)‎ )١( 
.86 [ه© في (تذكرة السامع والمتكلم» ص‎ 








اختيار الشيخ ١4‏ 


- عو و2 

تمام الاطلاع, وله مع من يوثق به من مشايخ عصره كثرة بحث وطول 
اجتماع . لا ممن أخل من بطون الأوراق» ولم يعرف بصحصة المشايخ 
الحذاق» . 

قلت: وينبغي للقارى” الكريم أن يتأمل هذه الأوصاف المطلوبة في 
0 ليدرك 0 الى 0 
والفلاح والتجاح للطالب إلا إذا كا لشيخه حً واف من الصلوحء شيخ 
0 

وتقدء”" أن الإنسان يتأثر بمعايشته للحيوان في طباعه وسجاياه» أنساً 
وجفاء»ء فما بالك بتأثره بجليسه من بني جنسه! فما بالك بتأثره بأساتذته 
ومربيه؟ ثم ما بالك بتأثره بخاصة أساتذته: الذي اتخذه قدوة له ومربياًء فلا 
ريب أنه سيكون الأمر كما تقدم في الأخبار التي ذكرتها فيما سبق عن 
الصحبة وأثرها بشكل عام» وأثرها بشكل خاص. 

ومن النصائح الغاليات من الإمام الذهبي رحمه الله'" قال: «كان 
السلف يطلبون العلم لله فتَبُلوا وصاروا أئمة يقتدى بهم»؛ ثم ذكر أقساما 
على غير هذا الهدي» وقال: «وتلاهم قوم انتمّوا إلى العلم في الظاهرء 

وى 7 ٠‏ 5 5 . سواه 
ولم يتقنوا منه سوى نزر يسير» أوهموا به أنهم علماء فضلاء» ولم يدر في 


.105 - ١67 صفحة‎ )١( 
18 ف «السيره ماع‎ )9( 


6 اختيار الشيخ 
أذهانهم قط أنهم يتقربون به إلى الله. لأنهم ما وأا شيكا ققد به في 
العلم» فصاروا مَمَّجاً رَعاعاًء غاية المدرس منهم أن يحصل كتباً مثمّة 
يخزنها وينظر فيها يوماً ماء فيصحّف ما يورده ولا يقرّره» فنسأل الله النجاة 
والعفو» كما قال بعضهم: ما أنا عالم» ولا رأيت عالماً». 

فالسبب الذي جعل هذه الفئة ‏ كما وصفهم -: همجاً رعاعاً: لا أتقنوا 
العلم» ولا سلكوا طريق العمل: هو أنهم لم يصحبوا عالماً ربانياً يسري 
علمه وصلاحه فيهم» فيقتدوا به. 

هذاه :نتن لمحتن العييك :ينه :آنه ناتاه اطالك الخال اعف تعيةاز 
غذائه العلمي والفكري» والسلوكي والروحي» وإن أستاذه الخاص هو 
مصدر تكوينه في هذه الجوانب الأربعة» وهو قدوته فيهاء وهو الممثل لها 
في نظر الطالب» بل هو الصلة بينه وبين الله عز وجل» وبينه وبين العباد 
أيضاًء فهم ينظرون إليه نظرة عامة من خلال نظرتهم إلى المدرسة العلمية 
التي انتسب إليها أولاً» ثم ينظرون إليه نظرة خاصة من خلال نظرتهم إلى 
شيخه الذي اختاره قدوة له. 

فلذا كان من المفيد أن أنقل تعريفاً بما ينبغي أن يكون عليه العالم 
القدوة» عن أكثر من عالم قدوة. 

أمارات العالم المتحقق بالعلم : 

كتب الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى كلاماً طويلاً عن 
أمارات العالم المتحقق بالعلم» الذي يصح اتخاذه قدوة» أقتبس بعضهء 


اختيار الشيخ ا 
فال وسوي ا 

«المقدمة الثانية عثيرة : من أنفع طرق العمل المُوصلة إلى غاية التحقق 
به أخذه عن أهلة المتحققين به على الكمال والتمام». ثم قال: «وللعالم 
المتحقق به أمارات وعلامات تتفق مع ما تقدم. وإن خَالَنْها في النظرء 
وهي ثلاث 

ا(إحداها: العمل بما علم» حتى يكون قوله مطابقاً لفعله» فإن كان 
مخالفاً فليس بأهل لأن يُؤخذ عنهء ولا أن يُقتدى به في علمء وهذا 
المعنى مبيّن على الكمال في كتاب الاجتهادء ولله الحمد'". 

«والثانية : أن يكون ممن ربّاه الشيوخ في ذلك العلمء لأخذه عنهمء 
وملازمته لهم» فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك» وهكذا 
كان شأن السلف الصالح» فأول ذلك ملازمة الصحابة رضي الله عنهم 
لرسول الله صلى الله عليه وسلمء وأخذهم بأقواله وأفعاله» واعتمادهم 
على ما يرد منه» كاثناً ما كان وعلى أي وجه صدر منهء فَهِموا مغزى ما 
أراد به أوْ لاء حتى علموا ود تيقنوا أنه الحق الذي لا يعارض. 0 

إلى أن قال: «فهذا من فوائد الملازمة والانقياد للعلماء» والصبر 
عليهم في مواطن الإشكال؛ حتى لاح البرهان للعيان».. وصار مثلّ ذلك 
أصلاً لمن بعدهمء فالتزم التابعون في الصحابة سيرتهم مع النبي صلى الله 
عليه وسلمء حتى فقهواء ونالوا ذروة الكمال في العلوم الشرعية» 


.15 :١ فى «الموافقات»‎ )١( 
(؟) 4: 185 من «الموافقات» نفسه.‎ 


0 اختيار الشيخ 
كلك ذو قن هذه القاغدة انقدالا جد عالما اشكيو :في الداس اعد 
عنه إلا وله قدوة اشتهر في قرنه بمثل ذلك» وقلَّما وجدت فرقة زائغة» 
ولا أحدَ مخالف للسنة» إلا وهو مفارق لهذا الوصف» وبهذا الوجه وقع 
التشنيع على ابن حزم الظاهري» وأنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ» ولا 
تأدب بآدابهم'''. وبضدٌ ذلك كان العلماء الراسخون» كالأئمة الأربعة 
وأشباههم. 

«والثالثة : الاقتداء بمن أخذ عنهء والتأدب بأدبه» كما علمت من 
اقتداء الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم» واقتداء التابعين بالصحابة» 
وهكذا في كل قرن» وبهذا الوصف امتاز مالك عن أضرابه» أعني: بشدة 
الاتصاف بهء وإلا فالجميع ممن يهتدى به في الدين: كذلك كانواء ولكن 
57 اشتهر بالمبالغة في هذا المعنى». 

وهذا كلام نفيس للغاية» وللإمام الشاطبي رحمه الله كلام آخر في 
مواطن أخرى من كتابه ينبغي تتبّعها فيه. 

مزيل من أمارات العالم المتحقق : 

وقال الإمام البدر ابن جماعة رحمه الله''': «آداب الشيخ في نفسهء 


وهي اثنا عشر نوعاً: 


00 نعم كان له كثرة من الشيوخ ء شيو الزوات: إلا أن الشاطبي يتكلم عن 
شيوخ الصحبة والملازمة والتأدب بآداب العلماء المتحققين به. وانظر ص 777. 


(8 6 في «التذكرة» ص .١6‏ 





اختيار الشيخ 1 


١‏ - دوام مراقبة الله تعالى في السرّ والعلن» والمحافظة على خوفه في 
جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله» فإنه أمين على ما أودع من العلوم. 

؟ - أن يصون العلم كما صانه علماء السلف» 50 
إلى غير أهله من أبناء الدنيا. 

 *‏ أن يتخلّق بالزهد في الدنيا والتقلّل منها بقدر الإمكان الذي لا 
يضر بنفسه أو بعياله. 

4 - أن ينه علمه عن جعله سلما يتوصّل به إلى الأغراض الدنيوية. 

4 - أن يتنزه عن دَنِيّ المكاسب ورذيلها طبعاً. وعن مكروهها عادة 
وَكدْرعا: ويتجنّب مواضع الثمم وما :فيه "تقض عرروءة8: أقها بكر 
ظاهراء :وإن كات جاتر | باطنا. 

5 أن يحافظ على القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام. وكذلك 
القيام بإظهار السنن وإخماد البدع. 

أن يحافظ على المندوبات الشرعية القولية والفعلية» كتلاوة 
القرآن» وذكر الله تعالى بالقلب واللسان» وما ورد من دعوات وأذكار. 

أن يعامل الناس بمكارم الأخلاق. 

4 أن يطهر باطنه وظاهره من الأخلاق الرديئة» ويعمره بالأخلاق 
المرضية» ثم ذكر بعض الأخلاق الرديئة وقال: «أدوية هذه البلية مستوفاة 
في كَتّبٍ الرقائق» فمن أراد تطهير نفسه منها فعليه بتلك الكتب» ومن 


7 اختيار الشيخ 
أنفعها كتاب «الرعاية» للمحاسبى رحمه اللّه يه وأطال رحمه أللّه. 

.هه دوام الحرص على الازدياد» بملازمة الجد والاجتهاد. 
والمواظبة على العبادة والاشتغال بالعلم: قراءة وإقراءً» ومطالعة وفكراًء 
وتعليقاً وحفظاء وتصنيفا وبحثاء ولا به يضيّع شيئاً من أوقات عمره في غير 
ما هو بصدده من العلم والعمل إلا بقدر الضرورة» أو لألم أو غيره مما 
يتعذر معه الاشتغال» وكان بعضهم لا يترك الاشتغال بعروض مرض 
خفيف أو ألم لطيف. بل كان يستشفي بالعلم'"'» ويشتغل بقدر الإمكان» 
كما قيل: 
إذا مرضنا تداوينا بذكركم ونتركٌ الذكر أحياناً فننتكس 

وذلك لأن درجة العلم درجة وراثة الأنبياء» ولا تنال إلا بشق 
الأفين» 

قال الربيع: لم أر الشافعي رضي الله عنه آكلاً بنهارء ولا نائماً بليل» 


)١(‏ هكذا الصواب» وتحرفت كلمة «تعالى» هناك إلى: يقال» فتصحح. 

(0) روى الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» ص87 عن الإمام أحمد بن 
منصور الرمادي: أنه إذا اشتكى شيئاً دعا أصحاب الحديث وقال لهم: اقرؤوا علي 
الحديث. وممن كان على هذا السّنن: فضيلة العلامة الشيخ ظَفْر أحمد العثماني 
التهاتوي ١٠١١(‏ - 1795) رحمه اللهء كان إذا ازداد عليه ثقل المرض» زاد في 
تدريس «صحيح» البخاري» يستشفي بذلك» فيكرمه الله تعالى بالشفاء. 

واتصلت مرة -هاتفياً - بسيدي الأجلّ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله» 
أسأله عن أمرء فرأيت في صوته ضعفاً فاعتذرت» على أمل أن أتصل ثانية» فأصرٌ 
رحمه الله إلا أن أسأل وقال: قل» قل» كانوا يستشفون ب: حدثنا وأخبرنا. 


اختيار الشيخ 3 
لاشتغاله بالتصنيف. 

313 لا يسكت أن دما لادلحه بد هن دولة منضنا ‏ د 
0000 

١‏ - الاشتغال بالتصنيف والجمع والتأليف» لكن مع تمام الفضيلة» 
وكمال الأهلية» أما من لم يتأهل لذلك» فالإنكار عليه متّجه» لما يتضمنه 
من الجهل» وتغرير من يقف على ذلك التصنيف بهء ولكونه يضيع زمانه 
فيما لم يتقنه). انتهى. 

والذي أراه وأعتقده: أن الشيخ القدوة هو واحدء سواء في طريق 
العلم» أو طريق التربية والسلوك (التصوف)» والعلم الصحيح» والتصوف 
الصحيح: متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخرء وقد قال الإمام الغزالي 
06د عن شيخ التصوف كلمات خا لذ تقدم وزيادة» قال: «هو 
من يُعرض عن حب الدنيا وحب الجاهء وكان قد تابع شيخاً بصيراً 
تتسلسل متابعته إلى سيد المرسلين صلى الله عليه وسلمء وكان مُحسنا 
رياضة نفسه..» وكان بمتابعة الشيخ البصير جاعلاً محاسنّ الأخلاق له 
سيرة» كالصبر والصلاة والشكرء والتوكل واليقين» والسخاء والقناعة» 
وطمأنينة النفس» والحلم والتواضع» والعلم والصدقء والحياء والوفاءء 
والوقار والسكون والتأني» وأمثالهاء فهو إذاً نور من أنوار النبي صلى الله 
عليه وسلمء يصلح للاقتداء به». 


والجديد في هذا البيان: تأكيده رحمه الله على أن يكون اقتداء الشيخ 


.١؟9ص في رسالته «أيها الولد؛‎ )١( 


ا / اختيار الشيخ 


بهدي النبي صلى الله عليه وسلمء اقتداء متوارثاً: عالماً ربانياً عن عالم 
رباني» مرشدا عن مرشدء» بلسان الحال قبل لسان المقال. 

واختيار مثل هذا الشيخ لا يتسئّى - غالباً - لطالب العلم المبتدىى 
فإما أن يختان. له ويدال عليه وزما أن يناش استنارة إلى أن يتاهل الظالث 
لذلك بنفسهء ومع ذلك: فلا بد له أن يَسأل الله تعالى: أن يدلّه على من 
يدله عليه. والله يتولاني وإياك» وكل طالب علم وهداية. 

ولا بد من التنبيه إلى معنى يتصل باختيار الشيخ» وهو: أن هذا 
(الشيخ) إنما هو للصحبة والقدوة» إلى جانب الاستفادة العلمية» ولا يراد 
من التأكيد على اختياره لطالب العلم: الاقتصارٌ عليه» بل ينبغي للطالب 
تعدد شيوخه» لتتسع دائرة علمه وثقافته وفكره» بل كانوا يحرصون على 
ذلك» ويتسابقون إليه. 

وأؤكد علق ما اقتامته تن التترقةا .وين :كيوخ الزواية -واللقاف وبين 
شيوخ الصحبة والملازمة والاقتداء. 

البكور في صحبة الشيخ القدوة : 

ومن توفيق الله تعالى للطالب: أن ييسّر له التزامٌ عالم عامل من بواكير 
أيامه في الطلب» ويستمرً على هذه الصحبة طوال أيامه» دون فتور ولا 
انقطاع عنه» بل يزداد ‏ مع الأيام - صحبة والتزاماء وحباً واتقطاعاًء حتى 
تنطبع في شخصيته طباع شيخه وخصالهء كما سبق في تاريخ صدر 
الإسلامء اطع لي لماه رضي اللداعنهم اجو الاسيدةا ريتوك :انه 
صلى الله عليه وسلمء فاو مدا يداني وها 





اختيار الشيخ 04 





وهذا الحب الشديد» كان أحدّ الأسباب الرئيسية في حفظ حفاظهم 
للسنة النبوية من الأقوال والأفعال والهدي العام» ومنهم سيدنا أبو هريرة 
رضي الله عنه بحفظه هذا القدرٌ الكبير من السنة» والذي ساعده عليه: 
الانقطاع التام أيام «التحمل»» ثم الانقطاع التام أيام «الأداء». 

ولا تتم القائلة؟ المرسترة طن مق" المح واتفيباء الطال تفال 
فيكة ووقاهة إلا إذا كان مقلق الظالت شييعة تخلقا شديدا .فكلها واد 
تعلقه به ازداد توجه الشيخ إليه بالإفادة والنصح» وازداد الطالب ترقياً في 
الكمالات العلمية والعملية. 

وحال الصحابة رضي الله عنهم علماً وفضلاً وكمالاً: خيرٌ دليل على 
ما أقول» فإن العامل القوي فيها كان حبّهم لسيدنا رسول الله صلى الله عليه 
وسلمء وبسببه صدر ما صدر من اقتدائهم به» حتى في أمورهم العادية بَلَهَ 
العبادية. 

وأشير باختصار إلى شذرات من أخبارهم وأخبار من بعدهم» مما 
ذكرته في «حجية أفعال رسول ا عد الله عليه وسلم»”". 

فمنها: موقف علي رضي الله عنه» لما رجع من اليمن» وعلم بتوجه 
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحج» فتوجّه هو أيضاًء فسأله عليه 
الصلاة والسلام: «بما أهللت يا علي؟2 قال: بما أهل به النبي صلى الله 
عليه وسلم. ومثلّه موقف أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وهذان في 


الفصيحية: 





0١ 0‏ اختيار الشبخ 





وروى أبو داود» وأحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه في قصةء 
قال: لا أجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حال أبداً إلا كنت عليها. 

ولما رأى أنس رسول الله صلى الله عليه سلم يتتبّع الدباء من حوالي 
القصعةء قال: لم أزل أحب الدباء من يومئذ» وصار يحرص على صنعها 
في طعامه. ولما رأى أبو أيوب الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم 
لم يأكل الطعام الذي فيه ثوم أمسك هو عن أكلهء وقال له: إني أكره ما 
كرهت. ْ 

ولما بايع قرة بن إياس المزني رسول الله صلى الله عليه وسلم على 
الإسلام» كان قميصه عليه الصلاة والسلام آنذاك مُطلّق الأزرار» فما رئي 
قرة إلا مطل الأزرار» وكذلك كان ابنه معاوية» لا في حر ولا في برد. 

وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها ‏ كما في الصحيحين : كان النبي 
صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمّن في تنعّله وترجله وطهوره» في شأنه 
كله ففهم ‏ والله أعلم - عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه من هذاء 
التعميم «في شأنه كله»: أن الإشارة باليد أثناء الحديث ينبغي أن تكون 
كذلك» باليد اليمنى» وفي أحد أيامه الشديدة: يوم وفاة ولده» رأئ رجلاً 
يتكلم ويشير بيساره» وعمر ما يزال في المقبرة» فقال له: يا هذا إذا 
تكلمت فلا تُشر بشمالك» أشرُ بيمينك!! فقال الرجل: ما رأيت كاليوم! 
إن رجلاً دفن أعرّ الناس» ثم إنه يهمّه يميني من شمالي”"!!. 
وهذا أغرب أخبارهم» فيما أعلم. 


.4١١ص وانظر خبر الإمام أحمد الآتي آخر‎ )١( 


اختيار الشيخ 1 


والشاهد- من :هذا أن :لحب الشديد يورك التائر الكندين» وإن شعت 
قلت: يورّث الاتباع الكامل» وهذا هو المطلوب بين التلميذ وأستاذه 
الخاص» وهذه هي الحال التي كان عليها علماؤنا السابقون مع خاصة 
شيوخهم» ورحم الله علماء الإسلام» وألحقنا بهم على خير حال. 


10 الصحبة مع الأستاذ 


المعلم العاشر 
الصحبة مع الأستاذ 


إن صلة الطالب بأستاذه» تزيد على صلته بصاحبه ومعايشته 
للآخرين» من حيث إنه يُسْلم إليه زمامه وقياده في هذه الأمور: العلم 
والثقافة والسلوك..» فمنه يتعلم العلم» وبه يقتدي بالعمل والسلوك. 

هذا في صلة الطالب بأساتذته عامة» ويزيد التأثرُ والانطباع منه 
بأستاذه الخاص» الذي أحبّه وآثره على غيره» وأخذ على نفسه الانتساب 
إليه» فحينئذ تظهر فيه وعليه اختصاصاته العلمية أولاً» ثم أخلاقه وأقواله» 
وأفعاله» وعاداته» وسجاياه» وهذا ما يسمونه ب: الهذي والدّل. 

وكنت عَرَضت لهذا المعنى في «أدب الاختلاف»» فأنقل منه ما 
و 

روى أبو عبيد القاسم بن سلام'": أن أصحاب ابن مسعود كانوا 
يرحلون إلى عمر رضي الله عنهم جميعاً» فينظرون إلى سَّمْته وهديه ودله» 
فيتشبهون به. ظ 


03 نيد اتنا عدها 
(0) فى «غريب الحديث)» ": *81”. 


الصحبة مع الأستاذ 0 





قال ابن الأثير'"'؟: الدل والهدذي والسمت عبارة عن الحالة التي يكون 
عليها الإنسان من السكينة والوقار»ء وحسن السيرة والطريقة» واستقامة 
المنظر والهيئة. 

وحكى ابن سيرين رحمه الله عن حال كبار التابعين: أنهم كانوا 
يتعلمون الهّدي» كما يتعلمون العلم؛ حتى إنه بعث رجلا ينظر إلى هدي 
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق» لما عند القاسم من هدي النبوة» 
وهَّي بيت النبوة: من قبّل جده الصديق الأكبر» وعمته السيدة عائشة 
رضي الله عنهم أجمعين» مع ملاحظة أن ابن سيرين والقاسم من طبقة 
واحدة» لكن يمتاز القاسم بما ذكرت. 

وجاء في «ربيع الأبرار» للزمخشري'"': «قيل لعبد الله بن المبارك 
وقد سافر ‏ أين تريد؟ قال: البصرة» قيل: من تقصد بالبصرة؟ قال: ابن 
غون + هذ من الخلدقه» الكل من آدابه): ومع تمام إذراك مكانة هذا الخير 
أن يُعرف: في أي البلاد كان ابن المبارك وقصد منها السفر إلى البصرة» 
هل كان في بلده الأصلي: مروء فالسفر إلى البصرة يكون فيه آلاف الكيلو 
مترات!!. 

ومما رواه ابن عساك ر'"' في ترجمة ابن عون» عن ابن المبارك قوله: 
«ما أحد ممن لقيت آسّئ عليه» كما آسّئْ على ابن عون أن لا أكون لزمته 


)١(‏ فى «النهاية» :”2373 وأصله لأبى عبيك. 
(؟) :هلام 
قرف الست يت 16 


1" ش الصحبة مع الأستاذ 


حتى أموت»» وقوله الآخر بعد صفحة: «طلبت العلم فوجدتهء وطلبت 
الأدب فلم أجده إلا عند مسعرء وابن عون). 

وحكى الذهبي"''' أنه كان يجتمع في مجلس الإمام أحمد زهاء خمسة 
آلاف أو يزيدون» نحو خمس مئة منهم يكتبون» والباقون منهم يتعلمون 
منه حسن الأدب والستمث: 

ومن أخبارهم رحمهم الله في اقتباس الأصحاب أخلاق شيوخهم 
وهديهم: : ما حكاه الذهبي أيضاً عن حميد بن عبد الرحمن الرُؤاسي قال: 
يقال: لم يكن أحد من الصحابة أشه قدي 557 ره سو 
بالنبي صلى الله عليه وسلمء وكان أشبة الناس به علقمة» وكان أشبهة 
الناس بعلقمة إبراهيم النخعي» وكان أشبههم بإبراهيم منصورٌ بن المعتمر» 
وأشبه الناس به الثوري: وأشبة الناس بالثوري وكيع» وأشبه الناس بوكيع» 
فيما قاله محمد بن يونس الجمّال: أحمد بن حنبل. 

إلى غير ذلك من الأخبار. 

وفي أصحاب الإمام مالك: يحيى بن يحيى التميمي النيسابوري 
المتوفى سنة 7١7‏ رحمه الله» شيخ البخاري ومسلمء قال فيه الإمام أبو 
بكر ابن إسحاق الصبْغي'": «لم يكن بخراسانَ أعقل من يحيى بن يحيى» 
وكان أخذ تلك الشمائل من مالك , بن أنس» أقام عليها لأخذها سنة بعد أن 
فرغ من سماع «الموطأا» فقيل له في ذلك؟ فقال: إنما أقمت معي 


.75١5:1١١ فى «السير)‎ )١( 
.055 :١ كما فى «(ترتيب المدارك)‎ )( 





الصحبة مع الأستاذ يحض 





لشمائله» فإنها شمائل الصحابة والتابعين». 

وقال ابن عبد البر''' عن تلميذ مالك الآخر: يحيى بن يحيى بن كثير 
الليثي الأندلسي المتوفى سنة "77 رحمه الله: كان ثقة عاقلا حسنّ الهدي 
والسّمت» كان يشبه في سمته بسمث مالك. 

وقال الإمام أبو إسحاق الشاطبي'"' وهو يتحدث عن صفات العالم 
المتحقق بالعلم: «الثالثة : الاقتداء بمن أخذ عنه» والتأدب بأدبه» كما علم 
من اقتداء الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلمء واقتداء التابعين 
بالصحابة» وهكذا في كل قرن» وبهذا الوصف امتاز مالك عن أضرابه» 
أعني: بشدة الاتصاف به» وإلا فالجميع ممن يهتدى به في الدين: كذلك 
كانواء ولكن مالكاً اشتهر بالمبالغة في هذا المعنى». 

إرشاد الشيخ تلميذه في اختيار من ينفعه : 

ومن المفيد:يكدا للطالت اخيار اجن شيوحة وتوجيهة له إلى من 
ينتفع بصحبته علماً وتحصيلاًء وسلوكاً وتربية» فاختيار الشيخ للطالب 
خير من اختبار الطالب لنفسه. 


ومن أمثلة ذلك: ماقي حرو يعاد بن بل رضي لتداعنهالطويل؛ 
حين إصابته بالطاعون» ل القاهد و2" :+ أن هعاذا رضي الله عنه 


.٠١ فى «الانتقاء»؛ ص9‎ )١( 
."ا/:١ فى «الموافقات»‎ )9( 


() الذي رواه عبد الرزاق 2)5١١55(‏ والبزار من وجه آخر(57١"‏ من 


زوائده). 


”3 الصحبة مع الأستاذ 


أغمي عليه ثم أفاق» فرأى رجلاً من أصحابه يبكي”"2؛ فسأله عما يبكيه؟ 
فقال: أبكي على العلم الذي أُصيبُ منك» قال له: لا تبك» فإن العلم لا 
يذهبء والتمسئه من حيث التمسه خليل الله إبراهيم» فإذا أنا مت فالتمس 
العلم عند أربعة نفر: عبد الله بن سلام» وعبد الله بن مسعودء وسلمان» 
وعويمر أبي الدرداء. 

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله'": «لقي عمرو بن ميمون الأودي 
معاد بن جبل وصّحبهء وأخذ عنه» وأوصاه معاذ عند موته أن يلحق بابن 
مسعود فيصحبه ويطلب العلم عنده» ففعل ذلك»». ولم يعزه بهذا اللفظ 
إلى مصدر. 
ومن ذلك: صنيع الإمام مالك مع تلميذه أسد بن الفرات رحمهما الله 
نال ظ 

قال الإمام القاضي عياض””: قال أسد بن الفرات: «كان ابن القاسم 
وغيره يحملني أن أسأل مالكاًء فإذا أجابني قالوا لي: قل له: فإن كان كذا 
وكذاء فضاق علي يوماً وقال: هذة:سلسلة بت سلسلة» إن كان كذا كان 
كذاء إن أردت فعليك بالعراق»» وكان مالك يكره افتراض المسائل قبل 
وقوعهاء فلحق بالعراق» وصحب أبا يوسف القاضي قليلاً» ثم قال أبو 


00 سمي في رواية البزار: الحارث بن عميرة» وروى الخبر فك ا 
البخاري في «تاريخه الأوسط» (757» 101) وسماه يزيد بن عميرة. 

.50 :١ في (إعلام الموقعين»‎ )١( 

(9) في «ترتيب المدارك) .5١١ »5١09-:١‏ 








الصحبة مع الأستاذ 1" 





يوسف لصاحبه محمد بن الحسن الشيباني: ضمّه إليك» لعل الله ينفعك به 
في الدنيا والآخرة» قال أسد: فلزمته حتى كنت من المناظرين من أصحابه. 

فكان من بركة هذا الإرشاد ما ترجاه أبو يوسف القاضي» رحمهم الله 
تعالى جميعاً: مام جامع لأكبر ثقافتين علميتين آنذاك: ثقافة الحجاز 
وفقهه» والعراق وفقهه. 

وفي علماء السادة الحنابلة: أبو يعلى الفراء الحنبلي صاحب «الأحكام 
السلطانية»» وابنه: ابن أبي يعلى صاحب «طبقات الحنابلة)» رحمهما الله 
تعالى» ذَكَر الابن"'': أن جده توفي ولأبيه أبي يعلى من العمر عشر سنين» 
قال: «وكان وصيه يعرف ب «الحربي» يسكن بدار القَرٌه فنقل - الوصي - 
الوالد السعيد من باب الطاق إلى شارع دار القرّء وفيه مسجد يصلي فيه 
شيخ صالحء؛ يعرف بابن مقدحة المقرى"» يقرى القرآن» ويلقّن من يقرأ 
عليه العبادات من «مختصر الخرقي»» قلق الوالد السعيد ما جرت به 
عادته بتلقينه من العبادات» فاستزاده الوالد السعيد» فقال له ذلك الشيخ: 
هذا القدر الذي أحسنه» فإن أردت زيادة عليه فعليك بالشيخ أبي عبد الله 
ابن حامد» فمضى إليه وصحبه إلى أن توفي سنة "401 » وبرع في ذلك). 

وكان هذا الخَلّق العلمي الكريم بارزاً في الحافظ ابن حجرء فقد عقد 
تلميذه السخاوي رحمهما الله تعالى فصلا””'» ذكر فيه مواقف كثيرة يرشد 
فيها أصحابه - السخاويً وغيره ‏ إلى الأخذ عن علماء عصره» للاستفادة 


.7584 :7 فى «الطبقات»‎ )١( 


(0) فى «الجواهر والدرر) 7: .1١7197-51١151١‏ 





323”, ,. الصحبة مع الأستاذ 


من السماع عليهم وعلو أسانيدهم» أو إشاعة ما انفردوا بروايته. 

ضرورة تعدد الشيوخ للطالب : 

وعامل آخر عظيم الأثر في نجابة طالب العلم: أن يوفقه الله للرحلة في 
طلب العلم» ولقاء العلماءء فيضيف نوراً إلى نورء وحكمة إلى حكمةء 
وصاحب الرحلة يكون كالنحلة؛ تجمع من كل زهرة وريحانة صفوّهاء نم 
يعطي الأمة عسلاً شهياء فيه شفاء لمن استشفى الله تعالى» وهدايةٌ لمن 
أستهداه. 

فإن لم يتيسّر له الرحلة فليأخذ بنصيحة الإمام القاضي أبي بكر ابن 
العرو "قال :زسييه لاتق تعدرت :عليه الربحلة تزيدته افليريعا إل أل 
تعالى بقلبه» ارحّل من عالّم الشهوات إلى عالم القربات» وسافرُ من 
المحسوسات إلى المعقولات» وانظر في الزادء فلا بدّ منه» والدليل» 
وهو العلم» فلا غنى عنهء فمن وجد معلّماً فهو النعيم يهدي إلى السبيل» 
وينظم الدليل» ويحمي عن البدعة والتعطيل». 

وأشار السخاوي في ترجمة شيخه ابن حجر رحمهما الله تعالى”") إلى 
أن من أسباب نبوغه: أنه «اجتمع له من الشيوخ الذين يُشار إليهم» ويعوّل 
في حل المشكلات عليهم؛ ما لم يجتمع لأحد من أهل عصره. لأن كل 
واحد منهم كان متبحُراً ورأساً في فنّه الذي اشتهر به» لا يُلحق فيه». 


.555 في «قانون التأويل») ص‎ )١( 
.١5٠:١ (؟) «الجواهر والدرر»‎ 











الصحبة مع الأستاذ 00 


وأول ما يُستدل به على رغبة علمائنا السابقين بهذا النهج: تأكيدهم 
على أمرين: الرحلة في طلب العلم» وأخذ كل علم عن أهله المختصين 
بهء فهذان عاملان رئيسيان في تعدد شيوخ الطالب. 

ومما يتصل بتعدد الشيوخ: التأكيد على أخذ العلم عن مختلف 
الطبقات: في السن» والنسبء والبلد» فالفائدة هي مطلبه» والازدياد من 
العلم هو مقصده» ومن المشهور على الألسنة حديث”": «الحكمة ضالة 
المؤمن» حيثما وجدها فهو أحق بها». 

وقال الإمام النووي رحمه الله'"'» وهو يتحدث عن آداب المعلم 
والأستاذ - فضلا عن المتعلم التلميذ -: «ينبغي أن لا يستنكف من التعلم 
ممن هو دونه في سن أو نسب أو بلد أو شهرة أو دين أي: تديّن - أو في 
علم آخرء بل يحرص على الفائدة ممن كانت عنده» وإن كان دونه في 
جميع هذا». وإذا كان هذا الخلّق مطلوباً من الأستاذء فهو مطلوب من 
التلميذ من باب أولى. 2 

وسئل الإمام أبو حنيفة رحمه الله'": بم نلْت ما نلّت؟ فقال: ما بخلت 
بالإفادة» ولم أستنكف عن الاستفادة. 


)5١59( وهو حديث ضعيف. رواه الترمذي (/7741) وضعفهء وابن ماجه‎ )١( 
فو دوك أن قور فتركتى اللاعندة لفط د «الكلية السكية خيالة العو سا2‎ 

(؟) في مقدمة «المجموع» .59:١‏ 

() من «الفتاوى السراجية» لسراج الدين الأوشي ص١223‏ ونسبه الزرنوجي 
ص ١5‏ إلى أبى يوسف. 


كه الصحبة مع الأستاذ 


وفي «العقد الفريد)"': «دخل رجل على عبد الملك بن مروان» وكان 
لا يسأله عن شيء إلا وجد عنده منه علماً» فقال له: أنى لك هذا؟ فقال: 
لم أمنع قط يا أمير المؤمنين علما أفيده» ولم أحتقر علماً أستفيده» وكنت 
إذا لقيت الرجل أخذت منه وأعطيته». 

وفي «أدب الدنيا والدين»"': «قيل للخليل بن أحمد - الإمام 
الفراهيدي -: بم أدركت هذا العلم؟ قال: كنت إذا لقيت عالماً أخذت منه 
وأعطيته» وقال المنصور ‏ الخليفة العباسي - لشّريك ‏ القاضي -: أَنّى لك 
هذا العلم؟! قال: لم أرغب عن قليل أستفيده» ولم أبخل بكثير أفيده». 

وهذا يصح على المبدأ الذي قعده الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله 
ورواه عنه الخطيب”": (إذا كتبث فَقَمّش» وإذا حدثت ففتش)». 

وروى الخطيب أيضا”» عن الإمام وكيع بن الجراح قوله: «لا يكون 
الرجل عالماً حتى يكتب عمن هو فوقه» وعمن هو دونه؛ وعمن هو 
مثله). 


.77١ :7 لابن عبد ربه‎ )١( 

(9) للماوردي ص5 ؟7١.‏ 

() في «الجامع» »)١7/79(‏ مع أنه أسندها في «تاريخه» :١‏ 44" إلى ابن معين» 
وينظر معناه في «فتح المغيث» 7: 1"17. وينظر أيضاً كلام نحوه لابن قتيبة في مقدمة 
كتابه «عيون الأخبار). 

(4) (0)1715 رو نحوه عن سفيان بن عيبة يرقم (2)111 وروي.عسن 
غيرهما. 





الصحبة مع الأستاذ 0 


ثم روى في خاتمة تلك الأبواب'' عن القاسم بن داود البغدادي: أنه 
كتب عن ستة آلاف شيخ !. 

وإذا كانت ترجمة القاسم البغدادي في «ميزان الاعتدال». ولم يزد 
عليه الحافظ شيئاً في «اللسان»”": تورث الشك في صحة هذا الخبر» فإن 
لبعضهم هذا العدد من الشيوخ وزيادة» فقد ذكر الذهبي”" في ترجمة. 
الإمام الحافظ أبي سعد السمعاني  505(‏ 057) رحمه الله: أنه بلغ عدد 
شيوخه سبعة آلاف شيخ!! قال: «قال ابن النجار: سمعت من يذكر أن 
عدد شيوخ أبي سعد سبعة آلاف شيخ » وهذا شيء لم يبلغه أحد). 

وقال الذهبي أيضا"» في ترجمة الإمام الحافظ ابن النجار (01 - 
137) رحمه الله: «قال ابن الساعي: اشتملت مشيخته على ثلاثة آلف شيخ 
وأربع مئة امرأة». 

وأغرب منه: ما جاء في «السير» للذهبي””' عن ابن المبارك قوله: 
«حملت العلم عن أربعة آلاف شيخ» فرويت عن ألف شيخ»)» ووجه 
الغرابة أن ابن المبارك متقدم (ت١2181»‏ وابن النجار متأخر. 


200 «الجامع» 1077 ). 

(؟) «الميزان» (514551)» و«اللسان» .)51١١7(‏ 

() في «السير» :7١‏ 577» وهو في «المستفاد من ذيل تاريخ بغداد» لابن أييك 
الدمياطي» وينظر «فتح المغيث» للسخاوي ”: ١٠5»ء‏ و«النكت الوفية») ؟: ه/ا. 

(4) في «السير» 77: 1737. 

(©) 8 /اة؟. 


ا الصحبة مع الأستاذ 


والقصد من هذا: أن الإكثار من شيوخ العلم محمودء مع النية 
الصالحة» أما بقصد المفاخرة فحرام. 

ضرورة اليقظة وأن تكون مصاحبة للطالب في جميع أحواله : 

ويكون مع الإكثار من الشيوخ: يقظة كاملة من الطالب في التأثر 
بالشيخ طباعاً وأخلاقاً. ومنهجاً علمياً سديداًء» وليحذر الطالب أن يُسلم 
قياده لكل أحدء وليعلم أن الطبع يسرق من الطبع» ومع كل مجالسة 
مجانسة» وليكن كالنحلة» تأخذ من كل زهرة خير ما فيهاء وتطرح ما 
ام 

وليكن هذا حال الطالب ‏ وحال كل إنسان ‏ مع من يجالسه من أهل 
العلم والفكرء ومع كل كتاب يقرؤه؛ ومع كل متحدث يستمع إليه في 
وسائل الإعلام» فقد صار العُثاء والّث فيها أكثرَ من الصالح والسمين. 

وليكن رائده مع هذا الحذر: السير وراء هدي الكتاب والسنة: وسيرة 
السلف الصالحء ومن اهتدى بهديهم من العلماء العاملين» فما كل جديد 
يطرحء ولا كل قديم في كل زمان يصلح. 


اه واه ماه عاد عاد 
2 2 225 


دزي يم 03 


تحلى الطالب بحلية الأدب ف 


المَعُلّم الحادي عشر 


تحلى الطالب بحلية الأدب 


«الأدب»: إحدى الكلمات القلائل النادرة التي تشمل كل ما جاء به 
الإسلام مَكلها مكل كلمة «الأمانة».» فهي في معناها المحدود: أداء 
الوديعة لصاحبهاء ولكنها في معناها العام المراد ‏ والله أعلم بمراده - 
بقوله سبحانه ‏ آخر سورة الأحزاب: ا إِنَاعَضَ لَه عل لوت وَالْارضٍِ 
وَالْحبَالٍ 4: هو الإسلام كله. 

قال القرطبي"'': «الأمانة تعم جميع وظائف الدين» على الصحيح من 
الأقوال» وهو قول الجمهور». 

كذلك كلمة «العدل» فإن معناها الضيق: العدل في الحكم والقضاء» 
وهو ضد الظلم» لكنها في معناها العام شاملة للإسلام كلهء» كما شرحه 
ابن العربي'" في تفسير الآية 4٠‏ من سورة النحل: #إإذَ أله يَأَمُرٌ بِلْعَدَلٍ 


وَالاِحْسَدن #. 


.761 :١5 فى تفسير هذه الآية‎ )١( 
.155 ١801 :" (؟) في «أحكام القرآن»‎ 


ف تحلي الطالب بحلية الأدب 


ومن ذلك كلمة «الأدب""2. فإنها تحمل هذا المعنى العام جداًء 
الشامل للإسلام كله. فإن الأدب أدب مع الله عز وجل» وأدب مع 
مخلوقاته كلهم: أنبيائه» وملائكته» ومن سواهم» وأدب العبد مع نفسه. 
ومع من يتصل به اتصالاً وثيقاً كوالديه؛ أو اتصالاً خفيفاًء كمن يلقاه ولو 
مرة في طريقه... 

بل هو باختصار وإيجاز شديد: أدب العبد مع ربه بالتصديق بكل ما 
جاء عنه» وبالعمل به. 

ومن شواهد هذا العموم والشمول: ما حكاه الإمام أبو القاسم 
القتشيري رحمه الله في «الرسالة»”" عن سيد التابعين سعيد بن المسيّب 
رضي الله عنهما قال: «من لم يعرف ما لله عز وجل عليه في نفسهء ولم 
يتأدب بأمره ونهيه: كان من الأدب في عزلة». 

ومما يندرج تحت هذا المعنى العام للأدب: أدب الطالب مع ذوي 
الحقوق عليه» ومن خاصتهم: أساتذتّه ومربُوه» ومنقذوه من الجهالة 
والآثام» بالعلم والميراث النبوي» وبالعمل الصالح» فلا ريب أن لهم 
ا هي من أعظم حقوق العباد عليه» وهم الدين مكلو ل اقل 
من حقوق لله سبحانه» ولأنبياته» وملائكتهء ووالديه» والعباد أجمعين» 


وما إلى ذلك 


)١(‏ وجاءت بهذا المعنى العام دا كلم «الزكاة» مرة واحدة في القرآن الكريم» 
انظر تفسير الآية السابقة من سورة فصلت» عند ابن كثير وغيره. 
(؟) أول باب الأدب 5: ١6‏ بشرحها. 





تحلّى الطالب بحلية الأدب يفف 


فمهما قلام لهم من الاحترام والتكريم» فإنه قليل بالنسبة لما منحوه 
من فضائل ومكارم في الدنياء فما بالك في الآخرة!؟. 

كما يتصل بالحديث عن أدب الطالب مع شيوخه ومربّيه اتصالاً وثيقاً: 
الحديث عن أدب الطالب مع العلم نفسهء الذي ينشئه عليه معلموه 
ومربّوه» والحديث عنهما رحب الساحة» واسع الأطراف» ولكنه لا بد 
مما لا بل منه» ولذا واعرقين الوا حيسي إذ الحديث عن الأدب 
أطول من كل حديث» فأقول: 

أولاً : الأدب مع الشيخ : 

أدب الطالب مع أستاذه أهم ما يقوّم عليه سلوكه» ويُلقَت إليه نظره» 
في كل حركاته» في مشهده معه وفي مغيبه» وهو عنوان فلاحه ونجاحه؛ 
وأشرف ما يتحلى به من السجايا والخصال» وللسلف والخلف طرائف في 
أخبارف! ست بها منها في «أدب الاختلاف)0 » منها: ما قدمته''' عن 
ابن عباس » وابن القاسم تلميذ مالك رضي الله عنهم. 

ومنها: ما حكاه عبد الله ابن الإمام أحمد: «سمعت أبي سكثل: لم لم 
تسمع من إبراهيم بن سعد كثيراً وقد نزل في جوارك بدار عمارة؟ فقال: 
حضرنا مجلسه مرة فحدكّناء فلما كان المجلس الثاني» رأى شباباً تقدموا 
بين يدي الشيوخ» فغضب وقال: والله لا حدثت سنة! فمات ولم 


غ2 ص --155. 


(؟) صفحة /ا١١؟.‏ 


77 تحلّى الطالب بحلية الأدب 


د أي مات قبل أن تمضي السنة. 

وقد أذكرني هذا الخبر بأخبار كثيرة من قبيله» منها: ما رواه ابن سعد 
في «طبقاته»» والخطيب في 000 عن مالك و3 مغول أنه قال: «كنت 
أمشي مع طلحة بن مصرف» فصرنا إلى مضيق» فتقدمني ثم قال: لو كنت 
أعلم أنك أكبر مني بيوم ما تقدمتك»!. 

ومنها: ما رواه الدوري في «تاريخه»» والخطيب في «جامعه» أيضاً 7"©: 
أن «علي بن صالح بن حي» والحسن بن صالح بن حي» إخوة توأ إلا 
اوعدا ولد اقل سباعة ركان لشت ور تر ورقللف الناعةه وقول قاف أب 
محمد» وقال أبو محمد» وكان لا يسميه. وكان الحسن , بن صالح إذا قعد 
علي بن صالح أخوه في مقعد لم يقعد بجنبه» بل يقعد أسفل منهء يعظمه 
بتلك الساعة التي ولد قبله!!). 

وقال العلامة المئاو ي رحمه الله تعالر ©): «ذْكْر البرهان البقاعي : أنه 
سأله بعض العجم أن يقرأ عليه» فأذن له فجلس متربعاً فامتنع من إقرائه 
وقال له: أنت أحوج إلى الأدب» منك إلى العلم الذي جئت تطلبه. 


ااوحكي عن الكعين :الحو حرف: أنه لما شرع في الاشتغال بالعلم 


."ا1/:1١ «السيّر»‎ )١( 

(؟) ابن سعد 5: 708» والخطيب (557) واللفظ له. 

(”) الدوري 518:7 (57817) واللفظ لهء والخطيب (100) مقتصراً على الشق 
الثاني من الخبر» وعنده طرائف وغرائب أخرى. 

(4) في «فيض القدير) :١‏ 0؟5. 





تحلّى الطالب بحلية الأدب ف 





طاف على أكابر علماء بلدهء فلم يعجبه منهم أحدء له فس حت إذا 
جاء إلى شيخ الإسلام يحيى المناوي» فجلس بين يديه - وفي ظنه أنه 
يُلحقه بمن تقدم ‏ فانتهره وقال له بحال: أنت قليل الأدب» لا يجيء منك 
في الطلب» قط إفكاك: واستعمل الأدب! فَحَمَ لوقته» وزال عنه ما كان 
يجده من الاستخفاف بالناس» ولزم درو نمك فيان وان خظيها فى 
العلم». 

فإذا ما تروضت نفسّه وأخلاقه بمثل هذه الآداب» رأيته تصدر عنه 
كؤات لغوع رض افلن وازق هيا أذ علنه: 

وقارن هاتين القصتين بما سبق عن الإمام أبي حنيفة مع شيخه حمادء 
والإمام الشافعي مع مالك» والربيع بن سليمان مع حدمي رضي الله 

ا 

فهاتان يؤدّبان فيهما تأديباً» وتلك يصدر الأدب من أصحابها سجية 
وفطرة دون تنبيه ولا تأديب. 

ومن الآداب المتوارثة حتى أيامنا هذه : أن الطالب إذا كان يمشي مع 
أستاذه في وقت الشمس» في مكان فيه ظل وشمسء ترك الظل للشيخ 





أشكاذئ حداد بن أب سليمان» إجلالاً لهء ا 50 
الشافعي: )0. . كنت أريد أن أصفح الورقة؛ باجنا ها رقنا يله » لئلا يسمع 


وقعياة 0 الربيع بن سليمان: «والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر 
إلى» هيبة له»!!. 


الما تحلى الطالب بحلية الأدب 


يمشي فيه» ومشى هو في الشمس. 

وتيا ا شيا + أن حمطا الطالب وهو في هذه الحال: أن لا يمشي على 
ظل شيخه» بل يمشي في الجانب الآخر منه. 

وأحكي مشهداً من مشاهد أدب أرباب الكمال والفضل مع شيوخهم» 
يتصل اتصالاً وثيقاً بهذا الأدب الذي ذكرته. 

كنت في مجلس كريم مع سماحة شيخ الشيوخ» فضيلة العلامة 
الأصولي الفقيه» مفتي السادة الشافعية بحلب» الشيخ محمد أسعد عبجي 
١7206(‏ - 1797) رحمه الله تعالى» ومعه فضيلة سيدي الإمام المربي 
بأنفاسه وألحاظه». الأستاذ الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله» وأستاذ 
آخر من أساتذة المدرسة الشعبانية» وكان المجلس في فناء المدرسة» أول 
ضحوة يوم من أيام الربيع» والشمس لطيفة خفيفة» فما شعرت إلا وفضيلة 
سيدي الشيخ يشير بإصبعه المسبّحة إلى ذاك الأستاذ أن يؤخر قدميف 
فنظرت وإذ بقدميه على ظل سماحة الشيخ المفتي» يشير إليه سيدي الشيخ 
أن يؤخرهما عن ظل سماحة المفتي. 

والشيء بالشيء يذكرء كنت في يوم من أيام الإجازة الصيفية مع 
صديقي الأعزء أخي الحبيب في الله التقي الصالح» الأستاذ الشيخ 
غيك المجيد قطان رحمه الله داخلين إلى المدرسة الشعبانية أدام الله 
بقاءهاء وعمّرها بالعلم والعمل» فوافق دخولّنا باب المدرسة لقاؤنا 
بسماحة الشيخ المفتي محمد أسعد عبجي» وخرج معه يودّعه إلى باب 
المدرسة سيدي القدوة الأجل المربي الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة 
رحمهما الله تعالى» فتقدم أخي الشيخ عبد المجيد ليبدأ بالسلام أولاً على 





تحلى الطالب بحلية الأدب 1 


الأستاذ الشيخ عبد الفتاح فأبى عليه وقال له: الأستاذ أول» الأستاذ أول» 
فتحول للسلام على سماحة المفتي» فقلت في نفسي: ريثما يسلم أخي 
الشيخ عبد المجيد على الشيخ المفتي» أنا أسلّم على الأستاذ الشيخ عبد 
الفتاح» فتقدمت للسلام عليه فأبى علي وقال بلهجة أشد: الأستاذ أول» 
الأستاذ أول. 

ومن أدرك تلك الفترة الزمنية» وحال هؤلاء الشيوخ الثلاثة حينئذ 
أدرك قيمة هذا الأدب حقاًء ورضي الله عن مشايخنا ومؤدبينا وجزاهم عنا 
خير الجزاء» وأكرمنا بالسير على هديهم. 

وتساءل معي: أين هؤلاء ممن يقول ‏ وقد اشترك في الجلوس في 
غرفة الأساتذة والمدرسين» مع أساتذته -: لقد تساوت الرؤوس!!. 

وقد يعجب إنسان ما من هذه الآداب: كيف يستطيع الإنسان أن يحمل 
نفسه عليها؟! وجوابه: أن هذه الآداب ليست بنت ساعتهاء إنما هي نّتائج 
مقدّمات كثيرة وطويلة من الرياضات والمجاهدات. 

ألا ترى إلى إنسان سادَّج نشأ في البادية» فإذا تقل طَمْرة إلى مدينة فيها 
باطحات اليغات كلذ اخذه الحكن: الشنديد :كبك يمكن قيام هذه 
الشاهقات المدهلات؟ فإذا فَهّم وقيل له: إن هذا الارتفاع الكبير سبقه 
تأسيس ودراسات» وتجارب وتمهيدات.. وارتفاع يسير فأكثر ارال 
عنديها الخد أوالة. 

وكذلك آداب القوم. إنما هي نهايات بدايات. رضي الله عنهم. 

وقد يأخذك العّجّب والإنكار لو قلت لك: إن الأدب مع الأكابر خُلْق 
مغروز في نفوس البهائم . ولكن أقول لك: لا تعجل. ألم تقرأ قول الله 


لم تحلى الطالب بحلية الأدب 


العظيم : #وحثر! لسن مولن ولط مه هَهُم بووعون حو دوا عل 
وا د َمل َلك مكاي تمل أن لأس كسس ينول تك تمدن وَجثوةم وما 
يسَعَرويَ* النمل: ١١‏ - 

فتأمّل قول النملة تلك الحيوان البهيم : «الإكَومَئَك سْتْمن وجوه وه 
لا مِتَعرُونَ 4 » تأدبت مع جنود سليمان عليه الصلاة والعادم؛ فهم عظماء 
لأنهم جنود سليمان العظيم؛ واعتذرت عنهم بأنهم إن صدر منهم أذى 
لكم فإنما هو عن غير قصد: هم لا يشعرون!ء فهكذا يكون الأدب مع 
الأكابر. 

وإذا كان هذا أدب الحيوان مع صحابة سليمان عليه الصلاة والسلام» 
فكيف ينبغي أن يكون أدبنا مع صحابة نبينا محمد كله ومع سائر الأئمة 
والعلماء. رضي الله عنهم؟! اللهم وفقنا لذلك. 

من التوجيه القرآني للطالب مع الشيخ : 

ولا أحب أن أنهي الكلام عن الأدب والتأديبء وأَخْليَ المقام من 
كلام الإمام الفخر الرازي رحمه الله تعالى في «تفسيره» على قول الله عز 
وجل» فيما حكاه عن أدب موسى مع الخضر عليهما الصلاة والسلام» 
وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام: الحس م شلمن م علط 
رَشَّدًا »*"' الكهف: 55. 


(1) هذا فيما يتعلق بهذه الآية الأكريينة» اننا" القضة بعجانها قحك العامة 








تحلى الطالب بحلية الأدب حضف 





قال الرازي: «اعلو'" .أن فم اكاك كول علنى أن موسى عليه السلام 
راعى أنواعاً كثيرة من الأدب واللطف عندما أراد أن يتعلم من الخضر: 

ظ فأحدها : أنه جعل نفسه تَبَّعاً له» لأنه قال: «هل أتبعك». 

وثانيها : أنه استأذن في إثبات هذه التبعيّة» فإنه قال: هل تأذن لي أن 
أجعل نفسي تبعاً لك» وهذه مبالغة عظيمة في التواضع. 

وثالنها: آنه قال “دغلى "أن تملمن 4 وهذا' إقران “له على انفسه 
بالجهل» وعلى أستاذه بالعلم. 

ورابعها : أله قال قينا علمت 1 وصيغة «من» للتبعيض» فطلب منه 
تعليم بعض ما علَّمه الله» وهذا أيضاً مشعر بالتواضع» كأنه يقول له: لا 
أطلب منك أن تجعلني مساوياً في العلم لك» بل أطلب منك أن تعطيني 
جزءاً من أجزاء علمك؛ كما يطلب الفقير من الغني أن يدفع إليه جزءاً من 
أجزاء ماله. 

وكقافينها ا أندوال:"ذنا عليتة امراك ران اللاعلية ذلك العلم. 


ات أ نر كر لل نه لكشا الوناية و الكرشاد 
و فو ل ٍِ مر و 3 واضر 


الطاهر ابن عاشور في مقدمة تفسيره «التحرير والتنوير» :١‏ 57 عن القاضي ابن 
العربي: أنه أملى على القصة ‏ قصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام ‏ ثمان 
مئة مسألة. رحمه الله تعالى. 

سات الحديث عن الأدب مع الشيوخ أقول: إن مما كنا نؤدب عليه: أن إذا 
مرت علينا كلمة (اعلم) حين قراءتنا عليهم نصاً من الكتاب» أن نقرأها: ليُعْلُم لثلا 
يكون في مخاطبة التلميذ لأستاذه صيغة أمر. 





320 تحلى الطالب بحلية الأدب 


هو الأمر الذي لو لم يحصل لحصلت الغّواية والضلال. 

وسابعها : أن قوله «تُعلّمني مما علمت»: معناه أنه طلب منه أن يعامله 
بمثل ما عامله الله به. وفيه إشعار بأنه يكون إنعامك علي عند هذا التعليم 
شبيهاً بإنعام الله تعالى عليك في هذا التعليم» ولهذا المعنى قيل: أنا عبد 
من العليس مه خرن 

وثامنها : أن المتابعة عبارة عن الإتيان بمثل فعل الغيرء لأجل كونه 
فعلاً لذلك الغيرء فإنا إذا قلنا: لا إله إلا الله» فاليهود الذين كانوا قبلنا 
كانوا يذكرون هذه الكلمة» فلا يجب كوننا متَّبعين لهم في ذكر هذه 
الكلمة» لأنا لا نقول هذه الكلمة لأجل أنهم قالوهاء وإنما نقولها لقيام 
الدليل على أنه يجب ذكرهاء أما إذا أتينا بهذه الصلوات الخمس على 
موافقة فعل الرسول َل فإنما أتينا بها لأجل أنه عليه السلام أتى بهاء لا 
جرم كنا متبعين في فعل هذه الصلوات لرسول الله كَلل. 

إذا ثبت هذا فنقول: قوله هل أتبعك»: يدل على أنه يأتي بمثل أفعال 
ذلك الأستاذء لمجرد كون ذلك الأستاذ آتياً بها. وهذا يدل على أن 
المتعلم يجب عليه في أول الأمر التسليم وترك المنازعة والاعتراض. 

وتاسعها : أن قوله «أتبعك»: يدل على طلب متابعته مطلقاً في جميع 
الأمور غير مقيد بشيء دون شيء. 

وعاشرها : أنه ثبت بالإخبار أن الخضر عرف أولاً أنه نبي بني إسرائيل» 
وأنه موسى صاحب التوراة» وهو الرجل الذي كلَّمه الله عز وجل من غير 
واسطة» وخصه بالمعجزات القاهرة الباهرة» ثم إنه عليه السلام مع هذه 





تحلى الطالب بحلية الأدب مم 





المناصب الرفيعة» والدرجات العالية الشريفة أتى بهذه الأنواع الكثيرة من 
التواضع» وذلك يدل على كونه عليه السلام آتياً في طلب العلم بأعظم أنواع 
المبالغة. وهذا هو اللائق به» لأن كل من كانت إحاطته بالعلوم أكثر» كان علمه 
بما فيها من البهجة والسعادة أكثرء فكان طلبه لها أشدء وكان تعظيمه لأرباب 
العلم أكمل وأشد. 

والحادي عشر : أنه قال: «هل أتبعك على أن تعلمني»» فأثبت كونه 
تبعاً له أولا» ثم طلب ثانياً أن يُعلّمهء وهذا منه ابتداء بالخدمة» ثم في 
المرتبة الثانية: طلب منه التعليم. 

والثاني عشر : أنه قال: «هل أتبعك على أن تعلمني»» فلم يطلب على 
تلك المتابعة على التعليم شيئاء كأنه قال: لا أطلب منك على هذه المتابعة 
المال والجاة» ولا غرض لي إلا طلب العلم». انتهى كلام الإمام الفخر 
الرازي رحمه الله» وانتهى نقل ما كتبته في «أدب الاختلاف». 

نوادر من أدب الطلبة مع الشيوخ : 

وهذا باب طويل لا ينتهي» وللزيادة على ما تقدم مجالّها الرحْب 
الواسع» فمن ذلك: ما رواه الخطيب"' تحت عنوان: هيبة الطالب 
للمحدّث» عن مغيرة بن مقَسّم الضبي قال: كنا نهاب إبراهيم - النخعي - 
كما نهاب الأمير. 


وعن أيوب السّختياني: كان الرجل يجلس إلى الحسن - البصري - 


)١(‏ في «الجامع» (90؟-_"07). 





تحرف تحلى الطالب بحلية الأدب 


ثلاث سنين فلا يسأله عن شيء» هيبة له. 

وعن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي: ما كان إنسان يجترىء على 
سعيد بن المسيب يسأله عن شيء حتى يُستأذنه كما يُستأذن الأمير. 

وَعن أأبق اشنيات التهوي قال« جالتيك عند بن" المسني انيد اله 
ركبتي ركبته» لا أقدر منه على حديثء إلا أ أقول: قالوا اليوم كذاء 
وقالوا اليوم كذاء فيتكلم. 

وقال الزرنوجي وسخطة الله وهو يتحدث عن توقير التلميذ لشيخه: 
اومن توقيره: توقير أولاده ومن يتعلق به» وكان أستاذنا شيخ الإسلام 
برهان الدين (المرغيناني) صاحب «الهداية» رحمه الله يحكي أن واحداً من 
كبار أئمة بخارى كان يجلس مجلس الدرسء وكان يقوم في خلال الدرس 
أحياناء فسألوه عنه قال: إن ابن أستاذي يلعب مع الصبيان في السَّكّة 
ويجيء أحياناً إلى باب المسجدء فإذا رأيته أقوم لهء تعظيماً لأستاذي». 

والخبر الأخير منها: عن إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال: 
كنت أرئ يحيى القطان يصلي العصرء ثم يستند إلى أصل منارة مسجدهء 
فيقف بين يديه: ابن المديني» والشاذكوني» وعمرو الفلاس» وأحمدء 
وابن معين» وغيرهم» يسألونه عن الحديث وهم قيام على أرجلهم» إلى 
أن تَحين صلاة المغرب» لا يقول لواحد منهم: اجلس» ولا يجلسون» 
فيه وإعظاما. 


2000 ف «تعليم المتعلم») ص58 . 





تحلى الطالب بحلية الأدب ل 


وأغرب ما وقفت عليه - أو: من أغربه ‏ في باب احترام القارى” 
للشيخ المقروء عليه: ما حكاه ياقوت''' في ترجمة الشريف عزيز الدين 
إسماعيل بن الحسين العلوي الحسيني المروزي النسابة (7/ا 5‏ نحو 
5) رحمه الله قال: «لما ورد الفخر الرازي إلى مرو - وكان من جلالة 
القدذر وعظيم الذكن وضخامة الهيبة» بحيث ' لا يُراجَع في كلامه, ولا 
5 لإعظامه» على ما هو مشهور متعارف» دخلت إليه» 
وترددت للقراءة عليه» فقال لي يوماً: أحبّ أن تصئّف لي كتاباً لطيفاً في 
اتساب" الطالييوو :لانن فده افلا ابحي أن اموت باهذ ب فلتت له 
أتريده مشجّراً أم منثورء فقال: المشجَّر لا ينضبط بالحفظء وأنا أريد شيئاً 
أحفظه» فقلت له: السمع والطاعة. 

ومضيت وصنفت له الكتاب الذي سميته ب «الفخري»») وحملته 
وجئته به» فلما وقف عليه نزل عن طراحته وجلس على الحصير وقال لي: 
اجلس على هذه الطراحة» فأعظمت ذلك وهبَتُهء فانتهرني نَهْرَةَ عظيمة 
مزعجة ورَعَق في قائلاً: اجلسْ بحيث أقول لكء قتداخلني ‏ عَلم الله - من 
هيبته ما لم أتمالك إلا أن جلستٌ حيث أمرني» ثم أخذ يقرأ علي ذلك 
الكتاب وهو جالس بين يدي ويستفهمني عما يُستغلق عليه» إلى أن أنهاه 
قراءة» فلما فرغ من قراءته قال: اجلس الآن حيث شئت» فإن هذا علم 
أنت أستاذي فيهء وأنا أستفيد منك وأتتلمذ لك. وليس من الأدب أن 
يجلس التلميذ إلا بين يدي الأستاذ. ا 


.605 فى المعجم الأدباء» ؟:‎ )١( 


ليف تحلى الطالبٍ بحلية الأدب 


فقمت من مقامي» وجلس هو في منصبهء ثم أخذت أقرأ عليه وأنا 
خالين نقيك” كان أرلا موه الفدرئ :مق تن الأدنه كد بولا 
سيما من مثل ذلك الرجل العظيم المرتبة». ورحم الله أئمة الإسلام» 
وأهل الأدب"". 

ما ينبغي للطالب التنبه له أيام الصحبة : 


ومما ينبغي للطالب أن يحرص عليه في أيام صحبته للشيخ: الاستزادة 
من علمه وفضله» قبل أن يأتيه اليوم الذي لا لقاء له بعده بشيوخه» فيقول: 
ليتني سألت» ليتني استفدت» لقد فاتني التحقق من الأمر الفلاني» لقد 
فاتني تحقيق تلك المُعْضلة مع الشيخ» فإنه حلال عَقّدها!! ولات ساعة 


وهذا لآ يكوة إلا بملاحظة عدة: أمون ممه آن-يؤذاد. له حياء .ويه 


(1) الخبر واضح جداً في لزوم الأئمة السابقين لق الأدب الرفيع» رحمهم الله 
تعال» وفي هذا الخبر ملاحظتان أخريان» أولاهما: همة الإمام الفخر الرازي في 
العلم» بحيث إنه لا يحب أن يموت جاهلاً في علم من العلوم. وثانيتهما: أن الشريف 
النسابة ولد سنة (01/7ه)ء وكانت وفاة الرازي سنة (5٠5ه)‏ عن (55) عاماء 
فيكون عمر الشريف يوم وفاة الرازي أربعة وثلاثين عاماء فهو في سن الشباب» وكان 
عمره دون ذلك يوم ألف كتابه هذا للفخر الرازي» فهذه القصة فيها منقبة للرازي في 
زيادة علو همته» ومنقبة له في رفعة أدبه» إذ هو في هذا المقام العلمي العظيم بحيث 
لا يتَنفْس أحد بين يديه» ويتواضع هذا التواضع لمن هو في سن ولد من أولاده. 

ثم رأيت بعد هذا الأخ الدكتور عبد الحكيم الأنيس جمع في «أدب المتعلم تجاه 
المعلّم» جملة وفيرة من أخبار السابقين» فيها هذا المعنى الكريم» وفيها هذا الخبر. 








تحلى الطالب بحلية الأدب نارف 





إعجاباً» وأن يزداد معه أدباً واحتراماًء وأن يكون حكيماً في مراعاته لنشاط 
الشيخ: هل الأولى أن يذاكره بالعلم ويباحثه» أو أن يتصث لما يلقيه إليه 
الوم المواتد والنصائح. ذف كل ييه وينتج عن هذه الملاحظات: 
صبره وتحمّله في سبيل الحصول على العلم» ولا يُستفيد الطالب من 
الشنيخ ».ولا الشيخ ينيد الطالب: إن ل تتفصل هما محية وأنسن "أو 
الأمر» وازدادت مع الأيام» وانظر ما يأتي قريباً عن قصة الحبر البحر ابن 
عباس» وما ناله من الخير العظيمء من جراء أدبه مع سيدنا رسول الله 
ضلى الله علية وسلم. 

وقد أسند البيهقي''' إلى الإمام الحافظ الصدوق حجة الأدب ولسان 
العرب: الأصمعي رحمه الله قوله: «من لم يحتمل ذل التعلّم. ساغة: بقي 
في ذل الجهل أبدأً». 

وأعقبه كالدليل العملي عليه من واقع السلف بالإسناد إلى الإمام مالك 
قال: كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله عنه من علماء 
الناس» كثير العلم» وكان ابن شهاب يخدمهء حتى إنه كان ليناوله الشيء. 
قال: وكان ابن شهاب يصحب عبيد الله حتى إنه كان لينزع له الماء. قال: 
وكان عبيد الله إذا دخل في صلاتهء فقعد إليه إنسان لم يقبل عليه حتى 
يفرغ من صلاته» على نحو ما كان يرى من طولها ‏ يعني: يصلي صلاة 
طويلة لا يقصّر شيئاً منها كما لو كان وحده -. 

قال مالك: إن علي بن الحسين ‏ زين العابدين رضي الله عنهما ‏ كان 


.)07( في «المدخل إلى السئن الكبرى»‎ )١( 


كن تحلى الطالب بحلية الأدب 


من أهل الفضل» وكان يأتيه - أي: كان علي يذهب إلى عبيد الله هذا - 
فيجلس إليه» فيطول عبيد الله صلاته ولا يلتفت إليه» فيقال له: علي بن 
الحسية !وهو ندع هومن !فقول لانيد لمن طلا هذا لامر يع نو , 

ثم أسند”" إلى ثلاثة من العظماء تواردوا على كلمة واحدة في الباب» 
هي قولهم: من رق وجهه رَقً علمّه» رواها عن الثوري أولآء ثم عن ابن 
عمر» ثم عن عمر رضي الله عنهم» وكأن الأصل لعمرء وتمثل بها مَن 
بعده. 

وأسند الخطيب إلى السيد الجليل السَّرِيّ السّقطي رحمه الله قوله: 
«من عَلم ما طلب» كان ليس بل 


وأخبارهم كثيرة في ضرورة الرفق بالشيخ». واستدرار علمه باحترامه 
والصبر عليهء» ومن ذلك ما رواه ابن عبد البر في «جامعه)””' عن الإمام 
الكبير الحجة ابن جُرَيج أنه قال: «لم أستخرج الذي استخرجت من عطاء 
- ابن أبي رباح ‏ إلا برفقي به». 


)١(‏ أي: يتعب ويرهق في تحصيله» ومن هذا القبيل: ما قدّمته عن الإمام الفخر 
الرازي ص ١٠١١‏ حين كان طلابه يقرؤون عليه كتاب «المحصول). 

() البيهقي في «المدخل» 1٠5(‏ -1508)» وهو عند الدارمي )56٠0(‏ عن 
النخعي » والشعبي» وعمر رضي الله عنهم. 

() في «الجامع» (2017 وينظر منه (5/" فما بعده)» كما ينظر من «جامع» ابن 
عبد البر (879 فما بعده). 
٠‏ (5) (57560)» وروآه البيهقي كذلك في «مناقب الشافعي» 5 »15١‏ وفي إسناده 
سقط مطبعي» فيصحح من عند ابن عبد البر. 





تحلى الطالب بحلية الأدب خف 


ولا ينكر أن هذا هو حال الأكثر الأغلب من السلف والخلف». وأن 
لبعضهم ‏ ورضي الله عن جميعهم ‏ ملحظاً آخر في الرفق بالطالب» 
وكانوا يضعون الأمور مواضعها حسبما تقتضيه الحكمة. 

ومن أخبارهم في ذلك: ما رواه الل عن الإمام وكيع بن 
الجراح: أنه كان يمضي في الحرً وقت القيلولة للجمال إلى قوم سَقائين 
يحدئهم» ويقول: هؤلاء قوم لهم معاش لا يقدرون يأتوني» فيحدثهم» 

وروى بعده عن الوليد بن عتبة الأشجعي الدمشقي أحد الثقات: أنه 
كان يقرأ في مسجد باب الجابية بدمشق مصنفات الوليد بن مسلم» وكان 
رجل يجيء متأخرأًء فيحصل له فوات مما قرى»؛ فكان الوليد يعيده له 
فلما كثر ذلك منهء قال له الوليد: يا هذاء أي شيء يُلبّثْ بك؟ ‏ أي: 
يورك -» لئن لم تجىء مع الناس لا أعدتُ شيعاًء فقال له: أنا رجل مُعيل 
- ذو عيال - ولي دكان في بيت لهيا - من غوطة دمشق - فإن لم أشتر لها 
انها امن عدوة كرا ذه م أغلق واجيء اعدو أرقض عه ولا 
خشيت أن يفوتني معاشي» فقال له الوليد: لا أراك هاهنا مرة أخرى» 
فكان الوليد يذهب إلى بيت لهيا حتى يقرأ عليه المجلس في دكانه. ْ 

ورضي الله عن تلك النفوس الرضيّة» أصحاب الأخلاق المحمدية. 


اي «الجامع» (350). 


يرف تحلي الطالب بحلية الأدب 

مراقبة الطالب هدي شيخه وسلوكه : 

وطالب العلم في مسيرة صحبته الطويلة لأساتذته» قد ينقاد أول أمره 
لنصائحهم وإرشاداتهم تكلفاً وتطبعاء ثم لا يلبث أن ينقاد إليهم كَلَناً لا 
تكلفاء وطبعا لا تطبعا. 

قال الإمام الغزالي''' في الوظيفة الثالثة من وظائف وآداب المتعلم: 
«أن يلقي المتعلم إلى المعلم زمام أمره بالكلية في كل تفصيل» ويذعن 
لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق» وأن يتواضع 
لمعلمه» ويطلب الثواب والشرف بخدمته... ولا ينال العلم إلا بالتواضع 
وإلقاء السمع» وليكن المتعلّم لمعلمه كأرض دمثة نالت مطراً غزيرا 
فتشربت جميع أجزائها وأذعنت بالكلية لقبوله» ومهما أشار عليه المعلم 
بطريق في التعلم فليقلّده وليدع رأيه» فإن خطأ مرشده أنفع له من صوابه 
فى نفسه). 

ومما قاله رحمه الله في هذا الصدد'": «أن يجلس - الطالب أو 
السالك ‏ بين يدي شيخ بصير بعيوب النفسء مطلّع على خفايا الآفات» 
وبحكمه في الفسهء ويتبع إشارته في مجاهدتهء وهذا شأن المريد مع 
شيخه» والتلميذ مع أستاذه». 


.0١ :١ فى «الإحياء»‎ )١( 
(؟) في «الإحياء» أيضاً: كتاب رياضة النفس  بيان الطريق الذي يعرف به‎ 
.514 :” الإنسان عيوب نفسه‎ 


تحلى الطالب بحلية الأدب خرف 


ومن النصائح الغالية التي أوصى بها الإمام الماوردي رحمه الله" : 
«وليكن مقتدياً بهم في رضي أخلاقهم» متشبّهاً بهم في جميع أفعالهم» 
ليصير لهم آلفاً وعليها ناشئاًء ولما غخالفها مجاناففمن أحب قوما تكية 
بهم» و(امن تشبه بقوم فهو منهم). 

ثانياً : الأدب مع العلم : 

أسند الخطيب”"': عن علي رضي الله عنه أنه قال: «إذا تعلمتم العلم 
فاكظموا عليه أي: حافظوا عليه » ولا تخلطوه بضحك وباطل» فتمجه 
القلوب». 

وقال هشام الدّستوائي لرجل ضحك في مجلس الحديث: «تضحك 
وأنت تطلب الحديث؟!». ورأى سفيان ‏ الثوري أواابة عيينة ات رجلا 
يمازح آخر من بني شيبة عند البيت المعظّم ويتسسم» فالتفت إليه سفيان 
وقال له: «تبتسم في هذا الموضع! ل كان الرجل ليسمع الحديث الواحد 
فيُرى عليه ثلاثة أيام سمته وهديه». 

وفي «الآداب الشرعية»”": عن أبي جعفر أحمد بن بُديل اليامي؛ من 
شيوخ الإمامين الترمذي وابن ماجهء وكانت وفاته سنة 708 رحمه الله أنه 
قال: لقد رأيتنا ونحن نكتب الحديث؛» فما يسمع إلا صوت قلم أو باك!. 


.١١”ص في «أدب الدنيا والدين»‎ )١( 
(؟) في «الجامع» (117-711؟).‎ 
.١57 :١ لابن مفلح رحمه الله‎ )( 


6 تحلى الطالب بحلية الأدب 


0 ل‎ |» ١ 
وروئ ابن المبارك'' عن عبد الأعلئ التيمي قال: «من أوتي من العلم‎ 
ما لا يُبكيه» فليس بخليق أن يكون أوتي علماً ينفعه» لأن الله تعالئ نَعَتَ‎ 
)5( العلماء فقال: «إإنَ انَ أُوثوأ للم ين قو دا يمك عَلَيمْ يرون ردان جد‎ 


00 ده ملح و بر 000017 


ويقولون سبحئن 7 إن كن وطَُ رن لمفعولا 1 وَححِرُونَ لِلّدْقَانِ بي ا بيهر 


0 


حَشُوعًا» الإسراء: لا .٠١9-3١‏ 


وأهم أدب للطالب مع العلم الذي يتعلمه: أن يعمل به» ويتخلق 
بأخلاقه» وبكمالات أهله. 

روى الخطيب'" عن الإمام إبراهيم الحربي قوله: «ينبغي للرجل إذا 
سمع شيئاً من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به». وعن 
الجر لمرو تر «كان الرجل يطلب العلم» ٠‏ فلا يلبث أن يرى ذلك 
في تخشّعه» وهديه» ولسانه» وبصرهء ويده). 


ثم روى الخطيب عن أبي عصمة البيهقي قال: بت ليلة عند أحمد بن 
حنبل» فجاء بالماء» فوضعهء فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان» 
فقال: سبحان الله! رجل يطلب العلم» لا يكون له ورد من الليل!. 

وروى عقبه عن أبي عمرو محمد بن أبي جعفر أحمد بن حمدان» عن 
أبيه أبى جعفر (فى حدود )7١١- 74٠‏ رحمه الله» قال: كنت فى مجلس 


() في «الزهد» ,)١١60(‏ وعنه القاسم بن سلام في «فضائل القرآن» ص١1‏ » 
وشواقن (نضلكف»# ابن أى شيبة (2563) أيضا. 
(1) في «الجامع» (كلاك. ملاكف احمك 87ل). 





تحلّى الطالب بحلية الأدب 5١‏ 
2020 2 سس 


أي عبد الله المروزي - ولعله الإمام محمد بن نصر المروزي 75١7(‏ - 
4) رحمه الله -» فحضرت صلاة الظهرء فأذن أبو عبد الله» فخرجت 
من المسجدء فقال: يا أبا جعفر إلى أين؟ قلت: أتطهر للصلاة» قال: كان 
ظني بك غيرَ هذاء يدخل عليك وقت الصلاة وأنت على غير طهارة!!. 

ومن أخبار السادة المريّين المعاصرين: ما حدثني به فضيلة الشيخ 
الداعية الدكتور محمد عوضء أكبر تلامذة فضيلة العلامة الأصولي المربي 
الكبير الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمهما الله تعالى: أنه صلى الضحى مرة 
في المسجدء وقام ومشى فور تسليمه من الصلاة» وشيخه يرمقه ويلاحظه 
من خلفهء فناداه وقال له: يا شيخ شحيل:: كاناف "انفييت عن 'زيك؟! 
فسأله التلميذ بلهفة ووّجل: خيراً إن شاء الله يا سيدي؟ قال له الشيخ: 
تمشي فور تسليمك من الصلاة ولا تدعو الله بشيء!!. 

وهكذا تكون رعاية الربانيين لأصحابهم» أما من لم تكن له صلة بهم 
وى مهي فمن أين تحصل له هذه التوجيهات» ويستفيد هذه 
الرعايات» ليترقن في الكماللات!!. 

ومن أين يكتسب هذا الرقيً في التربية والسلوك من لم يتلق العلم عن 
الشيوخ؟!ء ومن أين يكتسبها من يأخذ الشهادات بالانتساب إلى 
الجامعات دون مواظبة وملازمة ومباحثة؟! بل من أين يشم رافحتها من نال 
الشهادات العالية ‏ بأسمائها وألقابهاء لا بحقائقها ‏ من أخذها من وراء 
شاشات الأجهزة الإلكترونية في الجامعات المفتوحة» والتعليم عند 


يعد؟ !!. 


الأجوبة عند المسئول لا السائل. 


حك تحلّي الطالب بحلية الأدب 


ثالثا: الأدب مع كتب العلم : 

ومن الكمالات المتعيّنة عند علمائناء مع العلم : أن يكون الطالب 
يله الشيخ - على طهارة ووضوء حين اشتغاله بالعلم؛ حفوو التو ان 
قراءة من الكتاب» وأخبارهم كثيرة» أسرد بعضها سرداً: 

١‏ ذكر الإمام ابن رشّيد رجه لله'''في ترجمة أبي ذر الهروي» وهو 
راوي «صحيح) البخاري عن محمد بن يوسف الفربري » عن الإمام 
البخاري رحمهم الله تكويهاء أن أبا إسماعيل الهروي الأنصاري قرأ على 
أبي ذر الهروي - جزءا مفرداً في - حديث جابر رضي الله عنه الطويل في 
صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلمء قال أبو إسماعيل: وأومأت بالجزء 
إليه ليأخذه. فقال لي: ضعه. فلست على وضوءء ولم يَمَسَّه. 

" - ونقل الحافظ ابن عساكر''"' في ترجمة الإمام أبي عثمان الصابوني 
عنه قوله: «ما دخلت بيت الكتب قط إلا على طهارة؛ وما روي 
الحديث» ولا عقدت المجلسء. ولا قعدت للتدريس قط إلا على 
الطهارة». 

وقال البرهان الزرنوجي رحمه الله”": (ومن تعظيم العلم: تعظيم 
الكتاب» فينبغي لطالب العلم أن لا يأخذ الكتاب إلا بطهارة» وحكي عن 
الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني أنه قال: إنما نلت هذا العلم بالتعظيم» 


.4١ص في (إفادة النصيح»‎ )١( 


(؟9) ذ في (تاريخها 9: 4. 


زفق اتعليم المتعلم» صفحة .0١‏ 








تحلى الطالب بحلية الأدب يفن 
عد الع ا ور ا 1 1 3 اا 0 


فإني ما أخذت الكاغّد إلا بطهارة» والشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي 
كان مبطوناًء وكان يكرر في ليلة» فتوضأ في تلك الليلة سبع عشرة مرة» 
لأنه كان لا يكرر إلا بطهارة» وهذا لأن العلم نورء والوضوء نور» فيزداد 
نور العلم به. 

«ومن التعظيم الواجب أن لا يمد الرّجْل إلى الكتاب» وأن يضع كتب 
التفسير فوق سائر الكتب» ولا يضع على الكتاب شيئاً آخر من محبرة 
وغيرها). 

وإذا كان الشيء بالشيء يذكر: فقد جاء في ترجمة الإمام أبي الحسن 
علي بن إبراهيم القطان  ”65(‏ ه٠5”)‏ رحمه الله» وهو راوية «سئن» ابن 
ماجهء عن الإمام ابن ماجهء جاء فيها في «التدوين في أخبار قزوين» لإمام 
الشافعية في عصره: أبي القاسم الرافعي'"': أن أبا الحسن هذا «أصابه علة 
البطن» فتوضاً في يوم واحد أكثر من تسعين مرة» وقال: لألقى ملك 
الموت على الطهر»ء» واشرب دواء أحوجه إلى نيف وثلاثين مجلسا 
للخلاء -» فكان يتوضأ كل مرة وضوءه للصلاة». 

وعقد ابن عبد البر في «جامعه»: «باب ذكر بعض من كان لا يحدث 
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو على وضوء» وذكر تحته 
آثار”"» وكذلك الخطيب في الحامعن” + «يبعفي للقارق» أن يقرا من 





.”7١:" )1(‏ 
9١‏ (14-0م؟ م9" 3). 
(0) 55:1ة. 


١‏ تحلي الطالب بحلية الأدب 


أصل المحدثء» وأن لا يمسّه إلا على طهارة؛» وذكر تحته أثر قنادة - وهو 
تابعي -» وأثر الفضل بن موسى السّيناني - وهو من أتباع التابعين ب 
وفيهما هذا المعنى» ا والمهم في خبر قتادة ‏ وهو 
تابعي قوله كان يسحت أن لد تقرأ الأحاديث التي عن النبي صلى الله 
عليه وسلم إلا على طهر. 

وذكز السمعاني”" آثر السّيناني» وبعض أخبار الإمام مالك كذلك. . 

وحصل لي أمر 5 حكاية طرفه الأول» ويسوؤني حكاية طرفه 
الثاني» وتخليده في هذه الصفحات» لكني سأحكيه. لألفت النظر من 
خلاله إلى أمر آخر مهم أرجو فائدته. 

كنت أيام طلبي - وما زلت طالباً والحمد لله - في ساحة المدرسة 
الشعبانية - أدام الله نفعها وعطاءها » بمدينة حلب حرسها الله وسائر بلاد 
الإسلام, ومعي كتابي » أحمله بيدي اليسرى» فجاءني فضيلة شيخنا 
العلامة» المتفئن الذؤاقة. ذو الملكة العلمية النادرة» الفقيه الشافعي 
النَحوي» الأستاذ الشيخ أحمد قلاش» المتوفى بالمدينة المنورة» عن مئة 
عام )١578- ١77/(‏ تغمده الله برحمتهء فأخذ الكتاب من يدي اليسرى» 
ووضعه في يدي اليمنى وقال: اللهم آتني كتابي بيميني. 

ومضت مدة ليست بالطويلة» ودخلت كلية الشريعة بجامعة دمشق» 
ونحن في آخر العام الدراسي الأول» نتتظر الاختبار الشفهي في مادة 
الفقه» وكان الكتاب المقرر علينا «تحفة الفقهاء» للإمام السمرقندي» 





.)١77-177١( في «أدب الإملاء»‎ )١( 








تحلّى الطالب بحلية الأدب 1 





وطال الانتظار على أحد الطلبة» وتعب من الوقوف» فأراد الجلوس على 
درجة في الضالة»'لكنها مقيرة "د اطبعا -: ؤهز لس (الينظال) الاسود؟ 
والغبار يظهر عليه بشدة» فما كان منه إلا أن وضع الكتاب (تحفة الفقهاء) 
على الأرض وجلس عليه! !!. 

إنه يسوؤني والله - أن أسجل هذا ولكني أردت منه أمراً آخرء هوا أن 
يقف القارىء على مثال حي واقعي فيه الفرق الكبير بين التربية على أيدي 
علماء عاملين حريصين على اقتفاء السنة النبوية» وتلقيتها عملاً لأبناتهم 
الطلبة» حتى في هذه الجزئية: حمل الكتاب باليد اليمنى لا اليسرى» وبين 
الدراسة في أروقة الجامعات الصمّ البْكم ‏ إلا ما رحم الله -. 

وإن هذه البقية الباقية من أساتذة الجامعات الشرعية» الذين لهم صلة 
بالعلماء العاملين (المسجديين)» يصعب عليهم تعاملهم بهذه الآداب مع 
الطلبة» إما مراعاة منهم لبعد الطلبة عن هذه المعاني» وإما مراعاة (لأروقة 
الجامعات) البعيدة عن هذه الروح العلمية» ولكن بعد خلو الساحة من 
هذه البقية الصالحة ستّمحى هذه المعالم النورانية» وإنا لله وإنا إليه 
العو ظ 

وأعود إلى ما كنت فيهء وهو الحديث عن لق الأدب» وأهميته 
لطالب العلم لنجاحه وفلاحه فأقول: 


إن من الكلمات الشائعة على ألسنة علمائنا المربين رحمهم الله تعالى: 


كد تحلي الطالب بحلية الأدب 


ما فاز من فاز إلا بالأدب» وما سقط من سقط إلا بسوء الأدب7©. 

وهذا هو المعنى الذي عبّر عنه البرهان الزّرنوجي رحمه الله تعالى» 
بقوله'": «ما وَصّل من وصل إلا بالحرمة؛ وما سقط من سقط إلا بترك 
الحرمة». وحكى في هذا الفصل حكايات لا يُستغنى عنها. وانظر «تذكرةً 
السامع والمتكلم» للإمام ابن جماعة. و«الجامع لآداب الراوي وأخلاق 
السامع) للخطيب البغدادي رحمهما الله تعالى» وجميع كتب علوم 
الحديث تحت عنوان: أدب الطالب والمحدّث» ونحوه. نسأل الله التوفيق 
لكل خير. 

أما الحملة الثانية : فأوضح دليل عليها ما حكاه الله عز وجل عن 
موقف إبليس من أمر الله تعالى له بالسجود لسيدنا آدم عليه الصلاة 
والسلام» وما آل إليه أمره من الخزي واللعنة إلى يوم الدين. 

وأما الجملة الأولى : فدليلها حال سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله 
عنهماء وذلك في قصته المشهورة التي مجملها من روايات البخاري لها( 
عن ابن عباس نفسه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الخلاء وكان 
يومه ذاك عند السيدة ميمونة رضي الله عنهاء فوضع له ابن عباس وضوءاً» 
فلما خرج ورآه قال: «من وضع هذا؟. قالت ميمونة: ابن عباس» فضمه 


النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره ودعا له: «اللهم فقهه في الدين». 





0( وانظر الدليل على صحة هذا القول فيما يأتي ص15 .١‏ 


020 فى اتعليم المتعلم) ص5 ؛. 


(9) فى (صحيحه) (دللء 117 دلا .)/71/٠‏ 





تحلّى الطالب بحلية الأدب / 3 


وف لفظ: «اللهم عل الحكمة»» وفي لفظ آخر: «اللهم ملم الكتاب»» 


وفي رواية 1 أبي شيبة''؟: «اللهم فقهه في الدين وعلّمه التأويل»» وينظر 


000 بن ا واحيه 00 واللفظ له 1 
خلفه» ار 0 ا 
00 تارك فلما اتنصرف قال لي: «ما شأني أخفلك حذائي 
فتَخْنّس؟221 فقلت: أوينبغى لأحد أن يصلى حذاءك وأنت رسول الله الذي 
ألا :401 كراعم ده الله لين أن دلي غلتما وفهما. 

فهما واقعتان» واقعةٌ تقديمه الوّضوءء وواقعة تأخّره عن محاذاة النبي 
صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل» وهذه الواقعة غيرٌ الواقعة التى بات 
فيها عند خالته ميمونة» وقام يصلى من الليل مع النبي صلى الله عليه 
وسلمء فوقف عن يساره. 

ووؤق الترطدى؛ والنسائي”” عنه أنه قال: دعا لي رسول الله صلى الله 

عليه وسلم أن يؤتيني اللّه الحكمة مرثين » فهاتان همال وهذا 0 





(1) مم ). 

(؟) ابن أبي شيبة (077846, وأحمد 1: .77١‏ 

() الترمذي (7871)» والنسائي (811/8). 

(4؛) وهذا أولى مما يفيده كلام الحافظ في «الفتح» 17١ :١‏ (075): «ولعل ذلك 
كان في الليلة التي بات...»» فإنه يفيد أنهما واقعة واحدة». والصواب أنهما واقعتان. 


11 تحلى الطالب بحلية الأدب 


وواضح فيهما أنه دعا له لما وفق إليه من الخدمة في المرة الأولى» ومن 
الأدب والاحترام لمقام النبوة في الثانية» والخدمة من الأدب. 

فكان من بركة هذا الدعاء: أن وصل إلى مقام رفيع جداً بين الصحابة 
الكبار نكا ودقانا ب حعيت: فالاقه ان ميرد : لو أدرك ابن عباس أسناننا 
رار أ ما بلغ أحد منا عشر علمهء وقالافنه أرضا: نعم 
تيان القرآن ابن عباس » وقال ابن الحنفية يوم جنازة ابن عباس : اليوم 
مات رباني العلم'"". 

وقال فيه ابن عمر رضي الله عنهما: هو أعلم الناس بما أنزل الله على 
ا 7 وكا يلنب ون الأمنة ور ماق القدران 
رضي الله عنه» وهذا تحقيق ل لما قدمته: : ما فاز من فاز إلا بالأدب ونسأل 
الله التوفيق. 


.)*7885 -758/85( رواها ابن أبي شيبة‎ )١( 


(؟) رواه أبو زرعة الدمشقى فى «تاريخه» (17/58). 





الصبر على الطلب وعدم الفتور 5" 


المَعْلّم الثاني عشر 
الصبر على الطلب وعدم الفتور 
صبر الطالب على طلب العلم حتى يفتح الله تعالئ : 
أ أما إن على طالب العلم أن يتحلى بالصبر حتى يأذن الله تعالى 


بالفتوح والفرج: فهذا مما يُنصح به الطالب» وأن يتذكر دائماً قول 
القاكل"'' : 
أخْلقْ بذي الصبر أن يَحْظى بحاجته ومُدمن القَرْعَ للأبواب أن يلجا 
وروى الخطيب''' عن إمام الكوفيين في العربية أبي العباس: أحمد 
ابن يحبى الشيباني )59١ - 7٠٠١(‏ رحمه الله المعروف بلقبه: ثعلب» 
وهو أيضاً من حفاظ السنة الثقات» عن شيخ له اسمه: الفضل بن سعيد 
ابن سالم قال: كان رجل يطلب العلم» فلا يقدر عليه» فعزم على تركهء 
فمر بماء ينحدر من رأس جبل على صخرة قد أثْر الماءٌ فيهاء فقال: 
الماء على لطافته» قد أثّر في صخرة على كثافتهاء والله لأطلبن العلم» 


)١(‏ بيت من أربعة أبيات ذكرها الصفدي فى «الوافي بالوقيّات» 7: 7١0١‏ لمحمد 
ابن شير الحميري البصري» وسمّى آخرون والده ب: يسيرء انظر «الأعلام» 
ومصادرهء» ترجمة محمد بن يسير. 

(؟) في «الجامع» .)١595(‏ 


0 الصبر على الطلب وعدم الفتور 
فطلب» فأدرك. 

وأسند الخطيب في «الجامع» قبل هذا الخبر وبعده» كلمتين للإمام 
إلا ناله» فإن لم ينله كله نال بعضهء و: «بابْ كل علم نفيس جليل: 


مفتاحه بذل المجهود). ثم أسند إلى الإمام الكبير أبي يعلى الموصلي» 
صاحب «المسند) الشهير رحمه الله» أربعة أبيات من الشعرء آخرها: 


ع 4 - 8 2 6 
إني رأيت - وفي الايام تجربة ‏ للصبر عاقبة محمودة الآاثر 
وقل مَّن جد في أمر يطالبه واستضحب الضَيرَ إلة فاز بالظفر 


ومما حفظناه من مشايخنا رحمهم الله جميعاًء في بداية الطلب: 
أطلب العلم ولا تضجرن نان الطائحت أن يفا 
ألم تر الحجبل بكتكراره في الصخرة الصماء قد أثّرا 

عدم الفتور في طلب العلم 

ب - وأما أن يُصاحب الطالب علو الهمة والاستمرار في الطلب دون 
تقصير ولا فتور عزم: فهذا أمر متعيّن عليه» فكثيراً ما تكون عاقبة الفتور 
إلى انقطاع عن العلم» لا إلى تأخّر في الطلب» أو تأخر عن التقدم في 
العلم فقط. 

وأذكّر أخي طالب العلم بالكلمة الغالية التي قدمتها'"' عن الإمام 


.4١-9٠ صفحة‎ )١( 


الصبر على الطلب وعدم الفتور 0١‏ 





البخاري رضي الله عنه» قالها لوراقه: «لا أعلم شيئاً أنفع للحفظ من نَهْمة 
الرجل» ومداومة النظر). 

وقال الرّرنوجي"'"': ينبغي أن لا يكون لطالب العلم فترة» فإنها آفة» 
وكان أستاذنا الشيخ الإمام برهان الدين ‏ المرغيناني صاحب «الهداية» ‏ 
رحمه الله يقول: (إنما غلبت على شركائي بأن لم تقع لي الفترة في 
التحصيل». 

وكثيراً ما تحصل الفترة ثم الانقطاع» بسبب عمل دنيوي يزاوله الطالب 
في أيام إجازاته الطويلة» كأيام الصيف» فليحذر الطالب ‏ أو أهلّه - هذه 
المناسبات القاطعة . 

وإذا كنت أتحدّث عن قواطع الطلبة» فإني أنتهز الفرصة والمناسبة» 
لأتحدّث عن بعض قواطع من انتهى من مرحلة التحصيل» ووصل إلى 
مرحلة العطاء والتعليم» لكنه استهلك واستغرق في العمل الإداري» 
فانقطع عن الإفادة والاستفادة» وما أكثر هؤلاء! ولا بد من الموازنة 
وتدارك الأمر. 

والمنقطعون أكثر من المواصلين» والأيام شاهد صدقء والحكاية عن 
المنقطعين هي للاعتبار من حالهم» لا للاتكاء على أخبارهم , وتكون 
سّلواناً لمن انقطع عن الطلب. 


.8١ص في كتابه «تعليم المتعلم»‎ )١( 


مان؟ الصبر على الطلب وعدم الفتور 


قال شعيب بن حرب - أحد الثقات من شيوخ الإمام البخاري -: كنا 
نطلي التعديث أرعة الافه "فيا أفجدو ينا إلا أريعة. 

ثم روئ عن الإمام شعبة بن الحجاج: أنه خرج يوماً من بيته» ونظر 
إلى أصحاب الحديث على باب بيته» فاتكأ على صاحبه الإمام أبي داود 
الطيالسي صاحب «المسند» المشهور وقال له: يا سليمان» ترى هؤلاء 
كلَّهم يخرجون محدثين؟ قلت: لاء قال: صدقت» ولا خمسة! قلت: 
خمسة!! قال: نعم» يكتب أحدهم في صغرهء ثم إذا كبر تركه» ويكتب 
أحدهم في صغره» ثم إذا كبر يشتغل بالفسادء قال أبو داود: فجعل يردد 
عليً» قال أبو داود: ثم نظرت بعد فما خرج منهم خمسة!!. 

وفي «الجامع» لابن عبد البر'"' بغير إسناد: قيل للأعمش: لقد أحيبيت 
العلم بكثرة من يأخذه عنك» فقال: لا تَعجبواء فإن ثلثاً منهم يموتون قبل 
أن يدركواء وثلثاً يلزمون السلطان فهم شر من الموتى» ومن الثلث الثالث 
قل من يفلح. 

وهذه الأخبار من الكتب» وغيرها كثير في أخبار الناس» لا ينبغي أن 
تكون متكا ومستنداً يَعتذر به من ينقطع عن العلم للدنيا وغيرهاء لاء بل 
ينبغي أن يُنظر إليها بعين الاعتبار منهاء من قبّل الطلبة أنفسهم» وذلك 
جنب القواطع والعوائق» ومن قبّل الآباء وأولياء الأمور» وذلك بأن 


(1) رواه ال لخطيب في (الجامع) (49). 
(؟) )١١1١15(‏ بغير إسناد ‏ وهو مسند في «جامع» الخطيب (91) -. 








الصبر على الطلب وعدم الفتور 0 


يقدموا من أبنائهم العددّ الكثيرء لطلب العلم» ليسلّم لهم القليل منهمء 
وليدجت القليل من هذا القليل: فيكونوا علماء مرجعيين في دين الأمة. 

ومن أساليبهم رحمهم الله تعالى في المداومة على الطلب» لثلا يدخل 
الفتور يما ما على تفوسهم وهممه :ما احكاه أبو هلال الفسكري”" عن 
إمام الحنفية في عصره أبي الحسن الكرخي )75٠-70(‏ رحمه الله: أنه 
كان يحضر درس شيخه أبي خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي 
الشهير (ت 197) رحمه الله» كل يوم» حتى يوم الجمعة» كان الكرخي 
يأتي 06 مجلس الدرسء ولم يكن للقاضي درس فيهء قال الكرخي: 
كنت أحضر مجلس أبي خازم يوم الجمعة بالغداة» من غير أن يكون 
درس» لثلا أنقض عادتي من الحضور. 

وعلى هذا الستن أدركثك بعض علماء حلب ودمشق رحمهم الله 
تعالى» فمن علماء حلب فضيلة سيدي العالم العارف الشيخ عبد الجواد 
بوادقجي. مع شيخه العلامة الرباني الحجة فضيلة الشيخ محمد نجيب 
سراج الدين» ومن علماء دمشق فضيلة العلامة الورع الفقيه الشيخ 
عبد الوهاب دبس وزيت» مع شيخه العلامة الحجة الفقيه الشيخ عطاء الله 
الكسسّمء رحمهم الله جميعاًء كان كل منهما يحضرٌ ميعاد درس شيخه حتى 
يوم الثلاثاء: يوم الإجازة الأسبوعية آنذاك» فيمسك حلقة الباب» وهو 
مغلّق» ويرجع إلى بيتهء وذلك صيفاً وشتاء» لثلا يَفتر عن الحضور 


)١(‏ في «الحث على طلب العلم» ص8/. 


والبكور يوم الأربعاء. 
فرحمة الله عليهم» كانوا يداوون أمراض النفوس بمراقبتهاء والحذر 


من فتراتها. 





أهمية تكرار الدرس ومطالعته هه؟ 





المَعْلّم الثالث عشر 
أهمية تكرار الدرس ومطالعته 


إن من واجبات الطالب والشيخ على السواء: مطالعة المقدار المقدر 
شرحه ودرسه في هذا اليوم» قبل حضور الدرس» وهو ما كان يسمى 
فديما + الساق: 

ما إن حقاً على الشيخ أن يقرأ الدرس لنفسه قبل حضوره وقراءته على 
الطلبة: فأحكي هذه القصة التي حصلت لنا في درس الفقه الحنفي في 
السنة الأولى» وكان أستاذنا وشيخنا فيه العالم الفقية الصالح الناسك فضيلة 
الشيخ مصطفى مزراب رحمه الله تعالى وأجزل له الأجر والمثوبة. 

شّعَر الشيخ أن طالباً لم يكن قد طالع درسه قبل حضورهء فعاتبه 
الشيخ بلطف ورفق - كعادته الكريمة ‏ وقال لنا: يا أولادي» كان شيخنا 
الشنيخ إبراهيم: الترمانيي. (8:+1 د 180/4) رحنه الله يقول. لناة ايا 
أولادي» أنا درست في الأزهر علوماً كثيرة» منها ستة وعشرون علماً لا 
أسأل عن شيء منهاء ومع ذلك فأنا لا آثي إلى الدرس إلا بعد مطالعته!. 

وآما إنحقا على :الطالي أن يقرا الدوس لنفسه قل عنفيوره رقراءته 
على الشيخ: فهذا أمر مفروغ منه» ولهم في ذلك كلمات وأخبار. 


فمن أقوالهم: ما حكاه الرّرنوجي وعيونان :“افك قبن السبق 
حرفت بوالكران النغا .يع : أن« ركون عدار التق قايلا قصيرام. آنا 
فكزارة قبل حضون الدارفن: شمراتك كفيو القت ره !: 

ثم قال :مبيناً أهمية ذلك لرسوخ الدرس في ذهن الطالب”" : ا(وينبغي 
لطالب العلم أن يُعدَ ويقدّر لنفسه تقديراً ذ في التكرار» نإنة لا يدق قله 
حتى يبلغ ذلك المبلغ». 

وين اجارم اديه : ما جاء في ترجمة الإمام أبي إسحاق الشيرازي 
رحمه انه ': «يقال: إنه اشتهى يدا بماء الباقلاء» قال: فما صح لي أكلهء 
لاشتغالي بالدون»: وأخدى الثوية""". .قال كت اعيد كل قياس حاي: 
كل درس - ألف مرة» فإذا فرغت منه أخحذت لاا ار وهكذاء» وكدت 
أعيد كل درس ألف مرة» فإذا كان في المسألة بيت يستشهّد به حفظت 
القصيدة!)». 

قلت: هكذا جاء لفظه غتد السبكي: أعيد كل درس ألف مرة» وله 
عند شيخه الذهبي”*". وانظر إلى أي مستوى رفيع تكون ثقافة هذا الإمام 





)في «اتعليم المتعلم» ص19. 

(؟) صفحة 4/. 

(1) في «طبقات الشافعية الكبرى» 5: .5١14‏ 

(4) يضاف هذا الخبر إلى قصة ابن أبي حاتم المتقدمة ص9١٠.‏ 

(5) في «السير» / : 55» وربما كان هو مصدر السبكي» لكن جاء في (صفة 
الصفوة» 5 "» و«تهذيب الأسماء واللغات» ؟: »١11/‏ و«المجموع» ١‏ 3 ذكر 








الفقيه» فى الشعر والأدب!!. 

ومن أخبارهم في تكرار الدرس والسَّبّق : خبر الإمام القفال الشاشي 
- الذي قدمته ‏ أول طلبه العلم""". 

وفي «طبقات») السبكي ا في ترجمة الإمام أبي الحسن لكي 
الهرّاسى  4050(‏ 205) من أقران الإمام الغزالي في التلمذة على إمام 
الحرمين» رحمهم الله 10 قال: (كانت فى مدرسة سرهئك بنيسابور 
قناة لها سبعون درجة» وكنت إذا حفظت الدرس أنزل القناة وأعيد الدرس 
في كل درجة مرة في الصعود والنزول. قال: وكذا كنت أفعل في كل درس 

«وفي بعض الكتب”": أنه كان يكرر الدرس على كل مرقاة من مراقي 
مرقاة)» فتكون مرات التكرار 55٠‏ مرة!. 

5 7 ام 3 3 عو د 
المتوفىل سنة 0١7‏ من أئمة الحنفية المتقنين» ومن مشاهير تلامذة الإمام 


تكرار الدرس مئة مرة» ولعله الأقرب. 
)١(‏ صفحة .١١١‏ 
700 707 
(6) هو «المنتظّم» لابن الجوزي 17: 2177 والنقل ما يزال عن السبكي. 
(4) في «المنتظّم» أيضاً /170:11. 


السرخسي» وترجم له الإمام السمعاني بين شيوخه'''» وزاد ابن الجوزي 
عل السمعاق هذا اله قال كل يرما عو سالة تقال كرزت هده 
المسألة ليلة في 2 من حصن بخارئ أربع مئة مرة»)» لذلك قال ابن 
رم لاسر كر وو ا 

٠ 00 5‏ (05) 5 . 7 7 
الأبهري» إمام المالكية في وقته» المتوفى سنة 5/ا رحمه الله: أنه قرأ 
اامختصر» ابن عبد الحكم خمس مئة مرة» و«الأسدية» يي وسبعين 
مرة» و«الموطأ» ونا وأربعين مرة» و«(مختصر) البرقى سبعين مرة» 
و«المبسوط») ثلاثين مرة. 

وحكى عياض أيضاا" في ترجمة شيخه الإمام الحافظ الناقد غالب بن 
عبد الرحمن ابن عطية الغَرْناطي 44١1(‏ - 018) رحمه 0 قراءة 
(صحيح البخاري) سبع مئة مرة» وقد عم لالا عاماًء فيكون ‏ 3 قري قل 
قرأ «الصحيح» في كل شهر مرة» على مدار ستين سنة. 

2 1 2 0 . 1 

وفي (اعرر البهاء الضوي)””' للعلامة محمد بن علي بن علوي خرد 


.١70:١ فى «التحبير)‎ )١( 

(9) في «ترتيب المدارك» 7: .71١‏ 

() في مشيخته «العْدْية ص 2١14١0‏ وانظر «التنويه والإشادة» للكتاني ص١5.‏ 
(؟) صفحة ؟557. 


التّريميء المتوفى سنة »45١‏ عن العلامة المحقق الضابط فضل بن عبد 
الله ابن أبي فضل العلوي التَّرِيمي» وهو من علماء صدر القرن التاسع: أنه 
قرأ «صحيح) البخاري ألف مرة» قال المؤلف: «ولم يعرف لأحد غيره 
على ما نعلم؛ والله أعلم». أفادنيه فضيلة العلامة الفقيه الشافعي الصالح 
المبارك الشريف زين آل سميط حفظه الله تعالى بخير وعافية. 

وجاء في «المنهاج السوي»"" للإمام السيوطي في ترجمة الإمام 
النووي رحمهما الله تعالى» ما مفاده: أن النووي نقل في بعض مؤلفاته عن 
«الوسيط» للإمام الغزالي رحمه الله» فتوزع من قبّل بعض علماء عصرهء 
وغلّط في هذا النقل» فقال: «أثُنازِعونني وقد طالعته أربع مئة مرة!!». 

ومن نهنا درك أمراء“فو: "أن العلماء السابقيق كاثوا يطالعون ويكررون 
الدرس هذه المرات الكثيرة» فيحفطون الكتاب» وما كانوا يقرؤون على 
شيوخهم إلا الكتب المعتمدة الأصول» وهذا الحفظ سهل عليهم بعد ذلك 
الكتابة والتأليفَ» فإنهم ينسبون هذه النقول إلى الكتب المحفوظة عندهم» 
وما كانوا يحتاجون إلى مراجعة كل جملة. 

وكان أساتذتنا رحمهم لقعا د قدوة عله أمرية ‏ مطالعة الدوسن 
قبل حضوره على الشيخ» ومراجعته بعد الدرس». ففي الأول: يكون 
للطالب تهيؤ لما سيشرحه الشيخ» واستعداد لفهمه وحفظه. وفي الثاني: 
يكون استذكار من الطالب لما شرحه الشيخ» هل بقي شيء لم يرسخ في 
الذهن» ولم يتضح في الفهم أو لا. 


57” صفحة‎ )١( 


5 أهمية تكرار الدرس ومطالعته 


وقد نبّه الزرنوجي رحمه الله إلى أمرين في تكرار الدرس فقال7"': 
(ينبغي اناي رسن هاف : درس - الأمس: خمس مرات» - وهذه هي 
المراجعة -» وسبق اليوم الذي قبل الأمس: أربع مرات» والسبق الذي 
قبله: ثلاث والذي قبله: اثنين» والذي قبله: واحداًء فهذا أدعى إلى 
التكرار والحفظ. 

الوينبغي أن لا يعتاد المخافتة في التكرارء لأن الدرس والتكرار ينبغي 
أن يكون بقوة ونشاطء ولا يجهر جهراً يُجهد نفسهء كيلا ينقطع عن 
التكرار» فخير الأمور أوساطها». 

ونبّه إلى هذا الأمر الثاني: أبو هلال العسكري فقال'": «ينبغي 
للدارس أن يرفع صوته في درسه حتى يُسمع نفسه؛ فإن ما سمعيّه الأذْن 
رسخ في القلب... وحكي لي عن بعض المشايخ أنه قال: رأيت في بعض 
قرى التَبَط فتى فصيح اللهجةء حسن البيان» فسألته عن سبب فصاحته مع 
لُكُنة أهل جلدته؟ فقال: كنت أعمد في كل يوم إلى خمسين ورقة من كتب 
الجاحظء فأرفع بها صوتي في قراءتهاء فما مر لي إلا زمان قصير حتى 
صرت إلى ما ترى. وحكي عن أبي حامد ‏ الإسفراييني» إمام الشافعية في 
وقته -: أنه كان يقول لأصحابه: إذا درستم فارفعوا أصواتكمء فإنه أثبت 
للحفظ. وأذهب للنوم». 


أما أنا: فأؤكد على الطلبة هذا الأمر: القراءة الجهرية» لكن أؤكد 


.8١ صفحة‎ )١( 


() في «الحث على طلب العلم» ص؟72. 





عليهم الجهر بقزاءة وردهم اليومي من القرآن الكريم» يضاف إليه مقدارٌ 
من كتاب مضبوط بالشكل التام أو شبه التام»ء من كتب السنة النبوية 
المسندة» ك«صحيح البخاري» معلكٌ :أو . غير «المشدة” كداارياضل 
الصالحين»» ففيه اطلاع على السنة النبوية» وفيه تقويم اللسان على القراءة 
المضبوطة الصحيحة» فليس المهم القراءة فقطء بل المهم القراءة مع 
الضبط القويم. 

فإذا اعتاد لسانهم السلامة قرؤوا صفحة أو صفحتين من كتاب «حياة 
الصحابة» رضي الله عنهمء للعلامة الداعية الشيخ محمد يوسف 
الكاندهلوي رحمه الله تعالى» وأوصيهم بقراءة كتابين لكاتب الإسلام 
والعربية أديب العلماء وعالم الأدباء الأستاذ الشيخ علي الطنطاوي رحمه 
الله تعالى» هما: «رجال من التاريخ»» و«قصص من التاريخ» للاستفادة من 
أسلوبه في الكتابة والبيان» فإنه (السهل الممتنع). 

ونوصية أخيرة أقولها وأحكي لها قصة : 

أما التوصية: فأن ينهض الطالب بهمتهء أو أن ينهض الشيخ بهمة 
الطالب» فيطالع درسه للغد في كتاب أعلى من كتاب درسه» لتتسع دائرة 
معارفة» وليشدً انتباه شيوخعه إليه فيكون محط أنظارهم واهتمامهمء وهذا 
أمر مهم جداًء وله عوائد محمودة في مستقبله العلمي. 

وأما القصة: فإن سيدي العلامة الأصولي الفقيه الحنفي التقي الورع 
الشيخ محمد السّلقيني» عرض له سفر قصير» فأناب عنه في دروسه في 
التدربية: الختروية (القاتوية "الشرعية) يخلية» تلقيذه' اببيدي: العلاية 
الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة» رحمهما الله تعالى» فأعجب الطلبة 


وأخذ انتباههم» فلما رجع فضيلة الشيخ محمد السلقيني إلى دروسه قال له 
الطلبة: يا أستاذى الشيخ عبد الفتاح كان من طلابك؟ فقال لهم بتواضعه 
الجمّ المشهور: نعمء ولكني الآن أنا من طلابه» كنت أقرأ له متن 
«الآجرومية» فى النحوء وكان هو يطالع درسه فى «مغنى اللبيب»!» وهذا 
مما جعل فضيلة سيدي الشيخ عبد الفتاح حجة في علوم العربية» كما هو 


225 

58 

فزن 
15 
0 














أهمية المذاكرة بالعلم نس 


أهمية المذاكرة بالعلم 

ومن مهمات الطالب : المذاكرة بالعلم مع نفسهء ومع أقرانه» ومع 
شيوخه» ومع أي كان» والمقصود بالمذاكرة: المباحثة بالعلم» والمساءلة» 
والمناقشة» والمناظرة» وعلى أي وجه كان» وبأي أسلوب » إلا المجمازاة 
والعصبية لقول. أو لمدرسة» ونحو ذلك. 

فالاشتغال بالعلم : قد يكون على انفراد» كالمطالعة أو الكتابة» أما 
المذاكرة: فتقتضي المشاركة مع آخرء وفي هذه المشاركة يتولد الفهم 
وتتفئّق القريحة عن وجوه وأجوبة واحتمالاات للمسألة. ومما كان يجري 
على ألسنة مشايخنا رحمهم الله تعالى مّجرى المثل يقولون: ذبح العلم بين 
اثنين» أي: تُحل مشكلاته فى مدارسة اثنين له. 

وَأُوَلَق :قافن المذاقرة + انبا غلك علق أن تحنظ لماكل الت 
بدذاكر بها 'غبوك:::وثانعها + أنها متكرو سا فى سيف حفظ ما ذاكرت 
بهء وثالثتها : أنك تضم إلى علمك علم الآخرين الذين تذاكرهم» وتضم 
إلى فهمك فهمهم» وهذا أمر ليس بالقليل» ولا بالهيّن» لتزهد فيه. 

ومما يّلفت النظرَ إلى أهمية المذاكرة : أنه نبّه إلى أهميتها بأقوالهم 
وأفعالهم كبار الصحابة : علي ؛ وابن مسعوة »2 وابن عباس » وأبو سعيد 
الخدري» وكبار التابعين : علقمة» والنخعى » وابن شهاب» وعبد الرحمن 


ع أهمية المذاكرة بالعلم 


ودون أخبارهم كبار أئمة الحديث : ابن أبى شيبة فى «مصنفه» 
(/555615؟ ‏ 56كككل والدارمي في «سئئه) (596 -/5709), ثم جاء 
القاضي الرامَهُرْمزي فأفرد له نوعا في «المحدث الفاصل» -1/7١(‏ 20097 
ثم الحاكم في «معرفة علوم الحديث»: النوع الثالث والثلاثين» ثم الخطيب 
في «آداب الفقيه») (9807 - /461), و«الجامع» (141/5. .)١591١5‏ وابن 
عبد البر فى «الجامع) ا (94. 5577 »)2661١-‏ والبيهقى فى «المدخل» 
0 -١50)»ء‏ واتفقوا على كثير مما ذكروه» وزاد بعضهم على بعض» 
وفيها كلها خير وحكم. 

ومن أخبار الكبار فى المذاكرة: ما رواه يعقوب بن سفيان فى 
«المعرفة والتاريخ»"''» عن فضيل بن غزوان أنه قال: «كان ابن شبرمة 
والمغيرة بن مقسم الضبي» والحارث العكلي» والقعقاع بن يزيد» وغيرهم 
يَسْمرون بالفقه» فربما لم يقوموا إلى النداء بالفجر). 

وهؤلاء أئمة الفقه بالعراق في زمانهم» وكأنهم كانوا يرون في عملهم 
هذا أنه يعدل إحياءهم الليل بالصلاة والعبادة» وقد قدّمت عن عمر وابن 
مسعود رضي الله عنهما: أنهما كان يريان مدارسة العلم كالصلاة'". 


)١(‏ 514:7 ومن طريقه الخطيب في «آداب الفقيه والمتفقه» (407) -» وتنظر 
ترجمة الحارث العكلى فى «طبقات» ابن سعد /: 507. 


(؟) صفحة 58. 


أهمية المذاكرة بالعلم 3”»> 


ويلفت النظرَ إلى أهمية المناظرة كلمة أخرىء نقلها الإمام الرزلي 20 
قال: سئل أبو الحسن القابسي القيرواني عمن يحفظ «المدونة»: هل تسوغ 
له الفتيا؟ فأجاب: «إن ذاكر الشيوخ فيها وتفقّه: جازء وإن لم يذاكر فيها: 
فلا يفعل»» فانظر أهمية مذاكرة الطالب مع شيوخه في العلم الذي 
سيتصدر له. 

وهذه المذاكرة جزء من التلقي عن الشيوخ» فأين مقام من لم يتلق عن 
الشيوخ أبداً؟ ! وأين مقام من يجعل قدوته في العلم» هذا الذي لم يتلق 
العلم عن الشيوخ؟! إنهم عن العلم وفهمه والتحقق ب به لفي معزل بعيد!. 

ويلفت النظر إلى أهمية المذاكرة: موقف من إمام من أئمة العلم 
والدين والسنة» هو الإمام أحمد رحمه الله تعالى» وهو الخبر الذي 
تقدم'"'» لما قدم أبو زرعة بغداد» ونزل قفا قا الإمام أحين» يقول 
الجييل : ما صليت ع غير الفرض » استائرت: يسذاكرة أبي زرعة على نوافلي! 
وهو الذي كان يصلي في اليوم والليلة /٠١/‏ ركعةء فد الح سيت 
بدنه فاقتصر على /١5٠١/‏ ركعة!2. 


ونقل الخطيب”'' كلاماً طويلاً لم يسم قائله» أقتطف منه هذه الأسطرء 


.”7 :١ في «فتاويه»‎ )١( 

0 

() كما رواه أبو نعيم في «الحلية» 9: 8١‏ . 

(5) في «آداب الفقيه والمتفقه» للخطيب 7: ٠١‏ (آخر 5315). 


33> أهمية المذاكرة بالعلم 


قال: «العلم إذا لم يُستعمل ولم يذاكر به» كالمسك: إذا طال مكثه في 
الوعاء» ذهب ريحهء وكالماء الصافي: إذا طال مكثهء نشفثه الأوعية 
وغيّرته» وذهبت بأكثره أو بكلهء وتغيّر ريحه وطعمهء وكالبئر تُحتفر 
فتجري فيها عين» فإن حصل له طريق حتى ينتشر صار نهراً وكثر ونفع 
وعاش به الجيران» وإن حبس وثّرك قل نفعه» وربما غارء فكذلك العلم» 
إذا لم يذاكر به ولم يبحث عنه» وإذا ذاكرت بالعلم ونشرته صار كالنهر 
الجاري دائم النفع » غزير الماء» إن قل لعارض زاد أخرى» وإن تكدر 
لعلة صفا في ثان» وتحيا به الأرض والزرع والحيوان». 

ومن النصائح المهمة في المذاكرة: ما أجملّه الررُنوجي رحمه الله'") 
بقوله: «لا بد لطالب العلم من المذاكرة والمناظرة والمطارحة» فينبغي أن 
يكون بالإنصاف والتأني والتأمل» ويحترز عن الشغب والغضب» فإن 
المناظرة والمذاكرة مشاورة» والمشاورة إنما تكون لاستخراج الصواب» 
وذلك إنما يحصل بالتأمل والتأني والإنصاف» فإن كانت نيته إلزام الخصم 
وقهره فلا يحل ذلك» وإنما يحل ذلك لإظهار الحق... 

وفائدة المطارحة والمناظرة أقوى من فائدة مجرد التكرار» لأن فيه 
ورا ونا 1 زف مط فد يوووا الكو داقر 
مع متعنّت غير مستقيم الطبع» فإن الطبيعة سراقة متغيرة» والأخلاق 


متعدية» والمجاورة مؤثرة». 


() في اتعليم المتعلم» ص ؟/. 





أهمية المذاكرة بالعلم ”5 


وأوجه المذاكرة : أنها تكون بين الإنسان ونفسه وحافظته» والإنسان 
ونفسه بالقراءة والمطالعة, والإنسان مع من فوقه» ومن هو مثله. ومن هو 
دونه وقد ذكر هذه الوجوه الع دعا من سيدنا أبى هريرة فمن 
بعده» رضي الله عنهم» وافتتح الأخبار بقول أبي هريرة: «جرأت الليل 
ثلاثة أجزاء: ثلثاً أصلى» وثلثاً أنام وثلثاً أذكر فيه حديث رسول الله صلى 
الله عليه وسلم». ثم أسنة فكله عن عمرو بن ديئار»ء ونحوه عن الإمام 

ومما يدخل في أخبار المذاكرة وأثرها: ما يأتي قريباً جداً عن الإمام 
أبي حنيفة» وعن زائر الخليفة عبد الملك بن مروان» كيف بلغت بصاحبها 
مبلغاً رفيعاً من العلم. 

وجاء في ترجمة الإمام ابن أبي حاتم الرازي”": «كان من منّة الله على 
عبد الرحمن ‏ ابن أبي حاتم -: أنه ولد بين قمّاطر العلم والروايات» وترى 
بالمذاكرات مع أبيه وأبي زرعة» فكانا يزقانه كما يرق الفرخ الصغير» 
ويعننان 5 

ومذاكرة العالم ‏ كالإمام ابن شهاب الزهري ‏ حديثه مع الأعراب» 
ومع الجارية الخادم؛ وكإسماعيل بن رجاء الزُبيدي» مع صبيان الكتّاب: 
تدل على عظم مكانة العلم عندهم» وعلى خشية نسيانهم لهء أو عدم 


)١(‏ فى «جامعه» (1859 فما بعده). 
(7) في «تاريخ) ابن عساكر 0: ."5٠‏ 


8 أهمية المذاكرة بالعلم 


ضبطهم لهء كي لا يُختلف عليهم كلمة بكلمة» أو حرف بحرف. فرضي 
الله عنهم ما أحرصهم وما أشد أمانتهم على دين الله تعالى. 

وللإمام النووي رحمه الله كلمة في أهمية المذاكرة» زاد فيها ‏ على ما 
تقدم - التنبيه إلى نكتة مهمة» فأنقل كلامه من أجلهاء قال وهو يرسم 
طريق تحصيل علم الحديث"'': «المراد من هذا العلم: الاعتناء بتحقيقه» 
والبحث عن خفي معاني المتون والأسانيد..» ثم يديم مطالعة ما كتبهء 
ويذاكر بمحفوظاته من ذلك من يشتغل بهذا الفن» سواء كان مثلّه في 
المرتبة» أو فوقه» أو تحته» فإن بالمذاكرة يَثبت المحفوظ» ويتحرر ويتأكد 
ويتقرّر ويزداد» بحسب كثرة المذاكرة» ومذاكرة حاذق في الفن ساعةء 
أنفع من المطالعة والحفظ ساعات» بل أياماًء وليكن في مذاكراته متحرياً 
الإنصافء قاصداً الاستفادة أو الإفادة» غير مترفع على صاحبه بقلبه ولا 
يككلامة ولا بغير ذلك ون جدالف: تغاط] له «العارة الجميلة اللي فبهذا 
ينمو علمه» وتزكو محفوظاته). 

وأقول تنبيهاً لأحقيّة كلامه رحمه الله: إذا كانت المذاكرة مع حاذق 
أنفع من مطالعة الطالب منفرداء لساعات وأيام» فكيف بنفع تلقي العلم 
فق أبهاد بحاذق رشيتهوصيضيهة انين الطرال 1لا ترد علمة الإماء اين 
جماعة الآتية بعد صفحتين في عدم أخذ العلم عمن لم يعرف بصحبة 
الحذاق. 


.5/- /ا4‎ :١ في أول شرحه على مقدمة (صحيح) مسلم‎ )١( 





أهمية المذاكرة بالعلم انض 


أما من (شبّخ) عليه الصحيفة» (وشبَِّخَته) الصحفء فإلى أي مدى 
يكون بُعْده عن تحقيق العلم وعن التحقق به!! ولا سيما إذا انضم إلى 
ذلك اعتداده بنفسهء وأنه لم يَرَ متأهلاً للعلم» ليأخذه عنه!! نسأل الله 
العافية والسلامة» كما نسأله حسن التوفيق. 


6" أهمية اللسان السئول لطالب العلم 


المَعْلّم الخامس عشر 
أهمية اللسان السئول لطالب العلم 


ومن 00 مص نم وعما انغلق 
ميم ا 

1 )1( + 1 

عقول . 

وهذا هو جواب دَغْمَل , بن حنظلة الشيباني أحد المخريين ٠‏ لمعاوية 
انو الى عفان ردي اموه فيو ار عدار الأبط ةو هاده 
العربية» الست والنجوم. فرآه عالماً بهاء فقال له: يا دَغفل» من | 
حفظت هذا؟ قال: حفظت هذا بقلب عقولء» ولسان سئول» وإن غائلة 
العلم النسيان. أ فته" 


)١(‏ رواه عنه: البيهقي في «المدخل» (571) من رواية جريرء عن المغيرة» 
عنه» ورواه الرافعي في «التدوين» 7: 84 من طريق جرير» عن المغيرة» عن إبراهيم 
النخعي» وإبراهيم لم يلق ابن عباس» لكن مراسيله صحيحة» ويتعجّل من يحكم على 
مراسيله بالضعف. 

وذكره ابن القيم في «إعلام الموقعين» ١4 :١‏ من رواية مكحول؛ عن ابن عباس 
أيضاً» وهو لم يلقه أيضا. 

(؟) روآه ابن عبد البر في «الجامع» »)07١(‏ و«الاستيعاب» 7: 517» والبيهقي 





أهمية اللسان السئول لطالب العلم #8 


وذلك: أن «العلم خزائن ومفاتيحها السؤال»''» وأن «شفاء العي 
السؤال»”"'» لكن لا بد من حسن استعمال ذلك المفتاح» وذلك الدواء 
وقد قال«وهي ين مده وسليمان ين سان وميمون نب مهران: حمسن 
المسألة نصف العلم'". 

وأفاد الررُنوجي فائدة تاريخية نادرة» أفاد أن السلف كانوا يلقبون 
طالب العلم لقباً غريبء فقال رحمه الله”'': «إنما سمي طالب العلم "ما 
نونف الككرة نا يقولرة اف النزفان الكول )ها تعواوة فى عكه المنالة 

فالمساءلة: ديدن طالب العلم وهجيرا وعهارة. وذلاره رفي 
أسلوب من أساليب المذاكرة بالعلم» التي يأتي القول فيها بعد قليل» وأن 
أئمة السلف من الصحابة والتابعين ومّن بعدهم رضي الله عنهم حضوا 
عليهاء وأكّدوا على الاهتمام بها. 


في «المدخل» (558). 

»1١97 : طرف من حديث ضعيف تالف: رواه أبو نعيم في «الحلية»‎ )١( 
' والزرقاني في مختصره (105) على أنه:‎ »07١4( واقتصر السخاوي في «المقاصد»‎ 

(؟) طرف من حديث ثابت قوي رواه من حديث ابن عباس مرفوعاً: أبو داود 
00 وابن ماجه (01/7) وغيرهما كثير» ومراده بالعي هنا: الجهل. 

(9) «جامع» ابن عبد البر (65545)» و«آداب الفقيه والمتفقه) »2)7٠١(‏ وروي 
مرفوعاً» وينظر تخريجه في «المقاصد الحسنة» »)١50(‏ ولخّصه العلامة الزرقاني في 
«مختصر المقاصد» )١57(‏ بقوله: حسن لغيره. وينظر «أدب الدنيا والدين» ص7١١.‏ 


(4) في «تعليم المتعلم» ص4١‏ - 5/. 


فق أهمية اللسان السئول لطالب العلم 


ومن تهمة الإمام ابن شهاب الزهري رحمه الله في تحصيل تحصيل العلم: ما 
رواه عنه الرامهرمزي' الع آنه كان ل ببق قن :الجسلينى قنايا | لا سادلة ولا 
كهلاً إلا ساءله» ولا فتى إلا ساءله» ويأتي الدارَ من دور الأنصار فلا يُبقي 
فيها انا الا ساءله» ولا كهلاً إلا ساءله؛ ولا فتى إلا ساءله؛ ولا 00 
إلا ساءلهاء ولا كهلة إلا ساءلهاء حتى يحاول ربّات الحجال)7"'. 


وهذا الخبر عن ابن شهاب يتصل بهذا المَعْلّم الذي نحن فيه: اللسان 
السئول» ويتصل بالمَعْلم لآتي أنضاء أحنة المذاكرة» لأن فبيفة مدل 
صيغة مفاعلة ومشاركة» فتقتضي السؤال والجواب والحوارء والله أعلم. 

هذاء ومن الأمر الطبيعي للطالب أن تكون أسئلته: عن عدم معرفة 
بالمسئول عنهء فهذا (سؤال جاهل)» أو: سؤال عن أمر شزعي :يعرف لكان 
لم يتضح له وجههء ان عبار ةقلق بر اما اقل مضي لد جلها فهذا 
(سؤال: ممت شيك مستمفسر): 

وهناك أسئلة تحمل معها شبهة من الطالب نفسه» أو من غيره ألقاها 
عليه مغرض» وفي كل منهما ضرر على الطالب» يتعيّن عليه المبادرة إلى 
من يثق به من شيوخه» حسب اختصاصه العلمي» ليزيل عن قلبه سموم 


.)701( في «المحدث الفاصل»‎ )١( 

(؟) الحجال: جمع حَجَلة» وهي بيت يزيّن بالستور للعروس» فربّات الحجال: 
هن الشابّات العرائس» وهنّ ممن يُتحاشى القرب منهن؛ والحديث معهنء أما 
العجائز والكهلات» فالقرب منهن والحديث إليهن مما يتسامح به» أما العرائس: فلاء 
ومع ذلك فكانت تهمته رحمه الله تحمله على ذلك» وحياؤه يمنعه. 


أهمية اللسان السئول لطالب العلم رفن 





هذه الشبهة» ولا يجوز له البقاء على ما هو عليه دون حل وعلاج بعلم 
ودليل. 

وكل دليل غير واضح المراد فيه يسمى شبهة» لاشتباه الحق 
انبالطل أن اليكظا بالضواب+ فتتيو العلهها عن الاين يفقر: إلى اقوة 
بيان واستد لال واستنباط. 

وهاهنا واجب على الأستاذ العالم المربي نحو أبنائه الناشئة في العلم» 
هو أن يكون يقظاً لمسائلهم وإيراداتهم» فيعرف مصدرها ويعالجها. 

وللشيخ الإمام ابن القيم رحمه الله كلام فيه طول'''» عن الشبهات 
وأثرهاء وضررهاء وضرورة معالجتهاء يهمني منه هذه النصيحة الذهبية 
وكله مهم _» قال: «قال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه ‏ ابن تيمية - وقد 
جعلت أورد عليه إيراداً بعد إيراد: لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات 
كالسّقنجة» فيتشربهاء فلا ينضح إلا بهاء ولكن اجعله كالزجاجة المصْمئة 
-أي: كالقارورة المحكمة الإغلاق - تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر 
ها ”فياه بضفاتة» ويذاققها بفتالابته : وإلا:فإذا أشيريك قلبك كل شببهة 
تمر عليهاء صار مقراً للشبهات» أو كما قال. فما أعلم أني انتفعت بوصية 
في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك». والله هو الهادي إلى سواء السبيل. 


(1) في كتابه «مفتاح دار السعادة» .١5٠ :١‏ 


77/5 موقع الأستاذ المربي» وأثره 


الباب الثالث 
موقع الأستاذ المربي» وأثره 

أما مهمة الأستاذ المربي 

فيقول العلماء الربانيون المربئون: الفاسق ضالة كل داعية إلى الله 
تعالى» وأقول مثل هذا في العالم المعلّم : الجاهل ضالة كل عالم معلّم؛ 
عليه أن يبحث عن الجاهل» فكيف به إذا كان هذا الجاهل انا وكان 
العالم مطلويأ, فإن الواجب عليه أن يتلقاه بكل صدر رحب» وحنان 
2000007 وتَرحاب» يَهُبَهِ وقته وعلمه. وقد قال الإمام أبو حنيفة 
لتلميذه أبي يوسف. في وصيته الطويلة له'"': «وأقبل عي نياك 
كأنك اتخذت كل واحد منهم ابناً وولداً» لتزيدهم رغبة في العلم». 

وعلى العالم أن ينظر إلى طالب العلم: أنه هبة إلهية ساقها الله تعالى 
إليه - لا سيما في هذا الزمان» وكله صوارفُ عن العلم الشرعي الور فكي 
من الله به عليه من علم ووراثة نبوية» وتتناقله من بعده الأجيال» وقد قال 
الإمام حافظ المغرب ابن عبد البر رحمه الله تعالى”": «لا يزال الناس بخير 
ما بقي الأول» حتى يتعلم منه الآخراء وتبقى سلسلة العلم متصلة لا 


)١(‏ وهى بتمامها فى «مناقب الموفق المكى) ص7/ا7. 
(0) فى آخر مقدمة كتابه «جامع بيان العلم» ١١ :١‏ آخر رقم (17). 


موقع الأستاذ المربي» وأثره ”> 


تنقطع إن شاء الله» مهما ضعفت الهمم» وتقاعست العزائم. 

وقال الإمام البدر ابن جماعة رحمه الله تعالى''': «واعلم أن الطالب 
الصالح أَعْوَدُ على العالم بخير الدنيا والآخرة» من أعرّ الناس عليه 
وأقرب أهله إليهء ولذلك كان علماء السلف الناصحون لله ودينه يُلقون 
شبك الاجتهاد لصيد طالب ينتفع الناس بهء في حياتهم ومن بعدهم» ولو 
لم يكن للعالم إلا طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وعمله وهديه وإرشاده» 
لكفاه ذلك الطالب عند الله تعالى» فإنه لا يتتصل شيء من علمه إلى أحد 
فيتتفع به إلا كان له نصيب من الأجر). 

فإذا من الله تعالى على عالم بطالب كهذا الطالب» كان من الواجب أن 
يقف منه كما وصف القاضي ابن العربي موقف الإمام الغزالي منه'''» وفيه 
شيء من الطول؛ فأكتفي بنقل هذه الجملة منه» ثم بالإحالة عليه» قال: 
«فكأنما فَرَعْ لي» لأبلّغ منه أملي» وأباح لي مكانه ‏ أي: دلَّه على مكان 
نزوله» وسمح له بالمجيء إليه -» فكنت ألقاه في الصباح والمساءء 
والظهيرة والعشاءء كان في بَرَّنه - أي: في ثوبه المعتاد » أو في بذلته) 
أي : ثوبه القديم» كيفما اتفق» وهذا دليل على انفساح صدر الإمام الغزالي 
له تمام السعة والاستقبال. 

وكل ما عندهم وعند غيرهم هو في الحقيقة - مندرج تحت أمر 
واحد من أمرين تقدم ذكرهما: 


.517 فى «التذكرة) صفحة‎ )١( 
.507 55١ (؟) فى «قانون التأويل») ص‎ 


,”> موقع الأستاذ المربي» وأثره 


أولهما: أن يشعر قلبه أنه خليفة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. 

انيهما : أن يشعر نفسهء ويشعر طلابه: أنه بمنزلة الوالد الشفوق 
الناصح لكل واحد منهم» سواء بالتربية والرعاية» أم بالتصحيح والتقديم. 

فكل ما يصدر عن أهل كل من هذين المقامين» ينبغي أن يتحقق به 
هذا المعله المرين6« أن يلك .نه 

وأما أثر الأستاذ المربي : 

فإنه مربي الأخلاق والروح في أفراد أمته» وهو قائدهم الأخلاقي» 
ومزكّيهم؛ والمقدم الفكري فيهم» وهم أتباعه وجنوده» وهو صاحب 
السلطنة والهيمنة على قلوبهم وعقولهم؛ دون سلاح ولا ملك. 

هذا إذا استشعر بمسئوليته» وقام بواجبه حق القيام. 

وكان فضيلة العلامة الداعية الرباني شيخنا الشيخ أبي الحسن النَّدُوي 
رحمه الله تعالى» ألقى محاضرة من نحو خمسين سنة» بعنوان «كيف تُوجَه 
المعارف في الأقطار الإسلامية»» طبعتّْها دار الإفتاء بالمملكة العربية 
السعودية» قال الشيخ في آخرها مبّنا أثرٌ المعلم وضرورة اختياره لهذا 
المنصب: 

إن «مسألة اختيار المعلمين ليست بسيطة سهلة» كما يظن كثير من 
رجال المعارفء ليس أساسه العلم وحدهء والمقدرة التعليمية» 
والمؤهلات العلمية فحسب» بل يجب أن تكون للسيرة والخلّق والمبدأ 
والغاية» والإيمان والعقيدة» المكانة الأولى والأهمية الكبرى في اختيار 


المعلم. 





موقع الأستاذ المربي» وأثره ”7 


«اويجب أن تكون هذه العقيدة متغلغلة في الأحشاءء قد ملكت عليه 
فك ومشاعروه وجلاك دو ل بل رلا كل وها انالا 
يتشكك» وذلك مَل المعلم الكامل الذي يُسعد به نظام التعليم» ويؤدي 
مهمته بنجاح وسهولة. ٠‏ 


2 
٠ 


«وإني لا أعرف أمانة أكبر مسئولية» وأشدً خطراء وأعمق أثرأ في 
مستقبل الأمة وحياتهاء من المعارف, فزلّة من زلاتها قد تُردي أمة بأسرها 
في هاوية» وقد يُوْدي بها إلى الاضمحلال والتفسّخ والفوضى في الأخلاق 
والاجتماع» والسياسة والتعليم» واللادينية والإلحادء كذلك يمكنها 
وعحنها ]ند ترحته: لعن و الشومى رعتها اطبالها + زوقيجرية الآمة قياء 
جديدة» وتبني لها مستقبلاً باهراً. 

«وليس من الشرف والرجولة الفرارٌ من المسئولية المشرقة» بل الشرف 
والرجولة وعلو الهمة: الاضطلاع بهذا العبء الذي ألقئه الأمة على 
كاهلهاء وأن تساهم في نهضة الأمة بالقسط الأكبر» بل تضع أساسها الذي 
سيقوم عليه بناء المجتمع». 

ولكون المعلم بهذا المقام.» وهذا الأثرء وهذه المسئولية: كان 
(العلماء» صنوان (الأمراء) في تفسير قوله تعالى: لأوَأولِالآَص تكد © النساء: 
4 فالعلماء باللسان» والأمراء بالسّتان» ولا بد من كليهما. 

وللعلماء كلام كثير وطويل في بيان واجباته» ليتم نفعه وأثره» سآتي 
على بعضها في المعلم اللاحق» وباختصار شديد. 


37> أهم مهمات الأستاذ المربي 


المعلم الأول 
أهم مهمات الأستاذ المربي 

أهم تلك الوظائف: 

؟ - تطبيقه العملي لما يعلّمهم إياه ويربّيهم عليه. 

وهذان الآمران ذكرهما بإجمال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح 
قوله عليه الصلاة والسلام: «إن العلماء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً» إنما 
رثا العلم». من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه» الذي مطلعه: «من 
سلك طريقاً يلتمس فيه علماً» فقال : 

(فيهة إشارة إلى أمرين» أحدهما: أن العالم الذي هو وارث للرسول 
10 كما أنه ورث علمّه فينبغي أن يورثه كما ورّث الرسول العلمء 
وتوريث العالم العلمّ هو أن يخلفه بعده بتعليم أو تصنيف» ونحو ذلك مما 


)١(‏ وقريب من الحديث عنه: الحديث عن إخلاص الطالب لله في طلب العلم» 
الذي تقدم الحديث عنه في المعلم الأول ص 50. 


(؟) صفحة 07. 





أهم مهمات الأستاذ المربي 37 
اقم ال سس ا و ا ا ا 1 


«وفي «الصحيح)"'' عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان ' 
انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية» أو علم ينتفع بهء أو 
ولد صالح يدعو له)». 

«فالعالم إذا علّم من يقوم به بعده قد سات هلما نافع .دق 
جارية: لأن تعليم العلم صدقة» والذين علَّمهم بمنزلة الأولاد الصالحين 
يدعون له فيجتمع له بتخليف علمه هذه الخصال الثلاث. 

«والأمر الثاني: أن من كمال ميراث العالم للرسول عليه السلام» أن لا 
يخلّف الدنياء كما لم يخلفها الرسول صلى الله عليه وسلم»ء وهذا من 
جملة الاقتداء بالرسول وبسنّته في زهده في الدنياء وتقلله منهاء واحتزاثة 
منها باليسير). 

ثم أفاض رحمه الله كعادته ‏ في حكاية أقوال بعض السلف وأفعالهم 
في التقثل من الدنيا. 

* - وعليه وهو بهذا الشعور: أنه في مقام القدوة» أن يصحب ذلك 
منه الإخلاص» فيحاسب نفسه على أن يتوج قوله وفعله بالإخلاص لله 
رب العالمين» عالم السرائر والخفيات. 

وأذكر هنا بقصة صاحب التّقب التي تقدمت”". 


ع ع ع 
وأذكر ما رواه ابن أبى شيبة''' عن ميمون بن أبى شبيب (17/ه) رحمه 


.)١5( ١1858 :7 أي: في الحديث الصحيح» وهو عند مسلم‎ )١( 
ْ (؟) ص109.‎ 


3 أهم مهمات الأستاذ المربي 


الله تعالى أنه قال: «جلست مرة أكتب كتاباًء فعرض لي شيء إن أنا كتبثّه 
في كتابي» زيّن كتابيء وكنت قد كذبت»: وإن أنا تركته كان في كتابي 
بعض القبح» وكنت قد صدقت» فقلت مرة: أكتبه» وقلت مرة: لا أكتبهف 
قال: فاجتمع رأبي على تركهء فتركته» قال: 1 مناد من جانب البيت 
- كأنه يريد» والله أعلم: من جانب القبلة -: اق ررب امثأ بلعل 
أَلنَّاِتِ في أل 0 

وقال الإمام الأكمل البايرتي في مقدمة شرحه «العناية على الهداية». 
والإمام العيني في «البناية في شرح الهداية» رحمهما الله تعالى'"': «روي أن 
صاحب «الهداية» بقي في تصنيف الكتاب ثلاث عشرة سنة» وكان صائماً 
في تلك المدة لا يُفطر أصلاًء كسيد 1 يك يصون اجن 
فإذا أت الخادم بطعام يقول: 0 ورحء فإذا راح كان يطعمه أحد الطلبة 
أو غيرهم» فكان بركة زهده وووعه كانه مقيولا بين العلماءة: 

وعلى الأستاذ المربي وهو في مجلس التعليم» أن يشعر قلبّه بهذا 
المعنى: بأن يكون على ما كان عليه الإمام الرباني عبد الرحمن بن القاسم 
العتّقي » تلميذ مالك وخليفته رضي الله عنهماء ففي «ترتيب المدارك)”” : 
أنه «كان طوال ما يُقرأ عليه رافعاً إصبّعه مبتهلاً إلى الله تعالى في التوفيق 
والسلامة». التوفيق فيما يُعلّم يقرأ عليه» والسلامة من الزلل فيه» له 


.)05145( في «المصنف»‎ )١( 


[ه© البابرتى ١:ى‏ وا لعن ١١١ه‏ 
١ )*‏ :لالاه. 


أهم مهمات الأستاذ المربي 1 


ولهمء فإنه خليفة عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. 

وليحذر المعلم كل الحذر أن يُشعر نفسه أن التعليم مهنة كغيره من 
المهن!! بل هو عبادة من أعظم العبادات» قال الإمام النووي رحمه الله"" 
«اعلم أن التعليم هو الأصل الذي به قوام الدين» وبه يَوْمَن امّحاق العلم» 
فهو من أهم أمور الدين» وأعظم العبادات» وآكد فروض الكفايات)». 
وذكر الدليل عليه من القرآن والسنة» إلى آخر كلامه المهم النفيس» 
ا 0 
لطاع انملس ورتيزنة حياق انيل ونلم» ب الناس شرع الله 
ودينه» وسنة رسولهء وهو في فتوأه لهم موقع عن الله تعالى» كما تقدم 
لحف أرل هة هه . 

ه - وعليه وهو بهذا المقام: أن يشعر أنه في مقام القدوة أمام طلابه» 
ولسان حاله في كل حركة يتقلب فيها يقول لهم: هذا صحيح» وهذا غير 
صحيح » وهذا صواب» وهذا جائز» ونحو هذاكء وهذا لا يتم إلا 
بالمحاسية الدقيقة فيما يقول ويفعل» ويعلّم ويلقن. 

وليذكر نفسّه دافماً بحديث أسنافة بن زيد رضي الله عنهماء ا 
ليؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النارء فتندلق أقتاب بطنه» فيدور بها 


٠١:١ في مقدمة «المجموع»‎ )١( 
(؟) صفحة 5ل.‎ 
.)ه١(‎ 558:5 زفوق الذي رواه البخاري (/1 5 ومسلم‎ 


حي أهم مهمات الأستاذ المربي 


كما يدور الحمار بالرحى» فيجتمع عليه أهل النار فيقولون: يا فلان مالك؟ 
ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى» قد كنت آمر 
بالمعروف» ولا آتيه» وأنهى عن المنكر وآتيه». 

* - وليتخذّ قول سيدنا أبي ذر الغفاري رضي الله عنه إماماً له في 
الحرص على تبليغ الناس عامة» وطلابه القاصدين إلى الاستفادة منه 
خاصة» وهو قوله'": «لو وضعتّم الصّمْصامة على هذه وأشار إلى قَمَاه - 
ثم ظننت أني أُنّفذْ كلمةَ سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم» قبل أن 
تُجيزوا علي: كته 

ونقل ابن أبي العوام''' عن الإمام أبي يوسف القاضي رحمه الله قوله 
لبعض أصحابه: «لو قدّرت أن أقاسمكم ما عندي» وما في قلبي من 
العلم: لفعلت». 

ونقل السبكي”" عن الإمام الشافعي قوله لتلميذه الربيع بن سليمان 
المرادي: «لو أمكنني أن أطعمك العلم لأطعمتك». 

وقال أسد بن الفرات”*: «ما ودعت ابن القاسم ‏ لسفرٍ ‏ قط إلا قال 
لي أوصيك بتقوى الله» والقرآن» ونشر هذا العلم». 


(6) الذي حلت البخازى قن آول لمعته اد اينات امن كنات 


العلم. 


(؟) فى «مناقبه) ص؟7١7.‏ 


(”) فى «طبقاته») 7: .١78‏ 


7 


(5) كما فى «ترتيب المدارك») .5509:١‏ 


أهم مهمات الأستاذ المربي ند 


»' - وليجتهد تمام الاجتهاد في تعليمهم وتبليغهم أكبر قدر ينفعهم 
فيما هم فيه» من المادة العلمية» ومن المكنة العلمية» فالزيادة عن قدر 
عقولهم ومستواهم ضارة لهم» كما أن انتقاصهم من حقهم عليه (تطفيف 
في المكيال) لا يجوز. 

الدربة والمكنة التعليمية» فالأستاذ الذي مضى عليه في تدريس 
العلوم سنوات» يمكنه أن يوصل المعلومة الجديدة المتعسّرة» إلى أفهام 
طلابه بِيسّرء بخلاف الأستاذ الجديد. 

وقد أشار إلى هذه المزية في المعلم : الإمام أبو حنيفة» وهو يحكي 
أول لقائه بشيخه الإمام حماد بن أبي سليمان رحمهما الله تعالى» قال”": 
(أتيت حماد بن أبي سليمان» فإذا هو شيخ وقور حليم يفهم ويفهم. 
فلازمته» فوجدت عنده كل ما احتجت إليه» حتى قال لي يوماً: أنزفتني يا 
أبا حنيفة»). 

4 وعلى الأستاذ أن يسعى لغرس المحبة المتبادلة بينه وبين طلابه» 
حتى تتم الفائدة المرجوة له ولهمء. له: بالأجر والثواب» والصدقة 
الجارية» والذكر الحسن» ولهم: بمزيد الانتفاع» والتحصيل العلمي. 

حون أسيات: العتسة القادلة: آن ل علق دول بنط حية 
طالب» بل ينهض بهمتهمء ويبشّرهم بأنهم سيكونون رجال الأمة 
وخلماص] :وما إلى ذلك 


)١(‏ كما في «مناقب أبي حنيفة» للموفق المكي ص08. 


21> أهم مهمات الأستاذ المربي 


روى ابن أبي العوام''' عن الحسن بن زياد اللؤلؤي قال: «كنت 
أختلف إلى زفر'" وإلى أبي يوسف في الفقه. وكان أبو يوسف أوسع 
صدراً بالتعليم من زفرء فكنت أبدأ بزفر» فأسأله عن المسألة التي تُشكل 
علي» فيفسّرها لي» فلا أفهمهاء فإذا أعبيته قال: ويحك! ما لك صناعة؟ 
ما لك ضيعة؟”" ما أحسبك تُفلح أبداً! قال: فأخرج من عنده وقد فترت 
واغتممت» فآني أبا يوسف فيفسرها لي» فإذا لم أفهمها قال لي: أرفق» ثم 
يقول لي: أنت الساعة مثلّك حين بدأت؟ فأقول له: لاء قد وقفت منها 
على أشياء» وإن كنت لم أستتم ما أريد» فيقول لي: فليس من شيء ينقص 
إلا يوشك أن يبلغ غايته» اصبرء فإني أرجو أن تبلغ ما تريد. قال الحسن 
ابن زياد: فكنت أعجب من صبره». 

وروى الحافظ أبو طاهر السّلفي” بسنده إلى الإمام القدوري قال: 
«كان أبو جعفر الطحاوي يقرأ على المزني فقال له يوماً: ولله لا أفلحت» 


.)51/7( في «مناقب الإمام أبي حنيفة»‎ )١( 

)١(‏ «أختلف»: أي: أتردّد. وزفر: هو الإمام زفر بن الهذيل العنبري» أحد أجلة 
أصحاب الإمام أبي حنيفة رحمهم الله تعالى. 

ومن معاني زفر في اللغة العربية: البحر. ذكر الإمام الفيروز آبادي في مقدمة كتابه 
«القاموس»: أنه أراد أن يختصر فيه كتابه الكبير «اللامع المعْلّم العُجاب»» وقال: 
«جعلت ‏ بتوفيق الله تعالئ - ذُقراً في زافر»» أي: إنه من شدة الاختصار جعل البحر 
في قربة» وهي الزافر. 

(”) الضيعة: الأرض التي مُستغل» أو التجارة. 

(5) في (معجم السفر) ص ه (الترجمة: ل/ا). ٠‏ 


أهم مهمات الأستاذ المربي »> 


فغضب وانتقل من عندهء وتفقه على مذهب أبي حنيفة» فصار إماماًء 
فكان إذا درّس أو جَابْ في المشكلات"' يقول: رحم الله أبا إبراهيم 
- المزني - لو كان حياً ورآني كفّر عن يمينه». 

١‏ - ومن أسباب غرس الأستاذ المحبة بينه وبين طلابه: سوالّه عن 
الواحد منهم واهتمامه بأمره إذا غاب» وعيادثه إذا مرضء» وإظهار ذلك 
لهمء وتفقّده حاجته المادية المالية» ونحوًّ ذلك من أموره الخاصة» أو 
أمور من يتصل به اتصالاً وثيقًء كوالديه وإخوته» عند المهمات. 

ومن لطائف أخبار اهتمام الشيوخ بالنجباء من أصحابهم : ما حكاه 
القاضي محمد بن محمد بن الحسين بن محمد ابن أبي يعلى الفراء 
الحنبلي''' قال: «كان جدي الحسين بن محمد قد درس على أبي بكر 
الرازي مذهب أبي حنيفة» وغير خاف بحر اوبكر رارع وأن المطيع 
له :ومعر الدولة خاطياه ليل قضاء الفضاة فامتتع » وكان .محل جدي أب 
عبد الله منه: أنه مرض مئة يوم» فعاده أبو بكر الرازي خمسين يوماء يعبر 
إليه من الجانب الغربي بالكرخ»؛ من درب عبدة» إلى باب الطاق بالجانب 
الشرقي» فلما عوفي وحضر عنده في مجاسه قال له أبو بكر الرازي: يا أبا 


)١(‏ هكذا في «معجم السفر»ء وفي المصادر الأخرى التي نقلت عنه» ومنها 
«الجواهر المضية» للقرشي :١97 :١‏ أو أجاب» ومعنى ما أثبت: بحث في , 
المشكلات بحثا واسعاًء وقطعها وأجهز على المشكل فيهاء كما يقال: فلان جاب 
الأرض» أي: قطعهاء وهذا أبلغ من: أجاب, والله أعلم بالصواب. 

(9) في «طبقاته) 7: 1" في ترجمة والده. 


حكن أهم مهمات الأستاذ المربي 
عبد الله مرضت مئة يوم فعُدناك خمسين يوماًء وذاك قليل في حقك)”". 

فرحم الله تلك النفوس الكريمة التي طهّرها الله بالإسلام» واتباع 
رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

تبكر لك ]ند علقي اطاى اعد :الابما ميته كين اهارو بالمتياقة 
بهء فقد أسند الخطيب'" إلى المغيرة بن مقسّم الضبّي صاحب إبراهيم 
النخعي: «أن المغيرة تأخر يوماً عن إبراهيم» فقال له: يا مغيرة ما أبطأ 
بك؟ فقال له مغيرة: قدم علينا شيخ - أي: راوي للحديث - فكتبنا عنه 
أحاديث» فقال إبراهيم: لقد رأيتّنا وما نأخذ الأحاديث إلا ممن يعلم 
حلالها من حرامهاء وحرامها من حلالهاء وإنك لتجد الشيخ - 
الراوي غير العالم - يحدث بالحديث فيحرف حلاله عن حرامه» وحرامه 
عن حلاله» وهو لا يشعر»» فمهّد له ولمن بعده ‏ بهذه الكلمات درساً 
ومنهجاً علمياً عملياً في مستقبله العلمي طوال حياته. 

ومن أخبارهم في ذلك سوى عيادة المريض فإنها سنة نبوية -: قصة 
أبي حنيفة مع أبي يوسف» وتفقّده حاجته المادية. 

روى الإمام الصَيّمري”" بسنده إلى أبي يوسف قال: «كنت أطلب 
الحديث والفقه» وأنا مقل رث ١‏ الال فجاء أبي 01 وأنا عند أبي 


01” :١ وعلى هذا الخبر: فإن قول الإمام ابن عبد البر في «الاستغنا»‎ )١( 
الوعامة الحنبلية اليوم على ذمّه): في محل التأمل.‎ 

(؟) في «الكفاية» ص59١.‏ 

)في «أخبار أبعي حنيفة» ص 297 وعنه الخطيب في «تاريخه» .5:١15‏ 


أهم مهمات الأستاذ المربي 7/1 
حنيفة» فانصرفت معه» فقال: يا بني لا تمدن رجلك مع أبي حنيفة» فإن 
أبا حنيفة خبزه مَشُوي» وأنت تحتاج إلى المعاش» فقصرت عن كثير من 
الطلب» وآثرت طاعة أبي» فتفقدني أبو حنيفة وسأل عني» فجعلت 
أتعاهد مجلسه» فلما كان أول يوم أتينُه بعد تأخري عنه قال لي: ما شَكّلك 
عنا؟ قلت: الشغل بالمعاش وطاعة أبي» فجلست» فلما انصرف الناس 
دفع إلي صرة وقال: استمتع بهذه» فنظرت فإذا فيها مئة درهم» فقال لي: 
الزم الحلقة» وإذا نفدت هذه فأعلمني» فلزمت الحلقة» فلما مضت مدة 
يسيرة دفع إلي مئة أخرى' ثم كان يتعاهدني» وما فلم ل ف : ولا 
أخبرته بتفاد شيء) وكان كأنه يخبّر بنفادهاء حتى استغنيت وتَمَولت». 
ومن أخبار الإمام أسد بن الفرات في رحلته إلى العراق» ولقائه 
بالإمام محمد بن الحسن الشيباني» قوله'"'': «ورآني - الإمام محمد - يوماً 
أشرب ماء السبيل فقال لي: تشربه؟! فقلت له: أنا ابن سبيل» فلما كان 
الليل بعث إلي بثمانين ديناراً وقال: ما عرفت أنك ابن سبيل إلا الآن؛ فلما 
أراد أسد الانصراف إلى إفريقية لم يكن عنده ما يتحَمّل به» فذكّر ذلك 
لمحمد بن الحسن» فقال له: أذكر شأنك ولي العهدء فلقيه محمد بن 
الحسن وذاكره أمره» إلى آخر الخبرء وفيه: أن ولي العهد أمر لأسد بعشرة 
آلاف درهم. 
' ومن أخبارهم في تعهدهم لأصحابهم : القصة المشهورة عن إمام 
التابعين سعيد بن المسيّب رضي الله عنهما مع صاحبه وتلميذ درسه: كثير 


.5١٠١ :١ كما فى «(ترتيب المدارك)‎ )١( 


514 أهم مهمات الأستاذ المربي 


ابن المطلب بن أبي وداعة» قال كثير"'': كنت أجالس سعيد بن المسيب» 
ففقدني أياماً فلما جئته قال: أين كنت» قال: توفيت أهلي فاشتغلت بهاء 
فقال: ألا أخبرتنا فشهدناهاء قال: ثم أردت أن أقوم فقال: هل استحدثت 
امرأة» فقلت: يرحمك الله» ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ 
فقال: أناء فقلت: أو تفعل؟! قال: نعم» ثم حمد الله تعالى» وصلى على 
النبي صلى الله عليه وسلم» وزوجني على درهمين - أو قال: ثلاثة -. 
قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح» فصرت إلى منزلي» 
وجعلت أتفكر ممن آخذ» وممن أستدين» فصليت المغرب وانصرفت إلى 
منزلي» واسترحت» وكنت وحدي صائماء فقدّمت عشائي أفطرء كان 
خبزاً وزيتًء فإذا بآت يقرع فقلت: من هذا؟ قال: سعيد» قال: فأفكرت 
في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيب» فإنه لم ير أربعين سنة إلا 
بين بيته والمسجدء فقمت» فخرجتء. فإذا سعيد بن المسيب» فظننت أنه 
قد بدا له» فقلت: يا أبا محمد ألا أرسلت إلي فآنيّك؟ قال: لأنت أحقّ أن 
قال: قلث: فنا تام ؟ قال: إنك كنث: راجلا عربا فروجقف»: فكرهت 
أن تبيت الليلة وحدك» وهذه امرأتك» فإذا هي قائمة من خلفه في طوله» 
ثم أخذها بيدها فدفعها بالباب» ورد الباب» فسقطت المرأة من الحياء» 
فاستوئقت من الباب» ثم قدمتها إلى القصعة التي فيها الزيت والخبزء 
فوضعتها في ظل السراج لكي لا تراه. 


صا 


)١(‏ كما فى ١حلية‏ الأولياء» ؟:/158-151. 








أهم مهمات الأستاذ المربى 14" 


ثم صعدت إلى السطح» فرميت الجيران» فجاؤوني» فقالوا: ما 
شأنك؟ قلت: ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم» وقد جاء بها 
على غفلة» فقالوا: سعيد بن المسيب زوّجك؟! قلت: نعم وها هي في 
الدارء قال: فنزلوا هم إليهاء وبلغ أمي» فجاءت وقالت: وجهي من 
وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام» قال: فأقمت 
ثلاثة أيام» ثم دخلت بهاء فإذا هي من أجمل الناس» وإذا هي أحفظ 
الناس لكتاب الله» وأعلمهم بسئة رسول الله صلى الله عليه وسلمء 
وأعرفهم بحق الزوج. | 

وأخبارهم رضي الله عنهم كثيرة» ودروسها وعبرها أكثر وأكثرء فهم 
منارات الإسلام العملي» ومعالم الحق والصراط المستقيم. 


يك فى الوظائف الأخرى للمربى 


ومن أقوال أرباب السلوك 
في الوظائف الأخرى للمربي 


ذكر الإمام الغزالي”© وظائف. المرشد المعلّم ‏ نحو المتعلمء فبلغت 
ثماني وظائف. وأوصلها الإمام البدر ابن جماعة رحمهما الله تعالى'" إلى 
أربعة عشر كي اتفقا على بعضهاء وزاد كل علي الاجر ع وأطال 
وأطاب القول الإمام النووي'" وأنقل عناوين ما عند الإمام الغزالي. 


قال رحمه الله : 


«الوظيفة الأولى : الشفقة على المتعلمين» وأن يجريهم مجرى بنيه» قال 
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد»"”'؟ بأن يقصد 
إنقاذه من نار الآخرة» وهو أهم من إنقاذ الوالدين ولدّهما من نار الدنيا. 

الوظيفة الثانية : أن يقتدي بصاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه. 


200 في «الإحياء» :١‏ 0506 -84ه. 

(؟) في «تذكرة السامع والمتكلم» ص17 -11. 

() في «المجموع» 18:١‏ - 270 وأهمها من ص ١‏ فما بعد» من قوله: «ومن 
آدابه: آداب تعليمه)» فلينظر بتأن. 

(54) هذا طرف من حديث رواه أبو داود (8)» والنسائي في «سننه» الصغرى (40)» 
وابن ماجه »)7١7(‏ وابن حبان )١971(‏ من «التقاسيم والأنواع»» وأحمد 7: 251417 
عن أبي هريرة رضي الله عنه» وأصله في «صحيح مسلم» :١‏ 771 (01). 











فى الوظائف الأخرى للمربى 0١‏ 


فلا يطلب على إفادة العلم أجراًء اسدواد اراك اريدم 
لوخه الله تعالى ( ]أ طالة ريه النه): 

الوظيفة الثالثة: أن لا يدع من نصح المتعلم شيئاًء وذلك بأن يمنعه من 
التصدي لرتبة قبل استحقاقهاء والتشاغل بعلم خفي قبل الفراغ من العلم 
الجلي» ثم ينبهه على أن الغرض بطلب العلوم القرب إلى الله تعالى. 

الوظيفة الرابعة : أن يزجر المتعلم عن سوء الأخلاق بطريق التعريض 
ما أمكن ولا يصرح» وبطريق الرحمة لا بطريق التوبيخ. 

الوظيفة الخامسة : أن المتكفل ب, ببعض العلوم ينبغي أن لا يقبح في 

نفس المتعلم العلوم التي وراعى كبدل إللغة إِذ حا سبي لع اد 
ومعلم الفقه عادته تقبيح علم الحديث والتفسير. 

الوظيفة السادسة : أن يقتصد بالمتعلم على قدر فهمه» فلا يلقي إليه 
ما لا يبلغه عقله» فينفره أو يخبط عليه عقله ولا ينبغي أن يفشي العالم 
كل ما يعلم إلى كل أحد. 

الوظيفة السابعة : أن المتعلم القاصر ينبغي أن يُلقئ إليه الجلي اللائق به 

الوظيفة الثامنة : أن يكون المعلم عاملاً بعلمه فلا يُكذب قولّه فعلّه 
فإذا خالف العمل العلمّ منع الرشد» وكل من تناولَ شيئاً وقال للناس: لا 
تتناولوه فإنه سم مهلك» سخر الناس بهء واتهموه. وزاد حرصهم على ما 
هوا عنهء فيقولون لقان أطت لأساف و اندها : لا كان بساك 4 

وختم هذه الوظيفة وهذا الباب بقوله: «لذلك قال علي رضي الله عنه: 
قصم ظهري رجلان: عالم متهتك» وجاهل متنسك» فالجاهل يغرٌ الناس 


0 فى الوظائف الأخرى للمربى 


بسك والعالم يغرّهم بتهتكه). 

وفي كلام الإمام الغزالي الذي طويثه التقريرٌ والبيان الشافي» وفي 
كلام الإمام ابن جماعة التنبيه إلى جزئيات تهم طالب العلم وتوقظه من 
غفلته» وترشده لما يكون به عالما يقظاء فأنصح الأخ الطالب الحريص 
على الفائدة أن يقرأ ما عند كليهما. 

وللإمام الماوردي رحمه الله تعالى كلمات وتنبيهات أيضاً حول ما نحن 
يصذلذه» أقتطف منها ا 1 بعضها يؤكد ما تقدم. وبعضها جديد» قال230. 
اومن آدات العلماك. < أن لا يكوا بتغليم ما تحنتون» ولا يمتنعوا من إفادة ما 
تعلكوة: فإن البخل , باو اروالت من عبد وإع» وكيف يسوغ لهم البخل 
بما مُنحوه جوداً من غير بخل» ا عقوا رن ع يذل؟! ولو استره بذلك 
من تقدمهم» لما وصل العلم إليهم. ولالقرض عنهم بانقراضهم... وروي 
عن علي كرم الله وجهه أنه قال: ما أخذ الله العهد على أهل الجهل أن 
تعلمواة خض انعد غلن أهل الع أن يعلموخ»00. 


.١17١ص في «أدب الدنيا والدين»‎ )١( 

(7) أسند هذا القول إلى سيدنا علي رضي الله عنه الخطيب في «آداب الفقيه 
والمتفقه» )١71(‏ بلفظ: «ما أخذ الله ميثاقاً من أهل الجهل بطلب العلمء حتى أخذ من 
أهله ببيان العلم للجهّال. لأن العلم كان قبل الجهل»» وفي إسناده متروك متهم» لكن 
قال الخطيب نفسه في كتابه «الجامع» بعد عدّة عناوين وأبواب: باب (ما لا يفتقر كثبه 
إلى إسناد: 11١7‏ كل ما تقدم ذكره يفتقر كَنْبِه إلى الإسناد» فلو أسقطت أسانيده 
واقتصر على ألفاظه ‏ فسد أمره» ولم يثبت حكمه» لأن الأسانيد المتصلة شرط في 
صحته ولزوم العمل به). 





فى الوظائف الأخرى للمربى دض 


ثم قال''": «وينبغي أن يكون للعالم فراسة يتوسّم بها المتعلم» ليعرف 
مبلغ طاقته» وقدر استحقاقه» ليعطيه ما يتحمله بذكائه» أو يضعف عنه 
ببلادتهء فإنه أروح للعالم» وأنجح للمتعلم».. ومن كان كذلك: لم ضع 
له عناء» ولم يخب على يديه صاحب). 

ثم قال”": «ومن آدابهم : نصح من عدّموهء والرفق بهم» وتسهيل 
السبيل عليهم» وبذل المجهود في رفدهم ومعونتهمء فإن ذلك أعظم 
لأجرهم» وأسنى لذكرهم» وأنشر لعلومهم» وأرسخ لمعلومهم. 

ومن آدابهم : أن لا يعنفوا متعلّماً. ولا يستصغروا مبتدئاًء فإنه أدعى 
إليهمء وأعطف عليهم» وأحث على الرغبة فيما لديهم.. 

ومن آدابهم : أن لا يمنعوا طالباًء ولا ينفروا راغباً ولا يؤيسوا 
متعلماً» لما في ذلك من قطع الرغبة فيهم» والزهد فيما لديهم» واستمرارٌ 
ذلك مهن إلى انقراض العلم بانقراضهم). 


ثم قال: ١7١6«‏ -: وأما أخبار الصالحين» وحكايات الزهاد والمتعبدين» 
ومواعظ البلغاء» وحكم الأدباء: فالأسانيد زينة لهاء وليست شرطاً في تأديتها». 
وانظر كلامه بعد قليل آخر رقم 417١17‏ ولهذا سوغ الخطيب - وهو الإمام الناقد - 
لنفسه ذكر هذا الأثر عن علي وغيره» مع علمه بحال أسانيدهاء فدراستها ونقدها 
تنطع من المعاصرين. 

لكام و1 

.١13"9- ١8ص (0؟)‎ 


4" حض الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 


المعْلّم الثاني 
حض الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 
ومن مهام الشيخ في تكوين طالب العلم وتنشئته: حضنّه على حفظ ما 
ينفعه في مستقبله العلمي من القرآن الكريم» والسنة النبوية» والمتون 
العلمية» يحفظ متناً واحداً معتمداً في كل فنٌ» وكذلك يحفظ ما ينفعه من 
الشواهد الأدبية» وتقدم''' عن الإمام أبي إسحاق الشيرازي قوله: «إذا كان 
في المسألة بيت يستشهد به حفظت القصيدة!). 
وما تزال بقية باقية من طلاب العلم تحفظ القرآن الكريم» لكن ليس 
فيهم من يحفظ السنة النبوية» ولو كان «رياض الصالحين»! وهذه بلية نازلة 
فيهم» وأحض وأخص بالذكر السادة العلماء القائمين على إدارة المعاهد 
الشرعية ومناهجها: أن يوجهوا عناية طلابهم - عن طريق أساتذتهم 
المباشرين لتعليمهم ‏ إلى حفظ أكبر قدر ممكن من السنة الشريفة» ولو في 
دورات متخصصة» في أوقات إجازاتهم الدراسية» مع سلوك طريق 
الترغيب والمكافآت لهم على الحفظ. 
ولقد كانت وفاة سيدي العلامة القدوة الحافظ الشيخ عبد الله سراج 
الدين خسارة فادحة للعلمء 00000 منها: أنني لا أعرف له خَلَفا 


)١(‏ صفحة 5605؟. 





حضٌ الشيخ الطلبةَ على حفظ ما ينفعهم علمياً 1 


في حفظ السنة النبوية» تغمده الله برحمته» فإنه كان لا يفتأ عن حفظ أي 
حديث شريف يقف عليه» لم يكن حفظه من قبل - على كثرة محفوظاته -» 
ولا يتوانى عن حفظ أي زيادة دالة على معنى جديد ولو كلمة» وعلى 
عادته التي درج عليها في كل محفوظاته: الإتيان بالرواية بألفاظها 
وزياداتهاء وراويها من الصحابة» ومخرجها من الأثمة. 

قال الخطيب خم ا : (ينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز 
وجل» إذ كان أجل العلوم وأولها بالسبق والتقديم»» وروئ عن الإمام 
الأوزاعي» ويحيى بن يمان ما يؤكد هذا المعنى. 

ثم قال'": «ثم الذي يتلو القرآن من العلوم: أحاديث رسول الله صلى 
الله عليه وسلم وسنتّه؛ فيجب على الناس طلبهاء إذْ كانت أسّ الشريعة 
وقاعدتها). 

ثم قال رحمه الله'": «باب: حفظ الحقية وثقاة البضئزة شه إذا 
استقرت بالطالب داره» وانقضّت من السفر والاغتراب أوطاره» فليأخذ 
نفسه بالنظر فيما كتب» والتدبر لعلم ما طلب». 

ثم أسند”' إلى الإمام عبد الرزاق الصنعاني» وإلى الأصمعي قولهما: 
«كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمّام» فلا تعد علما»» يريدان: أن ما لم 


.)79( في «جامعه)‎ )١( 
.)694()9( 

(9*) 617 1). 
(5) لرحلمكف 18419). 





١‏ حضّ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 


انر دار رحمه الله فكتب”" كلاماً نفيساً» ورسم منهجاً قويماً 
لطالب العلم» ب ل ل يالةاونن الطليء 
وكشف المذهب. قال أوله: «لا ب ينبغي تعديهاء ومن تخاها مياه فل 
تعدّى سبيل السلف رحمهم الله» ومن تعدى سبيلهم عامداً ضل» ومن 
جاه وكيد 1ل 

وأقول: رضي الله عن الإمام ابن عبد البرء فإن هذه الجملة تكفي 
طالب العلم منهجاً في مسيرته» يلتزمه ولا يحيد عنه. 

ثم لخّص كلامه الطويل في قدر نصف صفحة» تلخيصاً يتعيّن على 
طالب العلم قراءته وفهمه وتدبّره'") 

وقال الإمام البدر ابن جماعة رحمه الله'": نصائح وتوجيهات لا بد 
لطالب العلم من الأخذ بهاء أقتبس منها هذه الكلمات: ْ 

(أن يبتدأ أولاً بكتاب الله العزيز فيُتقنه» وَلْيحذرُ من نسيانه» ثم يحفظ 
من كل فنّ مختصراً يجمع فيه بين طرفيهء من الحديث وعلومه. 
والأصولَيّن - أصول الدين (التوحيد) وأصول الفقه ‏ والنحو والتصريف» 
ويشتغل بشرح تلك المحفوظات على المشايخ». 


.١١79-1١١1959:7 فى «جامعه»‎ )١( 

(1) فلينظر آخر الفقرة (7771) من قوله: «فعليك يا أخي بحفظ الأصول 
والعناية بها) إلى آخره. 

(*) في «تذكرة السامع» ص ؟١١ .١15١-‏ 





حض الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 1 


«وليحذر.من الاعدناد فى ذلك علق الكقت آبداء كل يعدمند فى كل فن 
من الشيوخ من هو أحسنٌ تعليماً له» وأكثر تحقيقاً فيه» وذلك بعد مراعاة 
الدين والصلاح»..» وبعطي الكتاب الذي يقر ؤٌه» أو الفن الذي يأخذه 
كليته حتى يتقنه) . 

«وكذلك يحذر التنقل من كتاب إلى كتاب من غير موجب» فإذا 
تحققت أهليته» وتأكدت معرفته فالأولى أن لا يدع فنا من العلوم الشرعية 
المقصود بالعلم». 

وقد كان الإمام ابن جماعة ذا مشاركة قوية في علوم كثيرة» على وَفق 
نصيحته للطالب: «الأولى أن لا يدع فنا من العلوم الشرعية إلا نظر فيه»» 
كما وصفه بهذا الإمام الذهبي'"'» فإنه قال بعد ثناء طويل عليه: «كان 
روضة معارف» يضرب في كل فن بسهم». 

عن قر كدي 5 1 5 لي ا 

ثم نبه ابن جماعة إلى أمر مهم يتصل بما سبق فقال ': ينبغي «أن 
يصحح ما يقرؤه قبل حفظه تصحيحا متقناء إما على الشيخ» وإما على 
غيره مما يعينه» ثم يحفظه بعد ذلك حفظاً محكماًء ثم يتعاهده. ولا يحفظ 
0 ا : : حي ال كن 
شيئا قبل تصحيحه» لانه يقع في التحريف والتصحيف» وقد تمدم “أن 
لا يكون الشيخ ممن أخذ عن بطون الأوراق» ولم يعرف بصحبة الشيوخ 


)١(‏ في «ذيل تاريخ الإسلام» ص7517. 
(؟) في «التذكرة» ص١7١.‏ 
(") هناك فى «التذكرة» ص87. 


10 حضٌ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 
الحَدّاق ‏ وأن العلم لا يؤخذ من الكتبء فإنه من أضرٌ المفاسد». 

وأعود إلى نصيحة البدر ابن جماعة بحفظ متن من كل فن وعلمء 
وأؤكد ذلك بنقلَيْنء أولهما: قولي نظري » وثانيهما: فعلي واقعي. 

أما الأول : فوصية الإمام ابن الجوزي رحمه الله بذلك لولده'"' إذ 
يقول له: «عليك بالحفظ» فإنه رأس المال» والتصرّف ربح»» ولا يلتفت 
القارى القَطن إلى ما كتب عليه هناك تعليقاًء فإن لي واقعة مع ذاك المعلّق 
تتصل بخطأ إنكاره أهمية الحفظ للعلم» فكان له موقف لا يغبط عليه ولا 
أحبّ الإبعاد ‏ بحكايتها ‏ عما أنا بسبيله. 

وما يزال بين أيدي طائفة من المشايخ وطلبة العلم مجلد يعرف باسم 
«مجموع مهمات المتون»» له طبعات متعددة» تختلف في عدد المتون 
المجموعة فيه» جَمّع عدة متون معتمدة مهمة من كل فن» وزادت طبعاته 
الأخيرة على الستين متناء كانت المعاهد الشرعية عامةء والمعاهد 
الأزهرية خاصة» تحرص على تحفيظ طلابها جملة من هذه المتون» وهذا 
(المجلد) يمثّل واقع (جيل المتون) كما سماه بذلك الأستاذ الدكتور 
المحقق محمود الطناحي رحمه الله تعالى”". 

وبلغني عن الإمام وحمل انون الكشميري رحمه الله تعالى: أنه كان 
يحفظ من المتون العلمية المنظومة /70/ ألف بيت» سوى المتون 
المنثورة!. 


.7١ فى «لفتة الكبد) ص‎ )١( 
فما بعدهاء فانظرها.‎ ١5١ :١ (9؟) فى «مقالاته»‎ 








حض الشيخ الطلبةة على حفظ ما ينفعهم علمياً 4 


ومن محفوظات بعض مشايخناء وبعض طلبتهم» من السادة 
الشافعية: كتاب «البهجة الوردية» الذي نظم فيه الإمام ابن الوردي الفقيه 
الشافعي (ت )١54‏ كتاب «الحاوي الصغير» لابن يونس» رحمهم الله 
جميعاً» وعدد أبياتها (0183) بيتآء مع حفظهم «ألفية العراقي» في السيرة 
النبوية» و«ألفيته» أو «ألفية السيوطي» في علم مصطلح لكك و«ألفية 
ابن مالك» في النحوء و«جوهرة التوحيد» أو «بدء الأمالي» في علم 
التوحيدء وغير هذا وذاك. 
ثم دخل الدخيل على عقول أصحاب الدراسات الحديثة - وسَرى 
منهم إلى عقول بعض طلاب العلم ‏ أن الحفظ ضار في العلم» حسب 
النظريات التعليمية الجديدة؛ فضاع الحفظ. وضاع بعده الفهم!. 
وأما الثاني : فالحادثة المشتهرة بين أهل العلم نيبا ونيا انقلا 
من أول ترجمة التاج السبكي"''' للإمام الغزالي رحمهما الله تعالى» قال: 
«قال الإمام أسعل الميهني : سمعته ا الإمام الغزالي يقول: قطعت 
علينا الطريق» وأخذ العيّارون - فطاع الطريق - جميع ما معي» ومضواء 
فتبعنّهم» فالتفت إلي مقدّمهم وقال: ارجم ويحكء وإلا هلكت» فقلت: 
أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقطء. فما هي بشيء 
تنتفعون به. فقال لي: وما هي تعليقئُك؟ فقلت: كتُّب في تلك المخلاة» 
هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمهاء فضحك وقال: كيف تدّعي أنك 
عرفت علمهاء وقد أخذناها منك فتجردت عن معرفتها وبقيت بلا علم! 


.١96 :5 فى «طبقاته»‎ )١( 


١‏ حضٌ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 


ثم أمر بعض أصحابه» فسلّم إلي المخلاة. 

قال الغزالي: فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به في أمري» 
فلما وافيت طوس» أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين» حتى حفظت 
جميع ما علّنته» وصرت بحيث لو قطع علي الطريق لم أتجرّد من علمي». 

ومما يجري على ألسنة العلماء والشيوخ قديماً وحديثاً: من حفظ 
المتون» نال الفنون» ويقولون أيضاً: حفظ حرفين» خير من سماع وقرين» 
وفهم حرفين خير من حفظ وقرين» وحرف في قلبك» خير من ألف في 
كتبك ‏ أي: دون حفظ لها . وقالوا: لا خير في علم لا يَعبْر معك 
الوادي» ولا يَعْمّر بك النادي”". 

وأما قولهم: «ما كتب قر وما حفظ قر»: فيريدون به: أن الحفظ - مع 
الأيام وكبر السنّ ‏ عرضة للنسيان» فلا بد من تثبيته بالكتابة» ولا يريدون 
تهوين أمر الحفظ. 

وخلاصة ذلك: أن الحفظ مع الفهم عماد العلم» وزاد العالم» أما 
وسيلة تخليد العلم وبقائه في الأمة على مدى القرون: فبكتابته وتدوينه. 

ومما يناسب ذكره وحكايته عن اهتمام مشايخنا بحفظ أمهات المتون 
العلمية: ما يحكيه سماحة مفتي حلب» فضيلة العالم العامل الحكيم 
الدكتور الشيخ إبراهيم السلقيني )١577 - ١757(‏ رحمه الله تعالى: أن 

)١(‏ الماوردي ص48» والزرنوجي ص١27‏ و«بلوغ أقصى المرام») للطُربُناطي 


الفاسي ص”507» والمراد بالنادي: المجالس العلمية» أي: لا خير في علم لا 
تستحضره فى مجالسك العلمية» فتعمر هذا المجلس بإفادتك الحاضرة في ذهنك. 














حضٌ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً .م 


جله العالم الورع الناسك سيدي الشيخ إبراهيم السلقيني ١717١(‏ - أول 
عام 171) رحمه الله تعالى» كان يحفظه «ألفية ابن مالك» في النحوء 
والجدً قد جاوز التسعين» والحفيد كان في حدود العاشرة من عمره. 

وكان في لك بالأونة وير علماة سين ونفقنيا: أضاء فقيل 
العلامة الفقيه الشيخ أحمد الحَجِّي الكردي ١119(‏ - 177/7) رحمه الله 
تعالى» كان يدخل عليه الداخل المستفتي فيرى الشيخ وحدهء وهو يذاكر 
محفوظاته من «ألفية ابن مالك» ونحوها. 

وممن لقيته بمكة المكرمة - وهو من علماء الأزهر الشريف - فضيلة 
العلامة الصالح الفقيه مربّي الأجيال المعمّر الشيخ محمود عبد الدائم 
314 18417) رسيه الله اك .كان يقرئ طلاتى الدواسات” العليا 
النصً من الكتاب» فإذا لحن الطالب في قراءته» يصحح له. ويعرب له 
الكلمة» ويأتيه بالشاهد على ذلك من «ألفية ابن مالك» أيضاً. 

ورضي الله عن الإمام ابن مالك» كم كان مخلصاً في «ألفيته) حتى 
خلد الله الاستفادة منها على مدى هذه القرون المتطاولة!!. 

وكنت رغبت بتسمية كتب من كل فن يلتزم طالب العلم المبتدى” 
بحفظها وقراءتهاء كالتفصيل ا البدر ابن جماعة في كلامه السابق» 
ثم رأيت اختلاف البلدان وتعارف مشايخها على كتب» غير ما تعارف عليه 
علماء البلدة الأخرى» فأمسكت عن ذلك. 

لحي أؤكد النصيحة والتوصية بقراءة كتاب «الشمائل المحمدية» 
للؤقاد الترمدي وسمة الانه اف ير اكز من خادن: الطاليية: لزنه مقي 
جداء لتكوين أخلاق طالب العلم» على هدي من الشمائل المحمدية: 


ا" حضٌ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 
فإنه في هذه السنّ مستعد لانطباع سجاياه وتكييفها على ما تُوجَه وتكيّف. 

ولا بد من الإشارة إلى ما هو معلوم ومسلّم به: أن كتب كل فن 
مشاونة إيجازا وطا + ويقازاظة ديه عدت الجنجلة هادا واتلار اك 

أما إيجازاً وبسطاً: فهذا حاصل في كتب كل علم» وللإمام الغزالي 
رحمه الله في الفقه الشافعي: الوجيزء والوسيط» والبسيط. وقد تحدث ابن 
الأكفانى» المتوفىئ سنة 494 رحمه الله فى كتابه «إرشاد القاصد» عن ثلاثة 
وستين علماً من العلوم الشرعية والعربية والطبيعية والرياضية والفلسفية» 
وما إلى ذلك» وذكر من كتب كل علم: المختصرء والمتوسطء 
وال 

وأما اعتماداً واستدراكاً : فهذا حاصل أيضاء والاستدراك يتفاوت» 
بين رد وتضعيف لآراء مؤلفه» وبين استكمال لتعاريفه» وتفسيمات 
أنواعه» وتفصيل مُجمَّلهء وتوضيح مُكْلّقه. والله ولي السداد والتوفيق. 





انتهاجهم طريق التدرج في التعليم رك 


المَعْلّم الثالث 


إن الحديث عن تدرج العلماء في تلقينهم العلم لأبنائهم الطلبة» ذو 
شعب ثلاث» ولا بل من تمييزها غند الحديث عنها. 

فأولها : أخذ الأستاذ أبناءه الطلبة بالأهم فالآهم من العلوم. 

وثانيها : تدرجه معهم سنة بعد سنة» بعلم بعد علم. 

وثالثها : أن يكون ذلك كله بصغار مسائل كل علم قبل كبارها. 

وقبل حديثي عن هذه التتّحَب الثلاث» أقدّم بين يديها بكلمة فأقول: 

إن التدرج في التعليم هو من المنهج الرباني الذي قوم الله تعالى به 
عباده المؤمنين» فيما أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلمء فأسسّس لهم أولاً 
العقيدة الإسلامية» وما يتصل بهاء في المرحلة المكية» ثم بدأ بإنزال 
التشريع لأركان الإسلام وشرائعه شيئاً فشيئًء حسب المناسبات 
والحوادث» فما أنزل أحكام الصلاة كلها دفعة واحدة» ولا أحكام الزكاة 
كذلك» وحتى في الجهاد تدرّج تشريعه ‏ دون تفصيل أحكامه ‏ على 
ثلاث مراحل» وهكذا كانت أحكام الأسرة» والمعاملات» وما إلى ذلك. 

وعلى هذا السسّن جاء المنهج النبوي» ومن المواقف المشهورة» 
حديث ابن عباس في بَعث معاذ بن جبل رضي الله عنهم إلى اليمن» وذلك 


8 انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 


فيما رواه البخاري» وفسلة ) قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «إنك 
تأتي قوماً من أهل الكتاب» فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله» وأني 
رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس 
صلوات في كل يوم وليلة» فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض 
عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردٌ في فقرائهم». 

ولا يلبث الطالب سنوات قلائل إلا ويجد في صدره - بعون الله 
وفضلهء مقروناً بإخلاصه وجله - ثروة كبيرة من العلم» يتحقق له فيها 
قول ابن النحاس الحلبي المصري (571 -/19) رحمه الله تعالى''' : 
لكبو قحي وفصند اكه مسن تكد لعي التي ثلتقط 
اد ل تراد سكيد "#وإنناائيي انيما لني 

ومن تحت اله وقد تعد العافة اليه راكيليا الأمام ابو جعتيفةة 
نقد قال له هنيخه قاد بن الى سليمآن لما :ذهب إلى تعلقته: «تعلم كل يوم 
ثلاث مسائل ولا تزد عليها شيئاً حتى ينفتق لك شيء من العلمء ففعل 
ولزم الحلقة حتى فَقَهء فكان الناس يشيرون إليه بالأصابع)"". 


)59( 50:١ ومسلم‎ ,)١1946( البخاري في مواضع من «صحيحه) أولها‎ )١( 
واللفظ له.‎ 

(؟) له ترجمة عالية أول (بغية الوعاة» .١7 :١‏ 

(”) رواه الصميري في «أخبار أبي حنيفة» ص١7»‏ وعنه الخطيب في «آداب 
الفقيه والمتفقه» (855). 


- 











انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 8 


1 آنا التديك هع الشعة الآولى#قابدقه يقل الإعام الماوردي: 
«كل العلوم شريفة» ولكل علم منها فضيلة» والإحاطة بجميعها مُحال» 
وإذا لم يكن إلى معرفة جميع العلوم سبيل» وجب صرف الاهتمام إلى 

اع 5 ع 7 3 عع 2 
معرفة أهمهاء والعناية بأولها وأفضلهاء وأولى العلوم وأفضلها علم 
الدين» لآن الثامن بمتعرقته يرشدون» وبجهله يَضلون). 

م قال رحمه الله1" : «اعلم أن للعلوم أوائل تؤدق: إلئن آخرهاء 
ومداخل تُقْضي إلى حقائقهاء فليبتدى* طالب العلم بأوائلهاء لينتهي إلى 
أواخرهاء وبمداخلها ليفضي إلى حقائقهاء ولا يطلب الآخر قبل الأول» 
ولا الحقيقة قبل المدخل» فلا يدرك الآخرّء ولا يعرف الحقيقة» لأن البناء 

0 0 رن 0 و”, 
على غير أس: لا يبنىئ» والثمر من غير غرس: لا يجنى». 

أولاهما : فيها خبر طريف عن إمام من أئمة السلف ربى فيه تلميذه 
على دخول العلم من بابه وأوله. روى الرامهرمزي رحمه الله” : «أن سائلا 
سأل الإمام سفيان بن عيينة: كم سمعت من الزهري؟ فقال: أما مع الناس 
فما لا أحصي » وأما وحدي فحديث واحدء قلت: ما هو؟ قال: دخلت 
يوماً باب بني شيبة (في المسجد الحرام)» فإذا أنا به جالس إلى عمود من 
أساطين المسجدء فقلت ‏ فى نفسى -: هذا أبو بكر كنية ابن شهاب 


)١(‏ فى «أدب الدنيا والدين») ص”” -/ا5. 
(9) ان أدب الذنيا والدين» أيضا صن 4: 
(*) فى «المحدث الفاصل) (1/75). 


امن انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 


الزهري -؛ ولا أجده أخلى منه الساعة» فجلست إليه» فقلت: يا أبا بكر 
حدثني جديا أ حديثين: فقال: سلني عما شئت» قلت: حدثني حديث 
المخزومية التي قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدهاء قال: فضرب 
وجهي بالحصىء ثم قال: قم» لا أقامك الله! فما يزال عبد يقدم علينا بما 
156 

قال: فقمت منكسراً نادماًء فجلست قريباً منه» فمرّ رجل في المسجد 
لابن شهاب إليه حاجة» فسبح به فلم يسمع» فرماه بالحصى فلم يبلغه» 
فاضطر إلي فقال: قم فادعه لي» فدعوته» فأتاه فقضى حاجته» وعدت إلى 
مجلسي. فنظر إلي فدعاني» فجئته» فقال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو 
سلمة بن عبد الرحمن» جميعاً عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه 
وسلم قال: «العجماء جبّارء والبئر جبّار» والمعدن جبارء وفي الركاز 
لان هذا خير لك من الذي أردت»» ورضي الله عن أثمتنا يعلمون 
أصحابهم العلم» ويعلمونهم معه العقل والحكمة. 

وثانيتهما : قوله آخر كلامه: الثْمّر من غير غرس لا يُجنى» فهو تشبيه 


)١(‏ رواه البخاري (599١)؛‏ ومسلم : 175 (40) من طريق الزهري؛ عن 
سعيد وأبي سلمة» عن أبي هريرة. 

والعجماء: كل حيوان سوى الآدمي. وجبّار: أي: هَدّره والمعنى: لو أتلفت 
الدابة شيئاً نهاراًء أو كان ليلاً دون تفريط من مالكها: فهذا (هدر) غير مضمون. ومن 
حفر بثراً في ملكه» وتلف فيه إنسان: فلا ضمان على صاحب البكر. ومن حفر 
ليستخرج معدناً فانهار عليه أو وقع فيه إنسان: فلا ضمان عليه. وأما الركاز: فهو الكنز 
المدفون. أو المعادن الأرضية عامة» فيها الخمّس لبيت المال» والباقي لمن وجدها. 





انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 0 


عظيم الأثر والنفع لمن تأمله» وأراد أن يطبقه على واقعناء فكم من متشبّع 
بما لم يُعط من متعالمي زماننا؟! رقي السطح من غير سلّم؟! وتزبّب ولم 
يُحصرم؟! وتمول وهو صعفوق مفلاق'"2؟! ذلك لأنه تربّى ولم يَرض أن 
يدعي الاجتهاد في دين الله: حديثياً وأصولياً وفقهياً» بل أقام نفسه حكماً 
على الأئمة المجتهدين الأربعة وغيرهمء ويُخْطوء ويصوب» بل تعدئ 
ليكتب في مقدمة الكتاب الذي يحققه!! دراسة لعقيدة مؤلفه الإمام» الذي 
عر غان ساك مامدة كتاية «وتراعه ريم الة | 1ااذللقه لاله دري قز 
مدرسة من لم يُعرف له أصل ولا فصل في طلب العلم!! فكان كثمرة من 
غير غراس؟! بل إنه أبلغ نفسّه الدرجة المئة في العلم» وهو بعد لم يرق 
الدرجة الأولى والثانية»ء ولا سيف للسلطان يحرس به سياج العلم 
انين 1 

ثم قال رحمه الله'": «ينبغي لطالب العلم أن يبتدى” من العلم بأوله» 
ويأتِيّه من مدخله» ولا يتشاغلَ بطلب ما لا يضر جهلّهء فيمنعه ذلك من 
إدراك ما لا يسعه جهله» فإن لكل علم فضولاً مذهلة» وشذوراً مُشغلة» 
إِنْ صرف إليها نفسهء قطعته عما هو أهم منهاء قال ابن عباس رضي الله 
عنهما: العلم أكثر من أن يحصى» فخذوا من كل شيء أحسنه». 


وأول ما ينبغي لطالب العلم أن يشتغل به علمان اثناق: العوبية + تحوها 


)١(‏ كلاهما بمعنى واحد» وهو المفلس يدخل السوق للتجارة » ولا مال عنده» 
وانظر «أدب الاختلاف») ص55» /7ا5. 1 
(9) الماوردي فى «أدب الدنيا والدين» صفحة 488. 


وصرفها ولغتهاء وعلوم بلاغتها: المعاني» والبيان» والبديع» والفقه 
المذهبي. وذلك بالتدرج فيه؛ عن طريق دراسة المتون والمختصرات» 
وتركيزها وتأسيسها. 

أما أهمية دراسة العلوم العربية : فينظر لها الآثار التي أخرجها 
الخطيب"''» ومنها عن حماد بن سلمة أنه قال لإنسان: «إِنْ لحنت في 
حديثي فقد كذبت علي ؛ فإني لا ألحن». وهذا من أدلة قول الأصمعى 
تلميذ حماد» فيمن يلحن في الحديث النبوي: إنه يخشى عليه دخوله تحت 
قوله صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار». 

ولندرك أهمية تقويم اللسان على الوجه السليم» أذكر هذه الكلمة من 
كلام إمام من أئمة المسلمين» وهي من غرائب أحوال أثمتنا. جاء في 
«رياض النفوس» لأبي بكر المالكي» المتوفى في الربع الأخير من القرن 
الخامس» رحمه الله" عن الإمام سفيان الثوري رحمه الله تعالى قال: 
«إنه ربما قرأ علي القارىء فيلحن في قراءته؛ فأَحْرَم نومي وطعامي!!). 

والذي أدركناه: أن علماءنا ومشايخنا هم مرجع اللغة #اللعري” والآن 
غفلوا عن حراسته فسحب البساط من تحتهم!. 

وأما الفقه: فهو الدين والإسلام» وهو أول ما يحتاج إليه بعد 
الشهادتين وضروريات العقيدة» هو أول ما يُحتاج إليه الطالب لنفسه» 
أول ما يحتاج إليه من الطالب» إذ يسأل من قبّل العامة عن أمور الفقه من 


)في «الجامع» ولاق لاق 1). 


(") في ترجمة عبد الله بن عمر بن غانم .5١5:١‏ 











انتهاجهم طريق التدرج في التعليم ا 
عبادات ومعاملاات. 

روى اللفطني” عن الإمام إبراهيم يم الحربي» أعين أجلاء تلامذة الإمام 
حول رحمهما الله تعالى» قال: «من تكلم في الفقه بغير لغة» تكلم بلسان 


5 


فصير). 

وللإمام ابن مفلح» الفقيه الحتبلي في كتابه النافع الماتع «الآداب 
الشرعية»”': «فصل في فضل الجمع بين الحديث وفقهه)»» أتى فيه بفوائد 
جمة» ومنها عن صاحب «المحيط» من الحنفية قوله: «أفضل العلوم عند 
الجمهور بعد معرفة أصل الدين وعلم اليقين: معرفة الفقه والأحكام 
الفاصلة بين الحلال والحرام». 

الى الجن بالط رع رح لاحي مطل از قالها 
تحت (الخاطرة )””١‏ وعنوانها: ماذا يجب أن يدرس طالب العلم» وقال 
تحتها: «من كان ذا همة» ونَصح نفسهء تشاغل بالمهم من كل علم» 
وعد حدر تعلق فهو أعظم العلوم وأهمها». 

وقال كلم عوك زه عانفة لاعمزة ديه لعل" الاين للطاليه عن 
معرفة ما يقيم به لسانه من النحوء ومعرفة طرف مستعمل من اللغة» والفقة 
أصل العلوم». 


.)5777( في «آداب الفقيه والمتفقه»‎ )١( 
.١15١:70)5( 

(؟) في كتابه (صيد الخاطر» ص75 7. 
(5) صفحة ٠١‏ من «لفتة الكبد). 





5٠‏ انتهاجهم طريق التدرج ف في التعليم 


وقال النووي في مقدمة المجموع)"'"' : «وأول ما يبتدىء به الطالب 
حفظ القرآن العزيز..» وبعد حفظ القرآن يحفظ من كل فن” مختصراًء 
ويبدأ بالأهمء ومن أهمها: الفقه والنحوء ثم الحديث والأصولء ثم الباقي 
غلى فا تبسر ة: 

وإن واقع المعاهد الشرعية يتمشّى مع هذا المنهجء في هذين 
العلمين» وغيرهما من العلوم الأخرى» أما كلامي فمع من لم يدرس 
العلم ويطلبه في مدارسه. 

وإنه بدراسة الطالب للعلم الشرعي في معاهده. متدرّجاً فيها» تتسع 
معارفه للعلوم الشرعية» عاماً بعد عام» وتكون له حرية اختيار علم منها 
سعنيسى قم بون له افا جلك المشاركة فيها والاطلاع على 
مجملاتهاء بحيث يتمكن من الرجوع إلى أي مبحث فيها إذا احتاج إليه في 
مستقبله العلمي. 

وحين احتياجه إلى مبحث ما: يتوسع في مراجعته في مصادره 
الأصلبّة :وما فقي ليه ترات قليلة إلا وصل إلى برنية المشاركة 0 
في هذه الفنون» فإن علوم الشريعة كلَّهها روافد لبعضها البعض» 
تحتاج إلى بعضها البعض» فلا بل من المشاركة القوية فيها جميعهاء 3 
أحكامه وكتاباته بالقوة والإحكام. 


(1) :ملا 








انتهاجهم طريق التدرج في التعليم م 
الاهتمام بالمقررات الدراسية : 


وأقول بمناسبة ذكري للمقررات والمناهج المتعارف عليها في المعاهد 
الشرعية» والتي توارد على اعتمادها الأساتذة مع طلابهم» جيلاً بعد 
جيل: إن هذه المقررات فيها تأسيس العلوم الشرعية في ذهن الطالب» 
ولهذا: فإني أوصي إخواني طلاب العلم بالحفظ لهاء والمحافظة على 
تكرارهاء والاهتمام بهاء وتأسيس معارفهم الشرعية بناء عليهاء فهي 
زادهم الآن وللمستقبل» ولا يتهاونوا فيهاء ولا يتطلّعوا إلى القراءة 
والمطالعة في كتب أخرى» لئلا يكون أساسهم في المستقبل ضعيفاً. 

ب - أما الحديث عن الشعبة الثانية: فقد قال القاضي ابن العربي 
المالكي رحمه الله": (إِنّ العقول وإِن كانت خُلقت مستعدة لقبول 
المعارف» وتمبيز الحقائق» فليس في الإمكان إحاطتها بجملتها'". فإن 
الإحاطة لا تكون إلا للمحيطء وذلك معلوم قطعاًء... إلا أن المرء لا 
تمكنه الإحاطة بجميع العلوم» فإن العمر الطويل لا يتسع لهاء فكيف 
أعمارنا القاصرة» وإنما الممكن الاطلاع على جَمّل العلوم» والإشراف 
على مقاصدهاء دون درك التفاصيل». 

وفي «الحث على طلب العلم»”" ‏ ولعله من كلام النظام -: «من أراد 


.605-05٠ فى «قانون التأويل» ص5‎ )١( 
نعم» بل قال أبو حيان الأندلسي رحمه الله تعالى: «قال العقلاء: ازدحام‎ )0( 
.170 :7 العلوم مضلَّة للفهوم»» كما في «الآداب الشرعية» لابن مفلح‎ 





اننا انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 


0-1-0 


ل اام فإن ذلك إنما تَصورٌ له لشيءِ 
اعتراه» ‏ يعنى : الجنون -. 

لكنه قال بعد ورقة: «قال الزهري: إن الرجل ليطلب» وقلبه شعب من 
الشعاب ‏ أي: صغير ضيّق -» ثم لا يلبث أن يصير وادياء لا يوضع فيه 
شىء إلا التهّمه». 

وفسّره العسكري بقوله: «قلنا: يريد أن أول الحفظ شديد يشّقّ على 
الإنسان» ثم إذا اعتاد سَهل» ومصداق ذلك: ما أخبرنا به الشيخ أبو أحمد 
- العسكري . - عن الصولي؛ عن الحارث بن [أبي] أسامة قال: كان العلماء 
يقولون: كل شاه أفرغت فيه شيئاً فإنه يضيق» إلا القلب». فإنه كلما أفرغ 
فيه اتسع). 

وعلى هذا الوجه من التفسير ينبغي أن تفسّر وصية الإمام ابن شهاب 
أيضاً لتلميذه يونس بن يزيد الايلي " : «يا يونس » للا تكابر العلمء » فإن 
العلم أودية» فأيّها أخذت فيه قطع بك قبل أن تبلغه» ركن عدم ادبم 
والليالي» ولا تأخحذ ل العلم جملة. فإن من رام أخذه 0 ذهب عنه 
0 ولكن الشىء بعد الشىء مع الأيام والليالى». 

كك 5 وأما ثالثة الشعننة فأن يكون تدريج الأستاذ لهم فِئن المرحلة 
الأولى والثانية بتبليغهم صغار مسائل كل علم قبل كبارهاء وكانوا ينظرون 
إلى أبنائهم الطلبة نظرة الأم الرّؤوم إلى وليدها الجديد» كيف تتدرج معه 
فين لوه وغذائه وحركاته» وكما أنه لا يجوز لها أن تُطعم وليدها الصغير 


.)585( وهي في «جامع بيان العلم» لابن عبد البر‎ )١( 





انتهاجهم طريق التدرج في التعليم ام 


لأيامء مما تطعم ولدها لسنة فأكثر ا ا 
طالبه المبتدىء من مسائل العلمء وخلافياتها» وأدلتهاء ما هو خاص 
المي 

وهذا هو تفسير العالم الرباني عندهم : 

قال الإمام البخاري في الباب العاشر من كتاب العلمء أول 
«صحيحه»: «يقال: الرباني: الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره». 

وقال المجد ابن الأثير رحمه الله تعالى 30 «الربانى: قيل: هو من 
الرب» بمعنى التربية» كانوا يربون المتعلمين بصغار العلوم قبل كبارها». 

وقال الإمام البيضاوي فى أول ااتفسيره) المشهور: «أصل الوات: 
معن الترية» ولتي مليف الغرية إلى اكجاله افيا نيعاد والاستاد مر 
لتلميذهء لذلك يله العلم شيعاً فشيئاً حتى يبلّْ به الكمال بعون الله 
ا 

وأكّد هذا المعنى الإمام الشاطبي رحمه الله”"» قال وهو يعدّد أمثلة 
لقوله: «ليس كل ما يُعلّم مما هو حق يُطلّب نشره): «ومنه: أن لا يُذكر 
للمبتدى” من العلم ما هو حظ المنتهي» بل يربّئ بصغار العلم قبل كباره». 


.١181١ «النهاية» ؟:‎ )١( 
.)١75( ١65 :١ (؟) وانظر لزاماً «آداب الفقيه والمتفقه»‎ 
.191٠ :5 «الموافقات»‎ )9( 





0 انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 


زقالتزهن عنام أحوال"العاله السك" + «ريسة ااحي هذه 
المرتبة: الرباني» والحكيم» والراسخ في العلمء والعالم» ٠‏ والفقيه» 
والعاقل» لأنه بر امعان العلوقيل كبارمه وروني كل احدشته اننا 
يليق به). 

ومن هنا نشأت فكرة تصنيفهم للمختصرات العلمية» المسماة 
ب«المتون»» فكانوا يقدّمونها للمبتدئين”''» حتى إذا تمكنوا منها انتقلوا إلى 
غيرها أكبرَ وأوسع» ثم إلى أكبر وأوسعء وهكذا. 

وما آلف أسلافنا المتون العلمية» والمختصرات» ليبتروا الأحكام عن 
أدلتهاء ويعيش الناس في انفصام عن الكتاب والسنة. 

وللغرض الذي قلته: نجد المتون العلمية يقتصر فيها على ما 
يسمونه (رؤوس المسائل) دون الفروع الكثيرة والأقوال المختلفة ضمن 
المذهب الواحدء والأقوال الأخرى للأئمة الآخرين» ودون تعرض للدليل 
والمتاقشة. وبحارة منهلة واضخة: ْ 

فإذا تمكن الطالب منها انتقل إلى شرحهاء وحينئذ يجد الأقوال 
والمقارنات» والأدلة والمتاقكنات»: والعنارة القوية الرضينة: 

ولقد كنا نظن أن الشروح للتوضيح. 00 
فنرى فيها الصعوبة والعدن ‏ ذلك" لأنيا لدت لهذا الغرضن: للفائدة 


(1) :599 
(0) انظر أواخر قصة ابن زرقون مع الأمير عبد المؤمن في التعليق على (أثر 
الحديث الشريف») ص .١15٠‏ 











انتهاجهم طريق التدرج في التعليم وم 
والدليل» ولتّقلّة الطالب إلى ما هو أعلى وأكمل. 

فائدة التدرج في العلوم والتعليم : 

وإن تدريج العلماء تلامذتهم على هذا الهّدي في تلقين العلم هو أسّ 
الك يق الخلم والاشتيعاك لدبا والتصنازة فيد وهو نظ نما تقلدمت 
الحديث عنه: التلقي للعلم» فإذا ما يسسّرهما الله تعالى لطالب العلم» فهو 
المتمكن السالم بإذن الله وإذا حُرِمّهما فهو على أساس جرف هار مهما 
علا نجمه» وسما ذكره» وارتفع صيته. 

وإن هذا الشذوذ العلمي الذي يعجّ عجا في أيامناء لهو من نتائج 
بعد المتكلمين في العلم عن هذين الخلقين: التلقي للعلم» والتدرج 
في تحصيله» وتدريج الشيوخ لهم فيه. 

ذلك أنك تجد أول ما يُمسكه الشابٌ المثقف المتديّن» من كتب 
العلم: «سبل السلام»» وفي ف ليزه الثاني يرتقي إلى «نيل الأوطار»» وفي 

اليوم الثالث: إلى «المحلّى»!! فماذا بقي عليه من العلم وأمهات 

يفغتاارة؟ .وق أبن يانه الأدت نفع المخالفين :وما هن صفيحة اف 
«المحلّى) إلا وفيها سب لا وي بدعوى العمل بصريح 
الكتاب» وصحيح السنة!! ومن أين يتهيّب الخروج عن مذاهب الأئمة 
الأربعة» أو الأربعين» وهو يقرأ تقريع الإجماع وملّعيه في «نيل 
الأوطار»؟! إلى غير ذلك من مناصرة للأقوال الشاذة في الكتب الثلاثة. 

وللإمام الحبر البَحر ترجمان القرآن» ذي الرأي الرشيد» والنظر النافذ 
السديد» عبد الله بن عباس رضي الله عنهما موقف حكيم وافقه عليه 
الخليفة الراشد الملهم المحدّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه. 


515 انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 


روى عبد الرزاق في «مصنفه)! ا نعف ات الخصومة في القرآن» 
عن ابن عباس قال: «قدم على عمر رجل» فجعل عمر يسأله عن الناس» 
فقال: يا أمير المؤمنين» قد قرأ منهم القرآن كذا وكذاء فقال ابن عباس: 
فقلت: نكما اكي أذت نا روا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة! 
قال: فربرني عمرء ثم قال: مه! قال: فانطلقت إلى أهلي مكتئباً ينا 
فقلت: قد كنت نزلت من هذا الرجل منزلة» فلا أراني إلا قد سقطت من 
نفسه» قال: فرجعت إلى منزلي فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة 
أهلي» وما بي وجعء وما هو إلا الذي تقبّلني به عمر. 

قال: فبينا أنا على ذلك أتاني رجل فقال: أجب أمير المؤمنين» قال: 
خرجت فإذا هو قائم ينتظرني» قال: فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال: ما الذي 
كرهت مما قال الرنجل آننا؟ قال: فقلت :يا أمير المؤمتينء إن كدت آسات 
فإني أستغفر الله وأتوب إليه» وأئزك حيث أحيبت» قال: لمحدكتي بالذي 
كرهت مما قال الرجل» فقلت: يا أمير المؤمنين متى ما تسّارعوا هذه 


المسارعة: 8 ومتى ما يها يختصمواء» ومتى ما يختصموا: 


5١5:١ والخبر في «المعرفة والتاريخ»‎ »)275١754( «مصنف عبد الرزاق»‎ )١( 
2تلد١(‎ ه5١‎ .ءه5٠‎ :# بمثل إسناد عبد الرزاق» وهو في «المستدرك)‎ 7 
من وجهين» صحّح الوجه الأول منهما على شرط الشيخين ووافقه الذهبي»‎ 
ورواه الذهبي في «السير» 7: /54 من طريق عبد الرزاق.‎ 

ومعنى «تقبّلني به عمر): أخذني » يريد: قابلني به وواجهني. ا أي 
يدعي كل منهم أنه هو صاحب الحق!ء ورضي الله عن عمر وابن عباس: ما أبعد 
نظرهماء فهذا الذي نشكوه. 








انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 51 


يكنلفواء رتلفو يتعلواء فقال مر له ابوه لقب كدت أكاتمها 
الناس حتى جئت بها». 

ورحم الله تعالى العالم العامل» المربّي الفاضل» الشيخ عبد الكريم 
الرفاعي» المتوقى بدمشق سنة 2177 إذ كان يقول: غذاء الكبار سم 
المقار: 

وتحكن العلانة" القيك ميحيه تعد البالن الدمقشي»: الترنى دنه 
١‏ » في «فيدة الشقى !"قال #سالت هه أستاذنا العلامة الشيخ 
عبد الحكيم الأفغاني نر الله ضريحه» حينما كنت أتلقى منه أصول الفقه» 
عن فائدة هذا العلم؟ فأجابني على البداهة: إن فائدته الاجتهاد. فقلت: ألم 
يقولوا يا سيدي إن باب الاجتهاد مُقفْل؟ فقال بحدّة على سبيل الاستفهام 
الإنكاري: من أقفله؟ يصلح الله حالك» لكن طالب العلم في بلادكم 
يدعي الاجتهاد» وح لحا يقرا يدا انون الابضات 40 

وأقول: رحم الله الشيخ! كيف لو رأى زمانناء إذ نجرىء الجهلة 
والصغار على الاجتهاد» وعلى الغضُ من المجتهدين بحق وصدق» 
وعلى التطاول والطعن في أئمة السلف. تحت ستار وشعارٍ ما أعزه وما 
أكرمه لو صدقنا فيه! : اتباع الكتاب والسنة والسلف الصالح. ْ 


عدم التواني عن تثبيت كل معلومة : 
ومما يتصل بهذا التنبيه: تنبيه مهم جداًء هو على طالب العلم - وعلى 


. 17١ صفحة‎ )١( 


ل انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 
أستاذه أن يؤازره فيه - أن يقف أمام كل مسألة باهتمامين: 

أولهما : ضبطه وحفظه لها من وجوهها المختلفة» فإن كانت كلمة 
لغوية ضَبّطها لغوياً أو كانت مصطلحاً فقهياً أو أصولياً ‏ أو غير ذلك - 
فهمه من مصادرهء أو كان اسم عَلَم ضبطه لينطق به على الصواب» وما 
إلى ذلك من آمو اكير وسواء كان أهممامه :هذا بالمساءلة لاستاذهة آم 
متطف من 

ثانيهما : أن لا يتهاون بأي مسألة علمية» فيقول: هذه مسألة ثانوية» لا 
يحتاج إليهاء أو لا يسأل عنهاء أو نادرة الوقوع» وما إلى ذلك من تسويفات!. 

بل عليه استيضاح المسألة المقررة تماماً في تصوّره لهاء وترسيخه لها 
في ذهنه وفهمهء بحيث لا يبقى فيها لَبْس ولا احتمال» وسيرى الطالب في 
مستقبله نتيجة ذلك: صفاء ذهن وقريحة في مسائل العلم»؛ وصحة في 
مون ذرية #متاققياتة العامة 

وقد قعّد الإمام الشافعي رحمه الله تعالى لهذين الأمرين بكلمة وجيزة 
فقال: امن تعلم علماً فليدقق فيه» لئلا يضيع دقيق العلم»”". 

وأصل هذا التنبيه مستفاد من قصة الإمام أحمد مع ابن معين رضي الله 
عنهما. روى الخطيب”": أن أحمد رأى ابن معين بصنعاء في زاوية» وهو 
يكتب صحيفة: معمرء عن أبان» عن أنس» فإذا اطلع عليه إنسان كتمه 


.١57 أسندها إليه البيهقى فى (مناقبه») ؟:‎ )١( 
.) ١ في «الجامع» (4؟ة‎ )1( 








انتهاجهم طريق التدرج في التعليم ا 


رحمك الله يا أبا عبد الله» أكتب هذه الصحيفة فأحفظها كلهاء وأعلم أنها 
موضوعة» حتى لا يجيء إنسان فيجعل بدل: أبان» ثابتاء ويرويها عن 
معمرء عن ثابت» ع اتن فأقول له: كذبت» إنما هى عن معمر»ء عن 
أبان. 

1 لق 5 5 4 ا 2 

ثم روى عن قرينهما الإمام إسحاق بن راهويه أنه قال: أعرف مكان 
ظهر قلبى صحيحة» وأحفظ أربعة آلاف حديث مزوّرة» فقيل له: ما معنى 
حفظ المزوّرة؟ قال: إذا مر بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة فَلينه 
قليا. 

وعلى هذا: فينبغي للطالب الاعتناء والاهتمام بكل جزثية من جزئيات 
العلم» خشية الوقوع في مفاجآت خطيرة. 

إرشاد الأستاذ طلابه إلى الكتب المفيدة : 

وقبل أن أنهي الكلام عن هذا المعلم الثاني في تدرج الشيخ مع طلابه 
في التعليم» أرى من الواجب أن أنبه إلى تدرج علمي آخر هو: تدرج 
الشيخ مع طلابه في تكوينه لهم مكتبة علمية منوّعة الثقافة والمعارف» 
فأقول: 

إن الكتاب لطالب العلم جزء من خلايا جسده » ومصدر لثماء علمه 


.)1875( )1( 


ين انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 


وفكره وروحه»ء ولبنة أساسية في بناء صرحه العلمي للمستقبل القريب إن 
قناء اللا “فلاديل لهم أن يكون أرتتاة المكعات عاذة له بين لين 
والآخرء لكنه في سنواته الأولى من حياته العلمية - أو: من عُمُر 
العلمي -» لا ينبغي أن يشتري كتاباً إلا من مقرراته الدراسية» أو بإرشاد 
من أحد شيوخه» أو باستشارته واحداً منهم» أما باستقلال منه» وهو بعد 
لم تتوسع دائرة معارفه بالكتب ومصادر العلم» فلا. 

التحذير من وسائل الإعلام الحديثة : 

وإن الحذر والتحذير لطالب العلم في أيامنا هذه أشد مما سبق من أن 
تمتد يده إلى مصادر ثقافية سواء من الكتب» أو من وسائل الإعلام 
الأخرى» وما أكثرهاء وما أسوأها! فقد اندلعت علينا''' وسائل إعلامية 
تحمل بلاء وخطراً أكثر بكثير من نفعهاء والعياذ بالله» فليحذر الطالب 
الدخول عليهاء كما ينبغي للمربين أن يحذّروا أبناءهم منهاء بل ينبغي أن 
يكونوا على مراقبة لهم منهاء من خلال أسئلتهم وإيراداتهم الشبهات 
مثلاً . 

وإن قن الأمهاة عن يفص لله قي إقناة لكف كان عرشيدا له 
إلى ما ينفعه في مرحلته التي هو فيهاء أو ما يفيده في مستقبله» يتدرج 
معهم في ذلك» حسب ما يراه أو يختاره لهم من علوم يتخصصون 
بهاء وقد يكون ذلك بتوجيهه لهمء حسب ما يرى المصلحة لليلدة التي 


)١(‏ في «القاموس المحيط»: «اندلع السيف من غمده: انْسّلَ». وهكذا حال هذه 
الوسائل على غير المتمكنين المتحصنين بعلمهم وإيمانهم. 


انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 81 
هو فيها. 

ولا خير في طالب علم لا يتوجه إلى زاده العلمي والروحي» بالا قتناء 
لهء والتزود وإرواء النَّهُمة منه» كما هو حال بعض من انتسب إلى دراسة 
العلم» وخرج ولا يملك الكتب المقررة التي درسها!!. 

وكيف يتسئّى لهذا الطالب مراجعة دروسه ومطالعتها حقأء إذا لم يكن 
بجانبه الكتب الأساسية الأولى في العلم عامة؛ وفي كل علم خاصة. 

أقصد بالكتب الأساسية في العلم عامة: مثل «المصباح المنير»» 
و«القاموس المحيط»» إذا مرت به كلمة يحتاج إلى ضبطهاء أو إلى معرفة 
معناها الدقيق في اللغة» أو في مصطلح الفقهاء. 

وأقصد بالكتب الأساسية في كل علم خاصة: إذا مرت بالطالب صورة 
مسألة فقهية» كان في عبارة المؤلف - حسب فهم الطالب - غموض أو 
احتمال لأكثر من وجهء فكيف يحلَّها الطالب إذا لم يكن بجانبه شرح لهذا 
الكتاب المقررء أو أي كتاب آخر يتصل بالكتاب المقرّر. وهكذا وهكذا. 

والحديث عن الكتاب: أهميته» وفائدته عامة» وعن أهميته وفائدته 
التي تيه بوالقر ف افو رصدامة ‏ طويرن: ا كوي دروالله يولي كل النطين 
وتوفيق. 


المَعْلّم الرابع 


التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان» وتهذيبه 


إن مهمات من يكرمه الله تعالى بمقام التربية والتعليم كثيرة» ومنها : 
تقويمه لسان الطالب». وتهذيبه له. فهذان أمران. 

أما الأمر الأول : فهو: تنبيهه للطلبة إلى (عثرات اللسان)» فيقوم 
لسانهم من الأخطاء الشائعة في عباراتناء وما أكثرها! ومع أن بعضها دخل 
على أقلام عدد من علمائنا السابقين» لكن المتقدمين والسابقين واللاحقين 
اهتموا بتصحيحهاء وألفوا فيها الكتب» بدءاً من الإمام ابن قتيبة في «أدب 
الكاتب» فمن بعده من معاصريناء والإمام النووي رحمه الله كثير الاهتمام 
بهذه التبيهات فى كتبه » حتى إنه ألف «تهذيب اللغات» مع «الأسماء). 

ويدخل تحت تقويم اللسان مهمتان» أولاهما: تقويمه من كلمات 
دارجة على ألسنة بعض العلماء من السابقين والمتأخرين والمعاصرين» لا 
تتفق واستعمالات العرب لها. 

انيتهما : تعريب كلمات دارجة على الألسنة» دخلت علينا من لغات 
غير عربية. 

أما المهمة الأولى في تقويم اللسان : فأمثلتها: ما شاع على الألسنة من 
قولهم: فلان عالم نَحَوي : وصوايه يسكون الحاع» نسبة إلى علم الوه 





التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان» وتهذيبه نض 


وقولهم: فعلت كذا لأجل كذاء وصوابه: من أجل كذاء وقولهم: أجب 
على الأسئلة التالية» وصوابه: أجب عن الأسئلة. وقولهم: 58 
وصوابه: القرة 8 . وقول بعض المحققين للكتب في مقدمة التحقيق: 
قابلت الكتاب على مخطوطتين» وصوابه: قابلته بمخطوصطتين. وقولهم: هنا 
في مخطوطة أ مثلاً -: سقطء وصوابه: سقط. لم ل رلك باه 
كذاء وصوابه حذف حرف العطف الثاني» لأنه لا يصح دخول حرف 
عطف على عطف مثله. واشتهر على الألسنة: الشئون القروية» 
والمؤتمزاث الدولية» وصوابه: الشئون القرَوية» والمؤتمرات الدولية» 
نسبة إلى المفرد لا الجمع: قرية ودّولة. وهكذا وهكذا. 

أما المهمة الثانية مما يتعلق بتقويم اللسان : فإن من مهام الشيوخ تقويم 
ألسنتهم وألسئة أصحابهم » وذلك بتعريب الكلمات الأجنبية» على وفق 
موازين اللغة العربية» فإن اللغة من مقومات الشخصية (الفردية)» فكيف 


)١(‏ هكذا عم وشاعء وهو الذي لا ينبغي سواه» مع قول السخاوي في «الإعلان 
بالتوبيخ») ص 457 من طبعة مؤسسة الرسالة ضمن (علم التاريخ عند المسلمين)؛ 
وصفحة 850 من طبعة دار الكتب العلمية» قال رحمه الله: الفاكدة «الثانية: يقع في 
كلامهم: فلان المتوفى» وأنت في فتح الفساء وكسرها بالخيارء والكسر موجه ب: 
المستوفي لمدة حياته» ويشهد له قوله تعالى #وَآلَذِينَ يُتوَوَنَ منَكُمَ 4 سورة البقرة: 
الآية 774 -» على قراءة علي رضي الله عنه في فتح الياء ‏ من: يتوفون -» أي: 
يُستوفون آجالهم» وينظر تمام كلامه. ومثله في «روح المعاني» للآلوسي : 2771 
ونحوه في «البحر المحيط» لأبي حيان :١‏ 777 (أعلى الصفحة)» و5: 07" (أعلاها 
أيضاً) في تفسير الآية 4 من سورة الحج» ومع ذلك ف (المشهور خير من المهجور). 





”73> التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان» وتهذيبه 


بالأمة مجتمعة! ومن ذَوَبان شخصية الأمة: عدم تمسّكها بلغتهاء بل 
تتلقّف لغة أجنبيةَ عنهاء وتفتخر بالنطق بها!! فمثلاً: أقول أمام طلابي: 
كناب دلا شن أن افرلد راف «واقول فاضي ردلا موه فلفونة 
وأقول: فقسء بدلاً من: فاكس» وأقول: جوال» أو نقّالء بدلا من: 
موبايل» وأقول: مقوّدء بدلاً من: كيدونء أو طارة» وأقول: سائق» بدلاً 
من: شوفير» وما إلى ذلك» ولا أسمح لهم لو قالوهاء أو قالوا نحوها. 

وأما الأمر الثاني من هذا المَعْلّم - وهو تهذيب اللسان -: فهو مراعاة 
الشيخ ألسنة الطلاب في مخاطباتهم» وفي ذكرهم أشياخحهم» وفي ذكرهم 
للعلماء السابقين حين حكاية أقوالهم» والنقل عنهم. 

وأذكر في هذه المناسبة: ما جرى للمزني مع شيخه الإمام الشافعي 
رضي الله عنهماء قال المزني"'': سمعني الشافعي يوماً وأنا أقول: فلان 
كذاب» فقال لي: يا أبا إبراهيم» أَكْسْ ألفاظك» أحسنهاء لا تقل: فلان 
كذاب» ولكن قل: حديثه ليس بشيء). 

وليكرر على أسماعهم كلمة الإمام أحمد رحمه الله في أحد الرواة» 
واسمه إسحاق بن إسماعيل الطالقاني» لما بلغ أحمد أنه يتكلم في الإمام 
عبد الرحمن بن مهديء قال الإمام أحمد: ما لك أنت ‏ ويلك - ولذكر 


الأعمة؟ 2001 , 


.597 :7 كما في «فتح المغيث»‎ )١( 
كلمة «ويلك»: دعاء على المخاطب بالويل والهلاك» أما «ويحك»: فكلمة‎ )6( 
ترحم وشفقة عليه.‎ 








التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان. وتهذيبه م 


وليؤدّبهم دائماً بما رواه القاضي عياض” » عن شيخه الإمام أبي علي 
الصدفي: أنه سمع شيخه الإمام أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي 
الحنبلي (500 - )58٠١‏ رحمهم الله تعالى» يقول: يبح بكم أن تستفيدوا 
منا علماً» ثم تذكرونا ولا تترحَّموا علينا». 

وتقدم'" في كلام الإمام النووي رحمه الله: أن شيوخ طالب العلم 
المباشرين» والعلماء السابقين هم آباؤه وأجداده في سلسلة العلم» فكيف 
لا يترحّم مسلم على آبائه وأجداده؟!. 

وقد روى أبو داودء والساي”” من حديث ابن عمر رضي الله 
عنهماء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من صنع إليكم معروفاً 
فكافئوهء» فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تَرَوَا أنكم قد 
كافأتموه؛)» وهذا طرف من الحديث» وإسناده صحيح. 

فإذا كان من أدب الإسلام: أن تكافىء من قدم إليك معروفاً دنيوياً 
بمعروف» ولو بالدعاء له» فكيف يكون واجبك مع من قدّم إليك كل 
معروف في دينك ودنياك وآخرتك وأخلاقك وآدابك.. . 

وإذا كان هذا مع شيوخكء. فكيف بمن فوقهم» ومن فوقهمء» الذين 
خلّد الله بهم الإسلام إلى يوم الدين! وما هو واجبنا الأدبي مع نَقَلة 
الشريعة الأول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم» ورضي الله 

.7707- 525 في «الإلماع» ص‎ )١( 


(؟) صفحة .١69‏ 


() أبو داود »)١579(‏ والنسائي (/775). 


شف التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان» وتهذيبه 


عنهم!! ثم ما هو واجبنا تجاه المعلم الأول صلوات الله وسلاماته عليه 
إنه لعظيم عظيم» جزاه الله عنا أفضل ما جزى نبياً عن أمته. 


عله عاد عاد ماد 
نا قات يون وت 


اك 
7 








ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية فض 


المعلم الخامس 
ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية 


إن من مهام الأستاذ المعلّم: أن يُتَشْرءِ طلابه على الدقة في البحث 
العلمي» ومن وظائفها ومظاهرها: أن يربِي طلابه على البحث عن المعنى 
الدقيق في اللغة العربية» وخاصة للكلمة القرآنية» أو النبوية» وأن لا يقنع 
بمعناها المتبادر إلى الذهن حين سماعهاء فإن ذلك لا يوصل الطالب إلى 
المعنى الصحيح للآية«الكريحة أن الحديق”" الشريفهه: .أن ١‏ الشاهل 
الشعري» أو غير ذلك 

وللعلماء خلاف كبير: هل في اللغة العربية ترادف. أو لا بد من وجود 
فرق جلي أو خفيّ بين كلمة كذا وكلمة كذاء وأَيَاً كان الراجح منهماء فإن 
مما يفيد الطالب أن يفترض وجود فرق بين هاتين الكلمتين» فيبحث عن 
المعنى الدقيق لكل منهماء ليتذوق امسن الدقيق ‏ أو المعنى الصحيح - 
لهذه الآية» أو لهذا الحديث. 

أمثلة على عدم الترادف من كل وجه : 

وعلى سبيل المثال: فإن معرفة المعنى الدقيق لكلمة «اللب» أنه: 
لشفل الكالمى عر الموتراكة العارفة و والشوراكه الفإرفة اوسا 
تدلّنا لماذا مدحهم الله تعالى بهذه الصفة: أولي الألباب» ولم يمدحهم 
بصفة: أولي العقول. 


لضن ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية 


وكذلاف: بسؤدة؟ السنة ا لداقى القلية إل رياه فم تن تسالةعة 
معناها يقول لك: لريب فو أي: لا شك فيهء وحينئذ يُشكل عليه 
وعليك قوله تعالئ في ستة مواضع من القرآن الكريم» ومنها قوله عن 
موس عليه السلام في سورة هودء الآية :٠١١‏ # وَإِتَمَنى سَّكِ و 
مُرِبٍ 2 ومؤدئ هذا من ع المعنئ: لفي شك مشكك» لي شك 
مُورث للشك» في حين أن الزمخشري أفاد المعنئ الدقيق للريب بقوله'" : 
لحقيقة الريب: قلق النفس واضطرابها». 

ولما قال صلى الله عليه وسلم: «آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح», 
ونعلم أن فعل: أتى» غير فعل: جاء» فالإتيان يكون على تمهّل وطمأنينة» 
فأفادنا صلى الله عليه وسلم أنه يأتي ليفتح باب الجنة لأهلها مجيء العظماء 
على تمهل وترسل» والمجيء قد يكون كذلك» وقد يكون على غير ذلك. 

وكثيرٌ منا من يتبادر إلى فهمه حين يقرأ كلمة «صنّع كذا» في آية أو 
حديث, أن معناها: فعل كذاء في حين أن «صنع» تفيد معنى فعل الشيء 
مع الإتقان له والجودة» فقوله تعالى عن سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام: 
وضع القاك # هود: 7/8: معناه ‏ والله أعلم بمراده : أنه كان يصنع 
الفلك صنعاً متقناً» لأنه سيقاوم أمطاراً وسيولاً ستّغرق الأرض كلها! وما 
إلى ذلك من أمثلة وشواهد كثيرة. 


وأكثرٌ من هؤلاء وهؤلاء من يفهم من قول الله تعالئ: #وَأَقِيمُوا 


.١9 :١ في ته تفسير أول سورة البقرة‎ )١( 





ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية 0 


لصَلَوةَ 4 : أدُوا الصلاة» وحينئذ يقع هو وغيره في إشكال كبير: كيف يقول 


5000 37 


تعال: #وَأَقِمِ الصككرة إرت الصككزة تَنْعئ عن الْمَحسَِ والسكرٍ 
العنكبوت: 50» ونرئ كثرة كاثرة ممن يؤدون الصلاة واقعين في الفحشاء 
والمنكر!. | 

والجواب: أن الخطأ والإشكال في فهمنا لمعنئ الإقامة» لا في كون 
الصلاة تنهئ عن الفحشاء والمنكر» فالإقامة: هي أداء الصلاة على وجه 
الكمال والتمام» في شروطها وأركانها وفرائضها وواجباتها ومستحباتهاء 
وفي روحها الذي هو الخشوع. ومن الخشوع: تدبّره لما يقرؤه هوء أو 
يسمعه من الإمام» ومن التدبّر: أن يسعئ إلى تطبيق ما يُقرأ تطبيقاً عملياً 
خارج الصلاة؛ في حياته اليومية» في بيته وفي عمله» فمن كان على هذا 
الفهم والتطبيق سيصل عما قريب إلى الانتهاء عن الفحشاء والمنكرء 
ول 

وأقرب ما يستعان به على هذا القصد من الكتب: «مفردات» الراغب 
الأصفهاني» و«النهاية» لابن الأثير» فهما الكتابان اللذان لا ينبغي لطالب 
العلم أن يفارقهما حلاً وترْحالاً. 

أهمية الضبط والإتقان فوراً : 

ومن المهم أيضاً في هذا الباب: أن يتعوّد الطالب ضبط الكلمة 
اللغوية» أو اسم العَلّم» فوراًء ولا يسوّف ولا يمهل» فإذا تعوّد لسانه من 


ذلا وان لاما مدائق فرظا عه العل ارسالة العبد قداصي 155 


ازول شرؤرة الف عن المفتى الدقيق للكلمة اللقوية 


أول الأمر على نطق الكلمة أو العَلّمِ على الوجه الصحيح» استقام لسانه 
على ذلك » مدى حياته» ولن يتلكأ فيها بعد. 


ويقول الأئمة المحدثون في وصف الراوي المرتفع عن درجة الثقة: 
فلان 0 ومعناه ‏ كما في (المصباح المنير» -: «رجل كت ساكن 
الباء متثّت في أموره»» وأمورٌ كل إنسان: بحسبهء فالعالم: تثبتّه في 
أمووة: أن يكون:دائما تايظا لعلمةء: ومن ذللف: أن يتان مق كل معلوهة 
يحفظهاء ثم يقولها أو يكتبهاء والتأكد من المعلومة لتحفظ: أن تُحفظ 
متقنة على الوجه الصحيح» ومن ذلك: ضبطها اللغوي؛ وضبط معناهاء 
وضبط الحكم العلمي الراجح» سواء أكان حكماً فقهياً. أو أصولياًء أو 
حدينياً ونحو ذلك. 

ثم قد يعرض لهذا العالم أو الطالب تردّد وشكّ في جزئية من هذه 
الجزئيات» فعليه بالمبادرة إلى الكتاب ‏ فهو الأستاذ الصامت - ليتثيّت» 
ويبقى وصف «الثبْت) عليه ثابتًء ولو سوّف لتعب بعلً» ولبقي في صدره 
التردد والشك. 

وأيضاً: إن تنبّت الطالب فيما يقرأ: تأسيس لما يُبنى عليه من الحفظ 
والفهم» ثم التعليم والتلقين والتأليف والفتياء وهذه أمور تدخل عند 
العلماء في باب ما يسمى عند عدم التثبت فيه ب: التحريف والتصحيف» 
ولهم في ذلك حكايات هي نكت وطرائف مضحكة”" » منها: 


(1) وينظر لزاماً ما كتبه الخطيب في «الجامع» عن أخبار من صحّف في الأسانيد 
ثم في المتون من (517 - 544)». وختم ذلك بقوله: «يقال في المثل: الحديث ذو 


ضرورة البحث عن المعنى الدقبق للكلمة اللغوية م 


أن جات لمع ا رويد زا مرو الى اواج ابو ويف "وو أن 
النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة» وفي 
رواية ابن خزيمة الأولى: (نهى عن الحلّق يوم الجمعة قبل الصلاة»)» قال 
الإمام الخطابي”"': «كان بعض مشايخنا يرويه أنه نُهِي عن الحلق» بسكون 
اللام» وأخبرني أنه بقي عق سنة لا يحلق ررأاسة قبل الصلاة يوم 
الجمعة!! فقلت له: إنما هو الحلّق» جمع الحلقة» ... فقال: قد فرجتَ 
عني ») وجزاني خيراً - أي: قال له: جزاك اللخ دوعاة هو :الم اليم 
رحمه الله). 

ننان أن كله القضة الى نلعيس ام نشايفة صلق شي التتكنت 
على عن يثلقى :علمه من الصتحف: بان أنه حفيقة واقعية قديمة “مضق 
عليها أكثر من ألف سنة» فما بالك في هذا الزمان؟!. 

الاهتمام بقراءة العبارة وضبطها وتحريرها : 


ويتصل بهذا الواجب على الأساتذة والشيوخ. وان ا لديف عند 


شجونء وقد أخرجنا هذا النوع من التصحيف إلى طريق القول الهزل» نسآل الله العفو 
عن الزلل» والتوفيق لصالح القول والعمل»» وهو يشترك في كثير من أخباره مع ما 
كتبه الإمام أبو أحمد العسكري في مقدمة «تصحيفات المحدثين»» فينظر أيضا. 

() أبو ذاود (”7 42٠١‏ والترمذي (775) وقال: حديث حسنء» والنسائي 
(1/9 0745. وابن ماجه :)١177(‏ مطولاً ومختصراًء وهو في «مصنف» ابن أبي 
شيبة (0140) مختصر»ء وعند ابن خزيمة مطل (5 2317 17١:5‏ ). 

(؟) في «معالم السنن» 51:١‏ 7. 





إفرضنا ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية 


أهمية» هو: تنشئة رامد منهم طلايه على إتقان قراءة العبارة لكوي 
الحويا :زنيعها وخلياء بل تحليلهاء وإعادة الضمائر التي فيهاء وتعيين 
كل ضمير ورابطه» ثم تحقيق معنى العبارة كاملة. 

ثم ثقلتهم إلى مرحلة أعلى هي: بيان ما في النص كاملاً من علوم: 
عربية» وبلاغية» ومنطق» وأصول فقه» وبيان ما فيه من مصطلحات تابعة 
لكل علم» وما إلى ذلك» حسب ما يقتضيه النص ويحتمله» وهذا ما كان 
يسمى عند علماء الأزهر ب: التعيين. 

وبهذا المنهج: قراءة النص» وتحليله» وفهم المصطلحات العلمية 
التي فيه: يتميز العالم عن غيره» ولقد أدركت من العوام ‏ من لا يعرف 
القراءة ولا الكتابة - لكن كان له حضور وملازمة لبعض علماء عصرهء 
وفهم وانتباه أثناء الدرس» فكان يحفظ الفقه والتفسير وشرح الأحاديث» 
أكثر من كثير من علماء عصرهء لكنه لو قدّر أنه غاب عنه حكم من 
الأحكام» لا يستطيع مراجعة كتاب يُسعفهء بخلاف أي عالم آخرء فإنه 


تربية الأستاذ طلبته على قول : لا أدري رضض 





تربية الأستاذ طلبته على قول : لا أدري 


ويتصل ِخُلّق الإنصاف اتصالاً وثيقاً أمر آخرء وهو من مهمات 
الشيوخ عاة أصحابهم : هو أن يورثوهم ويعوّدوهم إذا 0 أمامهم أمر 
ليس لهم به علم أن يقولوا: لا أدري» ولله أعلمء لكن لا يكتفي قائل 
ذلك بهذا التخلّص الأمينء. ويترلك الأمر معلّقاً في نفسه». وفي نفس 
سائله» بل يعلّم هذا الطالب وياب : أن يرجع إلى أساتذته ليفيدوه فيه أو 
إلى مكتبته إن كان بلغ أهلية البحث بنفسه. 

ونقلت في «أدب الاختلاف)"': أن الإمام أحمد روى عن الإمام 
الشافعي » عن الإمام مالك» عن التابعي الثقة محمد بن عجلان قوله: (إذا 
أخطأ العالم (لا أدري) أصيبت مقاتله». هكذا تسلسل الأثمة الثلاثة 
المجتهدون على روايته عن ابعضهم» وقلت بعدها''': وفي استعمال العالم 
كلمة «(لا أدري) : ترويض لنفسه على لق التواضع» وإيقافها عند 
ده وفيه أيضاً : حث ضمني على التعلّم والازدياد من العلم والبحث 
والتفتيش» فإنه إن أجاب الآن: شائله بالا أدري»» وج منه هذا 
الجواب» بدلاً من أن يتَقَحَمْ في النار إذا تكلم بغير علم: فإنه لا يَحْسّن به 


.١9/8 صفحة‎ )1١( 


(؟) صفحة 199. 





ا تربية الأستاذ طلبته على قول : لا أدري 


أن يجيب مرة ثانية عن السؤال نفسه ب: لا أدري» لأن مهمة العالم جواب 
السائل بما يُنقذه من جهله أو ورطته'''» وأما قول ياقوت الحَمّوي عن (لا 
أدري» وأنها نصف العلم»: إنه التعيفت» الترذوك: 56000 تحصن بها 
عند كل سؤال يوجه إليه» وهو متكاسل عن البحث عن جوابه. والله أعلم. 

ومن منهجهم في التعليم للم حي ا ار 
كانوا اينظرون إلى اجتهادهم باحتمال الخطأء ولا يجزمون ما لم يكن 
الدليل نافيها ناطنا: 

ستل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رجل تزوّج امرأة ولم 
يَفْرِض لها صداقاء فتوفي عنها قبل أن لحريو وهذه المسألة تعرف 
ب«المقوّضة»”" فأفتىٍ فيها ابن مسعود بأن لها مهر مثلهاء لا زيادة ولا 
تقصان» ولها الميراث من الزوج المتوفى» وعليها العدة. 

وعدي وواما لسري ١‏ لو قال امد ب كص منكددة 

والذي يهمني منه إحدى روايات أبي داود» وبعض روايات النسائي. 

وك او قارف لان كيد لاون سرد ا ف برعا اويا المشيرنات 
قال: فاختلفوا إليه شهراً ‏ أو قال: براك قال 5 أقول فيها: إن لها 
كاف كصيةاق ناته + لتر عدن ولا لطا وإقة ليا المي انع وطليها 
العدّة» فإن يَكُ صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطانء والله 


)١(‏ ولعل هذا يصلح توجيها لكلمة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي الله عنهما. 

(؟) بكسر الواوء على معنى: فوّضت أمر مهرها لغيرهاء من زوج أو ولي» 
وبفتح الواو على معنى: أن الشارع فوّض إليها أمر مهرها: إثباتاً وإسقاطاً. 

() كتاب النكاح ‏ باب ما جاء في الرجل يتزيّج المرأة فيموت عنها قبل أن 
يفرض لها .)١١55(1١١١:5‏ 








تربية الأستاذ طلبته على قول : لا أدري ارس 


ؤونتوله ' ركان حعيدوا لهف أفاوسؤل: الله كه قضى يكل للك فى مقن 
هذه الحال» ففرح فرحاً شديداً 7". ْ 

وووق الساكي هذا الخبر”"'» وأن ابن مسعوذ قال لهم أولاً: «سلوا 
ها تحدون :فنا أن ]9 قالزاديا أبااعيد الرعيو ما فجد فيها :+ اا 
قال: أقول فيها برأبي. 0 

ثم رواه ب بلفظ: «فاختلفوا إليه قريباً من شهر لا يفتيهم» ثم قال: أر 
لها صداق نسائها..»). 

ثم رواه أخيراً بلفظ: «قال عبد الله: ما مكلت منذ فارقت رسول الله كَل 
أشد علي من هذه فأيُوا غيري» فاختلفوا إليه فيها شهراًء ثم قالوا له في 
آخر ذلك: مَنْ نسأل إن لم نسألك وأنت من جلَّة أصحاب محمد كله بهذا 
البلدء ولا نجد غيرك؟! قال: سأقول فيها بِجَهْد رأبي» فإن كان صواباً 
فمن الله وحده لا شريك لهء وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان» والله 
ورسوله منه برآء» أرى أن أجعل لها صداق نسائها..». 

ودف فيك عن هديع الامرين : خلن الأسافة رفوللا ادر 
في «أدب الاختلاف» صفحات» أنقل منها مقتطفات». وأحيل القارىء 
الكريم على باقيهاء ففيها فوائد إن شاء الله. 

وأنبه إلى أمر آخر: إنه ينبغي للطالب أن يَحذّر بنفسهء وينبغي لأستاذه 
ومربيه أن يُحذّره من الدخول في مناقشات علمية مع جلسائه وأقاربه, ومع 

084 :” كتاب النكاح - باب فيمن تزوّج ولم يسم صداقاً حتى مات‎ )١( 


(011. 
(؟) كتاب النكاح ‏ إباحة التزوج بغير صداق 5: ١7١‏ (7104 وما بعده). 


32 ترببة الأستاذ طلبته على قول : لا أدري 


أي كان» في أبواب من العلم والدين لم يسبق له دراستها واستيعاب النظر 
فيهاء مما هو من مسائل دينية عقدية» اجتماعية» اقتصادية» سياسية» 
فكرية» ولا يستحيي من أن يقول: لا أعلم» لم يسبق لي دراسة لهاء وإن 
بعض من دخل هذه المحاورات انزلق وانحرف وضل» على أمل أن ينقذ 
غيره فغرق! وما ذاك إلا لأنه تكلم فيما لا يُحسنه. 

بل عليه أن يستحبي من الله تعالى أن يقتحم الولوج في دين الله» مما 
لا يُحسن القول فيه بعلم عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم» وعليه 
أيضاً: أن يستحبي من البقاء على جهله» بل يسأل من يثق به من شيوخه 
ممن يُحسن القول في هذه المسألة. 
فأولاً : لا يجوز له الدخول في مناقشات لم يتقن بحثها. 

وثانياً : لا يليق به أن يبقى على جهله في هذه المسألة. 

وثالثا : لا ينبغي له أن يسأل مدرس اللغة العربية عن مشكلة فقهية 
قله اقتضناديةه أو أذ مال فد هيده المشكله فقنها عي التخيرة عن الامو 
المعاصرة» وهكذاء بل يضع الأمور مواضعها. 


60 


2 
ّ 








ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيته لهم ذل 





المَعْلّم السابع 


ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيثه لهم 


إن مما يتصل بأدب قول الطالب» والعالم ‏ على السواء -: لا أدري» 
قبذا نيه عن لد هما ليش ابه هعرف كانه وماك الكل كام هلها فى ددن 
لثه" قال 6" إناهها ينص بهذ الأدى :ادي لخن يكيس نه الاسفاد الموضن 
جمّاح الطالب» وقد دخل عليه أول نشأته العلمية الاعتدادُ بنفسهء وظن 
أن العلم كله هو ما قرأه خلال سنواته الأولى» وأنه لا يسأل عن شيء إلا 
وعنده علم يستطيع به تصلارٌ المجالس» بل الظهورٌ على شاشات القنوات 
الفضائية» ليتكلم على الملا بما حصل من علم ابتدائي في حقيقته» انتهائي 
في ظنه وحسبانه. 

وهذا الوهم يعرض كثيراً لطالب العلم الناشىء» وقد يعرض لغيره 
ممن جاز مرحلة الطلب» لكنه لم يبلغ مبلغ الانقطاع عن شيوخهء 
والاستبداد بنفسه عنهم. 

وأحكي خبرين في هذا المجال» فيهما تمام الموعظة والدرس» في 
دلالة الشيوخ المربّين تلاميذهم على علل نفوسهم وأمراضها: 

أولهما: اشتهر عن الإمام أبي حنيفة قوله لتلميذه أبي يوسف رضي الله 
عنهما ‏ حتى صار كالمكّل السائر : تَرْبَبَتَ قبل أن تُحَصرم. 


رف ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيثُه لهم 


0 أن أبا يوسف جلس للتدريس من غيرٍ إعلام الإمام أبي 

الت 1 

الأولق ؟ امار تك ل لوا وكام للاستضورا ها دزا اللي ا لذ 

الثانية : هل الدخول في الصلاة بالفوفنى' أى بالسةة: 

الثالثة : طيرٌ سقط في قدر على النار فيه لحم ومَرّق» هل يوكلا أو لا؟. 

الرابعة : مسلم له زوجة ذمية مانت وهي حامل منه» تلقن في أي 
المقاير؟. 

الخامسة : أم ولد لرجل» تزوجت بغير إذن مولاهاء فمات المولى» 
هل تجب العدّة من المولى؟. 

وفي كل منها يجيبه أبو يوسف: انعم فيخطه الرجل» فيجيبه: لاء 
تا ٠‏ فيتحيّر ويه الرخل ما له السيةه قال: فعلم أبو يوسف 
تقصيره » فعاد إلى أبي حنيفة فقال له: تزبَبِت قبل أن تُحَصرم. 
ش وحصل بين أبي الفتح ابن جني وشيخه أبي علي الفارسي» كالذي 
حصل - تماماً - بين أبي يوسف وأبي حنيفة رحمهم الله جميعاًء فقال أبو 
علي لابن جني مقولة الإمام أبي حنيفة بلفظ: رَبَْتَ وأنت حصرم'". 
وصارت كالمثل. 


)١(‏ كما في أواخر «الأشباه والنظائر» لابن تُجَيم رحمه الله أول فنّ الحكايات 


ص ؟١0.‏ 
(؟) جاء هذا أول ترجمة ابن جنى عند ابن خلكان 7: 7515. 








لظ الأستاذ لأصحابه وتربيته لهم ش 4 عنم 





أي: إنك قفزت من مرحلة البداية إلى مرحلة النهاية» دون التأهل 
لذلك. فالحصرم هو أول العتّب» وبعد أن يَنْضَّح تماماً تماماً يدخُل مرحلة 


صيرورته زبيباً» 000 


"ان انا وم 


وفي «تاريخ بغداد)» و«آداب الفقيه والمتفقه» 
«مرض مرضاً شديداً» فعاده أبو حنيفة مرارء فصار إليه آخر مرة» فرآه 
ثقيلاً» فاسترجع ء ثم قال: لقد كنت أُوَمُلّك بعدي للمسلمين» وله ضيفي 
الناس بك ليموتّنَ معك علم كثير. ثم رزِق العافية وخرج من العلّة» فأخبر 
أبو يوسف بقول أبي حنيفة» فارتفعت نفسه» وانصرفت وجوه الناس إليه» 
فَعَقَد لنفسه مجلساً في الفقه» وقصّر عن لزوم مجلس أبي حنيفة» فسأل 
عنه؟ فأخير أنه قد عقد لنفسه مجلساً وأنه قد بلغه كلامك فيه. 

فدعا رجلاً كان له عنده قَدْرٌ فقال: سر إلى مجلس يعقوب فقل له: ما 
تقول في رجل دفع إلى قصار ثوباً ليقصّره بدرهم» فصار إليه بعد أيام في 
طلب الثوب» فقال له القصار: مالك عندي شي وأنكره؛ ثم إن رب 
الثوب رَجَّع إليه فدفع إلنهالفوننه امققعور ا + الد اجر فزن قالكاله رةه 
فقل أخطأت» وإن قال: لا أجرة لهء فقل: أخطأت. فصار إليه فسأله» 
فقال أبو يوسف: له الأجرة» فقال: أخطأت» فنظر ساعة ثم قال: لا أجرة 
لهء فقال: أخطأت! 

فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة» فقال له: ما جاء بك إلا 
مسألة القصار؟! قال: أجلء قال: سبحان الله» من قَعّد يفتي الناس 


.)751( «تاريخ بغداد» ©: 241/8 و«آداب الفقيه والمتفقه»‎ )١( 


4م ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيته لهم 


وعَقَد مجلساً يتكلم في دين الل وهذا قدره» لا يحسن أن يجيب فى 
مسألة من الإجارات!! فقال: يا أبا حنيفة علمنى» فقال: إن كان قَصره 
بعدما عَصَبهِ فلا أجرة له» وإن كان قصره قبل أن يغصبه فله الأجرة» 
لأنه قصره لصاحبه. 

ثم قال'"2: من ظنٌ أنه ب يستغنٍ عن التعلّم فلي فليبيك على نفسه!». 

فوع الراك 3 هذا الخبر العجيب» عن الإمام علي ابن المديني 
رحمه الله. 

قال ابن المدينى: «قدمت الكوفة» فعنيت بحديث الأعمش فجمعته: 
فلما قدمت البصرة لقيت عبد الرحمن - ابن مهدي الإمام -» فسلّمت 
عليه» فقال: هات يا على» ما عندك؟ فقلت: ما أحد يفيدنى عن الأعمش 
شيعاً! قال: فغضبء فقال: هذا كلام أهل العلم؟! ومن يضبط العلم؟! 
ومن يحيط به؟! مثلك يتكلم بهذا؟! معك شيء تكتب فيه؟ قلت: نعمء 
قال: اكتب؛ قلت: ذاكرني» فلعله عندي! قال: اكتب: لست أملى عليك 
إلا ما ليس عندكء قال: فأملى علي ثلاثين حديثاًء لم أسمع منها حديثاً! ! 
ثم قال: لا تعدء فلك لا أغؤة: 

قأل على كلها #اليطة مله احجان تايان - العا عرق امزلرج التانينة 
فقال: امض إلى عبد الرحمن - ابن مهدي حتى أفضحه اليوم في 

)١(‏ المتبادر أن قائل هذه الكلمة الحكيمة هو الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى. 


(0) فى كتابه الرائد «المحدث الفاصل» »)١59(‏ ومن طريقه الخطيب فى 
«الجامع) .)١9:5(‏ 








ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربييّه لهم 81١‏ 





المناسك! ! قال علي: وكان سليمان من أعلم أصحابنا بالحج» قال: فذهبنا 
فدخلنا عليه» فسلمنا وجلسنا بين يديه فقال: هاتا ما عندكماء وأظنك يا 
سليمان صاحب الخطبة ‏ أي: أنت ستتكلم ‏ قال: نعم» ما أحد يفيدنا في 
الحج شيئاً! فأقبل عليه بمثل ما أقبل علي ثم قال: يا سليمان» ما تقول 
في رجل قضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت» فوقع على أهله؟ فاندفع 
سليمان فروى: يتفرقان حيث اجتمعاء ويجتمعان حيث تفرقاء قال: ارو 
متى يجتمعان» ومتى يفترقان؟ فسكت سليمان» فقال: اكتب» وأقبل يلقي 
عليه المسائل ويملي عليهء حتى كتبنا ثلاثين مسألة» في كل مسألة يروي 
الحنية والعديفيخ + وقول سالت مالكاء وسالت تيان وعببدالله بق 
الحسن - العَْبري -. ظ 

قانب نانك فقن لبيك قال د أابى مد يده الخد ناذا اتقربنا 
قلت. فقمنا وخرجناء قال ابن المديني -: فأقبل علي سليمان قال: يش 
خرج علينا من صلب مهدي هذا!! كأنه كان قاعداً معهم: سمعت مالكاًء 
وسفيان» وعبيد الله! !). 1 

قلت: هذا خبر عجيب» كله دروس وعبر» ويحتاج إلى أن يفرد 
بالشرح المسهب. 

وهذا من تأديب الشيوخ لتلامذتهم» وشأنهم في هذه الأخبار مقام 
الطبيب المعالج لأدواء المرضى. 

وإذا كان الشيء بالشيء يذكرء فأحكي خبراً طريفاً جدا فيه تأديب الله 
عز وجل لعالم عن طريق أعرابي!! وهو يدل على رعاية الله تعالى لهذا 


العالم. 


ع ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيثه لهم 


الإمام أبو الحسن الماوردي أحد أئمة السادة الشافعية في الفقهء 
وناهيك بمن يشهد له الإمام أبو إسحاق الشيرازي بأنه كان حافظاً 
للمذهب» وهو صاحب كتاب «الحاوي» المطبوع في مجلداًء قال هذا 
ا «قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: تعلموا العلم» وتعلموا 
للعلم السكينة والحلم» وتواضعوا لمن تَعَلَمونَ منه» ليتواضع لكم من 
تعلّمونه» وقال بعض السلف: من تكبّر بعلمه وترفّع وضعه الله به ومن 
تواضع بعلمه رفعه الله به» وعلة إعجابهم انصراف نظرهم إلى كثرة مّن 
دونهم من الجهال» وانصراف نظرهم عمن فوقهم من العلماء» فإنه ليس 
مناه في العلم إلا وسيجد من هو أعلم منه» إذ العلم أكثر من أن يحيط به 
بشر). 

ثم قال: «ومما أنذرك من حالي: أنني صنفت في الببوع كتاباًء جمعت 
ما استطعت من كتب الناس» وأجهدت فيه نفسي» وكدَدْت فيه خاطري» 
حتى إذا تهذّب واستكمل» وكدت أعجب بهء وتصورت أنني أشد الناس 
اضطلاعاً بعلمه. حضرني وأنا في مجلسي أعرابيان» فسألاني عن بيع 
عقداه في البادية» على شروط تضمنت أربع مسائل» لم أعرف لواحدة 
منهن جواباً فأطرقت مفكراًء وبحالي وحالهما معتبرأء فقالا: ما عندك 
فيما سألناك جواب» وأنت زعيم هذه الجماعة؟ فقلت: لاء فقالا: واهاً 
لك! وانصرفا. 


ثم أَنَّا مّن يتقدمه في العلم كثيرٌ من أصحابي» فسألاه» فأجابهما 


.177-١7١ص في كتابه «أدب الدنيا والدين»‎ )١( 





ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيته لهم و 


مسرعاًء بما أقنعهماء وانصرفا عنه راضيين بجوابهء حامدين لعلمه 
فبقيت مرتبكاًء وبحالهما وحالي معتبراء وإني لعلىئ ما كنت عليه - من 
عدم العلم بالجواب ‏ في تلك المسائل إلى وقتي» فكان ذلك زاجر 
نصيحة» ونذيرَ عظة» تَدَلّنَ بهما قياد النفس» وانخفض لهما جناح 


و 0 27 5 1 .0 ع ب 
العجب » توفيقا منحته» ورشدا أوتيته». فرحمه الله على ما أرشد وادب. 


ا إرشاد الطلبة إلى الإنصاف فى البحث 


المَعْلّمِ الثامن 


إرشاد الطلبة إلى الإنصاف فى البحث 


ومن مهام العالم المربي لأبنائه وتلامذته: أن يربيهم على الإنصاف في 
مسائل العلم» والرجوع إلى الحق والصواب» فيما زل فيه قلمه» أو سبق 
إليه لسانه» منه» أو من غيره من آحاد الناس. 

وأخبار الأئمة في هذا كثيرة» وفي تتبّعها عُسْره ورائدهم في هذا 
الخلّق: أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه» في قصته الشهيرة» التي رواها 
أبو يعلى في «مسنده الكبير» ‏ لا الصغيرٍ المطبوع'' -. 

قال مسروق: ركب أي: صعد ‏ عمر رضي الله عنه المنبر» منبر 
رسول الله صلى الله عليه وسلم» فقال: لا أعرفن ما زاد الصداق على أربع 
مئة درهم». ثم نزلء فاعترضته امرأة من قريش فقالت: يا أمير المؤمنين 
نهيت الناس أن يزيدوا في صدقاتهن على أربع مئة درهم؟ قال: نعمء 
قالت: أما سمعت الله تعالى يقول في القرآن: #أوَءَاتَبَسْمِْحَدَسهُنَ قِنَطاًا # 
النساء: ٠١‏ فقال: اللهم عفرا كل الثائيق أفقه من عمرء ثم رجع فركب 
المنبر فقال: أيها الناس» إني كنت نهيتكم أن تزيدوا في صدقاتهن على 


)١(‏ وأنقلها من «المطالب العالية» لابن حجر »)١5757(‏ ومن «تفسير) أبه كة 
من ب العالية» لا بن حجر ومن #اتمسير) أبن كثم 
عند تفسير الآية العشرين من سورة النساء. 


إرشاد الطلبة إلى الإنصاف فى البحث م 


أربع مئة درهمء فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب ‏ أو: فمن طابت 
نفسه ‏ فليفعل. 

وفي إسناد الخبر: مجالد بن سعيد الهمّداني» متكلم فيه» لذلك لم 
يضتحخه ابن كتين» يل قال: [سناده جيد قوري" آنزله عن الضحة قليلاً لتخال 
فيعالة: 

وانظر إل تشديد الإمام ابن عبد البر على لزوم الإنصاف» وخسارة 
من فقذه» فقال(" : لمن بركة العلم وآدابه: الإنصاف فيه » ومن لم ينصف: 
لم يفهم ولم يتفهم». 

وتلق الإنصاف كغيره من مكارم الأخلاق الإسلامية يتناقص يوماً بعد 
يوم» وقد كر ابن عبد ال 9 عن الإمام مالك رحمه الله قال: «ما في 
زماننا شىء أقل من الإنضاف»!!. 

ونقل الإمام القرطبي'" عند الآية ؟ من سورة البقرة» قول الإمام مالك 
هذا وانظر تعليقه عليه -» ثم ذكر قصة سيدنا عمر الآنفة الذكر من وجه 
آخرء ثم ذكر خبراً عن سيدنا علي رضي الله 4 انا مهاد د الشاعرة 
مسألة» فأجابه» فقال الرجل السائل: ليس كذلك يا أمير المؤمنين» ولكن كذا 


.07٠ :١ فى «جامعه)‎ )١( 
.)8655( (؟) فى («جامعه)‎ 


3 


(*") فى «تفسيره» 0:1١‏ 7/85. 


7 


ع2 رواه ابن عبد البر فى (جامعه) (6كم) وفى إسناده ضعف» لكن انظر ما 
علقته على ص .7١60‏ 





لحن إرشاد الطلبة إلى الإنصاف في البحث 


وكذاء فقال علي: «أصبت وأخطأت» وفوق كل ذي علم عليم». 

5 0 5 5 ع 2 8 5 
المشرق نزلت القيروان» فأخذت على بكر بن حمادء حديث مسلاد» ثم 
رحلت إلى بغداد ولقيت الناس» فلما انصرفت عدت إليه لتمام حديث 
مسددء فقرأت عليه فيه يوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قدم عليه 
قوم من مُضر من مجَتَابِي الثّمارء فقال: إنما هو مجتابي الثمارء فقلت: إنما 
هو: مجتابى النمارء» هكذا قرأته على كل من قرأته عليه بالأندلس والعراق» 
ل ل 
بمثل هذا ا فتقمنا | إليه فسألحاة عن ذلك؟ فقال: 07 هو 00 
اماد كما قلت» وهم قوم كانوا يلبسون الثياب 50-07 جيوبهم 
أمامهم » والنمار: جمع تمرة. فقال بكر بن حماد ‏ وأخذ بأنفه -: رغم أنفي 
للحق» رغم أنفي للحق» وانصرف». 
قوله إلا بعد التبيّن والتقّت» أما رجوعه قبل ذلك فضعف وخفة. 

ومنها: الرجوع إلى أهل الاختصاص» وذلك في قوله: «فإن له بمثل 
هذا علماً». 

وكنت عَرَضت لخُلّق الإنصاف في البحث العلمي» فيما كتبته في 
«أدب الاختلاف»» فأذكر منه جُمَّلاً هنا" : 


(0) من ص90 .٠١٠١-‏ 





إرشاد الطلبة إلى الإنصاف فى البحث / م 


ا ا لي 
حدود الأدب: :داك الخلق الععام. 

وقد عبّر عن هذه الأهمية الإمام 7 عبد الهادي الحنبلي رحمه الله 
تعالى في «جزء الجهر بالبسملة» فقال: «وما تحلّى طالب العلم بشيء 
أحسنّ من الإنصاف وترك التعصّب)”". 

ومعنى الإنصاف واستعمالاته تدور على معنى العدل وإعطاء الحق» 
وأخذه. دون جَوْر أو زيادة أو نقصء والعدل هنا: الفيدال مم الكيق والدين 
والعلم والمخالفين لك في الرأي» وما إلى ذلك. 


راصن هذا الحا فول الله عز وجل: (إإِنَّ َه يَأْمْرٌ 0 


2 صرح سج سر م ردح سر 2 ع ع مء 


وَإسَآيِ ذى الْقُرَف وَبنْف عن الْفَحْسَل وَالسصكر والبقي يوظكُ لمَاحكم 

تكو 41 النحل: 24٠‏ وقوله سبحانه : #وَلا يَجْرِمَنَسكُمْ سَككَانُ 
زو عل ألا نيلأ اغدثوا هر أقرث لتق وفوا الأ رك له حي يما 
تَحَمَلُوْرت (4).. 4 المائدة: 24 أي: لا يَحملتّكم الخلاف والعداوة التي 
بينكم وبين غيركم على أن لا تعدلوا. 

قال سيدنا وابن سيدنا: عمار بن ياسر رضي الله عنهما: «ثلاث من 
جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسكء» وبذل السلام للعالم» 
والإنفاق من الإقتار» ذكره البخاري في «صحيحه) معلّقاً عليه”"©» وذكر 


)١(‏ نقله عنه الزيلعي في «نصب الراية» :١‏ 7005» وهو من كلام ابن عبد الهادي 
الذي بدأ :١‏ ه77 -708» وكثير من المعاصرين ينسبونه إلى الزيلعى. 


(؟) تحت الباب ٠١‏ من كتاب الإيمان :١‏ 87 من شرحه «فتح الباري». 


ا إرشاد الطلبة إلى الإنصاف فى البحث 


التناف ا ابن يحون رواه مركوعا ايض وافله والضيفت وفقه: 

ثم قال الحافظ بعد ما خرجه: «قال أبو الزناد ابن سراج وغيره: إنما 
كان مَنْ جَمّع الثلاث مستكملاً للإيمان: لآن نار عليها + لأن "لعي إذا 
اتصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقاً واجباً إلا أداه. ولم يترك شيئاً مما 
نهاه عنه إلا اجتنبه» وهذا يجمع أركان الإيمان. ل السلام: يتضمن 
مكارمٌ الأخلاق والتواضم وعدم الاحتقار» ويحصل به التآلف والتحابب. 
والإنفاق من الإقتار: يتضمن غاية الكرم» لأنه إذا أنفق مع الاحتياج كان 
مع التوسّع أكثرٌ إنفاقاً..٠‏ وكونّه من الإقتار يستلزمٌ الوثوق بالله» والزهد في 
الدنياء وقصر الأملء» وغير ذلك من مهمات الآخرة. وهذا التقرير يقوي 
أن يكون الحديث مرفوعاًء لأنه يُشبه أن يكون من كلام من أوتي جوامع 
الكلام. والله أعلم». 

قلت: وقوله «إن العبد إذا انّصف بالإنصاف لم يترك لمولاه حقاً إلا 
اذلااة واف ترضبيعه اتوإذة عن حتوق مؤلاه عليه أن يودي حقوق عباد 
للهء ومن أدائه حقوقهم : إنصافهم بما لهم وما عليهم. وإن من حقوق 
مولاه عل عليه: أن يوي هذا العلمّ والدينَ حقّه بأمانة وصدق وإخلاص» ولو 
لم يكن من أهل العلم» فكيف إذا كان من أهله!. 

وإن إنصاف العالم في مبّاحثاته لهو أقرب طريق للوصول إلى الحق: 
لهء ولمُباحثيه» وسامعيه وقارئي كلامه. ٠‏ 

والإنصاف يجتب صاحبّه عتّرات اللسان والقلم» ويِبُعده عن التّمَب 
في العلم وعن المغالطات. 

ومَنْ جاتب الإنصاف وجائّفه: فقد مال إلى الهوى» وقد قال المعتصم 


إرشاد الطلبة إلى الإنصاف فى البحث ل 


الخليفة العباسي كلمته الحكيمة الرشيدة: «إذا نُصر الهوى بَطَل الرأي)”". 
فنْصّرة الهوى تُفسد الرأي السّديد» والقول الرشيد. 

ومن مظاهر الإنصاف: ما حكاه الذهبي'" في ترجمة عفان بن مسلم 
الفسقار تقال الفلا زايض دين (القطاة) يرما جره يعديكه تقال له 
عفان: ليس هو هكذاء فلما كان من العّد أتيت يحيى» فقال: هو كما قال 
عفان» ولقد سألت الله أن لا يكون عندي على خلاف ما قال عفان!. 

قلت هو الذهبي نفسه _: هكذا كان العلماء» فانظر يا مسكين كيف 
أنت عنهم بمعزل!». 

وإن من أوجب واجبات الإنصاف: أن لا يكتم العالم من الحقّ الذي 
يعلمه شيئاء فإن هذا شأن أهل البدع: يكتبون الذي لهم» ولا يكتبون الذي 
عليهم. 

أسند الدارقطني”" إلى الإمام وكيع بن الجراح قوله: «أهل العلم 
يكتبون ما لهم وما عليهم» وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم». 


.- "تاريخ بغداد» : 0124 ترجمة ابن فَهُم - لا: ابن فَهْم‎ )١( 
141 في «السوا»‎ )( 
.)85( في ا(لسئئه)‎ 2 


ك1( الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 


المعلم التاسع 
الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 
والتحذير من الشذوذات العلمية 


ومن مهامٌ الشيخ العلمية: أن يوجّه أصحابه دائماً إلى التزامهم في 
العلم والعمل والفتيا بمنهج جماهير علماء الإسلام» في الخطوط العريضة 
العلمية» وفي المسائل الجزئية» وأن يحذرهم من الشذوذات العلمية التي 
تُنقل عن بعض أئمة السلف, أو ما يسمّى بنوادر العلماء. 

وقد اشتهر عن الإمام عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله قوله الذي 
أسنده إليه ابن عبد البر”: «لا يكون إماماً في العلم من أخذ بالشادً من 
العلم» ولا يكون إماماً في العلم من روى عن كل أحدء ولا يكون إماماً 
في العلم من روى كل ما سمع). 

أما الكلمة الأولى : فسيآتي الكلام عليها. 

وأما الكلمة الثانية : فمراده رحمه الله: النهي عن الرواية عن كل أحدء 
لكنه لا ينهى عن التحمل عن كل أحد» ومن المعلوم عند المحدثين: أن 


)١(‏ في «الجامع» 2»)١5179(‏ و«جامع» الخطيب أيضا (1157)» وتنظر مقدمة 
لاصحيح مسلم» .١ ١١‏ 


الالتزام بمنهيج جماهير علماء الوسلام عكر 


العلم تحمّل وسماعء» وأداء ورواية» فهو لا ينهى عن التحمل عن كل أحد 
وأخذ العلم منه» إنما ينهى عن الرواية عن كل أحد». حتى يتبيّن له أمره 
وأمر رواياته. 

فمن الممكن لطالب العلم ‏ وعالم المستقبل ‏ أن يأخذ العلم عن كل 
أحدء أو أن يقرأ لكل أحد. أو أن يستمع لحديث كل أحدء إذا كانت 
عنده أهلية التمييز بين الغث والسمين» والحق والباطل» وما أكثر عَاءً 
السيل» فيما يطبع ويذاع في وسائل الإعلام الكثيرة» في أيامنا هذه 
وواجب الطالب أن يتحقّظ في هذه الأمور جداء فلا يقرأ إلا باستشارة 
شيخه ومرجعه البصير الذي يعيش عصره» والعالم بهذه الثلّهة من الكتّاب 

فالطالب المبتدىء يستهويه اسم كتاب «أضواء على السنة المحمدية». 
فيسعى للبحث عنه ولقراءته» وهو لا يدري أنه :هخ الكقبت المضِلّلة!!؛ 
ويسمع باسم كتاب «فجر الإسلام)»» أو «اضحى الإسلام»» أو «ظهر 
الإسلام»» أو «يوم الإسلام»» فيسعى لقراءتهاء وهو لا يدري بعد ما فيهاء 
وما يحمله مؤلفها من انحرافات» مع أنه تولى القضاء الشرعي! !”". 


(1 اساي لكر الكسماء يدن السسن والكايه القر تيوه أقيو ان يعن 
أهل العلم الموثوق بعلمهم ودينهم» عند معارفهم عامة» لعن تلامذتهم خاصة» قد 
يتقلون - لمناسبة علمية ألجئوا إليها - عن بعض هذا الصنف من العلماء أو الكتّاب» 
فيفهم القارى* من نقلهم أنه توثيق للكتاب ولصاحبه المنقول عنه» فيقع القارى* في 
حسن الظن بهم» ولو سأل التلميذ مثلا أستاده عن نظرته العامة نحو الكتاب ومؤلفه 
لأفصح له وحذره. 





م الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 


كنا وصيرة. ويشله اشم كنات اتجناية البخازي على" الحديت 6 
و«جناية الشافعى على الفقه»» و«جناية سيبويه على النحو). فيتطلع إلى 
قراءتهاء فيقرؤهاء فيقع في شباكهاء وضلالاتهاء وجناياتها على الإسلام 
كله! !. 

فإن آنس من نفسه الأهلية» وجاوز مرحلة التأثّر بالبدع والأهواء 
المضلة وأهلها: قرأ وسمع» فإن معرفة العالم والمرجع بما على الساحة 
العلمية» أمر ضروري عليهء ليعايش الأفكار والمبادى”* المعاصرة لهء 
فيعالجها بالهدي المستقيم الذي تعلمه وتربّى عليه» فيحسّن الحسن 
ويقويه» ويقبّح القبيح ويوهيه. 
عليه جماهير علماء الإسلام, فكيف بالضلالات؟ !!. 


ولهذا فإني أرئ الحذر والتحذير من الوقوع في هذا الإيهام» لا سيما في البلاد 
المعافاة من داء هذه الكتب المشوشة وأصحابها. 

ورحم الله الإمام الكوثري» فإن موقفه من الشوكاني وصديق حسن خان 
معروف» ولما اقتضئ البحث العلمي منه أن ينقل رأيهما في مسألة نزول عيسئ عليه 
الصلاة والسلام آخر الزمان ‏ وهو موافق لما هو مجمع عليه بين العلماء ‏ نقل عنهما 1 
في مقاله «الرسالة والأزهر» وقال: «نزلت في النقل إليهما لكونهما مرضيَّيّن عند 
صاحب تلك الفتيا»» لا أنه اعتماد منه عليهما. 

.44 أوائل «صحيحه» في كتاب العلم  الباب‎ )١( 


الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام وم 


دون قوم كراهية ل يفهمواء وقال علي: حلثوا الناس بما يعرفون» 
ديق أن 5 الله لوسر ل 1ن ثم ذكر سند هذا القول» وانظر لزاماً 
كلام الحافظ عليه في (الفتح). 

وأما الكلمة الثالثة : فقد كان طالب العلم يرحل إلى أقصى الشرق 
وأقصى الغرب» ويرى ويسمع ويكتب عن كل من يلقاهء ولا شك أنه 
يلقى من الخير والعلم الصحيح والكمال» أكثر مما يلقاه من غير ذلك» 
ولكن الإمام عبد الرحمن بن مهدي يويد أن يده طالتة العلم في هاتين 
كحو ابي سال عالطا وو أن يكون عاقلاً في علمه 

ففي العلم غرائبُ إذا لم يتحكم بها عقل العالم» فقد يكون علمّه وبالاً 
عليه وعلى غيره. 

ومن كلمات الثناء التي َّال في كتب التراجم أحياناً قولهم: فلان عقلّه 
أكبر من علمه» ومن كلمات القدح قولهم: فلان علمه أكبر من عقله. وهذا 

من أهم ما يحتاجه العالم في حياته العامة. 

وقد يرى هذا الطالب - أو العالم متخا اليتون عدر 
دائرة الكتاب والسنة» ولكنه لا يكون نافذ البصيرة ‏ في هذا الموقف ‏ إلى 
ما يؤثّر حديثه في نفوس سامعيهء وقد قال الإمام مالك: «لقد حدّئت 
بأحاديث وددت أني ضربت بكل حديث منها سوطين» ولم أحدث بها). 
روى عنه هذا القول الإمام الحاكم""» وعلّق عليه بقوله: «فمالك بن أنس 
على تحرّجه وقلة حديثه. يتّقي هذه التّقية» فكيف بغيره ممن يحدآّث بالطُم 


.)1١8( في «معرفة علوم الحديث»‎ )١( 


:وم الالتزام بمنهوج جماهير علماء الإسلام 


والرم؟!» يعنيى: يحدث بما هب ودب. 

أما كلمة الإمام ابن مهدي الأولى : لا يكون إماماً في العلم من أخخحذ 
بالشاذ من العلم» فأقول: إن هذا التحذير شامل للأخذ بالشاذ من العلم في 
نفس العالم أو الطالب» فيعمل به في خاصّة نفسهء أو في غيره فيفتيه به» 
وشامل للشذوذ الواحد. ولجملة من الأحكام الشاذة» وشامل لأبواب 
العلم: في العقيدة» والأحكام عامة» والسلوك» وما إليه. 

والمراد: اجتناب شوادً العلم والعلماء» ليبقى العالم دائماً على طريق 
السلامة» وصراط الاستقامة» لا سيما أنه في مَقَام القدوة. 

وسبق أن عرّضت للتحذير من شواذ العلماء في «أثر الحديث 
الشريف''» فأنقل منه هنا ما يتيسرء وأزيد عليه النقل عن «فتاوى 
البرزلي). و«معيد النعم»» و«مقالات» الكوثري» وابن المبارك» وللقارىء 
الكريم أن يرجع إلى تمامه هناك. 

روى البيهقي'' عن إمام الشافعية في العراق: أبي العباس ابن سريج» 
عن إمام المالكية في العراق أيضاً: القاضي إسماعيل بن إسحاق رحمهما 
الله تعالى أنه قال: «دخلت على المعتضد 0 إلي كتاباً» “فنظرت فيه» 
وكان قد جُمع له الررحص من زَكَل العلماء'” نويا تيزم كل مهم سه 


.155- ١١56ص‎ )1١( 
.5١١ 1:1١ في (سئنه»‎ )5( 


فرق الول : الذنب أول 5 وفي هذا التعبير أدب رفيع مع 
العلماء. ومؤلف هذا الكتاب ‏ والله أعلم به أخطأ من وجهين: جمعه لها على صعيد 


الالتزام بمنهيج جماهير علماء الإسلام ووه* 


فقلت له: يا أمير المؤمنين مصئّف هذا الكتاب زنديق! فقال ‏ المعتضد -: 
لم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت» ولكن من أباح 
. 2 و 35 03 1 و 5 

والمسكر» وما من عالم إلا وله زلّةء ومن جَمَّع زلل العلماء ثم أخذ بها 
ذهب دينه! فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب». 

ويؤكد الضلال فى :هذا الشَبّى بالكغد بالسذوة والتوادر: نما بحكاه 
البُرْزْلى عن نفسه”"» قال: «وأذكر إِذْ كنت مراهقاً للبلوغ بين يدي أستاذي 
وإمامي» وكان أول يوم من شهر رمضانء. وبات الناس على غير نية 
الضيام» فقلت: لا أقضى هذا اليوم» على مذهب بعض أصحاب مالك» 
في رواية شاذة» فأخذ بأذني أستاذي فقال لي: إن قرأت العلم على هذا فلا 
تقرؤه» إن اتّبعت منه بنيّات الطرق جاء منك زنديق. بهذا اللفظ». أي: 
هكذا قال لى» وبهذا اللفظ. 

وأكّده أيضاً التاج السبكي في كلامه على (المثال السابع والأربعون) 
من لامعيك النعم»: المفتى » الذي يسهل أمر الشرع» ويرخص لبعض 
الأمراء ونحوهم ما لم يرخص لغيرهم» ول هذا من عللامات 
الاستهانة بدين الله»» وقال بعد كلام وأمثلة للرخص: «ومن هذه حاله 


3 ع ع8 ا 7 3 
واحد» واخذه بهاء» أو ببعضهاء وهو يعلم أنها زلل. وانظر لزاما كلام الشاطبي الآتي 
ص7575 -714. 

)١(‏ فى «فتاويه» :١‏ /ا8. 


(؟) صفحة .4١‏ 


5م الالتزام بمنهوج جماهير علماء الإسلام 


يؤول - والعياذ بالله تعالى ‏ إلى الزندقة». 

وقال الإمام الكوثري في مقاله «اللامذهبية قنطرة اللادينية) : «أما تتبع 
الرعمص من أقوال كل إمامء والأخذ بما يوافق الهوى من آراء الأئمة» 
فايس" الأدقها مضم اولس علهنا مش ين الدين اميل كاننا من 
كان مبيح ذلك». 

ومن المجتهدين الذي حذروا من اتباع أقوال العلماء بدافع التشهي 
مطلقاء لا من الأخذ بزللهم ورُّخّصهم: الإمام ابن المبارك» فيما رواه ابن 
أبي العوام في «فضائل أبي حنيفة»"'' عن علي بن الحسن بن شقيق قال: 
سألت عبد الله بن المبارك عن اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه 
وسلم: أكلّه صواب؟ قال: الصواب واحدء والخطأ موضوع عن القوم 
- أي: غير مآخذين به -» قلت: فمن أخذ بقول من أقاويلهم فهو موضوع؟ 
قال: نعم» أرجوء إلا أن يكون رجلا اختار قولاً ورآه الحق» فنزل به أمرء 
فينتقل عنه إلى غيره» فذلك الذي لا يسعه). 

وحكى عنه الشاطبي في «الموافقات»”'' هذا الحوار الذي جرى لابن 
المبارك مع بعض أهل الكوفة» قال: «كنا في الكوفة» فناظروني في ذلك» 
يعني في النبيذ المختلّف فيهء فقلت لهم: تعالوا فليحتج المحتجّ منكم 
عمن شاء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالرخصة:» فإن لم نبيّن 
الرد عليه عن ذلك الرجل بشدة صحَّت عنه» فاحتجوا. 


.)0592()1١( 
تحت الفصل الأول من المسألة الثامنة من كتاب الاجتهاد.‎ ١7:5 )0( 





الالتزام بمنهيج جماهير علماء الإسلام /ا0 7 


فما جاؤوا عن واحد برخصة إلا جئناهم بشدة» فلما لم يبق في أحد 
منهم إلا عبد الله بن مسعود ‏ وليس احتجاجهم عنه في رخصة النبيذ بشيء 
يصح عنه -» قال ابن المبارك: فقلت للمحتج عنه في الرخصة: يا أحمق» 
غك أن ابن تسوه لو كان هاهنا خالا ققال: بهو لك خلال :وما وضفنا 
عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشدة» كان ينبغي لك أن 
تحذرء أو تحيّرء أو تخشى!! فقال قائلهم: يا أبا عبد الرحمن» فالنخعي 
والشعبي - وسمى عدّة منهم ‏ كانوا يشربون الحرام؟ فقلت لهم: دعوا عند 
الاحتجاج تسمية الرجال» فربٌ رجل في الإسلام مناقبه كذا وكذا» وعسى 
أن يكون منه زلة» أَكَلؤْحدٍ أن يحتج بهذا؟ فإن أبيتم فما قولكم في عطاءء 
وطاوس» وجابر بن زيد» وسعيد بن جبيرء وعكرمة؟! قالوا: كانوا 
خياراً» قال: فقلت: فما قولكم في الدرهم بالدرهمين يدأ بيد؟! فقالوا: 
حرام» فقال ابن المبارك: فإن هؤلاء رأوه حلالاً» فماتوا وهم يأكلون 
الحرام؟! فبقوا ‏ أي: سكتوا حائرين ‏ وانقطعت حجتهم). 

قال الشاطبي: والحقّ ما قال ابن المبارك. 

وأسند البيهقي''' إلى الإمام الأوزاعي أنه قال: «يجتنب - أو يترك - 
من قول أهل العراق خمس» ومن قول أهل الحجاز خمس..» وذكرها. 

وقال أبو بكر الآجُريُ””": «فإن احتجّ محتجج في الرخصة في اللعب 
بالشّطرنج فقال: قد لعب بها قوم ممن يشار إليهم بالعلم؟ قيل له: هذا 


(١)فى‏ «ستنه الكبرى» .5١١:1١١‏ 
(؟) في «تحريم النّرد والشُطْرتج والملاهي» صفحة .17١‏ 


م الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 


5 1 و ا بض 3 
أي: هذا الاحتجاج ‏ قول من يتبع هواه ويترك العلم» فليس ينبغى إذا زل 
بعض من يُشار إليهم زلة أن يُتبِع على رَلَّلهء هذا قد تُهينا عنه» وقد خيف 
علينا من زلل العلماء». 

ثم اسك إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه من قوله: اثلاث 
مُضلات: أئمة مُضلة» وجدال منافق بالقرآن» وزْلَّة عالم». 

بل لقد قال أبو علي الكرابيسي الإمام في علم الكلام والحديث 
والفقه» بعد أن حكى أقوالا شاذة لبعض السلف: «فإن قال قائل: هؤلاء 
من أهل العلم! قيل له: إنما يهدم الإسلامٌ زلة عالم» ولا يهدمه زلة ألف 
١ 0000‏ 

ولقد صدق والله 0 لكوم فيما إذا انتصر لهذه الزلة بجهل وو 
دن كلت عن الصيواب والجوا» “وها سواها مقتطا وياظ| يناما ذا مريت 
بإهمالها أو بالرد عليها: فلا. 

وقال ابن عبد البر في «الجامع»”'' : (شيه: التحكماء َل العالم بانكسار 
السفينة» لأنها إذا غرقت غرق معها خلق كثير». 

فإن قلق :اقم غلانة كون هذا القول وله وحفوة: 

000 ل 0 000 : : 1 

قلت: روى أبو داود وغيره خبرا عن معاذ بن جبل رضي الله عنه هو 

(0) «طبقات الشافعية الكبرى» اليك 2 7 . 

(141/60-9) وأسيد الخطيب فى #آداب الققيه والمتفقه» (545): هذا النشبيه 
إلى عبد الله بن المعتز. 


هرق سنن لق داود» كتاب السنة 06: ١85‏ (2))5095 و«تاريخ» يعقوب بن 





الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 0 


من أصدق القول وأحكمه: قال يزيد بن عميرة أحد سادات التابعين ومن 
خاصة أصحاب معاذ: كان معاذ «يقول كلما جلس مجلس ذكر: الله حكم 
عدل. فقال يوماً في مجلس جلّسه : وراءكم فتر يكثر فيها الفال ويفتح 
فيها القرآنء حتى يأخدّه المؤمرخ والمنافق» والحرٌ والعبدء والرجل 
واقر ا و كيين :لقو 1 روفاك :قاقر أن فول انها انان لا 
يتّبعوني وقد قرأت القرآن؟ والله ما هم بمتّبعي حتى أبتدع لهم غيره!. 

«فإياكم وما ابتّدَع» فإن ما ابتّدَع ضلالة» واحذروا رَيَْةَ الحكيم» فإن 
الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على فم الحكيم» وقد يقول المنافق كلمة 
البق 

«قالب يزية بن عميرة جه فلك 'ل4:..وما ناريت د يرتيك: الله د أن 
الحكيم يقول كلمة الضلالة» وأن المنافق يقول كلمة الحق؟. 

قال معاذ : اجتنب من كلام الحكيم المشتبهات التي تقول: ما هذه؟ 
ولا يدينك ذلك منهء فإنه لعله أن يراجع ويّلقئ الحق إذا سمعه. فإن على 
الحق نوراً». 


سفيان 7: "7١‏ ومن طريقه البيهقئ »55١ :٠١‏ و«المدخل» له ص 455» والحاكم 
4 46 (8477)» وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي» ثم في 555:54 (85140) 
من وجه آخر وصححه على شرط مسلمء وسكت عنه الذهبي حسب المطبوع» وهو 
في «جامع بيان العلم» ‏ الموضع السابق -. 

وانظر مثالاً على زلة الحكيم في «مسند الشاميين» 7: “" 2)١547(‏ ونحوه 
فج ينقون ب اا ا 


2200 انظر خبر ابن عباس وعمر رضي الله عنهم المتقدم ص .7١5‏ 


وم الالتزام بمنوج جماهير علماء الإسلام 


قال البيهقي : «فأخبر معاذ بن جبل ري الحكيم لا تُوجب 
الإعراض عنه» ولكن يترك من قوله ما فقوو فإن على الحق 
نوراً. يعني - والله أعلم - دلالة من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس على 
بعض هذا». 

فبّه رضي الله عنه إلى طائفة مارقة من الإسلام تبتدع مبادى> خارجة 
لم1 ل ظانطة مالمدة فعا يمان ووعكدة وذو فنا لد 
والهفوة» فلا يجوز للمتنطّع أن يُلحق يلحق هذه بتلك» بل يلزمٌ هذه الطائفة فيما 
هي عليه من هدي وخيرء ود مالم ها عن خاار طاو 

ودلّنا على علامة مَفُوتها: أنها كدرة عكرة» ليس عليها صفاءٌ الحق 
ونّصاعته» وسماها «مشتبهات» تستنكرٌ بفطرتك أن تكون من الحق الناصع 
الخالص فتقول: «ما هذه؟!)”"'. 

أما الحقّ الخالص فإن عليه نوراً ودليلاً يؤيده. والله أعلم. 

وللإمام ابن القيم رحمه الله تعالى كلام نفيس في هذا الصدد' تكلم 
فيه على لزوم تجنّب زَلآت العلماء؛ أنقل منه أولهء فقد شرّح فيه المواعمة 
بين لزوم طريق الأئمة» وتجنّب ما لا يؤخذ به من أقوالهم» فقال: "لا بد 
من أمرين: أحدّهما أعظم من الآخرء وهو النصيحة لله ولرسوله وكتابه 
ودينه» وتنزيهه عن الأقوال الباطلة المناقضة لما بَعَتْ الله به رسوله من 


)ايالخل ووانة الو غود الى حلى, اطامنيوة" زمابنار )4 لمارا لوكي له 
الحكيم؟ قال: هي الكلمة تروعكم وتكرونها وتقولون: ما هذه؟». 
(؟) في «إعلام الموقعين» ": 595 فما بعدها. 





الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام ٠‏ ل 


الثاني : 10 فضل أئمة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم وتراتهم» 
وأن فضلّهم وعلمّهم ونُصحهم لله ورسوله لا يوجب ول 2 جا فاليف 
وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول 
يك فقالوا بمبلغ علمهمء والحقّ في خلافها: لا يوجب اطَراحَ أقوالهم 

عي 4ن ووو لو فم كيني ونان لرانانة يعارو ان عق افيد روفي 
اسن عي ان برج ل لم ريل كان ماك اندي ليد 
قبلهم من الصحابة»... ولا منافاة بين هذين الأمرين لمن شرَّح الله صدره 
للإسلام» وإنما يتنافيان عند أحد رجلين: جاهل بحقيقة الشريعة التي بَعَتْ 
بها رسولّه» ومن له علم بالشرع والواقع يعلم قطعاً أن الرجل الجليل الذي 
له في الإسلام قَدَمٌ صالح وآثار حسنة» وهو من الإسلام وأهله بمكان: قد 
تكون منه الهفوة والرّلة هو فيها معذورء بل ومأجور لاجتهاده» فلا يجوز 
أن يتّبع فيهاء ولا يجوز أن تُهْدَر مكانته وإمامته ومنزلته من قلوب 
المسلمين» إلى آخر كلامه النفيس. 

وإنما أطلت في بيان هذه الملاحظة لكشف عُوارٍ من يرقع واقعّه» أو 
واقع الناس وسلوكهم بآراء شاذة» أو أقوال ضعيفةء أو آراء فردية 
لأصحابهاء خالفوا فيها جماهير أئمة العلماء من عصر الصحابة فمن 
بعدهم على توالي القرون. 

فخشية أن يحتج مولكه العكداذ الع سوك لديا بالدوف يآ آراء 
علمائنا مستَّمّدة من الكتاب والسنة» ولها مكانتها واعتبارهاء أطلتُ في 
بيان أنه قد تفرط لبعضهم نوادر وخنوات» له يعور ولنيها اعد يها 


ا الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 


والله الهادي إلى الحق بإذنه. 

وعلى ضوء هذا التفسير ‏ أو التخصيص - نفسّر قول الإمام سفيان 
الثوري رحمه الله تعالى: «إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف 
فيه وأنت ترى غيره: فلا تنهه). 

أي: إذا كان الاختلاف فيه سائغاً معتبرء ومن المشهور على ألسنة 
العلماء فول القاكا ‏ 

فليس كل خلاف جاء معتيّراً إلا تاذ لد 00 

أما: الخلاق الثادز الشاد فلا يصح السكوت على فاعله أو قائله. وقد 
تقدم في كلام الإمام ابن حزم'"' أمثلة على الأقوال النادرة الشاذة - وإن 
كان هو قد ساقها للردٌ على من يجعل الاختلاف رحمة -. 

بل إن بيان خطأ هذا الخلاف والمخالف واجبٌ ومعدودٌ من النصح 
لله وكتابه ورسوله وعامة المسلمين. 

قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في كتابه النافع المبارك «جامع العلوم 
والحكم»”" : «(ومن ن أنواع النْصح لله تعالى وكتابه ورسوله وفوا مر 


)١(‏ البيت للإمام أبي الحسن ابن الحّصار المالكي» المتوقّى سنة 71١‏ رحمه 
الاق رهن اخ واد قصيدة لدو انباتها انان وفشور و يا :5ق الشرر الذكية 
والمدنيّة والمختلف فيهاء وهى بتمامها فى «الإتقان» للسيوطى رحمه الله :١‏ 40. 

(0) صفحة ١77‏ من «أدب الاختلاف). 

(0 :7755-77 من شرح الحديث السابع. 











الالتزام بمنهيج جماهير علماء الإسلام اركين 


المي" رود الأعراء المقيلة را كنات والسقه يان الامنا ان ينا 
يخالف الأهواء كلهاء وكذلك رد الأقوال الضعيفة من زلات العلماءء 
يان لال الكقات والسة على ركع 

وقال الاي «والمذكر الذي يجب إنكاره ما كان 0 عليه» فأما 
التختلن "فيه :فمن امتحابنا من قال لا يجت إكازة-على مه .قعله 
مجتهداء أو مقلدا لمجتهد تقليدا ا استثنى القاضي في «الأحكام 
السلطانية»”" ما ضعف فيه الخلاف إن كان ذريعة إلى محظور متّفق عليه: 
كالرباء وكنكاح المتعةع فإنه ري إلى الزنا..» والمنصوص عن وميد 
الإنكار على اللاعب بالشطرنج». وتأوّله القاضي على من لعب بها بغير 
اجتهاد أو تقليد سائغ..). 

فما ضّعف فيه الخلاف لدلالة النصوص على رده: ملحّق بشواذ 
العلماء ونوادرهم أيضاً. والله أعلم. 


ناكد جدااء امنا لق هيا تقد "تلد هاه قياف لفق والسرور نمه 
والتحذير من المنكر والأهواء المضلَّة وظيفة العلماء وواجبهم» ولا يجوز لغيرهم أن 
يتطاول إلى هذا المقام؛ وما أكثر هؤلاء المتطاولين الذين يجعلون أنفسهم أوصياء 
على دين الله وشرعه!! ومن الأخطاء الدارجة على ألسن الناس في هذه المناسبة 
قولهم: ليس في الإسلام رجال دين أو كهنوت» يريدون أن الكلام في الدين من حقّ 
كل مسلم» وهذا حق» لكنه سيق مساقا نخاطيا. 

اا 

() لأبي يعلى الفراء ص/591. 


ع الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 


وَعَقَد الإمام الشناطبي. رمه الله تعالى7" المسألة العامثة ليبان سبب زلة 
العالم» وتَقَل حديث عمرء ومعاذء وكلمة سليمان التيمي» ثم قال”"' : 
«فصل : .. إن زلَّة العالم لا يصح اعتمادها من جهة» ولا الأخذّ بها تقليداً 
له» وذلك لأنها موضوعة ‏ أي: معتبرة منا .- على المخالفة للشرعء 
ولذلك عدت زلةَ» وإلا فلو كانت معتّداً بها لم يُجِعَل لها هذه الرتبة» ولا 
تُسب إلى صاحبها الزلل فيهاء كما أنه لا ينبغي أن يُنْسّبّ صاحبها إلى 
التقصير» ولا أن يَشَنّمَ عليه بهاء ولا يشتقص من أعلياة أن عمد قة 
الإقدامٌ على المخالفة بحتاًء فإن هذا كلّه خلاف ما تقتضي رتبب في الدين. 

«فصل: ولا يصحٌ اعتمادُها - أي : الزلّة - خلافاً في المسائل 
الشرعية» لأنها لم تصدر في الحقيقة عن اجتهادء ولا هي من مسائل 
الاجتهاد» وإن حَصّل من صاحبها فهو لم يُصادف فيها محلء فصارت في 
نسبتها إلى الشرع كأقوال غير المجتهدء وإنما يُعدُ في الخلاف الأقوال 
الصادرة عن أدلة معتبرة في الشريعة» كانت مما يَقوَى أو يَضْعف. . 

فإن قبل: فهل لغير المجتهد من المتفقهين في ذلك أي: في تمييز ما 
كان خلافاً معتبراً مما هو غير معتبر - ضابط يعتمده أم لا؟. 

فالجواب: أن له ضابطاً تقريبيآء وهو أن ما كان معدوداً في الأقوال 
غلطاً وزكلاً قليل جداً في الشريعة» وغالبُ الأمر أن أصحابها منفردون 
بهاء قلَّما يُساعدهم عليها مجتهد آخرء فإذا انفرد صاحبُ قول عن عامة 


.1١58 :5 فى «الموافقات»)‎ )١( 
:علا "لال‎ )9( 











الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام كم 


الأمة فليكن اعتقاذك أن الحقّ مع السواد الأعظم من المجتهدين» لا من 
المعلدين. 

وأنت ترى أن هذا الكلام وكلام ابن القيم وابن رجب من مشكاة 
واحدة» وحول معنى واحد. رحمهم الله تعالى. 

ومن مهام الشيخ المعلّم: أن يُتَشء طلابه على هذه الخصال العلمية 
الجزئية في ذاتهاء الكبيرة الآثر في مستقبلها. 

وليحذر الطالب أن يَتَجِوَه عليه متجوه ويقول له عن هذا القول الشاذ: 
اله قوق انق غتانى هو الأنة 4 أن هذا اقول" ابن عمو روني كواقاعة 
معروف» أو هذا قول سعيد بن المسيب إمام التابعين» أو هذا قول شريح 
أعظم قضاة المسلمين» وما شاكل هذا!. 

فإنه إن قال لنا هذاء قلنا له: وأين أنت عن عشرات من الصحابة» 
ومئات من التابعين» ومئات ومئات أمثالهم من أتباع التابعين» وآلاف 
مؤلفة من العلماء بعدهم» انصرفوا عن هذا القول» وتركوه» وفيهم من 
الجلالة في العلم والدين أمثال ما تذكره ممن تتمسك بقوله وشذوذه. وهو 
مأجور لاجتهاده» ولكنك مأزور لتشهّيك وترخّصك!. 


عد واه واه كاه كاه 
2 2 5 


8 إقرار عل كل ند على هماهم عليه امن العلم والعمل 


المَعْلّم العاشر 
إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 


ومن مهمات الشيخ الحكيم أن يورّث أصحابه الحكمة في تعاملهم مع 
الناس أهل بلدهمء سواء في تلقينهم العلم في دروسهم الخاصة» 3 
مجالس وعظهم العامة» وسواء فى فتاويهم وأقضيتهم , فإنه يتركهم ما 
داموا على خير وعمل صالح» يتفق مع توجه إسلامي معتبر عند جمهرة 
غلماء المسلمين» وح ل ال حر و 0 
أو حكم غير ما هم عليه» وإن كانوا ينقلونهم في فتاويهم وأقضيتهم إلى 
أحكام يرونها أرجح مما كانوا عليه. 
منفتح على المذاهب» ثم يرجع هذا الطالب إلى بلده» وأهله على مذهب 
واخين من المذاهيم. لا يغرف إلا مذهباً واحدأء فيقع في التشويش على 
أهل بلده» ولا يسلك معهم طريق التعقّل» فيكون طلبُ العلم وبالاً عليه 
وعلى أهل بلده! يضَلَّلهِم ويضذّلونه!. 

وقولي: إن عليه أن يتركهم على ما هم عليهء ما داموا على خيرء 
ويتفق مع توجه إسلامي معتبر: قولي هذا ليس بدعا في الدين» ولا رقة في 
التمسّك» ولا...» بل هو ما عليه هدي السلف الصالح. وقد كتبت في هذا 
المعنى عدة صفحات في «أدب الاختلاف»» أنقل منها ما هو واضح في 





إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل ا 
٠‏ إللف 
هذا المعنى . 


وأخص بالنقل موقف إمامين مجتهدين» كان لهما موقف حميد إزاء 
حمل الناس على اجتهاد واحد. 

أما الأول : روى الدارمي في «سئنه»”": أن حميداً الطويل قال للخليفة 
الراشد عمر بن عبد العزيز: «لو جمعت الناس على شيء! فقال: ما يسرني 
أنهم لم يختلفوا. قال: ثم كتب إلى الآفاق ‏ أو إلى الأمصار -: ليقضٍ كل 
قوم بما اجتمع عليه فقهاؤهم). 

وروى أبو زرعة الدمشقي م از يم ام ا قدي 
المحاربي التابعي الثقة القاضي بدمشق أنه قال: «أراد عمر بن عبد العزيز 
أن يجعل أحكام الناس والأجناد حكماً واحداء ثم قال: إنه قد كان في كل 
مصر من أمصار المسلمين وجند من أجناده ناس من أصحاب رسول الله 
يِه وكانت فيهم قضاة قَضَوا بأقضية أجارّها أصحاب رسول الله كك 
ورضوا بهاء وأمضاها أهل المصرء العام متي قم عار كاتا له 
مو ذلك فر قا عمجا كان أرادمه “ركان روما سود ا علق أن لا يد رمه 
واقع الأمة شيئاً مألوفاً عندهمء ما دام على وجهة شرعية. وانتظر خبره 
الدال على ذلكء» الآتي قريباً تعليقاً. 


وأما الموقف الثاني : فهو موقف الإمام مالك من مثيل هذه الفكرة 
)١(‏ من صفحة 59 فما بعدها. 


(؟) باب اختلاف الفقهاء .١6١ :١‏ 


(*) من «تاريخ أبي زرعة الدمشقي»2 .7١7 :١‏ 


0 إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 


والخاطرة» لما عرض عليه حمل الناس على «موطتئه». وتعددت الروايات فى 
من عرض عليه هذا الأمرء وفي أجوبته لهم» ولكنها كلها تدور حول محور 
واحد: رَفضه حمل الناس على مذهب واحد» حباً في التوسعة عليهم. 

قال ابن أبي حاتو”'': «قال مالك: ثم قال لي - أبو جعفر المنصور -: 
قد أردت أن أجعل هذا العلم علماً واحداء فأكتب به إلى أمراء الأجناد 
وإلى القضاة فيعملون به» فمن خالف ضربت عنقه!. فقلت له: يا أمير 
المؤمنين أو غير ذلك. قلت: إن النبى كَلةِ كان فى هذه الأمة» وكان يبعث 
السراياء وكان يخرج» فلم يفتح من البلاد كثيراً حتى قبضه الله عز وجل» 
ثم قام أبو بكر رضي الله عنه بعده فلم يفتح من البلاد كثيراء ثم قام عمر 
رضى الله عنه بعدهما ففتحت البلاد على يديه» فلم يجد بدا من أن يبعت 
أفيضات دود كله بعلي فلم يزل يُوخَل غتهم_كابراً غن كابن؛ إلى 

و + اه 0 

يومهم هذاء فإن ذهبت تحولهم مما يعرفون إلى ما لا يعرفون رأوا ذلك 
كفراً ”"'» ولكن أقرَ أهل كل بلدة على ما فيها من العلمء خخذ هذا العلم 


.59 «تقدمة الجرح والتعديل» ص‎ )١( 

(؟) هذا كان في عصر التابعين وأتباعهم» فما الفرق بينه وبين التزام المسلمين 
بعدهم مذهباً يتعبّدون الله تعالى على وفقه» ويتمسّكون به دون بغضاء ولا إثارة 
فتن؟!. وهذا المعنى الذي يشير إليه الإمام مالك هناء وفي الخبر الآتي هو الذي كان 
عمر بن عبد العزيز يتحاشاه» ما دام الناس على شرع ودليل. 

فقد جاء في كتاب الليث بن سعد إلى مالك رضي الله عنهما - وهو كتاب 
مشهور- ما نصه: «ومن ذلك: القضاء بشهادة شاهد ويمين صاحب الحق» وقد 
مدت لطي البانلق لهك دل لخدي بالقينة. وده ركه يتك كه اصيفانة 





إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 5565 


لنفسك. فقال لى: ما أبعدت القول» اكتب هذا العلم لمحمد)». يعنى ولده 
المهديً الخليفة من بعده. 


وفى رواية ابن سعد في «القسم المتمم)"'' عن شيخه الواقدي - وهو 
كما قال الذهبي”': «وإن كان لا نزاع في ضعفه فهو صادق اللسان كبير 
القدر» ‏ قال الواقدي: «سمعت مالك بن أنس يقول: لما حج أبو جعفر 
المنصورٌ دعاني فدخلت عليه فحادثتهء وسألني فأجبته فقال: إني قد 


2 


عزمت أن آمْرَ بكتبك هذه التى وضعتها ‏ يعنى: «الموطأ»”" - فتنسخ 


رسول الله كله بالشام» ولا بحمصء ولا بمصرء ولا بالعراق» ولم يكتب به إليهم 
الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي. ٠‏ 

ثم ولي عمر بن عبد العزيز - وكان كما قد علمت في إحياء السَّّن والجلاً في 
إقامة الدين والإصابة في الرأي» والعلم بما مضى من أمر الناس - فكتب إليه رزَّيقَ بن 
حُكَيم: إنك كنت تقضي بالمدينة بشهادة الشاهد الواحد ويمين صاحب الحق» فكتب 
إليه عمر بن عبد العزيز: إنا كنا نقضي بذلك بالمدينة» فوجدنا أهل الشام على غير 
ذلك» فلا نقضي إلا بشهادة رجلين عدلين» أو رجل وامرأتين». انظر هذا في (إعلام 
الموقعين» : /91 لابن القيم رحمه الله تعالى. 

وانظر كلام ابن عبد البر في «التمهيد» ٠١ :١‏ في سبب اختياره لرواية يحبى 
الليثئي ليشرحها دون غيرها من الروايات. وسيأتي نقله ص ”7/ا. 

.6١ «طبقات ابن سعد) ص١٠ 5 5» و«الانتقاء) ص‎ )١( 

(؟) «السَيّر» /ا: .١57‏ 

(*) ينظر هذا التفسير ممن هوء فإن أبا جعفر توفي قبل فراغ مالك من تأليف 
«الموطأ» كما في «ترتيب المدارك» :١‏ 717 أو يقال: أراد أبواب «الموطأ» التي فرغ 
منها. وهو واضح من النصء وانظر التعليق على «الانتقاء». 





6ن إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 


نسخاأء ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها بنسخة» وآمرهم 
أن يعملوا بما فيها لا يتعدوه إلى غيره»؛ ويَّدّعوا ما سوى ذلك من هذا 
العلم المحدّث, فإني رأيت أصل العلم رواية المدينة وعلمهم. 

قال: فقلت: يا أمير المؤمنين» لا تفعل هذاء لإنناا ع المت ميم 
أقاويل» وسمعوا أحاديث» وروا دوايات» وأخذ كل قوم بما سبق إل 
وعملوا بهء وذانوا بين عارك الناسن اوعيرهم: وإنّ ردّهم عما اعتقدوه 
شديد» فدع الناسَّ وما هم عليه» وما اختار كل أهل بلد منهم لأنفسهم. 


فقال: لَعَمْري لو طاوّعتني على ذلك لأمرت به). 


وفي رواية الرؤزير ين يكاز" : أن مالكا قال لاي جعفر: «قل رسخ في 


قلوب أهل كل بلد ما اعتقدوه وعملوا به» وَرَدُ العامة عن مثل هذا عسير). 
والكلن تعلرى الحلامة لكر قر :ربلمهة انمالك 

وفي "ترتيب المدارك»”'"': أن الخليفة المهدي قال للإمام مالك: «ضَعْ 
يا أبا' عبد الت كناياً أحمل الأمة عليه» فقال له مالك: أما هذا الصفع 
ريغتي المتقزب عافد كفيتةه وأما الشام: ففيه الأوزاعي» وأما أهل 
العراق فهم أهل العراق». وكان قد انتشر أصحابه في المغرب» فلذا قال 
له: : قد كفيته وأما أهل الشام: ففيهم إمام مجنهد رضى» فلا ينبغي أن 

ام بل يقر أهل بلده على التمذهب له. 


(0) نقلها ابن عبد البر فى «الانتقاء)؛ ص .8١‏ 
»2١8:165(‏ ومثله في «سيّر أعلام النبلاء» 8: 8/,. 








إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 6ن 
لخطة ف لص انهو الوروك اموه ل ا ا ا 1ت 


وفي «الحلية»''": «شاورني الرشيد في ثلاثة - فذكرها ‏ ومنها: أن 
يعلّقَ «الموطأ» ويحملّ الناس على ما فيه؛ فقال له: إن أصحاب رسول الله 

يه اختلفوا في الفروع» وتفرّقوا في الآفاق» 0 

وفي «الرواة عن مالك» للخطيب: قال الرشيد: «يا أبا عبد الله» نكتب 
هذه الكنب: ونيا في آفاق الإسلام لنحمل عليها الأمة! قال مالك: يا 
أمين الموشيق» إن لخادت العلماء لاا برام الأمةء رت 
ما صح عنده» كر غلك فدق: وكل بينم" 

وفي «التعية» ”17+ الأسال الحامون تقالك بر اتتؤوع قال لد تعال ههناه 
فإني عزمت أن أحمل الناس على «الموطأ» كما حَمّل عثمان الناس على 
القركق»قتال "لدة نا نك إلى ذللع سيل :ؤذلك: أذ أصهات الننى: كله 
افترقوا بعده في الأمصار فحدئواء فعند كل أهل مصر علم». 

لكن قال عياض”': «لم يدرك مالك أيام المأمون» توفي قبلهاء 


.,”"575:56051( 

(9) ولفظه عند السيوطي في «جزيل المواهب»: «وكل مصيب). وقال الذهبي 
في «السير) 48: (إسناد حسن» لكن لعل الراوي وهم في قوله: هارون». قلت: 
لعل صوابه: المهدي» فنحو هذه القصة في «ترتيب المدارك» 56٠١ :١‏ عن المهدي. 
على أن ابن تيمية قد ذكر هذه القصة في موضعين على أنها بين مالك والرشيد» انظر 
المجموع الفتاوى» :"١‏ 4لاء و«الفتاوى الكبرى») 8: .١18‏ 

(©) «كشف الخفاء» للعجلوني ١:ه9"”(5١).‏ 

.1731١:565( 

(6) في «ترتيب المدارك» :١‏ 137 7. 


0 إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 


وذكر المأمون هنا وَهم). قال ذلك في نقد خبر آخرء وصحّح أنه 
الرشيد لا المأمون» فلعله يقال في الخبر الذي نحن بصدده ما قيل في 
ذا على" أنه ولا مانع من تكرار الطلب عليه من أبي جعفر وولده 
المهدي. ثم الرشيد. ٠‏ 

والقددر المشترك في الروايات كلّها: إقرارٌ الإمام مالك اختلافَ 
الصحابة والأمة من بعدهم على ما اختلفوا فيه» ورفضّه حمل الناس 
على مذهب واحد. وانظر قوله في رواية الخطيب: (إن اختلاف العلماء 
رحمة من الله على هذه الأمة». وقوله فى رواية #الحلةة وك عند قي 
مصيب). ْ 

وقيه: أبشيا؛ احترامه لآراء الأئمة الآخرين» مع أنه إمام مجتهدء ما 
يقول ما يقول إلا بعد بذل الجهدء واستفراغ الوسع. وتَرَجّح أنه هو 
الصواب لا غيره» ومع ذلك أقر المخالفين وأتباعهم على ما هم عليه» وما 
رضي بحمل الخليفة لهم على قوله ومذهبه. 

وفيه أيضاً تنبيه إلى أدب من آداب العلماء: هو ترك الناس على ما هم 
عليه ما داموا على صواب ووجه شرعي» وعدم تشويش واقعهم عليهم. 
انظر إلى قول الإمام مالك الذي رواه ابن أبي حاتم: «إن ذهبت تُحولهم 
مما يعرفون إلى ما لا يعرفون رأوا ذلك كفراً»!! مع أن الخليفة سيحولهم 
إلى ما رواه ودوّنه هو نفسه في «موطته). أعني: إلى ما هو أرجح في نظره 
وأصوب!. 

وهذا التشدد من العامة لم يُرزعج خاطر مالك ولم يره ضلالاً» ولا أنه 
ينبغي مقاومتهم وقهرهم على إقلاعهم عنه» ولا... ولا... بل لم يصفهم 





إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل رفس 
وك لد اه اللاو الكل ا 9 اجا 1 111 


ب: التعصب» والتقليد الأعمى» وما شاكل هذا النبز بالألقاب» الذي صكٌ 
آذاننا في هذه الأيام من كثرة كار التكلمية والعاميي ل" 

ولقد ورث هذا الأدب عن الإمام مالك ترك الناس على ما هم عليه 
ما داموا على صواب - ورثه عنه رجال مذهبه الأبرار. ومما وقفت عليه في 
هذا الصدد: ما حكاه الإمام ابن عبد البر في «الاستذكار»"'': أن شيخه «أبا 
عمر أحمد بن عبد الله كذاء وصوابه: عبد الملك ‏ بن هاشم كان يقول: 
كان أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم يرفع يديه كلما خفض ورفع» على 
حديث ابن عمر في «الموطأ»» وكان أفضل من رأيت وأفقههم وأصحّهم 
علماً. فقلت - القائل ابن عبد البر -: لم لا ترفع فنقتديّ بك؟ قال: لا 
أغالف ؛وؤاية ابن الفاسه» لأن الجماعة عندنا اليوم عليهاء ومخالفة 
الجماعة فيما قد أبيح لنا: ليست من شيّم الآئمة). 

وقال ابن عبد البر ا قن «التمهيد»!" : «إنما اعتمدت على رواية 
يحيى بن يحيى - المذكورة - خخاصة لموضعه عند “أهل بلدنا من الثقة 
والدين والفضل والعلم والفهم» ولكثرة استعمالهم لروايته» وراثة عن 
شيوخهم وعلمائهم..» فكل قوم ينبغي لهم امتثال طريق سلفهم فيما سبق 
إليهم من الخيرء وسلوكٌ منهاجهم فيما احتملوه عليه من البرء وإن كان 


)١(‏ انظر لزاماً التعليق على ص١١‏ - ١١5‏ من «أثر الحديث الشريف» من أجل 
معنى التعصب وحكمه. 

(؟) 5:؟6٠١.‏ 

ل١١1١‎ 5 


0 إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 
غيره مباحاً مرغوباً فيه». 

بل لقد قال الإمام ابن تيمية رحمه الله" فيما يقرب من هذه المناسبة 
وأعم منها: «يستحب للرجل أن يقصد إلى تأليف القلوب بترك هذه 
المستحبات» لأن مصلحة التأليف في الدين أعظم من مصلحة فعل مثل 
هذا». وسيأتي تمام كلامه. 

فانظر وتأمل هذا الواقع المبارك الهادى"؛ وانظر وتأمل ما نحن فيه من 
واقع يح حا بالفوضى المؤلمة! وتذكّر صنيع من يداعي الانتساب إلى 
هذا السلف الصالح حينما قاموا بطباعة ترجمة الإمام الأعظم أبي حنيفة 
رضي الله عنه من ”تاريخ بغداد». تلك الترجمة الظالمة المظلمة» وفي 
حينها طبعوا أيضاً فصلاً وحيداً من امصنف ابن أبي شيبة»» ذلك الديوان 
العظيم لفقه السلف. تخيروا منه الفصل الذي ذكر فيه ١75‏ مسألة خالف 
فيها - في رأيه واجتهاده ‏ الإمام أبو حنيفة السنة» وعَنُوته ب: كتاب الرد 
على أبي حنيفة”". 

طبعوا هذه الترجمة وهذا الفصل» ونشروهما بلا ثمن في بلاد الهند 
- على طولها وعرضها -» يوم عائع لهند لا شرف زرا الديتُونة لله تعالى 
بمذهب الإمام أن حنيفة ! !. 


وبعد هذا أعود إلى ما كنت فيه» فأقول: إن إقرار الأئمة لمخالفة 


.5001- 505:71 في «مجموع الفتاوى)‎ )١( 
وانظر لزاماً المقدمة التي كتبتُّها للمجلد العشرين من «مصنف» ابن أبى شيبة‎ )7( 
بتحقيقى » والحمد لله.‎ 





إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 5 
وى و ل ا 11 


غيرهم لهم في اجتهاداتهم كما رأيناه عند الإمام مالك : أمر مستفيض 
عنهم» وهذا قول إمام مجتهد آخر يزيد هذا المعنى تأكيداً. 

ففي «آداب الفقيه والمتفقه»"'' للخطيب» عن الإمام سفيان الثوري 
رضي الله عنه أنه قال: «إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي قد اختلف فيه 
وأنت ترى غيره: فلا تَنْهَه). 

وقال أبو داود: سمعت أحمد وسئل عن الركعتين قبل المغرب؟ قال: 
أنا لا أفعلهء فإن فعله فلا بأس به. قال أبو داود: وقد سمعته قبل ذلك 
بزمان يستحسنه وا - 

وقريب منه قول إمام مجتهد آخرء هو قول الإمام أبي حنيفة رضي 
الله عنه» الذي رواه الخطيب””: «قولنا هذا رأي» وهو أحسن ما قدَّرنا 
عليه؛ فمن جاءنا بأحسن من قولناء فهو أولى بالصواب منا». بل في 
«الانتقاء)” من قوله رضي الله عنه: «هذا الذي نحن فيه رأي» لا نجبر 
نهدا غليه» ولا تقول : يجب على أحن قبوله بكراعية + 'فمن كان عتده 
شيء أحسن منه فليأت به». 


ومثله قول إمام مجتهد آخرء هو الإمام أحمد رضي الله عنه» ففي 


(1) ر ولاك اكل). 

(؟) «مسائل الإمام أحمد» الفقهية لأبي داود ص7/. 
(9) «تاريخ بغداد» 11: 5617. 

.١5١٠ ص‎ )4( 





00 إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 


(سيّر أعلام النبلاء»''': «قال أحمد: لم يعبّر الجسر إلى خراسان مثل 
إتساق» روزن كان علدنا في أشياء» فإن الناس لم يرل يخالفُ بعضهم 
بعضا). 

وم اخ كلنة اين المبارك - وهو من أثمة الاجتهاد -: «إني لأسمع 
الحديث فأكتبه» وما من رأبي أن أعمل بهء ولا أن أحدث به ولكن 
أتخذه عدة لبعضص أصحابي إن عمل به أقول: عمل بالحديث»”' فإنها 
تحمل المعنى الذي نحن فيه وتزيد على ما تقدم أنها منبثقة عن كرم نفس 
وطيب عنصر مع أصحابه» رضي الله عنه وأرضاه. 

وقال في «التمهيد)”": «قال الأوزاعي في الذي يقل امرأنه: إن جاء 
يسألني قلت: يتوضأء وإن لم يتوضاً لم أعب عليه!». والأوزاعي من الأئمة 
المجتهدين. 

وفي القع عن الأثرم قال: «سمعت أبا عبد الله - يعني : 
احيدديع كل تقول فيه تأزلء إن لا" رين أن رشا ملف اذ كاز 
لتأويله وجه في السنة». ش 

وقد جاء على هذا المسلك أتباعهم. وشرح حالهم يطول» وأجدني 


1١ (‏ ترجمة الإمام إسحاق بن راهويه. 

(؟) «الكفاية» للخطيب ص .45٠”‏ 

فرق 735١‏ » ونحوه في «الاستذكار) :١‏ 77. ولا: 5٠‏ من طبعة الدكتور 
قلعجي. 


.١ 39:١١ )8( 











إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل فض 
في غَنّية عن شرحه والإفاضة فيه. 

ولا يفوي يعد هذا أن انه إلى آمر مينم» هو: : أن على طالب العلم» 
بل على كل مسلمء حينما يعمل عملاً في صلاتهء وزكاته» وصومهء 
وعباداته كلهاء ومعاملاته كلهاء وفي كل تصرف يؤدّيه: أن يعرف حق الله 
والشرع فيه» فلا يُقدم على عمل إلا بعلم وتشرع» فلو قيل له: | إن أبا 
خيقة وحم اهبرق ذلك عمل :هذا التصلى مثلاً - بقول أبي حنيفة» 
أقول: عليه أن يعمل بهذا على أنه فهم أبي حنيفة ‏ مثلاً ‏ في هذا الحكم. 
أما شعوره القلبي فينبغي أن يكون مرتبطاً بسيدنا رسول الله صلى الله عليه 
وسلمء متنا بسنته. مهتدياً بهديه؛ مؤتمراً بأمره» منتهياً بنهيه. 

لكن لما كان جماهير المسلمين عاجزين عن استيعاب ما جاء عن 
النبي صلى الله عليه وسلم» وعاجزين عن الفهم لما جاء عنهء تواطأً 
المسلمون ‏ دون سابقة ولا تمهيد - على بروز أربعة مذاهب» تواضع 
العلماء على تحرير مذاهبهم وتدوينها وإفتاء الناس بما فيهاء». وصاروا 
يقولون: حنفي» شافعي» مالكي» حنبلي» والحق: أن المسلم محمدي في 
قدوته» وحنفي» شافعي».. في فهمه عن قدوته. 


ان ضرورة تحري الأخبار والأحكام الثابتة 


المَعْلّم الحادى عشر 
ضرورة تحري الأخبار والأحكام الثايتة 


ومن مهمات الشيخ وواجباته» في نفسه وفي أصحابه» بل هو من 
مهمات كل طالب وعالم: أن يتحرى الأخبار والأحكام القوية الثبوت» 
البعيدة عن المعاني التالفة» والغرائب المستنكرة» حتى لو أنه خرج عن 
دائرة الصحة» خرج عنها بعلم وعقل وحكمة» فمن الأخبار الضعيفة ما 
هو ضعيف بسنده المذكور المشار إليهء كقولك ‏ وأنت تروي على الناس 
حديثئاً ما -: رواه الدارقطني» لكنه قوي بشواهده من الكتاب الكريم والسنة 
النبوية الأخرىء» فهذا لا بأس بذكره» إن كان مناسباً للموقف الذي أنت 

كما يتحرى القوي من الأقوال في تفسير كتاب الله تعالى» والمعتّمّد 
من الأحكام الشرعية عامة: فقهية كانت أو غير فقهية» ولا يليق بالعالم أن 
يكون مصدر ما يستغرب ويستنكر في دين الله. 

وهذا من فوائد المشاركة في دراسة العلوم الشرعية» فإن دراسته لعلم 
مصطلح الحديث» وعلم أصول الفقهء تفتّح آفاق معرفته» وتنقح 
معلوماته» وتصحح أخباره» وتنوّر أفكاره» فإن في هذين العلمين ميزانا 
للمنقول وللمعقول. 

وكثير من أخبار الوعد والوعيد» والترغيب والترهيب» يعتمد عليها 


عاو 


ضرورة تحري الأخبار والأحكام الثابتة ا 


الوعاظ في مجالسهم العامة والخاصة» فإذا ما سئلوا أو سكل غيرهم عنهاء 
ظهر أنها ضعيفة تالفة أو موضوعة ساقطة» فيكون هذا السامع قد شحن 
أولاً شحنة إيمانية بما سمع» فإذا ما عرف النتيجة الحقة (المرة): أسقط في 
يده» وبردت شحتته الإيمانية» وفقد الثقة بهذا الواعظ. وقد ينسحب ذيل 
هذه الحقيقة على غيره وغيره» فلا تتحرك همته الإيمانية بعد حتى لو كان 
تا دوتيعة تريفهها. 

وعط وله" الفيدة قزر جند ا إذا جتا كات الحدية هن انه سيدنا 
رسول الله صلى الله عليه وسلم: من معجزات وخصائص» وفضائل» 
ودلائل نبوة» فإذا تبن للسامع ضعفها ووهاؤهاء ضعف منه ما كان قد 
قوي» حباً وشوقاًء وإعظاماً وإكباراً» للجناب المحمدي» وهذا موقف 
خطيرء ينبغي للعالم أن يَحذّرهء كما ينبغي للسامع أن يراقب قلبه وإيمانه» 
وليعلم أنه إن أساء فلان في هذا الموقف» بذكره هذه التوالف المنكرة» 
فإن إساءته لا تسحب على غيره» بل لا يجوز أن تتعدى حدود فلان 
وفلان» ومقام الجناب المحمدي محفوظ مكرم. 


ل ف لك ا 4 
6 5 لك 5ل 205 


ا تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 


المَعْلّم الثاني عشر 
تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 


ومن أهم مهام الشيخ العلمية نحو أصحابه: أن يدرجهم ويربَيّهم على 
خُلّقَ علمي لا بد منه» هو: مراجعة النقول من مصادرها الأصلية» فلو أن 
الشيخ كلف أحد طلابه بكتابة بحث أو تحقيق جزء ماء كان عليه أن يلزمه 
بتخريج نقوله كلها من مصادرها الأولئ. 

ولأضرب على ذلك مثلا : لو رأيت نقلاً عن «ميزان الاعتدال» للذهبي 
- ونحوه ‏ في توثيق رجل أو تجريحه» فعلي أن أرجع إلى مصادرهء 
فمثلا: رأيته ينقل توثيقه عن ابن معين وأحمد وأبي حاتم وأبي زرعة» 
فعلي أن أرجع إلى أقوالهم في كتبهم الأول ما دمت أجد إلى الوصول 
إليها سبيلاً» ولا أكتفي بالكتابة تعليقاً لرقم الجزء والصفحة ورقم الترجمة 
في «ميزان الاعتدال»» وأرئ أن هذا هو التحقيق المثالي» وقد قمنت بذ! 
لاء بل علي أن أعتبر هذه الكتب المتأخرة خزائن للعلم» دلق علق 
مصادره الأولى» وليست هي المصادر الأولى» كما يظنّه كثير من طلاب 
العلم اليوم. 

وكذلك هو اعتباري اليومٌ للبرامج الحاسوبية» إنما هي للدلالة على 
المصادر لا غير لا للاعتماد عليهاء وبناءِ النتائج العلمية عليها. 


وافتراضٌ آخر: نقل الإمام ابن حجر الهيتمي حكماً فقهياً عن الإمام 





تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 1 


النووي» فراجعته في «المجموع» فوجدتهء لكنه ينقله عن «البيان) 
للعمراني» فلا ينبغي لي أن أكتفي بالرجوع إلى «المجموع»؛ بل أرجع إلى 
«البيان»» فرجعت إليه ووجدته ينقله عن «مختصر» المزني» فعلي أن 
أرجع إلى «مختصر» المزني» وهكذا إلى أن أصل إلى المصدر الأول 
الال 

التثبت من صحة عزو النقول : 

ضما يقيقي أن ايه إليه كل باحيف #برزرة التعلق سما يتقله كل بعالم 
عن غير مذهبه»ء فحينما ينقل أبو بكر الجصاص الحنفي في كتابه أحكام 
القرآن» حكماً عن غير مذهبه: فلا بد من التثيّت من صحة هذا النقل من 
كتب المذهب نفسه. 

وهكذا يقال في نقل إِلكيا الهرآسي الشافعي في «أحكام القرآن» عن 
غير الشافعية» ويقال مثله في نقول أبي بكر ابن العربي المالكي. 

وهذه الملاحظة تنسحب على كتب العلوم كلها: الفقه والأصولء 
وشروح الحديثء وما إلى ذلك: لا بد من أخذ أحكام كل مذهب من كتبه 
الخاصة به» بل كان مشايخنا يؤكدون علينا تأكيداً آخر هو: أن يؤخذ حكم 
كل مسألة من كتب المذهب الخاصة» ومن الباب نفسهء فالحكم الذي 
يتصل بالصلاة يؤخذ من كتاب الصلاة» فلو جاء ذكره عَرَضاً في كتاب 
الحج» لا يؤخذ ويعتمد» بل قد يكون له قيد واحتراز يذكر في محله في 
كتاب الصلاة» فلا بد من الرجوع إليه هناك ليؤخذ ويعتمد عليه باطمئنان. 

وعلي في كل عمل» وكل بحث ومراجعة» أن أكتب على حاشية 
الكتاب الأول: رقم الجزء والصفحة من الكتاب الذي أراجعه» حتى إذا 


بذكن تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 
احتجت إليه ثانية أجد بغيتي دون عناء جديد. 

فإذا وجدت النص في مصدره المنقول عنه: أكون قد فرغت من 
المرحلة الأولى» وهي: صحة العزو. 

وأنتقل إلى المرحلة الثانية» وهي: مقابلة النص المنقول» بمصدره 
المنقول عنهء ذلك لأن أثمتنا رضي الله عنهم يختصرون في النقل» 
والاختصارٌ يوقع أحياناً في خلل في المعنى» فكما أنه لا بد من التأكد من 
صحة العزوء لا بد من التأكد من صحة المعنى المراد» ومحل الشاهد فيه. 

وإذا كان النص المطبوع الذي أقرؤه صحيحاً» فإني أحتمل وقوع خلل 
في المعنى» بسبب اختصار المؤلف للنص» أو تصرفه فيه» فكيف وأنا 
أمام عقبة كؤودء هي الأخطاء المطبعية التي لا تُحصى في الأكثر الأغلب 
حت في الكتب المحققة!!. 

ثم تأتي المرحلة الثالثة» وهي: فهمي واعتمادي لهذه النقول» 
وتقويمي لهاء وخبرتي السابقة» واعتماد الخلاصة ونقد ما لا أراه صواباً» 
وهذه مرحلة خطيرة» لا يقوم بها إلا من سلّده الله ووفقه» بعد سنين 
وسنين في العلم المتوارث عن الشيوخ» لا العلم المأخوذ من الصحف. 

هذا المنهج له معوقاته وله دوافعه : 

وهذا المنهج الذي ينبغي للعالم أن يقوم أصحابه عليه إذا وصلوا 
إليه: له معوقاته» وله دوافعه. 

أما معوقاته : فالتعب والجهدء واستهلاك الوقت والمال» فالطالب 
الباحث يبقى ساعات يبحث وراء الكلمة الواحدة الصحيحة» مع استعانته 








تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية ل رم 


بالبرامج الجديدة» وقد يصل إلى قول بات» وقد لا يصل» وهو بحاجة 
إلى أن يشتري كل كتاب يرئ ويتوقع أن يحل له مشكلته» أو أن يشتري 
عدة طبعات للكتاب الواحد» وقد يحمله الأمر على أن يرجع إلى بعض 
مخطوطاته؛ ليصل إلى ما يطمئنه. 

وأما دوافعه: فهي الثمرة العظيمة من تحقيق الحق والصواب في 
المسألة العلمية التي تنبني على هذه الكلمة أو الجملة» ولا سيما إذا كان 
الأمر متعلقاً بخطأ مطبعي فيه سقوط حرف النفي مثلاً: يصح» وصوابيه: لا 
يصحء ونحو ذلك. 

أو إثبات نسبة حديث شريف إلى مصدرء ليس في المطبوع منه» أو 
فيواذللك: 

ولأضرب مثالاً افتراضياً على ذلك: لي أنتي أردت أن أحقق رما 
صغيراً فيه مئة نقل» والتزمت تخريج هذه النقول من مصادرهاء فإن 
وجدت المئة كما هي: صحة عزوء وشاهدء فبها ونعمت»ء وأكون قد 
تتعابر اهو العلير السو شار كما بيه رقيف واحت المولك الما 
علي» وبواجب القارى” علي أيضاً: أني أفدثه صحة وثبوت ما يقرأً. 

وإن وجدت تسعة وتسعين نقلاً صحيحة العزو والاستشهادء ونقلاً 
واحداً فقط ليس كما ينبغي» فأكون قد قمت بواجب العلم والدين علي في 
التسعة والتسعين» وقمت بواجبهما علي في هذا الواحد أكثر وأكثر: أنني 
صححت ما حصل فيه وهم» وخدمت المؤلف الإمام بتصحيح ما وهم 
فيه» فيفرح بذلك وهو في عالم البرزخ إن شاء الله. 


32> تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 

من مهمات هذا التحقيق : 

ولا بد لي من التنبيه هنا إلى أمرين مهمين: 

أولهما : أن يكون هذا التنبيه والاستدراك بأدب ولطفء. لا باستعلاء 
زهو ولئن كان المصتّف وهم في المثال الذي افترضئّهء وهماً واحدأ من 
مئة» فهل أنا ضامن لنفسي الصحة في كل ما كتبته! ومن الواجب المتعين 
عليك أن تحفظ قلبك ‏ قبل أن تحفظ لسانك ‏ من أن تشعر بكبّر فيه 
وغض من مقام أي عالم» سواء هذا الذي تستدرك عليه» أم غيره» فإن 
مقام أئمتنا أئمة الإسلام محفوظ» وهذا الاستدراك الواحد - أو الأكثر - 
مغمور في بحار نقولاتهم الصحيحة. 

وهذا معنى ما نقله ابن عبد البر"'' عن الإمام مالك» عن إمام التابعين 
سعيد بن المسيب رضي الله عنهم جميعاً» قال: «ليس من عالم ولا شريف 
ولا ذي فضل إلا وفيه عيب» ولكن من كان فضلّه أكثرٌ من نقصهء ذهب 
نقصه ‏ أي: اغتّفر - لفضله» كما أن من غلب عليه نقصائه» ذهب فضله». 

ثم نقل عن غيره قوله: «لا يسلم العالم من الخطأء فمن أخطأ قليلاً 
وأصاب كثيراً: فهو عالم» ومن أصاب قليلاً وأخطأ كثيراً: فهو جاهل»). 

وهذا ميزان لا يتوقف فيه عاقل» لكن بشرط أن يكون هذا الذي غلب 
صوابة» ممن سلك الطريق عن منهجية وعلم وخبرة وذربة» لنغتفر له 
خطأهء وإن قل أو كثرء وإلا فلاء وصوابه يكون من قبيل: رَمْيَةٌ من غير 


.)١905٠0( فى «جامعه»‎ )١( 


تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية مم 


رام لأنه سلك الطريق من غير مرشد ودليل له. 

ثانيهما : أن يتحفظ هذا الباحث في استدراكهء لا سيما في حال 
النفى» أما فى حال الإثبات فالأمر سهل» أما إذا عزا المؤلف حديثا إلى 
ايع البخاري» مثلاً وبحث الباحث عنه فلم يجده فيه » فليقل ما 
علّمنا إياه علماؤناء إذ يقولون عن الحديث أو عن الراوي: لا أعرفه» أو: 
لا يعرف» ويقولون عن الحديث: لم جك له أصلاً» أو: لا أصل له 
وفرق كبير جدا بين العبارتين» وهو درس علمي عملي لنا. 

وأفترت على ذلله بنعالا عهليا. 

روى البخاري أول حديث في «صحيحه): (إنما الأعمال بالنيّات» من 
طريق الإمام مالك. وهو في «موطئه» رواية الإمام محمد بن الحسن 
الشيبانى”" » وعزاه إلى «الموطأ»: ابن دحية» فتعقبه ابن حجر" بنفيه عن 
«الموطأا» فتعقب السيوطي الحافظ ابن حجر”” بأنه في «الموطأ»» في 
رواية محمد بن الحسن» وأنه قبيل كتاب النوادر بثلاث ورقات. 

ضرورة الحذر والتأني في النفي : 

وهذا درس وموعظة: أن يصيب ابن دحية في عزو حديث إلى 
«الموطأً»؛ ويخطيء فيه ابن حجر! وكما قلت: إن الأمر في حال الإثبات 


1١(‏ :01 (4875) من شرحه «التعليق الممجد). 
(؟) في ١فتح‏ الباري» »١١ :١‏ و«التلخيص الحبير» :١‏ 08. 
() فى «تنوير الحوالك» :١‏ وغيره-. 





ين تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 


سهل» لكن النفي صعب جداًء فإنه يحتاج إلى تتبّع واستقراء طويل» ممن 
هو من أهل التتبع والاستقراء في فنّه» وهذا الإمام ابن حجر وهو مّن 
هو ومع ذلك فقد وقع فيما هو إمام فيه! رحمه الله تعالى وسائر علماء 
الإسلام. 

والنفي : قد يكون صريحاً» كالمثال الذي ذكرته عن ابن دحية وابن 
حجرء وقد يكون نفياً ضمنياً غير صريح» ومثاله: قولك: حديث كذا 
ضعيف» فهذا نفي ضمني غير صريح.» كأنك تقول: ليس لهذا الحديث 
إسناد آخر صحيح أو حسن أو ضعيف مثله يتقوى به ويصير حديثاً حسناً 
ور 

ومثله قولك: هذا الحديث غريب» أي: له سند واحدء أو عزيز» أي: 
له سندان» فهذا نفي ضمني عن الحديث أن يكون له سند آخر يجعل 
الغريب عزيزاء ويجعل العزيز مشهوراً. 

وهذا النفي الضمني يحتاج أيضاً إلى إمام من أهل التتبع والاستقراء 
التام في فنّهء ليُقبل منهء وعلى حذر أيضاًء فقد يستدرك الخالف على 
السالف. كما هو مقرر بأمثلته الكثيرة في «دراسات الكاشف”" فما 
حنها حو الأناة والجذر سعازات ضروريان لطالب العلم» لا بد له منهماء 
والله الموفق. 


.١٠١6 صفحة‎ )١( 





إعداد جيل للفتوى وتدريبهم تحت أنظار أساتذتهم دين 


المَعْلّم الثالث عشر 
إعداد جيل للفتوى وتدريبهم تحثت أنظار أساتذتهم 


يعد :هذه السهيرة الطويلة علمياً وتزيويا بيخ الشيخ وأصحابه: أصل 
إلى الحديث عن أمر» هو من نّتاج مسيرة الطالب مع شيوخه» أن يوصلوه 
إلى رتبة الفتوئ في دين الله وشريعته» وأعرض لكلمات عامة» لها صلة 
بالفتوئ الفقهية وغيرها من أمور الشريعة» فأقول: 

رن الكب العازفو و او اللسفو ل عفدت رامنا ميق اغبيانا بالنازلة أو 
الواقعة: يكون في كثير من الأحيان أمراً عادياًء فالجواب عنه سهل» 
ويكون في كثير من الأحيان أمراً معقّداً له مشكلاتهء أو كما يقال: له 
خلفياته» فلا يكفي فيه المفتي أن يقرأ الكلمات المرفوعة إليه بقصاصة 
الورقة» أو أن يسمع كلام المستفتي مشافهة» أو على الهاتف». لاء بل 
لا بد من التبصّر في الأمرء وأن يقرأ المفتي ما وراء السطورء أو أن يتسمّع 
ما وراء الأخبارء أو أن يطلب المستفتي إليه» وأن يُحضره أمامه ويتفرآس 

وقد يكون السؤال عن طريقة معقدة من طرق التعامل الاقتصادي» 
الذي يفرضه علينا الكافرون في طرقهم المستحدثةء والمفتي بعيد عن 
هذاء أو هو قريب» لكنها طريقة حديثة لم يُسبق له نظر في مثلهاء 
فيستدعي خبراء ماين يشرحون له ما لهذه الطريقة وما عليها من محاذير. 


ا إعداد جيل للفتوئ وتدريبهم تحت أنظار أساتذتهم 


وفي مثل هذه الحال: ينبغي أن يكون له معرفة وأَنْس بمذاهب الأثمة 
عامة» إذا كانت المسألة مما يحتاج إليها عامة المسلمين» وقد لا ينبغي له 
البت فيها بفتواه وحده. فينبغي أن يُرجّع فيها إلى اجتهاد جماعي» يشترك 
فيه جماعة من كبار أهل العلم» ذوي علم وخبرة بالوضع العالمي. 

وواجب الشيخ المربي أن يتدرج مع أصحابه في طرق الفتوى شيئاً 
فشيعاً ويسلك معهم مسلك العالم الربّاني: الذي يربي أصحابه على صغار 
مسائل العلم قبل كبارها. 

ومما يذكر على سبيل المديح والإعجاب: ما عليه علماء الهند ‏ وما 
والاها ‏ رحم الله من انتقل منهم إلى دار كرامته» وحفظ الأحياء منهم 
وبارك فيهم: أنهم ينقلون خريجي مدارسهم إلى قسم الفتوى التابع 
للمدرسة أو الجامعة التي تخرجوا فيهاء فيتدرب هذا الطالب تحت يد 
شيخ من شيوخه على الفتوى سنتين دراسيتين» بعد انتهائه من المرحلة 
الدراسية كاملة» والشيخ يجيز بعد ذلك للفتوى من آنس منه التأهل لها. 

وبعض جامعاتهم الكبيرة يعدل قسمٌ الفتوى فيها ‏ من حيث السعة 
وعدد الشيوخ والطلبة ‏ يعدل كلية من كليات الشريعة في البلاد العربية» 
إذ تبلغ غدة الفيوح العدرية. على الفتوس سيق فينفاء. ودف يد كل 
شيخ عددٌ كبير من الطلبة التاريين. وبا ليت المعاهد الشرعية في البلاد 


1 1 أنه !ا 
العر إبية تقدد في يلك المعاهد 3 فتنشي 2 برها للتدب ور سما اي أله لفتيا . 


وأقول أيضا: يا ليتهم يفتتيحون: أقساماً للتدريب على تخريج السنة 
النبوية» وعلى النظر في الرجال جرحاً وتعديلاًء تحت إشراف ذوي خبرة 
تامة بالحكم على الرجال» بالإنصاف والتأني» وعلى الأسانيد اتصالاً 











وانقطاعاً» وعلى المتون تصحيحاً لها وتضعيفاًء بتأنّ وتبصّرء بحيث يرجع 
الحقّ إلى نصابه» ولو بعد حين. 

وللفتوى شروط ومهامٌ كثيرة سوى اشتراط العلم في المفتي» منها: 
مراقبة الله عز وجل» والشعور بالمستئولية والأمانة على دين الله والثقة 
بالله والتوكل عليهء ثم: المعرفة والخبرة التامة بالأمور المعاصرة» ثم: 
الفراسة في المستفتي. والحديث عن هذا كلّهء وعن غيره: طويل طويل. 

ولا بد لي من إفادتين: 

اولاها: "التي «كلماك سيره جد إل اسم فزاسة المنس افن .. 
المستفتي» وهذا يدعوني إلى الحديث عن التحذير من التسرع في الفتياء 
ولا يما بالطريقة القى شاعت وانتعرت كرا تلك هي القنيا عن طريق 
الاتصال بالعالم عن طريق القنوات الفضائية. 

فهذه الطريقة قد يحصل - أو أقول: قد حصل فيهاء كثيراً أو قليلاً ‏ 
تسرع في الفتيا في بعض الأمور العامة أو الخاصة» ومعلوم أن الخطاب 
فيها ليس قاصراً على المستفتي» ليكون التسرع فيها قاصراً ضررًه على 
كلخطيه ‏ أن #4 عه مخصعة: أو خصومهء لاء» بل يسمعها الآلاف» أو 
عشرات الآلاف» ورؤاد بعض القنوات والمستمعون إليها بضعة ملايين!! 
فالضرر في فتواها (المتَسَرَّع فيها) عام وطامً!. 

وقد يكون مراد المفتي في هذه المسألة علاجاً قاصراً خاصاء لكن 
كا الوه مكرا ماما جنل 1 وقلي ارقو لود اميا .يعي الجن مدل 
الحذر: ٠‏ 


وكثير من المستمعين متربص مترقب لفتيا يتخذها ذريعة لغرض فاسد 


لحك إعداد جيل للفتوئ وتدريبهم نحت أنظار أساتذتهم 


لهء ولو علم المفتي بذلك لكان له موقف آخرء أو تحذير» أو تخصيص 
لتعواد» نوها إلى ذلك مر طروقك لخناصية: 

هذا إذا سلم المفتي من زلة لسان» أو زلة ذهن في استحضاره للحكم 
الشرعيء أو سبق فهم لكلام السائل» ونحو هذه الهفوات من 
الاحتماللات. 

وهذا التنبيه يتبعه تنبيه مهم جداًء هو ضرورة فراسة المفتي في 
المستفتي. فالمستفتي من وراء الهاتف. ومن دولة أخرى. أو يرسل 
قصاصة ورق والمفتي لا يرى. وجههء والجواب السديد قد يتصل 
بشخصه. أو بتقاسيم وجههء أو بمعرفة تاريخ بلده» وما إلى ذلك» كما 
سأذكز عفن التتواهل عليه: 

روى مالك في «الموطأ)"'': أن ابن عباس سئل عن القيلة للصائمء 
فأرخَص فيها للشيخ» وكرهها للشاب. 

ونحوه عند عبد الرزاق عن ابن عباس» وعن عمر”"'» وعند ابن أبي 
شيبة عن مكحول» وعن ابن عمر رضي الله عنهما'". 

وروى ابن أبي شيبة2: أن رجلا جاء إلى ابن عباس يسأله: هل لمن 
قل مؤمناً توبة؟ قال: لا+ إلى النار» قلما ذهب الرجل» قال له اجلساؤة: 


.)١1١1599:١)5( 

(9) (مطاعلاء .)7/17١‏ 
1١١ )*"”(‏ كمف /7ا5؟46). 

(4) في «المصنف» (58755). 





إعداد جيل للفتوئ وتدريبهم تحت أنظار أساتذتهم 1م 


موقا قال: فبعثوا فى أَثّره فوجدوه كذلك. 

وروى البخاري» والترمذي - واللفظ له'' -: أن رجلا من أهل العراق 
سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب؟ فقال ابن عمر: انظروا إلى 
هذا يسأل عن دم البعورض» وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم! 
وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الحسن والحسين 
هما ريحانتاي من الدنيا». وفي رواية البخاري: أن ابن عمر سأل الرجل: 
مَمِن أننك؟ بوذلك ألما را سؤالهغريبا. 

وقال فى «تحفة الأحوذي»”": «أورد ابن عمر هذا الحديث ‏ 
متعجبا من حرص أهل العراق على السؤال عن الشيء اليسير» وتفريطهم 
فى الشىء الجليل»» لكن إنما أورد ابن عمر هذا بعد ما نظر في السائل» 
وسأله ممن أنت. 

وقال الإمام أبو القاسم القشيري رحمه الله”": «قيل: جاءت أخت بشر 
الحافي إلى أحمد بن حنبل وقالت له: إنا نغزل على سطوحنا فتمر بنا 
الغزل فى شعاعها؟ فقال أحمد لها: من أنت عافاك الله؟ قالت: أخت بشر 


.)7ا/1/١( البخاري (7هلا"اء» 045)» والترمذي‎ )١( 

٠١ )9(‏ :هلا؟. 

(") في «الرسالة القشيرية» 7: ١59‏ بشرح القاضي زكرياء مع حاشية العروسي» 
وينظر «تاريخ بغداد» 175:15. 


50 إعداد جيل للفتوئ وتدريبهم تحت أنظار أساتذتهم 


الحافي» فبكى أحمد وقال لها: من بيتكم يخرج الورع الصادق» لا تغزلي 
في شعاعها». 

وَعلة الأخبار - وغيرها كثير - من واقع السلف والخلف تلفت النظر 
إلى ضرورة التأني والبحث وراء السؤال والسائل» ليكون الجواب سديداًء 
مطابقاً للغرض. 

وللعلماء المعاصرين المتصدرين للإفتاءات المحليّة والعالّمية جهود 
مشكورة في فتاويهم» وبعضها يسدد بعضها الآخرء وحَسّن النية شفيع إن 
شاء الله للمتأهّل» إن زل» ولا بد من ضوابط لها. 

أما الإفادة الثانية : فإن من واجب من يتصدر لهذه المهمة الإسلامية 
أن يثقن ‏ دراسة الآداب. المتعية “غلية» :من أزيعة نيه لأئمة سابقين: 
الخطيب في «آداب الفقيه والمتفقه» 42١77١  ٠١*5(‏ وابن عبد البر في 
اجام زان الغلة 5419م 941 وتؤل هت الققرات مفيد فيما أريده: 
و«أدب المفتي والمستفتي» لابن الصلاح» وما لخصه منه ومن غيره: 
النووي في مقدمة «المجموع) 5٠ :١‏ -08. 

ومن كتب العلماء المعاصرين: فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف 
القرضاوق + له الفغوى بين الانضباط والسكب 6+ وغيرة: 

ومعالي فضيلة الشيخ عبد الله ابن بَيّةَ (الموريتاني الأصل)» له «صناعة 
الفتوى وفقه الأقليات»: وكل منهما خبير بالواقع المعاصر» وبالحاجات 
الانتلامية لمق يعيش بين غير المسلميق» جزلهها الله انيرا 


ات واد ولع وام 
يع يتن 


5 
26 


ضرورة معايشة طالب العلم عصره ١م‏ 





المَعْلّم الرابع عشر 
ضرورة معايشة طالب العلم عصره 


ومن مهام الشيخ الأساسية - وهو يتدرج في تكوين طالب العلمء 
وعالم المستقبل -: أن ينبّه طلابه وأبناءه إلى معايشة عصرهم» في نواحيه 
العامة دون استثناء» إذ لا ينبغي أبداً أن يكون في طالب العلم غفلة عن 
واقع حياته» لكنْ من غير إيغال فيها يقطعه أو يعوقه ويؤخره عن توجهه 
العلمي الذي هو بسبيله» وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم المأثور 
في حديث هند بن أبي هالة الطويل: أنه صلى الله عليه وسلم كان يسأل 
الناس عما في الناس» وفي هذا الهدي فوائد: 

منها: أن العامة يشعرون بخَلَّق إسلامي كريم في هذا العالمء أنه يهتم 
بهم ويسأل عن أحوالهم» ويعيش معهم بآمالهم وآلامهم» وليست مهمته 
الدينية أن يصعد المثبر كل أسبوع آمرا وناهياً. 

ومنها: أن العالم - بهذا الاهتمام - يوجد كد ور افا بد 
وبين الناس: أهل مُحلته القريبين» أو أهل بلده البعيدين. 

ومنها: أن تكون أقواله وفتاواه محكمة مسلدة» لأنه يتكلم عن معرفة 
وخبرة للواقع والحياة» كطبيب يصف الدواء لعلّة سبقت معرفته بهاء 
يكوة دواؤة تاودا رون بهذ القول ها < كز هن الاناة سمه رن اللحعين 
الشيباني رحمه الله: أنه كان يذهب إلى الصبّاغين ويسأل عن معاملاتهم» 


50 ضرورة معايشة طالب العلم عصره 


وما يديرونها بينهم. وهذا من كمال فقهه وورعه في دين الله» يريد 
«التعرّف إلى وجوه التعامل بين أرباب الصناعات» ومعرفة وجوه الفُرْق 
بين العرف القديم» والعرف الحديث الطارىء» حتئ يسلم كلامه من 
الخطأ في أي ناحية من نواحي تبيين أحكام الشرع)"'". 

ومنها فائدة أخرى تنتج عن هذه الفائدة» هي: أن هذا العالم البصير لا 
يتغل من قبّل بعض الناس» ذوي الرعونات النفسية» أو الأهواء 
المنحرفة» فيستفتي الشيخ فيفتيه وهو غافل عما وراء استفتائه من مقاصد 
سيئة» يتذرّع بفتوى الشيخ للوصول إليها. وهذا كان في الناس قليلاً» 
ومارض الناس كيرا 

ولقدعايقت فى" المدينة السسورة أكر تمن عمس وغفشرين سنة + عالماً 
فيالبجا ماركا مق المشاووين فياك كنك أرسن: وعاده وررة» الو اله 
سائل عن دقائق علمية في عدد من العلوم» وخاصة في فقهه المذهبي» 
وعلوم العربية: لأتاه بالجواب الكافي الشافي» لكنه لا يعرف شيئاً من 
عصره هذا الثلث الأول من القرن الخامس عشر الهجري -!. 

وكلما اتسع أفق هذا العالم في معايشته ومعاصرته لأحوال أمته» كلما 
ازداد خيره ونفعه. حتى يكون عالماً عالّمياً للأمة كلها. 

وكلما اتسع أفق هذا العالم في معايشته ومعاصرته لأفكار أمته 
ولأفكار أهل زمانه عامة» كلما ازداد خيره ونفعه» واتسع نطاق دعوته 
الإسلامية عن علم وهدى وبصيرة. ظ 


.55 قاله الكوثري رحمه الله في «بلوغ الأمانى») ص‎ )١( 








ضرورة معايشة طالب العلم عصره م 


وهذا ‏ والله أعلم - من معاني قول الله تعالى في أول سورة إبراهيم: 
٠‏ وما أَرسَلَنَا يمن رَسُولٍ إِلَّا بِنِسَانِ فَرمِه لِمْبَي لم 4. والبيان: لا يتم إلا 
بمخاطبة كل قوم بلغتهم الأصلية في مخاطباتهم» - العربية» مثلاً - 
وبلغتهم العلمية ومصطلحاتهاء ليتم البيان والإبلاغ» وليتم كشفه 
للشبهات» إذ كيف يكشفها وهو لا يعرفها!!. 

وأنا أعلم أن هذه الأمور الكثيرة المهمة المتشعبة التي أشير إليها 
إشارة» لا يمكن تحققها في شخص واحدء فكيف بغيرها وغيرها مما لم 
أشر إليه» لا سيما وأن المسلمين لا يقدّمون النوابغ من أبنائهم إلى طلب 
العلم» ولذلك فلا بدّ من تخصصاتء ولا بد من تضافر الجهودء ولا بد 
مور زر ظ 

وأعود إلى ما كنت فيه فأقول : إنه لا مكان لطالب العلم (المغفل) في 
أيامنا هذه؛ وعلى الشيوخ (صِنَاع طلاب العلم) و(صناع علماء المستقبل) 
أن يهتموا بهذا الجانب في طلابهم : جانب اليقظة والوعي والمعاصرة» كل 
الاهتمام» ليتم عطاؤهم للأمة على أكمل وجهء إن شاء الله تعالى. 


حكن تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم 


المَعْلّم الخامس عشر 
تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم 


يعن مهام لقف لمعل "العترني ١:‏ أن :يفل ع اع" أمبع انه ال يه 
الملكة النقدية عندهم» في كل ما يقرؤون ويسمعون» وهذا يستدعي أن 
ِنَم فيهم اليقظة والنباهة واستحضار المعلومات» بحيث يستخدم الطالب 
- الآن - والعالم - في المستقبل - معلوماته الثابتةء في تقويم ما يقرؤه أو 
بنوهة موحة وسط ا ل و هنا ا ينوم الطالبُ عقلّه وينّهم علمه 
أمام كل ما يرد عليه من معلومات جديدة!!. 

وأذكر على هذا بعض الأمثلة مما سمعناه في مبتدأ الطلب. 

قبل لنا في سياق المديح ل «الحكم العطائية» للإمام ابن عطاء الله 
الإسكندري رحمه الله تعالى: قالت السيدة الناسكة رابعة العدوية رضي الله 
عنها: لو جازت الصلاة بغير القرآن» لقرأت فيها حكم ابن عطاء الله. 

ثم تبيّن لنا أن ابن عطاء الله توفي سنة 21١4‏ في حين أن وفاة السيدة 
رابعة سنة 0١75‏ وقيل سنة 2145 فكيف تصح نسبة هذا القول إليها!!. 
0 ثمرأيت طبعة قديمة ل «الحكم» كتب طابعها على وجه الكتاب وفوق 
اسمه» بيتين من الشعر ضمّنهما صاحبهما هذا المعنى» ولعلهما منسوبان 
إلى رجل اسمه: (فلان) الملاح؟. 


ومثال آخر: قرأت في يوم من أيام الطلب: أن سبب إخراج علماء 





تربية الملّكة النقدية الأدبية في طالب العلم لض 





سمرقند للإمام البخاري رضي الله عنه من سمرقند: أنه سئل عن ولدين 
رَضّعا من بقرة واحدة» فهل تثبت بينهما حرمة الرضاع؟ فقال: نعم» فقام 
عليه علماء سمرقند وأخرجوه منها. 

قرأت هذا الخبرء وذهبت في اليوم الثاني من أيام العام الدراسي 
8ه إلى درس الفقه الحنفي» وكان شيخنا فيه سيدي فضيلة العلامة 
الأجل الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى» وأنا أظن أنني أحمل 
علماً لا يُقدر قدره! فذكرته لفضيلة الشيخ» فقال لي تغمده الله برضوانه 
هذه الكلمات بحروفهاء لا زيادة ولا نقصان: لا تصدّق كل ما تقرأ. 
فكانت لي درساً عظيماًء ‏ ومتهيجا قويا قويماء لا يُقدر قدره أيضاء وما 
أحوج كل إنسان إليه: أن لا يصدّق كل ما يقرأ وكل ما يسمع» بل إذا 
صدّق» صدّق بعلم» وإذا نفئ» نفئ بعلم. 

وبمناسبة هذه القصة: أقول: ينبغي للشيخ الرباني أن ينتهز مثل هذه 
الفرص والمناسبات» ليقعٌد في جوابه الوجيز خلاصة ومنهجاً لأصحابه» 
يكو ق :كه عاما وذاتيا: 

وقد أذكرتني هذه القصة وأنا أكتبها الآن بما حصل من الإمام الشافعي 
مع تلميذه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم رحمهما الله تعالى. 

وخلاصتها من «مناقب الشافعي» للبيهقي'': أن ابن عبد الحكم نقل 
عن الشافعي كلمة» فبلغه خبرهاء فأنكرهاء فبلغ إنكارٌ الشافعي لها إلى 
الوالد: عبد الله بن عبد الحكمء فاغتم جداً» لاعتقاده خطأ ولده فيما نقل» 


.5١5 (1)؟7:‎ 


ا تربية الملّكة النقدية الأدبية في طالب العلم 


3 


ولجلالة الشافعي عنده» فبلغ ولدّه إنكار الشافعي لهاء فراح الابن إليه 
وصار يذكّره بالزمان والمكان والمناسبة» فتذكر» فقمّد له الشافعي رحمه 
الله درساً في حياته العلمية وغيرها بقوله: «يا محمد! لا تحدّث عن حي» 
فإن الحي لا يُؤمن عليه النسيان»» وحيتئذ يقع الناقل الصادق الوائق من 
نقله في الحرج» وقد يترتب على ذلك حقوق مادية ومعنوية كبيرة'". 

ومن الملكة النقدية التي ينبغي أن ينشأ عليها طالب العلم : كمه 
حرفيّة النص» والوقوف عند ما يفيده» على وفق الطريقة التي يتعامل فيها 
علماؤنا وأشياخنا مع نصوص العلماء السابقين» ومع نصوص الكتاب 
والسنة» لا جموداً عند ظاهرهاء كما يقال: ظاهرية ولا ابن حزم لهاء ولا 
تأويلا وتعطيلاً إلى الحدّ الذي يوصل إلى ما كان يقوله أشياخنا: التأويل 
دهليز الإلحاد» فلا يجمد عند النص وحرفيته» ولا يلوي النص ليتمشى 
5 ظ 

ويتبع ذلك الحديث عن أمر آخر يتصل بهذاء هو: الملكة النقدية في 
تقليب وجوه النظر والفهم للنص» على افتراض صحته» فإن لم يستقم: 
فعليه تقليب النظر فيه على افتراض خطأ مطبعي فيه» وهذا أمر مهم لطالب 
العلم في أيامنا وقبل عقود من الزمن» كثر فيه المتاجرة بطباعة الكتب 
الدينية» من غير وازع شرعي في نفوسهمء. فامتلأت مكتبات العلماء 
بالكتب غير المصححة المنفّحة» وهم يعتمدون عليهاء فإذا لم ينثا هذا 
العالم من أيام طلبه على تقويم النصوص التي يقرؤهاء فإنه سوف يقع في 


)١(‏ ومع ذلك فهو ضابط لا يطرد. 





تربية الملّكة النقدية الأدبية في طالب العلم »> 


التحريفات الشنيعة» وهو لا يدري» فيقرأ خطأء ويفهم خطأء ويحفظ 
خطأء ويعلّم خطأء فيصير (العلم) عنده (أعجمياً بعدة لغات)!!» ويذكّر 
بما كان بعض الأساتذة ينشده في مثل هذه المناسبة : 
أقول له: زيد» فيسمعه عمرو وينطقه خالد» ويكتبه بكر 

وقد ذكرت فيما سبق'' أن البلوى كانت في المخطوطات» ولذلك 
حذر العلماء من أخذ العله من الصحف. لما فيها من تحريفات» تؤدي 
إلى فساد الطالب الذي يتلقي علمه من الصحف, أو من صحفي» وك 
أن بلوانا في زمننا أشدٌ مما سبق» فالكتاب الذي فيه تحريف مهما كثرت 
بك ناح مضير قي العده إلى حاده كنع كان للع اقل لا يطيع نه قي 
زماننا: ثلاثة آلاف نسخةء لطبعة واحدة. 

فعلى طالب العلم أن ينشّأ على هاتين المرحلتين: الأولى: محاولة فهم 
النص» وتقليب وجوه النظر لفهمه على ما هو عليه» والبحث عن المسألة 
في كتب أخرى» لعله ينفتح عليه ما أغلق» فإن لم يمكن انتقل إلى المرحلة 
الثانية: تصحيح النص مطبعياًء فهما مرحلتان: اتهموا فهمكم» ثم اتهموا 
المطبعة. 

ومما يعين الطالب على تقويم النصوص المحرّفة: أن يعتني بقراءة 
الكتب المحققة المتقنة» ويقف عند ما يشير إليه المحقق من اختلاف 
النسخ الخطية ومغايراتهاء فيستفيد الطالب النبيه كيف يقع التحريف وسبق 


.١18٠ صفحة‎ )١( 


1 تربية الملّكة النقدية الأدبية في طالب العلم 


النظر عند النساخ السابقين» فتكون له ملكة ودربة على ذلك» يستفيدها 
من غيره» دون أن يقع هو فيها. 

ولو أحصى باحث جادٌ يعمل في يومه بضع ساعات في البحث 
العلمي» لو أحصى الأخطاء المطبعية التي تمر به على مدى شهر مثلاً 
لأتى بذخيرة علمية نافعة له ولمن بعده» فكيف لو كان على مدى سنة!. 

وآخر ما مر بي من الأخطاء المطبعية ‏ اليوم - وأنا أكتب هذه 
الصفحات: ما جاء في «الأدب المفرد)"'' للإمام البخاري رضي الله عنه 
قال: «حدثنا مَخْلّد بن مالك قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: أخبرنا ابن 
المبارك؛ عن بكر بن عبد الله المزني.. ». 

فتوقفت في صحة كون ابن المبارك» راوياً عن بكر المزني» فراجعت 
أولاً: «تهذيب الكمال» فلم يذكر بينهما رواية» فراجعت التواريخ» فكانت 
ولادة ابن المبارك سنة 2١١4‏ ووفاة بكر المزني 2٠١5‏ أو »٠١8‏ فأنّى 
لابن المبارك أن يروي عنه! لكن كيف يكون تقويم النص! أو: هل في 
السند انقطاع بين ابن المبارك وبكر؟. 

زأيت الخبر في «مصنف» ابن ب ا وفيه: مبارك بن فضالة» عن 
بكر المزني» فهو إما أن يكون بين ابن فضالة» وبين ابن المبارك متابعة؛ 
وإما أن (ابن) مقحمة في مطبوعة «الآدب المفرد». والإسراع إلى هذا 


الحكم صعب . 


(1) برقم (0751. 
(؟) مم" ). 








تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم 6١‏ 





ثم» وثم» وقفت على رواية البخاري نفسه للخبر بإسناده الذي في 
«الأدب المفرد»». وذلك في «تاريخه الكبير»» ومن طريقه ابن عساكر في 
«تاريخه)"'» وفيهما: المبارك بن فضالة» عن بكر المزني» والخبر في 
«الزهد» للإمام أحمد: المبارك» عن بكر بن عبد الله. 

فصحَّتْ دعوى إقحام (ابن) في طبعات «الأدب المفرد»» وأن 
الصواب حذفهاء فيصحح فيها وفي طبعات شرحه «فضل الله الصمد»"”"". 

ولا ينبغي لطالب العلم الأخذ بالتسليم لكل ما يقرؤه. 

لكن ينبغي للشيخ المربي لطلابه على الملكة النقدية : أن يربيهم على 
خُلّقَ آخر معها هو : الأدب» وينبغي أن يكون (النقد مع الحذّر) في كمّة 
و(الأدب مع الاعتدال) في الكمّة الأخرئ» على وجه متكافىء تماماً تماماء 
لا تَرجّح إحدى الكفتين على الأخرى أبداء فإذا رجحت كفة النقد زل 
طالب العلم وخرج عن حدود الأدب» وإذا رجحت كفة الأدب» زل 
وخرج عن حق العلم المتوجّب عليه تحقيقه وتمحيصه. ووقع في الخطأ. 

وأذكر لأخي طالب العلم هذه الواقعة لي مع فضيلة سيدي العمدة 
المربي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى» كانت في عام 
هء ولها بعض المناسبة مع ما أنا في سبيله. 

كنت في غرفتي بالمدرسة السيّافية ‏ وهي له في الأصل - في حي 


() «التاريخ الكبير» ” :»)١1717/84(‏ وابن عساكر 8: 5١غ»‏ و«الزهد» لأحمد 
ص5 560. 
(؟) ؟: ٠«"ا”ا,‏ أو ١95:7‏ من طبعته الجديدة سئة 517 ١اه.‏ 


60 تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم 


الفرافرة» ‏ الحي العريق المليء بالمدارس الشرعية ‏ بمدينة حلب حرسها 
الله وسائر بلاد الإسلام» فجاء الشيخ وسألني: هل عندكم «شرح العزيزي 
على الجامع الصغير»؟ فقلت: نعم» وناولته الجزء الذي يريده» فقرأ فيه 
نصء وأعاد قراءته مرة ثانية» وأعاد الكتاب إلِيَ وقال: هكذا يقول الشيخ» 
هكذاء نحن لا نحسن الفهم عنهم. 

وبعد نحو من ثلاثين سنة» كنت مع فضيلته تغمده الله برضوانه في 
المدينة المنورة» وجاء الحديث عن «مسند» الإمام أحمد رضي الله عنهء 
وعن خدمة الأستاذ العلامة أحمد شاكر لهء رحمه الله» وعن تكملة 
الدكتور الحسيني عبد المجيد هاشم» رحمه الله فنقده سيدي الشيخ 
بقوله: كيف ينقل عن العزيزي في تعليقه على «المسند»؟! يريد الشيخ: أن 
«المسند» كتاب أصيل من كتب السنة» فلا يحسن أن ينقل في تحقيقه 
وشرحه إلا عن فحول الكتب والعلماء. 

فهكذا يكون التدرج في التربية العلمية» في الموقف الأول: قال لي: 
هكذا يقول الشيخ» هكذاء نحن لا نفهم مراده» قال لي هذا وأنا في أوائل 
سنوات طلب العلمء والشيخ عندي ملء السمع والبصرء وبعد ثلاثين 
سنة» وكنت قد دخلت في خدمة بعض الكتب وطباعتها ‏ بإذنه وبأمره - 
قال لي الكلمة الثانية. 

وفي هاتين الكلمتين فوائد ودروس. منها : التدرج في التربية العلمية. 
ومنها : الآدب مع العلماء مع النقد واليقظة. ومنها : درس في علم تحقيق 
الكتب التراثية» وإعطاء كل كتاب حقه من المنزلة العلمية. 


ومما يحسن ذكره مثالاً من واقع علمائنا وأئمتنا رحمهم الله تعالى» 








تربية الملّكة النقدية الأدبية في طالب العلم 0 





وهو مثال عام جداًء لا مثال جزئى: موقف علمائنا فى كتب تخريجهم 
لأحاديث كتب غيرهم » كتخريج «الإحياء)» وتخريج كتب الفقه: (نصب 
الراية»» و«الدراية»» و«البدر المنير»» و«التلخيص الحبير)» وتخريج كتب 
الأصول. والتفسير» ونحوها. 

نرى الحفاظ: الزيلعي» وابن كثيرء والعراقي» وابن الملقن» وابن 
حجر وغيرهم » يقولون عن حديث كذا: فعيت: والحديث الآخر: 
موضوع » وغيره: باطل » وغيره: للا أصل له ونحو ذلك» فحق العلم 
والدين عليهم أن يقولوا هذا بناء على ما وصلوا إليه» فهذا جانب (النقد)؛ 
ولكلة الا كحك د ولق سح ف اسيم عدةء على كترقهااى أكللمة تاقية 
خارجة عن حدود الأدب» وحفظ كرامة أولئك العلماء. 

ولما شط قلم ابن طاهر المقدسي ‏ وهو من كبار الحفاظ''' - فأساء 
كلامه على حديث سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه في الاجتهاد: قال ابن 
طاهر: «وأقبحٌ ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب أصول الفقه'": 

)غ0 مع ملاحظة أنه من مدرسة أبن حزم فهو تلميذ أبي عبد الله الحميدي 
صاحب «الجمع بين الصحيحين»» والحميدي تلميذ ابن حزمء الذئ لشاته شين 
سيف الحجاج» رحمهم الله جميعاً. 

(0) فى «التلخيص الحبير) 5: 1/87. 


7 


(*) هو «البرهان) ؟: 6٠ه .)7١١(‏ وممن تقد إمام الحرمين لقوله هذا: الذهبى 
فى «السَّيّر) 14: »47١‏ فشد عليه السبكى فى «الطبقات» 0: /181 بكلمات قاسية» 
وكان موقف ابن حجر ودفاعه ألطفء ومما فيه» وهو يتصل بالقصد الذي أريده» قال 


60 تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم 


والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ» قال ابن طاهر -: ولو كان 
غالما بالشل لما ارتكت هده الحيالة + للعد انه هوب أساء الآدت 
على إمام الحرمين» وكان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة..». 

وتمام كلام ابن حجر واضح منه أنه مقر بما حكم به ابن طاهر على 
الحديث» بل لابن حجر نفسه كلامٌ سابق في إمام الحرمين”"» لكنه 
(ألين) ولما كانت عبارة ابن طاهر فجّة فَظَّة وصفه ابن حجر بسوء الأدب. 

وهذا درس ومنهج» وتقويم لاعوجاج (ضغابيس) المنتسبين إلى طلب 
العلم في زمانناء مع أثمتنا السابقين» فماذا يقول الإمام الحافظ ابن حجر 
رحمه الله وسائر علماء المسلمين لو وقف على كلام من يتهم بعض الأئمة 
الفقهاء في دينه وعلمه» بأنه يتصرف في الحديث ليسوّيه على وفق 
مذهبه!! أو يتطاول على الإمام الغزالي لما فى كتابه «الإحياء» من أحاديث 
لا أصل لهاء وهكذا. 

ووضيئ_الشتدعق 7الأدتي تواهلةة “فقة ماتو1: قبل 0 موت المزودة 
وأهلها: 


موت على المروءة ونع تيك فقلت: على م تتتحب الفتاة؟ 


السبكي 5: 188 : «وما هذا الحديث وحده ادّعى الإمام صحتهء وليس بصحيح» بل 
قد ادعى ذلك في أحاديث غيره» ولم يوجب ذلك الغضّ منه» ولا إنزاله عن مرتبته 
الصاعدة فوق آفاق السماء». وقول السبكي عن حديث معاذ اليس بصحيح»: في محل 
النظر الشديد» ينظر له لزاما ‏ المقال العاشر من «مقالات الكوثري» رحمه الله. 

.5905:١ في «التلخيص الحبير»‎ )١( 





تربية الملّكة النقدية الأدبية في طالب العلم 66 





2 


فقالت: كيف لا أبكى وأهلى عو كدو كلق اش تعبات ]! 


والكلام على ضرورة تكوين (الملكة النقدية) في طالب العلم» وعلى 
ضرورة التزامه للأدب» وعلى ضرورة تكوين الطالب وتنشئته على هذين 
الخلّقين» وأن يكونا متكافتين: الكلام على هذه الأركان الأربعة طويل» 
ولا بد من هذه الإلمامة. 


1 معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 


الباب الرابع 


معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 


المَعْلّم الأول 
التدرج مع الطلبة في التربية والسلوك 


إن تدرج الشيخ مع الطلبة في التربية والسلوك» لا يقل أهمية عن 
تدرجه معهم في تلقين العلم» الذي تقدم الحديث عنه'"'» وقد قال 


النووي رحمه 2 منه هذه الزهرات: 


(ينبغي - للمعلم - أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية» 
والشّيّم المرضية» ورياضة نفسه بالآداب والدقائق الخفية» وتعوّده الصيانة 
فى جميع أموره الكامئة والجلية» فأول ذلك: أن يحرضه بأقواله وأحواله 
جميع اللحظات» ويعرفه أن بذلك تنفتح عليه أبواب المعارف» وينشرح 
ضدرة 6 و#تفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف» ويزمهّده في الدنياء 
ويذكره أنها فانية» والآخرة آتية باقية. 


)١(‏ صفحة 0707 وتنظر قصتي ص١‏ 50 - 407 مع فضيلة شيخنا في التدرج في 
التربية العلمية. 


(؟) في «المجموع)» .7"٠١ :١‏ 








معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة ا 


«وينبغي أن يرغبه في العلم» ويذكره بفضائله وفضائل العلماءء ولا 
رتبة في الوجود أعلى من هذه» إلى آخر كلامه النفيس» رحمه الله تعالى. 

وتدرّج الأستاذ المربّي مع تلامذته فيما أشار إليه الإمام النووي» 
يستلزم منه مراقبة دائمة لهم ودقيقة» كمراقبة الأم لطفلها الصغير» وسيأتي 
شيء من البيان في الصفحات التالية إن شاء الله. 

وزاد الإمام الكوثري رحمه الله أمثلة من الواقع» في مقاله الأخير عن 
«إحياء علوم السنة بالأزهر» فقال: (إن المربي الفاضل لايفتأ يسهر على 
أحوال الطلبة في أكلهم وشربهم ونظافتهم وأزيائهم ومخاطباتهم 
ومعاملاتهم ولهجاتهمء وكيفية سيرهم في الطرقات» وأحوالهم ليلا 
ارا عير كاف ليتمكن من تخريج عواة يا ين فا 

ووصف هذا الأستاذ المعلم ب (المربي): يقتضي منه أن يلاحظ في 
قيامه بمهمته أمرين: التدرج» والشمولية» التدرج: في الارتقاء بهم من 
حسن إلى أحسنء والشمولية: أن يلاحظهم في أحوالهم كلها. وعليه أن 
يسأل الله العون والسداد له» ولهم. ٠‏ 


لد معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 


المعلم الثاني 
تربية الطلبة على آداب العلم وعلى العمل به 


إن مما يتعين على الشيخ المرئي ملاحظته في أصحابه: أن يأخذهم 
بآداب العلم» والعمل بهء وبكمالاته» ويذكرهم ويحكي لهم أخبار 
السلف والعلماء العاملين بعلمهم» فيترقئ بهم» وينهض بعزائمهم نحو 
المعالي» وهذا مما يقرب أصحابه إليه بقلوبهم» إِذْ يرون بهذا الاعتناء 
اهتمام الشيخ بهم فيزداذ ون كنا وتفلنا. 

والأصل في هذا الباب: عشرات الأحاديث المرفوعة» ومئات الآثار 
الموقوفة على السلف» التي فيها حض على العمل بالعلم» ومحاسبة 
النفس على الأقوال والأفعال وأعمال القلوب» ومراعاة الكمال في السلوك 
والهدي» وتطبيق آداب السلف في جميع شئون العالم. 

ومما يقرب هذه الأدلة والشواهد إلى طالب العلم: أن يقرأ كتاب 
الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى «اقتضاء العلم العمل»» وأن 
يتصفح تصفحا سريعا بعض المطولات من كتب تراجم العلماء» مثل 
احلية الأولياء؛ لأبي نعيم» أو مختصره «صفة الصفوة» لابن الجوزي» أو 
«سير أعلام النبلاء» للذهبي» ونحوها. 

ومما يقرب ذلك أيضاً: أن يستعرض الطالب في قلبه استعراضاً سريعاً 








معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 61 


للأحاديث الشريفة التى فيها توصيات سيدنا رسول الله صلى الله عليه 
وسلم لأصحابه المخاطبين بهاء ومن ورائهم الأمة كلها: بالتقوى عامة» 
الفعلية ): وناها نينا عن هذا وكزا نمق الأمور الردية؟ القولية والقعلية. 

ولكل مقام مقال» ولكل إنسان مقامه الذي يحاسب عليه» وما كل 
صحابي يؤاخذ بما يؤاخذ عليه رؤساء الصحابة وعلماؤهم رضي الله عنهم 
جميعاًء وبعد أن نزل أول سورة الحجرات كان أبو بكر وعمر رضي الله 
عنهما يكلمان النبي صلى الله عليه وسلم كأخي السّرار”''» فأين منهما ذاك 
الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «لاتُزْرموه»؟!. 

7 ءِ‎ 0 5 ٠ 

ومما ينبغي للشيخ المربي أن يذكره ويكرره على طلاب العلم» من 
هدي الأئمة السابقين رضي الله عنهم: أخبارهم في عملهم بالعلم» بل 
بالمبادرة السريعة للعمل والتطبيق» وأكرر هنا نقل ما قدمته"' : 

روى الخطيب”" عن الإمام إبراهيم الحربي قوله: «ينبغي للرجل إذا 
سمع شيئاً من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به). وعن 
الحسن البصري قوله: «كان الرجل يطلب العلم» فلا يلبث أن يرى ذلك 
في تخشّعه وهديه» ولسانه وبصره ويده». 


:/ كما في رواية البخاري (58545)» مع رواية ابن المنذر التي في «الفتح»2‎ )١( 
.0١ 


هع ص١5 .١‏ 
() في «الجامع» (كلاك لاك الل 185 . 





6 معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 


ثم روى الخطيب عن أبي عصمة البيهقي قال: بت ليلة عند أحمد بن 
حنبل» فجاء بالماء» فوضعه. فلما أصبح نظر إلى الماء فإذا هو كما كان» 
فقال: سبحان الله! رجل يطلب العلم» لا يكون له ورد من الليل!. 

وروى عقبه عن أبي عمرو محمد بن أبي جعفر أحمد بن حمدان» عن 
أبيه أبي جعفر (في حدود )”١١-1714٠‏ رحمه الله» قال: كنت في مجلس 
أي عبد الله المروزي ‏ ولعله الإمام محمد بن نصر المروزي  7١7(‏ 
18) رحمه الله -» فحضرت صلاة الظهرء فأذن أبو عبد الله» فخرجت 
من المسجدء فقال: يا أبا جعفر إلى أين؟ قلت: أتطهّر للصلاة» قال: كان 
ظني بك غير هذاء يدخل عليك وقت الصلاة وأنت على غير طهارة!!. 

عاق على تخبر بنذ التقيرة بها رايد ةب اتقة اتلد اذام ضير 
الشيخ عبد الفتاح أبو غدة تغمده الله برضوانه» فقال في تعليقه على «رسالة 
المسترشدين»”'': «قلت: هذا في غاية المراقبة» إذ من الحقّ على المملوك 
أن يكون بين يدي مالكه قبل أن يدعوه. لا أن يدعوه فيحضر). 

وأزيد على ما قدمته: قصة الإمام أي داود السجستاني صاحب 
«السئن» رحمه الله» قال الحافظ”"': «أخرج ابن عبد البر بسند جيد عن أبي 
داود صاحب «السئن»: أنه كان في سفينة» فسمع عاطساً على الشط حَمدء 
فاكترى قارباً بدرهم حتى جاء إلى العاطس» فشمّته ثم رجع» فسئل عن 
ولاك 9 تفال + الخله كرون جات الدغرة :فلما وكدوا امغر :قائلة يفول يا 


)1١(‏ صفحة 560؟. 


() في «الفتح» ٠:١٠٠ل5-_١١5(ه06775)).‏ 


معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 6١‏ 


أهل السفينة» إن أبا داود اشترى الجنة من الله بدرهم!». 

وخبر الإمام الزاهد أبي عثمان سعيد بن إسماعيل الحيري» الذي رواه 
الخطيب'"'» وخلاصته: أن أبا جعفر أحمد بن حمدان الجيري عمل 
«مستخرجاً على صحيح مسلم»» فكان يقرؤه على الناس في المسجد بين 
المغرب والعشاء» وممن يحضر هذا المجلس أبو عثمان الحيري» وفي آخر 
المجلس وبعد الصلاة كان يأتي أبو عمرو محمد ابن أبي جعفر بن حمدان 
ليصحب أباه من المسجد إلى البيت» فجاء يوماً ورأى أبا عثمان قد دخل 
لصلاة العشاء «وعليه إزار ورداء» فصلى بناء ثم دخل داره» ورجعت مع أبي 
إلى البيت» فقلت لأبي: يا أبة أبو عثمان قد أحرم؟ فقال: لاء ولكنه ... إذا 
سمع بسنّة لم يكن استعملها فيما مضى أحب أن يستعملها في يومه وليلته: 
وإنه سمع من جملة ما قرى” علي: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في 
إزاد وزداء فأحب أن يستعمل تلك السنّة قبل أن يصبح». 

ومن غرائب التزامهم للهّدي النبوي : ما حكاه أبو نعيم» وابن أبي 
يعلى في ترجمة إبراهيم بن هانىء النيسابوري”"'» قال إبراهيم: «اختفى 
عندي أحمد بن حنبل ثلاثة أيام ثم قال: اطلب لي موضعاً حتى أتحول 
إليه» قلت: لا آمن عليك يا أبا عبد اللهء فقال لي: إذا فعلت أفدتك» 
فطلبت له موضعاًء فلما خرج قال لي: اختفى رسول الله صلى الله عليه 
وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحوّل» وليس ينبغي أن نتّبع رسول الله صلى 


000 في «الجامع) (84 1 ). 
(؟) أبو نعيم في «الحلية» 9: »18٠١‏ وابن أبي يعلى في «طبقاته» :١‏ 017؟. 


0 معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 


الله عليه وسلم في الرخاء» ونتركه في الشدة». رضي الله عنه وأرضاه'"'. 

ويوقفهم عند كل خبر منها ومما شابههاء ولا سيما ما كان منها كهذه 
النوادر. 

فأين هذه الرعاية العالية مما حكاه الكوثري وشكاه إلى شيخ الأزهر 
آنذاك الشيخ مصطفى عبد الرازق» وكانت مشيخته للأزهر خلال عامي 
65- 21755 وذلك قوله رحمه الله في آخر مقالة من «مقالاته»: (إنا 
نرى استمرار الدراسة في الأقسام النظامية عندما يؤذن المؤذن للصلاة» 
ويجيب المسلمون داعي الله» ويقومون إلى الصلاة في جنبهم على مرأى 
منهم ومسمعء من غير أن يحرّك هؤلاء السادة القادة ساكناً في الإجابة 
لهذه الدعوة الإلهية». 

وأعيد هنا حكاية ما قدمته''' من نماذج رفيعة معاصرة» وذلك ما حدثني 
به فضيلة الشيخ الداعية الدكتور محمد عوضء أكبر تلامذة فضيلة العلامة 
الأصولي المربّي الكبير الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمهما الله تعالى: أنه 
صلى الضحى مرة في المسجد» وقام ومشى فور تسليمه من الصلاة» وشيخه 
يرمقه ويلاحظه من خلفه» فناداه وقال له: يا شيخ محمد» كأنك استغنيت عن 
ربك؟! فسأله التلميذ بلهفة ووّجّل: خيراً إن شاء الله يا سيدي؟ قال له الشيخ : 
تمشي فور تسليمك من الصلاة ولا تدعو الله بشيء!!. 

وهكذا تكون رعاية الربانيين لأصحابهم» أما من لم تكن له صلة بهم» 


.7١/ وانظر خبر عمر بن عبد العزيز المتقدم صفحة‎ )١( 


.7 51١ صفحة‎ »59( 





معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة وك 


لا تلقى عنهم» فمن أين تحصل له هذه التوجيهات» ويستفيد هذه 
الرعايات» ليترقّى في الكمالات!!. 

ومن أين يكتسب هذا الرقي في التربية والسلوك من لم يتلق العلم عن 
الشيوخ؟! ومن أين يكتسبها من يأخذ الشهادات بالانتساب إلى الجامعات 
دون مواظبة وملازمة ومباحثة؟ بل من أين يَشمَمٌ رائحتها من نال الشهادات 
العالية ‏ بأسمائها وألقابهاء لا بحقائقها ‏ من أخذها من وراء شاشات 
الأجهزة الإلكترونية في الجامعات المفتوحة» والتعليم عن بعد؟!!. 

الأجوبة عند المسئول لا السائل. 

ولهذه التربية وأَخمّذ الشيخ أصحابّه بالعزائم» أثرُها العاجل في سلوك 
الطالب» كما رأينا ذلك في كلمة الحسن البصري زحمه الله. 

وروى الخطيب'' عن الإمام مالك قوله: «إن حقاً على من طلب 
العلم أن يكون له وقاز وسكينة وخشية» وأن يكون ميَْعاً لأثر من مضى 
قبله). | 

أما من اتخذ العلم صناعة ووظيفة» ومصدر رزف وعيش وكسب: فلا 
خير فيه: لا خير في علمه» ولا خير في طلبه. 

وكذلك: من جعل العلم وسيلة للردود والمناقشات» والتجريح 
والتشريح لفلان وفلان» وتصنيف فلان من مدرسة فلان» أما فلان فمن 
مدرسة فلان الآخر: فكذلك لا خير فيه» ولا في علمه» ولا في كتاباته. 


(؟) فى «جامعه) .)5١7(‏ 


3 معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 


إنما التعلم للعمل» ولتعليم الأمة» ولتصحيح مساره ومسارها في 
الفكر والمعتقد» ولتقويم عمله وعملها على وفق مراد الله ورسوله صلى 
الله عليه وسلم» على ما فهمه الآئمة من السلف الصالح» ومن سار على 
نهجهم» رضي الله عنهم. 

والعمل: تخلية وتحلية» فالتخلية: تكون بترك المعاصي والمنهيات» 
والتحلية: تكون بفعل المأمورات والمكرمات. 

وتقدم”'' عن الإمام ابن الحاج (ت 977) رحمه الله: أنه حكى”"' عن 
بعض علماء زمانه ‏ أوائل القرن الثامن ‏ ما لا يليق بحال أهل الكمال 
والعلم» ثم قال: «ولهذا كان سيدي أبو محمد ابن أبي جمرة (599ه) - 
شين الل قاد كر رزو عن قا هلها رقن كن مني إلى جار انما د كن 
يش عليه إِذْ ذاك بفضيلة العلم» يقول: ناقل» ناقل» خوفاً منه رحمه الله 
على منصب العلم أن يُسب إلى غير أهله» وخوفاً من أن يكون ذلك كبا 
أيضاًء لأن الناقل ليس بعالم في الحقيقة» وإنما هو صانع من الصنّاع). 

فانظر إلى قوله: «خوفاً من أن يكون ذلك كذباً»: فتسمية غير العامل 
عالماً ‏ في نظره - كذب!!. 

وقد أوصى عدد من أثمة الإسلام بترك المعاصي» وسيلة لحفظ 
العلم»ء منهم: طالقه بن أشي وبشر الحافيء ووكيع بن الجراح» 


.5١ صفحة‎ )١( 


(؟) فى «المدخل» .١ 7:١‏ 


معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 6 


والصحابي العظيم الشأن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميع”". 


ومن كلام مالك في هذا الصدد: قوله للشافعي رضي الله عنهما أول ما 
اتصل به وبدأ بقراءة «الموطأ» عليه» قال له: «يا محمدء اتَّق الله» واجتنب 
المعاصي» فإنه سيكون لك شأن من الشأن»”". ثم أسند عقبها قول مالك 
للشافعي أيضاً: «إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نوراً» فلا تطفئه 
بالمعصية». 

وفي أخبار الإمام الأعظم أبي حنيفة رحمه الله: أنه «كان إذا أشكلت 
عليه مسألة قال لأصحابه: ما هذا إلا لذنب أحدثته» وكان يستغفر» وربما 
قام وصلى» فتنكشف له ويقول: رجوت أنه تيّبّ علي» فبلغ ذلك الفضيل 
ابن عياض» فبكى بكاء شديدا» ثم قال: ذلك لقلة ذنبهء فأما غيره فلا ينتبه 
20 

هذا شأنه رحمه الله فيما استغلق عليه فهمه وحلهء وكان له شأن آخر 
ووسيلة أخرى للازدياد من العلم» فقد قال فيما حكاه الزرنوجي © : 
«(إنما أدركت العلم بالحمد والشكرء فكلما فهمت ووقفت على فقه 


)١(‏ وتنظر أقوالهم في «الجامع» للخطيب )١1857(‏ فما بعده. 

(؟) والقصة طويلة» ُنظر بتمامها في «مناقب الشافعي» للبيهقي :١‏ ؟7١٠.‏ 

() نقله شيخنا في تعليقاته على «رسالة المسترشدين» للمحاسبى ص8١7»‏ عن 
«طبقات الحنفية» للإمام على القاري 181:7 المطبوع آخر «الجواهر المضية» 
للقرشي» طبعة الهند ‏ حيدر آباد. 


(4؟1) صفحة هلا. 


اح معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبناته الطلبة 


وحكمةء فقلت: الحمد لله تعالى: ازداد علمي». لذ 1 تعالى 


- 
0 0 


#لين سَحكرترٌ َأْرِيدَتكُم * إبراهيم: /اء وهذا فقه في كتاب الله تعالى. 

وكون المعاصي تؤثر على طالب العلم» وتعرقل سيره: هذا من شل 
به يتصل بما تقدم أول هذا البحث» وأن العلم نور ووراثة محمدية » 

وشؤم المعصية» ووباؤها ووبالهاء لبق ا على هذا فقط بل 
« وَاتَفْفقَمَُ ينال ظَلموأس ع2 صسة 4 الأنفال: 70. 

وأخيراً: قال الإمام القدوة الحافظ الزاهد علي بن أحمد بن محمد 
الحسينى البغدادي» المتوفل سنة هلاه رحمه الله: «اجعل النوافل 
كالفرائفض» والمعاصي كالكفر)"'"'. النوافل كالفرائض في التزامهاء 
والمعاصي كالكفر في اجتنابهاء فجاءت نصيحة - لكل مسلم وطالب 
علم ‏ غالية جامعة للتحلي والتخلي. 


)١(‏ «تذكرة الحفاظ») 5: »1١757‏ و«طبقات» السبكى لا: 511؟. 











أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض 1 


المَعْلّم الغثالث 
أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض 

على المعلم المربي أن يرفع من همة أبنائه الطلبة في كل مناسبة 
تعرض» كأن يقدم الواحد منهم لإمامة» أو حديث وموعظة» أو ينقل عنه 
في كتاب» أو يروي عنه حديثاً أو مسألة علمية» أو أن ينوه بذكره أمام 
العامة» أو أمام أقرانه» وأخبارهم رحمهم الله تعالى في هذه المعاني 
كثيرة» تنظر من حيث الإجمال في كتب علوم الحديث المطولة» في نوع: 
رواية الأكابر عن الأصاغرء ورواية الآباء عن الأبناء» والمدبّج» والسابق 
واللاحق. 

ومن ذلك: رواية الإمام البخاري  ١95(‏ 505) عن تلميذيه: ابن 
خزيمة صاحب «الصحيح)» (717 - .)17١‏ قال الذهبي”': «حدث عنه 
البخاري ومسلم في غير الصحيحين». وعن أبي العباس السرّاج  7١7(‏ 
23). وقال السخاوي”': روى البخاري عن أبي العباس السراج أشياء 
في (تاريخه) وغيرة. 

وأما تلميذه الآخر: الإمام أبو عيسئ الترمذي» فلم أرَ نصاً على رواية 


."55-:15 فى «السير)‎ )١( 
.١7/7 :5 (؟) في «فتح المغيث)‎ 


4 أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض 


البخاري عنه» لكن صرح الترمذي نفسه في «السنن» بسماع البخاري منه 
لواش عا ا 

وذكر الذهبي'" في ترجمة الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي قصته 
مع شيخه الإمام الدارقطني رحمهما الله: «ابتدأت بعمل كتاب «المؤتلف 
والمختلف». فقدم علينا الدارقطني» فأخذت عنه أشياء كثيرة منهء فلما 
فرغت من تصنيفه سألني أن أقرأه عليه ليسمعه مني» فقلت: عنك أخذت 
أكثره! قال: لا تقل هكذاء فإنك أخذته عني مفرقاًء وقد أوردتّه فيه 
مجموعاًء وفيه أشياغ كثيرة أخذتها من شيوخك» قال: فقرأته عليه». 

وكثيراً ما يقول المزي في «تهذيب الكمال» في ترجمة الراوي: روى 
عنه فلان» وهو من شيوخه. 

وقد أشاد الحافظ ابن حجر"" في ترجمة الإمام أبي حيان الأندلسي» 
بهذا الخلق العلمي والتربوي» فقال: «كان له إقبال على أذكياء الطلبة؛ 
يعظمهم وينوه بقدرهم). 

وهذه مواقف وحوادث فردية» ولا ريب في أثرها الكبير على نفوس 
أصحابها الطلبة. 


والقذوة ين هنذا بالحلىة إرقنات الى الك ابه الج بها نم نه 


)١(‏ وذلك عقب حديث (0:ش98, /ا71/7), ونحوه في آخر «العلل الصغير») 
الذي في آخر «سننه» قبل نهاية الكتاب بصفحتين. 

(؟) فى «السير) /ا١:‏ 71/5. 

(”") فى «الدرر الكامنة» 5 : .5١7‏ 








أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض 6 


٠ 2‏ ماه < . ٠ 1 7 ٠‏ 01 230 
بعضهم من صفة نبيلة» على غيره» وذلك فيما رواه أنس رضى الله عنه '» 


عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكرء وأشدّهم 
في أمر الله عمرء وأصدقهم حياءً عثمان» وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ 
ابن جبل » وأفرضهم زيد بن ثابت» وأقرؤهم أبي» ولكل أمة أمين» وأمين 
هذه الآمة أبو عبيدة بن الجراح). 

وك عي سه حديث حذيفة رضي الله عنه: «اقتدوا باللّذِينِ من 
بعدي: أبي بكر وعمرء وتمسكوا بعهد عمار» وما حدثكم ابن مسعود 
فصدقوه). 

وبهذين الحديئين استدل اللقطين”" على قوله رحمة الله «يتعين 
للفقيه أن ينبه على مراتب أصحابه في العلمء ويذكرٌ فضلهم» ويبيّن 
مقاديرهم» ليفرّع الناس في النوازل بعده إليهم. ويأخذوا عنهم»» وزاد 
عليه لوعن عم انه قال لانو صافى القذ ليف عنما ماعلناف: 

ولهذا التنبيه على خصائص الرجال جميل العوائد على الرجل نفسه. 
وعلى الأمة من بعده إِذْ فيه دعوة من المتكلم إلى الناس عامة» ليستفيدوا 
من كل رجل ما فيه من خخصيصة» وإلى طلاب العلم خاصة أن يستفيدوا 


000 الترمذي (73745, 33741) وقال: حسن صحيحء والنسائي (87157)» وابن 
ماجه »)١515(‏ والطرف الأخير منه عند البخاري (71/55). ومسلم 5: 188١‏ (07) 
عن أنس أيضاً. 

(1) في «المسند» 5: 2786 وأوله عند الترمذي (777” وقال: حسن» 557*). 

() في «آداب الفقيه والمتفقه) 7: .54٠‏ 


١‏ أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض 


من هذا العالم العلم المتميّز به عن أقرانه. 

ومع هذا كله: لا ينبغي أن يفوت الأستاذ المربي أن هذا التعامل مع 
الطلبة ينبغى أن يكون بمنزلة الدواء» يوضع في موضعه» وبمقدار لا زيادة 
فيه ولا نقصان. | 








توكيده على الطلبة قراءة سير العلماء الأقدمين ١‏ 


المَعلّم الرابع 


توكيده على الطلبة قراءة سير العلماء الأقدمين 


إن من المتأكد على المعلم المربي أن يشد انتباه طلبته» ويؤكد عليهم : 
قراءة سيّر العلماء الأقدمين» وأخبارهم العلمية والعملية» إلى أن يصير 
ذلك خلقاً راسخاً في نفوسهم. وقد نبّه الإمام ابن الجوزي إلى هذا الأمر 
في مواضع» منها قوله رحمه الله''': «كانت همم القدماء من العلماء عليّة 
تدل عليها تصانيفهم التي هي 306 أعمارهم . إل أن كين لبتي 
دثرت» لأن همم الطلاب ضعفت. فصاروا يطلبون المختصرات» 0 
طالب الكمال في طلب العلم» الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من 
المصنفات؛ فليكثر من المطالعة» فإنه يرى من علوم القوم؛ وعلوً هممهم 
اأمقه بساسو بتري نك عي الس روما مداو سه ونا الام 
وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهمء لا نرى فيهم ذا همة عالية؛ 
فيقتدي بهم المبتدىء» ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد. فالله الله! 
عليكم بملاحظة سير السلف». ومطالعة تصانيفهم وأخبارهم)». 

وهذه لفتة من عالم ذي بصيرة نافذة» يحض على مطالعة أخبار 
العلماء السابقين» فإن في قراءة سيّرهم معايشة لهم» وبها تسري أحوالهم 


.7١ص في «صيد الخاطر» ص 5/ا” (0777)» وينظر أيضاً «لفتة الكبد» له‎ )١( 


12 توكيده على الطلبة قراءة سير العلماء الأقدمين 


في أرواح قارئيها سَرّيان الماء في العود الأخضرء فيشتد ويقوى ويثمر. 

وأنصح أخي طالب العلم بقراءة قسم التراجم أول «الرسالة القشيرية» 
للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري  715(‏ 410) رحمه 
الله تعالى» الذي قال فيه أبو سعد السمعاني في مادة (القشيري) من كتابه 
«الأنساب»: أحد مشاهير الدنيا بالفضل والعلم والزهدء وتّقَل الذهبي"" 
عن السمعاني نفسه قوله في القشيري: لم ير مثل نفسه في كماله وبراعته» 
جمع بين الشريعة والحقيقة» وتَّقَل ابن عساكر'' عن البِاخَرْزي - ووافقه 
عليه ابن عساكر - قوله: كان خارجاً في إحاطته بالعلوم عن الحد 
البشرى!: 

وفي «طبقات السبكي»”' عن الإمام السمعاني أيضا تقل طويل ستل 
الشاهد منه: أن الإمام القشيري حج مرة» وكان في ذاك العام أربع مئة 
نفس من قضاة المسلمين وأئمتهم» وأرادوا أن يتكلم واحد منهم في بيت الله 
الحرام» فاتفق الكل عن أنز يتكلم ابو الفاشم القشيري» فتكلم» وهذا مقام 
قل نظيره في تراجم الأئمة!. 

هذا عن المؤلفت» أما المؤلف (الكعاب) فشهرتة واعشاد العلماء 
عليه خلال هذه القرون العشرة (تقريباً) تغنى عن الإفاضة في الثناء 
عليه» حتى صار صاحبّها ومؤلفها الإمام القشيري يعرف بهاء فيقال 


.77١ :14 فى «السير»‎ )١( 
فى «تبيين كذب المفتري») ص717/5.‎ )5( 
.١1همل:ه‎ )"( 





توكيده على الطلبة قراءة سير العلماء الأقدمين رف 





في كتب التراجم في صدر ترجمته: هو أبو القاسم عبد الكريم.. 
صاحب «الرسالة)". 

فمن كان بهذا المقام العلمي» وما كان بهذا التلقي بالقبول من العلماء 
على تطاول القرون: كان حقيقاً وجديراً بالاهتمام به وبالاستفادة منه. 

وأنصح بقراءة كتاب آخر: هو كتاب «سير أعلام النبلاء» للإمام 
الحافظ الناقد الذهبي رحمه اللهء» فإنه كتاب قدوةء فيه العلم وفيه 
العمل» وفيه السلوك» وفيه هدي السلف ومن تبعهم بإحسان من العلماء 
السائرين على نهجهم؛ رحمهم الله تعالى» ودَعْ عنك ما في بعض 
التعليقات علية من تكد ويبس. 


:0 والتاج السبكي في «الطبقات»‎ »5١37 :18 كما تجده في «السير» للذهبي‎ )١( 
.1617 





57 الترفع عن حطام الدنيا وأهلها 


المَعْلم الخامس 
الترفع عن حطام الدنيا وأهلها 


ومما ينبغي للشيخ المربي أن يتعهده فى أصحابه وتلامذته: تربيته لهم 
نكي ا وما أكرم وأشرف طالب العلم -بَلَهَ العالم ‏ أن يكون مطلوبا لا 
طالنا + ومقصي وا لذ قله 1 وفرقوما اله الختوافيا 1+ 

وفى رواة الحديث الشريف» ومن شيوخ الإمام البخاري - رحمهم الله 
نيعا - قيفي بز خقة السوائي ؛ ترجمه ابن 5 حاته'''» وحكى قصة» 
خلاصتها: أن رجلاً من آل الخلفاء العباسيين جاء إلى قبيصة وسأله أن يعقد 
له مجلس حديث خاصاً بهء فقال له قبيصة: بل تحضيّرٌ المجلس مع 
الجماعة» أي : إنه ما أراد انهه بمجلس» فقال له العباسى: أنت لا 
تعرف لبني هاشم 1 د كأنة يهدده -» فقام قبيصة ودخل البي وأخرج 
رغيفاً وعليه شيء من الملح وقال له: مّن رضي من الدنيا بهذاء يهون عليه 
كلامك !. 


غ2 في «الجرح والتعديل» /137 (79/). 





الترفع عن حطام الدنيا وأهلها 2 


0م 


ومثل هذا ما حصل للقاضي العظيم شريك بن عبد الله النخعي 
جاءه رجل من أولاد الخليفة المهدي العباسي» فاستند إلى الحائط وسأله 
عن حديثء» فلم يلتفت إليه»ء فأعاد السؤال» فلم يلتفت إليه» فقال له: 
كأنك تستخف بأولاد الخلفاء؟! قال: لاء ولكن العلم أزين عند أهله من 
أن يضيعوه» فَجَنًا هذا العباسي على ركبتيه ثم سأله» فقال شريك: هكذا 
يطلب العلم. 

وفي «الجواهر المضية في طبقات الحنفية)”) في ترجمة أبي الحسن 
علي بن الحسن الصنْدلي» المتوفى سنة 5/5 رحمه الله تعالى: إل االسرماد 
قال له : لم لا تجيء إلي؟ فقال له: أردت أن تكون من خير الملوك» حيث 
تووو العلمافابؤلا أكرط هن اشن الدلما» حي أ ثوز الشاواك: 

وليحذر طالب العلم الشريف» والوراثة المحمدية: أن ينطبق عليه 
كلام الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى””'» تحت كلامه عن 
الوظيفة الثانية من وظائف المرشد المعلّم: «من طلب ا المال كان 
كمن مسح أسفل مداسه يمست فجعل المخدوم خادماًء والخادم 


مكرما 


ولقد كنا نخاف على العامة الزيغ فنوصيهم أن يحافطوا على ما كان 


.)*557( كما رواه الخطيب في «الجامع»‎ )١( 
.005 (؟) للحافظ القرشى ؟:‎ 
.05-:1١ فى (الإحياء»‎ )( 


حك الترفع عن حطام الدنيا وأهلها 
عليه سيدنا الصديق الأكبر رضي الله عند" أ كان يدعو ذ في الركعة الثالثة 
من صلاة المغرب» بعد الفاتحة وقبل الركوع ب اك كينا 


د - ا لكت 0 آل 0 2 فصار لخر الآن 
2 


سين 00 0 العلمء ويتلاعب في دين الله إرضاءً لذوي 8 


فسا ينان [ذاالأفي ذا بم وإن قحست معند فعبفانن 
5 2 
أو قول الآش: 

تزندق مَعْلنا ليقول قوم من الأدباء زنديق ظريف 


تقش لقوق فعه ومتنا وما قنز الطار حك :ول افيف 
فهو لاء أحق وأوجب بهذه الوصية 'وتطبيقهاء فهم القادة والسادة» 


12 | 


و«إذا انطمست النجوم أُوْشَك أن تَضل الهداة). 
ولا تجد لأحدهم توجهاً صادقاً لإرضاء الله تعالى» وكأنه لم يقرأ قول 


الله تعالى : ©وَأََه وَرَسُولة: لح أَدَيُرْصُومُ © التوبة: 287 بل توجّهه توجُه ذاك 
الذي يحاول إرضاءه واسترضاءه» يشرّق إذا شرق» ويغرّب إذا غرب!! 
فأين شعار الإسلام الذي على رأسه؟! أو أين شعار السئنّة الذي على 
وجهه؟!. 


.)50( 4لا‎ :١ فيما رواه عنه مالك فى «الموطأ»)‎ )١( 





الترفع عن حطام الدنيا وأهلها ا 


ولقد أدركنا من الشيوخ ‏ رضي الله عنهم وأرضاهم - من كان لا 
يملك قوت عياله ليومه» وهو يشمخ بأنفه على أهل الدنيا كلهم اعتزازاً 
بعلمهء وإكراماً لتاج الإسلام الذي على رأسهء وما هم منا ببعيدي العهد 
والزمن» بل هم من خاصة شيوخنا الذين نعترٌ بالانتساب إليهم» والتلمذة 
عليهم» تغمّدهم الله بالرضا والرضوان. 


0 أهمية تحسين الحسن وتقبيح القبيح علمياً وتربوياً 


المَعْلّم السادس 
أهمية تحسين الحسن وتقبيح القبيح علمياً وتربوياً 


ومن مهمات الشيخ مع أضحابه: مهمة من المهمات العلمية 
والأخلاقية» وتتصل بالتربية العامة الاجتماعية» وهي مهمة مذكورة في 
شمائل النبي صلى الله عليه وسلمء الواردة في الحديث المشهور الطويل» 
حديث هند بن أبي هالة رضي الله عنهء الذي رواه الترمذي مفرقاً في كتابه 
«الشمائل»» وقد جاء فيه قول هند: كان صلى الله عليه وسلم يتفقّد 
أصحابه» ويسأل الناس عما في الناس» ويحسّن الحسن ويقويهء ويقبّح 
0000-6 

وأنا في حديثي عن الأستاذ المعلم والشيخ المربي» مع أصحابه 
المتعلمين منه العلم والعمل» أقصر كلامي على ما يناسب المقام» فأقول: 
ينبغي للشيخ أن يهتدي بهذا الهدي النبوي العظيم مع أصحابه» فهو أو : 
يتفقدهم» في حضورهم وغيابهم» ويتفقدهم بسبب غيابهم» ويعالج ذلك 


)١(‏ رواه الترمذي في «الشمائل المحمدية» (, ,77٠5‏ 8*5 301)., والجملة 
المذكورة في الموضع الثالث منه» ورواه كثير من طريقه؛ وفي إسناده أكثر من راو 
ضعيف» وأشدهم ضعفاً جْمَيع بن عمير العجلي» اتهمه ابن حبان في «المجروحين؛ 
١‏ بالوضعء مع أنه ذكره في «الثقات» /: 17؟!» لكن لم يتأخر جل العلماء 
الذين كتبوا في الشمائل ونحوهاء عن ذكره واعتماده» وشواهد مفرداته كثيرة. 





أهمية تحسين الحسن وتقبيح القبيح علمياً وتربوياً 9 
هد كيين القن ل لق 2 033 ا تر 


منهم» ومعهم» ويعايشهم في سرائهم وضرائهم» ويواسي كلا بما يناسبه. 

ويسألهم عن الناس» ليكون العالم طبيباً ناجم الدواء والمعالجة» لأنه 
يتعرف عل أمراض الناس بهذه الأسئلة» فإذا عالج: عالج ببصيرة» وصار 
يعيش عصره وبيئته» فلا يعيش مع أبناء القرن الخامس عشر الهجريء 
عملي أحاء القوة العاسن مثلة. 

ففي هذا الخَلّق من الهدي الكريم فائدتان: معايشة العالم لأبناء 
عصره» ومعالجته لعللهم على بصيرة. 

ثم الأمر الأهم لعلاقة الشيخ بأصحابه: أنه يحسن الحسن فيهم» فإذا 
رأى نجابة من طالب في علم أو خُلّقَء حسّه منه وشجّعه على الاستمرار 
عليه» وفي هذا تشجيمٌ لزملائه الآخرين» ومدعاة لهذا الطالب أن يزداد 
نبوغاً ونباهة» وكذلك إذا رأى أو ذكر له أمر مكروه قبّحه وذمه» وقبّح 
فاعله وذمه عليه تلميحاً أو تصريحاً» سراً وبرفق» ليكون تربية لهم جميعاً 
على استهجان هذا القول أو الفعل. 

ومن أمثلة ذلك ما تقدم ذكره قريباً» ونقلته عن «مناقب الشافعي» 
للبيهقي'" حين رأئ الأمام مالك فصاحة الشافعي ونجابته رحمهما الله 
تعالى» سأله عن اسمه فقال: محمد»ء فقال له: «يا محمدهء انق الله 
واجتنب المعاصيء فإنه سيكون لك شأن من الشأن». 


وهذه المقولة اليبحسن الحسن ويقويه» ويقبح القبيح ويوهيه): أعتبرها 


.٠١ 7:1١ )1( 





لو أهمية تحسين الحسن وتقبيح القبيح علمياً وتربوياً 


من جوامع الكلم في باب التربية والتسليك والتأديب» بلسان الحال 
والمقال» وهي كلمة جامعة ومستخلصة من مواقف كثيرة للنبي صلى الله 
عليه وسلم مع أصحابه» يحسسّن فيها ما كان حستاء ويقبح ويوهي منها ما 
كان غير ذلك» وهي مبدأ ونبراس لكل مسئول مع من هو في مسئوليته 
وتحت رعايته» فلا يضيّعهء بإهماله له» وعدم تقويمه لاعوجاجهء 
ف«الدين النصيحة». 





7١ الخاتمة‎ 





الخاتمة 


وبعد: فإن المعالم المطلوبة لإرشاد طالب العلم» وإنارة دربه العلمي: 
كثيرة» وما هذه الصفحات إلا لشقّ الطريق في الكتابة عنهاء والأمل بالله 
عز وجل أن أكون قد وفْقتُ في عرض ما قصدت إليهء وأن ينفعني 
وأولادي وأصحابي والقراء بهاء وأن يكرمني ويوفقني إلى استدراك ما 
غاب عني من مهمات (صناعة طالب علم اليوم) و(عالم الغد) إن شاء الله 
بعال 

هذاء وقد طبع الدكتور محمد بن عَرّوز جزاه الله خيراً جزءاً لطيفاً فيه 
«مختارات من وصايا أندلسية مغربية» كلها نافعة ماتعة» استحسنت منها 
وصية العلامة المتفنن» من عيون علماء المغاربة في القرن الحادي عشر 
أبي حامد محمد العربي بن يوسف الفاسيّ (/98 - )٠١55‏ رحمه الله 
تعال» أوصئ بها أولاده حين قدموا فاس لطلب العلم بهاء استحستتها 
لوجازتها وجمعها لمهمات الطالب» ولرسمها منهجاً دراسياً له. 

وأنا أنقل نصّها من هذه «المختارات»”' بعد أن عرف الدكتور ابن 
عزوز بها وبكاتبها وبمن كتبت لهء فقال رحمه الله مخاطباً أبناءه”'': 


.147-1١5١ ص‎ )١( 
ورد أثناء الوصية أسماء أعلام ومؤلّمات مشهورة في تلك الديار المغريية‎ )1( 
والأندلسية» وهي غير مشهورة متداولة في بلادنا المشرقية» فينظر التعريف بها هناك تعليقاً.‎ 


هق الخاتمة 


تأؤل ما رسكيه" تقوئ الله العظيم في السر والعلانية» والإقبال على 
ما يعني» وملازمة الصلوات في الجماعة» والاشتغال بالعلم» والاستكثار 
00 

وليك 0 عنايتكم العم فالأهم, والعلم كل مهم والأهم علم 
الخرينة, ولا تؤخروا تعلّم مسألة لغد وهو بام اليوم» ولا تحقروا 

شيئاً من العلوم: هَل بَتوى دلوت وكا يمون تكد ووأ الك 4 
الزمر: 4. 

فخذوا في علم الذحو واجتهدوا في تحصيل مهمات قواعده. 
و«الألفية» كافية في ذلك» فأتقنوها حفظا وفهماًء فإن النحو مفتاح علم 
هذه الأمة العربية» ويلتحق به علم التصريف"» ومن توابعه: علم 
العروض والقافية» للاحتياج في بعض مسائله إليه. 


وحار غلم انايد فإنه أصل هذا الدين و أساميةة ثم إن تبين لكم 
شبخ محقق فاقرؤوا عليه علم الكلام» وإن أمكن تحقيق 0 يق الفلسفة الإسلامية 


( من بين الوضايا التي في المجلد الذي أثقل منه هذه الوضية» واننمة نا 
ذكرت: «مختارات من وصايا أندلسية مغربية»» من بينها وصية عبد الرحمن بن 
عذرة الأنصاري» المتوفى سنة 505» لأبنائه يحضّهم فيها على الجد في تحصيل 
العلم» ومما قال لهم في آخرها: تارايت مالك النحو ‏ بدرس اللغة.ء ولا 
تتكلموا ]إلا فلن المحفرظ مدها ظاهراء و اعلمسوا أن النحو واللغة رضيعا لبَانِء 
وها سن الاسيان هو كتين المديوان» وهينا ان ” علوم الشريعة والطبيعة»؛ وقطب 
المعارف الجليلة الرفيعة» فخذوا بحظكم منهماء زكل عله ضفل - إن شاء الله - 
بعدههاأ). 








الخاتمة لماع 


فلظ رامن ذإنها كني العا شرا اد الفكرة قرول و العاقة تسن «والسارة 
ضبطأء والنظر سداداء والناظر جرأة» وهي خادم للناظر في أي علمء 
وأهمٌ ما فيه علم المنطق» وقد قال الشيخ ابن عرفة: «من لم يعرف المنطق 
لا يوثق بعلمه»ء وهو علم متداول يتيسر طلبه» فاعتنوا به. 

وخذوا من علم الحساب القدر الذي لا بد منه في الفرائض والهيئة 
وغيرهماء وكتب القلصادي”" كافية في ذلك» وهو مقصود لغيره» فلا 
تطلبوا منه إلا القدر المحتاج إليه في غيره» ولا تجعلوه مقصوداً في نفسه 
فتوغلوا فيه إيغالاً» فيشغلّكم عما هو أهم منه. 

وخذوا من علم النجوم القدر الذي يحتاج إليه في المواقيت والقبلة من 
العبادات» وفي فصول السنة من العادات» والمتداول في ذلك «رجز» أبي 
مقرع». فإن أمكنكم قراءته وقراءة «روضة» الجاري فافعلواء ولا عليكم 
حينئذ في فهم «يسارة» ابن البناء إن تيسر لكمء وقد قضيتم منه غاية 
الأرب» ولم يبق بعد ذلك إلا ما تَركه أولى وأوجب. 

أما علم الطب: ف«أرجوزة» ابن سينا كافية في ذلك» فلا أظنكم 
تجدون من تقرؤونه عليه. 

ومن المهمات إتقان حفظ كتاب الله تعالى.» وتحقيق أدائه ورسمه 
وضبطهء وأخذ ذلك عن أمثل من تمكنكم القراءة عليه» وفهم «كتاب» 


)١(‏ هو أبو الحسن علي بن محمد القلّصادي الأندلسي الأصيل» التونسي 
الوفاة» توفى سنة 1١‏ رحمه الله وكتبه كثيرة في علم الحساب» ترجمه السخاوي 


في «الضوء اللامع») 5: 2١5‏ ومن كتبه اشرح على رجز أبي مقرع» الآتي بعد أسطر. 


او الخاتمة 


الخراز» وابن بر في الضبط والرسم. 

ولا تشغلكم الصفراء والحمراء عن تحصيل ما هو أهم من إعرابه» 
وتفسيرهء وأحكامه» فإن تيسر لكم حضور تفسيره على شيخنا وإمامنا 
السيد عبد الرحمن"' فتلك الغنيمة إن شاء الله تعالى» ومن أحسن التفاسير 
التي أحبُ لكم مطالعتها وتفهُمّها «تفسير» ابن جْرَي""'» ولا أقبل قول من 
يخالف في ذلك. 

ولا بد من معرفة علمي المعاني والبيان وتوابعهماء فبذلك يطل على 
أسرار الكتاب المنزل» وحديث النبي المرسل» و«تلخيص» القزويني فيه 
الشفاء» لا سيما بشرحه للشيخ سعد الدين'”» واطلبوا الإجازة من شيخنا 
سيدي عبد الرحمن فيما أجازه فيه شيخنا القصار”'' وفيما له هو من تأليف 
ونظم ونثرء وإن قدّر لكم أن تسمعوا عليه صحيحي البخاري ومسلم فبَخ 

ولتجعلوا الفقه ‏ مع ذلك كله - جل بضاعتكم» صارفين إليه أعظم 


)١(‏ هو أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الفاسي» المتوفى سنة ٠١175‏ رحمه الله. 

(1) هو تفسير «التسهيل» المطبوع مراراً» وهو قريب من «تفسير) البيضاوي 
والنسفي» والاستفادة منه أيسر من الاستفادة منهماء لكن يحتاج الناظر فيه أن يكون 
حافظاً لكتاب الله تعالى. 

() «التلخيص» للقزويني» لخّص فيه «مفتاح العلوم) للسكاكي » وللسعد 
التفتازاني شرح على كل منهما. 

(؟) هو أبو عبد الله محمد بن القاسم القصارء المتوفى سنة ٠١١7‏ رحمه الله. 


الخائمة 1 


اهتمامكم» فلا بد من حفظ «الرسالة» و«المختصر)”"' وفهمها إن شاء الله 
تعالى» فإن وقع إشكال في مسألة أو انغلق عليكم فهمهاء فلا يكون 
حظكم فيها الاقتصار عنها وتوليتها ما تولت» بل تتّبعوها بسؤال من له 
معرفة بالفن» ومطالعة الدواوين والكتب حتى يقع الشفاء. ولا تحتقرن من 
تسأل» فبذلك أوصانا شيخنا إمام وقته السيد محمد القصار رضوان الله 
عليه. 

ثم لا يكن بحثكم ذلك شاغلا عن 7 تحصيل أحسن ما يسلكه الطالب 
إن كانت له أهلية النظرء وقابلية الفهم» وحصل له استعداد -: معرفة أدلة 
المسائل من الكتاب والسنة والإجماع» ومأخذها من هذه الأصول» حتى 
يلحق الفرع بالأصل» بحكم الربط والوصل. 

ومعرفة قواعد إمامه التي بنى عليها أصوله وفروعه» وحينئذ لا 
بد له من معرفة أصول الفقه» و«جمع الجوامع» لابن السبكي محصل 
لما فيه الكفاية منهء ومن معرفة القواعد المذهبية» وفى «إيضاح 
المسالك» للونشّريسي من ذلك ما يكفي» وقد نظمه ابه سيدي 
عبد الواحد في «أرجوزة» مقيدة وزاد عليه'", ونظم القواغد أيضا: 


)١(‏ «الرسالة» للإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي» المتوفى سنة 7/857 رحمه 
الله؛ وكان يقال له: مالك الصغير» وتلقى الناس كتابه هذا بالقبول جداء وتنافسوا في 
اقتنائه»؛ حتى إنهم كتبوه بالذهب. 

أما «المختصر» فهو مختصر الإمام خليل بن إسحاق الجندي» المتوفى سنة 
5 وهو أشهر متأخري المالكية» وكتابه هذا أشهر كتبهم. 


(؟) الفقيه المفتي عبد الواحد بن أحمد بن يحيى الونْشّريسيء أرّخ وفاته 


در الخائمة 


الرقاق'2 ومن قصد إلى ذلك يتتبع مظانه: ك «قواعد» القرافي والمري 
وقيوهها. 

ثم ليكن قصدكم في ذلك التقرب إلى الله تعالى مخلصين لهء ولا 
تدنّسوا صَفْوَ قصدكم بشّوْب غرض دنيوي» فإن الدنيا أحقر من أن تقصد 
بأشرف المطالب» وفائدة العلم العمل» وليس فيما سوى الله تعالى للعاقل 
أمل» و(إنما الأعمال بالنيات...» إلى آخره» فأصلحوا نيتكم ما استطعتم» 
والتزموا التقوى وعمل البر»ء فإن ذلك ذخر ونجاة في الدنيا والآخرة. 

تحترا بعلل الأعار روكب مكلترا ينعطي ا عطاية اله دار 
والتواضع» والحياء» والوقارء» والسكينة» وكرم النفس والأعضاءء 
والصفح» وغض البصر عما لا يليق النظر إليه»ء والعفاف.» وحسن 
العشرة» ولين الجانب» ونزاهة النفس» والتنزه عن سفساف الأمور وما 
يَخْل بالمروءة» واكتساب الصفات الحميدة ما أمكن. 

ش وإياكم والكبرء وأضِرَه : في التعلم» والبطش» واتباع الشهوات؛ ومن 
أضرّ الأشياء صديق السوءء فإن صديق السوء يردي» والطباع تسرق 
الطباع» وقالت العامة: كن مع من تكون. فمثله» ومع من رأيتك شبّهتك, 
وإياك أن تَرضى بصحبة ساقط. 

زوالا ميستنة نود" تيقلت مها لفح مولا يد للق لق الف امال 


التتبكتى في «نيل الابتهاج») ص84 7: سنة 4005 رحمه الله» وكلمة «مقيدة» هكذا في 
المطبوع الذي أنقل منه» وتحتمل أن تكون: مفيدة» بالفاء. 
)١(‏ العلامة أبو الحسن على بن محمد الزقاق التجيبى» المتوفى سنة 4١7‏ رحمه الله. 


الخاتمة ا 


مقاله"'': فإن كنت في قوم فصاحب خيارهم» وإذا صحبتم الأخيار 
فالزموا الأدب والوقارء وإياكم والاستغراق في البسط والاعتماد على 
الدالة» فإن ذلك يزرع الضغائن» ويثير الكمائن» ومن مازح الناس 
استخفوا به» وكان محمولاً على خفته» والطبيعة داعية للمزاح» فليكن في 
الكلام بقدر الملح من الطعام. 

وعدا كلامكم من عملكم» وأصلحوا من عملكم ما استطعتم» 
واصعوايط عك” فامن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»» واعرفوا 

حقّ أهل محبة آباتكم» » فإن بر الرجل إكرامه أهل ود أبيه»» انتهت ت الوصية. 
وبها يتم الكتاب. 

وأسال الله تعالى التوفيق والإخلاص والقبول والنفع به» وهو أكرم 
الأكرمين» والرجاء من الله تعالى - وهو أرحم الراحمين اق هن 
الأمة المحمدية بالفرج والنصر واللطف». والعزة والكرامة. في الأحوال 
كلها. 

وصلى الله وسلّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين» وآخر 
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. 


المدينة المنورة 49 555١اها‏ دعو 3 


)١(‏ تقدم ص ١50‏ أن هذه حكمة من حكم ابن عطاء الإسكندري رحمه الله. 





فهرس الآيات القرانية 


سورة الفاتحة 


سورة البقرة 


#والدنَ يفون نكم * ل 


00 سوس حت اصع سس ساماد و سح اع #2 


يه 00 م 
#رينا لا ترح كوبا بعد إِذّ هَدَيْتنا وَهَبْ لنَا مِن لَدْنكَ وَحَمَةّ 
1 


سورة النساء 


سس مح ر - ال 


وءَاتسَمإحخد دهن قَِنطانًا 5 05 فو فاح 4 810 6ه 4166 وه تق اق كيف ماح 84 0422 4ك واوا ل 21 


«وأل نكر يت » 5ك 


05 ول لوخ سس سس لخر سرك لخ واه م 
له إ لاهو والملهكة وأولوا لعل # 50000 


اوت 


لفلف فهرس الآيات القرانية 


«ولا يَجْرِمَتسَكُمَ مَكَانُ َو ع ألا تدا 4 ادال با 

« جح الزن حكدروأ مب إِنرويلَ 4 0 
سورة الأنفال 

« وَأتَّهُوا وِنْنَدّ لَا ضيب لين طَلنوأ دك دَصَسَةٌ 4 ا 000 
سورة التوبة 

00 أن مرضوة #4 


م هو ماعو مو 7 
#والله ورسوله: أحق أن يرضوه 


وه 


#ومَا ات الْمُؤْمُون ينفر وا كافَة # 000000151 0 0 اا 


#ويصئع الفلك 4 مجر وجا سمو ااوبط مب اع امم 1 


أ ا 7 اسجعرار 
0 وَإتَوى سَّكِ مه مْرِيبٍ # موق وه اجاج 07 و بن حي هاو قز ا وال 4 نيه ع لج ا ور ا 04 يا كال ا ل 2 يه 4 


# وما أَرُسَلْنَا من رَسُولٍ إل بيسن مد نبت لم 4 8 
«كين سَحكرثْرٌ لزيد ك6 » 0 
« يْعرَثُ أمّه أل ءَامَنُوأ الْقَولٍ لدت * يسوي 0 


سورة الحجر 

© إِنّا تحن نَدَلنَا ألزّكْرَ وَإنَا لك فظوت 457 اذ[ 1 00000111 
ا سورة الدحل 

وَبأَلتَجم هم يْتَدُونَ 405 ا 0 


-ه 


#لمبينَ نا مَا ذرْلَ لتب ا 0 


فهرس الآيات القرآنية 


4١ 





هر مقو | عا حت سل 
إن | يأمر بالعدل الإحسلن 3 اا لي ا1 ان وك وا امف كمد كوم رو عر له ره به ارت 
سورة الإسراء 
5 ع2 3 ل وح سا عرس 


أوثوا العم من فلو إِدَا 


حش 
4 عم و 


لمَدلَتِِامن سَمَرِئَاهَدَاََ4 


وس رمه © لراك 


لهل كعك أن مين ِنَائْلَمت رُشْدًا 4 


سورة طه 


سورة النمل 


رمح س سوج ع ا - 
وحثر سلجن جنود مون الجن لاض والطير * 


م 


تلك من سَمَا يبا بقن 5 00 0 0 0 0 ا 1 


رس 0« 


تنمآ أويسُهعَلَ ملعن * 
سورة العنكبوت 
سورة الأحزاب 
ماه عل كات َالأضٍ وبال 4 
سورة الصافات 


0-1 


الم هنذا مَلَْعَمَلِألْعنيلونَ 45 


"9 
00 01 


ل سحي م1 7 روسو انظ سآ ترم صم م 
«عزْيسْتَوى ال نويلمو مدر ولوأ للبت 4 


#وَمًا يلقَّهَآإِلَا كر حَظٍ عَظِيرٍ # 000000 
سورة الأحقاف 
#وَاذ لم يَهِتَدُوأْ يو شَيَفُولُونَ هنذا إِفْك مَرِيِدٌ 4 ... 
سورة محمد 
سورة ق 


«امَالْفِظُ من وَل إِلَالديهرَقِكٌ عد (40 52110 


وَرَهْبَانَةأسََعُوَهَا مَاكَيْسَهًا عَلبَهَرَ 4 طصطصظ59-9-55 


ذه 


سورة تبارك 
لود 7 ا لدي صرح وَجَحَلَئَها بوم شين 4 1 
سورة المطففين 
7 َلك لكان لْمسسفْسون* م لي 
سورة الشرح 


يدا منت فصت (2) وَِلَ رَيْكَ تيمب (412 0 





فهرس الأحاديث والآثار و 





آتي باب الجنة يوم القيامة اتاو ع و امس اط جب سا ا 1 
لع قار او وي 0000 8د 00 
اغتنم خمساً قبل خمس ل 0 
افوعاننا انها أ اسع د اا 0 
أحب الأسماء إلى الله 000 
إذا مات الإنسان انقطع احج لتسس لاقي كنج كن تدا وان سو اس 
أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ووو الس 5 
أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم الف امو افوا دوو طاو ال 01 
إن الحسن والحسين هما ريحانتاي م 1 
إن العلماء ورثة الأنبياء 0000000000 
إن القسوة وغلظ القلوب سو و سو ب مامت ا بوم قط الامو ا 
إن الله تبارك وتعالى ينزل إلى العباد 10 
إن الله لا يقبض العلم انتزاعا المح ا تاق تنكام لمحا اجا ف اد 
إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتا ا و ةا 
إن اليهود مغضوب عليهم الفط نوق فقأ همية امك مله م أل لما 31 لطت زو وول + 6:8 
إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم اج ا اطسو كارا لدو لق 
إنك تأتى قوماً من أهل الكتاب ا[ 1 0000000 


21 فهرس الأحاديث والآثار 


إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء ##لاوقونو وا ماماو سحو سني ناا 
أنه صلى الله عليه وسلم كان يسأل الناس عما في الناس مم ب قو 
بم أهللت يا علي 0 
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتكىء على أسامة و م ا 
خير الناس قرني 000001 
الدين النصيحة 0 00 
رجل تعلم العلم وعلمه أذ مه طم وم ام قي الو ا ل 
الرجل على دين خليله أ تو و سم ا ول لماه لط 11 
سلو الله علماً نافعاً اا 000 
طلب العلم فريضة على كل مسلم 0000111 00000 
العجماء جبار» والبئر جبار مامددا ررق ل ا وا الو الو او ا 
الفخر والخيلاء في أهل الخيل الحو اوه ندا مساح أوا واه مع ارام الو نمه 81517 ا 
قل ربي الله ثم استقم ارط موا قف طامط ا 
كان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه 00 ز ز[ ز ‏ 0 10000000 
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن 1 0 0000 
لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين اوقا موابو اااة و ااخطة بق لله جع التو م ما 0 
لا تزرموه اوور تو لوكو لخن اماه طاوللا 
لا تزول قدما عبد يوم القيامة د وان واه لاوم الكو بالطو 1 ل اج ارولو اداو وي ار 
لا تصاحب إلا مؤمنا 1107011010000 
لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ذ[ذ[1ذ[ 1[ 0 
لا يزال الله يغرس في هذا الدين سفوا نوس اول ول وا الا 





فهرس الأحاديث والآثار 6 





لقد ظئنت أن لا يسألني عن هذا الحديث السو اام ا 0 
اللهم اجعلني من التوابين ا ا ا ا 
اللهم انفعني بما علمتني اي ع 1 
اللهم إني أسألك علماً نافعاً ا اا 
اللهم فقهه في الدين 0 
لو تدومون على ما تكونون عندي اع باج مان الح اخ ونام امسا الا 
لو طعنت في فخذها لأجزأ عنك 000 0 0 01000700 
ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم مط الخ لواف ا الم قل ااا 5 
ما شأني أجعلك حذائي 56 1515ذ1ذ1[1[1[1[1[1[1[1[1ز12111#1#1#1[#171 
ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه لو ا 
ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ - لم10 
من حسن إسلام المرء ادن انا اضيب لاوا ماس اس 
من ذكركم بالله رؤيته ااالاطاوم انبج و اامقاة لطا الخ ما مم ابابا اماس و 1 
من الك طرينا يهنن 3 
من صنع إل وو تطحو و ونه خا ابجاو م وما مسد وف وش 1 ل ا 91 11 
من وضع هذا د01 3ط 
المؤمن القوي خير وأحب إلى الله ا 0011 0 


655 


فهرس الأشعار 


فهرس الأشعار 


السيفة امدق احاءيي العنيتن 
بصرت بالراحة الكبرئ فلم تَرها 


و و 
مررت على المروءة وهي تبكي 
جمال ذي الأرض كانوا في الحياة» وهم 


رجال الغد المأمول إن بلادكم 


ديك للعجد والساعون” قن يلكو] 


أ 
قاللي: في عمائم الفقهاء 
0 
ومناأميرٌ المؤمنين شبيب 
آخر الأمرين من وراء المغيب 
في حله الحد بين الجد واللعب 
تال إلا على جسر من التعب 
لوأنصفوني لكثت أركب 
افق 
فقلت: على م تتتحب الفقاة؟ 
© 
ومُدمن القرع للأبواب أن يلجا 
و 
بعد الحمات جمال الكتنب والمير 
تناشداكم باله أن تتذاكروا 


جهد النفوسء وألقوا دونه الأررا 


١ 


5 





فهرس الأشعار 





إني رأيت - وفي الأيام تجربة ‏ 
اللتعي انلحم 0 
ا 


أقول لله زوالة تحسعه عفرو 


تفن للسدوين كبل ميحرين 


إذاغر تيك تحكبدايها جدذكرمم 
البسوم شحمرة وعدا مله 


ستذرنك الكعواة سد ضوع 


آذه 


ونامتن حاولا بالأماي ركتي: 


امير عالتة مهرد الأننت: 
امي لطا تجيي] الاسحفها 
الاتساكة تعمد معن الطتر 
وينطقه خالدء ويكتبه بكر 
سس 
بليد يسمى بالفقيه المدرس 
ولشسالة انق اعانا فنيكين 
طّ 
3 
لهفي كل علم بالجميع 
ف 
قبلا كدري عرسم الوفتنا 
نح الأمسمناء ديق ظريف 


6ه 


قو 
من و صا غانية وطي طيب عناق 
كم بين مُستفل وآخَر راقي 
ل 


ددن 


4 


184 


يل 


/اع6 


6 
مجسانين إلا أن سير جنونهم 
هم الرجال» وعيئب أن :يقال لمم 


الفقر في النفس لا في المال نعرفه 


ولو أن أهل العلم صانوه صانهم 
إذا غامرت في شرف مُروم 
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم 
يسن القندر ان:الكتمية دي 


أفية *لنى تضال الل الا رعس 
املضيتة اشاب كيد بجو 
إن الذي شق فمي ضامن 


يوماًيمان إذا لافسية يكين 


لبجدا كت اله المسدالن | رتجهينا 


فهرس الأشعار 


خفي على أبوابه يسجدٌ العقل 
لم ينّصف بمعاني وصفهم: رجل 
ومن يخطّب الحسناة يصب ر على البذل 
ومثل ذاك: الغنى في النفس لا المال 
و 

ولو عظموه في النفوس لعَظلّما 
فلا تقنع بمادون النجوم 
ولو عظّموه في التفوس لعَظَّما 
أخحافه و لإدراك العللوم 
نَ 

سأنبيك عسن تفصيلها بان 
فلما سيد ساعده رماني 
الرزق حستى يتوفاني 
وإذ ليت مَحصَدياً فهفاناني 
ا 


غير الذي عهدت من علمائها 


ذ7, 


1م 


1١/1 


:لات 





16 


فهرس الأعلام 


حرف الألف 
إبراهيم الترمانيني 50؟ 
إبراهيم الحربي 2515٠‏ 7:09 
إبراهيم الخليل عليه السلام 5١5‏ 
إبراهيم السلقيني (الجد) 7٠١‏ 
إبراهيم السلقيني (الحفيد) ١٠؟‏ 


إبراهيم النخعى 25 /1 1١‏ ليه 
لاؤكل آاثللنل “وات علاكت كرتل 


يكن 
إبراهيم النظام 47 ات 

إبراهيم بن أدهم ١٠/ت‏ 

إبراهيم بن الجراح 47 

إبراهيم بن الحسين بن ديزيل الهمذاني 
4١‏ 

إبراهيم بن سعد ”7717 

أبزى والد عبد الرحمن ١4ت‏ 

ابن أبي أصيبعة // ٠‏ 

ابن أبي الدنيا ١١1‏ 

ابن أبي العوام 4لات» 094,. 284 245 
لات 47 711 هم 


ابن أبى جمرة الأندلسى ١؟‏ 


ابن أبي حاتم 245 95. 23١6‏ 555ء 
لحا رول كام 

ابن أبي خيثمة ١59‏ 

ابن أبي دؤاد ١51‏ 

ابن أبي شيبة 216 كك كلع ول 
تل كا ماس اكه حار 
ع يلفس امن 

ابن أبي يعلى الفراء 015١8‏ 580غ 
لكات 

ابن الأثير 5١انتء‏ ١غنتء 815971١‏ 
ابن الأكفاني ٠١7‏ 

ابن البيطار 4٠‏ 

ابن الجوزي /"'ت2 ٠١خمت؛»‏ الى 235 
الى موك لام هت 1و 511 
ابن الحاج ١؟‏ 

ابن الحصار المالكي 7557 

ابن الحنفية 54/8 7 

ابن الرومي 7٠‏ 

ابن الساعي 7١9‏ 

ايز السكق اكت 


لل 


ابن الصلاح 55 2٠١5‏ ١١اتء‏ 
ملاتا ١و‏ 75و ١17‏ 

ابن العديم :7اتء 7”8ات2 وات 
ابن الغرني :ةالضه 01 
لانت ملا الما 

ابن الفرضي ١5١‏ 

ابن القاسم /51» 23158 5١ل‏ "الل 
يت رفوا 

ابن القيم ٠*لاء‏ “الاء 27515 علالات» 
الاك كلل وكثلن, كذكلات 

ابن المقايقي 11 11 
ابن الملقن /1١1ات‏ 

ابن المهتدي /٠١‏ 

ابن النجار 557 /ا 5١9 21١١‏ 

ابن الوردي 599 

ابن أيبك الدمياطي 9١ت‏ 

ابن بشكوال١51١21‏ 55ات 

ابن تيمة (عبد الرحمن 5/ت 

ابن تيمية (الجد) 5/ت 

ابن تيمية (الحفيد) 485ات» "الاا, 
الالانتاء 5/ا 

ابن جريج 775 

ابن جماعة .١548 258 25١‏ 654٠ء‏ 
ملل اد 5نلل مكل ملاكل 


فهرس الأعلام 


و9 ”595 2555 /او255 روت 


ليق 

ابن جني 571١7‏ 

ابن حبان »2'53”١‏ همدتء لاكاتء الال 
١"ات)»‏ 55اتء 6هاتء 25١‏ 
اضل ,)هلكات 


ابن حجر العسقلاني ١ءته»‏ 5ةّتء 
ل عو 4١ل‏ لااات» 
ملاات وك عككتل كلث وللق 
لات 14ل مرنء كارع 


ابن حجر الهيتمي لخر 


78٠ اكات‎ 


كملق 


/ادات» 


ابن حزم ؟لااتء» ل/ا/11. 5١7‏ 
ابن خزيمة 21159 5378١ 1١5٠‏ 
ابن خلكان :”ات 

أبن دحية 5/20 

ابن دقيق العيد 5/8 » /ا7١١. ١4١‏ 
ابن راهويه 5١9‏ 


أبن رجب الحنبلى فلل لاا وك 
كلل 55 افص كف كذلثبابء مال 


الا كول مم 
ابن رشد 11/7ات 
ابن رشيد ١17‏ 

ابن رواج ١91١‏ 

ابن زرقون 5١لات‏ . 





ابن سعد 7375 14لاتء 8184 

ابن سيرين 47. 4كتء 389 191ء 
0 

ابن شاهين ١٠/ت‏ 

ا ادي ات 

ابن عباس 6" ؟قتء 4ق امع 
مول رمن ران حوى وى 
تو ا لال الانات و دعن لأا 
وال حل ووظات موس لو 
ابتعغيه لبذ #نتومامة قوع 


كقغتء) اقلت 8ة25) #”#ه) 5ه 
ككت الاك كل تكك ككل 
ارك كلك 55# 55آء 5د 
غك هلاكاته الالاتء 2757/5 
6ت 259556 ات 350 
8ه”. «للبتء. وؤكاتء 
فخ 1 رديانا 

ابن عبد الحكم 50/7 


ابن عبد الهادي 59١ات.».‏ 117لات 

ابن عبد ربه 4١ت‏ 

ابن عساكر ١حت)»‏ 2484 .4١‏ لال 
:ا هخ( لات 
9ت 5١١ 2.١537‏ 0515 لاككت 
ابن عطاء الله الإسكندري 85. ١66‏ 


»تا٠ءه‎ 


ابن عطية: غالب بن عبد الرحمن 70/7 


ابن عقيل الحنبلي 41 8/4 

5١7” 275١١ ابن عون‎ 

ابن فارس 5" 

ابن فرحون ٠/اء‏ ل/ا١٠ات‏ 

ابن فَهُم 54" 

ابن قتيبة 56) ١8‏ ؟انت2» ”777 

ابن كثير 27/4 77 آنت2ء 740 

ابن ماجه 27”"١‏ ”"انتء 5"انتء لاا 


ككنتث) لاكت» الل كمات 
لاددكتء 5954 خ5”5#3. الاساتثء 
لات 

ابن مجاهد ١50‏ 


ابن مفلح :لااتء “ات 59 
الت 

ابن مقدحة (المقرى") 5١60‏ 

أبن منده ١4ت‏ 

ابن ناصر السّلامي 5/ 

ابن نجيم ١7١‏ 

ابن هشام النحوي ٠٠١‏ 

ابن يونس 88”؟ 

أبو أحمد نصر بن أحمد العياضي ١57‏ 
أبو إسحاق السبيعي ١78 23٠١7‏ 


دف 


أبو إسحاق الشيرازي 6١٠٠ات».‏ 25955 
30 

أبو إسماعيل الهروي 557 

أبو البقاء الكفوي 4 ؟ 

أبو الجلد جيلان بن فروة ٠١7‏ 

أبو الحسن الصفار ١75‏ 

أبو الحسن الندوي 7175 

أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان ١57‏ 
أبو الحسن علي بن عبد العزيز 
الجرجاني هللات 

أبو الحسن علي بن موسى بن محمد بن 
عبد الملك 6م 

أبو الدرداء ٠‏ ه", ثلات.4ة4ت» 
اعت 5ف 54ل .1١5‏ ثلاث 
:“ات 

أبو الزناد /5 ١‏ 

أبو العالية الرياحي ١97‏ 

أبو العباس ابن سريج 21١5١‏ 7014 

أبو العباس البكري ١79‏ 

أبو العشراء ١١/8‏ 

أبو العلاء ١5١‏ 

أبو الفرج الإسفراييني 9/ 

أبو أيوب الأنصاري ٠١/7‏ 


أبو برزة الأسلمى 8١‏ 


فهرس الأعلام 


أبو بكر الأبهري ١0/‏ 

أبو بكر الخياط النحوي 947 

أبو بكر الصديق 2.50 ١١ا2‏ 58ل 
ات 

أبو بكر المالكي "٠08‏ 

أبو بكر بن إسحاق الصبّغي ”١1١‏ 

أبو بكر محمد بن داود الظاهري ٠١1‏ 
أبو بكرة ١7‏ 

أبو تمام ‏ الشاعر ‏ ١١٠ات‏ 

أبو جعفر أحمد بن بديل اليامي 779 
أبو جعفر أحمد بن حمدان الحيري 
6 ته 71١‏ 

أبو جعفر الداودي ١57‏ 

أبو جعفر المنصور 27١14‏ 754 7594 
ين 

أبو جندل ١7/5‏ 

أبو حاتم الرازي 295 95. 68١7ء‏ 
تدد سن 

أبو حامد الإسفراييني 7١‏ 

أبو حمزة السكري ١8/8‏ 

أبو حنيفة 4لات)» 258؛ 2488 كولرتء 
لاق كش لاق ملك كلك "لل 
1 55كء 54كء لول 
ذلال الال لامك 16 


05 
/ل11”؟ 


فهرس الأعلام 


مدكل لزكان #لاكء ىت 5846نت 
ا اررض اوور 
رتغ #الاا م/ا؟ 


كىمت 


أبو حيان الأندلسى 5لاات» ١الات»‏ 
ار 
أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز 07 ؟ 


أبو خيثمة زهير بن حرب ٠١‏ 


أبو داود “١‏ لاا١لته.»‏ 65٠ات»‏ 
كهات.2 لادهااتء» كات و20 
الالاتب مدقل وال ت5للل ردن 


مس 

أبو داود الطيالسي 707 

أبو ذر الغفاري 7/7 

أبو ذر الهروي 757 

أبو ريحانة ١79‏ 

أبو زرعة الدمشقي 2544 751 

أبو زرعة الرازي /ا24» 556,. لاال2 
نا 

أبو زيد عبد الرحمن بن محمد 
التلمساني ٠١17‏ 

أبو سعيد الخدري 54» 01084 ١07‏ 
أبو شجاع محمد بن حسين الأهوازي // 
أبو طاهر السلفي ١/15‏ 

أبو عبد الرحمن السلمي 07 


07 


أبو عبد الله الدامغاني ١١ت‏ 

أبو عبد الله بن حامد 7١6‏ 

أبو عبيد القاسم بن سلام ١٠5ء‏ 
كته ددآت 

أبو عثمان الصابوني 57 ؟ 

أبو عصمة البيهقي 2146 514١‏ 

أبو علي الصدفي 7765 

أبو علي الفارسي 717/7 

أبو عتبّة الخولاني 7١‏ 

أبو عوانة ١9٠‏ 

أبو غسان المسمعي ٠١5‏ 

أبو قرة الزبيدي ١89‏ 

أبو محمد ابن الخشاب 0/ 

أبو محمد الجويني 95؛ ١91٠‏ 

أبو مسعود البدري “ا١٠.‏ لاداتء» 
ات 

أبو مسعود الرازي - أحمد بن الفرات 

أبو موسى الأشعري 2.58 لاداتء 
1 

أبو نعيم ١آتء‏ ١٠متء‏ لالم 2١١9‏ 
١‏ هلاكل دلالتء الاات 

أبو هريرة 20757 5'نت2» 257 255 2355 
9 الال لاداتء 5ذاتء لاوا 
لاك لل للكت 7 104١‏ 


26 


أبو هلال العسكري 50. آلاء /الم 
كل أدحكى ١5كء‏ 6#آانتء ”دك 
56 5 آاق'ن”ت 


أبو وهب الجشمي 7١١ات‏ 

أبو يعقوب السوسي 50 

أبو يعلى الفراء .71١60‏ *57/ات 

أبو يعلى الموصلى :.١١5‏ 56ات» 
5 : 

أبو يوسف القاضي 45)» 258 !29 
1 #قكء 8]كء 5لك وكل 
لالاتث ألاك ال كرك كلك 
خضة ضة ارس 

الأثرم ”لاا 

الآجري »5١‏ /اه 

أحمد الحجي الكردي "٠١‏ 

أحمد بن إبراهيم الدورقي ٠١5‏ 

أحمد بن الفرات أبو مسعود الرازي 
١1107 48 .91/‏ 

أحمد بن حنبل 5. 44. لادت» 
دعتء الاء كل ماك علالتء 
امل همزا لاد ردكت الكل 
الالو :ال لكا هزاء دواتء 
اي الل مرش برضشضية تيضر 
الال عل لوم 

أحمد بن طولون 1178ت2 19/ات 


فهرس الأعلام 


أحمد بن عبد الرحمن بن وهب 45 
أحمد بن عبد الكريم الترمانيني ١50‏ 
أحمد بن عبد الله بن هاشم /ا"٠‏ 
أحمد بن علي الرقام 7/ 

أحمد بن منصور الرمادي 4١ت‏ 
أحمد بن يوسف الأزدي ٠١5‏ 
أحمد بن يوسف البغدادي ١549‏ 
أحمد قلاش ١145‏ 

أحمد محمد نور سيف 67 

أخت الإمام الشافعي ١١9‏ 

أخحت بشر الحافي 791١‏ 

آدم عليه السلام 275 7555 

أربدة التميمي ١7١‏ 

أسامة بن زيد 5/1١ .1١1/‏ 

إسحاق بن إبراهيم 1/7" 

إسحاق بن إبراهيم بن حبيب 51١7‏ 
إسحاق بن إسماعيل الطالقاني 774 
إسحاق بن محمد الفروي ١57‏ 
أسد بن الفرات 2.55 لاأت2» 29# 
كل 5ك دلكء اك ام 
إسرائيل بن يونس ١١‏ 

أسعد الميهني 599 

إسماعيل المقري ٠لات‏ 

إسماعيل بن إسحاق ١04‏ 


فهرس الأعلام 


إسماعيل بن الحسين العلوي 777 

إسماعيل بن رجاء الزبيدي 771 

الأسود بن خلف 417١ات‏ 

الأصم أبو العباس 2/9 ١9٠‏ 

الأصمعي 778 25940 70/8 

١07 .»57 الأعمش‎ 

إلكيا الهراسي /37851: 7/1 

الآلوسي ٠لات»‏ لات 

أم سلمة ١6‏ 

إمام الحرمين 2357 5لاء 2,45 لاه” 

أنس بن مالك 757 5ثل”ى لإلاء سام 

ا ا 4 ال 

الأوزاعي 154. 2,159 كلا( ١٠8اء‏ 

موك لامكا لاسا لاس 

أيوب السختياني 77١‏ 

أيوب بن سليمان أبو صالح ٠١9 27١8‏ 
حرف الباء 

7/٠١ البابرتي‎ 

١١1٠ الباجوري‎ 

الباغندي /51١ات»‏ 7١ات‏ 

بَحير بن سعد ١١4‏ 

البخاري «#, الاء (اغت2 4كتء 

لادته 24١‏ لق كق لاحك ولك 

الم الال 


26 ااام 


506 


"ات ”ات ””وك.2 لاداتثء 
:لت 2.5١5‏ 
2551 55ك”ل ١ادكل2‏ ”دك ,رد 
48 آكك7ء الكت "لمى”اتء 
لل كد التء ان لوق ”دكن 
591١‏ 


بدر الدين الحامد ١85‏ 


وات ”ات 


البراء بن عازب /ا١1ات‏ 
البرزلي 250:5 2556 556 
البرقي /70 

البرهان البقاعي 775 


البزار "اات» 
:ةل'_ت 


ايم 515 


بشر الحافي 791١‏ 

البغوي (المفسّر) ٠ه‏ 

بقية بن الوليد ١١8‏ 

كبن عات 8 

بكر بن محمد الرَرَنْجَرِي /01” 
البكري 55ات ' 

البلاذري ١4ت‏ 

البوصيري (المحدث) ١65/8‏ 
البيضاوي ١1‏ 


605 


البيهقى “مت كال كل الال 
اللو 10 مت 
/زه”. كروت 


ولاعت 


حرف التاء 
التاج السبكي 5كتء هدثلات. ل/الات» 
9 5:آانتء 50564١58‏ لاه 
الترمذي 27١‏ الانتء 5انتء كات» 


6ت 55 ككتتء 5للى لااكء 
لاكات)» 5هات.2 لاهدات.» لاو١اء.‏ 
لات كل ونال :للا 511 
التتبكتي 17١٠3ت2 ٠١8‏ 
توما الحكيم 1/5١ات‏ 

حرف الثاء 
ثابت البناني ١1٠١‏ 


تلات اللعرق 13313 
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه 
وسلم لادت 

حرف الجيم 


جابر بن زيد /561 

جابر بن عبد الله هت. 2737 /ه5. 7147 
الجاحظ 57 انتء 75١‏ 

جرير بن عبد الحميد ٠/الات‏ 

جعفر بن درستويه ١515‏ 

الجنيد أبو القاسم 56٠‏ 


الجوجري 17/7١ات»‏ 775 
لومي 

حرف الحاء 
حاتم بن إسماعيل ١89‏ 
الحارث العكلي 775 
الحارث بن أبي أسامة 7١١‏ 
الحارث بن عميرة 5 ١7ات‏ 
الحارثي أبو محمد ١17‏ 
الحازمي أبو بكر 49 
حافظ إبراهيم (الشاعر) 5وت 
الحاكم الا, لالاتء كلاتء 24١‏ 
اكتء 148اكء 7ثلل لال لازات» 
ات.ء 5 ابتء 555ء "اول كرولات 
الحاكم الشهيد ”97 
حامد بن يحيى البلخي ١7١‏ 
حبيب بن أبي ثابت 277 5/8 
الحربي (وصي أبي يعلى الفراء) 7١5‏ 
حرملة بن يحيى التجيبي 5 ٠١‏ 
الحسن البصري .١58 2١755‏ ١”7(اء‏ 
3 
الحسن بن زياد 7/817 
الحسن بن سفيان 018-١75‏ 19ت 
الحسن بن صالح بن حي 77 
الحسن بن علي 791١‏ 








فهرس الأعلام 


الحسين بن سعد الآمدي /7 
الحسين بن علي 41" 
الحسين بن محمد الفراء 5/6 
حفص بن ميسرة ١10‏ 
الحكيم الترمذي /5 
الحلواني 5١57‏ 
حماد بن أبي سليمان ١١١‏ 0/5( 
ع ل 
0 ا ا ل 
ل لشن كن 
حميد الطويل /7”51 
حميد بن عبد الرحمن الحميري 45 
حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ”١١7‏ 
الحميدي 76 
حنظلة ١78‏ 
حوط بن رئاب الأسدي ١55‏ 
الحيري أبو بكر ١9٠‏ 

حرف الخاء 
خالد بن أنس 17/8ات 
الخسروشاهي عبد الحميد بن عيسى 
ل 
الخّضر عليه السلام 27748 2319 510 
الخطبي البفذادي حك ال 1 
7ق "اق رق "ام 2655 5ه كت 


ا 





وي "لاتء؛» لاكات.» ملات)» ٠قت2ء‏ 
لاع ل ماك فاك 55 5كات 


١5٠‏ ”آاتء "”5اتء 55لء 
لاك ك5كك مدل لاوك :دكت 
مذلككىء ككل كاثلل كلك لالت 
هلل لل "نت 555”ء ١.55‏ 
دولل ”وارتء 55ل هككء لاكلء 
كمكاتء 'اؤآتاء 459590 5ثآتكء 
ول كال الات ٠5آتتء‏ 
لولاتء 6مدخاتء الا ”لال 
وا 7017 

الخطيب التبريزي 7/7 

الخليل بن أحمد الفراهيدي امع 
مدا 

حرف الدال 


الدارقطنى 2189 859 


الدارمى ذل "تق 5ق "أكك تشتككل 
ا ا 


داود الطائى /ا/ 
دغفل بن حنظلة الشيباني غ82 


الدوري 15ت 

حرف الذال 
الذهبي 5 44 فذلاتء الى الى 
لىع عؤتلء اق عد ؟الااتء 
مال 55ل مات 9"اتء 


0 


ال كرات ول لاكاتء بات 
كم 35554, 04ت 


الالات 


دت 2 


حرف الراء 
الرازي (المفسر) 838. ١٠٠ات2‏ 2748 
تس لشي رشق مرف 
الرازي الجصاص 7/85 
الراغب الأصفهاني 5ات» 2.354 ولاء 
ار 
الرافعي (الشافعي) /5 ١‏ 47 7 
الرامهرمزي 2١١9 2١6‏ 2194 2754 
الالال موس 86م 
الربيع بن سليمان المرادي 50 
لمث كلك ككلم الال ملل 
دك 
ربيعة الرأي ١7‏ 
رزق الله بن عبد الوهاب التميمي 770 
رزيق بن حكيم 719 

حرف الزاي 
الزبير بن بكار 77٠١‏ 
الزرقاني (شارح المواهب) ١/ا/ات‏ 
لوكي 
الزرنوجي 5”*., /ا9,» 21١7‏ 155ء 
لاللاتا #لاك 047 5ئثل أدل 
5 0704 ول الالر مولت 


فهرس الأعلام 


زفر (صاحب أبي حنيفة) 95. 5/14 
زكريا الأنصاري 65ت 
الزمخشري 80/271١ ٠٠١‏ 
الزهري ؟ 6ل وثلل لولن لاك 
الاك ددثلل كدثترته 17م 
زهير بن حرب النسائي ٠١5‏ 
زياد بن الحارث الصدائي ٠١ت‏ 
زياد بن مخراق ١79‏ 
زيد بن أرقم ”3 
الزيلعي (المحدث) 41 لات 
زين آل سميط ١59‏ 

حرف السين 
السبكي كقتب كحقدتثل لكك نوق 
58 5594 ووثكل روات 
السخاوي 259 57., 2494 40., 9١٠ء‏ 
١كاتب‏ كدلكء “اذك موك وأاكل 
اك 9١5تء‏ الالبرتء الات 
السدّي 06 
سراج الدين الأوشي 17١7ات‏ 
السرخسي 97 45 747 /اه” 
السري السقطي 775 
سعد بن إبراهيم 114+ 114 0 
سعيد بن المرزيان البقال /ا1 ١١ت‏ 





فهرس الأعلام 

سعيد بن المسيب 297, 95 ”5”ء 
الالال لاما لحك محنل عنم 
سعيد بن جبير /201 7 

سفيان الثوري 2.55 لاا 8١ات»‏ 
لل كلك ولك لكا ورم 
؟١لى‏ ولا 

سفيان بن عبد الله الثقفي 55 

سفيان بن عيينة 21١/٠ »2١175‏ 8اات» 
كرف 

سقراط 047 

سلمان الفارسي ١١5‏ 

سلمة بن شبيب ١؟١‏ 

سليم بن أيوب الرازي 89» ١55‏ 
سليمان التيمي 21١55‏ 754 

سليمان بن حبيب المحاربي »١55‏ 
نض 

سليمان بن عبد الملك 47 

سليمان بن يسار 7307١‏ 

سليمان عليه السلام 77 /517؟ 
السمرقندي (صاحب تحفة الفقهاء) 745 
السمعاني أبو سعد١"ا,» 21١١5‏ ”7؟١ء‏ 
9 514 55 لاد 50/8 
سند بن علي ١6١ 21594 21١١‏ 


سهل بن حنيف 1١175‏ 


20 
سويد بن سعيد ١56‏ 
السيوطي لالا. ‏ 55اتء) 2157# 
الالات» 52/60 

حرف الشين 

الشاذكوني 27737 "5٠‏ 51" 
الشارمساحي ٠١‏ 
الشاطبي الااتء) "الال هلااتث» 
كلاات) لالاات) لاك أعدحلل 
الكل "الك خالل :دلت اهن 
وان ازقدنا 


الشافعي عل“ 4ه. دك لاكتا الا 
لالال. 6لاء. عمتء ١١آء‏ 
هلل ١ككلء‏ متك الاك "*مكء 
ولاك ار مال اث 
نون 


كال 


شبيب بن يزيد الشيباني 77 

شجاع بن أسلم المحاسب ١44‏ 

شريف الدين التلمساني ٠١17‏ 

شريك القاضي 5١7‏ 

شعبة بن الحجاج 2١١8‏ 2158 9١١ء‏ 
فلل اك 1مك 7017 

الشعبي 77 211١5 1١6‏ اه" 

شعيب بن حرب 1597 

شهر بن حوشب ١55‏ 

الشوكاني ؟ولات 


لحف 


شيبان بن فروخ الأيلي ١٠/ت‏ 
حرف الصاد 

صالح بن أحمد بن حنبل ١51١‏ 

صالح بن كيسان 5٠١‏ 

الصالحي 0/7١ات‏ 

صديق حسن خان 7د'ات 

الصغاني (اللغوي) 55ت 

الصفدي :196 145 ات 

7١7 الصولي‎ 

الصيمري 155 2585 4ه لات 
حرف الطاء 

الطاهر ابن عاشور 74/ات 

طاوس 701 

تا١ا/‎ »47 »تغ١‎ » ١1 الطبراني‎ 

الطحاوي 7/15 

الطربناطي الفاسي ١٠ت‏ 

7١ الطوفي‎ 

طولون ١8 ١5‏ 
حرف الظاء 

ظفر أحمد العثماني التهانوي 4 ١٠ت‏ 
حرف العين 

عائشة أم المؤمنين 27١8 2117 2٠١‏ 

1 


العباس بن سعيد الجوهري ١6١‏ 


عبد الأعلى التميمي ١1١‏ 

عبد الجواد بوادقجي 57؟ 

عبد الحكيم الأفغاني /711 

عبد الحكيم الأنيس 74ت 

عبد الرحمن بن أبزى :»5٠‏ ١5آت.‏ 
عبد الرحمن بن أبي ليلى 7717 

عبد الرححمن بن تخرفلة 5 

عبد الرحمن بن مهدي 2548 5514, 
لير لين دين 

عبد الرحمن زين العابدين ١١ت‏ 

عبد الرزاق الصنعاني 7٠‏ ١اتء‏ 
وال مومع 

عبد الغني المقدسي 7128ات 

عبد الفتاح أبو غدة 5. 28١‏ لاات» 
الل لال ا ا 

عبد القادر بدران ات 

عبد الكريم الرفاعي 275١‏ 73110 

عبد الله بن أبي موسى التستري ١59‏ 
عبد الله بن أحمد بن حنبل /ا5. “7717 
عبد الله بن إدريس ١7١/8‏ 

عبد الله بن المبارك ملات. 58؛ 289 
اك باك لكان مع رع 
75١95 17‏ 5ه" 5دنا. لاولال 
سن 





فهرس الأعلام 


عبد الله بن المعتز /0'ات 

عبد الله بن به 847 

عبد الله بن سلام 5١5 6.5٠‏ 

عبد الله بن شبرمة 25٠‏ 555 

عبد الله بن عطاء ١١١ 2١7/8‏ 

عبد الله بن عمر 2.2١5‏ 25548 0560 
فضي لنت لمان 

عبد الله بن عمر بن غانم 4٠'ات‏ 

قوق ]نه من موز 111 

عبد الله بن محمد النفيلي ١١4‏ 

عبد الله بن مسعود 2١8‏ ”5 255 
5 لق ١اكت‏ ”اك 45١5‏ 8ك 
لكاي ام الى اوسا تون 
ون 

عبد الله بن وهب ©56» 605 ١5١‏ 

عبد الله بن يحبى بن أبي كثير ٠١4‏ 

عبد الله سراج الدين 2775 5945 

عبد الله محمد الرقاعي ٠١5‏ 

عبد المجيد قطان 2775 ١71‏ 

عبد الطللك تن مزوان + ا 1 
/ 57 

عبد المؤمن (الأمير) "١5‏ 

عبد الوهاب الأنماطي 5/ 


55١ 


عبد بن حميد ١١1‏ 

عبد بن حميد /0١ات‏ 

عبيد الله بن عبد الله بن عتبة 25190 
درن 

عبيد الله بن عمر ١89‏ 

عبيد الله بن معاذ العنبري ٠١5‏ 
عبيد بن عبد الواحد بن شريك ١١7‏ 
عبيد بن يعيش ٠١1‏ 

عتبان الحروري 77 

/٠١ العتيقي‎ 

عثمان بن عفان 59"'انت2 57/١‏ 
العجلوني 737١‏ 

عدي بن حاتم 00 

العراقي 517 ات 

عصام بن يوسف البلخي ١77‏ 
عطاء الله الكسسم “701 

عطاء بن أبي رباح 6114 ”77 
عفان بن مسلم 71911 

عقبة بن عامر ١19 0178 .1١1/‏ 
عقبة بن عبد الغافر الأزدي 85/ 
عكرمة /01 ”7 

557 25١17 علقمة‎ 

العلموي 359 1١7‏ *لاث6 4اات 
علي الطنطاوي 6196 751 


557 


على بن أبى طالب ككت)) ادق 
/لاه5” ”565ل ”7ارتء "الات 
565 55كن كذؤوثات 


علي بن الحسن بن شقيق المروزي /1» 
ىك ”5015201957 

علي بن الحسين 778 "717 

علي بن صالح بن حي 775 

عمار بن ياسر /41 ١‏ 

عمر بن الخطاب 50)») 58.» .,١١7‏ 
لكلل اللا 55لء وكاثاء لل 
55 ردك ١هكابتء‏ تكن ارك 
86ت 159١‏ 

عمر بن عبد العزيز /ا5١ات ,١5١١‏ 
؟هامت. دل لأكث, حولت 
عمراة بو موسي ا جات 176 
العمراني 7/١‏ 

عمرو الفلاس ”2.7775 759 

عمرو بن دينار 2175 /751 

عمرو بن محمد الناقد 5 ٠١‏ 

عمرو بن ميمون 5١5 28١‏ 

عياض 250) 255 045غ. 2١ 2٠١5‏ 
كل 15 مد دكل ااا 


عيسى عليه السلام 59 
العينى 5/٠١‏ 


حرف الغين 
الغزالي ٠ل "٠‏ 58 2335 548ات» 
4 هد تلن ل/ودك”ء وه 
ملا 79 7975 0944 ددمل 
دن 
حرف الفاء 
فاطمة بنت الإمام البرزالي 00 
فاطمة بنت الشافعي ١١١‏ 
الفالي أبو الحسن 77 
الفراء أبو يعلى .75١٠١‏ 51/ات 
الفربري 2١١9‏ 557 
الفضل بن دكين 11 
الفضل بن سعيد 559 
فضل بن عبد الله التريمي /0؟ 
الفصل بن عوسق السيتائق 746 
فضيل بن غزوان ١515‏ 
الفيروزآبادي لت 
حرف القاف 
القابسي أبو الحسن ه”, 7560 
قارون ٠:‏ 
قاسم بن أصبغ 747 
القاسم بن داود البغدادي 7١19‏ 
القاسم بن محمد بن أبي بكر 5١١‏ 
القالي أبو علي ,١55‏ 1590 575ات 





قتادة ١‏ 4نت2 ”2947 2345 75757 
قتيبة بن سعيد البغلاني ٠١7‏ 
القدوري 585 
قرة بن إياس المزني 7١7‏ 
القرشي 17 ت» 1" 
القرشي 7 ت» 1" 
القرطبي هلات» ١505 750 ,77١‏ 
الفقيري ته الي 11و 
القطب الحلبي ١91‏ 
التمقاع بن يريد 7371 
القفال أبو بكر عبد الله بن أحمد 
المروزي .1١١‏ ؟١١‏ 

حرف الكاف 
الكتاني محمد بن جعفر /70 
الكتاني محمد عبد الحي ١95‏ 
كثير بن المطلب بن أبي وداعة 7/17 
الكرابيسي /70 
الكرخي أبو الحسن ١017‏ 
الكسائي 05٠‏ 
الكلبي 6٠‏ 


الكوثري هم 
6" 5055 


"ات 250420 


حرف اللام 


لقمان الحكيم 15 


ع 
اللكنوي 055 
لوين /١‏ 
الليث بن سعد 57ت 

خرف الميم 

مالك بن أنس 26ء لاه 2001١5‏ 2177 
وكل على “الالى لكك ك5كك 
محل عاك ؟الاث لالاكى ظامكء 
مك فى كد الك "كل 
لل ظكال وكل ولل ملل 
ما الاك رول كوك بلالا 
الال «الاسنى الال ملالا ل 
36> 


المأمون العباسى .١59‏ ١16ء‏ الال 
فض 


الماوردي اك كلاء ماالتء 2559 
1 ددث”ل 7575 


مبارك بن حسان ١١ت‏ 
المتنبي 6١‏ 

مجالد بن سعيد 750 
المحاسبي 7١7”‏ 

محب الدين الخطيب "٠‏ 
محمد ابن الحافظ المنذري. ١57‏ 
محمد أسعد عبجي 777 

محمد الحامد ١/85‏ 


محمد الخضر حسين 219 م١١‏ 


2 

5١ »١١١ محمد السلقيني‎ 

محمد أنور الكشميري /74 

محمد بن أبي جعفر أحمد بن حمدان 
1 

محمد بن أبي حاتم وراق البخاري 251١‏ 
114 

محمد بن أحمد النسفي /٠١‏ 

محمد بن الحسن الشيباني 2١4‏ 245 
4 على لاق لاق .١55‏ 560 
ماك لامت ملا 507 


محمد بن الفضل ١١١‏ 

محمد بن الفضل الفراوي أبو عبد الله 
ل 

محمد بن المثنى العنزي 5 ٠١‏ 
محمد بن بشير الحميري 49 ات 
محمد بن جرير الطبري 179». ١1٠‏ 
محمد بن سحئون 1١0‏ 

محمد بن سلام البيكندي ١١7‏ 
محمد بن عباد ١15‏ 

محمد بن عبد الرحيم الوراق ١7١‏ 
محمد بن عبد الله بن نمير 5 ٠١‏ 
محمد بن عجلان 777 


504 


فهرس الأعلام 


محمد بن كثير العبدي ١١8‏ 

محمد بن محمد بن سليمان الباغندي 
م/ 

محمد بن محمد راغب الطباخ ١55‏ 
محمد بن نصر المروزي »2١5٠ 2١79‏ 
5١‏ 

محمد بن هارون الروياني 2179 ١5٠‏ 
محمد بن يحيى الذهلي ١57‏ 

محمد بن يوسف البنا 417 

محمد بن يونس الجمال 5١7‏ 

محمد راغب الطباخ 9/8» ١56 .١55‏ 
محمد سعيد الإدلبي 4/8 

محمد سعيد الباني ١١/‏ 7 

مطل قوفن 1 

محمد مطيع الحافظ :1 

محمد نجيب سراج الدين 767 

محمد يوسف الكاندهلوي ١5١‏ 


المرغيناني 777 051”؟ 
المزْجّد اليمني ١١‏ 
المزني 27585 23786 74" 
المزي 55ت؛» ١١١‏ 
المستغفري /ا١١ات‏ 











فهرس الأعلام لك 
نل مقاتل بن حيان ٠ه‏ 

مسروق ١545‏ المقريزي /5آت 

مسعر بن كدام 21178 21179 7١١1‏ مكحول الشامي +1 ٠لالاتء‏ 948" 
مسلم دوت 906”. الاء 45غ. لادت.) الملك المظفر ٠9ت‏ 

غك ككته لق افك 1١6 5١5‏ المناري قلت لالات 31517ء /ا19» 
لاحل هنل ككل مكلت "مل ول ورم 


لاهاتء لاك لاوضك2 275١75‏ لككتء 
4فألتء2 الركتلت؛ 55 كثآأت 
مسلم بن خالد الزنجي ١1١‏ 

مسلمة بن عبد الملك 56 

مصطفى مزراب 506 

معاذ بن جبل لا١٠5؟.,) ,5١5 25١7”‏ 
لاسحثلل 5 دل ردكت 555 514 


معاوية بن أبي سفيان 2545 717١‏ 
معاوية بن قرة بن إياس المزني 7١8‏ 
المعتصم بالله ١71‏ 

المعتصم بالله العباسي "4/01١١‏ 
المعتضد العباسي © 0ه” 
معروف (الوراق) ١6١ .١54‏ 
معقل بن عبيد الله ١١4‏ 
معمر بن راشد البصري 58 
المغيرة بن شعبة لادءت 
المغيرة بن مقسم ,”"١‏ 
لالت تلا 


25 


المنذري ١54ت»‏ لالاثء ١57‏ 
منصور بن المعتمر 717 
المهدي العباسي ٠ل/الا‏ الالاتء 7/7 
موسى بن إسماعيل التبوذكي ١7١‏ 
موسى عليه السلام ١55‏ 
موسى عليه السلام 27748 2579 77٠١‏ 
الموفق المكي 5/8ت. 2١57” 2١١5‏ 
8انت,ء 2.5/5 اكت 
المؤمل بن الحسن 9/ 
ميمون بن أبي شبيب 7174 
ميمون بن مهران 717١‏ 
ميمونة أم المؤمنين 25155 7517 

حرف النون 
نافع بن عبد الله ١17١‏ 
النسائي الاء 255 5ماتء 547ء 
استل لل 1لل ولالا 
نصر بن حماد الوراق ١78‏ 


55 


نوح عليه السلام رون 


النووي الات الى 6ماتء 
الكلته دكن “ول لاقن ووى 
لكك اليك كلك ماثللى بالكلل 


ولاك لمن كوم 

حرف الهاء 
هارون الرشيد ١ل/ا",‏ ؟/ا 
هارون بن المغيرة البجلي ١75‏ 
هارون بن موسى بن جندل ١16‏ 
هشام الدستوائي 579 
الهيثم بن جميل ١89‏ 

حرف الواو 
الواقدي 879 
وكيع بن الجراح 58» ؟7١7. 23١8‏ 
و07 وعم 
الوليد بن عبد الملك 557 
الوليد بن عتبة الأشجعي خرف 
وهب بن منبه 51/١‏ 


حرف الياء 


ياقوت الحموي 54ت آأكاكء تككء 


آي ا 6 


فهرس الأعلام 
يحيى القطان 7757 5894م 
يحيى بن أبي كثير 2٠١5 03١8 217١7‏ 
١"س"ات‏ 
يحيى بن اليمان 7965 
يحيى بن محمد بن يحيى الذهلي 2١5١7‏ 
يقد 


يحيى بن معين ا ات 0ت 
275١‏ 22009 176 لت كات 222١8‏ 


كا 


لوحي نيحف لليف ا يفونيع 
رذن 


يحيى بن يحيى النيسابوري /251. ا 
ل "تكن ململ 4م "١5‏ 


يزيد بن عميرة 15اتء 08لا 
وي بن مارو ١1341‏ 
يعقوب بن سفيان 25515 /ولات 
يوسف القرضاوي 47م 

يوسف بن مسلم 184 

يونس .بن يزيد الأيلن 17 








1 


فهرس المصادر والمراجع 


١‏ -إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» للبوصيري» طبعة عادل بن 
سعد :-والسيد يو تحدوة بن امشاغيل #مكعة الوشد» الرياض* الآولئ 15 

؟ -الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي» تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم» 
مصورة المكتبة العصرية» بيزوت» .١15٠/‏ 

أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء» لمحمد عوامة» دار اليسر» 
ودار المنهاجء جدة» الخامسةء .١878‏ ظ 

5 الأحكام السلطانية» لأبي يعلى الفراء» تصحيح محمد حامد الفقي» مصورة 
دار الكتب العلمية» .١5٠7‏ 

ه ‏ أحكام القرآن» لابن العربي» طبعة محمد عبد القادر عطاء دار الكتب 
العلمية» الأولى» .١5٠/8‏ 

 ”‏ إحياء علوم الدين» لأبي حامد الغزالي» مصورة دار الريّان للتراث» القاهرة. 

١‏ أخبار أبي حنيفة وأصحابه» للصيّمَري» تصحيح أبي الوفا الأفغاني» نشر 
دائرة المعارف العثمانية» في حيدر آباد الدكن. 

4- الآداب الشرعية» لابن مفلح» إشراف شعيب الأرناؤوط» وعمر القيام» 
الرسالة» .١519‏ 

1 - آداب الفقيه والمتفقه» للخطيب» تحقيق عادل بن يوسف العزازي» ابن 
الجوزيء الدمام» الأولى» .١5117‏ 

٠‏ أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين» لمحمد عوامة؛ دار اليسر»ء ودار 
المنهاج. جدة.» الثالثة» .١578‏ 

١‏ أدب الإملاء والاستملاء» لأبي سعد السمعاني» تحقيق أحمد محمد 
متحموة > المحمودية» الأولن 12115 ْ 

أدب الدنيا والدين» للماوردي»؛ تحقيق مصطفى السقاء تصوير مكتبة 


8 فهرس المصادر والمراجع 


الرياض الحديثة بالرياض. ٠‏ 

-_أدب المتعلم تجاه العلم. لعبد الحكيم الأنيس» دائرة الشئون الإسلامية» 
في الأو 11م 

14 أدب المفتي والمستفتي. لابن الصلاح» تحقيق موفق عبد الله عبد القادرء 
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة» الأولى» .١501‏ 

6 الأدب المفرد» للبخاري». طبعة محمد فؤاد عبد الباقي» دار البشائر 
الإسلامية» بيروت. الثالثة» .١5٠9‏ 

7 -الاستذكار لمذاهب فقهاء اللأمصارء لابن عبد البرء تصحيح عبد المعطي 
قلعجي. دار قتيبة» دمشق» ودار الوعي» حلبء الأولى» .١515‏ 

١١‏ الاستغنا في معرفة المشهورين من حَمّلة العلم بالكنى» لابن عبد البرء 
تحقيق عبد الله مرحول السوالمة» دار ابن تيمية » الرياضء الأولى» .١5٠5‏ 

4 الاستعات لأسوناء الأصحاب. لابن عبد البرء تحقيق علي محمد 
البجاوي؛ مصورة دار الجيل» بيروت» الأولى» .١5١7‏ 

أُسنْد الغابة في معرفة الصحابة» لابن الأثيرء تحقيق محمد إبراهيم البما 
وزملائه» طبعة الشعب. 

"١‏ -إسعاف المبطأ في معرفة رجال الموطأء للسيوطي» مكتبة ومطبعة المشهد 
الحسيني» "11017. 


١‏ الأشباه والنظائر» لين نجيم ١‏ تحفيق محمد مطيع الحافظ» تصوير دار 


الفكر بدمشق. 1 
الإصابة فى تمبيز الصحابة» لابن حجرء مصورة دار صادر لطبعة السلطان 
عبد الحفيظ» 1778. 


_الأعلام» لخير الدين الزركلى» دار العلم للملايين» بيروت» الثامنة » 4 امم. 


4 إعلام الموقعين عن رب العالمين» لابن القيم» تحقيق محمد محبي الدين 
عيل الحميد» مطبعة دار السعادة. 


6 إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء» لمحمد راغب الطباخ تصحيح محمد 





فهرس المصادر والمراجع ةو 





كمال» دار القلم العربي» حلبء الثانية» .١509‏ 

7 الإعلان بالتوبييخ» للسخاوي» تحقيق روزنثال» طبعة مؤسسة الرسالة» 
الثانية» “07 54١ء‏ ومصورة دار الكتب العلمية. 

7 الإفادات والإنشادات» لأبي إسحاق الشاطبي» تحقيق محمد أبو الأجفان» 
مؤسسة الرسالة» الأولى» .١5٠7‏ 

إفادة النصيح في التعريف بسند الجامع الصحيحء» لابن رشيد» تحقيق 
محل السيي اليقوجة تداز التوسية.: 

4 اقتضاء العلم العمل» للخطيب البغدادي» تحقيق محمد ناصر الدين 
الألباني» دار الأرقم» الكويت. | 

-إكمال المَعْلم بفوائد مسلم» للقاضي عياضء تحقيق يحيى إسماعيل» 
مكتبة الرشد > الرياض» الأول 15419 

١‏ الإلماع» للقاضي عياض» تحقيق السيد أحمد صقرء طبعة دار التراث 
والمكتبة العتيقة» .١784‏ 

الأمالي» لأبي علي القالي» مصورة دار الحديث ببيروت» الثانية» .١5١4‏ 

“7 الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء. لابن عبد البرء تحقيق عبد 
الفتاح أبو غدة» الأولى» .١515‏ 

4 -أيها الولد» للغزالي» تحقيق علي محيي الدين قره داغي» دار البشائر 
الإسلامية» الثانية .١5٠6‏ 

البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر» للسيوطي» تحقيق أنيس بن أحمد 
الأندنوسي» مكتبة الغرباء الأثرية» بالمدينة المنورة» الأولى؛ .١57١‏ 

75 البحر الزخار» للبزار» تحقيق محفوظ الرحمن» نشر مؤسسة علوم القرآن» 
ومكتبة العلوم والحكم» الأولى» .١15٠6‏ 


377 _البحر المحيط» لأبى حيان الأندلسى النحوي» دار الفكر» بيروتء. الثانية» 
.١1 5017‏ 


البداية والنهاية» لابن كثير » تحقيق عبد الله التركيج: دار الكتب العلمية» 


داع فهرس المصادر والمراجع 


بيروت » الأولى» 66 .١‏ 

4 البدر المنير» لابن الملقن» تحقيق جمال محمد السيد». وآخرين» دار 
العاصمة» الرياض»ء الأولى» .١87٠‏ 

5١‏ -البرهان في أصول الفقهء لإمام الحرمين» تحقيق عبد العظيم محمود 
الديب» دار الوفاء بالمنصورة» الأولى .١5١7‏ 

١‏ -بغية الطلب في تاريخ حلب» لين العديمء تحقيق سهيل زكار» دار 
الفكر» بيرووتك. 

5 -بغية الوعاة» للسيوطي» مصورة طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم. 

"5 - بلوغ أقصئ المرام في شرف العلم وما يتعلق به من الأحكام» لأبى عبد الله 
والأبحاث» الرباط» الأولى .١474‏ 

4 - بلوغ الأماني في سيرة الإمام محمد بن الحسن الشيباني» للكوثري» طبعة 
الخانجي. 

-البناية في شرح الهداية» للعيني» تحقيق فيض أحمد الملتانى» المكتبة 
الحقّانية» الأولى. 

5 - تاريخ مدينة دمشق» لابن عساكر» تحقيق عمر العمروي» دار الفكر» 
بيروت » 6 

- تاريخ أبي زرعة الدمشقي» تحقيق شكر الله قوجاني» الأولى؛ من 

* - تاريخ أصبهان - ذكر أخبار أصبهان. 

التاريخ الكبيرء لابن أبي خيثمة (مخطوط)؛ وطبعة صلاح فتحي هلل» 
الفاروق الحديثة» الأولى» .١575‏ 

4 -التاريخ الكبير» للبخاري» مصورة المكتبة الإسلامية» تركياء لطبعة 
حيدرآباد» .١7"51‏ 


-التاريخ الأوسط» للبخاري» تجقيق تيسير أبو حيمد ويحيى الثمالى» مكتبة 





فهرس المصادر والمراجع ١/عء‏ 





الرشدء الريافن الأولى ا 

.١577 تاريخ بغداد» تحقيق بشار عواد» دار الغرب الإسلامي» الأولى»‎ ١ 

تاريخ يعقوب بن سفيان - المعرفة والتاريخ. 

5 -تبيين كذب المفتري» لابن عساكرء تحقيق الكوثري» مطبعة التوفيق» 
دمشق» .١7517/‏ 

07 التحبير في المعجم الكبير» لأبي سعد السمعاني» تحقيق منيرة ناجي 
سالمء مطبعة بغداد. 

4 تحريم التَرد والشُطرنج والملاهي» للآجري» تحقيق محمد سعيد إدريس» 
الأولى» .١15١7‏ 

5 تحفة الأحوذي شرح الترمذي» للمباركفوري» طبعة عبد الرحمن محمد 
عثمان» المكتبة السلفية» المدينة المنورة. 
غدة» مكتب المطبوعات الإسلامية» حلبء. الأولى. 

 *‏ تخريج الإحياء - المغني عن حمل الأسفار. 

0 التدوين في أخبار قزوين» للرافعي؛ ضبطه عزيز الله العطاردي » توزيع دار 
الباز بمكة المكرمة» .١5١٠/8‏ 

تذكرة الحفاظ » للذهبى» حرق المملض: مصورة دار الكتب العلمية. 

48 تذكرة السامع والمتكلم» للبدر ابن جماعة» تحقيق السيد محمد هاشم 
الندوي» مصورة دار الكتب العلمية» لطبعة دائرة المعارف العثمانية» بالهند. 

5 - ترتيب المدارك وتقريب المسالك» للقاضي عياض» تحقيق علي عمر» دار 
الثقافة الدينية» الأولى» .١57٠‏ 

"١‏ -_الترغيب والترهيب» للمنذري» طبعة مصطفى محمد عمارة» نشر إدارة 
إحياء التراث الإسلامى» قطر. 


657" تصحيفات المحدثين» لأبي أحمد العسكري» تحقيق محمود ميرة» 
المطبعة العربية الحديثة» مصرء الأولى» .١5٠7‏ 


نفة فهرس المصادر والمراجع 


> التعليق الممجّدء لعبد الحي اللكنوي» تحقيق تفي الدين الندوي» دار 
السئة والسيرة» بومباي» دار القلم» دمشقء الأولى» .١5١7‏ 

4 تعليم المتعلم في طريق التعلّم» للبرهان الزرنوجي» تحقيق صلاح 
الخيمي» ونذير حمدان» دار ابن كثير» دمشق» الأولى» .١5٠5‏ 

0 تفسير ابن كثير» تحقيق محمد إبراهيم البناء دار القبلة للثقافة الإسلامية» 
جدة, الأولى» .١51١9‏ 

75 - تفسير التحرير والتنويرء للطاهر ابن عاشورء مصورة مكتبة العلوم 
والحكمء المدينة المنورة. 

.١5٠8 تفسير الفخر الرازي» مصورة دار الفكر» بيروت» الثالئة»‎  "1/ 

* - تفسير القرطبي - الجامع لأحكام القرآن. 

التقاسيم والأنواع» لابن حبان» تحقيق محمد على سونمر» وخالص آي 
دمير» إصدار وزارة الأوقاف القطرية» الأولى» 577 .١‏ 

4 تقريب التهذيب» لابن حجر العسقلاني» مع حاشية البصري والميرغني» 
تحقيق محمد عوامة» دار اليسر» الطبعة الثالثة من الإخراج الجديد» "7 .١57‏ 

.١785 التلخيص الحبير» لابن حجرء طبعة عبد الله هاشم اليماني»‎ ٠٠ 

١-التمهيد»‏ لابن عبد البرء تحقيق مصطفى العلوي وآخرين» 17/1. 

7 التنويه والإشادة» بمقام رواية ابن سعادة» لعبد الحي الكتاني» تحقيق عبد 
المجيد خيّالي» مركز نجيبويه» الأولى» .١479‏ 

7 تهذيب الأسماء واللغات» للنووي» مصورة دار الكتب العلمية»؛ بيروت» 
للطبعة المنيرية بالقاهرة. 

4 تهذيب التهذيب» لابن حجر»ء تصوير دار صادر» بيروت» لطبعة حيدر 
آباد الدكن. 

0 تهذيب الكمال للمزي» تحقيق بشار عواد» مؤسسة الرسالة» بيروت» 
الخامسة» .١51١‏ 


75 التوقيف على مهمات التعاريف» للمناوي». تحقيق محمد رضوان الداية. 





دار الفكرء دمشقء الأولى» .١5٠١‏ 

الثقات» لابن حبان» دائرة المعارف العثمانية» حيدر آباد الدكن» الأولى» 
1 . 

جامع العلوم والحكم» لابن رجب الحنبلي» تحقيق إبراهيم باجس» 
مؤشنسة الزسالة» بيروت» الخاميينة ه121 

4 _جامع بيان العلم وفضلهء لابن عبد البر» تحقيق سمير الزهيري» دار ابن 
الجوزيء الدمامء الثانية» .١5١1‏ 

.١517 -الجامع» لابن البيطار» دار الكتب العلمية» بيروت» الأولى»‎ ٠ 

١‏ الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي» مصورة بيروت عن الطبعة الثانية بدار 
الكتب المصرية. 

7 -الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» للخطيب» تحقيق محمد عجاج 
الخطيب» مؤسسة الرسالة» الأولى» .١5١7‏ 

87 الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم» مصورة دار الأمم» بيروت» لطبعة دائرة 
المعارف العثمانية» حيدر آباد الدكن» .١7 7١‏ ْ 

5 الجواهر المضية في طبقات الحنفية» للقرشي» تحقيق عبد الفتاح الحلوء 
مصورة دار الرياض لطبعة عيسى البابي الحلبي» /179. 

64 الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجرء للسخاوي» تحقيق 
إبراهيم باجس عبد الحميد» دار ابن حزم» بيروت» الأولى» .١519‏ 

5 الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه. لأبي هلال العسكري» 
تحقيق مروان قباني» المكتب الإسلامي» الأولى» .١505‏ 

4 حلية الأولياء» لأبي نعيم الأصبهاني» مصورة دار الريان للتراث» ودار 
الكتاب العربي» بيروت» الخامسة» .١5٠01/‏ 

الدرر الكامنة» لابن حجر العسقلاني» مصورة دار الجيل لطبعة حيدر آباد 
الداكق 6 بيرات 21 1ك 


4 الديباج المذهب في معرفة علماء أعيان المذهب» لابن فرحون» تحقيق 


د فهرس المصادر والمراجع 


الأحمدي أبو النورء دار التراث» الثانية» .١577‏ 

١‏ -ديوان حافظ إبراهيم» نشر دار العودة» بيروت. 

١‏ -ذيل تاريخ الإسلام» للذهبي» اعتناء مازن باوزير» دار المغني» الرياض» 
الأولى» .١519‏ 

7 -ذيل تاريخ بغداد» لابن النجارء طبع دائرة المعارف النعمانية» حيدر آباد» 
الذكق» الأولى؛ ١5‏ 

7 _ذيل طبقات الحنابلة» لابن رجب» تحقيق عبد الرحمن العثيمين» مكتبة 
العبيكان» الرياضء الأولى» .١576‏ 

5 -الرحلة في طلب الحديث» للخطيب» تحقيق نور الدين عترء مصورة دار 
الكتب العلمية» للطبعة الأولى 1796. 

6 رد المحتار على الدر المختارء لابن عابدين» تصوير دار إحياء التراث 
العربي» بيروت» لطبعة بولاق» الثانية» .١401/‏ 

7 الرسالة» للقشيري» بشرح زكريا الأنصاري» مصورة عبد الوكيل الدروبي 
وياسين عرفة بدمشق. 

41 رسالة المسترشدين» للمحاسبي» تحقيق وشرح عبد الفتاح أبو غدة» 
مكتب المطبوعات الإسلامية» حلب. الثامنة» .١5١15‏ 

-الرسالة المفصلة لأحوال المتعلمين» للقابسي» تحقيق أحمد خالد». 
الشركة الترنيتية: الأول دار 1 

9 _رسائل الإصلاح» لمحمد الخضر حسين» مطبعة الهداية الإسلامية» 
4 . 

٠‏ روح المعاني» للآلوسي» تحقيق ماهر حبوش وآخرين» مؤسسة 
الرسالة» بيروت» الأولى» .١5"١‏ 

١‏ -رياض النفوس في تراجم علماء القيروان» لأبي بكر المالكي» تحقيق 
بشير البكّوش» دار الغرب الإسلامي» بيروت» .١5٠7‏ 

الزهدء لابن المبارك» تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي» مصورة دار 











فهرس المصادر والمراجع 34 


الكتب العلمية» بيروت. 

.١5١٠8 الزهدء لأحمد بن حنبل» دار الريان» القاهرة» الأولى»‎ ٠ 

6 - سمط اللآلئ» للبكري» تحقيق عبد العزيز الميمني» مصورة دار 
الحديف تروف لكاي 6 

6 _ سنئن ابن ماجهء طبعة محمد فؤاد عبد الباقي» دار الحديث» القاهرة. 

ل داسئن أبي داود» تحقيق محمد عوامة» دار اليسر» ودار المنهاج. جدةء 
الغالئة» .١5"1١‏ 

7 - سنن الترمذي» تحقيق أحمد محمد شاكر وآخرين» دار الكتب العلمية» 
بيروت» الأولى» .١508‏ 

- سنن الدارقطني» طبعة عبد الله هاشم يماني» المدينة المنورة» .١7/85‏ 

4- سنن الدارمي» تصحيح فواز زمرلي وخالد العلمي» دار الريان» 
القاهرة» الأولى» .١5١1/‏ 

السئن الصغرىء للنسائي» اعتناء وترقيم عبد الفتاح أبو غدة» دار البشائر 
الإسلاميةء بيروت» الثانية» .١5٠8‏ 

١‏ السنن الكبرى» للبيهقي» مصورة دار الفكرء بيروت» لطبعة حيدر آباد 
الدكن. 

سير أعلام النبلاء» للذهبي» تحقيق شعيب الأرناؤوط وزملائه» مؤسسة 
الرسالة» بيروت» الأولى» .١15٠07‏ 

-١١*‏ شرف أصحاب الحديث» للخطيب» تحقيق محمد سعيد خطيب أوغلوء» 
مطبعة جامعة أنقرة» الأولى» ١/ا9١.‏ 

64 شرح الإلمام» لابن دقيق العيدء تحقيق محمد خلوف العبد الله دار 
النوادر» دمشقء الثانية» .١57١‏ 

6 - شرح حديث أبي الدرداء» لابن رجبء تحقيق طلعت الحلواني» دار 
الفاروق الحديثة» القاهرة» الأولى» .١577‏ 

7 شرح صحيح مسلمء للنووي» مصورة المطبعة المصرية ومكتبتها. 


58 فهرس المصادر والمراجع 


١١7‏ - شرح مختصر الروضة. للطوفي» تحقيق عبد الله التركي» مؤسسة 
الرسالة» بيروت» الأولى» .١5٠09‏ 

الشمائل المحمدية» للترمذي» بشرح الباجوري» اعتناء محمد عوامة» 
دار اليسرء ودار المنهاجء جدة» الثانية» .١57/8‏ 

49 الصحاح» للجوهريء تحقيق أحمد عبد الغفور العطارء الثانية» .١507‏ 

- صحيح ابن حبان - التقاسيم والأنواع. 

صحيح ابن خزيمة» اعتناء محمد مصطفى الأعظمي» مكتبة الأعظمي» 
الرياض» الثالثة» .١57٠‏ 

١‏ - صحيح البخاري؛ ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي > فتح الباري. 

صحيح مسلم» طبعة محمد فؤاد عبد الباقي» طبعة عيسى البابي الحلبي» 
القاهرة. 

7 - صفة الصفوة» لابن الجوزي» تحقيق محمود فاخوري» ومحمد رواس 
قلعجيء دار المعرفة» بيروت» الرابعة» .١555‏ 

4- صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل» لعبد الفتاح أبو 
غدة» دار البشائر الإسلامية» الخامسة» .١5١/‏ 

6 الصلة» لابن بشكوال» تحقيق بشار عواد؛ دار الغرب الإسلامي» 
تونسء» الأولى؛ 1٠1م.‏ 


١75‏ صيد الخاطر» لابن الجوزي» تقديم سودت انار دار 
المنارة» جدةء الخامسة» ؟7١5١.‏ 


317 - الضوء اللامع, للسخاوي» مصورة دار الكتاب الإسلامي» القاهرة» 
لطبعة القدسي. 

طبقات الشافعية» لابن الصلاح والنووي والمزي» تحقيق محيي الدين 
نجيب» دار البشائر الإسلامية» الأولى» .١5١7‏ 

48 طبقات الحنابلة» لابن أبي يعلى» تصحيح محمد حامد الفقي» مصورة 
دار المعرفة» بيروت. 





* - طبقات الحنفية - الجواهر المضية. 

طبقات الشافعية الكبرى» للسبكي» تحقيق محمود الطناحي وعبد الفتاح 
الحلوء طبعة عيسى البابي الحلبي» القاهرة» الأولى» 1787. 

١‏ الطبقات الكبرى» لابن سعدء تحقيق علي عمرء مكتبة الخانجي» 
القاهرة» الأولى» .١57١‏ 

”7 2 العقد الفريد» لابن عبد ربه» مصورة دار الكتاب العربي» لطبعة دار 
الكتب المصرية» .١5٠7‏ 

١‏ عقود الجمان في مناقب أبي حنيفة النعمان» للصالحي» تحقيق أبو الوفاء 
الأفغاني» نشر إحياء المعارف النعمانية في حيدر آباد» 1195. 

4 9 العلل ومعرفة الرجالء لعبد الله بن الإمام أحمدء تحقيق وصي الله 
عباس » المكتب الإسلامي» بيروت» الأولى» .١5٠08‏ 

6 عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق» لمحمد سعيد الباني» تصوير المكتب 
الإسلامي بدمشق» .١5١٠١‏ 

7 9 العناية على الهداية» للبابرتي» على حاشية: فتح القديرء لابن الهمامء 
مصورة دار إحياء التراث العربي» للطبعة الميمنية» .١17١9‏ 

١‏ عيون الأخبار» لابن قتيبة» مصورة دار الكتاب العربي لطبعة دار الكتب 


المضرية: 
8 غرر البهاء الضوي» لمحمد بن على باعلوي » الطبعة الأولى » طبعة 
أحفاد المؤلف. 


49 غريب الحديثء لأبي عبيد القاسم بن سلام» مصورة دار الكتاب 
العربي» بيروت» لطبعة حيدر آباد الدكن» 119457. 

١١‏ الغنية» فهرست شيوخ القاضي عياض» تحقيق ماهر جرارء دار الفجر 
الإبتلامي» الأولى 17 
ش ١‏ فتاوى البرزلي» تحقيق محمد الحبيب الهيلة» دار الغرب الإسلامي» 
الأولى» .5٠١7‏ 


354 فهرس المصادر والمراجع 


5 الفتاوى السراجية» لسراج الدين الأوشي» تحقيق محمد عثمان 
البستوي » دار الكتب العلمية» بيروتث» 87 .١‏ 

١7‏ الفتاوى الكبرى» لابن تيمية» تصحيح حسنين محمد مخلوف» مصورة دار 
المعرفة. 

5 الفتاوئ الحديثية» لابن حجر المكى» مصورة دار المعرفة» لطبعة عيسى 
البابى الحلبى. 


05 فتح الباري» لابن حجرء ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي» وتصحيح محب 
الدين الخطيب» مصورة دار الفكرء بيروت» للطبعة السلفية بمصر. 

7 -فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي» للسخاوي» تحقيق عبد 
الكريم الخضير» ومحمد عبد الله آل فهيد» دار المنهاج» الرياض» الثانية» .١57/8‏ 

- الفتوى الحمّوية الكبرى» لابن تيمية. 

- فضائل أبي حنيفة» لابن أبي العوام» اعتناء لطيف الرحمن البهرائجي» 
المكتبة الإمدادية» مكة المكرمة» الأولى» .١5"١‏ 

4 - فضائل القرآن؛ لأبي عبيد القاسم بن سلام» تحقيق وهبي سليمان 
غاوجيء الأولى» .١5١١‏ 

- فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفردء لفضل الله الجيلاني» المكتبة 
السلفية» القاهرة» الثالثة» .١5٠1/‏ 

١‏ -فهرس الفهارس» لعبد الحي الكتاني» عناية إحسان عباس» دار الغرب 
الإسلامي» بيروت» الثانية» .١5٠7‏ 

7 - فيض القدير» للمناوي» مصورة دار المعرفة» بيروت» الثانية» .١791١‏ 

١07‏ القاموس المحيطء للفيروز آبادي؛ مؤسسة الرسالة ودار الريان» 
بيروت. الثانية» /ا٠55١.‏ 

8 - قانون التأويل» لابن العربي المالكي» تحقيق محمد السليماني» دار 
القبلة» جدة» الأولى» .١5٠05‏ 


6 - قصر الأمل» لابن أبي الدنياء تحقيق محمد خير رمضان» دار ابن حزم 








فهرس المصادر والمراجع 4 


بيروت. الثانية» /ا١51١.‏ 

5 - الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة» للذهبي» تحقيق 
ودراسة محمد عوامة وأحمد الخطيب. دار اليسرء ودار المنهاج» جدة. الثانية» 
18 . 

- الكشاف عن حقائق التنزيل» للزمخشري» مصورة دار المعرفة» بيروت. 

6 الكفاية» للخطيب البغدادي» طبعة حيدر آباد الدكن» .١701/‏ 

49 الكليات» لأبي البقاء الكقوي» تحقيق عدنان درويش ومحمد المصري»ء 
دمشق» .١981١‏ 

كنز العمال» للمتقي الهندي» تصحيح صفوت السقا وبكري حياني» 
تصوير مؤسسة الرسالة» بيروت» »١504‏ لطبعة مكتبة التراث الإسلامي بحلب. 

١‏ -لسان العربء لابن منظور. مصورة دار صادر»ء بيروت. 

- لسان الميزان» لابن حجر تحقيق عبد الفتاح أبو غدة» الأولى» .١577‏ 

لطائف المعارف» لابن رجبء» تحقيق ياسين السواسء دار ابن كثير» 
دمشقء الرابعة» .١5١19‏ 

5 - لفتة الكبد إلى نصيحة الولد» لابن الجوزي» تقديم وتعليق محمد ناصر 
الدين الألباني» ومحمود مهدي الاستانبولي» مطبعة الترقي بدمشق» 5/ا١.‏ 

6 المجروحون من المحدثين والضعفاء والمتروكين» لابن حبان» تحقيق 
محمود إبراهيم زايد» دار الوعي» حلبء الأولى» 1795. 

57 مجمع الزوائد ومنبع الفوائد» للهيثمي» طبعة مكتبة القدسيء القاهرة» 
0" . 

7 - مجموع الفتاوى» لابن تيمية» جمع عبد الرحمن بن قاسم وولده محمدء 
الثانية» .١794/‏ 

المجموع شرح المهذب؛. للنووي» مصورة دار الفكر للطبعة المنيرية» 
ومعه: فتح العزيز للرافعي. 

49 المحدث الفاصل بين الراوي والواعي» للرامهرمزي» تحقيق محمد 


م فهرس المصادر والمراجع 


عجاج الخطيب» دار الفكر» دمشقء الأولى» .١179١‏ 

- المحصول من علم الأصولء للفخر الرازي» تحقيق طه جابر العلواني» 
الأولى» 1799. 

١‏ مختارات من وصايا أندلسية مغربية» جمعها محمد بن عزوزء دار ابن 
حزمء الأولى» .١575‏ 

7 - المدخل إلى السئن الكبرى» للبيهقي» تحقيق ضياء الرحمن الأعظمي» 
دار الخلفاء للكتاب الإسلامي» الكويت. 

١77‏ المدخل» لابن الحاج» مصورة دار الفكر. 

8 - مسائل أبي داود لأحمد بن حنبل (الفقهية)» تحقيق محمد رشيد رضاء 
ومحمد بهجة البيطار» مصورة دار المعرفة» بيروت. 

_المستدرك» للحاكم». طبعة مصطفى عبد القادر عطاء دار الكتب 
العلمية» بيروت»ء الأولى» .١5١١‏ 

 *‏ المستفاد من ذيل تاريخ بغداد > ذيل تاريخ بغداد. 

2-7 مسئد أبي يعلى» تحقيق حسين أسدء طبعة دار المأمون» دمشق» 
الأولى» .١5٠5‏ 

 ١7/‏ مسند أحمد بن حنبل» مصورة دار صادرء بيروت» للطبعة الميمنية» 
. 

 *‏ مسئد البزار > البحر الزخار. 

2 مسند الشاميين» للطبراني» تصحيح حمدي عبد المجيد. مؤسسة 
الرسالة» بيروت» الأولى» .١509‏ 

* - مسئد عبد بن حميد - المنتخب من مسند عبد بن حميد. 

4 مسند عمر بن عبد العزيز» للباغندي» تحقيق محمد عوامة» دار اليسر» 
ودار المنهاج. جدة» الرابعة» .157٠‏ 

المصنف, لعبد الرزاق» تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي» طبع المجلس 
العلمي» جوهانسبرغ» جنوب إفريقياء الثانية» .١1507‏ 





فهرس المصادر والمراجع ١م‏ 





١‏ المصنف» لأبي بكر بن أبي شيبة» تحقيق محمد عوامة:» دار القبلة» 
جدة» الأولى» 54571اه. 

7 المطالب العالية» لابن حجرء تحقيق عبد الله التويجري وزملائه» تنسيق 
سعد الشثري» دار العاصمة؛ الرياض» الأولى» .١519‏ 

11 معالم التنزيل» للبغوي» تحقيق محمد عبد الله النمرء وآخرين» دار 
طيبة» الرياضء الأولى» .١5٠9‏ 

5 - معالم السئن» للخطابي» تحقيق محمد راغب الطباخ» مصورة طبعة 
المكتبة العلمية» بحلب» الثانية .١5٠١‏ 

6 - معيد النعم ومبيد النقم» للتاج السبكي» مؤسسة الكتب الثقافية» 
بيروتء الأولى» .١501/‏ 

7 المعتمد في الأدوية المفردة» للملك المظفرء تصحيح مصطفى السقاء 
دار القلم» بيروت. 

7 - مععجم الأدباء» لياقوت الحموي» تحقيق إحسان عباسء دار الغرب 
الإسلامي» الأولى» .١797‏ 

- المعجم الأوسطء للطبراني» طبعة طارق عوض الله» وعبد المحسن 
الحسيني» دار الحرمين» القاهرة» .١5١16‏ 

89 2 معجم البلدان» لياقوت الحموي» تحقيق فريد عبد العزيز الجندي» دار 
الكتب العلمية» بيروت» الأولى» .١5٠١‏ 

معجم السفرء لأبي طاهر السَّلّفي» تحقيق شير زمان» مجمع البحوث 
الإسلامية» إسلام أبادء الأولى» .١198/8‏ 

0١‏ المعجم الصغيرء للطبراني» طبعة محمود شكور الحاج أمريرء المكتب 
الإسلامي» بيروت» دار عمّار» عمّان» الأولى» .١505‏ 

57 المعجم الكبير» للطبراني» تصحيح حمدي عبد المجيد» وزارة الأوقاف 
والشئون الدينية» العراق» الثانية. 


5 - معجم مقاييس اللغة» لابن فارس» تحقيق عبد السلام هارون» دار 


6 فهرس المصادر والمراجع 


الكتب العلمية» إيران» » قم 

5 - معرفة علوم الحديث» للحاكم» تحقيق أحمد فارس سلوم» دار ابن 
حزم» بيروت» الأولى» 1 

06 معرفة الصحابة» لأبي نعيم» تحقيق عادل العزازي» دار الوطن» 
الرياض» الأولى» .١519‏ 

7 المعرفة والتاريخ» ليعقوب بن سفيان الفسّويء تحقيق أكرم ضياء 
العمري» مكتبة الدار» المدينة المنورة» الأولى» .١5٠١‏ 

١‏ - المعيد في أدب المفيد والمستفيد» للعَلُموي» تصحيح أحمد عبيدء 
الدار العربية بدمشق» الأولى. ش 

- مفردات ألفاظ القرآن» للراغب الأصفهاني» تحقيق صفوان فاوزفي: 
دار القلم» دمشق» الأولى» .١51١7‏ 

8 المقاصد الحسنة» للسخاوي» تحقيق عبد الله الصديق الغماري» مصورة 
دار الهجرة» بيروت» .١505‏ 

٠‏ مقالات محمود الطناحي» دار البشائر الإسلامية» بيروت» الأولى» 
با 

١‏ المقدمات الممهّدات» لابن رشد الجدً. تحقيق محمد الحجيء دار 
الغرب الإسلامي» الأولى» .١4108‏ 

- مقدمة علوم الحديثء لابن الصلاح» تحقيق نور الدين عتر» مطبعة 
الأصيل» حلبء الأولى» 1785. 

7٠‏ - المققّى الككبير» للمقريزي» تحقيق محمد اليعلاوي؛ دار الغرب 
الإسلامي» الأولى» .١51١١‏ 

4 المكافأة» لأحمد بن يوسف البغدادي المصري الكاتب» تحقيق أحمد 
أمين وعلي الجارم» طبعة بولاق» .١95١‏ 

65 من أدب المحدثين في التربية والتعليم» لأحمد محمد نور سيف» دار 
البحوث والدراسات الإسلامية» دبي» الثانية» .١5١1‏ 





57 -مناقب أبي حنيفة» للموفق المكي» مصورة دار الكتاب العربي» .١5٠١‏ 

7 - مناقب الشافعي» للبيهقي» تحقيق السيد أحمد صقرء مكتبة دار التراث؛ 
القاهرة» الأولى» .١179١‏ 

4 المنتخب من مسند عبد بن حميدء طبعة مكتبة السنة» القاهرة» الأولى» 
18 . 

49 المنتظّم في تاريخ الأمم والملوك» لابن الجوزي» طبعة محمد ومصطفى 
عبد القادر عطاء دار الكتب العلمية» الأولى» .١5١7‏ 

٠‏ المنهاج السوي في ترجمة الإمام النووي» للسيوطي» تحقيق أحمد شفيق 
دمج دار ابن حزم» بيروت» الأولق» 108 .١1‏ 

١‏ الموافقات» للشاطبي» تعليق عبد الله دراز وولده محمد» مصورة دار 
الفكر العربي. 

5 الموطأء لمالك بن أنس» تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي» طبعة عيسى 
البابي الحلبي» القاهرة. 

١١‏ - ميزان الاعتدال في نقد الرجال» للذهبي» تحقيق رضوان العرقسوسي 
وآخرين» الرسالة العالمية» الأولى» .١517٠‏ 
5١5‏ - نصب الراية لأحاديث الهداية» للزيلعي» تصحيح محمد عوامة» دار 
القبلة للثقافة الإسلامية» جدة» الأولى. »١51١4‏ تصوير لطبعة دار المأمون» القاهرة» 
لاه" . 

6 نفح الطِّسب» للمقّري» تحقيق إحسان عباس» مصورة دار صادرء 
بيروت» 178/8. 

57 النكت الوفية بما في شرح الألفية للعراقي» للبقاعي» تحقيق ماهر 
الفحلء دار الرشدء الرياضء الأولى» .١578‏ 

5١‏ - التكت على ابن الصلاح» للزركشيء» تحقيق زين العابدين بلافريج» 
أضواء السلفء الأولى» .١579‏ 


النهاية فى غريب الحديث والأثر» لابن الأثير» تحقيق طاهر أحمد 


2 فهرس المصادر والمراجع 


الزاوي ومحمود محمد الاناشن:: عيسى البابى الحلبى» القاهرة» ااه 

49 - نيل الابتهاج بتطريز الديباج» للتتبْكتي» إشراف عبد الحميد الهرامة» 
منشورات كلية الدعوة الإسلامية» طرابلس» ليبياء الأولى» .١5١09‏ 

الوافي بالوفيات» للصفدي» اعتناء هلموت ريتر وآخرين» نشر دار فرانز 
شتايزن» شتوكغارت» الثانية» 75 .١151‏ 


0١‏ وفيات الأعيان» لابن خلكان» تحقيق إحسان عباس» دار صادر. 





فهرس الموضوعات )1 
فهرس الموضوعات 
المقدمة حا ل مرا سكو وا طاشتعون تسسا بدي اسااقج المالك مس دنه 
الباب الأول: بيان العلم المقصود هناء وأهميته» وفضله ا 1 
الفصل الأول: بيان العلم المقصود بهذا البحث ا ل ا ا 
أركان هذا العلم 0 0 
أقسام العلم وأنواعه 00000 1100( 
اتتحذير من العلم غير النافع مساك ةنا موس ارا ماد مسالا السو سات 
التنبيه إلى القسم الثالث من أقسام العلوم.. لعن اس مط و1 
الفصل الثاني : بيان أهمية المنهج لطالب العلم 10 101ص 
معن المنهج لاماس و سوروايه اباد محف ال اال اناا قاوطا بام ا 1 
أهمية المنهج ا اي 0 0000 2010110101 
من هم أصحاب القرار في أهمية المنهج ا ا 0 
الفصل الثالث: بيان فضل العلم والعلماء لوطا نبو ار و مر م 1 
هذ باب طق ب شي ا ا و اموس سام ا ار 0 
المبحث الأول: كلمات في فضل العلم» وفضل مجالسه لاوم 
فضل العلم في كتاب الله السك ا لوم م ا 101 
تنوع حاجات المجتمع لطالب العلم اباس امش باسح ل 1 
تفضيل مجالس العلم على التفرغ للعبادة ا ما م ل و و1 
الت الانيية كلاف انعل النقااه بوالرس يي الأب 
ضرورة سير العبادة على نهج العلم ا اقمة نوا بلجو اما لل اط لا لت مو 64 
أثر العلم الرباني في وجوه حامليه ب 1-0000 


)6 فهرس الموضوعات 


الباب الثاني : المعالم الإرشادية في طريق طالب العلم وا 0 
تمهيد في سرد المعالم الأساسية لطالب العلم 0 
المَعْلّم الأول: الإخلاص لله في طلب العلم الم سور او 1 
الترخص في عدم استحضار النية أول الأمر ا 0 
أهمية الإخلاص في نجاح الأعمال ع اموا موب ل سا بمو 1 
المَعْلّم الثاني: معرفة طالب العلم موقعه» ومهمته ا 000 
طالب العلم خليفة عن الله تعالى 00 
المَعْلّم الثالث: أهمية الذكاء في طريق العلم 000000 
المعْلّم الرابع: الحرص على الوقت وتحصيل العلم 0000 
من أقوال العلماء في قيمة الزمن 111 0 
مدارستهم للعلم حتى في ساعات احتضارهم 1 [1[ذ[1[1[ز[ [ [ [ [ 00000 
المَعْلّم الخامس: علو الهمة في طلب العلم 00 
الحث على رفع الهمة في طلب العلم ا ا ا 
لا يستطاع العلم براحة الجسم 0010111 0 
من أخبارهم في علو الهمة في العلم وتحصيله واغتنامه 00 
الكلمة الطيبة وأثرها في صنع الرجال 1[ 1 000 
علو الهمة في طلب الحديث الواحد 00000 
علو الهمة في الرحلة وتقصّي الحقائق لاا جوم ا مو 
علو الهمة يتغلب على الفقر الشديد 0000 ا 
من أخبار عون الله تعالى لهم وا ا 00 
المَعْلّم السادس: التفرّغ للعلم من العوائق ا ساسو م ا 
أ حبس النفس حتى عن الضروريات اخ واوا والمقه سا ابس ع 11 
ب - هم المعيشة والولد والعيال ا يا 


ج- ومن المعوّقات ذات الأثر الكبير: معاشرة الإخوان» والعلاقات العامة مع الناس ... ١54‏ 











فهرس الموضوعات 


المَعلّم السابع: صحبة المتعلّم للأقران دببب-00 00000 
الحذلم القامن عرو للق اللي يي للع 1 500 


وصحبة أستاذ وطول زمان ا 0000 100 
التحذير الشديد من تشيبخ الصحيفة ل 


استطراد في أثر الدراسة الجامعية على العلم الشرعي واتسمس ا ا 
أثر البرامج الحاسوبية على طالب العلم 0 ا 0 
الاكتفاء بالدراسة الجامعية وخطورتها على الأمة الإسلامية 1 


أنصاف المتعلمين وأثرهم السيء في مختلف العلوم لبوا ا 
انتطراة حول فا اإمتحدف من قزاءة كب المنة سردا 00«( 


عودة إلى وظائف تلقي العلم عن الشيوخ د ا 


المَعْلّم التاسع: اختيار الشيخ 00 11111111 
إن هذا العلم دين 050000000 577ش”« 


أمارات العالم المتحقق بالعلم ا 
مزيلً من أمارات العالم المتحقق 00000000 
البكور في صحبة الشيخ القدوة 00 
المَعْلّم العاشر: الصحبة مع الأستاذ ا اان ‏ اخم و الماح ا 
إرشاد الشيخ تلميذّه في اختيار من ينفعه 01117 
ضرورة تعدد الشيوخ للطالب ماماو السك ا 
ضرورة اليقظة وأن تكون مصاحبة للطالب في جميع أحواله 
المَعْلّم الحادي عشر: تحلي الطالب بحلية الأدب 0 
أولا: الأدب مع الشيخ ا 
من التوجيه القرآني للطالب مع الشيخ ا 
نوادر من أدب الطلبة مع الشيوخ ول ا 


ما ينبغي للطالب التنبه له أيام الصحبة 2528 


44 


مراقبة الطالب هدي شيخه وسلوكه با له هيه عي ف لجع 0 وز لور ادادح ور و ماد 


ثانياً: الأدب مع العلم 0 ا 10 
ثالثاً: الأدب مخ كتب العلم عي ادم ههه 08 8ه عم وا 8ع و ع فو ع 0 


المَعْلّم الثاني عشر: الصبر على الطلب وعدم الفتور ا 


صبر الطالب على طلب العلم حتى يفتح الله تعالئ 27111101111 


وتوصية أخيرة أقولها وأحكي لها قصة 0 


المَعْلّم الرابع عشر: أهمية المذاكرة بالعلم 21111101018 
المعْلّم الخامس عشر: أهمية اللسان السئول لطالب العلم .... 
الباب الثالث: موقع الأستاذ المربي» وأثره ا 0000 


أما مهمة الأستاذ المربى 170 
وأما أثر الأستاذ المربى 0000 


المعلّم الأول: أهم مهمات الأستاذ المربي 1720 
ومن أقوال أرباب السلوك 17010 
في الوظائف الأخرى للمربي 0 
المَعْلّم الثاني: حضٌ الشيخ الطلبة على حفظ ما ينفعهم علمياً 
المعلّم الثالث: انتهاجهم طريق التدرج في التعليم 2500 


الاهتمام بالمقررات الدراسية 7 00 


عدم التواني عن تثبيت كل معلومة 9 ”515195 
إرشاد الأستاذ طلابه إلى الكتب المفيدة و ل 


التحذير من وسائل الإعلام الحديثة 0 


وافاررء رع م م م افر ةفو مره 





فهرس الموضوعات 


المعْلّم الرابع: التنبيه إلى أهمية تقويم اللسان» وتهذيبه 210 
المَعْلّم الخامس: ضرورة البحث عن المعنى الدقيق للكلمة اللغوية 0 
أمثلة على عدم الترادف من كل وجه 5 
أهمية الضبط والإتقان فوراً 20111100 
الاهتمام بقراءة العبارة وضبطها وتحريرها م مامية لتأعد و امام امم 
المكلم السنادسس ؛ تربية الأستاذ طلقه على قولة لا دري 0 
المَعْلّم السابع: ملاحظة الأستاذ لأصحابه وتربيثه لهم 1100000 
المَعْلّم الثامن: إرشاد الطلبة إلى الإنصاف في البحث د 0100000001 
المَعْلَّمِ التاسع: الالتزام بمنهج جماهير علماء الإسلام 1 
والتحذير من الشذوذات العلمية 0[ 1111 


المَعْلّم العاشر: إقرار أهل كل بلد على ما هم عليه من العلم والعمل 


الملّم الحادي عشر: ضرورة تحري الأخبار والأحكام الثابتة 52000 
المكلع الثاتي خثير: تربيتهم على مراجعة النقول من المصادر الأصلية 
التثبت من صحة عزو النقول ا و 0 ا وج افاي ور و ول روات ب الجا ا لق لج 44 ةذ 
هذا المنهج له معوقاته وله دوافعه لا معدت كن ل ماح الوق ا لجح اخ و ا 
من مهمات هذا التحقيق امات عات فلمب وق قن مام ل ل ون لط ل م ا 
ضرورة الحذر والتأني في النفي 12320000 
المغْلّم الثالث عشر: إعداد جيل للفتوئ وتدريبهم تحت أنظار أساتذتهم 
المعلم الرابع عشر: ضرورة معايشة طالب العلم عصره 4 بر ع بوي د و ا ده يما 
المَعْلّم الخامس عشر: تربية الملكة النقدية الأدبية في طالب العلم 5207 
الباب الرابع : معالم تربوية خاصة بالأستاذ المربي مع أبنائه الطلبة 56 
المَعْلّم الأول: التدرج مع الطلبة في التربية والسلوك ا 


المَعْلّم الثاني: تربية الطلبة على آداب العلم وعلى العمل به 1000 
المعلم الثالث: أن يرفع من همتهم في كل مناسبة تعرض م 


المَعْلّم الرابع: توكيده على الطلبة قراءة سير العلماء الأقدمين ما 
المَعْلّم الخامس: الترفع عن حطام الدنيا وأهلها يز ةد 0 10000 
المَعْلّم السادس: أهمية تحسين الحسن وتقبيح القبيح علمياً وتربوياً 1000000 
الكاتنة 0 
فهرس الآيات القرانية از[ 0 2100000 
فهرس الأحاديث والآثار 9 1 
فهرس الأشعار ا اس وال سو اخ 
فهرس الأعلام عن نف لوقه سانا ماوع انس كن لسعم سس 
فهرس المصادر والمراجع 000 
فهرس الموضوعات يي 





صدر للأستاذ ميحمد عوامة 


١‏ - أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء رضي الله عنهم» بقلم محمد 
عوامة» الطبعة السادسة. 

١‏ - مسند أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه» للباغَنْدي» تخريج 
وشرح لأحاديثه» وتكملة لمروياته» الطبعة الرابعة. 

"' - دراسة حديثية مقارنة لنصب الراية» وفتح القديرء ومنية الألمعي» مع مقابلة 
نصب الراية بمخطوطتين» وتصحيح لأكثر من ألف خطأ مطبعي فيه. 

؛ - الأنساب» للسمعاني» من أول حرف الشين إلى آخر حرف العين. (تحقيق) 

4 - تقريب التهذيب» للحافظ ابن حجرء مع مقابلته بأصل مؤلفه ودراسة وافية 
عنه» الطبعة السادسة» دون الحاشيتين الآتي ذكرهما. 

5 - تقريب التهذيب» للحافظ ابن حجرء بحاشيتي العلامة عبد الله بن سالم 
البصري وتلميذه الميرغني» مقابلة بأصول مؤلفيها الثلاثة» مع زيادات على الإخراج 
السابق في التصحيح والتعليق» الطبعة الثالثة. 

لاح أذنت الاختلاف في مسائل العلم والدين» بقلم محمد عوامة» الطبعة الرابعة. 

8 - الكاشف. للذهبي» مع حاشية سبط ابن العجمي». مع مقدمات وافية» 
ودراسة نقدية لكثير من تراجمه؛ء وساعده في مقابلتهما بأصل مؤلفيهما وبتخريج 
نصوصهما الدكتور أحمد محمد نمر الخطيب» الطبعة الثانية. 

4 من صحاح الأحاديث القدسية» مئة حديث قدسي مع شرحهاء بقلم محمد 
عوامة» الطبعة الخامسة. 

٠‏ - المختار من فرائد النقول والأخبارء ثلاثة أقسام في مجلد واحدء اختيار 


وجمع محمد عوامة» الطبعة الثالثة. 

١‏ - مجالس في تفسير قوله تعالى «لقد من الله على المؤمنين..»» للحافظ ابن 
ناصر الدين الدمشقي» مقابلة بأصل مؤلفهاء مع تخريج نصوصها والتعليق عليهاء 
الطبعة الثانية. 

- القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع يكل للسخاوي. مقابلاً بأصل 
مؤلفه وأربعة أصول أخرى» فجاء أكمل نص للكتاب» الطبعة الثالثة. 

السئن» للإمام أبي داود السجستاني؛ حققه وضبطه وعلق عليه وقابله بأصل 
الحافظ ابن حجر وسبعة أصول أخرىء الطبعة الثالثة. 

١‏ الشمائل المحمدية» للومام الترمذي» بشرح الباجوري» الطبعة الثالثة. 

5 - المصنف» للإمام الحافظ أبي بكر ابن أبي شيبة» مع تخريج أحاديثه وتقويم 
نصوصه ومقابلته بعدّة نسخ خطية» الطبعة الأولى. 

5 - حجية أفعال رسول الله كلكِ أصولياً وحديثياًء وفيه: عصمته من الخط 
والخطيئة» بقلم محمد عوامة» الطبعة الأولى. 


3 2 3 6د 














م 


7 


ا#ممسام ا سس 10 سمه عه مف يو مد لاسا لاما و ع وميه “عه رومت 5